اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > التاريخ والحضارة الإسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #3  
قديم 23-05-2015, 05:40 PM
الصورة الرمزية ابو وليد البحيرى
ابو وليد البحيرى ابو وليد البحيرى غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Apr 2015
العمر: 61
المشاركات: 4,132
معدل تقييم المستوى: 15
ابو وليد البحيرى will become famous soon enough
افتراضي

من مشاهير علماء الطب
د. عبدالله حجازي










الزهراوي‏ (ت: 427هـ / 1036م)





‏خلَف بن عباسٍ الزهراويُّ الأندلسي أبو القاسم: طبيب مِن العلماء، ولد في الزهراء (قرطبة) وإليها نسبته، جاء في دائرة المعارف البريطانية أنه أشهر مَن ألَّف في الجراحة عند العرب، وأول مَن استعمَل ربط الشِّريان لمنْع النزيف، كانت الطرائق الجراحيَّة التي ابتكرها أبو القاسم ثروة كبيرة لكل الجراحِين، مِن ابتكاراته طريقة استِئصال الحصى مِن المثانة أو الإحليل، وخزع الرغامى العرضاني، والبَتر، وسِوى ذلك مِن العمليات، التي لم يكن يقوم بها سواه في عصره، وهو أول مَن أشار - حين إجراء عمليات على البطن -‏ بضرورة وضع المريض مُنخفِض الرأس والجذع، ‏ومرفوع الطرفين السفليين، وهي الوضعية نفسُها التي نصَح بها ترندلنبورع Trendlenburg ‏(ت1343هـ / 1924م)، ودُعيتْ باسمه زورًا، مع أن أبا القاسم أشار إليها قبله بقرون عديدة، وكان الأجدر والأعدل أن تسمَّى بوضعية أبي القاسم، يقول سبرنجل: "إن الزهراويَّ كان أول مَن وصف طريقة إجراء عملية استِئصال حصاة المثانة في النساء عن طريق المِهبَل، وهو أول مَن أشار باستئصال عظْم الرضفة حين انكِساره، إذا كان الكسر مفتَّتًا، أو في حالات خَلع هذا العظم، وهو ما يُجريه الجراحون في يومِنا الحاضر"، من أقواله: "إن التشريح هو القاعدة الأساسية لمعرفة الجراحة، وإن الجهل به مع ممارسة الجراحَة، يؤدِّي إلى عواقب وخيمة".





وكان ينبِّه تلاميذه إلى مواضع الخطر وما يجب اتخاذه مِن تدابير، يقول الطبيب الباحث بورتل: "إن مَن يقرأ كتاب التصريف يَجزِم بأن الزهراوي قد مارَس تشريح الجُثَث بنفسِه؛ ذلك لأن وصفه الدقيق لإجراء العمليات المختلفة لا يمكن أن يكون نتيجة النظريات فقط".





‏هذا، وقد خصَّص أبو القاسم المقالة الحادية والعِشرين مِن كتابه: التصريف، خصَّصها لأمراض الأسنان، ونصَح بمعالجة آفاتها معالَجةً دوائيةً أولاً، حتى إذا أخفقَت المعالَجة، يَعمِد إلى الجراحة أو القلع أو غيره، علاوة على ما سبق فقد كان أبو القاسم عالمًا بالتوليد وأمراض النساء، وأمراض العين والأذن والأنف والحنجَرة، وأمراض المسالك البولية والتناسُلية، وطبِّ الفم والأسنان، ومِن الثابت أنه استأصل اللوزتَين، وقد يكون هو أول مَن قام بذلك، وهو أول مَن وصَف مرض الناعور (الاستِعداد النزفي أو الهيموفيليا)، هذا المرض الوراثيُّ الخطير الذي يتجلى بنزوف شديدة، مِن أماكن عديدة في البدن، صعبة الإرقاء (قطع النزف)، ويَنطبِق وصفه لهذا المرض في كثير مِن الأعراض على ما يَصفه به اليوم أطباء الأمراض.





‏مِن آلاته التي استخدمها: المباضِع، والمشارِط، والمحاقِن، والقناطير، والمكاوي، والصنانير التي تُستعمَل لاستِخراج الناميات والمرجلات مِن الحَلق أو الأنف، ومنها المثاقِب؛ لسبر الجُمجمة، ومنها جبائر الكسور، والكُلابات، ومثاقِب العظم، والمساعِط (جمع مُسعُط، ما يجعل فيه، ويصبُّ منه في الأنف)، والمكاشِط؛ لرفع السبل مِن العين، والتي منها الغليظة لتجويف الأسنان، والمقصات، وآلات قلع الأسنان واستِئصال جذورها، وآلات قلع اللوزتين، واستِخراج الأكياس الثي تَحدُث تحت اللسان، ومِنظار الأنف، وغير ذلك مِن الآلات والأدوات، وقد استعمل المبزل (المصفاة أو الآلة التي يشق بها) لاستِخراج الحبن (ماء البطن)، والحاقنة التي تَغسل الأوساخ المتراكِمة في الأذن.





‏وقد ترجم العالم لوكلرك الجزء الجراحيَّ إلى اللغة الفرنسية، وطُبع في باريس عام: 1278هـ / 1861م باسم: "جراحة أبي القاسم"، وتذهب هونكه وهِلَر إلى أن أبا القاسم استعمَل ربط الشرايين الكبيرة في إيقاف نزْف الدم، وذلك قبل أمبرواز باري - Ambroise pare الفرنسي بنحو ستة قرون، وقد اعتبر باري أنه حقَّق عام 960هـ / 1552م هذا النجاح على غير مثال، أما بورتل فيذهب إلى أن الزهراوي هو أول مَن استعمل السنانير في استِئصال العنبية (البوليب polype)، وهو أول مَن نجح في عملية شق القصبة الهوائية على خادِمه، كما عمل على تفتيت حصى المثانة في المثانة.





‏ولقد عالَج الزهراويُّ التِهاب المفاصل والتدرُّن الفقري قبل برسيفال بت الإنكليزيPercival pott (ت 1203هـ / 1788م) بسبعمائة عام، ومما يؤسف له أنه أهمل الزهراويَّ، وكأنه لم يحصل، وسُمِّي هذا المرض باسم بوت.





فضلاً عن ذلك فقد شرَح الزهراوي الوضع الأمثل في الولادة ووصَفه وصفًا دقيقًا، وهو الوضع الذي سُمِّي باسم طبيب أمراض النساء والولادة الألماني فالخر walcher (ت1354هـ / 1935م).





‏ومما تَجدُر الإشارة إليه أن ابن حزم (ت 456هـ / 1064م) يُشيد في رسالته الشهيرة بفضل الأندلس ورجالها، في مَعرِض تَعداد مؤلفات الأندلسيِّين في الطب، يُشيد بكتاب الزهراوي؛ حيث يقول: "وكتاب "التصريف لمن عجز عن التأليف" لأبي القاسم خلف بن عباس الزهراوي، وقد أدركناه وشاهَدناه، ولئن قلنا: إنه لم يؤلَّف في الطبِّ أجمع منه، ولا أحسن للقول والعمل في الطبائع لنَصْدُقنَّ".





‏وذكر أبو عبدالله محمد بن فتوح الحميدي (ت488هـ/ 1095م) في كتابه: "جذوة المقتبس" معلومات عن الزهراوي تُفيد أنه كان مِن أهل الفضل والدِّين والعِلم، وبعلمه الذي سبق فيه علم الطب، وله فيه كتاب مشهور، محذوف الفضول، سماه كتاب: "التصريف لمن عجز عن التأليف".





وفي أوروبا استَفادت أجيال مُتعاقِبة من الأطباء والصيادلة والجراحين مِن كتاب التعريف في ترجماته اللاتينية، فالجراح الفرنسي غي دي شو لياك (Guy de chauliac) (ت: 771هـ / 1369م) اقتبَس منه ومِن غيره مِن مؤلَّفات الأطباء المسلمين معلومات كثيرة، وذلك في كتابه: "الجراحة الكبرى" Chi_Rurgia Magana، كما نقَل عنه فيراري الإيطالي المسمى ماثيودي جراديبوس Mathieu de Gradibus، ويَذكر لوكليرك أن أبا القاسم الزهراوي يُعدُّ أكثر المراجِع ذكرًا عند ‏الجراحين في العمر الوسيط، وأنه احتلَّ في معاهد في فرنسا مكانةً بين أبقراط وجالينوس، فأصبح مِن أركان هذا الثالوث العِلمي، وأنه كان جراحًا عظيمًا، وأنه كثيرًا ما يأتي بمُلاحظاث مستمَدَّة مِن خبرته الخاصة... لهذا يَبقى الزهراوي في تاريخ الطب الرمز الأول المعبِّر عن الجراحة بوصفها عِلمًا متميزًا وقائمًا على معرفة التشريح، وأما آلات الجراحة التي رسَم صورها في كتابه، فهي تجديد حميد يَجعل ذِكراه باقيَة لا تَفنى، وهو تجديدٌ ما لَبِث أن ظهرَت ثمراته في مؤلَّفات مَن جاء بعده، ومِن ابتِكارات الزهراويِّ وإبداعه أنه كان أول مَن وصَف بالتفصيل خياطة جروح الأمعاء باستِخدام خيوط مَصنوعة مِن أمعاء الحيوان، وهو أول مَن أجرى جراحة على الغدة الدرقيَّة، وأول جراح أجرى عملية غسيلٍ للمَثانة بوساطة جهازٍ اخترَعه، وهو المحقن، وهو أول مَن وصَف عمليةً لتَفتيت الحصاة مستخدمًا آلة أطلَق عليها اسم الكلاليب (clamps)، وهو أول مَن اخترع جهازًا لاستِئصال اللوزتَين.





‏ويَجدُر بنا ونحن بصدد الزهراوي، أن نؤكِّد مرة أخرى أن المسلمين هم الذين وضعوا أساس المنهج التجريبي، وهم الذين عملوا بمقتضاه، بل كان ذلك ديدنهم في أعمالهم وابتكاراتهم، وتصدَّر مقدِّمات مؤلفاتهم، لهذا فليس عجيبًا أن يُشير الزهراويُّ في كتابه الآنِف الذكر، مؤكدًا دور التجربة والدليل، وأنه وضَع فيه - علاوة على ما جمَع فيه من فنون الأغذية والأدوية والأشربة - "كلَّ ما جرَّبتُه وامتحنتُه طول عمري منذ خمسين سنة".





المصدر: لمحات في تاريخ العلوم الكونية عند المسلمين
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 01:46 PM.