اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > الأدب العربي

الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-12-2014, 02:03 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
المدير التنفيذي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,982
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي 1984 رواية العصر وكل عصر


1984 رواية العصر وكل عصر



بقلم ضياء حسنى

1984 هي الرواية الأسطورية للكاتب الإنجليزي جورج أورويل، تلك الرواية التي تعد أيقونة من أيقونات أدب الحرية، كما أنها من الروايات التي كتب لها القدرة على استقراء المستقبل، مع قدرتها على تصور مجتمع « الأخ الأكبر» الذي يراقب جموع شعبه، ليكون مصير من يفكر تفكيرا مستقلا، ويحاول الخروج عن القطيع، والاستقلال عن التفكير السائد، هو التهذيب والإصلاح والقمع. برز ذلك فى العالم المتقدم في العقود الأخيرة من القرن العشرين، مع تعبيرات فى السياسة الغربية مثل « الفكر الصالح سياسيا»، كدلالة على أن ما دون الفكر السائد مجرد يوتوبيا، وذلك لترسيخ الفكر اليميني الجديد، الذي ينعت مخالفيه بالحالمين، أو بالمعادين للحرية الاقتصادية. وجاءت فضيحة تجسس الولايات المتحدة، وأدوارد سنودن عميل وكالة «النسا - وكالة الأمن القومي الأمريكي»، لتسدل الستار عن وهم الحريات الفردية فى العالم الغربي، فالكل يتم التجسس عليه، والتصنت يتم عبر العالم، ولا صون للحريات الشخصية التي تنص عليها دساتير كل الدول الغربية. أستلهم جورج أورويل روايته من الستالينية وبعض عناصر النازية، ليظهر واقعا تكنولوجيا جديدا تكون فيه عوالم 1984 أكثر نعومة وأقل مباشرة، ولكن أكثر وطأة على الحريات. إنّ ما يقدّمه جورج أورويل فى روايته “1984» هو تجريد العقل الذي يناط به الخلقُ والإبداع من قدراته، وتحويله إلى قوالب آليٍة تستمد وقودها من أيديولوجية الحزب الأوحد، وحتميّة حب الأخ الكبير.

ذلك الحزب الذي شعاره: «الأخ الكبير يراقبك»، « الحرب هي السلام..الحرية هي العبودية..الجهل هو القّوة»، و«من يسيطر على الماضي يسيطر على المستقبل، ومن يسيطر على الحاضر يسيطر على الماضي». في ذلك المجتمع القمعي التخيلى يوجد المواطن «ونستون سميث»، مواطن من قلب النظام، حيث يعمل في « وزارة الحقيقة»، وبالطبع هي المختصة بكل الأكاذيب والدعاية للنظام، ولكنه في السر معادٍ لهذا المجتمع بأيديولوجيته القمعية، لذا فهو يقرر كتابة ملاحظاته على كل ما يحدث حوله. بدأ تدوين ملاحظاته كاتبا: «لمن أكتب هذه المذكرات؟ أأكتبها للمستقبل؟ أم للأجيال القادمة؟». ويستمر وندسون فى تساؤلاته واستدلالاته محاولاً الوصُول إلى دليل يثبت صحة فرضياته تجاه الحزب وطابعه الاستبدادي، فيقيم علاقةً مع “جوليا” التي توافقه الرأي مُكنة للحزب الكراهيّة والمقت. ويحاولان معا الانخراط في أي تنظيم مناهض للحزب ومحاولة تقويض أركانه. لقد كانت علاقتهما في حد ذاتها تحديا سياسيا، وتفكيرهما ما يطلق عليه “جريمة فكريا” فالحزب يمنع علاقات الحب، ولا يرى في الارتباط بين ال***ين سوى العلاقة الغريزية التي تحتاج للإشباع.

يتعلّق الأمر في عالم 1984 بانتهاك الخصوصيّة، وفرض الرقابة بإحصاء أنفاس المواطنين وحركاتهم ومصائرهم وتتبّع منحى تفكيرهم، برصد كل ما من شأنه أن يغير بوصلة الولاء للأخ الكبير. باستخدام ما استحدث من تقنيات وتكنولوجيات، وبالتالي فنظام الحياة في مجتمع 1984مرهون بجعل الإنسان يعيش تحت هاجس المراقبة الدائمة... تحت شعار: «الأخ الكبير يراقبك».

وهكذا يقول ونستون فى مذكراته: “كان عليك أن تعيش بحكم العادة التي تحولت إلى غريزة مفترضا أن كل صوتٍ يصدر عنك مسموع، وأن كل حركة مرصودة، فالأخ الكبير يراقبك. عيناه تلاحقانك. على العملة، على الطوابع، على أغلفة الكتب، على الأعلام، على علب الحلوى، في كل مكان ودائما عيناه تراقبانك وصوته يحيط بك، وسواء كنت مستيقظًا أو نائما، داخل منزلك أو خارجه، في الحمام أو في الفراش، لا فرق، لا مهرب لك، أنت لا تملك سوى تلك السنتيمترات المكعبة داخل جمجمتك“.

1984 لا تتحدث فقط على القمع بشكله المباشر، بل يتحدث عن غسيل الأدمغة، تلك الآلة الجهنمية التي تبث دعايتها، وتقمع معارضيها تؤدى إلى أن المواطن يتحول إلى شخص بلا إرادة، شخص يمكن له أن يقتنع بالشيء ونقيضه، يقتنع بشن الحرب على طرف من أطراف النزاع، ثم يؤمن في نفس الوقت بإقامة السلام مع نفس الطرف. لا يعرف لماذا وجب شن الحرب، ولا لماذا أقيم السلام، كل ما يعرفه أن الحزب أراد ذلك، الحزب رأى ذلك، وأن الأخ الأكبر يعرف المصلحة فلا داعي أن تناقش، ليس فقط للخوف من القمع وال*****، ولكن لأن الآلة الجهنمية محت إرادته، محت قدرته على التفكير المنطقي. تلك الآلة القمعية ما هي إلا الأيديولوجيات السرمدية (النازية، الستالينية، بل في بعض الحالات الدينية) التي تجرد الإنسان من إنسانيته لتحوله إلى شخص قمعي، يقمع نفسه أولا؛ إن شطح فكره ليخرج عما هو سائد ومسيطر، ليأتي بعد ذلك دور قمع الآخرين والمشاركة في *****هم والوشاية بهم، انطلاقا من قناعات إيديولوجية بثها فيه الأخ الأكبر سواء كان هذا الأخ حزبا أو زعيما أو مرشدا دينيا.

قيمة رواية أورويل أنها كانت أول من تحدث عن النمط الجديد من القهر في المجتمعات الحديثة، قهر يختلف عن ذلك الذي كان يمارس في العصور الوسطى، الذي كان أوجه في عصر محاكم التفتيش، عصر المحارق للسحرة باسم الهرطقة. فنحن مع 1984 نقهر الفكرة قبل أن نقهر الشخص، فالفكرة إن حيت تكبر وتتحول إلى كرة ثلج، لذا فيجب أن يولى قمع الفكرة نفس أهمية قمع الشخص صاحب الفكرة، فيجب ألا يبقى شيء من الشخص ولا الفكرة التي كان يدافع عنها، يجب أن تمحى الفكرة أولا عبر الدعاية المضادة عبر شيطنتها، تجريمها ليكون مجتمع «المستنسخين»- حاملين فكر الأخ الأكبر -هم أول من يساهم في *** الفكرة عبر ترديد أصداء الدعاية والأكاذيب، ليأتي بعد ذلك دور من ينهى حياة الشخص مع فكرته، وليس ضروري أن تكون النهاية بنهاية الشخص في كل الحالات، فمن الممكن أن يظل الشخص حيا، ولكن محطما منبوذا فلا يلتفت أحد لما يقوله من أفكار.

أو كما يقول أورويل فى الرواية على لسان المحقق: «.. ولذلك يجب عليك أن تكف عن التوهم بأن الأجيال القادمة ستبرئ ساحتك وتجعل منك شهيدا. إنهم لن يسمعوا عنك أبدا لأنك ستزال تماما من سجل التاريخ. سنحيلك إلى غاز، ثم نطلقك في الهواء. سنجعلك نسيا منسيا. ولن يبقى منك شيء، لا اسما في سجل، ولا أثرا في ذاكرة حية. ستمحى كل علاقة لك بالماضي كما بالمستقبل وستصبح وكأنك لم تكن».

«لا تتصور أنك ستنقذ نفسك يا ونستون، مهما كان استسلامك لنا مطلقا فما من امرئ انحرف مرة عن جادة الصواب ثم أبقينا على حياته، وحتى لو اخترنا أن نتركك تعيش إلى أن ينقضي أجلك فتموت ميتة طبيعية، فلن يمكنك أبدا أن تفلت من قبضتنا، وما حدث لك هنا سيعيش معك أبد الدهر. فعليك أن تعي ذلك سلفا. إننا سنسحقك إلى درجة لا يمكنك بعدها أن تعود بحياتك إلى سيرتها الأولى. وستحدث لك أشياء لن يمكنك أن تبرأ من آثارها حتى لو عشت ألف عام، وأبدا لن تقدر ثانيةً على الشعور بما يشعر به الأحياء، إن كل شيء سيموت داخلك ولن تعود قادرا على الحب أو الصداقة أو الاستمتاع بالحياة أو الضحك أو حب الاستطلاع أو الشجاعة أو الاستقامة. ستكون أجوف لأننا سنعصرك حتى تصبح خواء من كل شيء ثم نملأك بذواتنا».

1984 رواية لا تتحدث عن القمع بقدر حديثها عن طمس الوعي، ذلك الشيطان الماكر الذي يبدأ بكونه بذرة صغيرة داخل عقول الأفراد ليكبر ويتضخم مثل كرة الثلج، الوعي بالماضي، وبالآليات الفعالة فى الحاضر لتكوين صورة عن المستقبل الذي نرغب فيه. لو تمت لنا السيطرة على الوعي والمعرفة والحقيقة قد لا نحتاج للقمع المادي الجسدي إلا في أضيق الحدود. وللسيطرة على الوعي يجب طمس الحقائق وحرق الأدلة وتزييف التاريخ، أو كما يقول أورويل فى الرواية على لسان ونستون «هل تعلمين (يا جوليا) أن الماضي ابتداء من الأمس قد تم محوه تماما؟ إننا لا نكاد نعرف شيئا محددا عن الثورة والسنوات التي سبقتها. فكل السجلات تم إتلافها، وكل كتاب أعيدت كتابته. وكل صورة أعيد رسمها، واسم كل تمثال وشارع وبناية جرى استبداله. وكل تاريخ جرى تحريفه. ولا تزال هذه العملية متواصلة يوما بعد يوم ودقيقة بدقيقة. لقد وصلنا إلى نهاية التاريخ، وانتفت صفة الوجود عن كل شيء عدا الحاضر الذي لا نهاية له، والذي ينطق بأن الحزب دائما على حق. إنني أعلم أن الماضي يزيف. ولكن لن يكون بمستطاعي إطلاقا أن آتى ببرهان على ذلك حتى ولو كنت أنا الذي قمت بالتزييف. فبمجرد الانتهاء من التزييف يجرى إحراق كل دليل حي، والدليل الوحيد هو ذلك الذي يبقى داخل عقلي ولا أعرف يقينا إن كان هنالك إنسان آخر يشاركني فيما أحمل في ذاكرتي أم لا».

ونقرأ في صفحات الرواية: «وبهذا يصبح التاريخ عبارة عن لوح ممسوح، يعاد نقشه كلما كان ذلك ضرورياً. كل شيء قد تلاشى، في عالم مضلل، أصبح فيه حتى تاريخ السنة، عرضة للشك».

هو ذا التصور الذي أسهب به جورج عن عالمٍ متصدع تتحكم فيه الأيديولوجيّة وحيدة الاتجاه، ويلغى فيه العقل وتجّرد منه الإنسانية من كل مظاهرها،"عالم 1984" يصلح أن يكون أحد دروس “كيف تكون مستبدًا”. ورغم الطابع السوداويّ الذي أفضت إليه الرواية إلّا أنها حملت الكثير عمّا حدث ويحدث في العالم. حملت بذور أن الفكرة لا تموت، أو على الأقل، نوهت أن الفكرة هي أقوى سلاح، وأكبر خطر يهدد كل المستبدين.

رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
أدب ، حرية، ر وايات


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:57 PM.