#1
|
|||
|
|||
عيسى بن مريم عليه السلام
عيسى بن مريم ويُعرف أيضاً بيسوع في العهد الجديد، هو رسول الله والمسيح في الإسلام، ويعتبر من أولو العزم من الرسل[4]، أُرسل ليقود بني إسرائيل إلى كتاب مقدس جديد وهو الإنجيل[5]، ويُفضل المسلمون إضافة عبارة "عليه السلام" بعد اسمه ككل الأنبياء. الإيمان بعيسى (وكل الأنبياء والرسل) واجب في الإسلام، ويعتبر شرط ليكون الشخص مسلما. ذكر عيسى باسمه في القرآن 25 مرة، بينما ذكر محمد 4 مرات[6][7]. يذكر القرآن أن عيسى ولدته مريم بنت عمران، وتعتبر ولادته معجزة، حيث أنها حملت به وهي عذراء من دون تدخل إنسان، بأمر من الله. ليؤيد رسالته، كانت لدى عيسى القدرة على فعل بعض المعجزات كإحياء الموتى، وإبصار العميان بإذن الله. وبحسب القرآن، فإن عيسى لم يُصلب، ولم ي*** بأي طريقة أخرى، بل رفعه الله إليه. نفس كل الرسل في الإسلام، فإن عيسى يُعتبر مسلما، أي خضع لأمر الله، ونصح متبعينه أن يختاروا الصراط المستقيم. يرفض الإسلام فكرة الثالوث، أن عيسى هو إله متجسد، أو ابن الله أو أنه صُلب أو قيامة يسوع، أو أن يكفر عن خطايا البشرية. ويذكر القرآن أن عيسى نفسه لم يدّعي هذه الأشياء، وأيضاً يشير إلى أن عيسى سينفي إدعاءه الألوهية في يوم القيامة، وسيدافع الله عنه[8]. ويشدد القرآن أن عيسى بشر فانٍ، مثل كل الأنبياء والرسل وأنه اختير لينشر رسالة الله. وتحرم النصوص الإلهية إشراك الله مع غيره، وأن توحيد الله هو السبيل الوحيد للنجاة. يُؤمن المسلمون بأن عيسى سيعود للأرض عندما يقترب يوم القيامة ليحقق العدالة ويهزم المسيح الدجال[9][10]. صفات عيسى استناداً إلى عدة أحاديث من النبي محمد، يمكن وصف عيسى خَلقياً هكذا ( رآه محمد في مناسبات مختلفة مثلاً في الحلم، أو في الإسراء والمعراج أو وصفه عندما يصف قدومه الثاني)[11]:
ذكر القرآن قصة عيسى بادئاً بولادته، وتعبد أمه في معبد في القدس، عندما كانت تحت رعاية النبي زكريا، الذي كان أباً للنبي يحيى[12]. ثم انتقل إلى قصة حمل مريم بعيسى، الذي اصطفاها الله على العالمين، لتحمل بعيسى وهي عذراء. البشارة كانت مريم داخل المعبد عندما زارها ملك جبريل والذي أحضر إليها بشرة سارة بولادة ابن مقدس[13]. ذكر القرآن أن الله أرسل البشرى عبر جبريل إلى مريم، أن الله كرمها من بين جميع نساء العالم. أخبر جبريل أيضاً مريم أنها ستلد ابناً مقدساً، يُسمى عيسى، وأنه سيكون نبي، وأن الله سينزل عليه الإنجيل. وأخبرها أن عيسى سيتكلم وهو طفل وسيتكلم وهو كهل، وسيكون من الصالحين. عندما سمعت مريم هذه الأخبار، سألت جبريل عن كيفية حملها وولادتها وهي لم يمسسها رجل ولم تكن فاسدة[14]. رد جبريل: (كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ[15]). ذكر القرآن أن عيسى خُلق بأمر الله، وقارن خلقه بخلق آدم حيث خلق آدم من دون والدين، ولكن بأمره (كن فيكون). وكانت الإجابة نفسها إلى زكريا، كيف حملت امرأته إليصابات، وهي كبيرة في السن[16]. الولادة ذكر القرآن قصة الولادة العذرية لعيسى عدة مرات. ذكر القرآن أن مريم عندما كانت مسافرةً في صحراء بيت لحم، جاءها ألم المخاض. وأثناء آلامها وضعفها، فجر الله ماءً متدفقاً من الأرض تحت قدمها لكي تشرب. وكانت مريم أثناء مخاضها بالقرب من نخلة، فطُلب منها أن تهز جذع النخلة ليتساقط عليها الرطب وتأكل. بكت مريم من ألمها وتمسكت بالنخلة، حتى سمعت صوتاً من تحتها (فهم البعض على أن هذا الصوت من عيسى الذي لايزال في رحمها، والآخر على أنه من ملك) يقول: (فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا). ذلك اليوم، ولدت مريم في وسط الصحراء. بعد أربعين يوم، حملت مريم ابنها عيسى وعادت إلى الناس. أُمرت مريم أن لاتكلم الناس في ذلك اليوم، حيث سيجعل الله عيسى يتكلم، حيث يؤمن المسلمون أن عيسى فعلاً تكلم في المهد وكانت أول معجزة له. بعد ذلك، ذهبت مريم إلى المعبد وقد سخر منها رهبان المعابد الآخرين، لكن زكريا آمن بقصتها وأيدها. اتهم الرهبان مريم بأنها صارت امرأة فاسقة وأنها لمست رجلاً غريباً من دون زواج. أجابت مريم بالإشارة إلى ابنها وإخبارهم أن يكلموه. لكن الرهبان غضبوا لأنهم ظنوا أن مريم تستهزء بهم بطلبها أن يكلمون الرضيع. حينها أنطق الله عيسى من المهد وتكلم عن نبوته قائلاً : قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا .[9][17] الرسالة حسب النصوص الإسلامية، عيسى اختير لإيصال رسالة التوحيد والإيمان بالله والخضوع له لبني إسرائيل. إنزال الكتب يؤمن المسلمون أن الله أنزل على عيسى كتاباً مقدساً جديداً يُسمى الإنجيل، وأيضاً بالبحث عن الحقيقة في الكتب السابقة مثل التوراة و الزبور. تكلم القرآن عن الإنجيل بأنه يبعث في قلوب متبعينه التقوى والتواضع. لكن الرسالة الحقيقية في الإنجيل حُرفت وغُيرت مرات عديدة في مختلف الأزمان. مذكور عن الإنجيل في القرآن: نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ [18] وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ [19] الحواريون يذكر القرآن أن عيسى سانده الحواريون وآمنوا برسالته. لم يذكر القرآن أسماء الحواريين، ولكن ذكر نماذج من إيصال عيسى الرسالة لهم. وذكر في القرآن أن الحواريين آمنوا: فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [20] كانت أطول حكاية ذكرها الله عن الحواريين في القرآن عندما طلب الحواريون أن تنزل عليهم مائدة من السماء، لإثبات أن عيسى فعلاً نبي وأنه يوصل الرسالة الحقيقية: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ [21] الرفع النصوص الإسلامية ترفض رفضاً قاطعاً فكرة الصلب أو الموت المنسوب للمسيح عيسى ابن مريم في العهد الجديد[9][22]. ذكر القرآن أن الناس (أي اليهود و الرومان) سعوا إلى *** عيسى، لكنهم لم يصلبوه أو ي***وه ولكن "شُبه لهم". يؤمن المسلمون بأن عيسى لم يُصلب ولكن رُفع إلى السماء، صعد إلى السماء بواسطة الله. هذا الصعود يُفهم بأنه ليس صعود روحي فقط، بل صعود روحي وجسدي. وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [23] مناقشة تفاسير العلماء الذين يرفضون الصلب، كتبت دائرة المعارف الإسلامية : «الإنكار، علاوة على ذلك، في الاتفاق مع منطق القرآن. قصص الكتاب المقدس المنسوخة (مثل أيوب، موسى، يوسف إلخ) متعلقة بتاريخ بداية الإسلام تبرهن أنها سنة الله ليحقق انتصار الإيمان أخيراً على قوى الشر والمحن. "فَإِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً، إِنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً" (الشرح 5،6) موت عيسى على الصليب يعني انتصار قاتليه، لكن القرآن أكد أنهم فشلوا: "إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الّذِينَ آمَنُوا" (الحج 38) "وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ" (آل عمران 54)» تفسيرات بديلةيرى أغلب العلماء الغربيون[24] و اليهود[25][26] و النصارى أن عيسى مات، لكن المسلمين يرون أن عيسى صعد إلى السماء دون أن يُصلب، لكن حول الله شكل رجل آخر ليظهر شكله نفس شكل المسيح وصُلب بدلاً منه . عيسى صعد صعوداً جسدياً إلى السماء ولا يزال هناك حتى ينزل مرة أخرى قرب يوم القيامة. قدومه مرة أخرى يؤمن المسلمون بنزول عيسى بن مريم مرة أخرى للأرض قبل فترة قصيرة من يوم القيامة حيث ذكر القرآن: وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ وَلَا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ [27] نزول عيسى سيكون في نصف الحرب بين المهدي المنتظر و المسيح الدجال ومتبعينه. سينزل عيسى عند منارة بيضاء شرق دمشق، لابس رداء أصفر ورأسه ممسوح بالزيت، ثم سينضم للمهدي في محاربة الدجال[28]. سيكون عيسى مسلم، ويلتزم بالتعاليم الإسلامية. أخيراً، سي*** عيسى المسيح الدجال، وسيصبح كل أهل الكتاب مسلمون. هكذا ستكون الديانة الوحيدة هي الإسلام. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال : قال رسول اللَّهِ صلى اللَّه عليه وسلم: ( لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكماً مقسطاً، فيكسر الصليب، وي*** الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد)[11].. بعد موت المهدي، سيتولى عيسى القيادة، وستحل العدالة والسلام. وتشير النصوص الإسلامية إلى ظهور قبيلة يأجوج و مأجوج في ذلك الوقت، وستعيث الفساد في الأرض. ثم سيستجيب الله لصلوات عيسى ودعاؤه، وسي***هم بإرسال نوع من الدود إلى مؤخر أعناقهم.[28]. سيكون حكم عيسى على الأرض 40 سنة ثم يموت، ويصلي عليه المسلمون صلاة الجنازة ويدفنونه في المدينة المنورة بالقرب من النبي محمد و الخليفة أبوبكر الصديق و عمر بن الخطاب[9]. في الاعتقاد الإسلامي وُصف عيسى بأسماء كثيرة في القرآن، وأكثر اسم ظهر له هو ابن مريم، وأحياناً بأسماء أخرى. عيسى أيضاً ذكر في القرآن كنبي أو رسول الله. المصطلحات مثل وجيه ومبارك وعبد الله كلها استخدمت في القرآن للإشارة إلى عيسى.[9] هناك اسم آخر تكرر وهو المسيح. وهذا لايطابق المفهوم المسيحي للمسيح، حيث أن الإسلام يعتبر جميع الرسل من ضمنهم عيسى فانون، ولا يشارك بالألوهية. يشرح المسلمون كلمة المسيح بأنه ممسوح بالزيت، أو لأنه يمسح على أعين العميان فيشفيهم. الآيات القرآنية تستعمل مصطلح "كلمة الله" والذي يشير إلى أن الله خلق عيسى بكلمة ملفوظة منه (كن فيكون) في اللحظة التي حملت مريم بعيسى.[9] ثيولوجيا يعتبر الإسلام عيسى بشراً ورجل صالح ورسول الله. يرفض الإسلام فكرة أن عيسى إله أو ابن الله. الإيمان بأن عيسى هو الله أو ابن الله يعتبر شركا في الإسلام، ورفض لوحدانية الله، وهي خطيئة لا تغتفر ما لم يتداركها بتوبة قبل مماته.[29]. ويمكن لكل الخطايا أن تغتفر بالتوبة، والخضوع لله (أي اعتناق الإسلام) حساباتهم من الأعمال الصالحة والخطايا التي تحدد مصير الإنسان يوم القيامة تُحسب من ذلك الوقت.وتقول آية من القرآن: لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [30][31] معتقد الثالوث المسيحي مرفوض في الإسلام. وجهات نظر الإسلام في عيسى أنه بشر ككل الأنبياء، يعبد الله وحده ويخضع لرسالته. وبهذا فإن عيسى مسلم (أي خاضع ومستسلم لرسالة الله) ككل الأنبياء في الإسلام[32]. الإشارة إلى محمد يؤمن المسلمون بأن عيسى أشار إلى محمد، وأعلن أن الرسالة آتية، ووضعوا هذه القاعدة استنادًا لآية قرآنية حيث يتحدث عيسى عن رسول يأتي من بعده اسمه أحمد[33]. ربط الإسلام اسم أحمد بمحمد وكلا الاسمين مصدرهما من الجذر ح م د والذي يعني استحقاق المدح والثناء. ويؤكد المسلمون أن تصريح عيسى موجود في العهد الجديد واضعين ذكر فارقليط (parakletos) أنه سيأتي متنبأً بهذا في إنجيل يوحنا[34]. وادعى بعض المعلقون المسلمون أن الكلمة الأصلية لـفارقليط هي periklutos التي تعني الشهير أو اللامع أو المستحق الثناء وهو اسم أحمد ولهذا استبدل المسيحيون الاسم بـparakletos [9][35].
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
مسيح، في اللغة العبرية هي "ماشيح - מָשִׁיחַ" من الفعل "مشح" أي "مسح" ومعناها في العهد القديم الممسوح بالدهن المقدس، ونقلت كلمة "ماشيح" إلى اللغة اليونانية كما هي ولكن بحروف يونانية " ميسياس -Мεσσίας" ومن ثم ترجمت ترجمة فعلية " خريستوس -Хριστός" من الفعل اليوناني " خريو -chriw" أي يمسح؛ وجاءت في اللاتينية " كريستوس ـ Christos" ومنها في اللغات الأوربية " Christ"؛ كانت عملية المسح تتم في العهد القديم بواسطة الدهن المقدس الذي كان يصنع من زيت الزيتون مضافًا إليه عددًا من الطيوب(سفر الخروج 22:30-31)، وقد ظل هذا التقليد حتى أيامنا هذه في المسيحية في سر الميرون؛ وكان الشخص أو الشيء الذي مسح يصبح مقدساً ومكرساً للرب؛ وحصر استخدامه للكهنة، الملوك والأنبياء (خروج 30:30)؛ ولهذا دعوا بمسحاء الرب (المزامير 15:105)، ومفردها "مسيح الرب" (صموئيل الثاني 1:23)، ويصفهم الله بمسحائي (أخبار الأيام الأول 22:16)؛ لكن الوحي الإلهي في أسفار العهد القديم يؤكد أن هؤلاء "المسحاء" جميعاً؛ كانوا ظلاً ورمزاً للآتي والذي دعي منذ داود فصاعداً بـ "المسيح"، وكانوا جميعاً متعلقين بمسيح المستقبل الذي سيأتي في ملء الزمان ودعاه دانيال النبي المسيح الرئيس (دانيال 24:9)، و"المسيح" و"قدوس القدوسين" (دانيال 25:9)، لأنه سيجمع في شخصه الصفات الثلاث: الكاهن والنبي والملك؛ وهذا الشخص وفق العقيدة المسيحية هو يسوع، بينما لا تزال الديانة اليهودية تنتظر قدومه.
أما المسيحية فيعتبرون وعد العهد القديم بظهور مخلص لبني إسرائيل قد تحقق بظهور يسوع الذي صلب ليخلص البشر من آثامهم حسب المعتقدات المسيحية. يطلق على المسيح بالإنكليزية لقب Christ (باليونانية Χριστός,أو Christos, "الشخص الممسوح بالزيت") وهي عبارة عن ترجمة حرفية لكلمة "ماشيح" أو "المسيح" استخدمت في أقدم نسخة يونانية للإنجيل وانتشرت إلى باقي اللغات الأوروبية. وحسب العقيدة المسيحية، فإن يسوع المسيح هو الله الظاهر في الجسد [1] وعهده هو العهد الجديد والذي سينتهي بمجيئه مرة أخرى. وفي الإسلام، فإن المسيح عيسى بن مريم هو كلمة الله التي ألقاها إلى العذراء مريم، فهو عبد لله ورسوله أرسله الله إلى قومه بنفس رسالة الأنبياء نوح وإبراهيم وداود وسليمان وموسى ومحمد ، دعاهم إلى "أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا" فحاربوه ولم يؤمن منهم إلا قليل وحاولوا ***ه فرفعه الله إلى السماء وسوف يعود إلى الأرض فيتبعه من يؤمنون بالله الواحد ولا يشركون معه أحد.
__________________
|
#3
|
|||
|
|||
يسوع (بالعبرية: יֵשׁוּעַ؛ بالسريانية: ܝܫܘܥ) ويشار إليه أيضًا بيسوع الناصري، أو المسيح، أو عيسى بن مريم، هو الشخصية المركزيّة في المسيحيّة. النظرة التاريخية لدى غالبية المؤرخين تتفق على وجوده في التاريخ،[1][2] على أنه معلم يهودي من الجليل في مقاطعة اليهودية الرومانيّة، اعتمد على يد يوحنا المعمدان، وأثارت تعاليمه قلقًا وحنقًا أفضى إلى صلبه على يد بيلاطس البنطي. النظرات التاريخية حوله تعددت بين، رجل دين يهودي، وزعيم حركة دينية، وحكيم أو فيلسوف ومصلح اجتماعي نادى بالحسن الخلقي والمساواة، وكان الوعظ عن ملكوت الله أحد أبرز مفاهيمه أو محور عمله.
أما في المسيحية، واعتمادًا على العهد الجديد، فيسوع هو المسيح الذي انتظره اليهود وفيه تحققت نبؤات العهد القديم،[3] وله عدد وافر من الألقاب،[4][5] وهو معصوم، وكامل،[6] والوحيد الذي لم يرتكب أي خطيئة،[7][8][9] وقد ولد من عذراء بطريقة إعجازيّة، واجترح عجائب ومعجزات عديدة وقدم تعاليمًا صالحة لكل آن، رافعًا البشر لمرتبة أبناء الله،[10] لتمثّل حياته "إنجيل عمل" مُلهم لأتباعه،[11] وأسس الكنيسة، ومات على الصليب تكفيرًا عن خطايا العالم،[12][13] فكان مُحرر البشرية وبُشراها السارّة،[14] ثم قام من بين الأموات ورفع إلى السماء، بعد أن وعد المؤمنين به أنه سيعود في آخر الزمان؛[15][16][17] ليكون بذلك كمال الإعتلان الإلهي للبشر، وختام رسالات السماء،[18] مفتتحًا عهدًا جديدًا، بعد سلسلة من العهود السابقة،[19][20] ليغدو بذلك طريقه، الوسيط الوحيد بين الله والإنسان؛[21][22][23] بعد مرحلة طويلة من الإعداد بدأت منذ آدم وإبراهيم.[24] حسب النظرة اللاهوتيّة للمسيح، فإنه يمثل القدرة الإلهية في البشرية،[25] فهو كلمة الله، الأزليّة، التي تدرعت بجسد من مريم، وبالتالي فهو مستحق العبادة، كما يوضح قانون الإيمان الذي صيغ في مجمع نيقية عام 325. أما النظرة الإسلامية ليسوع أو عيسى بن مريم كما يدعى في القرآن، فهي تتفق مع المسيحية بكونه المسيح وبصحة الميلاد العذري، واجتراح عجائب وآيات، والعودة في آخر الزمان، وتعتبره نبيًا ومن أولي العزم، وتنعته أيضًا بأنه كلمة الله، بيد أنها تنفي الصلب، والدور الكفاري، والبعد الماورائي.[26][27] يذكر أن اليهوديّة، ترفض الاعتراف بأنه المسيح المنتظر، بحجة أنه لم يف بجميع النبؤات الواردة عنه في التناخ، هناك وجهات نظر متنوعة أخرى حول المسيح، ظهرت على مرالتاريخ، ومنها البهائية التي قالت بأن له مظهر من مظاهر الله، ووسيط بين الله والبشرية، ويعكس صفات الله.[28]
__________________
|
#4
|
|||
|
|||
: متى وُلد عيسى بن مريم ؟ وهل في القرآن إشارة إلى أنه وُلد في الصيف ؟
السؤال : لا شك بأن موعد ميلاد المسيح لم يكن في شهر " كانون أول " ، وخصوصاً أن موسم الرطَب هو في شهر الصيف ، فما هو التاريخ التقريبي لميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام ؟ الجواب: الحمد لله أولاً: مسألة تحديد وقت ميلاد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام عليها تنبيهات : 1. أنها من الغيب الذي لا يمكن لأحدٍ الجزم به ، إلا أن يكون ممن يوحي لهم الله تعالى بوحيٍ من عنده ؛ لأنه لا سبيل لمعرفة ذلك إلا به ؛ لانقطاع الأسانيد بيننا وبين ذلك الزمان ، ولاختلاف النقلة في تحديد وقت ميلاده عليه السلام . 2. أن معرفة ذلك الوقت علم لا ينفع ، والجهل به غير ضارٍّ ، ولو كان في معرفة ذلك فائدة لجاءتنا النصوص به ، ثم لو عرفنا وقت ميلاده : فما هو وقت ميلاد موسى ، وإبراهيم ، وغيرهما من الأنبياء والرسل ؟! وما فائدة معرفة ذلك الوقت ؟! وهذا يقودنا إلى التنبيعه الثالث . 3. ميلاد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أقرب من ميلاد عيسى بن مريم ، وكان ابناً في بيئة تتجه لها أنظار العالَم – مكة المكرمة - ، وكان ابنا لشرفاء وسادة تلك البقعة ، ومع ذلك كله لا يُعرف على التحديد وقت ميلاده صلى الله عليه وسلم ، والخلاف في تحديد مشهور . ثانياً: وجزم الأخ السائل بأنه " لا شك بأن موعد ميلاد المسيح لم يكن في شهر كانون أول " : في غير مكانه ، وليس مع أثبت شيئاً أو نفاه أدلة يطمئن القلب لها ، ولا هو بالشيء الذي يُجزم بحدوثه على التحديد . وثمة اتجاهات في إثبات وقت ميلاد عيسى بن مريم عليه السلام عند النصارى ، فضلاً عن المسلمين ، فالنصارى يزعمون أنهم أتباع دينه ، وهو ربٌّ لكثير منهم ! أو ابن ربِّهم ! ومع ذلك ليس ثمة اتفاق بينهم على تحديد ميلاده ! . ولا يختلف المسلمون عن النصارى في الخلاف في تحديد وقت ميلاد عيسى عليه السلام ، إلا أن الخلاف عندنا منطلقه الفهم لآيات من كتاب الله تعالى فيها التصريح بوجود رطَب على شجرة نخيل عند ولادة عيسى عليه السلام ، ومن ثَمَّ اختلف العلماء عندنا هل كان وقت ميلاده عليه السلام في " الصيف " لكون ذلك الوقت موسم تلك الثمرة ، أو كان الأمر كرامة من الله تعالى في إيجاد تلك الثمرة في غير موسمها ، كما أجرى الله تعالى الماء من تحت أمه مريم وقت ولادة ابنها عيسى عليه السلام ، وكما أنطق الله تعالى ابنها وهو طفل صغير ؟! خلاف بين العلماء ، والأظهر – والله أعلم – هو القول الثاني . قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - : قوله تعالى : ( وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ) لم يصرِّح جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة ببيان الشيء الذي أمرها أن تأكل منه ، والشيء الذي أمرها أن تشرب منه ، ولكنَّه أشار إلى أن الذي أمرها أن تأكل منه هو : " الرطَب الجني " المذكور ، والذي أمرها أن تشرب منه هو النهر المذكور المعبر عنه بـ " السري " ، كما تقدم ، هذا هو الظاهر . وقال بعض العلماء : إن جذع النخلة الذي أمرها أن تهز به : كان جذعاً يابساً ؛ فلما هزته جعله الله نخلة ذات رطب جني . وقال بعض العلماء : كان الجذع جذع نخلة نابتة ، إلا أنها غير مثمرة ، فلما هزته أنبت الله فيه الثمر ، وجعله رطباً جنيّاً . وقال بعض العلماء : كانت النخلة مثمرة ، وقد أمرها الله بهزها ليتساقط لها الرطب الذي كان موجوداً . والذي يُفهم من سياق القرآن : أن الله أنبت لها ذلك الرطب على سبيل خرق العادة ، وأجرى لها ذلك النهر على سبيل خرق العادة ، ولم يكن الرطَب ، والنهر ، موجودين قبل ذلك ، سواء قلنا إن الجذع كان يابساً ، أو نخلة غير مثمرة ، إلا أن الله أنبت فيه الثمر ، وجعله رطباً جَنيّاً ، ووجه دلالة السياق على ذلك : أن قوله تعالى : ( فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ) يدل على أن عينها إنما تقر في ذلك الوقت بالأمور الخارقة للعادة ؛ لأنها هي التي تبين براءتها مما اتهموها به ، فوجود هذه الخوارق ، من تفجير النهر ، وإنبات الرطب ، وكلام المولود : تطمئن إليه نفسها ، وتزول به عنها الربية ، وبذلك يكون قرة عين لها ؛ لأن مجرد الأكل والشرب مع بقاء التهمة التي تمنت بسببها أن تكون قد ماتت من قبل وكانت نسياً منسيّاً : لم يكن قرة لعينها في ذلك الوقت ، كما هو ظاهر ، وخرق الله لها العادة بتفجير الماء ، وإنبات الرطب ، وكلام المولود : لا غرابة فيه ، وقد نص الله جل وعلا في " آل عمران " على خرقه لها العادة في قوله ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا قَالَ يا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) . قال العلماء : كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء ، وفاكهة الشتاء في الصيف ، وإجراء النهر ، وإنبات الرطب : ليس أغرب من هذا المذكور في سورة " آل عمران " . " أضواء البيان " ( 3 / 397 ) . هذا هو الذي نراه راجحاً صحيحاً ، وبه نعلم أنه لا يمكننا تكذيب من نقل ميلاد عيسى عليه السلام في الشتاء ، بل هو الأقرب للصواب ؛ لأنه ليس موسماً للرطَب ، لكن هذا القول ليس متفقاً عليه عند النصارى ، ولا عند المسلمين ، وسنذكر فيما يلي عمَّن يرجِّح خلاف ما رجحناه ، ويذكر الخلاف عند النصارى في تحديد ميلاد عيسى عليه السلام . قال الأستاذ محمد عزت الطهطاوي : هل وُلد المسيح حقّاً في فصل الشتاء في 25 ديسمبر ، كما يقول النصارى الغربيون ، أو في يناير ، كما يقول النصارى الشرقيون ؟ . ورد في إنجيل " لوقا " حكاية عن ميلاد المسيح عليه السلام : " وكان في تلك الكورة رعاة متبدين ، يحرسون حراسات الليل على رعيتهم ، وإذا ملاك الرب وقف بهم ومجد الرب حولهم ، فخافوا خوفاً عظيماً ، فقال لهم الملاك : " لاتخافوا ، فها أنا أبشركم بفرح عظيم ، يكون لجميع الشعب ، إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلِّص هو المسيح " . ( إنجيل " لوقا " ، إصحاح 2 ، عدد 8-9-10-11 ) . ومعنى ذلك : أن يكون الميلاد في وقت يكون الرعي فيه ممكناً في الحقول القريبة من " بيت لحم " المدينة التي ولد فيها المسيح عليه السلام ، وهذا الوقت يستحيل أن يكون في الشتاء ؛ لأنه فصل تنخفض فيه درجة الحرارة - وخصوصاً بالليل - بل وتغطي الثلوج تلال أرض " فلسطين " ، وجعْل عيد الميلاد للسيد المسيح في فصل الشتاء : لا أساس له إذاً ، بل هو من مخترعات الوضاع يجعله في فصل الشتاء وفي هذه التواريخ المذكورة انفا . ولندلل على ذلك بالاتي : 1- يقول الأسقف " بارنز " : غالباً لا يوجد أساس للعقيدة القائلة بأن يوم 25 ديسمبر كان بالفعل ميلاد المسيح ، وإذا ما كان في مقدورنا أن نضع موضع الإيمان قصة " لوقا " عن الميلاد مع ترقب الرعاة بالليل في الحقول قريباً من " بيت لحم " ؛ فإن ميلاد المسيح لم يكن ليحدث في الشتاء حينما تنخفض درجة الحرارة ليلاً وتغطي الثلوج تلال أرض اليهودية ، ويبدو أن عيد ميلادنا قد اتفق عليه بعد جدل كثير ومناقشات طويلة حوالي عام 300 بعد الميلاد . كتاب " ظهور المسيحية " للأسقف بارنز . 2- وهذا الرأي الذي ذهب إليه الأسقف " بارنز " قد استمده الذين كتبوا بيانات عن عيد الميلاد في " دائرة المعارف البريطانية " ، ودائرة " معارف شاميرز " ، فقد ورد في الطبعة الخامسة عشرة من المجلد الخامس في الصفحة ( 642 ، 643 أ ) من " دائرة المعارف البريطانية " ما يلي : " لم يقنع أحد مطلقاً بتعين يوم أو سنة لميلاد المسيح - ولكن صمم آباء الكنيسة في عام 340 بعد الميلاد على تحديد تاريخ للاحتفال بالعيد - اختاروا بحكمة يوم الانقلاب الشمسي في الشتاء ، الذي استقر في أذهان الناس ، وكان أعظم أعيادهم أهمية ، ونظراً إلى التغيرات التي حدثت في التقاويم : تغير وقت الانقلاب الشمسي ، وتاريخ عيد الميلاد بأيام قليلة " . 3- ورد في دائرة " معارف شاميرز " الآتي : " كان الناس في كثير من البلاد يعتبرون الانقلاب الشمسي في الشتاء يوم ميلاد الشمس ، وفي روما كان يوم 25 ديسمبر يحتفل فيه بعيد وثني قومي - ولم تستطع الكنيسة أن تلغي هذا العيد ، بل باركته ، كعيد قومي لشمس البر " . 4- يقول " بيك " من علماء تفسير الكتاب المقدس : " لم يكن ميقات ولادة المسيح شهر ديسمبر على الإطلاق ، فعيد الميلاد عندنا قد بدأ التعارف عليه أخيراً في الغرب . " تفسير الكتاب المقدس " للدكتور بيك ( ص 727 ) . 5- هناك دليل تاريخي ثابت موثوق به يوضح أن المسيح ولد في شهر أغسطس ، أو سبتمبر ، فقد كتب الدكتور جون د . أفيز في كتابه " قاموس الكتاب المقدس " تحت كلمة " سنة " : أن البلح ينضج في الشهر اليهودي أيلول ، كما ورد في صفحة ( 117 ) من كتاب " تفسير الكتاب المقدس " لـ " بيك " العبارة الاتية : " إن شهر أيلول يطابق عندنا شهر أغسطس ، وسبتمبر " . 6- ويقول الدكتور " بيك " في مناقشة " جون ستيوارت " لمدونة " من معبد انجورا " : وعبارة وردت في مصنف صيني قديم ، يتحدث عن رواية وصول الإنجيل للصين سنة 25 – 28 ميلادية ، حيث حدد ميلاد المسيح في عام 8 قبل الميلاد ، في شهر سبتمر ، أو أكتوبر ، وحدد وقت الصلب في يوم الأربعاء عام 24 ميلادية . النتائج التي تستخلص مما تقدم : 1- ونخلص من كل ذلك طبقا للبحوث السابقة التي أجريت حاليّاً على أصول المسيحية : أن المسيح لم يولد في ديسمبر ، أو يناير ، ولكن في أغسطس ، أو سبتمبر ، ويكون حمْل السيدة مريم لم يبدأ في مارس ، أو إبريل ، كما يريد مؤرخو الكنيسة أن يلزموا الناس باعتقاده ، بل بدأ حملها في نوفمبر ، أو ديسمبر . 2- إن القران الكريم يُستخلص من تفسيره أن المسيح مولود في أغسطس ، أو سبتمبر ، وهذا يتفق مع الحقائق التاريخية ، ومع رواية إنجيل " لوقا " ، وإن كان ذلك دون قصد ، وأنه يظهر مما حكاه القرآن عن السيدة " مريم " : أنها كانت ترقد عند ولادتها في سقيفة على مكان مرتفع من التل حيث تقف نخلة على منحدر منه ، وكان من الميسور لها أن تصل إلى جذعها ، وتهزه ، وكثرة النخيل في " بيت لحم " واضحة في الكتاب المقدس في الإصحاح الأول من " سِفر القضاة " ، وكذلك " قاموس الكتاب المقدس " المؤلَّف بمعرفة الدكتور " جونر يفنز " ، كما أن حقيقة إرشاد السيدة " مريم " إلى نبع - كما ورد في القران الكريم - لتشرب منه : تشير إلى أن ميلاد المسيح قد حدث فعلاً في شهر أغسطس ، أو سبتمبر ، وليس في ديسمبر حيث يكون الجو بارداً كالثلج في كورة اليهودية ، وحيث لا رُطَب فوق النخيل حتى تهز جذع النخلة فتساقط عليها رطباً جنيّاً ، قال تعالى : ( فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً . وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً . فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ) ، والمعنى : أنه جعل قربَها جدولاً صغيراً كان قد انقطع ماؤه ، ثم جرى ، وامتلأ ، وسمي سريّاً لأن الماء يسري فيه ، وأنه في إمكانها أن تتناول من الرطَب الصالحة للاجتناء إذا أرادت أن تأكل ، وإذا أرادت أن تشرب : أمكنها ذلك من جدول الماء ، الذي كان يسري بجانبها . " النصرانية والإسلام " الأستاذ محمد عزت الطهطاوي ( ص 241 – 244 ) مكتبة النور . والخلاصة : ليس في شرعنا ما يثبت تحديد ولادة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ، لا السنة ، والشهر ، واليوم ، ومن قال إن القرآن فيه إشارة إلى أن مولده كان في فصل " الصيف " : فمردود ، بما نقلناه من خلاف العلماء أولاً ، وبما هو لائق من كون ذلك الإيجاد للرطَب كان في غير موسمه ، وأما النصارى : فغالبهم يرى أن مولده كان في شهر " ديسمبر " ، أو " يناير " ، وكان فصل الشتاء ، وثمة من نقد ذلك عندهم ، وبيَّن أنه خطأ ، وأن مولده عليه السلام كان في " الصيف " . وبكل حال : ليس ثمة ما يُجزم به ، وليس هذا من العلم النافع ، ولولا تعلق الإجابة بشرح آية من كتاب الله : لما تجشمنا الرد على السؤال ، وإذا كان النصارى قد اختلفوا في أصل عيسى عليه السلام ما هو ، واختلفوا في أصل الاعتقاد : فأنَّى لهم الاتفاق على ما هو دونه ؟! . والله أعلم
__________________
|
#5
|
|||
|
|||
كانت ولادة المسيح أيام ملوك الطوائف . قالت المجوس : كان ذلك بعد خمس وستين سنة من غلبة الإسكندر على أرض بابل ، وبعد إحدى وخمسين سنة مضت من ملك الأشكانيين . وقالت النصارى : إن ولادته كانت لمضي ثلاثمائة وثلاث وستين سنة من وقت غلبة الإسكندر على أرض بابل ، وزعموا أن مولد يحيى كان قبل مولد المسيح بستة أشهر ، وأن مريم ، عليها السلام ، حملت بعيسى ولها ثلاث عشرة سنة ، وقيل خمس عشرة ، وقيل : عشرون ، وأن عيسى عاش إلى أن رفع اثنتين وثلاثين سنة وأياما ، وأن مريم عاشت بعده ست سنين ، فكان جميع عمرها إحدى وخمسين سنة ، وأن يحيى *** قبل أن يرفع المسيح ، وأتت المسيح النبوة والرسالة وعمره ثلاثون سنة .
وقد ذكرنا حال مريم في خدمة الكنيسة ، وكانت هي وابن عمها يوسف بن يعقوب بن ماثان النجار يليان خدمة الكنيسة ، وكان يوسف حكيما نجارا يعمل بيديه ويتصدق بذلك . وقالت النصارى : إن مريم كان قد تزوجها يوسف ابن عمها إلا أنه لم يقربها إلا بعد رفع المسيح ، والله أعلم . وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف ابن عمها أخذ كل واحد منهما قلته [ ص: 275 ] وانطلق إلى المغارة التي فيها الماء يستعذبان منه ثم يرجعان إلى الكنيسة ، فلما كان اليوم الذي لقيها فيه جبريل نفد ماؤها فقالت ليوسف ليذهب معها إلى الماء ، فقال : عندي من الماء ما يكفيني إلى غد ، فأخذت قلتها وانطلقت وحدها حتى دخلت المغارة ، فوجدت جبرائيل قد مثله الله لها بشرا سويا ، فقال لها : يا مريم إن الله قد بعثني إليك لأهب لك غلاما زكيا . قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا أي مطيعا لله ، وقيل : هو اسم رجل بعينه ، وتحسبه رجلا ، قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا - أي زانية - قال كذلك قال ربك ، إلى قوله أمرا مقضيا فلما قال ذلك استسلمت لقضاء الله ، ونفخ في جيب درعها ثم انصرف عنها وقد حملت بالمسيح ، وملأت قلتها وعادت ، وكان لا يعلم في أهل زمانها أعبد منها ومن ابن عمها يوسف النجار ، وكان معها ، وهو أول من أنكر حملها ، فلما رأى الذي بها استعظمه ولم يدر على ماذا يضع ذلك منها ، فإذا أراد يتهمها ذكر صلاحها وأنها لم تغب عنه ساعة قط ، وإذا أراد يبرئها رأى الذي بها ، فلما اشتد ذلك عليه كلمها فكان أول كلامه لها أن قال لها : إنه قد وقع من أمرك شيء قد حرصت على أن أميته وأكتمه فغلبني . فقالت : قل قولا جميلا . فقال : حدثيني هل ينبت زرع بغير بذر ؟ قالت : نعم . قال : فهل ينبت شجر بغير غيث يصيبه ؟ قالت : نعم . قال : فهل يكون ولد بغير ذكر ؟ قالت له : نعم ، ألم تعلم أن الله أنبت الزرع يوم خلقه بغير بذر ! ألم تعلم أن الله خلق الشجر من غير مطر ! وأنه جعل بتلك القدرة الغيث حياة للشجر بعدما خلق كل واحد منهما وحده ! أو تقول لن يقدر الله على أن ينبت حتى يستعين بالبذر والمطر ! قال يوسف : لا أقول هكذا ولكني أقول إن الله يقدر على ما يشاء ، إنما يقول لذلك كن فيكون . قالت له : ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء من غير ذكر ولا أنثى ! قال : بلى ، فلما قالت له ذلك وقع في نفسه أن الذي بها شيء من الله لا يسعه أن يسألها عنه لما رأى من كتمانها له . [ ص: 276 ] وقيل : إنها خرجت إلى جانب الحجرات لحيض أصابها فاتخذت من دونهم حجابا من الجدران ، فلما طهرت إذا برجل معها ، وذكر الآيات ، فلما حملت أتتها خالتها امرأة زكرياء ليلة تزورها ، فلما فتحت لها الباب التزمتها ، فقالت امرأة زكرياء : إني حبلى . فقالت لها مريم : وأنا أيضا حبلى . قالت امرأة زكرياء : فإني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك . وولدت امرأة زكرياء يحيى . وقد اختلف في مدة حملها ، فقيل : تسعة أشهر ، وهو قول النصارى ، وقيل ثمانية أشهر ، فكان ذلك آية أخرى لأنه لم يعش مولود لثمانية أشهر غيره ، وقيل : ستة أشهر ، وقيل ثلاث ساعات ، وقيل : ساعة واحدة ، وهو أشبه بظاهر القرآن العزيز لقوله تعالى : فحملته فانتبذت به مكانا قصيا عقبة بالفاء . فلما أحست مريم خرجت إلى جانب المحراب الشرقي فأتت أقصاه فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت - وهي تطلق من الحبل استحياء من الناس - يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ، يعني نسي ذكري وأثري فلا يرى لي أثر ولا عين . قالت مريم : كنت إذا خلوت حدثني عيسى وحدثته ، فإذا كان عندنا إنسان سمعت تسبيحه في بطني . فناداها جبرائيل من تحتها - أي من أسفل الجبل - أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريا وهو النهر الصغير ، أجراه تحتها ، فمن قرأ : من تحتها ، بكسر الميم ، جعل المنادي جبرائيل ، ومن فتحها قال إنه عيسى ، أنطقه الله ، [ ص: 277 ] وهزي إليك بجذع النخلة ، كان جذعا مقطوعا فهزته فإذا هو نخلة ، وقيل : كان مقطوعا فلما أجهدها الطلق احتضنته فاستقام واخضر وأرطب ، فقيل لها : وهزي إليك بجذع النخلة فهزته فتساقط الرطب فقال لها : فكلي واشربي وقري عينا فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ، وكان من صام في ذلك الزمان لا يتكلم حتى يمسي . فلما ولدته ذهب إبليس فأخبر بني إسرائيل أن مريم قد ولدت ، فأقبلوا يشتدون بدعوتها ، فأتت به قومها تحمله وقيل : إن يوسف النجار تركها في مغارة أربعين يوما ثم جاء بها إلى أهلها ، فلما رأوها قالوا لها : يامريم لقد جئت شيئا فريا ياأخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا فما بالك أنت ؟ وكان من نسل هارون أخي موسى ، كذا قيل . قلت : إنها ليست من نسل هارون إنما هي من سبط يهوذا بن يعقوب من نسل سليمان بن داود ، وإنما كانوا يدعون بالصالحين ، وهارون من ولد لاوي بن يعقوب . قالت لهم ما أمرها الله به ، فلما أرادوها بعد ذلك على الكلام فأشارت إليه ، فغضبوا وقالوا : لسخريتها بنا أشد علينا من زنائها . قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا ، فتكلم عيسى فقال : إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا . فكان أول ما تكلم به العبودية ليكون أبلغ في الحجة على من يعتقد أنه إله . [ ص: 278 ] وكان قومها قد أخذوا الحجارة ليرجموها ، فلما تكلم ابنها تركوها . ثم لم يتكلم بعدها حتى كان بمنزلة غيره من الصبيان ، وقال بنو إسرائيل : ما أحبلها غير زكرياء فإنه هو الذي كان يدخل عليها ويخرج من عندها ، فطلبوه لي***وه ، ففر منهم ، ثم أدركوه ف***وه . وقيل في سبب ***ه غير ذلك ، وقد تقدم ذكره . وقيل : إنه لما دنا نفاسها أوحى الله إليها : أن اخرجي من أرض قومك فإنهم إذا ظفروا بك عيروك و***وك وولدك . فاحتملها يوسف النجار وسار بها إلى أرض مصر ، فلما وصلا إلى تخوم مصر أدركها المخاض ، فلما وضعت وهي محزونة قيل لها : لا تحزني الآية إلى ( إنسيا ) ، فكان الرطب يتساقط عليها وذلك في الشتاء ، وأصبحت الأصنام منكوسة على رءوسها ، وفزعت الشياطين فجاءوا إلى إبليس ، فلما رأى جماعتهم سألهم فأخبروه ، فقال : قد حدث في الأرض حادث ، فطار عند ذلك وغاب عنهم فمر بالمكان الذي ولد فيه عيسى فرأى الملائكة محدقين فيه ، فعلم أن الحدث فيه ، ولم تمكنه الملائكة من الدنو من عيسى ، فعاد إلى أصحابه وأعلمهم بذلك وقال لهم : ما ولدت امرأة إلا وأنا حاضر ، وإني لأرجو أن أضل به أكثر ممن يهتدي . واحتملته مريم إلى أرض مصر فمكثت اثنتي عشرة سنة تكتمه من الناس ، فكانت تلتقط السنبل والمهد في منكبيها . قلت : والقول الأول في ولادته بأرض قومها للقرآن أصح لقوله تعالى : فأتت به قومها تحمله ، وقوله كيف نكلم من كان في المهد صبيا . وقيل : إن مريم حملت المسيح إلى مصر بعد ولادته ومعها يوسف النجار ، وهي الربوة التي ذكرها الله تعالى ، وقيل : الربوة دمشق ، وقيل : بيت المقدس ، وقيل غير ذلك ، فكان سبب ذلك الخوف من ملك بني إسرائيل ، وكان من الروم ، واسمه [ ص: 279 ] هيرودس ، فإن اليهود أغروه ب***ه ، فساروا إلى مصر وأقاموا بها اثنتي عشرة سنة إلى أن مات ذلك الملك ، وعادوا إلى الشام ، وقيل : إن هيرودس لم يرد ***ه ولم يسمع به إلا بعد رفعه ، وإنما خافوا اليهود عليه ، والله أعلم .
__________________
|
#6
|
|||
|
|||
هذه هي الحقيقة المجردة عن عيد الميلاد من خلال كتاب أصدرته "كنسية جميع أنحاء العالم"الأمريكية ما لهذا الشخص المسلم وعيد الميلاد عند نصارى الغرب أو النصارى جميعاً سواء ساروا على الحساب الغربي أو الشرقي في تحديد تاريخ مولد عيسى عليه السلام ؟! لست أشك في أن هذا التساؤل هو ما سيدور في ذهن بعض القراء وهم يقرأون عنوان هذا المقال واسم كاتبه ، وأسارع فأطمئنهم إلى أن الأمر لا يعدو أن يكون حديثاً عن كتيب بالإنجليزية يحمل نفس عنوان هذا المقال أصدرته "كنيسة جميع أنحاء العالم" الأمريكية بمدينة "باسادينا" في ولاية "كاليفورنيا" التي تصدر المجلة الشهرية المجانية المعروفة "الحقيقة المجردة" . وهذا الكتيب الذي يقع متنه في خمس عشرة صفحة يؤكد بأدلة تاريخية أن عيد الميلاد هو احتفال وثني لا صلة له-لا من قريب ولا من بعيد-بالنصرانية أو المسيحية إن شئت . وفي هذه "الحقيقة المجردة" مغزى يتجاوز عندنا نحن المسلمين وثنية عيد الميلاد إلى صميم عقيدة التثليث والصلب التي أدخلت على دين عيسى عليه السلام بعد رفعه إلى السماء كما نص على ذلك الإسلام . حقائق مذهلة .. يبدأ مؤلف الكتيب "هربرت أرمسترونج" صفحات كتيبه بهذه الفقرة : (من أين جاءنا عيد الميلاد ؟ من الكتاب المقدس أم من الوثنية ؟ إليك الحقائق المثيرة للدهشة-في هذا الصدد-التي ربما تمثل صدمة بالنسبة لك ..) وتحت عنوان (ماذا تقول دوائر المعارف ؟) أكد الكاتب في الصفحة الثامنة أن كلمة "عيد الميلاد" (لم ترد لا في الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد ، ولم تنقل عن الحواريين ، وإنما تسربت إلى النصرانية من الوثنية) . ويمضي الكاتب فيقول : (بما أن الاحتفال بعيد الميلاد إنما جاء عن طريق الكنيسة الكاثوليكية ، ولم يكن مرتكزاً إلى أية سلطة سوى سلطة تلك الكنيسة فدعونا نقرأ ما تقوله دائرة المعارف الكاثوليكية عن هذا الاحتفال في طبعة 1911 م وهذا نصه : "لم يكن عيد الميلاد واحداً من الأعياد الأولى للكنيسة الكاثوليكية ، وأول دليل على هذا الاحتفال إنما جاء من مصر .. فقد تحولت العادات الوثنية الخاصة ببداية شهر يناير في التقويم الروماني القديم ، تحولت إلى عيد الميلاد ، ويعترف أول الآباء الكاثوليك بالحقيقة التالية : لم يسجل الكتاب المقدس أن أحداً كان يحتفل أو أقام مأدبة كبيرة بمناسبة يوم ميلاده ، إن الآثمين والخطائين -مثل فرعون وهيرود-هم وحدهم الذين يجعلون من يوم مجيئهم إلى هذا العالم مناسبة للابتهاج العظيم" . أما دائرة المعارف البريطانية فهي تقول في طبعة 1946 م : "..ولم يوجد-أي عيد الميلاد-لا المسيح ولا الحواريون ولا نص من الكتاب المقدس بل أخذ-فيما بعد-عن الوثنية") . وينقل "هربرت أرمسترونج" عن دائرة المعارف الأمريكية في طبعة 1944 م قولها : (.."وفي القرن الرابع الميلادي بدأ الاحتفال لتخليد ذكرى هذا الحدث أي ميلاد المسيح ، وفي القرن الخامس أمرت الكنيسة الغربية بأن يحتفل به إلى الأبد في يوم الاحتفال الروماني القديم بميلاد "سول" ، نظراً لعدم معرفة ميلاد المسيح معرفة مؤكدة" ) . ويمضي مؤلف كتيب "الحقيقة المجردة عن عيد الميلاد" ليحدثنا عن أن المسيح لم يولد في الشتاء بأدلة من الأناجيل مفادها أن الرعاة كانوا يحرسون أغنامهم ليلاً وقت ميلاد المسيح ، وهو أمر لم يكن يحدث في فلسطين شتاء ، وإنما قبل منتصف أكتوبر . وينقل "هربرت أرمسترونج" عن دائرة معارف تشاف-هيرزج الجديدة للمعرفة الدينية قولها : ("ليس باستطاعتنا أن نقرر بدقة إلى أي مدى اعتمد تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد على احتفال "بروماليا" الوثني وتاريخه هو الخامس والعشرون من ديسمبر ، الذي كان يلي احتفال "ساتورناليا" الذي كان يمتد من السابع عشر من ديسمبر إلى الرابع والعشرين منه ، أي على مدى أسبوع كامل ، وأيضاً على الاحتفال بأقصر يوم في السنة وبالشمس الجديدة ، فقد كان احتفالا "ساتورناليا" و "بروماليا" الوثنيان راسخين بشدة في العادات الشعبية بحيث أنه كان من الصعب على المسيحيين أن يتجاهلوهما .. ولد كانت لهذين الاحتفالين ببهرجهما وصخبهما ومرحهما وبهجتهما شعبية كبيرة بحيث أن المسيحيين سعدوا حين وجدوا سبباً لكي يواصلوا الاحتفال بهما مع إحداث تغيير طفيف في روحهما وأسلوبهما ، وقد احتج الوعاظ المسيحيون في الغرب وفي الشرق الأدنى على الطريقة العابثة التافهة التي تم الاحتفال بها بمولد المسيح ، بينما اتهم مسيحيو ما بين النهرين –دجلة والفرات-اخوانهم الغربيين بالوثنية وعبادة الشمس باتخاذهم هذا الاحتفال الوثني عيداً مسيحياً") . ونمضي مع كتيب "الحقيقة المجردة عن عيد الميلاد" فإذا بمؤلفه يقول تعليقاً على الاقتباس السابق : (يجب أن نتذكر أن العالم الروماني كان وثنياً ، وكان المسيحيون قبل القرن الرابع الميلادي قلة من حيث العدد-وإن كانوا يتزايدون-وكانت الحكومة والوثنيون يضطهدونهم ، ولكن بتنصيب قسطنطين إمبراطوراً، وهو الذي اعتنق المسيحية في القرن الرابع واضعاً إياها بقدم المساواة مع الوثنية ، بدأ مئات الألوف من سكان العالم الروماني يقبلون المسيحية التي أصبحت وقتها ذات شعبية ، وعلينا أن نتذكر أن هؤلاء الناس نشأوا وترعرعوا في خضم العادات والتقاليد الوثنية التي كان أبرزها هذا الاحتفال الوثني الذي يقام في الخامس والعشرين من ديسمبر .. والذي كانوا يستمتعون به ، والذي لم يكونوا راغبين في التخلي عنه . ونفس هذا المقال الوارد في دائرة معارف تشاف-هيرزج يشرح كيف أعطى اعتراف قسطنطين بيوم الأحد (يوم الشمس وهو معنى المقطعين اللذين تتكون منهما كلمة يوم الأحد بالإنجليزية) الذي كان يوم عبادة الشمس عند الوثنيين ، وكيف أعطت تأثيرات العقيدة المانوية (نسبة إلى شخص فارس اسمه ماني دعا إلى دين ثنائي يقوم على الصراع بين النور والظلمة) التي كانت ترى أن ابن الإله هو والشمس شيء واحد ، كيف أعطى هذان الأمران-اعتراف الامبراطور قسطنطين بيوم عبادة الشمس ، وتأثيرات المذهب المانوي-وثنيي القرن الرابع اللذين كانوا يبحثون عنه لتسمية الخامس والعشرين من ديسمبر ، وهو تاريخ مهرجانهم الوثني الذي يحتفلون فيه بمولد الشمس الإله ، لتسميته عيد ميلاد ابن الإله ، وبهذه الطريقة أصبح (عيد الميلاد) لصيقاً بعالمنا الغربي ! ومن الممكن أن نطلق عليه اسماً آخر ولكنه يظل دوماً مهرجان عبادة الشمس الوثني القديم ! والتغير الوحيد إنما يتمثل في الاسم الذي نطلقه عليه ! فلك أن تسمي الأرنب أسداً ولكنه سيظل أرنباً رغم التسمية !) . الأصل الحقيقي لعيد الميلاد ولكن إذا قد أخذنا عيد الميلاد عن الكاثوليك وهم قد أخذوه من الوثنية فمن أين أتى به الوثنيون ؟ أين ومتى وماذا كان أصله الحقيقي ؟ ويروي لنا مؤلف الكتيب قصة الأصل الحقيقي لعيد الميلاد على هذا النحو : (كان نمرود-وهو حفيد حام بن نوح- رجلاً شريراً في مدينة بابل التي غرق أهلها في الترف والآثام .. ويقال أنه تزوج أمه التي كان اسمها سمير أميس ، وبعد موته المفاجئ نشرت سمير أميس عقيدة شريرة مفادها أن نمرود ظل على قيد الحياة في شكل كائن روحي ، وادعت أن شجرة مخضرة اخضراراً دائماً نبتت ذات ليلة في جذع شجرة ميتة ، وهو ما يرمز إلى انبثاق حياة جديدة من الميت نمرود ، وزعمت سمير أميس أن نمرود يزور تلك الشجرة الدائمة الاخضرار في ذكرى عيد ميلاده من كل سنة ويترك فوقها هدايا ، وكان تاريخ ميلاد نمرود الخامس والعشرين من ديسمبر ، وهذا هو الأصل الحقيقي لشجرة عيد الميلاد . ونجحت سمير أميس في خططها لكي تصبح "ملكة السماء المقدسة" وأصبح نمرود-تحت أسماء عديدة-"ابن السماء المقدس" . وعلى مر العصور أصبح نمرود في طقوس العبادة الوثنية هذه هو المسيح الدجال ابن بعل إله الشمس ، وفي هذا النظام البابلي الزائف أصبحت الأم والطفل-سمير أميس ونمرود الذي ولد مرة أخرى-أصبحا محور تلك العبادة . وقد انتشرت عبادة "الأم والطفل" هذه في أنحاء العالم ، وتعددت أسماؤها في البلدان والأقطار المختلفة ، ففي مصر سميا "ايزيس وأوزوريس" وفي آسيا "سيبيلي و ديويس" وفي روما الوثنية "فورتشيونا وجوربيتربور" ، حتى في اليونان والصين واليابان والتبت وجد مثيل "للأم والطفل" قبل ميلاد المسيح بزمن طويل ! وهكذا أصبحت أيضاً فكرة "الأم والطفل" في القرنين الرابع والخامس الميلاديين عندما كان مئات الألوف من وثنيي العالم الروماني يقبلون المسيحية التي كانت لها شعبية وقتها ، حاملين معهم عاداتهم وعقائدهم الوثنية القديمة ويخفونها تحت أسماء لها وقع مسيحي ليس إلا ، أصبحت هذه الفكرة أيضاً ذات شعبية كبيرة) . ردة منظمة ؟! إن الأصل الحقيقي لعيد الميلاد إنما يعود إلى بابل القديمة .. إنه جزء لا يتجزأ من الردة المنظمة التي أمسكت بخناق العالم المخدوع طيلة هذه القرون العديدة ! لقد كان المصريون القدماء يؤمنون يوماً بأن ابن ايزيس-وهو الاسم المصري لملكة السماء-ولد في الخامس والعشرين من ديسمبر ، وكان الوثنيون يحتفلون بهذا العيد المشهور في معظم أنحاء العالم المعروف على مدى قرون عديدة قبل ولادة المسيح . إن الخامس والعشرين من ديسمبر ليس هو يوم مولد يسوع .. المسيح الحقيقي ! ويمضي المؤلف فيثبت بالأدلة التاريخية أيضاً أن مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد من باقات نبات الهولى إلى بابا نويل إلى عادة تقديم الهدايا في هذا الاحتفال هي عادات وثنية محضة ! ** سرد رائع مروع لحقيقة الاحتفال بما يوصف بأنه عيد ميلاد المسيح عليه السلام ، نقلناه حرفياً من مصدر كنيسي معاصر صدرت له حتى الآن ثلاث طبعات : 1952-1972-1974 . ولا شك أن القارئ المسلم لهذا السرد التاريخي المثير قد خرج بنتيجة فرعية هي في واقع الأمر أخطر مما قصد مؤلف الكتيب إلى اثباته .. تلك هي حقيقة أن عقيدة التثليث نفسها لا تعدو أن تكون كعيد الميلاد سواء بسواء فكرة وثنية (أخفاها وثنيو القرنين الرابع والخامس تحت اسم له وقع مسيحي) ليس إلا ! ومن يخامره أدنى شك فليقرأ المقال مرة أخرى .. ! ترجمة : محمد مصطفى رمضان . المصدر : مجلة الاعتصام يناير 1980 م باستفادة من منتديات بحريني
__________________
|
#7
|
|||
|
|||
عيد الميلاد في ميزان الإنجيل
ألقى المؤرخ في الديانة المسيحية آندري فواسي يوم الخامس عشر من الشهر الجاري (12/2004م ) محاضرة حول الاحتفالات بأعياد رأس السنة الميلادية بحيث تطرق إلى الأصول التي تسربت منها العديد من المعتقدات الوثنية إلى العقيدة المسيحية. وقد قدم المحاضر لمحاضرته بقوله: إن الله يريدنا اليوم أن نعرف من أين جاءتنا هذه الأشياء. أشياء تسللت من الديانة السابقة والغامضة للبابليين، تلك الديانة التي سادت العالم أجمع تقريبا خلال ألف وخمسمائة سنة، والتي تعود حاليا بقوة تحت مسميات أخرى. وهي تتضمن معتقدات حافظ عليها المجتمع المفروض أنه مسيحي في ممارساته وفي تقاليده، ووصلت إلينا بالتوارُث جيلا عن جيل. إنها أمور علينا أن نعلمها كمسيحيين، ونحن محظوظون لكون الإله جعلنا اليوم نكتشفها. إنها أشياء نستطيع الآن، اليوم، أن نبحث فيها على ضوء الكتب المقدسة، وعلى ضوء المعلومات التي هي الآن متوفرة بكل يسر، يجب حقيقة أن لا تكون للمرء الرغبة في العلم والمعرفة حتى لا يرى الحقيقة بأم عينيه. وعلينا أن نلاحظ أن عدد المسيحيين الذين يكتشفون الحقيقة حول هذا الموضوع فيتوقفون نهائيا عن هذه الممارسات في تزايد. إن المسيحيين الحقيقيين؛ أولئك الذين يسعون بإخلاص إلى نيل رضا ربهم، فيتركون هذه الممارسات بمجرد أن يروا نور الحقيقة حول هذا الموضوع، يقول المحاضر: " وعلينا كذلك أن نعترف بأن هناك حقائق ليس دائما من السهل تصديقها، وربما بعض الأشياء يمكنها أن تكون صادمة لبعض الناس. ولكن إذا كنا حقيقة مسيحيين، وإذا كنا نعبد الله حقيقة، فستكون لدينا الرغبة في معرفة حقيقة ما يريده منا، وكذلك الرغبة الصادقة في الاستجابة لتنفيذ إرادته. فهل أعياد الميلاد(نويل) هي حقيقة أعياد مسيحية؟ هل كنيسة العهد الجديد(الإنجيل)كانت تحتفل بأعياد رأس السنة؟ هل عيسى ابن مريم ولد بالفعل يوم 25 دجنبر؟ ما هو أصل عيد الميلاد؟ ما الذي تقوله التوراة والإنجيل عن هذا العيد؟ ماذا وراء أعياد رأس السنة؟ ما الذي يمثله ''بابا نويل'' حقيقة؟ هل يجوز لمسيحي أن يحتفل بعيد الميلاد؟ هذه فقط بعض الأسئلة من بين غيرها التي يمكن أن نضعها على أنفسنا. ولكن ألم يحدث أبدا أن سأل أحدنا نفسه: -لماذا أفعل هذا؟ -ما الذي يعنيه كل هذا؟ -هل هناك من داع لكل هذه الأشياء؟ ويتوجه ''آندري فواسي'' إلى الحضور بقوله:ربما في قرارة أنفسكم سبق أن أحسستم بحقيقة الجواب عن كل هذه الأسئلة؛ ولذلك تتجنبون وضع مثل هذه الأسئلة. ولكن لتصدقوا أو لا تصدقوا؛ فإن كل العادات التي تحيط بأعياد الميلاد والكثير غيرها من الأعياد المسيحية لا علاقة لها بالمسيح. بل إن الأمر أسوأ من ذلك فهي تعود في أصولها إلى ممارسات دينية وثنية، من الممكن لهذا أن يصدم بعض الأشخاص؛ ولكنها الحقيقة، وما أسهل التدليل عليها. وهناك عشرات الآلاف من الكتب التي تبين ذلك ولكن-ولأسباب متعددة- إما أننا لم يسبق لنا أن أعرناها أي اهتمام، أو هناك من جعلنا لا نعيرها اهتماما، أو لم يسبق لنا أن سمعنا عنها، أو أسوأ من ذلك لا نريد أن نسمع عنها! إنها أشياء نعرفها ولكننا قليلا ما نبحث عن معرفة أجوبة عن أسئلة محرجة مثل: -لماذا نزين شجرة بالشموع والهدايا؟ -لماذا نزين البيوت بالمصابيح؟ -وبالهدايا المعلقة -وبشجيرات الأرز؟ -وخصوصا لماذا نقرن في أعين أطفالنا ''بابا نويل'' بميلاد المسيح؟ ولنحاول الإجابة عن أهم الأسئلة المطروحة. من أين تسربت هذه الطقوس الوثنية إلى الديانة المسيحية؟ وسوف نرى أن العديد من الأشياء التي نقول عنه: ''وما الضرر في ذلك؟'' هي في أغلبها-لو حاولنا معرفة حكم الله فيها-وراء الكثير من الضرر العقيدي، ووراءها ما وراءها من الشرك. الاحتفال بأعياد الميلاد أولا يجب أن نعلم أن كنيسة العهد الجديد لم تحتفل قط بأعياد الميلاد. فلا يوجد إطلاقا أي شيء في مكتوبات الكنائس يدل على أي احتفال من هذا النوع. بل يمكننا القول إن هناك أدلة على أن المسيح لم يولد في الخامس والعشرين من شهر دجنبر؛ ففي إنجيل لوقا، الفقرة الثانية، نقرأ أنه عند ولادة المسيح كان هناك رعاة نائمون في الحقول، وكانوا يحرسون شياههم خلال الليل. ونجد في الكثير من المقاطع في الأناجيل الأربع بأن الرعاة كانوا ينامون في الحقول ويخرجون أغنامهم إلى المراعي خلال الصيف وينامون معها في الحقول ويُدخلونها إلى الزرائب عند أول الأمطار، ومعروف أن أول الأمطار في فلسطين تهطل منذ شهر أكتوبر أو شتنبر. وهذا دليل على أن المسيح ولد قبل دجنبر بكثير.وإذا علمنا أن عادة الاحتفال الديني في الخامس والعشرين من دجنبر كانت معروفة قبل ذلك بكثير عند الديانات الوثنية نفهم لماذا تم الادعاء بأن المسيح ولد في ذلك اليوم. ولماذا الشجرة؟ في الإنجيل كذلك نقرأ :''اسمعوا كلمة الرب الخالد إذ يقول: لا تتعلموا ملل الأمم السابقة، ولا تخشوا علامات السماء التي يخافها هؤلاء الأمم، ذلك أن شعائر الأمم ليست إلا ادعاء'' ونقرأ كذلك:''إنهم أوقفوا تماثيل وعلامات على كل تل عال وتحت كل شجرة خضراء'' والشجرة ذكرت باللغة العبرية القديمة هكذا ''شاهيرة'' وحسب قاموس يفسر التوراة فالأمر يتعلق بشجرة مقدسة كان الوثنيون القدامى يعلقون عليها رموزهم وعلاماتهم. ويقول نفس القاموس: إن الوثنيين القدامى كانوا يحتفلون بالشجرة المقدسة هكذا: ''كانوا يسمونها شجرة الحياة ويعلقون عليها الذهب والفضة وصور وتماثيل الحيوانات وكذلك يزينونها بالشرائط والزهور، ثم يوقدون العديد من الشموع ويحيطونها بها، ويرقصون حول الشجرة احتفالا بالعيد وخلال الرقص يتركون الشموع تحترق إلى الفجر'' ومن هنا جاءت عادة شجرة نويل عند المسيحيين فهل كان الخالق يرى أن لا ضرر في هذه الطقوس الوثنية؟ ولنواصل بحثنا؛ إن نهاية شهر دجنبر كانت تتميز بفترة أعياد دينية كبرى في عالم ما قبل المسيح. ولنتذكر أن الإله ''بعل''( حسب المعتقدات القديمة) الذي هو إله الشمس كان أهم آلهة العالم آنذاك. وبما أنه إلـه الشمس فالاحتفال بميلاده كان ينطلق مع بداية ميول الأيام نحو الطول؛ 25 دجنبر. وكانت الشجرة المقدسة عند البابليين من مظاهر الاحتفال بالإلـه بعل. و قد جاء ذكرالشجرة في الإنجيل باللغة العبرية القديمة''شاهيرة'': ''ونصبوا تماثيل وعلامات ''شاهيرة'' على كل التلال العالية وتحت الشجر الأخضر''. أما بابا نويل بشكله الحالي وبهداياه للأطفال فلم يتم إدماجه في المعتقد المسيحي إلا في بداية ثلاثينات القرن العشرين. فقد تم ابتداع هذه الشخصية ذات اللباس الأحمر والأبيض وتم الترويج له من طرف شركة ''كوكاكولا''. وهي التي دفعت في اتجاه تعميمه بحيث أصبحنا نراه في مختلف بلاد العالم، حتى الإسلامية. ولا زالت مزايا ''بابا نويل'' وعطاياه للأطفال وكذلك قدراته العجيبة يتم الترويج لها بشكل مكثف من طرف السينما العصرية. فكيف تم إدماج هذا الخليط من المعتقدات الوثنية والمسيحية في دين واحد؟ الأمر يرجع إلى الإمبراطو''كونستانتان العظيم'' الذي كان يعي جيدا الدور الذي كان يلعبه الدين في روما القديمة. وقرر منح دين المسيح الذي حاربته روما طويلا مكانة دين رسمي في الإمبراطورية، بعد أن تكاثر أتباعه من الرومان أنفسهم؛ وهكذا جلب الأمن الداخلي للإمبراطورية.وأرغم ''كونستانتان'' جميع وثنيي بلاده على اتخاذ أسماء مسيحية بما أن الدين الجديد أصبح هو الدين الرسمي للدولة. وتبعا لذلك أصبح من الضروري توحيد الديانتين حتى يتجنب النزاعات والصراعات التي قد تؤدي إلى حرب أهلية. فكان مؤتمر ''نيقا'' الشهير في سنة 325 بعد الميلاد الذي حضره الرهبان من الجانبين وتم فيه الاتفاق على المزج بين الديانتين بإدخال عقائد قريبة من الشرك في الدين الموحد مثل عقيدة التثليث وغيرها من العقائد. فأصبحت بذلك كنيسة روما تعج بالرهبان الوثنيين الذين أصبحوا يحملون أسماء مسيحية ويتبعون المسيح الذي حرفت ديانته. فكانت فرصتهم لتمسيح عقيدتهم الوثنية. وهكذا تم إدماج المعتقدات والشعائر التعبدية البابلية. وكانت الكنيسة الرومانية بقيادة ''كونستانتان العظيم'' مؤهلة لتبني الممارسات الوثنية حتى تجعل من دين المسيح دينا مستساغا لدى الوثنيين الذين كانوا كثرا كذلك. فـ ''كونستانتان'' كان يستعمل الدين كوسيلة سياسية *****ة تماما من روحها الحقيقية؛ وهكذا أخذت الشعائر والمعتقدات الوثنية أسماء مسيحية. هذا هو أصل الاحتفالات التي ما أمر الله ولا المسيح بها حسب المؤرخ والمفكر ''آندري فواسي'' ترجمة : إبراهيم الخشباني . المصدر : مجلة التجديد الإسلامية
__________________
|
#8
|
|||
|
|||
موقف القرآن من مولد عيسى عليه السلام
الله - سبحانه وتعالى - يصطفي رسلَه من بين خلقِه، هذا الاصطفاء يقتضي أن يكونَ الرسول أشرف الناس نسبًا، وأطهرهم قلبًا، وأزكاهم نفسًا، وأرجحهم عقلاً، بحيث يخلو من أي خلل ينتقص به، أو أمر يعاب عليه. وحديث القرآن الكريم عن مريم - وهي أم نبي من أنبياء الله تعالى - حديث مفعم بالأدب، فهو يتحدَّث عن عفَّتها وبراءتها التامة مما رماها به اليهود. أما عن الاصطفاء والطهارة، فيقول -تعالى-: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42]، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: "قال رسول الله - صلى اله عليه وسلم -: ((كَمُل من الرجال كثير، ولم يَكمُل من النساء إلا مريم بنت عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم، وفضل عائشة على النساء كفضل الثَّرِيد على سائر الطعام))؛ [أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة - رضي الله عنها - حديث رقم (3769)]. وأما عن عفَّتها وبراءتها من الفاحشة، فيقول -تعالى-: ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12]، وقال أيضًا: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 91]، ويَلعَنُ اليهودَ بكفرهم وافترائهم على مريم البهتان، فيقول: ﴿ وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 156]؛ فقد استحقوا اللعنةَ بكفرهم وافترائهم على السيدة العذراء بهتانًا عظيمًا، وهو الزنا؛ [حقيقة العلاقة بين اليهود والنصارى، ص109 - 110، بتصرف]. الحمل بالمسيح وولادته: حَمَلت العذراء البَتُول مريمُ بالسيد المسيح - عليه السلام - وهو الأمر الذي اجتباها الله له، واختارها لأجله، ولقد فُوجِئت به؛ إذ لم تكن به عليمة، فبينما هي قد انتَبَذت من أهلها مكانًا شرقيًّا، أرسل الله إليها ملكًا تمثَّل لها بشرًا سويًّا؛ كما قال -تعالى-: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ﴾ [مريم: 16 - 23]. حملت السيدة مريم البتول بعيسى - عليه السلام - من غير أبٍ، ثم ولدتْه ولم تبيِّن الآثارُ مدَّة الحمل، ولما ولدتْه وخَرَجت به على القوم كان ذلك مفاجأةً لهم، سواء في ذلك مَن يعرف نُسُكها وعبادتها ومَن لا يعرف؛ لأنها فاجأتهم بأمر غريب، وهي المعروفة بينهم بأنها عذراء، ليس لها بَعْل، فكانت المفاجأة داعيةَ الاتهام؛ لأنه عند المفاجأة تذهب الرؤية، ولا يستطيع المرء أن يقابل بين الماضي والحاضر، وخصوصًا أن دليل الاتهام قائم، وقرينتُه أمر عادي لا مجال للريب فيه عادة، ولكن الله - سبحانه وتعالى - رحِمها من هذه المفاجأة، فجعل دليل البراءة من دليل الاتهام، لينقض الاتهام من أصله، ويأتي على قواعدِه، ويفاجئهم بالبراءة وبرهانها الذي لا يأتيه الريب؛ ليُعِيد إلى ذاكرتهم ما عَرَفوه من نسكها وعبادتها، ولذلك نطق الغلام، وهو قريب عهد بالولادة: ﴿ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 29 - 33]. ومع ذلك أكثر اليهود فيه وفي أمه القولَ، وكانوا يسمونه ابن البَغِيَّة! ومع أن العهد القديم بشَّر بالمسيح، لكن لما بعثه الله إلى اليهود كَفَروا به، وكذَّبوه، واتَّهموه، وحاربوه؛ [معالم النصر على اليهود، د/ سعد المرصفي، ص52، بتصرف]. ولكن السمو الذي يتحلَّى به الإسلام انتصارًا للحق في الدفاع عن السيد المسيح وأمه مريم - عليهما السلام - مما ألصق بهما اليهود زورًا وبهتانًا، لذلك أورد القرآن الكريم كل هذه الآيات في حق عيسى - عليه السلام - وأمه مما أشرنا إلى بعضها؛ فهذه مريم ذُكِرت 37 سبعًا وثلاثين مرة، وقد ذكر المسيح أكثر من "50" خمسين مرة. ومكانة "عيسى" - عليه السلام - وأمه في الإسلام معروفةٌ، لا يصح إيمانُ عبدٍ إلا بالشهادة له؛ كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((مَن شَهِد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبدُ الله ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمتُه ألقاها إلى مريم، وروح منه، وأن الجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل))؛ [متفق عليه]. فما معنى الروح التي ذُكِرت في الآيات أو الأحاديث؟ في مثل قوله -تعالى-: ﴿ فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ﴾ [مريم: 17]، فهي هنا بمعنى (جبريل)، وفي قوله -تعالى-: ﴿ وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 91]، بمعنى: القوة التي تُحدِث الحياة في الكائنات، وهي التي عناها الله - سبحانه - بقوله: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ [الإسراء: 85]؛ فهي من علم الله، وأن الله - سبحانه - خصَّ نفسه بمعرفة كُنْهِها، وهو وحدَه الذي يمنحها القوة، فتدب الحياة في أصحابها، أو يأخذها فتصبح الأجسام هامدة، وهذه القوة التي أودعها الله - عز وجل - في آدم، وهي بلغة القرآن: "النفخ فيه من روح الله"، قال -تعالى-: ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 29، ص:72]؛ أي: أودعته القوة التي لا يعرفها ولا يسيطر عليها سواه، فجاء آدم. وأودع هذه القوة رَحِم مريم العذراء التي أحصنتْ فرجها والتزمتِ العفاف وعدم مخالطة الرجال، ونتيجة لنفخ روح الله في رحم مريم؛ أي: إيداع الله القوة التي تخلق الكائن الحي في رحم السيدة العذراء - جاء السيد المسيح، ومن هنا تجيء الآية الكريمة: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]، كما قال الله -تعالى- عن *** الإنسان: ﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ ﴾ [السجدة: 9]. وأيضًا، فإن الله -تعالى- أعطى لعيسى - عليه السلام - هذه القوة ليستعملَها - كمعجزة أمام بني إسرائيل - في هيئة الطير التي صنعها من الطين، ثم نفخ فيها فأصبحت طيرًا - بإذن الله؛ كما قال -تعالى-: ﴿ وَرَسُولًا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 49]. وما معنى النفخ الوارد في الآيات؟ قال الباحثون المسلمون: إن معنى النفخ هو تحصيل آثار الروح؛ أي: أن تدبَّ الحياة في الأجساد، ويقولون: إن مَنْح الله القوة في كل الأرحام ضروري للحمل والحياة، وإن كثيرًا من الأزواج يلتقون بزوجاتهم، ولا يحصل حملٌ مدَّةً من الزمن؛ لأن الله - سبحانه - لم يمنحْ هذه القوة التي يبدأ بها الحمل، أو تبدأ بها الحياة، ثم يتفضَّل الله عندما يشاء، فيمنح هذه القوة ويبدأ الحمل، ومعنى هذا أن نفخ الروح في الأرحام ضروري لكل البشر، وإنما ورد النص في حالتي آدم وعيسى؛ لأن الخلق في آدم، والحمل في عيسى جاءا بغير الطريق الطبيعي، ولكن بالنسبة لله - سبحانه وتعالى - تستوي كل الطرق. ولعله يرتبط بهذا ما ذكره ابن هشام حول تفسير قوله -تعالى-: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [آل عمران: 6]؛ فإنه يذكر أن عيسى - عليه السلام - كان ممَّن صوِّر في الأرحام كما صوِّر غيره من بني آدم؛ [سيرة ابن هشام، ج2، ص161، نقلاً عن كتاب المسيحية د/ أحمد شلبي، ص39]. وعلى هذا، فكلمة النفخ التي تكرَّر ورودها في القرآن الكريم متصلة بخلق آدم، أو بخلق عيسى - عليهما السلام - أو بخلق طيرٍ من الطين، أو متصلة بالنفخ في الصور، نذكر أن المفسرين يرون أن معنى النفخ هو تحصيل آثار الروح؛ أي: أن تدبَّ الحياة، فهو تسلط الإرادة بالحياة في حالة آدم وعيسى، وهيئة الطير التي أعدها عيسى، وتسلط الإرادة بالبعث يوم القيامة، وكلمات المفسرين التفصيلية هي: أصل النفخ: إجراء الريح في تجويف جسم آخر، ولما كان الروح يتعلق أولاً بالبخار اللطيف المنبعث من القلب، وتفيض به القوة الحيوية فيسري حاملاً لها في تجويف الشرايين إلى أعماق البدن، جعل التعلق بالبدن نفخًا، والمقصود تعلق الإرادة على كل حال. وعلى هذا فخلق عيسى على هذا النمط هو على نمط خَلْق آدم، وخلق الطائر من الطين الذي جعله عيسى على هيئة الطير، وهو تصرف لا يحتاج لجهد، ولكن المسيحيين عندما اتخذوا ذلك وسيلة لتأليه "عيسى" عقدوا الأمور، وصوروا عيسى ابن الله، والله - سبحانه - لم يَلِدْ ولم يُولَد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ"؛ [المسيحية، د/ أحمد شلبي، ص38 - 41]. وأين هذا من قدرته -تعالى- القائل: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾؟ [النحل: 40]. ولذلك فكما بيَّنا معنى "الروح" و"النفخ"، نذكر معنى الكلمة التي وردت في قوله -تعالى-: ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171]، والكلمة هي كلمة التكوين، أن يقول للشيء: "كن" فيكون، وهذا استئناس بالإنجيلِ في موقفه الذي يتفق مع القرآن في قصة مولد عيسى - عليه السلام - حيث يشترك الإنجيل مع القرآن في تبرئة أم عيسى مما رماها بها اليهود، من فاحشة وخيانة، فتذكر الأناجيل أن أم عيسى قد حملت به قبل أن تتصل بيوسف النجار، وأن حملها تم وهي ما زالت بكرًا لم يقربها إنسان. يقول متى: "أما يسوع المسيح، فقد تمَّت ولادته هكذا: كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف، وقبل أن يجتمعا معًا، وجدت حُبْلى من الروح القدس، وإذ كان يوسف خطيبها بارًّا ولم يُرِدْ أن يشهِّر بها قرَّر أن يتركها سرًّا، وبينما كان يفكر في الأمر إذا ملاك من الربِّ قد ظهر له في حلم يقول: يا يوسف بن داود، لا تخفْ أن تأتي بمريم عروسك إلى بيتك؛ لأن الذي هي حبلى به إنما هو من الروح القدس، فستلد ابنًا وأنت تسميه "يسوع"؛ لأنه هو الذي يخلِّص شعبه من خطاياهم، حدث هذا كله ليتم ما قاله الرب بلسان النبي القائل: ها إن العذراء تحبل وتلد ابنًا...، ولما نهض يوسف من نومه فعل ما أمر به الملاك الذي من الرب، فأتى بعروسه إلى بيته، ولكنه لم يدخل بها حتى ولدت ابنًا فسمَّاه يسوع"؛ [متى، إصحاح، 1 (18 - 25) بتصرف]. وكذلك نص إنجيل لوقا ببراءة مريم بكلام قريب المعنى من هذا، لكنْ فيه تفصيل كثير؛ [لوقا، إصحاح، 2 (1 - 40)]. فالأناجيل كلُّها تتفق على براءة مريم العذراء مما افتراه يهود، وكما قال الله -تعالى-: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]. إن مَن يرى قدرة الله -تعالى- في خلق آدم - عليه السلام - من تراب، ومن غير أب ولا أم، لا يتعجَّب من خلق عيسى من أمٍّ دون أب، فإن الذي خلق آدم من غير أب ولا أم، وخلق حواء من غير أم، قادرٌ على أن يخلق عيسى من غير أب، وما العجب في ذلك؟! وقد تنوعت دلائل قدرته -تعالى- فخلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر دون أنثى، وخلق عيسى من أنثى دون ذكر، وخلقنا جميعًا من ذكر وأنثى، فتمت دلائل قدرته - سبحانه وتعالى - وذلك كله ليس بشيء إذا قيس إلى قدرته -تعالى- في خلق السموات والأرض، كما قال: ﴿ لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57]، ودلائل قدرته -تعالى- في سائر المخلوقات والأشياء: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا ﴾ [فاطر: 44]. وإنَّ خَلْق عيسى من غير أب ليس بأعجب من خلقنا نحن من نطفة أو من ماء مهين، فسبحان الله: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]، إن خلق عيسى - عليه السلام - من أنثى بلا ذكر معجزة إلهية، أراد الله -تعالى- أن يُعلِمَ بها بني إسرائيل - وغيرهم - أن قدرته لا تتوقَّف في الخلق على تزاوج ذكر وأنثى، ولا تتوقف على الأسباب المادية، وإنما الله -تعالى- قادر على أن يخلق بأسباب، وبغير الأسباب، بل وبضد الأسباب، ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 82 - 83].
__________________
|
#9
|
|||
|
|||
عيسى عليه الصلاة والسلام
هو سيدنا المسيح عيسى بن مريم بنت عمران، روحُ الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وآخرُ أنبياء بني إسرائيل؛ نسبه هو نسب أمه لأنه مولود من غير أب. أما عن نسبه في الإنجيل ففي كل من سفري متى(1/18) ولوقا(1/34) نجد إقرارًا بميلاد عيسى المعجز. لكن نجد إلى ذلك أيضًا أن عيسى هو ابن يوسف النجار[1] كما في متى(1/16، 13/55) ولوقا(3/23). و يجعلون له إخوة وأخوات، كما في متى(13/55 -56) ولوقا(8/19) ومرقس(3/31) إلى غير ها من التناقضات مما سنقف على بعضها لاحقًا. السيدة مريم: كان عمران، والد مريم من علماء بني إسرائيل، وكانت زوجته عقيمًا لا تنجب، فنذرت إن هي حملت لتجعلن ولدها محرَّرا لله تعالى خالصًا لخدمة بيت المقدس. فحملت بمريم فلما وضعتها رأت أنها أنثى، وكانت ترغب بذكَرٍ ليخدم بيت الله، لكن الله تقبل مريم وحفظها ورعاها وذريتها من الشيطان[2]. وبعد وفاة عمران أصبحت مريم في كفالة زكريا، زوج خالتها الذي اتخذ لها مكانًا في المسجد تعبد الله فيه. عاشت مريم عيشة طُهرٍ وعفاف طيلة حياتها، وكانت تقوم بواجبها تجاه المسجد من خدمة ورعاية. وكان زكريا كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقًا [3]، فيسألها من أين لك هذا؟ فتجيب بأنه من عند الله تعالى. ﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ * فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [آل عمران: 35 - 37]. و من دلائل إكرام الله تعالى لها أن الملائكة كانت تأتي إليها لتنبئها بأنها ذات مكانة سامية وقدر عالي المقام لأنها مطهرةٌ عن الرجس والدنس ومصطفاة على نساء العالمين. وطلبت منها الملائكة أن تخضع لربها وتستسلم له وتجتهد في عبادته ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ * يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ [آل عمران: 42، 43]. التزمت السيدة مريم بما طلبته منها الملائكة، فكانت عابدة قانتة لربها وحافظة لفرجها ﴿ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ﴾ [التحريم: 12]. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران،و آسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد»[4] ميلاد عيسى المعجز: ﴿ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ * وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 46]. بشرت الملائكة مريم بأنه سيكون منها ولد من صفاته أنه ذو مكانة في الدنيا والآخرة، من المقربين، يكلم الناس في المهد والكهولة، وهو من الصالحين. و في يوم ما كانت مريم بعيدة عن أهلها وقومها فأرسل الله إليها جبريل على هيئة بشر، ففزعت منه وقالت له: إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا. أما إن كنت فاسقًا خبيثًا فأعوذ بالجبار منك. فطمأنها جبريل وأخبرها بأنه ملك أرسله الله ليهب لها ولدا طاهرًا. فما كان من مريم إلا العجب والاستغراب، إذ هي ما تزال بكرًا ولم يمسها رجل قط. فأجابها بأن هذا الأمر سهلٌ على الله الذي إذا قضى أمرًا فإنما يقول له: كن فيكون. وتم الحمل بإذن الله تعالى.[5] يشير القرآن الكريم إلى ذلك بقوله: ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا * قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا * قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا * فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا * فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا * فَنَادَاهَا[6] مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا * وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا * فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ﴾ [مريم: 16 - 26]. وقد جاء في إنجيل لوقا(2/1-6) ولد عيسى في بيت لحم[7]، في مَعْلَفٍ للدواب لأن مريم لم تجد منزلًا تأوي إليه[8]. و تحدثنا الآيات الكريمة في سورة مريم عن الأحداث التالية لولادتها عيسى: ﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا * يَا أُخْتَ هَارُونَ[9] مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا * فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا * وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ﴾ [مريم: 27 - 33]. ولما بلغ عيسى من العمر ثمانية أيام حملته أمه إلى الهيكل فختن، وسمي بدءا من تلك اللحظة يسوعًا، كما في لوقا(2/21). نشأته وحياته قبل النبوة: عاش عيسى وأمه في منطقة وصفها القرآن بأنها مكان مرتفع ذو قرار ومعين ﴿ وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ﴾ [المؤمنون: 50] اختلف المفسرون في تحديد الربوة: دمشق، أو الرملة في فلسطين، أو بيت المقدس، أو مصر. والسبب في ترك بيت لحم هو أن هيرودس أمرَ ب*** كل طفل في بيت لحم، فأمر يوسف النجار في المنام أن يذهب بالطفل وأمه إلى مصر، فأخذهما إلى هناك وأقاموا فيها إلى أن هلك هيرودس، فأمر يوسف أن يرجع بعيسى وأمه إلى ديارهما لأن اللذين كانوا يطلبون ***ه قد هلكوا، فرجع بهما إلى اليهودية وكان عيسى حينئذ قد بلغ من العمر سبع سنين. ولما سمع يوسف أن أرخيلاوس بن هيرودس كان حاكمًا في اليهودية ذهب إلى الجليل لأنه خاف أن يبقى في اليهودية فأخذهم إلى الناصرة، فنما الصبي في النعمة والحكمة أمام الله والناس. ولما بلغ عيسى ثنتي عشرة سنة صعد مع يوسف ومريم إلى أورشليم ليسجد هناك حسب شريعة الرب المكتوبة في كتاب موسى، ولما تمت صلواته انصرفوا بعد أن فقدوا عيسى لأنهم ظنوا أنه عاد إلى الوطن مع أقربائهم. فلما لم يجدوه رجعوا إلى أورشليم يبحثان عنه بين الأقارب والجيران، وفي اليوم الثالث وجدوه في الهيكل وسط العلماء يحاجّهم في أمر الناموس. وقد أعجب الناس بأسئلته وأجوبته قائلين: كيف أوتي مثل هذا العلم وهو حدث ولم يتعلم القراءة؟ فلما رأته مريم ***ته قائلة: يا بني! ماذا فعلت بنا، فقد نشدتك وأبوك ثلاثة أيام ونحن حزينان. أجاب عيسى: ألا تعلمين أن خدمة الرب يجب أن تقدم على الأم والأب. ثم نزل عيسى مع أمه ويوسف إلى الناصرة وكان مطيعًا لهما بتواضع واحترام.[10] وفيما وراء هذا يصمت التاريخ تمامًا عن حياة عيسى الممتدة بين ثنتي عشرة والثلاثين عامًا. نبوته ودعوته: لما بلغ عيسى الثلاثين جاء إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام واعتمد منه في الأردن، ثم نزل عليه الروح القدس مثل حمامة، ثم بعد ذلك خرج عيسى إلى البرية وصام فيها أربعين يومًا لا يأكل ولا يشرب[11]. كان بنو إسرائيل غارقين في الضلال ومنحرفين عن المنهج الرباني القويم المنزل على موسى. فأرسل الله عيسى إليهم ليردهم إلى الدين الحق. فقام سيدنا عيسى يبلغ قومه أوامر الله ونواهيه وطلب منهم أن يرجعوا إلى صراط الله المستقيم ويخلصوا في عبادتهم لله. وذكر لهم أنه قد أنزل عليه تشريعات جديدة، في بعضها تحليل لما كان حُرّم عليهم في شريعة موسى عليه الصلاة والسلام والرسل من بعده. قال الله تعالى ﴿ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ [آل عمران: 50-51]. وأيد الله عبده ورسوله عيسى بمعجزات مصداقًا وتأييدا لدعوته، كما سنقف عليها لاحقًا. رزق الله عيسى، كما هو الشأن مع سائر الأنبياء، فطانة ظاهرة وحجة باهرة في مناقشة الخصوم، فقد جادل الصدوقيين وهم فرقة من اليهود تنكر اليوم الآخر والحساب والعقاب وما إلى ذلك[12]، فأفحمهم بالحجة. كما جادل الرؤساءَ الدينيين اليهود المنحرفين في مفاهيمهم وتطبيقاتهم عن أصول الشريعة الربانية، فحاج عيسى الفريسيين (وهم المنقطعون للعبادة)[13] والكتبة(وهم الوعاظ وكتّاب الشريعة لمن يطلبها) والكهنة( وهم خدمة الهيكل) وكانت حججه دامغة.[14] وكما هو شأن بني إسرائيل مع رسلهم السابقين فقد كذب عيسى أكثرُهم وما آمن معه إلا قليل. وهؤلاء القليل هم المعروفون بالحواريين: أصحاب عيسى وتلاميذه، عدتهم اثنا عشر رجلاً.[15] ﴿ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 52]. الإنجيل: أصل الإنجيل مأخوذ من الكلمة اليونانية Evangelos التي تعني البشارة، ويخبرنا القرآن الكريم أن الله تعالى آتى سيدنا عيسى إنجيلًا فيه هدى ونور (المائدة: 46). ونعلم على وجه اليقين أن الإنجيل تضمن الأمور الآتية: • التصديق بالتوراة والموعظة للمتقين (المائدة:46). • الأحكام والشرائع الربانية. (آل عمران:50-51، المائدة: 47). • البشارة بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وذِكُرُ بعض صفاته. (الأعراف: 157). • صفة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -. (الفتح:29). • وكذاك تضمن الحث على الجهاد بالمال والنفس. (التوبة:111)[16]. لكن السؤال الهام هو أين هذا الإنجيل؟ هل فقد أم ما يزال موجودًا؟ هل هناك صلة ما بينه وبين الأناجيل التي بين أيدينا؟ هل وجد أناجيل أخرى؟ فيما يأتي محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها. أولًا: الكتاب المقدس يتضمن العهد القديم: كتاب اليهود المقدس الذي يحتوي على 39 سفرًا، يطلق على الأسفار الخمسة الأولى التوراة مجازًا مع أنه لا صلة بينها وبين توراة موسى عليه الصلاة والسلام.[17] والعهد الجديد، وهو قسمان: الأول: الأسفار التاريخية وتتضمن: 1- الأناجيل الأربعة (متى ومرقس ولوقا ويوحنا). وهي تتحدث عن قصة مريم وسيدنا عيسى والأحداث التي مرت عليه منذ الولادة حتى نهاية حياته في الأرض. 2- رسالة أعمال الرسل المنسوبة إلى لوقا صاحب الإنجيل، وفيها كلام حول معلمي المسيحية وخاصة بولس أستاذ لوقا. أما القسم الثاني وهو الأسفار التعليمية فيتضمن إحدى وعشرين رسالة تعنى بالوعظ والإرشاد والتعليم. وقد كتبت جميعًا باليونانية. ثانيًا: كان هناك أناجيل كثيرة أخذت بها فرق مسيحية وآمنت بصحتها، واستمر الوضع على ما هو عليه إلى أن اختيرت الأناجيل الأربعة الحالية في مؤتمر نيقية[18] عام 325م على أنها الأسفار الوحيدة المعتمدة وألغي ما عداها بل صودر وأحرق لأنها فقط خالفت الآراء التي تبناها المجمع بسيف الإمبراطور قسطنطين.[19] إذن إن اختيار الأسفار الأربعة دون غيرها إنما مردّه لمصالح وأهواء، ولم يكن أبدًا بسبب أنها موثقة أو صحيحة أو ذات سند صحيح متصل بعيسى أو لأن النصارى كلهم أو جلهم قد أقروها. ومن يدري ربما كان من بين الأسفار التي صودرت أو أحرقت إنجيل سيدنا عيسى أو إنجيل آخر يدنو منه. ثالثًا: أسفار العهد الجديد كافةً كتبت بعد عيسى بزمن، وليس بينها وبين عيسى سند. ومؤلفوها إنما اعتمدوا على الأقاويل ووعلى ذاكرة من حولهم بعد وقوع الأحداث بسنين لأنهم لم يشهدوها بأنفسهم. والسبب الرئيس في فقد السند هو الاضطهاد المرير الذي وقع على المسيحيين منذ رفع عيسى حتى أوائل القرن الرابع الميلادي. كان الاضطهاد يجري على أيدي حكام الإمبراطورية الرومانية (نيرون، تراجان، ديكيوس، دقلديلنوس). فقد ذاق المسيحيون في تلك الفترة جميع ألوان العذاب وأشكاله: قُتل منهم أعداد من الكثرة بمكان، سجن أساقفتهم ورعاتهم، أحرقت كتبهم، هدمت كنائسهم. إلخ وإن جلّ ما تعرضوا له يحمل وزره اليهودُ الخبثاء الذين كادوا لهم كيدًا ومزقوهم شر ممزق. وهذا الاضطهاد قاد إلى فقدان المسيحيين الكثيرَ من كتبهم وجعل ديانتهم نهبًا للضياع والتحريف والأفكار الوثنية الهلنستية[20]. رابعًا: إن أسفار العهد الجديد تقدم تاريخًا ناقصًا ومشوهًا للمسيح عليه السلام، وقد تبيّن للعلماء والباحثين بالأدلة والبراهين وجود أغلاط وأخطاء وتناقضات كثيرة[21]. أضف إلى هذا الاختلافَ الواضح والعميق حول مؤلفي الأسفار ومترجميها وتاريخ كتابتها.[22] وهذا كله إنما يعضد بقوة الإسلامَ في اعتقاد أن كتب العهد الجديد -وكذا القديم - قد حرفت وبدلت وأضيف إليها وحذف منها.[23] ولذلك لا يصح الاعتقاد بأيّ من هذه الكتب على أنها من عند الله. وإليك عددًا من الكتب المهمة التي تقدم كثرة كاثرة من الأدلة والبراهين التي تثبت أن الكتاب المقدس ما هو في جله إلا صنعة بشرية لا ربانية: • إظهار الحق: رحمة الله الهندي. دار الجيل: بيروت 1988. وهو كتاب عظيم في موضوعه. • دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة: موريس بوكاي. دار الأفكار: بيروت. 1991. • العقائد الوثنية في الديانة النصرانية. محمد طاهر التنير: كراتشي: باكستان 1414هـ. أقام المؤلف مشابهات مهمة جدًا بين نصوص تكاد تكون حرفية حول اعتقادات وثنية قديمة (التثليث، والألوهية، والصلب، والتعميد) وبين النصرانية. وإن العجب ليستولي على القارئ عندما يقف على المقارنة المعقودة بين ما يقوله الهنود الوثنيون عن كرشنة وبوذا وبين ما يقوله المسيحيون عن المسيح، ص 93-121! فالشبه بينهما يكاد يكون في جميع الوجوه حَذْوَ القُذَّةِ بِالقُذِّةِ. • كتبُ الشيخ أحمد ديدات ومناظراتُه الشهيرة، التي زال فيها ليلُ الشكِّ بصبح اليقين. • المدخل لدراسة التوراة والعهد القديم. محمد علي البار: دار القلم: دمشق، والدار الشامية: بيروت 1990. • المسيحية والإسلام والاستشراق: محمد فاروق الزين. دار الفكر ط3 2003. • ينابيع المسيحية: خواجه أفندي كمال الدين. تعريب إسماعيل حلمي البارودي. منشورات لجنة المحققين: لندن 1991. • Ancient Pagan and Modern Christian Symbolism. Thomas Inman.2nd ed. (Leeds: Celephaïs Press, 2004). "الرمزية المسيحية القديمة الوثنية والمعاصرة": توماس إنمان. • Bible Myths and Their Parallels in Other Religions. T. W. Doane. Fourth Edition,1882. "أساطير الكتاب المقدس وشبيهاتها في الأديان الأخرى" دوان. • The Mythmaker: Paul and the Invention of Christianity. Hyam Maccoby. (Barnes & Noble Books 1986). "صانع الأسطورة: بولس وتلفيق المسيحية". هيام ماكوبي. • Whose Word is it? The Story Behind Who changed the New Testament and Why. Bart D. Ehrman. (London: The Continuum, 2008). خامسًا: بناء على ما ذُكر ليس إنجيل عيسى المشار إليه في القرآن الكريم واحدًا من هذه الأسفار الحالية إطلاقًا، لكن لا يمنع أنها فيها بعضًا من تعاليم عيسى وأقواله. فقد وجد بعض العلماء حديثًا أنه كان هناك سفر غير قصصي يسمى "سفر الأقوال" يفترض أنه اشتمل على مجموعة وافية من الأحاديث التي تكلم بها عيسى، واستنبطها العلماء من سفري متى ولوقا ورمزوا إليها بحرف Q (من الألمانية Quelle بمعنى المنبع والمصدر)[24]. البشارة بالنبي محمد - صلى الله عليه وسلم -: ينص القرآن الكريم على بشارة سيدنا عيسى بالنبي محمد عليهما الصلاة والسلام ﴿ وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ﴾ [الصف: 6] جاءت البشارة بالنبي بلفظ "أحمد" في إنجيل برنابا[25] أكثر من مرة، وهو من الأناجيل غير المعترف بها عند معظم النصارى[26]. وبلفظ "الفارقليط" في إنجيل يوحنا.[27] والفارقليط مأخوذ من الكلمة اليونانية بارا كلي طوس Paraklētos التي تعني: المعين، الشافع، المعزّي، الوكيل. أو بيركلو طوس التي معناها يدنو من معنى محمد أو أحمد. وقد أتى العلامة رحمة الله الهندي بالأدلة والبراهين على أن الفارقليط-بمعانيها جميعًا- تصدق على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -[28]. مسألة الصلب: بقي عيسى يجاهر بدعوته ويدل بني إسرائيل على الله ويأمرهم بالاستقامة ويبين فساد طريقهم إلى أن ضاقوا به ذرعًا، فاجتمع عظماء اليهود وأحبارهم فقالوا: إنا نخاف أن يفسد علينا ديننا، ويتبعه الناس، فقال لهم قيافا – رئيس الكهنة: لأن يموت رجل واحد خير من أن يذهب الشعب بأسره، فأجمعوا على ***ه، فسعوا به لدى الحاكم الروماني، وزينوا له شكواهم منه، وربما صوروا له دعوة عيسى الدينية بصورةٍ سياسيةٍ تريد تقويض الحكم القائم، وزعموا له أن عيسى يسعى لأن يكون ملكًا على اليهود، وينادي بذلك. وما زالوا بالحاكم حتى حملوه على أن يقرر أن يتخلص من عيسى عليه السلام ب***ه وصلبه، على طريقتهم التي كانوا يفعلونها فيمن يحكمون عليه بال***[29]. وعلم عيسى عليه السلام بمكر القوم به، وعزم الحاكم على ***ه، فاختفى عن أعين الرقباء، حتى لا يعرف أعداؤه من اليهود مكانه فيقبضوا عليه. قالوا: ودخل المسيح إلى (أورشليم) على حمار، وتلقاه فيها أصحابه، فقال المسيح لهم: إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلمني. وبعد أن أوصى المسيحُ تلاميذه بأمور ذهبوا إلى المكان الذي يجتمعون فيه، وكان يهوذا بن سمعان الأسخريوطي -أحد الحواريين- يعرف ذلك الموضع فلما رأى الشُرَط يطلبون المسيح دلهم على مكانه مقابل دريهمات معدودات جعلوها له قالوا: وكانت ثلاثين درهمًا، فما دخلوا المكان الذي فيه المسيح، ألقى الله شبهه على مَن دلّهم على مكانه من الحورايين وهو (يهوذا الأسخريوطي) فاحتملوا الشبه وصلبوه و***وه وهم يظنونه عيسى عليه السلام، ورفع الله سيدنا عيسى إليه[30]. قال الله تعالى في هذا الشأن ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 157 - 159] وجاء في آية أخرى حول رفع عيسى ﴿ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ [آل عمران: 55][31]. ولم أتعرض هنا للتناقضات والإشكالات التي وقعت فيها الأناجيل حول مسالة الصلب، وأنصح بالرجوع بشأنها إلى كتاب الداعية أحمد ديدات "صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء"[32] وإلى الفصل المهم الذي عقده المرحوم محمد فاروق الزين في كتابه "المسيحية والإسلام والاستشراق". معجزات عيسى: أرسل الله سيدنا عيسى إلى قوم عرفوا بمهارتهم في الطب، فأجرى الله على يديه معجزات باهرات تشاكل نوع مهارة قومه بحسب الصورة ولكن بمستوى لا يستطيع الطب بالغًا ما بلغ أن يصل إليه أو يدانيه: المعجزة الأولى: أنه يخلق من الطين كهيئة الطير، فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله. المعجزة الثانية: أنه يمسح على الأكمه-من ولد أعمى- فيبرئه بإذن الله. المعجزة الثالثة: أنه يمسح على الأبرص فيشفيه بإذن الله. المعجزة الرابعة: أنه يحيي الموتى بإذن الله. المعجزة الخامسة: أنه ينبئ الناس بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم. المعجزة السادسة: كفُّ الله بني إسرائيل عنه حين أرادوا ***ه، وإلقاء شبهه على من دل على مكانه ثم رفعه إليه. المعجزة السابعة: طلب الحواريون من سيدنا عيسى أن ينزل عليهم مائدة من السماء ليأكلوا منها ولتطمئن قلوبهم بالإيمان. فدعا عيسى ربه فأنزل عليه المائدة التي طلبوها. جميع هذه المعجزات نص عليها القرآن الكريم (المائدة: 110-115) أسماء عيسى وألقابه: ينسب إلى سيدنا عيسى - في الكتاب المقدس- كثير من الأسماء والألقاب التي في بعضها تناقض لا مرية فيه، مثل: ابن الله، ابن يوسف، ابن الإنسان، نبي، الرب، حمل الله، المخلص، ابن داود، الابن الوحيد، الباب، الإله القادر على كل شيء، صورة الله، قوة الله إلخ [33]. يقول الدكتور محمد فاروق الزين: "لا يمكن تبرير الألقاب الفخمة والمتناقضة والمتطرفة التي نسبوها إلى عيسى المسيح إلا بالعودة إلى فكر مؤلفي الأسفار ومنقّحيها والطريقة التي كتبت وتطورت بها الأسفار، وتطورت النظريات اللاهوتية التي جاء بها بولس في مناخ من الثقافة الهلنستية السائدة، غير أنه من الصعب فهم السبب الذي من أجله تصر الكنيسة بلا كلل على تبرير مثل هذه التناقضات والدفاع عنها"[34]. أما الألقاب التي اقتصر عليها القرآن الكريم فهي: عيسى، ابن مريم، المسيح، رسول الله، كلمة الله، روح الله، عبد الله. ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللّهُ إِلَـهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 171]. نزول عيسى - عليه السلام - في آخر الزمان: أشراط الساعة الكبرى عشرة، منها هبوط عيسى على الأرض بعد احتجابه عنها أمدًا طويلًا في مكان ما من ملكوت الله تعالى، وهو لا يزال يتمتع بحياته الأولى التي أحياه الله بها إذ كان في الأرض رسولا نبيًا. فيبقى في الأرض فترة من الزمن يحكم بالشريعة الإسلامية ويدعو إليها. وينبغي أن نعلم أن نزوله لا يناقض الاعتقاد في أن النبي محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو خاتم الأنبياء وأن شريعته ناسخة لجميه الشرائع التي خلت. والدليل على نزول عيسى منصوص عليه في القرآن والسنة. أما القرآن فهناك ثلاث آيات تشير إلى نزوله: 1- قوله تعالى: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا * وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 157 - 159] والمعنى: أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى إلا آمن به قبل موت عيسى. وهو نص في أنه عليه الصلاة والسلام لم يمت بعد. 2- قوله تعالى ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ﴾ [الزخرف: 61]. أي إن عيسى دليل على قيام الساعة وذلك بنزوله من السماء حكَمًا مقسطًا عادلًا. وهناك قراءة أخرى للآية ﴿ وإنَّه لَعَلم للسَّاعَة ﴾ أي إشارة ورمز للساعة. 3- الآية الكريمة ﴿ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 46] ودلالة الآية واضحة لأن عيسى كلم الناس في المهد، وسوف يكلمهم وهو كهل أي بعد نزوله. أما في السنة فالأحاديث التي أخبرت عن نزول عيسى كثيرة جدًا وقد بلغت درجة التواتر، تجدها مجموعة في كتاب "التصريح بما تواتر في نزول المسيح" للمحدث الشيخ محمد أنور شاه الكشميري الهندي. وإليك بعضًا من هذه الأحاديث التي جمعها: في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "و الذي نفسي بيده ليوشكن أن بنزل فيكم ابن مريم حكما عدلا، فيكسر الصليب وي*** الخنزير ويضع الحرب، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها. ثم يقول أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159] [35]. و في حديث آخر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس بيني وبينه نبي، يعني عيسى، وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه: رجل مربوع إلى الحمرة والبياض[36]، بين ممصَّرتين[37]، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل[38]. فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب وي*** الخنزير ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيحَ الدجالَ[39]، فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون." [40]. هذه صورة سيدنا عيسى وأمه الطاهرة مريم من وجهة النظر الإسلامية، وهي تختلف إلى حد كبير مع الصورة التي رسمها له النصارى وعلى رأسهم بولس. ويفيدنا الدكتور محمد فاروق الزين أنه منذ زهاء قرنين من الزمن بدأت في الغرب عملية بحث لدراسة الفروق بين عيسى المسيح التاريخي وعيسى بولس الذي آمنت به الكنيسة. وكان الرئيس الأمريكي الثالث توماس جيفرسون من رواد عملية البحث هذه. فقد حاول تطهير الكتاب المقدس من مفهوم مسيح بولس الأسطوري والإبقاء على تعاليم عيسى المسيح التاريخي. وأسفرت البحوث أن هناك فرقًا كبيرًا بين المسيح الأسطوري والتاريخي[41]. ويضيف المؤلف بأنه ظهر توافق لافت للنظر بين نتائج أبحاث الكتاب المقدس الحديثة وبين الرؤية القرآنية لعيسى. وهذا التوافق يمكن أن يؤسس قاعدة هامة لحوار مثمر وفعال بين المسيحيين والمسلمين. المراجع: • إظهار الحق: رحمة الله الهندي، دار الجيل- بيروت 1988م. • التصريح بما تواتر في نزول المسيح: محمد أنور شاه الكشميري الهندي، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية- حلب ط5 1992م. • تفسير ابن كثير: دار الخير- دمشق 1990م. • تفسير القرطبي: دار الفكر-بيروت 1987م. • صحيح البخاري: دار ابن كثير- دمشق،اليمامة-بيروت 1987م. • فتح الباري: ابن حجر العسقلاني، دار الريان للتراث- مصر 1987م. • قاموس الكتاب المقدس: مكتبة المشعل- بيروت، ط6 1981. • قصص الأنبياء: ابن كثير، دار صادر - بيروت 2003م. • العقيدة الإسلامية: عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، دار القلم-دمشق، ط6 1992م. • محاضرات في النصرانية: محمد أبو زهرة، دار الفكر العربي- القاهرة. دون تاريخ. • مسند أحمد ابن حنبل: تحقيق فئة من الباحثين، مؤسسة الرسالة-دمشق 1993-2001م. • المسيحية والإسلام الاستشراق: محمد فاروق الزين، دار الفكر- دمشق، ط3 2003م. [1] يوسف النجار شاب صالح من شباب بني إسرائيل، عمل نجارا في الناصرة، كان خطيب مريم، و بعد أن علم أنها حبلى ارتاب في أمرها و قرر أن يترك خطبتها دون أن يفضحها، لكن عندما تبين حقيقة الأمر أخذ مريم معه إلى بيت لحم للاكتتاب لينقذها من حصائد الألسنة. راجع قاموس الكتاب المقدس ص1118. [2] قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مسّ الشيطان غير مريم و ابنها ». أخرجه البخاري، رقم 3431، و انظر مسند أحمد، رقم 7182(12/106). [3] عن عدد من المفسرين: كان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف. تفسير ابن كثير 1/386. [4] تفسير ابن كثير 1/389 وفيه عدد من الأحاديث المشابهة حول فضل مريم. و الحديث برواية أخرى في مسند أحمد، رقم 640( 2/70) [5] ذُكر أن جبريل نفخ في جيب درعها فنزلت النفخة إلى فرجها. وقيل غير ذلك. انظر قصص الأنبياء لابن كثير،ص 270. وأما عن مدة الحمل فقد اختلف فيها، فقيل: ساعة، وقيل:تسع ساعات، و رجح ابن كثير مدة الحمل الطبيعي: أي تسعة أشهر.ص271 و الله تعالى أعلم بالصواب. [6] قيل: ناداها عيسى أو الملك الذي رعى ولادتها. [7] لا يعرف على وجه الدقة ميلاد سيدنا عيسى، لكن ذكر علماء المسيحية أن ولادته ربما كانت في 25 ديسمبر عام 5 ق م. قاموس الكتاب المقدس 764. و يذكر محمد فاروق الزين أن لوقا يقدم تاريخين متناقضين عن ميلاد عيسى. ففي الإصحاح 1/ 5،26 أن ميلاده كان في عهد هيرود الكبير(مات 4 ق م). وفي الإصحاح2/2-3 كان في وقت الإحصاء السكاني الذي قام به الوالي الروماني كيرينوس على سورية في 6م، أي بعد موت هيرود بعشرة أعوام. المسيحية و الإسلام ص 239. [8] السبب في سفر مريم إلى هناك هو كما قيل من أن هيرودوس الذي كان ملكاً على اليهودية في تلك الآونة أمر حكام البلاد و عماله أن يسجلوا جميع أفراد الرعية الداخلين في ملكته، و ذلك بناء على أمر قيصري ورد إليه من قيصر أوغسطس. فذهب الجميع ليكتتبوا كلٌ إلى مدينته، فذهب يوسف و خطيبته مريم- التي كانت إذ ذاك حبلى- من الناصرة إلى بيت لحم لتسجيل أسمائهم. فولدت عيسى هناك. راجع إنجيل لوقا(2/1-6). [9] ذكر المفسرون عدة وجوه في المراد بهارون: منها تشبيهها برجل صالح في زمانها اسمه هارون، وكان هذا منهم على سبيل التهكم حيث ظنوا بها السوء بسبب زناها و هي عزباء. و رأى بعضهم أن قومها شبهوها برجل فاسق اسمه هارون، تعريضا بفسقها و زناها. راجع تفسير القرطبي 1/100. [10] قصص الأنبياء، للنجار، ص501-502 نقلا عن إنجيل برنابا. و راجع متى(2)، ولوقا (2/39-52). [11] انظر قاموس الكتاب المقدس ص866، قصص الأنبياء، للنجار ص504. [12] اقرأ عنهم في قاموس الكتاب المقدس ص539. [13] اقرأ عنهم في قاموس الكتاب المقدس ص674. [14] قصص الأنبياء، للنجار ص510- 511 نقلا عن إنجيل برنابا. [15] قف على أسمائهم في متى(10/1-4). [16] العقيدة الإسلامية ص478-480. [17] أعيدت كتابة الأسفار اليهودية و تنقيحها من أربعة مصادر رئيسة: يهوه أي الله تعالى و كان ذلك بين 975-935ق م بعد ثلاثة قرون من وفاة موسى تقريباً. إلوهيم إي الله تعالى أيضاً كتب في السامرة عام 850 ق م تقريباً بعد انقسام إسرائيل إلى مملكتين شمالية و جنوبية. المصدر الثالث المسمى التثنية إي القانون الثاني و ينسب إلى موسى. و الرابع المسمى الأنبياء أو الزبور، كتب خلال القرون الأربعة السابقة لعيسى. المسيحية والإسلام، لمحمد فاروق الزين ص 50. [18] في تركيا و تسمى الآن إزنيق. [19] كان السبب العام لانعقاد المؤتمر هو الاختلاف البين بين النصارى في عيسى من حيث ألوهيته أو عدمها، راجع محاضرات في النصرانية ص122. [20] انظر العقيدة الإسلامية ص 496-497، محاضرات في النصرانية ص29 وما بعد. [21] قف على أمثلة وافرة في إظهار الحق 1/85. [22] التفصيل في محاضرات في النصرانية ص 42-54. [23] ( انظر البقرة: 75 النساء: 46، المائدة: 13،41)و التحريف قسمان: معنوي، و ذلك بتغيير مدلولات الألفاظ و ترجمتها إلى ما يوافق آراءهم, و تحريف لفظي عن طريق التبديل أو الزيادة أو النقصان. و قد وصف القرآن أهل الكتاب من يهود و نصارى بأنهم نسوا حظاً مما ذكروا به (المائدة: 14) و بأنهم يبدون من كتبهم شيئاً ويخفون أشياء (المائدة:15). [24] المسيحية و الإسلام ص 58 و ثمة شبه إلى حد كبير بين سفر توما- اكتشف عام 1945م في نجع حمادي بمصر- و سفر الأقوال المستل من متى و لوقا. ولعل هذا يدعم الاعتقاد بأنه كان هناك سفر يحتوي على تعاليم عيسى. ص 59. [25] برنابا من قديسي النصارى و أحد الرسل السبعين الذين قاموا بالدعاية للمسيحية الأولى، و هو حجة عندهم. و إنجيله يتضمن حقائق هامة منها: أن عيسى عبد الله و رسوله، لم يصلب بل رفع إلى السماء، التبشير بمحمد - صلى الله عليه وسلم -. العقيدة الإسلامية ص494-495. [26] ذكر مؤلفو قاموس الكتاب المقدس ص 172 أن كاتبه مؤلف وضع في القرون الوسطى و انتحل اسم برنابا باطلاً. [27] الإصحاحان:14- 15 راجع النقل في كتاب إظهار الحق 2/ 236 للمرحوم رحمة الله الهندي. [28] المرجع السابق 2/239 [29] العقيدة الإسلامية، عبد الرحمن حبنكة ص438 [30] المرجع السابق ص438-439 [31] ينبغي أن يشار هنا أن قوله تعالى مُتَوَفِّيكَ ليس المراد به مميتك، بل: قابضك و رافعك إليّ، فالتوفي معناه أخذ الشيء و قبضه تماماً. و مرادفه الاستيفاء. تقول: استوفيت حقي و توفيته أي قبضته كاملاً. أما الإماتة و هي أخذ الروح فهي نوع من أنواع التوفي الذي يشملها و غيرها. و نص الزمخشري في كتابه أساس البلاغة أن التعبير بالوفاة عن الموت معدود من المجاز. و السبب في انصراف الفهم إلى الوفاة هو كثرة استخدام الناس لفظ التوفي بمعنى الموت. انظر تفسير الشعراوي رحمه الله تعالى وغيره من التفاسير عند هذه الآية، وكذا كتاب التصريح بما تواتر في نزول المسيح للمحدث محمد أنور شاه الكشميري ص 61 و ما بعد. [32] يمكن تحميل الكتاب من الإنترنت. [33] انظر قاموس الكتاب المقدس ص 886-888، و المسيحية والإسلام ص179-186 [34] المسيحية والإسلام ص169. [35] التصريح ص 91-93. [36] معتدل القامة وهو إلى الطول أقرب. و لونه أقرب إلى الحمرة و البياض. [37] فيهما صفرة خفيفة. [38] هذا كناية عن النظافة و النضارة. [39] ورد في حديث أن عيسى ي***ه في بباب لُدّ في فلسطين. انظر التصريح ص 141. [40] التصريح ص 140. [41] المسيحية و الإسلام و الاستشراق ص11. رابط الموضوع: http://www.alukah.net/sharia/0/53416/#ixzz3O56ZzxkZ
__________________
|
#10
|
|||
|
|||
- العربية.نت قال علماء فلك إنهم تأكدوا بعد حسابات علمية دقيقة بأن عيد الميلاد يجب أن يكون في شهر حزيران/يونيو وليس في كانون الأول/ديسمبر من كل عام، خصوصًا أن الرسوم البيانية لظهور "نجمة عيد الميلاد" التي تحدثت عنها الأناجيل كإشارة دل ظهورها ثلاثة من حكماء المجوس إلى مولد المسيح، عليه السلام، لم تكن سوى نجم لامع ظهر في سماء بيت لحم يوم الـ17 من حزيران/يونيو من العام الذي ولد فيه المسيح، وليس يوم الـ25 من ديسمبر، وأن ذلك النجم اللامع لم يكن سوى التقاء واضح لكوكبي الزهرة والمشتري، اللذين كانا قريبين جدا من بعضهما في الشهر الذي ولد فيه المسيح قبل 20 قرنًا.
ويقول عالم الفلك الأسترالي، ديف رينيكي، إنه استعان ببرامج كومبيوترات معقدة لتحديد مواقع النجوم في الكون، وقام أيضا مع زملائه العلماء برسم خريطة لتلك النجوم كما ظهرت فوق فلسطين القديمة منذ أكثر من ألفي عام، بحثًا عن "النجم" الذي ظهر ليلة ولادة المسيح داخل اسطبل في بيت لحم، طبقًا لما ورد في إنجيل "متى"، وهو واحد من 4 أناجيل تعتمدها الكنيسة، بحسب تقرير نشرته مجلة "كريستيان توداي" المتخصصة في شؤون الإنجيليين. وورد في إنجيل "متى" أن ملائكة بشروا رعاة كانوا نائمين في العراء يحرسون قطعانهم بولادة المسيح. ودلت الأبحاث أن ذلك النجم ظهر يوم الـ17 من حزيران/يونيو في العام الثاني قبل الميلاد، وقال رينيكي "يومها ظهر كضوء واحد.. نحن لا نقول إن ذلك النجم هو بالضرورة نجمة عيد الميلاد، لكن هذا هو التفسير الأقوى لظهور نجم لامع في سماء ذلك الوقت، ولا يوجد أي تفسير آخر للظاهرة، وربما يكون الحكماء الثلاثة قد فسروا ذلك على أنها الإشارة، وقد يكونون أخطأوا بكل سهولة في هذا الأمر". وذكر رينيكي أن فريقه يملك نظامًا إلكترونيًّا مبرمجًا يمكنه رسم سماء الليل تماما كما كانت في أية مرحلة قبل ملايين السنين، "وهو البرنامج الذي استخدمناه وعدنا عبره إلى الزمن المفترض أن المسيح ولد فيه". مع ذلك شرح رينيكي أنه وفريقه من الباحثين لم يحاولوا من خلال التجربة الحط من قدر الدين "بل على العكس هي محاولة للرفع من قدره وتدعيمه"، وأشار إلى أن الناس يخلطون العلم بالدين في هذا النوع من المنتديات المفترض أن تكون علمية بحتة، لذلك قد يشعرون بالإحباط إذا ما دلت الأبحاث على ما يخالف اعتقاداتهم؛ لأن القول بأن نجمًا لامعًا ظهر في السماء هو شأن علمي فلكي، وليس شأنًا دينيًّا "لكن الناس بطبيعتهم يرغبون أن تعبر الظواهر الطبيعية عن إيمانهم، وليس في هذا الميل الفطري أي ضرر"، على حد تعبيره.
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|