|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ثانياً: من أهداف الجهاد في سبيل الله تعالى: 1- حماية حرية العقيدة: قال تعالى: ( وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ` وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَوْلاَكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ )[الأنفال:39،40]. 2- حماية الشعائر والعبادات: قال تعالى: ( إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ` أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ` الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللهُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسمُ اللهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ` الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَللهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ )[الحج:38-41]. 3- دفع الفساد عن الأرض: قال تعالى: ( وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ` فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ` تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ )[البقرة:250-252]. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ( وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ ) أي لولا الله يدفع عن قوم بآخرين كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا([9]). 4- الابتلاء والتربية والإصلاح: قال تعالى: ( فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ` سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ` وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ )[محمد:4-6]. قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ( وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) أي ولكن شرع لكم الجهاد وقتال الأعداء ليختبركم وليبلو أخباركم([10]) كما ذكر حكمته في شرعية الجهاد في قوله تعالى: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )[آل عمران:142].
5- إرهاب الكفار وإخزاؤهم وإذلالهم وتوهين كيدهم: قال تعالى: ( وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ )[الأنفال:60]. وقال تعالى: ( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ` وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )[التوبة:14،15]. وقال تعالى: ( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَنًا إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ` ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ )[الأنفال:17،18]. 6- كشف المنافقين: قال تعالى: ( مَا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ )[آل عمران:179]. قال ابن كثير: أي لا بد أن يعقد شيئا من المحنة يظهر فيها وليه ويفضح به عدوه، يعرف به المؤمن الصابر والمنافق الفاجر، يعني بذلك يوم أحد الذي امتحن الله به المؤمنين، فظهر به إيمانهم وصبرهم وجلدهم وثباتهم وطاعتهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهتك به ستار المنافقين، فظهر مخالفتهم ونكولهم عن الجهاد وخيانتهم لله ورسوله صلى الله عليه وسلم([11]). 7- إقامة حكم الله ونظام الإسلام في الأرض: إن إقامة حكم الله في الأرض هدف من أهداف الجهاد قال تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلاَ تَكُنْ لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا )[النساء:105]. 8- دفع عدوان الكافرين: إن من أهداف الجهاد في الإسلام دفع عدوان الكافرين وهذا الجهاد أنواع منها: أ- أن يعتدي الكفار على فئة مؤمنة مستضعفة في أرض الكفار: لا سيما إذا لم تستطع أن تنتقل إلى بلاد تأمن فيها على دينها، فإن الواجب على الدولة الإسلامية أن تعد العدة لمجاهدة الكفار الذين اعتدوا على تلك الطائفة حتى يخلصوها من الظلم والاعتداء الواقع عليها([12]) قال تعالى: ( فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا` وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنْكَ نَصِيرًا )[النساء:74،75]. ب- أن يعتدي الكفار على ديار المسلمين: قال تعالى: ( وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ` وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ` فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )[البقرة:190-192]. فقد نص الفقهاء على أنه إذا اعتدى الكفار على ديار المسلمين، يتعين الجهاد للدفاع عن الديار؛ لأن العدو إذا احتلها سام المسلمين عذاباً، ونفذ فيها أحكام الكفر، وأجبر أهلها على الخضوع له، فتصبح دار كفر بعد أن كانت دار إسلام. قال بعض علماء الحنفية: «وحاصله أن كل موضع خيف هجوم العدو منه فرض على الإمام أو على أهل ذلك الموضع حفظه، وإن لم يقدروا فرض على الأقرب إليهم إعانتهم إلى حصول الكفاية بمقاومة العدو»([13]). جـ- أن ينشر العدو الظلم بين رعاياه- ولو كانوا كفارًا: لأن الله سبحانه حرم على عباده الظلم، والعدل في الأرض واجب لكل الناس، وإذا لم يدفع المسلمون الظلم عن المظلومين أثموا؛ لأنهم مأمورون بالجهاد في الأرض لإحقاق الحق وإبطال الباطل، ونشر العدل والقضاء على الظلم، ولا فلاح لهم إلا بذلك، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ للهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ )[المائدة:8]. د- الوقوف ضد الدعاة إلى الله ومنعهم من تبليغ دعوة الله: إن المسلمين مفروض عليهم من قبل المولى عز وجل أن يبلغوا رسالات الله للناس كافة، قال تعالى: ( وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ )[آل عمران: 104]. وأعداء الله يصدون أولياءه عن تبليغ عباده دعوته ولا يتركون لهم سبيلاً إلى الناس، كما لا يأذنون للدعاة أن يُسمعوا الدعوة إلى الله للناس، ويضعون العراقيل والعوائق، والحواجز بين الدعوة ودعاتها وبين الناس، ولذلك أوجب الله عز وجل على عباده المؤمنين قتال كل من يصد عن سبيل الله تعالى([14]). قال تعالى: ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ` وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ` ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ` فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إذا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ )[محمد:1-4]. |
#2
|
||||
|
||||
![]() ثالثاً: أهم السرايا والبعوث التي سبقت غزوة بدر الكبرى:
بمجرد الاستقرار الذي حصل للمسلمين بقيادة الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وقيام الجماعة المؤمنة في المجتمع الجديد، كان لا بد أن يتنبه المسلمون وقيادتهم إلى الوضع حولهم وما ينتظرهم من جهة أعدائهم أعداء الدعوة، وكان لا بد أن تنطلق الدعوة الإسلامية إلى غايتها التي أرسل الله محمداً صلى الله عليه وسلم بها، وتحمل هو وأصحابه في سبيلها المشاق الكثيرة. إن موقف قريش في مكة من أولى الأمور التي يجب أن تعالجها قيادة المدينة؛ لأن أهل مكة لن يرضوا بأن يقوم للإسلام كيان ولو كان في المدينة، لأن ذلك يهدد كيانهم، ويقوض بنيانهم، فهم يعلمون أن قيام الإسلام معناه انتهاء الجاهلية وعادات الآباء والأجداد، فلا بد من الوقوف في وجهه. وقد بذلت مكة وأهلها المحاولات لعدم وصول النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة واتخذت مواقف عدائية لضرب الإسلام والقضاء على المسلمين([15]) واستمر هذا العداء بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن أهم المواقف الدالة على ذلك، ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود t حدَّث عن سعد بن معاذ أنه قال: كان صديقاً لأمية بن خلف، وكان (أمية) إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على (أمية) فلما قَدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انطلق (سعد) معتمراً فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظر لي ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريباً من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟ فقال: هذا سعد، فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمناً، وقد آويتم الصُّبَاه([16]) وزعمتم أنكم تنصرونهم، وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالما، فقال له (سعد) ورفع صوته عليه: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه، طريقك على المدينة...([17]) وفي رواية عند البيهقي: «والله لئن منعتني أن أطوف بالبيت لأقطعن عليك متجرك إلى الشام» ([18]) تدل هذه الواقعة على أن (أبا جهل) يعتبر (سعد بن معاذ) من أهل الحرب بالنسبة إلى قريش، ولولا أنه دخل مكة في أمان زعيم من زعمائها لأهدر دمه، وهذا تصرف جديد من رؤساء مكة حيال أهل المدينة لم يكن قبل الدولة الإسلامية فيها، فلم يكن أحد من أهل المدينة يحتاج إلى عقد أمان لكي يسمح له بالدخول إلى مكة، بل إن قريشا كانت تكره أن تفكر في حدوث حالة حرب بينها وبين أهل المدينة قبل هذا الوضع الجديد، وقالوا في هذا الصدد يخاطبون أهل المدينة ما نصه: «والله ما من حي من العرب أبغض إلينا أن تنشب الحرب بيننا وبينهم منكم» ([19]) كما تدل هذه القصة على أن قوافل تجارة قريش في طريقها إلى الشام كانت في أمان إلى حدوث هذه الواقعة، لا تتعرض لها الدولة الإسلامية بمكروه، أي: كانت الدولة الإسلامية إلى هذا الوقت لم تعامل أهل مكة معاملة أهل الحرب، فلم تضرب عليهم الحصار الاقتصادي، ولم تصادر لهم أية قافلة، أو تقصدها بسوء؟ ومعنى هذا أن الأيدي الممسكة بزمام الأمور في مكة هي التي بادرت، وأعلنت الحرب على الدولة الإسلامية في المدينة، واعتبرت المسلمين أهل حرب لا يسمح لهم بدخول مكة إلا بصفة مستأمنين([20]). * ودليل آخر على مبادرة رؤساء مكة في إعلان الحرب على الدولة الإسلامية في المدينة ما جاء في سنن أبي داود: «عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن كفار قريش كتبوا إلى (ابن أُبي) ومن كان يعبد معه الأوثان من الأوس والخزرج، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة ،قبل وقعة بدر: إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لتقاتلنه ولتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى ن*** مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم، فلما بلغ عبد الله بن أبي، ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا لقتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم لقيهم فقال: «لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم» فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم تفرقوا([21]). وهنا تظهر عظمة النبوة وعظمة القائد المربي صلى الله عليه وسلم حيث قضى على هذه الفتنة في مهدها، وضرب على وتر العزة القبلية، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدرك أغوار النفس البشرية التي يتعامل معها، ولذلك كان خطابه مؤثراً في نفوس مشركي يثرب، ونحن بحاجة إلى هذا الفقه العظيم في تفتيت محاولات المشركين للقضاء على الصف الإسلامي وزعزعة بنيانه الداخلي، بعد أن بدأت قريش بإعلان حالة الحرب بينها وبين دولة الإسلام بالمدينة، ونزل الإذن من الله تعالى بالقتال صار من الطبيعي أن تتعامل دولة المدينة مع قريش حسب ما تقتضيه حالة الحرب هذه، فقد اتجه نشاط الرسول صلى الله عليه وسلم من أجل توطيد مكانة هذه الدولة، والرد على قريش في إعلانها الحرب على المدينة، فاتجه نشاطه نحو إرسال السرايا، والخروج في الغزوات([22]) فكانت تلك السرايا والغزوات التي سبقت بدر الكبرى ومن أهمها: 1- غزوة الأبواء: أولى الغزوات التي غزاها النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الأبواء([23]) وتعرف بغزوة ودان([24]) أيضاً، وهما موقعان متجاوران بينهما ستة أميال أو ثمانية، ولم يقع قتال في هذه الغزوة بل تمت موادعة بني ضمرة (من كنانة)، وكانت هذه الغزوة في صفر سنة اثنتين من الهجرة، وكان عدد المسلمين مائتين بين راكب وراجل([25]). 2- سرية عبيدة بن الحارث: وهي أول راية عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم([26])، وكان عدد السرية ستين من المهاجرين وكانت قوة الأعداء من قريش أكثر من مائتي راكب وراجل، وكان قائد المشركين أبو سفيان بن حرب، وحصلت مناوشات بين الطرفين على ماء بوادي رابغ، رمى فيها سعد بن أبي وقاص أول سهم رمي في الإسلام وكانت بعد رجوعه من الأبواء([27]). 3- سرية حمزة بن عبد المطلب: قال ابن إسحاق: وبعث النبي صلى الله عليه وسلم في مقامه ذلك- أي لما وصل إلى المدينة بعد غزوة الأبواء- حمزة بن عبد المطلب إلى سِيف البحر([28]) من ناحية العيص في ثلاثين راكباً من المهاجرين، فلقي أبا جهل بن هشام بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب من أهل مكة، فحجر بين الفريقين مجدي بن عمرو الجهني، وكان موادعا للفريقين جميعاً، فانصرف القوم عن بعض ولم يكن بينهم قتال([29]). 4- غزوة بواط([30]): وكانت غزوة رسول الله صلى الله عليه وسلم (بواط) في شهر ربيع الأول في السنة الثانية من مهاجره، وخرج في مائتين من أصحابه وكان مقصده أن يعترض عيراً لقريش كان فيها أمية بن خلف في مائة رجل وألفين وخمسمائة بعير، فلم يلق النبي صلى الله عليه وسلم كيداً فرجع إلى المدينة. 5- غزوة العُشَيرة([31]): وفيها غزا صلى الله عليه وسلم قريشاً، واستعمل على المدينة أبا سلمة بن عبد الأسد، وسميت هذه الغزوة بغزوة العُشَيرة، فأقام بها جمادى الأولى وليالي من جمادى الآخرة، وادع فيها بني مدلج وحلفاءهم من بني ضَمرة، ثم رجع إلى المدينة ولم يلق كيداً، وذلك أن العير التي خرجت لها الغزوة قد مضت قبل ذلك بأيام ذاهبة إلى الشام([32])، فساحلت على البحر وبلغ قريشاً خبرها فخرجوا يمنعوها فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقعت غزوة بدر الكبرى([33]). 6- سرية سعد بن أبي وقاص: وبعد غزوة العشيرة بعث النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص في سرية قوامها ثمانية رَهْط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخَرَّار([34]) من أرض الحجاز، ثم رجع ولم يلق كيداً([35]). 7- غزوة بدر الأولى: سببها: أن كرز بن جابر الفهري، قد أغار على سرح المدينة ونهب بعض الإبل والمواشي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبه حتى بلغ وادياً يقال له (سفوان) من ناحية بدر، وفاته كرز بن جابر، فلم يدركه، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة([36]). 8- سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة([37]): وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن جحش في ثمانية رَهْط من المهاجرين إلى نخلة جنوب مكة في آخر يوم من رجب للاستطلاع والتعرف على أخبار قريش، لكنهم تعرضوا لقافلة تجارية لقريش فظفروا بها، و***وا قائدها عمرو بن الحضرمي، وأسروا اثنين من رجالها وهم: عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان، وعادوا بهم إلى المدينة، وقد توقف النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغنائم حتى نزل قوله تعالى: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِن اسْتَطَاعُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ )[البقرة:217]. فلما نزل القرآن الكريم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم العير والأسيرين، وفي سرية عبد الله هذه غنم المسلمون أول غنيمة، وعمرو بن الحضرمي أول قتيل ***ه المسلمون، وعثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان أول من أسر المسلمون([38]). |
#3
|
||||
|
||||
![]() رابعًا: فوائد ودروس وعبر: 1- متى شُرع الجهاد؟ ذهب الشيخ الدكتور محمد أبو شهبة إلى أن تشريع الجهاد كان في أوائل السنة الثانية للهجرة، وعلل ذلك بسبب انشغال المسلمين في السنة الأولى بتنظيم أحوالهم الدينية والدنيوية كبنائهم المسجد النبوي، وأمور معايشهم، وطرق اكتسابهم وتنظيم أحوالهم السياسية: كعقد التآخي بينهم، وموادعتهم اليهود المساكنين لهم في المدينة، كي يأمنوا شرورهم([39])، وذهب الأستاذ صالح الشامي أن الإذن بالجهاد كان في أواخر السنة الأولى للهجرة([40]). 2- الفرق بين السرية والغزوة: يطلق كتاب السير في الغالب على كل مجموعة من المسلمين خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم ليلقى عدوه (غزوة)، سواء حدث فيها قتال أو لم يحدث، وسواء كان عددها كبيراً أو صغيراً، ويطلق على كل مجموعة من المسلمين يرسلها النبي صلى الله عليه وسلم لاعتراض عدو كلمة: (سرية) أو (بعث)، وقد يحدث فيها قتال، وقد لا يحدث، وقد تكون لرصد أخبار عدوه أو غيره، وغالباً ما يكون عدد الذين يخرجون في السرايا قليلاً؛ لأن مهمتهم محددة في مناوشة العدو وإخافته وإرباكه، وقد قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزوة، وأرسل ما يقدر بثمانٍ وثلاثين سرية وبعثاً، وقد خطط لها في فترة وجيزة في عمر الأمم بلغت عشر سنوات من الزمن([41]). 3- تعداد سكان المدينة وعلاقته بالسرايا: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجراء تعداد سكاني في السنة الأولى من الهجرة، وبعد المؤاخاة مباشرة، وكان الإحصاء للمسلمين فقط أو حسب نص أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: «اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس» فبلغ تعداد المحاربين منهم فقط (1500) ألفاً وخمسمائة رجل([42]) فأطلق المسلمون بعد إجراء هذا الإحصاء تساؤل تعجب واستغراب: «نخاف ونحن ألف وخمسمائة؟!» لأنهم كانوا قبل لا ينامون إلا ومعهم السلاح خوفا على أنفسهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنع خروجهم ليلاً فرادى حماية لهم من الغدر([43])، وبعد هذا التعداد مباشرة بدأت السرايا والغزوات، وهذا الإجراء الإحصائي يدخل ضمن الإجراءات التنظيمية في تطوير الدولة الناشئة([44]). 4- حراسة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلمالشخصية: كان الصحابة رضي الله عنهم يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم حراسة شخصية، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «أرق النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقال: «ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة»، إذ سمعنا صوت السلاح، قال: «من هذا؟» قال: سعدٌ، يا رسول الله جئت أحرسك، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فنام حتى سمعنا غطيطه»([45])، وكان ذلك قبل غزوة بدر الكبرى([46])، وفي حديث عائشة، مشروعية الاحتراس من العدو، والأخذ بالحزم، وترك الإهمال في موضع الحاجة إلى الاحتياط، وأن على الناس أن يحرسوا سلطانهم خشية ال***، وفيه الثناء على من تبرع بالخير وتسميته، وإنما عانى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مع قوة توكله للاستنان به في ذلك([47]). 5- نص وثيقة المعاهدة مع بني ضمرة والتعليق عليها: «بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله لبني ضَمرة بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بأنهم آمنون على أموالهم وأنفسهم، وأنَّ لهم النصر على من رامهم، إلا أن يُحاربوا في دين الله ما بل بحرٌ صوفه ([48])وأن النبي إذا دعاهم لنصرة أجابوه، عليهم بذلك ذمة الله وذمة رسوله، ولهم النصر على من برَّ منهم واتقى»([49]). انتهز النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الأبواء فرصة ذهبية، فعقد حلفاً عسكرياً مع شيخ بني ضمرة، فقد كان موقع بلاده ذا قيمة عسكرية لا تقدر بثمن في الصراع بين الدولة الإسلامية الناشئة وقريش؛ ولذلك عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على ضمان حيدتهم، في حالة وقوع صدام مسلح بين المدينة وأهل مكة، وكانت خطته صلى الله عليه وسلم حتى وقعة بدر أن يزعج قوافل قريش بإرسال مجموعات صغيرة من المهاجرين، وخاصة أن هذه القوافل كانت غير مصحوبة بجيش يحميها، وهو أمر لم تفكر فيه قريش حتى تلك اللحظة([50]). كان قرب بني ضمرة وحلفائهم من المدينة التي كانت سوقهم ومصدر رزقهم، قد وضعهم في موقف لا يسمح لهم بأي مسلك غير موادعة الدولة الإسلامية الناشئة، وهو حلف عدم اعتداء وفق المصطلح الحديث([51]). وقد دلت هذه الموادعة على أن مقتضيات السياسة الشرعية قد تدفع المسلمين إلى التحالف العسكري أو الاقتصادي أو التجاري، مع أي من الكتل القائمة، وأن التحالف السياسي له أصل في الشريعة، وضرورة يوجبها استهداف رفع الضرر الحاصل أو المرتقب([52])، وأن التحالف مبني على قاعدة رفع الضرر، والمصلحة المشتركة، وأن تكون لأصل الحلف غاية شرعية معلومة، وأن يكون للمسلمين في الحلف قرار ورأي، أما إذا كانوا أتباعًا ومنفذين كما في الأحلاف الحديثة، فهذا لا ينطبق عليه الأصل الشرعي، وعلى قيادة الأمة أن تستوعب هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حركته السياسية، وأن تفهم القاعدة الشرعية التي تقول: (لا ضرر ولا ضرار)([53]). يقول الشيخ مصطفى الزرقا في معرض الحديث عن هذه القاعدة ما نصه: «وهذه القاعدة من أركان الشريعة، وتشهد لها نصوص من الكتاب والسنة، ويشمل الضرر المنهي عنه ما كان ضرراً عاماً أو خاصاً، ويشمل ذلك دفعه قبل الوقوع بطرق الوقاية الممكنة، ودفعه بعد الوقوع بما يمكن من التدابير التي تزيل آثاره، وتمنع تكراره، كما يدل على وجوب اختيار أهون الشرين لدفع أعظمها؛ لأن في ذلك تخفيفاً للضرر عندما لا يمكن منعه بتاتا([54]). إن هذه الموادعة توضح جواز عقد الدولة الإسلامية معاهدة دفاعية بينها وبين دولة أخرى إذا اقتضت ذلك مصلحة المسلمين، ولم يترتب أي ضرر على مثل هذه المعاهدة، ويجب على الدولة الإسلامية، في هذه الحال نصرة الدولة الحليفة إذا دعيت إلى هذه النصرة ضد الكفار المعتدين، كما يجوز للدولة الإسلامية أن تطلب من الدولة الحليفة إمدادها بالسلاح، والرجال، ليقاتلوا تحت راية الدولة الإسلامية ضد الأعداء من الكفار([55]). وقد شرط النبي صلى الله عليه وسلم على بني ضَمرة ألا يحاربوا في دين الله، حتى يكون لهم النصر على من اعتدى عليهم أو حاول الاعتداء، وفي هذا إبعاد للعقبات التي يمكن أن تقف في طريق الدعوة، فقد أوجبت هذه المعاهدة على بني ضمرة ألا يحاربوا هذا الدين أو يقفوا في طريقه([56]). وتعتبر هذه المعاهدة كسباً سياسياًّ وعسكرياًّ للمسلمين لا يستهان به([57]). 6- (وإني لأول رجل رمى بسهم في سبيل الله)([58]): كانت سرية عبيدة بن الحارث t أول سرية في تاريخ السرايا يلتقي فيه المسلمون مع المشركين في مواجهة عسكرية، وقد اتخذ القتال بين الطرفين طابع المناوشة بالسهام وكان سعد بن أبي وقاص t (أول العرب رمى بسهم في سبيل الله) ([59]) في تلك المعركة التي لم تستمر طويلاً، إذ قرر الفريقان الانسحاب من أرضها، وقد كان انسحاب المسلمين قوياًّ ومنظماً، وكان بطل هذا الانسحاب سعد بن أبي وقاص t فقد كان له الدور الأكبر في تثبيت وإحباط استعدادات العدو لشن أي هجوم مضاد؛ وذلك بوابل من السهام المزعجة التي قذفها نحوه، والتي كونت ساتراً دفاعياًّ مهد لانسحاب سليم منظم بالنسبة للمسلمين، وقد فر عتبة بن غزوان والمقداد بن الأسود رضي الله عنهما يومئذ إلى المسلمين، وكانا قد أسلما قبل ذلك، وفي هذه السرية حقق سعد بن أبي وقاص t سبقاً عسكرياًّ إسلامياًّ، يسجل في سجله الحافل بالأعمال العظيمة لنصرة دين الله تعالى، كما أكدت هذه السرية استمرار سياسة رسول الله صلى الله عليه وسلم التعبوية الخاصة بحشد المهاجرين فقط في الغزوات والسرايا الأولى حتى بدر تنفيذاً لاتفاقية العقبة الثانية([60]). 7- نص وثيقة الموادعة مع جهينة والتعليق عليها: «إنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم، وإن لهم النصر على من ظلمهم أو حاربهم إلا في الدين والأهل، ولأهل باديتهم من بر منهم واتقى ما لحاضرتهم»([61]). ويظهر أثر هذه الموادعة عندما تدخل مجدي بن عمرو الجهني في التوسط بين سرية حمزة بن عبد المطلب والقافلة القرشية التي كان يقودها أبو جهل بن هشام ويحرسها ثلاثمائه راكب من فرسان قريش([62]) فقد التقوا ناحية العيص في منطقة نفوذ جهينة واصطفوا للقتال([63]) وقبل أن يندلع القتال بين الفريقين تدخل مجدي بن عمرو زعيم من زعماء جهينة، في وساطة سلام بينهم، واستطاع أن ينجح في مساعيه السلمية بين الطرفين، فقد كان مجدي وقومه حلفاء للفريقين جميعاً فلم يعصوه فرجع الفريقان كلاهما إلى بلادهما فلم يكن بينهم قتال([64]). ويظهر من هذه المعاهدة أن عقد المعاهدات بين الدول الإسلامية والقبائل المجاورة كان سابقاً على الأعمال العسكرية التي قامت بها، بدليل أن حركة السرايا الأولى الموجهة ضد قريش كان قد سبقها معاهدة سلام بين دولة الإسلام وقبيلة جهينة المقيمة على ساحل البحر الأحمر، وقد توسطت لمنع القتال بين المسلمين وكفار مكة. ومن فقه هذه المعاهدة، جواز عقد معاهدة سلام بين دولة الإسلام ودولة أخرى هي بدورها مرتبطة بمعاهدة سلام مع أعداء الدولة الإسلامية بشرط أن لا تجاوز تلك المعاهدة إلى الاتفاق على أن تنصر الدولة المعاهدة للمسلمين تلك الدولة العدو إذا ما اشتبكت مع المسلمين في قتال، ويجوز للدولة الإسلامية أن تترك قتال أعداءها بعد أن تستعد لذلك استجابة لوساطة دولة أخرى، إذا لم يترتب على ذلك ضرر للمسلمين([65]). كانت نتائج سرية حمزة t على المعسكر الوثني سيئة للغاية، حيث هزت كيان قريش وبثت الرعب في نفوس رجالها، وفتحت أعينهم على الخطر المحدق بهم والذي أصبح يهدد طريق تجارتهم وقوتهم الاقتصادية([66])، فقد قال أبو جهل حين قدم مكة منصرفه عن حمزة: يا معشر قريش إن محمدا قد نزل يثرب وأرسل طلائعه، وإنما يريد أن يصيب منكم شيئاً، فاحذروا أن تمروا طريقه، وأن تقاربوه فإنه كالأسد الضاري، إنه حنق([67]) عليكم نفيتموه نفي القردان([68]) على المناسم([69])، والله إنه له لسحرة، ما رأيته قط ولا أحدا من أصحابه إلا رأيت معهم الشياطين، وإنكم عرفتم عداوة ابني قيلة([70]) فهو عدو استعان بعدو ([71]). 8- سرية عبد الله بن جحش وما فيها من دروس وعبر: إن سرية عبد الله بن جحش حققت نتائج مهمة وفيها دروس وعبر وفوائد عظيمة منها: أ- جاء في خبر هذه السرية أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لأمير السرية كتاباً وأمره ألا ينظر فيه حتى يسير يومين، وهذا مثل لتطبيق مبدأ مهم من مبادئ الحرب، وهو إخفاء الخطط الحربية، ومنها خط السير، حتى يكون الجيش في أمان من كيد الأعداء، فالمدينة كانت آنذاك تضم اليهود والوثنين ومن المتوقع أن يسارع هؤلاء إلى إخبار أهل مكة بخط سير تلك السرية الموجهة ضدهم، فلما سار أفراد السرية وهم بأنفسهم لا يعلمون اتجاههم أصبح النبي صلى الله عليه وسلم آمنا من انكشاف الهدف المقصود([72]). وإن الباحث ليرى أثر التربية النبوية في هذه السرية المباركة حيث سمعوا وأطاعوا جميعا وساروا إلى منطقة أعدائهم، وتجاوزوها حتى أصبحوا من ورائهم، وهذا شاهد على قوة إيمان الصحابة رضي الله عنهم، واستهانتهم بأنفسهم في سبيل الله تعالى([73]). ب- حاولت قريش أن تستغل ما وقع من *** في الشهر الحرام من قبل أفراد السرية: فشنوا حرباً إعلامية وهجومية مركزة تتخللها دعايات مغرضة ضد المسلمين، استغلت فيها التعاليم الإبراهيمية التي ما زالت بعض آثارها باقية في المجتمع الجاهلي حتى ذلك الوقت من تحريم القتال في الأشهر الحرم، وغير ذلك، فقد انتهزت قريش هذه الفرصة للتشهير بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالمسلمين وإظهارهم بمظهر المعتدي الذي لا يراعي الحرمات ([74])، قالت قريش: «قد استحل محمد وأصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال، وأسروا فيه الرجال»([75]). ونجحت قريش في خطتها تلك بادئ الأمر حيث (كان لدعايتها صدى كبير، وأثر ملموس حتى في المدينة نفسها، فقد كثر الجدل والنقاش بين المسلمين أنفسهم، وأنكروا على رجال السرية محاربتهم في الشهر الحرام واشتد الموقف، ودخلت اليهود تريد إشعال الفتنة)([76])، وقالوا إن الحرب واقعة لا محالة بين المسلمين وقريش، بل بينهم وبين العرب جميعاً جزاء ما انتهكوا من حرمة الشهر الحرام، وأخذوا يرددون: «عمرو بن الحضرمي ***ه واقد بن عبد الله، عمرو: عمرت الحرب، والحضرمي: حضرت الحرب، وواقد: وقدت الحرب»([77]) وهذا الكلام من اليهود يعبر عن حقد دفين في نفوسهم على الإسلام والمسلمين([78]). وعندما ظن أهل السرية أنهم قد هلكوا وسُقط في أيديهم جاء الرد الرباني المفحم قطعاً لألسنة المشركين الذين يتترسون بالحرمات، ويتخذونها ستاراً لجرائمهم، ففضح القرآن هؤلاء المجرمين، وأبطل احتجاجهم وأجاب على استنكارهم القتال في الشهر الحرام، فالصد عن سبيل الله، والكفر به أكبر من القتال في الشهر الحرام، والمسجد الحرام، وإخراج أهله منه أكبر من القتال في الشهر الحرام، وفتنة الرجل في دينه أكبر من ال*** في الشهر الحرام، لقد فعلت قريش كل هذه الجرائم، وارتكبت هذه الكبائر، ولكنها تناستها أو استهانت بها، ولم تذكر إلا حرمة الشهر، واتخذها وسيلة لإثارة حرب شعواء على الإسلام ودولته، لتأليب القبائل الوثنية عليها، وتنفير الناس من الدخول في هذا الدين الذي يستحل الحرمات، ويستبيح المقدسات حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لحقه الغم، ولام قائد السرية وأصحابه على ما فعلوا([79])، فنزلت الآيات البينات ترد وبقوة على دعايات قريش المغرضة، موضحة أنه وإن كان الشهر الحرام لا يحل فيه القتال، ولكن لا حرمة عند الله لمن هتك الحرمات وصد عن سبيله([80]). جـ- حرص القائد على سلامة الجنود: عندما تخلف سعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان بسبب بحثهما عن بعير لهما قد أضلاه، وجاءت قريش تريد أن تفدي الأسيرين، فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: «أخاف أن تكونوا قد أصبتم سعد بن مالك وعتبة بن غزوان» فلم يفدهما حتى قدم سعد وعتبة، ففوديا، فأسلم الحكم بن كيسان([81]) وأقام عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع عثمان بن عبد الله ابن المغيرة كافراً([82]). ونفهم من المنهاج النبوي ضرورة أن يهتم القائد بسلامة جنده؛ لأنهم هم الذين يقدمون أنفسهم في سبيل نصرة دين الله وإقامة دولة الإسلام. إن المدارس العسكرية الحديثة تقول: إن الجندي حين يحس باهتمام القيادة به وسلامته وبأمنه، لا يتردد في أن يبذل غاية البذل ويعطي أقصى العطاء([83]). د- ظهور التربية الأمنية في الميدان: كانت سرية عبد الله بن جحش قد حققت أهدافها، وظهرت قدرتها على التوغل في المناطق الخاضعة لنفوذ قريش مما أذهلها، وزاد دهشتها وذهولها، تلك السرية التامة، والدقة المتناهية التي تمت بها العملية، حتى إن جواسيس قريش لم تستطع رصدها ولا معرفة الوجهة التي قصدتها، وكان ذلك ما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطط له بابتكاره أسلوب الرسائل المكتوبة للمحافظة على الكتمان وحرمان العدو من الحصول على المعلومات التي تفيده عن حركات المسلمين «والكتمان أهم عامل من عوامل مبدأ (المباغتة) وهي أهم مبدأ من مبادئ الحرب»([84]). وقد أثبتت هذه السرية بما لا يدع مجالاً للشك بأن سرايا النبي صلى الله عليه وسلم قوية تندفع للقيام بأصعب الأعباء والمهمات وتتحلى بمزايا القتال، وقدرتها على إنجاز الواجبات بكل كفاءة واقتدار؛ مما يدل على روحها المعنوية العالية. وتظهر آثار التربية النبوية في الضبط العسكري الرفيع الذي تميز به قائد السرية وطاعته للأوامر النبوية العليا دون تردد أو تخاذل، فما إن قرأ الكتاب حتى امتثل فورا للأمر بحذافيره معطياًّ من نفسه القدوة الحسنة، وباثاًّ في نفوس جنوده الحماس وهو يقول لهم: «فمن كان منكم يريد الشهادة، ويرغب فيها فلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فأما أنا فماضٍ لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم»([85]). 9- من أهداف السرايا: عندما ندرس حركة السرايا والغزوات التي قادها رسول الله صلى الله عليه وسلم بدقة وعمق وتحليل، نستطيع أن نتلمس كثيراً من الأهداف وندرك بعض ما توحي به من دروس وعبر وفوائد، فإذا تأملنا في حركة السرايا التي سُيرت قبل بدر نجد أن أفرادها كلهم من المهاجرين ليس فيهم واحد من الأنصار يقول ابن سعد رحمه الله: «والمجتمع عليه أنهم كانوا جميعا من المهاجرين» ولم يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا من الأنصار مبعثاً حتى غزا بهم بدراً([86])وقد كان هذا أمراً مدروسًا له أهدافه ومنها: إحياء قضية المهاجرين في أنفسهم أولاً، وإحياؤها على المستوى الخارجي، وإنهاك الاقتصاد القرشي ومحاصرته، واستعادة بعض الحقوق المسلوبة، وإضعاف قريش عسكرياًّ، وتدريب الصحابة على إتقان فنون القتال، رصد تحركات قريش، وإرهاب العدو الداخلي في المدينة وما حولها واختبار قوة العدو([87]) وقد حققت تلك السرايا أهدافها والتي من أهمها: أ- بسط هيبة الدولة في الداخل والخارج: فقد استطاعت تلك السرايا والغزوات أن تلفت أنظار أعداء الدعوة والدولة الإسلامية إلى قوة المسلمين وقدرتهم على ضرب أية حركة مناوئة، سواء في الداخل أو الخارج، حتى لا يحدث أحد نفسه بمهاجمة الدولة الإسلامية، التي لا يتوقف جيشها ليل نهار؛ مما أرهب الأفاعي اليهودية، والقبائل الوثنية المحيطة بالمدينة، وجعل الجميع يعمل ألف حساب قبل أن تحدثه نفسه بغزو المدينة، أو مناصرة أحد من الأعداء عليها والذي نلاحظه في حركة السرايا الزيادة المستمرة في أعداد قوة تلك الغزوات والسرايا، ومجيئها متتابعة ليس بينها فاصل زمني على الإطلاق، فلا تكاد السرية أو الغزوة تعود حتى تكون التي بعدها قد خرجت لتحقيق الهدف نفسه، وهو ضرب مصالح قريش الاقتصادية، وقطع طرق تجارتها، وخصوصاً إلى بلاد الشام؛ مما كلفها زيادة عدد حراس قوافلها، وارتفاع قيمة بضائعها، عدا عن الرعب والخوف الذي يشعر به رجال القوافل القرشية وأصحاب الأموال في مكة على حد سواء([88]). ب- كسب بعض القبائل وتحجيم دور الأعراب: فقد وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلة جهينة وحالفها، وكذلك بعض القبائل الضاربة في تلك المنطقة، من أجل تحييدها في الصراع الدائر بين مكة والمدينة، والعمل على كسبها في هذا الصراع وذلك: (لأن الأصل أن هذه القبائل تميل إلى قريش، وتتعاون معها، إذ بينهما محالفات تاريخية سماها القرآن الكريم بالإيلاف([89]) سعت قريش من خلالها لتأمين تجارتها مع الشام واليمن)([90]). وبعد أن اتفقت بعض القبائل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقدت معه معاهدات، أصبحت تشكل خطراً على تجارة قريش، وصار المسلمون هم السادة في المنطقة([91]). وقام النبي صلى الله عليه وسلم بتحجيم دور الأعراب كي لا يكون لهم وجود في طرق التجارة، فقد كان الأعراب يشكلون قوة تهديد للقوافل التجارية، وكان المار في مناطق نفوذهم لا يمر إلا بإتاوة تَدفع إليهم، وحينما قامت الدولة الإسلامية لم يجدوا شيئاً منها فجربوا مهاجمتها وتولى هذا كرز الفهري، ولكنه وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يطارده إلى سفوان (بالقرب من بدر، وهي مسافة تبعد عن المدينة حوالي 150 كيلومتراً) وقد سمى أهل السير هذه المطاردة غزوة بدر الصغرى، وتعد هذه الغزوة درساً لكل الأعراب فلم يحصل أن أعرابياًّ سولت له نفسه مهاجمة المدينة بعد هذه المطاردة، ومن ثم لم تدفع الأمة الإسلامية إتاوات لقطاع الطرق بل أجبرتهم على الانسحاب والدخول في اتفاقات مع المسلمين فأمنوا شرهم([92]). ج- علاقة هذه السرايا بحركة الفتوح الإسلامية: استمرت حركة السرايا والبعوث، وكانت بمثابة تمرينات عسكرية تعبوية، ومناورات حية لجند الإسلام، وكان هذا النشاط المتدفق على شكل موجات متعاقبة من جند الإسلام الأوائل دلالة قاطعة على أن دولة الإسلام في المدينة وبقيادة النبي القائد صلى الله عليه وسلم كانت مثل خلية النحل لا تهدأ ولا تكل، وإن الباحث ليلحظ في حركة السرايا والبعوث والغزوات الكبرى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم حرص الصحابة على المشاركة كقادة وجنود، فكان صلى الله عليه وسلم يعدهم لتثبيت دعائم الدولة والاستعداد للفتوحات المرتقبة، والتي ما فتئ عليه الصلاة والسلام يبشر بها أصحابه بين الفينة والأخرى في أوقات الحرب والسلم والخوف والأمن. إنه بنظرة فاحصة في قواده وجنود تلك السرايا والبعوث تطالعنا أسماء لمعت كثيراً في تاريخ الفتح الإسلامي فيما بعد، مثل قائد فتوحات الشام، أمين الأمة، أبي عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص صاحب القادسية، وفاتح المدائن وخالد بن الوليد سيف الله المسلول هازم الروم في اليرموك، وعمرو بن العاص فاتح مصر وليبيا وغيرهم -رضي الله عنهم- لقد التحق خالد وعمرو فيما بعد بحركة السرايا وقادوا بعضهما بعد إسلامهم، لقد كانت السرايا والغزوات التي أشرف عليها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في حياته تدريباً حياً نابضاً، بل يمكن اعتبارها دورات أركان للقادة الذين فتحوا مشارق الأرض ومغاربها فيما بعد. * * * ([1]) انظر: مفاتيح الغيب، فخر الرازي (3/514). ([2]) انظر: تفسير الألوسي (6/108). ([3]) انظر: القتال والجهاد، د. محمد خير هيكل (1/463، 464). ([4]) انظر: دراسة في السيرة، ص161. ([5]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب تمني الشهادة (3/268) رقم 2797. ([6]) البخاري، كتاب الجهاد والسير، باب تمني المجاهد أن يرجع إلي الدنيا (3/274) رقم 2817. ([7]) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه (3/1523) رقم 1919. ([8]) مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الرمي والحث عليه رقم 1917. ([9]) تفسير ابن كثير (1/262). (2) المصدر السابق (4/154). (1) انظر: تفسير ابن كثير (1/371) ([12]) انظر: الجهاد في سبيل الله، د. عبد الله القادري (2/162). ([13]) انظر: حاشية ابن عابدين (4/124). ([14]) انظر: فقه التمكين في القرآن الكريم، للصلابي، ص488. ([15]) انظر: مرويات غزوة بدر، أحمد باوزير، ص79. ([16]) جمع صابئ: أي الخارج عن دينه، وكان المشركون يسمون من أسلم صابئاً. ([17]) صحيح البخاري رقم 3950. (4) انظر: دلائل النبوة للبيهقي، (3/25). ([19]) انظر: سيرة ابن هشام (الروض الأنف 2/192). ([20]) انظر: الجهاد والقتال، (1/476). ([21]) سنن أبي داود (3/213) رقم الحديث 3004. (1) انظر الجهاد والقتال (1/477). ([23]) قيل: سميت بذلك لما فيها من الوباء. (3) ودان: قرية جامعة قريبة من الأبواء. ([25]) انظر: جيش النبي صلى الله عليه وسلم لمحمود شيت خطاب، ص54. (5) انظر: طبقات ابن سعد (2/7). ([27]) انظر: حديث القرآن عن غزوات الرسول، د. محمد بكر آل عباد (1/40). ([28]) سيف البحر: ساحله من ناحية العيص. (8) انظر: سيرة ابن هشام (2/595). ([30]) بواط: هو جبل من جبال جهينة، بناحية رضوى بقرب ينبع. ([31]) العشيرة: موضع بين مكة والمدينة من ناحية ينبع على ساحل البحر الأحمر، (مراصد الاطلاع 2/943). ([32]) انظر: طبقات ابن سعد (2/10). (3) نفس المصدر (2/11). ([34]) علم لموضع بالحجاز قرب الجحفة (مراصد الاطلاع 1/455). ([35]) انظر: سيرة ابن هشام (2/600). (6) المصدر السابق (2/601). ([37]) نخلة اليمانية: واد عسكرت به هوازن يوم حنين. ([38]) انظر: حديث القرآن الكريم عن غزوات الرسول (1/43). ([39]) انظر: السيرة النبوية لأبي شهبة(1/75، 76). (3) انظر: معين السيرة، ص175. ([41]) في ظلال السيرة، غزوة بدر، لأبي فارس، ص12. (5) انظر: الوثائق السياسية، حميد الله، ص65. ([43]) انظر: الروض الأنف (5/43). ([44]) انظر: دراسات في عهد النبوة للشجاع، ص163. ([45]) صحيح البخاري، كتاب التمني (3/219). (4) انظر: تفسير القرطبي (6/230). ([47]) انظر: ولاية الشرطة في الإسلام، د. عمر محمد الحميداني، ص63. ([48]) كناية على التأبيد والاستمرار. ([49]) الوثائق السياسية، محمد حميد الله، ص220 رقم 159. ([50]) انظر: نشأة الدولة الإسلامية، د. عون الشريف، ص43. ([51]) انظر: الفقه السياسي، خالد سليمان الفهداوي، ص119. ([52]) المصدر السابق، ص124. ([53]) هذه القاعدة أصلها حديث نبوي رواه ابن ماجة (2/39) رقم 1896، وهو صحيح. ([54]) انظر: المدخل الفقهي، الشيخ الزرقا، ص972. ([55]) انظر: الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، د. محمد خير هيكل (1/479). ([56]) انظر: دولة الرسول من التكوين إلى التمكين، ص530. ([57]) انظر: الدعوة الإسلامية، ص296، د. عبد الغفار عزيز. ([58]) انظر: صحيح سنن الترمذي (2/277). ([59]) انظر: السرايا والبعوث النبوية، د. بريكك العمري، ص91. ([60]) المصدر السابق، ص92. ([61]) انظر: مجموعة الوثائق السياسية، محمد حميد الله، ص62. ([62]) انظر: المواهب اللدنية (1/75). ([63]) انظر:طبقات ابن سعد (2/6)، السرايا والبعوث، ص85. ([64]) انظر: السرايا والبعوث النبوية، ص86. ([65]) انظر: الجهاد والقتال في السياسة الشرعية (1/478، 479). ([66]) انظر: السرايا والبعوث النبوية، ص86. (5) الحنق: محركة: الغيظ أو شدته. ([68]) القردان: جميع قراد وهي دويبة تعض الأبل. ([69]) المناسم: بكسر السين: طرف خف البعير والنعامة، والفيل والحافر، وقيل: هي للناقة كالظفر للإنسان. ([70]) كناية عن الأوس والخزرج، فقيلة أمهم وكانوا ينسبون إليها. ([71]) انظر: سيرة ابن هشام (1/218، 219). ([72]،2) انظر: التاريخ الإسلامي مواقف وعبر (4/71). ([74]) انظر: مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، الشريف أحمد، ص445. ([75]) انظر: سنن البيهقي (9/59) نقلا عن السرايا والبعوث النبوية، ص100. ([76]) انظر: مكة والمدينة في الجاهلية وعهد الرسول، ص445. ([77]) انظر: سيرة ابن هشام (1/603، 604). ([78]) انظر: التاريخ الإسلامي، (4/72). ([79]) انظر: دولة الرسول من التكوين إلى التمكين، ص533. ([80]،3، 4) انظر: السرايا والبعوث النبوية، ص100. ([83]) انظر: غزوة بدر الكبرى، محمد أبو فارس، ص23.
([84]) انظر: الرسول القائد، خطاب، ص94. ([85]) انظر: سيرة ابن هشام، (1/602) من رواية ابن إسحاق عن عروة. ([86]) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (2/6). ([87]) انظر: غزوة بدر الكبرى لأبي فارس، ص14: 24. ([88]) انظر: دولة الرسول من التكوين إلى التمكين، ص532. ([89]) سورة قريش الآيات من (1- 4). ([90]) انظر: المجتمع المدني، د. أكرم ضياء العمري، ص27. ([91]) انظر: دراسات في السيرة، مؤنس، ص19. ([92]) انظر: دراسات في عهد النبوة، د. عبد الرحمن الشجاع، ص131. |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|