|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
ربنا عز وجل خلق الخلائق كلها دفعة واحدة، ما من شيء تقع عليه عينك إلا وقد خلقه الله عز وجل مع غيره في وقت واحد سماه العلماء عالم الأزل، والله سبحانه وتعالى في هذا العالم عرض عليهم عطاءً غير محدود ولكن هذا العطاء غير المحدود الذي لا نهاية له والأبدي السرمدي الذي لا يوصف له ثمن، يعني إما أن تقبل منصباً ليس له دخل محدود يعطى هذا المنصب صاحبه كالقضاة في بريطانيا شيكاً مفتوحاً أي رقم تكتبه تقبضه مهما كبر هذا الرقم تأخذه، ولكن هذا المنصب الرفيع يحتاج إلى دراسة طويلة، وإما أن ترضَى بقوت يومك من دون أن تكون مسؤولاً أو مكرماً، فربنا عز وجل عرض على الخلائق كلها عرضاً مغرياً: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً﴾
( سورة الأحزاب الآية: 72) لقد جرى العرض على الخلائق، خَيَّرَها الله عز وجل بين أن تكون مخلوقات تسعد بالله سعادة محدودة، لماذا هي محدودة ؟ مثل آخر: لو فرضنا أن أحدهم أبوه غني و هذا الأب يمكنه أن يطعم ابنه أطيب الأكل ويزوجه أجمل امرأة، وسيارة خاصة وينتهي هنا عطاء الأب، لكن متعة العلم هذه تعطى أم تؤخذ ؟ هذه تؤخذ، فربنا عز وجل يعطي عطاءً يتناسب مع طاقة احتمال هذا المعطى. أردت من هذا الكلام أن أوضح لكم أن الله سبحانه وتعالى عرض على الخلائق في علم الأزل عرضاً مغرياً جداً، عرض أن يسعدوا سعادة أبدية سرمدية ليس له حدود مقابل أن يأتوا إلى الدنيا، وفي الدنيا يجب أن يبذلوا من أجل أن يعطيهم عطاءً غير محدود، لابد من أن يأتي هذا المخلوق إلى مكان وهذا المخلوق مزوّد بشهوات يزوده الله بشهوة المال و العلو و ال***، ويأمره أن ينفذ منها ما يتوافق مع شرع الله عز وجل: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى ﴾ ( سورة الليل الآية: 5-7) ﴿وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ( سورة النازعات الآية: 40-41)
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
من مستلزمات الأمانة أن يكون هذا المخلوق مزوّداً بشهوات، وأن يكون هناك كون يجسد أسماء الله الحسنى، وأن يكون هناك فكر يستطيع أن يستدل على الله عز وجل من خلال الكون، و أن يكون الإنسان حراً في اختيار ما يريد، فحرية الاختيار مع الفكر، والكون و الشهوات, أربع عوامل تجعل من هذا الإنسان أكرم مخلوق على وجه الأرض، فكر موجود وشهوات قال الله تعالى: ﴿زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ﴾
( سورة آل عمران الآية: 14)
__________________
![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]()
ما الذي يحدث ؟ الله عز وجل تسعد به إذا أقبلت عليه، ولن تستطيع أن تقبل عليه إلا إذا كان لك ثقة أنه راضٍ عنك، وكيف يرضَى عنك ؟ إذا آثرت جانبه في كل شيء، أعطاك شهوة النساء فغضت بصرك عن امرأة لا تحل لك وارتقيت إلى الله عزّ وجل، وإذا تزوجت امرأة وفق ما شرع لك ارتقيت إلى الله عز وجل، وزودك بحب المال فإذا كسبته بطريق مشروع ارتقيت إلى الله عز وجل، وإذا تركت المال الحرام ارتقيت إلى الله عز وجل، فلولا هذه الشهوات لن تستطيع أن تقبل على الله أبداً بترك ما حرّم الله عليك وأخذ ما أحل لك بالترك والأخذ ترقى.
أنت في دنيا هدفها الأكبر والأول أن تعمل أعمالاً تستطيع أن تقبل بها على الله إلى الأبد في الجنة، أي إذا آثرت جنب الله عزَّ وجل كان لك عمل تلقى الله به، وإذا استقمت في بيعك وشرائك، ونصحت المسلمين، وكنت محسناً، وآثرت ما يبقى على ما يفنى، هذا العمل الذي تفعله باختيارك وبمحض إرادتك من دون إجبار أو إغراء أو إكراه، هذا العمل الصالح يؤهلك أن تُقبل على الله في الجنة إلى الأبد، إن الله عز وجل غني عنّا ولكن بعثنا إلى الدنيا وأعطانا المال وقال: هل تستطيع أن تنفق المال من أجلي؟ وسأزودك بشهوات هل تستطيع أن تغض بصرك من أجلي ؟ وهل تختار هذه المرأة الصالحة ذات الجمال المتوسط على امرأة جميلة جداً ولكنها فاسقة أيهما تختار ؟ وهل تختار هذا الدخل المشروع على دخل كبير من طريق غير مشروع ؟
__________________
![]() |
#4
|
|||
|
|||
![]()
أريد أن أوضح لكم سر الحياة، الله جاء بك إلى الدنيا وزودك بالشهوات وقال: أقرضني من مالك، وساعد أخاك، واضبط شهواتك من أجلي، وابذل في سبيلي، إذا فعلت واستقمت وكنت ورعاً تشعر أنه راضٍ عنك، بهذا الشعور تقبل عليه، فإذا أقبلت عليه سعدت إلى الأبد في قربه، هذا هو الهدف من مجيئك إلى الدنيا، فكيف تسعد به ؟ بإقبالك عليه: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾
( سورة الكهف الآية: 110) إن الله سبحانه خلقنا ليسعدنا، وجاء بنا إلى الدنيا كي نتأهل لهذه السعادة، إذاً ما الأهلية فيها ؟ أن تبذل مما أعطاك الله، لذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: " اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك " ( ورد في الأثر ) فنحن في حياتنا فرصة لسعادة أبدية هذه الفرصة نملكها ويكفي أن نغض بصرنا، و أن ننفق من مالنا، وأن يمضي وقتنا في طاعة الله، فهذه الجلسة تعرض عليكم يوم القيامة شريطاً مسجلاً. وأنت في هذا اليوم أصدقاؤك ذهبوا إلى دور السينما للهو وأمضوا وقتهم في اللعب بالنرد, وفي المزاح الرخيص وفي الحديث عن النساء وأنت حضرت إلى المسجد كي تعرف الله عز وجل هذا الذي يرقى بك، أنت في الدنيا من أجل البذل: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ ( سورة العصر الآية: 1-3) زواجك لله، وإنجاب الأولاد و عملك وخدمتك و نومك وأن تجلس مع أولادك وأن تؤنس زوجتك كله لله، أنت جئت للدنيا من أجل أن تفعل شيئاً يرضى الله به عنك، و من أجل أن تقبل عليه في الدار الآخرة بعمل صالح يصلح للعرض عليه.
__________________
![]() |
#5
|
|||
|
|||
![]()
كيف تعرفه ؟ بالتفكر بالكون فإذا فكرت بنفسك، وبجسمك، كيف كنت من ماء مهين ؟ وكيف أصبحت إنساناً سوياً وفكرت بطعامك، وشرابك، وثيابك، وزوجتك، وأولادك، وفكرت بالجبل والشمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، والأمطار، والرياح، والشجر والثلوج، والوديان، والسهول، والصحاري، والبحار، والأسماك، والأطيار، فلابد من أن تعرف الله عز وجل، إذا عرفته عرفت عظمته، وإذا عرفت عظمته تولد في نفسك خشية منه وهذه الخشية تحملك على أن تستقيم على أمره، فإذا استقمت على أمره وأقبلت عليه سعدت بهذا القرب وعملت الصالحات لمزيد من هذا القرب.
خلقك ليسعدك سعادة أبدية سرمدية لا متناهية, لكن هذه السعادة لها ثمن إذ جاء بك إلى الدنيا من أجل أن تستعد لها، وذلك بأن تفكر في الآيات الكونية من أجل أن تعرفه، وأن تستقيم على أمره، وأن تعمل الصالحات تقرباً له وأن تقبل عليه هذا هو التأهيل، لذلك إذا خلت حياتنا من علم وعمل ودعوة وصبر فلا جدوى منها " والعصر إن الإنسان لفي خسر ". ﴿ أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ ﴾ ( سورة التكاثر الآية: 1-2) ألهاكم التكاثر انحرف بكم عن هدفكم. ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ ( سورة التكاثر الآية: 3) إنكم خلقتم لغير جمع المال: ﴿ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ* كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ﴾ ( سورة التكاثر الآية: 3- 6)
__________________
![]() |
#6
|
|||
|
|||
![]()
ملك اليابان أرسل سبعة طلاب في بداية النهضة اليابانية إلى أوروبا وأمريكا للدراسة، هؤلاء كانوا في بلد متخلف, " اليابان كان متخلفاً " فلما وجدوا في بلاد ومدن كبرى فيها مفاتن وأشياء جميلة وأشياء رخيصة فانغمسوا في الملذات الرخيصة وقصّروا في تحصيل العلم ولم ينجحوا, وعادوا إلى اليابان فأعدمهم الملك لأنه أرسلهم لمهمة محددة فنسوها وانغمسوا في شيء آخر وحينما عادوا أعدمهم، والإنسان أرسل إلى الدنيا لمهمة محددة فإذا عرفها ونفذها وكان في مستواها سعد في الدنيا والآخرة، وإذا تغافل عنها أو جهلها أو عمل عملاً يتناقض معها حينما يموت يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً ﴾
( سورة الفرقان الآية: 27-29) هذا الكلام خطير, يضعك أمام مسؤولياتك ويقول لك إنك مخلوق في هذه الدنيا من أجل أن تهيئ نفسك لسعادة أبدية فإن لم تفعل فلك الشقاء الأبدي، لقد خُلِقتَ للسعادة وجئت إلى الدنيا من أجل أن تؤهل نفسك من أجل سعادة الأبد في جنة عرضها السموات والأرض. أنت ممن قبلت حمل الأمانة, وقلت: أنا لها يا رب، جاء بك إلى الدنيا من أجل هدف واحد، أن تؤهل نفسك لهذه السعادة الأبدية، فواحد منا يتلهى بالمال والآخر بمشكلات الحياة، وهذا الآخر لتحقيق أهداف أرضية محدودة، وهذا تلهى بالسخف، وهذا يقضي حياته بالخصومات وبأشياء لا قيمة لها قال الله تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾ ( سورة الليل الآية: 1-4) يوجد سعي واحد صحيح أن يكون سعيكم لمعرفة الله عز وجل " أصل الدين معرفته "، أنت في الدنيا من أجل مهمة خطيرة جداً فالمؤمن صار كله متعلقاً بهذه المهمة، زواجه فهو يحب أن يتزوج امرأة صالحة لأنه مخلوق للاستقامة والعمل الصالح، فإذا اختار امرأة سيئة فاسقة لا تُرضي الله يكون الزواج مِعولاً لهدّمَ سعادته الروحية، فأي عمل يمتص وقتك كله ترفضه, لأن لكل إنسان مهمة كبيرة جداً.
__________________
![]() |
#7
|
|||
|
|||
![]()
النبي عليه الصلاة والسلام تفقد أصحابه بعد أن انتهت معركة أحد فقال: ما فعل سعد ابن الربيع ؟ فلم يجبه أحد فقال لأصحابه: ابحثوا عنه أفي الأحياء هو أم في الأموات ؟ فأحد الأصحاب الكرام وكان أنصارياً توجه نحو ساحة المعركة ليتفقده بين ال***ى إذ هو يراه وفيه رمق أخير فقال له: يا سعد, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن أبحث عنك أفي الأحياء أنت أم في الأموات ؟ تصوّر رجلاً يموت بجرح بليغ ينزف دماً وسيفارق الدنيا فيقول الجريح المحتضر سعد أبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أني في الأموات وأقرئه السلام وقل له: جزاك الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته وأقرئ قومي السلام وقل لهم: لا عذر لكم عند الله إذا أُخلص إلى نبيكم وفيكم عين تطرف, ولم يزل هذا الصحابي الذي ندبه النبي واقفاً حتى فارق سور الحياة وعاد إلى النبي فأخبره بالخبر فبكى حتى اخضلّت لحيته بالدموع.
هذا إنسان جريح وعلى وشك الموت وهو شاب ما هذه السعادة التي غمرت قلبه ؟ لأنه حقق الهدف الذي من أجله خُلِق، آمن بالنبي وأطاع الله عز وجل، وبذل أثمن ما يملك وهي نفسه، فإذا كان أحدنا يعرف مهمته ويكون بمستواها والله الذي لا إله إلا هو لا يحزنه شيء, قرأت عن الصدّيق كلمة لا زالت ترن في أذني وصفه الواصفون وقالوا: " ما ندم عن شيء فاته من الدنيا قط " فالمؤمن حينما يعرف مهمته في الدنيا وهو في مستواها وهو في طريقها يسعد سعادة الدنيا كلها لا ترضيه إذا أقبلت ولا تسخطه إذا أدبرت.
__________________
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|