اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2015, 12:09 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي شروط الصلاة ( من المرتع المشبع )









شروط الصلاة ( من المرتع المشبع ) (1)







الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك




مواضع شروط الصلاة .. الموضع الحادي والثلاثون






شروط الصلاة


((وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التَّحْرِيمِية ثم زال تكليفه...)))


المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع





قوله: (وإن أدرك مكلف من وقتها قدر التَّحْرِيمِية ثم زال تكليفه - بنحو جنون، أو حاضت - ثم كُلِّف الذي كان زال تكليفه، وطهرت الحائض قضوها، ومن صار أهلا لوجوبها - بأن بلغ صبيٌّ، أو أسلم كافرٌ، أو أفاق مجنون، أو طهرت حائض أو نُفساء قبل خروج وقتها - لزمته وما يجمع إليها قبلها؛ لأن وقت الثانية وقت للأولى حَالَ العذر)[1].






قال في "الشرح الكبير":


"مسألة: ومن أدرك من الوقت قدر تكبيرة ثم جُنَّ أو حاضت المرأة لزمهم القضاء؛ لأن الصلاة تجب بأول الوقت، وقد ذكرناه، ويستقرُّ وجوبها بذلك، فمتى أدرك جزءا من أول الوقت ثم جُنَّ أو حاضّت المرأة لزمهم القضاء كما ذكر، إذا أمكنهما.






وقال الشافعي[2] وإسحاق:


لا يستقر إلا بمضي زمن يمكن فعلها فيه، فلا يجب القضاء بما دونه، واختاره أبو عبد الله ابن بَطَّة؛ لأنه لم يدرك من الوقت ما يمكنه الصلاة فيه، أشبه ما لو لم يدرك شيئا.






ولنا[3]: أنها صلاة وجبت عليه فوجب قضاؤها إذا فاتته التي أمكن أداؤها، فأما التي لم يدرك شيئا مِن وقتها فإنها لم تجب، وقياس الواجب على ما لم يجب لا يصح، والله أعلم.






مسألة: وإن بلغ صبيٌّ، أو أسلم كافرٌ، أو أفاق مجنونٌ، أو طهرت حائضٌ قبل طلوع الشمس بقدر تكبيرة لزمهم الصُّبح، وإن كان قبل غروب الشمس لزمهم الظهر والعصر، وإن كان قبل طلوع الفجر لزمهم المغرب والعشاء.






وجملة ذلك: أنه متى أدرك أحد هؤلاء جزءًا من آخر وقت الصلاة لزمه قضاؤها؛ لأنها وجبت عليه فلزمه القضاء كما لو أدرك وقتا يتسع لها، وهذا مذهب الشافعي[4] [51ب] ولا نعلم فيه خلافا.






قال شيخنا[5]: وأقل ذلك تكبيرة الإحرام؛ لأنها أقل ما يتلبَّس بالصلاة بها، وقد أطلق أصحابنا القول فيه.






وقال القاضي:


إن أدرك ركعة كان مدرِكا لها، وإن أدرك أقلَّ من ركعة كان مدرِكا لها في ظاهر كلامه، فإن أدرك جزءا من آخر وقت العصر قبل غروب الشمس أو جزءا من آخر الليل قبل طلوع الفجر لزمته الظهر والعصر في الأولى، والمغرب والعشاء في الآخرة.






رُوى هذا في الحائض عن: عبدالرحمن بن عوف[6]، وابن عباس[7]، وطاوس[8]، ومجاهد[9]، والزهري[10]، ومالك[11]، والشافعي[12]، وإسحاق، قال الإمام أحمد[13]: عامة التابعين - إلا الحسن وحده - قال: لا تجب إلا الصلاة التي طهرت في وقتها وحدها، وهو قول الثوري[14] وأصحاب الرأي[15]؛ لأن وقت الأولى خرج في حال العُذر أشبه ما لو لم يدرك شيئا من وقت الثانية.






وحُكي عن مالك[16]: أنه إن أدرك قَدْرَ خمس ركعات من وقت الثانية وجبت الأولى؛ لأن قدر الركعة الأولى من الخمس وقت للصلاة الأولى في حال العُذر فوجبت بإدراكه، كما لو أدرك ذلك من وقتها المختار، بخلاف ما لو أدرك دون ذلك.






ولنا[17] ما روى الأثرم، وابن المنذر وغيرهما بالإسناد عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس أنهما قالا في الحائض: تطهر قبل طلوع الفجر بركعة، تصلي المغرب والعشاء، فإذا طهرت قبل غروب الشمس صلَّت الظهر والعصر جميعا[18]؛ ولأن وقت الثانية وقت للأولى حال العُذر، فإذا أدركه المعذور لزمه فرضها، كما يلزمه فرض الثانية، والقدر الذي يتعلَّق به الوجوب قدر تكبيرة الإحرام في ظاهر كلام أحمد[19] [52أ].






وقال الشافعي[20]: قدر ركعة؛ لأنه الذي رُوي عن عبد الرحمن وابن عباس في الحائض؛ ولأنه إدراكٌ تَعَلَّقَ به إدراك الصلاة فلم يحصل بأقل من ركعة كإدراك الجمعة، وقد ذكرنا قول مالك[21].






ولنا[22]: أن ما دون الركعة تجب به الثانية فوجبت به الأولى، كالركعة والخمس عند مالك[23]؛ ولأنه إدراك فاستوى فيه القليل والكثير، كإدراك المسافر صلاة المقيم، فأما الجمعة فإنما اعتبرت الركعة فيها بكمالها؛ لأن الجماعة شرط لصحتها فاعتبر إدراك ركعة؛ لئلا يفوته الشرط في معظمها، بخلاف مسألتنا"[24].






وقال الشيخ ابن سعدي:


"سؤال: بأي شيء تدرك الصلاة؟


الجواب: الإدراكات متعددة: إدراك الوقت للجماعة والجمعة، وإدراك الجماعة، وإدراك الجمعة، ومَن به مانع فزال وأدرك الوقت، وكلها على الصحيح، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد[25]: لا تدرك إلا بركعة، فمن أدرك من الوقت ركعة فقد أدركه، ومن أدرك من الجمعة أو الجماعة ركعة فقد أدركهما، ومن أدرك من الوقت ركعة بعد زوال مانعه لَزِمَتْهُ تلك الصلاة، ومن أدرك أقل من ركعة لم يدرك فيها كلها؛ للحديث الصحيح: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها"، متفق عليه[26].






وهذا يعمُّ جميع الإدراكات المذكورة، ولم يُعَلِّقِ الشارع بأقل من ركعة إدراك ركعة ولا غيرها، والمشهور من المذهب[27] في هذه المسائل: أنها تدرك بإدراك تكبيرة الإحرام في الوقت أو قبل انقضاء الجماعة، وأما الجمعة صلاتها لا وقتها، فلا تدرك إلا بركعة قولا واحدا في المذهب[28]، والأول أصح كما تقدم"[29].






وقال ابن سعدي أيضا:


"سؤال: ما حكم الصلاة بعد خروج وقتها وما حكمها في وقتها؟


الجواب: لا يَخْلُو إما أن تكون الصلاة فرضاً أو نفلاً، فإن كانت فرضاً وكان المؤخِّر متعمِّدا غير معذور وليس للتأخير عُذر فحكمه أنه آثم، وإن كان غير متعمِّدٍ فلا إثم، وأما القضاء في تفويتها أو فواتها فمنها ما لا يُقْضَى كالجمعة، فإنها إذا فاتت لم تُقْضَ وإنما يصلي بَدَلَها ظهرا، ومنها ما لا يقضى جماعة إلا في نظير وقتها، كالعيدين إذا فاتتا فُعِلَتْ من الغد أو بعده قضاء، ومنها ما يجب قضاؤه مطلقا وهو الباقي.






ومن أحكام هذا القضاء:


وجوب الفَوْرِيَّة فيه؛ لأن الأمر المطلق يقتضي الفورية، وإن كانت متعددات وجب أيضا الترتيب، فالفورية لا تسقط إلا مع الضرر والترتيب يسقط بالنسيان وبضيق الوقت قولا واحدا في المذهب[30]، وبالجهل وخوف فوت الجماعة على الصحيح.






ومن أحكام هذا القضاء أيضا:


أن من عليه فرائض متعددة وجهلها أبْرَأَ ذمته واحتاط بما يعلم خروجه من التَّبِعَة، وإن كانت الفَائِتَةُ صلاة نافلة استحب قضاؤها، إلا الرَّوَاتِبِ إذا فاتت مع فرائض كثيرة فإنه يشتغل بأداء الفرائض سوى سنة الفجر فيقضيها مطلقا، وإلا النوافل المشروعة لأسباب فتفوت بِفَوَات تلك الأسباب، فلا تقضى الكسوف ولا الاستسقاء ولا تحية المسجد ولا نحوها مما له سبب شُرع لأجله ثم فاتت مع سببها فلا يُشرع قضاؤها، والله أعلم.






وأما حكم الصلاة في وقتها:


فالأصل أنه يجوز أوله وأوسطه وآخره بحيث لا يخرج جزء منها عن الوقت، هذا من جهة الجواز، وأما من جهة الفضيلة والكمال: فأول الوقت هو الأفضل إلا في شِدَّة الحرِّ فيُسَنُّ تأخير الظهر مطلقا، أو مع غَيْم لمن يصلي جماعة ليكون الخروج لهما واحدا، وكذلك يُستحب تأخير العشاء الآخرة حيث لا مشقَّة.






ويُستحب أيضا لمن يرجو وجود الماء لعادمه إذا رجاه في آخر الوقت، ويُستحب التأخير للمغرب ليلة مُزْدَلِفَة للحجاج، وكذلك كل جمع استحب تأخيره بأن يكون أرفق.






وضابط ذلك: أن التقديم أولى إلا إذا كان في التأخير مصلحة شرعية، وقد يجب تقديم الصلاة أول وقتها لمن يظن وجود مانع في آخر الوقت؛ كالمرأة التي تظن الحيض ونحوه.






وقد يجب التأخير كمن يشتغل بتحصيل شرط الصلاة أو رُكنها الذي لا يفرغ منه إلا في آخر الوقت، وكتحصيل الجماعة الواجبة لها، وكما قال الفقهاء: لو أمره أبوه بالتأخير ليصلي بأبيه وجب عليه التأخير، لكن هذه الصورة مبنية على منع النفل خلف الفرض، والله أعلم"[31].






وقال البخاريُّ: "باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، وذكر حديث أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليُتِمَّ صلاته، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته"[32].






وحديث ابن عمر: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما بقاؤكم فيما سَلَفَ قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أُوتِيَ أهل التوراةِ التوراةَ فعملوا حتى إذا انْتَصَفَ النهار عجزوا، فأُعطوا قيراطا قيراطا، ثم أُوتِيَ أهل الإنجيلِ الإنجيلَ فعملوا إلى صلاة العصر ثم عجزوا، فأُعطوا قيراطا قيراطا، ثم أُوتِينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس، فأعطينا قيراطين قيراطين"، فقال أهل الكتاب: أي ربنا، أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً ونحن كنا أكثر عملا؟! قال: قال الله عز وجل [52ب]: "هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟" قالوا: لا، قال: "فهو فضلي أوتيه من أشاء"[33].






وذكر حديث أبي موسى: "مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوما..." الحديث[34]".






قال الحافظ:


"قوله: (باب: من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب، أورد فيه حديث أبي سلمة عن أبي هريرة: "إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فليتم صلاته"، فكأنه أراد تفسير الحديث، وأن المراد بقوله: "فيه سجدة"، أي: ركعة.






قال المهلب ما معناه:


أورد البخاري حديث ابن عمر وحديث أبي موسى في هذه الترجمة؛ ليدل على أنه قد يستحق بعمل البعض أجر الكل، مثل الذي أعطي من العصر إلى الليل أجر النهار كله، فهو نظير من يعطى أجر الصلاة كلها ولو لم يدرك إلا ركعة، وبهذا تظهر مطابقة الحديثين للترجمة.






قال الحافظ:


وتكملة ذلك أن يقال: إن فضل الله الذي أقام به عمل ربع النهار مقام عمل النهار كله هو الذي اقتضى أن يقوم إدراك الركعة الواحدة من الصلاة الرباعية - التي هي العصر - مقام إدراك الأربع في الوقت، فاشتركا في كون كل منهما ربع العمل.






وقال ابن المُنيِّر[35]:


يستنبط من هذا الحديث: أن وقت العمل ممتد إلى غروب الشمس، وأقرب الأعمال المشهورة بهذا الوقت صلاة العصر، قال: فهو من قبيل الإشارة لا من صريح العبارة، فإن الحديث مثال، وليس المراد العمل الخاص بهذا الوقت؛ بل هو شامل لسائر الأعمال من الطاعات في بقية الإمهال إلى قيام الساعة.






قال الحافظ:


وما أبْدَاهُ مناسب [53أ] لإدخال هذا الحديث في أبواب أوقات العصر لا لخصوص الترجمة، وهي: (من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب)، بخلاف ما أبداه المهلب وأكملناه.






وقال ابن رشيد ما حاصله:


إن حديث ابن عمر ذُكر مثالا لأهل الأعذار؛ لقوله: "فعجزوا"، فأشار إلى أن من عجز عن اسْتِيفَاء العمل من غير أن يكون له صَنيعٌ في ذلك أن الأجر يحصُل له تامّا فضلا من الله، قال: وذكر حديث أبي موسى مثالا لمن أخَّر بغير عُذر، وإلى ذلك الإشارة بقوله عنهم: "لا حاجة لنا إلى أجرك"، فأشار بذلك إلى أن من أخَّرَ عامدا لا يحصُل له ما حصل لأهل الأعذار.






قوله في حديث ابن عمر: "ونحن كنا أكثر عملا": تمسَّك به بعض الحنفية[36] كأبي زيد في كتاب "الأسرار": إلى أن وقت العصر من مصير ظل كل شيء مثليه؛ لأنه لو كان من مصير ظل كل شيء مثله لكان مساويا لوقت الظهر، وقد قالوا: "كنا أكثر عملا"، فدلَّ على أنه دون وقت الظهر، وأُجيب بمنع المساواة، وذلك معروف عند أهل العلم بهذا الفن، وهو أن المدة التي بين الظُّهر والعصر أطول من المدة التي بين العصر والمغرب.






وأما ما نقله بعض الحنابلة[37] من الإجماع على أن وقت العصر ربع النهار؛ فمحمول على التقريب؛ إذا فرَّعنا على أن أول وقت العصر مصير الظل مثله كما قال الجمهور[38]، وأما على قول الحنفية: فالذي من الظهر إلى العصر أطول قطعا، وعلى التَنَزُّلِ لا يلزم من التمثيل والتشبيه التسوية من كل جهة، وبأن الخير إذا ورد في معنى مقصود لا تؤخذ منه المعارضة؛ لما ورد في ذلك المعنى بعينه مقصودا في أمر آخر"[39] انتهى ملخَّصا [53ب].






وقال البخاريُّ أيضا:


"(باب: من أدرك من الفجر ركعة)، وذكر حديث أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"[40].






قال الحافظ: "قوله: "فقد أدرك الصبح"، الإدراك: الوصول إلى الشيء، فظاهره: أنه يكتفى بذلك وليس ذلك مرادا بالإجماع.






فقيل: يحمل على أنه أدرك الوقت فإذا صلَّى ركعة أخرى فقد كملت صلاته، وهذا قول الجمهور.






إلى أن قال:


وللبيهقي: "من أدرك ركعةً من الصبح قبل أن تطلع الشمس فليَصِلْ إليها أُخرى"[41]، ويُؤْخَذُ من هذا الردُّ على الطحاوي[42] حيث خَصَّ الإدراك باحتلام الصبي، وطهر الحائض، وإسلام الكافر، ونحوها، وأراد بذلك نُصرة مذهبه: في أن من أدرك من الصبح ركعة تفسد صلاته؛ لأنه لا يكملها إلا في وقت الكراهة، وهو مبني على أن الكراهة تتناول الفرض والنفل، وهي خلافية مشهورة.






قال الترمذي[43]


وبهذا يقول الشافعي[44] وأحمد[45] وإسحاق، وخالف أبو حنيفة[46] فقال: من طلعت عليه الشمس وهو في صلاة الصبح بطلت صلاته، واحتجَّ لذلك بالأحاديث الواردة في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس، وادَّعى بعضهم أن أحاديث النهي ناسخة لهذا الحديث، وهي دعوى تحتاج إلى دليل، فإنه لا يُصَارُ إلى النسخ بالاحتمال، والجمع بين الحديثين ممكن بأن تُحمل أحاديث النهي على ما لا سبب له من النوافل، ولا شَكَّ أن التخصيص أولى من ادعاء النسخ، ومفهوم الحديث: أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدرِكا للوقت، وللفقهاء في ذلك تفاصيل بين أصحاب الأعذار وغيرهم وبين مدرك الجماعة ومدرك الوقت [54أ].






وكذا مدرك الجمعة، ومقدار هذه الركعة قدر ما يكبر للإحرام، ويقرأ أُمَّ القرآن، ويركع ويرفع، ويسجد سجدتين، بشروط كلِّ ذلك.






وقال الرافعي:


المعتبر فيها أخف ما يقدر عليه أحد، وهذا في حقِّ غير أصحاب الأعذار، أما أصحاب الأعذار - كمن أفاق من إغماء، أو طهرت من حيض، أو غير ذلك - فإن بقي من الوقت هذا القدر كانت الصلاة في حقهم أداءً، وقد قال قوم: يكون ما أدرك في الوقت أداء وبعده قضاء.






وقيل: يكون كذلك لكنه يلتحق بالأداء حكما، والمختار: أن الكل أداء وذلك من فضل الله تعالى.






ونقل بعضهم الاتفاق على أنه لا يجوز لمن ليس له عذر تأخير الصلاة حتى لا يَبْقى منها إلا هذا القدر"[47]، والله أعلم.






وقال البخاريُّ أيضا:


"باب: من أدرك من الصلاة ركعة، وذكر حديث أبي هريرة بلفظ: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة)[48]".






قال الحافظ:


"قوله: (باب: من أدرك من الصلاة ركعة)، هكذا ترجم وساق الحديث بلفظ: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة).






إلى أن قال: ومفهوم التقييد بالركعة أن من أدرك دون الركعة لا يكون مدركا لها وهو الذي استقر عليه الاتفاق"[49].






وقال ابن رشد:


"فأما أوقات الضرورة والعُذر: فأثبتها فقهاء الأمصار ونفاها أهل الظاهر، وقد تقدم سبب اختلافهم في ذلك، واختلف هؤلاء الذين أثبتوها في ثلاثة مواضع:


أحدها: لأي الصلوات توجد هذه الأوقات ولأيها لا.






والثاني: في حدود هذه الأوقات.






والثالث: فيمن هم أهل العذر الذين رخص لهم في هذه الأوقات وفي أحكامهم في ذلك، أعني: من وجوب الصلاة ومن سقوطها [54ب].






المسألة الأولى: اتفق مالك[50] والشافعي[51] على أن هذا الوقت هو لأربع صلوات: للظهر والعصر مشترَكا بينهما، والمغرب والعشاء كذلك، وإنما اختلفوا في جهة اشتراكهما على ما سيأتي بعد.






وخالفهم أبو حنيفة[52] فقال: إن هذا الوقت إنما هو للعصر فقط وأنه ليس ها هنا وقت مشترك.






وسبب اختلافهم في ذلك:


هو اختلافهم في جواز الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما على ما سيأتي بعد، فمن تمسَّك بالنص الوارد في صلاة العصر، أعني: الثابت من قوله عليه الصلاة والسلام: "من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل مغيب الشمس فقد أدرك العصر"[53].






وفُهِم من هذا الرخصة، ولم يجز الاشتراك في الجمع؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا يفوت وقت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى"[54]؛ ولما سنذكره بعد في باب: الجمع من حجج الفريقين، قال: إنه لا يكون هذا الوقت إلا لصلاة العصر فقط، ومن أجاز الاشتراك في الجمع في السفر قاس عليه أهل الضرورات؛ لأن المسافر أيضا صاحب ضرورة وعذر فجعل هذا الوقت مشتركا للظهر والعصر والمغرب والعشاء.






المسألة الثانية: اختلف مالك والشافعي في آخر الوقت المشترك لهما، فقال مالك[55]: هو للظهر والعصر من بعد الزوال بمقدار أربع ركعات للظهر للحاضر وركعتان للمسافر إلى أن يبقى للنهار مقدار أربع ركعات للحاضر أو ركعتين للمسافر، فجعل الوقت الخاص للظهر إنما هو إما أربع ركعات للحاضر بعد الزوال وإما ركعتان للمسافر، وجعل الوقت الخاص بالعصر إما أربع ركعات قبل المغيب للحاضر، وإما اثنتان للمسافر، أعني: أنه من أدرك الوقت الخاص فقط لم تلزمه إلا الصلاة الخاصة بذلك الوقت إن كان ممن لم تلزمه الصلاة قبل ذلك الوقت، ومن أدرك أكثر من ذلك أدرك الصلاتين معا، أو حكم ذلك الوقت وجعل آخر الوقت الخاص لصلاة العصر مقدار [55أ] ركعة قبل الغروب، وكذلك فعل في اشتراك المغرب والعشاء إلا أن الوقت الخاص: مرة جعله للمغرب، فقال: هو مقدار ثلاث ركعات قبل أن يطلع الفجر، ومرة جعله للصلاة الأخيرة كما فعل في العصر، فقال: هو مقدار أربع ركعات وهو القياس، وجعل آخر هذا الوقت مقدار ركعة قبل طلوع الفجر.






وأما الشافعي[56]: فجعل حدود أواخر هذه الأوقات المشتركة حدّا واحدا، وهو إدراك ركعة قبل غروب الشمس وذلك للظهر والعصر معا، ومقدار ركعة أيضا قبل انصداع الفجر وذلك للمغرب والعشاء معا، وقد قيل عنه بمقدار تكبيرة، أعني: أنه من أدرك تكبيرة قبل غروب الشمس فقد لزمته صلاة الظهر والعصر معا.






وأما أبو حنيفة[57]: فوافق مالكا في أن آخر وقت العصر مقدار ركعة لأهل الضرورات عنده قبل الغروب، ولم يوافق في الاشتراك والاختصاص.






وسبب اختلافهم - أعني: مالكا والشافعي -: هل القول باشتراك الوقت للصلاتين معا يقتضي أن لهما وقتين: وقت خاص بهما، ووقت مشترك؟ أم إنما يقتضي أن لهما وقتا مشتركا فقط؟.






وحُجَّة الشافعي: أن الجمع إنما دلَّ على الاشتراك فقط لا على وقت خاص.






وأما مالك: فقاس الاشتراك عنده في وقت الضرورة على الاشتراك عنده في وقت التوسعة، أعني: أنه لما كان لوقت الظهر والعصر الموسع وقتان - وقت مشترك، ووقت خاص - وجب أن يكون الأمر كذلك في أوقات الضرورة، والشافعي لا يوافقه على اشتراك الظهر والعصر في وقت التوسعة فخلافهما في هذه المسألة إنما ينبني - والله أعلم - على اختلافهم في تلك الأولى فتأمله فإنه بَيِّن، والله أعلم.






المسألة الثالثة: وأما هذه الأوقات - أعني: أوقات الضرورة - فاتفقوا على أنها [55ب] لأربعة: للحائض تطهر في هذه الأوقات أو تحيض في هذه الأوقات وهي لم تصل، والمسافر يذكر الصلاة في هذه الأوقات وهو حاضر، أو الحاضر يذكرها فيها وهو مسافر، والصبي يبلغ فيها، والكافر يُسلِمُ.






واختلفوا في المُغمَى عليه: فقال مالك[58] والشافعي[59]: هو كالحائض من أهل هذه الأوقات؛ لأنه لا يقضي عندهم الصلاة التي ذهب وقتها.






وعند أبي حنيفة[60]: أنه يقضي الصلاة فيما دون الخمس فإذا أفاق عنده من إغمائه متى أفاق قضى الصلاة، وعند الآخرين: أنه إذا أفاق في أوقات الضرورة لزمته الصلاة التي أفاق في وقتها، وإذا لم يفق فيها لم تلزمه الصلاة.






واتفقوا على أن المرأة إذا طهرت في هذه الأوقات إنما تجب عليها الصلاة التي طهرت في وقتها، فإن طهرت - عند مالك[61] - وقد بقي من النهار أربع ركعات لغروب الشمس إلى ركعة فالعصر فقط لازمة لها، وإن بقي خمس ركعات فالصلاتان معا، [وعند الشافعي[62]: إن بقي ركعة للغروب فالصلاتان معا] - كما قلنا - أو تكبيرة على القول الثاني له، وكذلك الأمر عند مالك في المسافر الناسي يحضر في هذه الأوقات أو الحاضر يسافر، وكذلك الكافر يسلم في هذه الأوقات - أعني: أنه تلزمهم الصلاة - وكذلك الصبي يبلغ.






والسبب في أن جَعَل مالكٌ الركعة جزءا لآخر الوقت، وجعل الشافعي جزء الركعة حدّا مثل التكبيرة: منها: أن قوله عليه الصلاة والسلام: "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"[63] هو عند مالك من باب التنبيه بالأقل على الأكثر، وعند الشافعي من باب التنبيه بالأكثر على الأقل، وأيَّدَ هذا هذا بما روي: "من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر"[64].






فإنه فَهِم من السجدة ها هنا جزءا من الركعة، وذلك على قوله الذي قال فيه: من أدرك منهم تكبيرة [56أ] قبل الغروب أو الطلوع فقد أدرك الوقت.






ومالك يرى: أن الحائض إنما تعتدُّ بهذا الوقت بعد الفراغ من طُهرها، وكذلك الصبي يبلغ، وأما الكافر يُسلِم فيعتدُّ له بوقت الإسلام دون الفراغ من الطُّهر وفيه خلاف، والمُغمَى عليه عند مالك كالحائض، وعند عبد الملك كالكافر يُسلِم.






ومالك يرى: أن الحائض إذا حاضت في هذه الأوقات وهي لم تصل بعد أن القضاء ساقط عنها.






والشافعي يرى: أن القضاء واجب عليها، وهو لازم لمن يرى أن الصلاة تجب بدخول أول الوقت؛ لأنها إذا حاضت وقد مضى من الوقت ما يمكن أن تقع فيه الصلاة فقد وجبت عليها الصلاة، إلا أن يقال: إن الصلاة إنما تجب بآخر الوقت، وهو مذهب أبي حنيفة[65] لا مذهب مالك، فهذا كما ترى لازم لقول أبي حنيفة، أعني: جاريا على أصوله لا على أصول قول مالك)) [66].








[1] الروض المربع ص64.




[2] تحفة المحتاج (1/457 - 458)، ونهاية المحتاج 1/396 - 397.




[3] شرح منتهى الإرادات 1/290، وكشاف القناع 2/108 - 109.




[4] تحفة المحتاج 1/455، ونهاية المحتاج 1/394 - 395.




[5] المراد به موفق الدين ابن قدامة صاحب المقنع.




[6] رواه عبد الرزاق 1/333 (1285)، وابن أبي شيبة 2/123 (7204).




[7] رواه ابن أبي شيبة 2/123 (7206).




[8] رواه عبد الرزاق 1/332 (1281)، وابن أبي شيبة 2/123 - 124 (7207)، (7208).




[9] رواه ابن أبي شيبة 2/123 (7207).




[10] ذكره ابن المنذر في "الأوسط" 2/244.




[11] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/182 - 183.




[12] تحفة المحتاج 1/455 - 456، ونهاية المحتاج 1/396.




[13] كشاف القناع 2/108 - 109، وشرح منتهى الإرادات 1/290.




[14] رواه عبد الرزاق 1/333 (1288).




[15] فتح القدير 1/118 - 119، وحاشية ابن عابدين 1/379 - 380.




[16] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/182 - 183.




[17] كشاف القناع 2/108 - 109، وشرح منتهى الإرادات 1/290.




[18] الأوسط لابن المنذر 2/243 - 244 (824 - 825).




[19] كشاف القناع 2/108، وشرح منتهى الإرادات 1/290.




[20] تحفة المحتاج 1/455 - 456، ونهاية المحتاج 1/396.




[21] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/182 - 183.




[22] كشاف القناع 2/108، وشرح منتهى الإرادات 1/290.




[23] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/182 - 183.




[24] الشرح الكبير مع المقنع والإنصاف 3/177و 181.




[25] الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 3/170.




[26] البخاري (579)، ومسلم (607)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




[27] كشاف القناع 2/108، وشرح منتهى الإرادات 1/290.




[28] كشاف القناع 3/340 - 341، وشرح منتهى الإرادات 2/15.




[29] الإرشاد ص440.




[30] كشاف القناع 2/114، وشرح منتهى الإرادات 1/291.




[31] الإرشاد ص440 - 441.




[32] (556). وأخرجه أيضا مسلم (608).




[33] (557).




[34] (558).




[35] المتواري على أبواب البخاري 1/33.




[36] فتح القدير 1/152 - 153، وحاشية ابن عابدين 1/376.




[37] الفروع 1/300.




[38] فتح القدير 1/153، وحاشية ابن عابدين 1/376، والشرح الصغير 1/82، وحاشية الدسوقي 1/177، وتحفة المحتاج 1/418 - 419، ونهاية المحتاج 1/364 - 365، وشرح منتهى الإرادات 1/281 - 282، وكشاف القناع 2/91.




[39] فتح الباري 2/38 - 40.




[40] (579). وأخرجه أيضا مسلم (607).




[41] البيهقي 1/379.




[42] شرح معاني الآثار 1/150 - 151.




[43] الترمذي عقب حديث (186).




[44] تحفة المحتاج 1/434 - 435، ونهاية المحتاج 1/378.




[45] كشاف القناع 104 - 105، وشرح منتهى الإرادات 1/288.




[46] المبسوط 1/125.




[47] فتح الباري 2/56 - 57.




[48] (580).




[49] فتح الباري 2/57.




[50] الشرح الصغير 1/86 - 87، حاشية الدسوقي 1/181 - 182.




[51] المهذب 1/80، وتحفة المحتاج 1/419 و421، ونهاية المحتاج 1/365 و 369.




[52] فتح القدير 1/163، وحاشية ابن عابدين 1/388.




[53] أخرجه مسلم (608)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




[54] أخرجه مسلم (681) مرفوعا، من حديث أبي قتادة بلفظ: "إنما التفريط على من لم يصلِّ الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى".

وأخرجه ابن أبي شيبة 1/294، والطحاوي 1/165، ومسدد في مسنده كما في المطالب العالية 3/183، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 1/404، من قول ابن عباس.




[55] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/183.




[56] تحفة المحتاج 1/454 - 455، ونهاية المحتاج 1/396.




[57] فتح القدير 1/163، وحاشية ابن عابدين 1/388.




[58] الشرح الصغير 1/87، وحاشية الدسوقي 1/184.




[59] تحفة المحتاج 1/453، ونهاية المحتاج 1/393 - 394.




[60] فتح القدير 1/379، وحاشية ابن عابدين 2/107.




[61] الشرح الصغير 1/87 - 88، وحاشية الدسوقي 1/185.




[62] تحفة المحتاج 1/455، ونهاية المحتاج 1/396.




[63] تقدم تخريجه 1/220.




[64] أخرجه مسلم (609)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.




[65] المبسوط 1/148.




[66] بداية المجتهد 1/90- 93.



رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:57 PM.