الدول النامية لديها موظف لكل 50 مواطنًا وعندنا موظف لكل 14 فقط الدكتور صفوت النحاس: ت

[العشرى1020]

العدد 147 - الثلاثاء 16 ديسمبر 2014فهرس
8
الصفحة السابقةالصفحة التالية
8
الدول النامية لديها موظف لكل 50 مواطنًا وعندنا موظف لكل 14 فقط
الدكتور صفوت النحاس: تعيين حملة الماجستير والدكتوراه أكبر أخطاء الثورة
4 0 Google +0
العدد 147 - الثلاثاء 16 ديسمبر 2014
أجرى الحوار: محمود مصطفى- تصوير: ليالى عبدالعزيز

الدكتور صفوت النحاس:
>> التعيينات بالإعلان الداخلى مفتاح فساد نظام مبارك
>> رفضت الانضمام لحزب «الجماعة» فأقالونى من رئاسة «التنظيم والإدارة»
>> حكومة الإخوان لم تكن لديها أي إرادة لتطبيق «الأقصى للأجور».. والحزب الوطنى كان يضع المقترحات في الثلاجة


كشف الدكتور صفوت النحاس، رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة السابق، أن نظام الإخوان كان يسعى للتغلغل داخل كل مؤسسات الدولة، وزرع أعضائه لمعرفة كل الموضوعات التي تخص الأمن القومى، مشددًا على أن تصديه لكل محاولاتهم للسيطرة على الجهاز الإدارى للدولة، أدى إلى صدور قرار بإقالته من قبل الرئيس المعزول محمد مرسي، في الرابع من أكتوبر عام 2012
وأوضح النحاس في حوار لــ «فيتو»، أن جماعة الإخوان ممثلة في حزب الحرية والعدالة، حاولوا إقصاء بعض العاملين التابعين للجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، والدفع بالمحسوبين عليهم في الوحدات المحلية، للإشراف على صناديق الاقتراع أثناء الانتخابات، وإلى نص الحوار:

> كم عدد العاملين الذين تم تعيينهم أثناء فترة رئاستك الجهاز؟
منذ عام 1960 كانت الحكومات المتعاقبة، تعين جميع الخريجين بمن فيهم المتسربون من التعليم، وتوقفت التعيينات في عام 1984، مما أدى إلى حدوث خلل في بعض الوحدات، التي قامت بعمل إعلانات داخلية عن حاجتها لعمالة مؤقتة لوجود عجز، وكان يتقدم في ذلك الوقت، كل من لديه أقارب عاملون في تلك الوحدات، وكان القانون في ذلك الوقت ينص على أنه يتم التعاقد مع العمال لمدة عام، وعدل مرتين، بالسماح بالتجديد بعد مضى عام مرة، والتثبيت لكل من مضى عليه ثلاثة أعوام مرة أخرى، وهنا كان مفتاح الفساد، فبعد أن كان يتم تعيين العمال وفق قواعد محددة ومعمول بها في كل المؤسسات، أصبح يتم تعيينهم وفق إعلان داخلى، وزاد حجم العمالة المؤقتة في ذلك الوقت، ومن هنا ترسخت لدى الناس فكرة تعيين أبناء العاملين وأقاربهم، على الرغم من أنه لا يوجد في القانون أي بنود تنص على تعيينهم، وفى ذلك الوقت كان يصعب حصر تلك العمالة، بسبب توقف التعيينات، وكان عدد الموظفين الرسميين في الدولة في تناقص، بينما عدد المؤقتين في تزايد مستمر، ووصل إلى مليون ونصف المليون عامل.

> هل كانت الدولة في حاجة لتلك العمالة؟
الدولة لم تكن في حاجة إليهم في ذلك الوقت، وكان لهم تأثير سلبى كبير جدًا، حيث كانت رواتبهم يتم صرفها من أموال التدريب والصيانة ومسلتزمات التشغيل والاستثمارات، وكانت حصيلة العلاج الاقتصادى التي تستخدم في تحسين الخدمة بالمستشفيات تصرف كرواتب لتلك العمالة، وأدى ذلك إلى انهيار الخدمة تمامًا بالمستشفيات العامة، وتأثرت الاستثمارات.

> إذًا لماذا تمت الاستعانة بهم؟
التعيينات في الحكومة، هي فكرة اجتماعية، وليست إدارية، بمعنى أنه يتم توفير فرص عمل للخريجين داخل الجهاز الإدارى للدولة، وإعطائهم رواتب زهيدة، ولا توجد لهم أي تكليفات محددة، مثل اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي يعمل به 43 ألف موظف، على الرغم من أنه يحتاج فقط لـ7 آلاف، وكذلك هيئة السكك الحديد بها 80 ألفًا، وتحتاج لـ 20 ألفًا فقط، وكذلك كل الجهات والهيئات، على الرغم من أن الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة منظم جدًا، فكل الدول النامية لديها موظف لكل 50 مواطنًا، وعندنا موظف لكل 14 فقط، بسبب وجود فائض في حجم العمالة، الذي يقدر بثلثى الجهاز الإدارى للدولة.

> ومن الذي تسبب في الخطأ الحكومة أو الجهاز؟
خطأ المجتمع، فالأساس هو توفير فرص العمل، إلا أن استخدام الجهاز الإدارى للدولة، كمركز للتوظيف الرئيسى أدى إلى انهيار المرافق والحياة الاقتصادية.

> هل تقدمت بطلب للاستغناء عن تلك العمالة الزائدة؟
لم أتقدم بطلب للاستغناء عن العمالة، وإنما طلبت التوقف عن تعيين أي عمالة مؤقتة وتجريمه، طالما لم تخصص رواتب لهم، والتوقف عن سحب أي مخصصات لأغراض أخرى لصرف رواتبهم.

> قيل إن العمالة التي عينت وقت رئاستك - لكن قيل إن السبب في حجم العمالة الزائد هو انتشار الواسطة وقت رئاستك الجهاز؟
لست أنا السبب في ذلك، وإنما الحكومات المتعاقبة بدءًا من عام 1962، والتي كانت تقوم بتعيين كل الخريجين بمن فيهم المتسربون من التعليم، والواسطة فقط كانت في تعيين المؤقتين، بضغوط أعضاء الحزب الوطنى على الوزراء في ذلك الوقت.

> البعض يؤكد أيضًا أنه تم تعيين أوائل الخريجين في وظائف لا تليق بهم أثناء رئاستك الجهاز.. ما مدى صحة هذا الأمر؟
لا توجد وظيفة في الجهاز الإدارى للدولة لا تليق بأى شخص، وكان يتم تعيين العشرين الأوائل على كل دفعة.

> كيف يتم التغلب على مشكلة العمالة الزائدة في الجهاز الإدارى؟
أنا ضد فكرة التخلص من العمالة الزائدة، ووقف التعيينات، وإنما الحل في إعادة هيكلة الجهاز مرة أخرى، في الجهات التي بها عمالة فائضة كالسكك الحديدية واتحاد الإذاعة والتليفزيون، عن طريق الاستعانة بشركات مملوكة للدولة تقوم بتدريب العمالة الزائدة، والاستعانة بها في أنشطة أخرى، بعد تدريبها، وإذا ثبت نجاحها يتم التوسع فيها.

> أثناء رئاستك الجهاز ذكرت أن الأقصى للأجور سيطبق أول يوليو 2012 ولم يحدث.. ما السبب؟
المسئولية في ذلك الوقت، كانت من اختصاص رئيس الحكومة هشام قنديل، ولم تكن لدى حكومة الإخوان أي إرادة لتطبيق الحد الأقصى للأجور.

> هل مورست عليك أي ضغوط من الإخوان خلال الفترة التي قضيتها معهم؟
نعم مورست بأشكال متعددة، وحاول الإخوان أخونة الجهاز، عن طريق نقل جميع العاملين بالمحليات من وظائفهم إلى الوحدات المحلية، وإدارات المستشفيات، والكهرباء، وتم اكتشاف بعد ذلك، أن هؤلاء العاملين هم من يقومون بالإشراف على عملية الاقتراع، ويتم تزويرها من خلالهم، وعمال المستشفيات لتزوير التقارير الطبية، والكهرباء للتحكم في الطاقة كيفما يشاءون، وكانت طلبات النقل تتم عن طريق المحافظين بناءً على طلب أمين حزب الحرية والعدالة في محافظته.

> هل وجدت فارقًا بين رئاستك الجهاز أثناء حكم الحزب الوطنى والإخوان؟
على الرغم من أننى عملت فترة طويلة مع النظام الأسبق، فإنه لم تكن هناك أي تدخلات من قبل الحزب الوطنى، فالعمل كان يتم وفقًا للقانون، وإنما في فترة حكم الإخوان كان يتم الاستعانة بأفراد لتعيينهم ولا يعلم أحد شيئًا عنهم، وكذلك مورست ضغوط كبيرة على المحافظين لنقل الأشخاص التابعين للجماعة من جهة إلى أخرى، وكان ينقلها لى المحافظون، وتعرضت خلال تلك الفترة لضغوط شديدة جدًا؛ لأنه كان يتم نقل أفراد إلى أماكن لا يستحقونها وتبين بعد ذلك أنهم أعضاء في جماعة الإخوان، وكل ذلك كان يحدث خللًا في الجهاز الإدارى للدولة.

> كيف تصديت لكل ذلك؟
تصديت بكل قوة، واتصل بى حسن مالك وقتها، وطلب منى الجلوس مع اثنين من رؤساء اللجان في مجلس الشعب، وطلبا منى الانضمام لحزب الحرية والعدالة، على أن يتم التجديد لى رئيسًا للجهاز في حالة الانضمام، وتعجبت كثيرًا من تدخل أشخاص غير مختصة، في موضوع التجديد، على الرغم من أنها من اختصاص رئيس الجمهورية وحده.

> وماذا حدث بعد ذلك؟
رفضت الانضمام لحزب الحرية والعدالة، وقلت لهم في حالة انضمامى هل سأكون قياديًا أو مجرد عضو فقط، وكيف لى أن أتعامل مع أعضاء انضموا للحزب منذ أكثر من 30 عامًا، وقلت لهم «أنا لا أغير جلدى»، وصدر قرار بإقالتى بعد يومين فقط في الرابع من أكتوبر في احتفال بالصالة المغطاة باستاد القاهرة 2012، بشكل غير قانوني، ولم أتقاض راتبًا أو معاشًا لمدة أربعة أشهر، ورفعت قضية على قرار الإقالة، لأنه تم إسناد مهام عملى لشخص آخر، ولم يتم تحديد موقفى إما الاستمرار في الخدمة أو المعاش، وكان قرار تكليفه سينتهى في نهاية ديسمبر في العام نفسه.

> وبم تفسر كل ذلك؟
نظام الإخوان تخيل أننى عدو له، وأسير ضد مصالحه وخطط تمكينه من مؤسسات الدولة.

> ما أكثر موقف حدث بينك وأحد أعضاء الإخوان ولم تستطع نسيانه؟
كان يتردد علينا شخص يدعى «ياسر حمزة» من أعضاء حزب «الحرية والعدالة» يوميًا، للتعرف على العمل داخل الجهاز، وكان يتجول داخله، ويجلس مع الموظفين ويحاول التعرف على بعض المعلومات، فمنعته من دخول الجهاز نهائيًا، وبعدها اتصل بى رئيس اللجنة القانونية في حزب الحرية والعدالة، وطلب منى معلومات عن آلية الجهاز، وأعطيناها له.

> هل استخدم الجهاز لتعيين أعضاء من حزب الحرية والعدالة؟
كانت ترد خطابات بين الحين والآخر بتعيين مستشارين برئاسة الجمهورية، ومكلفين بمهام غريبة، ومطالب برواتب باهظة جدًا لا تتناسب مع مؤهلاتهم، فمثلا ورد خطاب بتعيين خبير في الحاسبات الإلكترونية داخل مؤسسة الرئاسة، وجاء الحزب مرة أخرى بشخص يمتلك محلا لصيانة الساعات، وطلبوا تعيينه لصيانة الساعات داخل القصر، فقلت لهم إنه لا توجد وظيفة لصيانة الساعات داخل القصر، وكلها لها عقود صيانة، وهذا الشخص ليس لديه مؤهل، ويمتلك محلا ولديه رخصة باسمه، ولا يصح تعيينه، وبعد ذلك أخبرونى أنه أغلق المحل، وألغى الرخصة والسجل التجارى والبطاقة الضريبية، ونريد تعيينه، واكتشفت بعد ذلك أنه أصبح الحارس الشخصى للرئيس المعزول، ويتقاضى 24 ألف جنيه شهريًا، على الرغم من أنه تم تخصيص راتب أقل من ذلك بكثير.

> وماهو تفسيرك لذلك؟
كان ذلك محاولة سريعة منهم لأخونة الدولة، والاستعانة بأعضاء الإخوان في وظائف كانوا يعتقدون أنها مهمة في الجهاز الإدارى للدولة، وتخيلوا أنه توجد دولة عميقة، ولابد من القضاء عليها، وبناء دولة جديدة من خلال رجالهم، فالأسلوب والتصور والممارسة أيضًا كان خطأ.

> هل حدثت مواقف مشابهة أيام الحزب الوطنى؟
لم يحدث أي تصادمات أيام الحزب الوطنى، ولكن المشكلة كانت في تقديم مقترحات وتناقش، ولا يتم تطبيقها، مثل مشروع قانون الوظيفة العامة وتطويره، الذي تمت مناقشته بدءا من عام 2004 وحتى 2010 ولم يتم تطبيقه، وكذلك مشروع القانون الجديد للمحليات لتدعيم اللامركزية، وتمت مناقشته لمدة 12 عامًا، ولم يتم تطبيقه، وتطوير الخدمة وفضل مقدمها عن طالبها، وأن تتم بشكل آلى، وكان يحتاج إلى أموال كثيرة، ولم يتم تطبيقه على الرغم من قناعة الحكومة في ذلك الوقت، وكان هذا المشروع حيويًا جدًا للقضاء على الفساد.

> هل كان هناك مقترحات تم رفضها من الأساس أيام الحزب الوطنى؟
قانون العاملين المدنيين تمت مناقشته لأكثر من 6 أعوام، ولم ير النور.

> وبم تفسر ذلك؟
لم تكن هناك أي إرادة سياسية للتطوير والإصلاح، ولو تم تطبيق القانون، لتم إصلاح الجهاز الإدارى بالكامل، دون حدوث تأثير سلبى في العاملين.

> ما تقييمك الآن للجهاز الإدارى للدولة؟
المشاكل زادت فيه بنسبة كبيرة جدًا، بسبب الضغوط التي تعرض لها، جراء تعيين الكثير من حملة الدكتوراه والماجستير، على الرغم من عدم وجود بند في القانون ينص على ذلك، والسبب في ذلك الحالة الثورية التي كانت تمر بها البلاد.

> هل تعتقد أن ذلك كان أحد أخطاء الثورة؟
نعم كان خطأ، فلا توجد أي وظيفة في الجهاز الإدارى للدولة، تكون متطلباتها الحصول على الماجستير أو الدكتوراه، وهم حصلوا على وظائف ليست من حقهم.

> كيف يتم التغلب على المشاكل التي يعانى منها الجهاز الإدارى للدولة؟
لا بد من إعادة هيكلة الجهاز الإدارى للدولة، وتغيير الشكل القانونى لبعض وحدات الجهاز، وتحويل بعض الوحدات إلى شركات مملوكة للدولة ولا يتم خصخصتها، وتعمل بمفهوم اقتصادى، وإذا أثبتت نجاحها، وحققت عائدًا يكفى لتغطية الإجور يتم التوسع فيها، ويستغرق ذلك 10 أعوام.