اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2015, 05:02 AM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
المشاركات: 4,135
معدل تقييم المستوى: 14
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي لا تكن سببًا في تعاسة تائب





لا تكن سببًا في تعاسة تائب


همام محمد الجرف



بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين سيدنا محمد الهادي الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحابته أجمعين، ومَن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدين.

فمن فضل الله - عزّ وجل - على هذه الأمة: أنْ حباها بابًا عظيمًا من أبواب الخير، الذي لا يخيب طارقُه، ألا وهو باب التوبة.

فهذا الباب الذي فتحه اللهُ فضلاً منهُ، ومنَّة علينا؛ حتى نعود إليه ونستغفر؛ فعن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لو أن العباد لم يذنبوا، لَخَلَق الله - عزَّ وجل - خَلقًا يذنبون، ثم يغفر لهم، وهو الغفور الرحيم))[1].

فلو أخطأتَ وتُبْتَ، ثم أخطأتَ وتبت، فلا يغلق الله هذا الباب، فبادِرْ ولا تسوِّف، فالعُمر ما هو إلا سويعات؛ فعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر))[2].

الغرغرة: بلوغ الروح الحلقوم، والمراد تحقُّق الموت.

وعن معاوية - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها))[3].

ومهما كان عِظَم المعصية والإثم، فمَنِ الْتَجَأ إلى الله بقلْبٍ سليم منكسر، يريد الإصلاح، فهذا هو الطريق، طريق التوبة.

فعن ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن قومًا كانوا قَتلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، وانتهكوا، فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: يا محمد، إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن، لو تخبرنا أن لِما عملنا كفارة، فأنزل الله - عز وجل -: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[4].

قال: يبدل الله شركهم إيمانًا، وزناهم إحصانًا، ونزلت: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[5].

فلقد منَّ اللهُ على كثيرٍ من أهل الجاهلية، فأسلموا وصَلُحَ حال دينهم ودنياهم، فأصبحوا من عظام الصحابة، رضوان الله عليهم أجمعين، ولقد منَّ الله على كثيرٍ من الناس، فأصبحوا منَ العلماء والعبّاد الصالحين، وهذا هو الحال إلى ما شاء الله، نسأل الله أن يتوب علينا أجمعين، ويتجاوز عنَّا سيئاتنا، ويغفر لنا؛ إنه هو التواب الرحيم.

فكم من تائبٍ سكب الدموع، واستغفر الله على ما فرَّط في حق الله، وتاب عن صغائر الإثم وعن كبائرها! ومن منَّا وليس له عثرة أو ذلَّة؟! نسأل الله أن يهدينا إلى الطريق المستقيم، ولكن نرى من الناس من يَتَجَرَّأ على الله، ويحجِّر رحمة الله الواسعة، وكأن مفاتح باب التوبة في يده يفتحها لمن شاء.

فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((كان فيمن كان قبلكم رجل *** تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه *** تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، ف***ه، فكمَّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه *** مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومَن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلِق إلى أرض كذا وكذا؛ فإن بها أناسًا يعبُدون الله، فاعْبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك؛ فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق، أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلاً بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاه ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضتْه ملائكة الرحمة[6].

فكم مِن مريد توبة صدَّه الناس بجهلهم أو بتكبرهم عن طريق الصواب، وتركوه في حيرة من أمره في ظلمات المعصية.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كان رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة، فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: أقصر، فوجده يومًا على ذنب، فقال له: أقصر، فقال: خلني وربي، أبعثتَ عليَّ رقيبًا، فقال: والله، لا يغفر الله لك، أو لا يدخلك الله الجنة، فقبض أرواحهما، فاجتمعا عند رب العالمين، فقال لهذا المجتهد: كنت بي عالمًا؟ أو كنت على ما في يدي قادرًا؟ وقال للمذنب: اذهب فادخل الجنة برحمتي، وقال للآخر: اذهبوا به إلى النار))، قال أبو هريرة - رضي الله عنه -: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته[7].

وكم من تائب فرح بدموع توبته على ما للمعصية من أَلَمٍ ومرارة! فقد غسلت ران القلوب، فهذه الرحمة الرَّبَّانية التي تتنزَّل على العباد؛ ولكن كم من متكبر أُعجب بعبادته وصلاحه، وكان سببًا في تعاسة تائب، فينظر للعصاة بعين التكبُّر على أنهم أقل منه صلاحًا وعبادة وعلمًا، فيسبب الألم والحسرة لذلك التائب والتعاسة حتى ييأس مما هو فيه، فالله قد قبل التوبة وغفر الذنب، وبدَّل السيئة حسنة، ولكن المتكبرين من الناس لم ينسوا، ولم يرحموا، فالله المستعان.

أَوَلَيْسَ من الأَوْلَى أن نأخذ بيد التائب، ونكون له عونًا ناصحين بمحبة ورحمة، لا بتكبر وإعجاب؛ فعن أبي عبيدة بن عبدالله عن أبيه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((التائب من الذنب كمَنْ لا ذنب له))[8].

وكم من صاحب صغائر تغافل عنها، وما تاب وغرته الأماني، حتى تعاظمتْ وأصبحت بعِظَمِ الكبائر! ومع ذلك يرى أخطاء الناس، ولا يرى ما فيه من نواقص، ويعيب على الناس وينكر عليهم ويسبب لهم الألم، ألا تذكر قول الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم -: ((يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجِذع - أو الجذل - في عينه معترضًا))[9].

القذاة: الوسخ ونحوه مما يقع في العين، والمراد: العيب والنقيصة.
الجِذع: ساق النخلة والمراد الشيء الكبير.

فصغائر الذنوب تتعاظَم حتى تصبح مهلكة، دون أن يلقي صاحبها لها بالاً، وقد تفاخر بعدم ارتكابه الكابر، فتغافل عن الصغائر لإعجابه بنفسه، ونسي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم ومحقراتِ الذنوب، كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود، حتى أنضجوا خبزتهم، وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه[10])).

فلتفرحْ - أخي - بتوبة التائبين، فلا تدري أن تُبتَلى وتُحْرم من التوبة لتكبُّرك وإعجابك بنفسك، فالله يفرح بتوبة عبده، فلا تكنْ أنت سببًا في تعاسته، بعبارات الحقد والكبر، الآن وقد تاب، وبعد ماذا؟ ما ترك معصية إلا وارتكبها، مثل هذا لا تقبل توبته، وغيرها من العبارات المحبطة لعزائم التائبين.

فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم، كان على راحلته بأرض فلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس من راحلته، فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح))[11].

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


ــــــــــــــــــ
[1] حديث حسن، انظر حديث رقم (967) من السلسلة الصحيحة.
[2] رواه الترمذي في سننه حديث رقم (3537)، وحسنه الألباني.
[3] رواه أبو داود في سننه حديث رقم (2479)، وصححه الألباني.
[4] [الفرقان :68-70].
[5] [الزمر : 53]، رواه النسائي في سننه حديث رقم (4003)، وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره.
[6] رواه مسلم في صحيحه حديث رقم ( 2766 ).
[7] رواه أبو داود في سننه حديث رقم (4901) وصححه الألباني.
[8] رواه ابن ماجة في سننه حديث رقم (4250) وحسنه الألباني.
[9] حديث صحيح، انظر السلسلة الصحيحة حديث رقم (33).
[10] حديث صحيح، انظر السلسلة الصحيحة حديث رقم (389).
[11] رواه مسلم في صحيحه حديث رقم (2747).




رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 02:41 PM.