اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا

محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-08-2014, 07:02 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New من شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته صلى الله عليه و سلم


شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته

شهادة عداس بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم


عندما خرَج النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف يَدعو إلى التوحيد والإيمان، لم يُجبْه أحدٌ، وتعرَّض له بعض السفهاء بالإيذاء، وقذَفوه بالحجارة حتى أدْمَوه، وعندَما رأى عُتبة وشيبةُ ابنا ربيعة ما لقيَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من الأذى، تحرَّكت له رحِمُهما، فدعَوَا غلامًا لهما نصرانيًّا، يقال له: عدَّاس، فقالا له: خذ قِطْفًا من العِنَب فضَعْهُ في هذا الطبق، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل - يَقصِدون رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فقل له يأكل منه.


ففعل عداس، ثم أقبل به حتى وضعَه بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال له: كُلْ.


فلمَّا وضَع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فيه يده قال: ((بسم الله))، ثم أكل.


فنظَر عداس في وجهِه ثم قال: واللهِ إنَّ هذا الكلام ما يقولُه أهل هذه البلاد.


فقال له رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((ومِن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينُك؟)).
قال عداس: أنا نصرانيٌّ، وأنا رجل من أهل نينوى.


فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قرية الرجل الصالح يونُس بن متَّى؟)).
فقال له عداس: وما يُدريكَ ما يُونُس بن متى؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ذاك أخي، كان نبيًّا وأنا نبي)).


فأكبَّ عداس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُقبِّلُ رأسَه ويدَيهِ وقدمَيهِ.


فقال أحد ابني ربيعة لصاحبه: أما غلامُكَ، فقد أفسده عليك.


فلما جاءهما عداس، قالا له: ويلك يا عداس، ما لك تُقبِّل رأس هذا الرجل ويدَيهِ وقدميه؟
قال عداس: يا سيدي، ما في الأرض شيء خيرٌ من هذا الرجل، لقد أخبَرني بأمر ما يَعلمُه إلا نبيٌّ[1].

[1] سيرة ابن هشام (1: 421) والروض الأنف؛ للسهيلي (1: 231)، عيون الأثر؛ لابن سيد الناس (1: 178).





إيهاب كمال أحمد






__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-08-2014, 07:04 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

شهادة بحيرى الراهب بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم

شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته صلى الله عليه وسلم


الْتقى نبيُّ الرحمةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - بالكثير من أهل الكتاب، سواء قبل بعثته أو بعدها، فأقرُّوا بأنه النبي المُنتظَر، وجزَموا بأن ما جاء به مُوافِقٌ لما جاء في كتُبِهم وما أُوحي به لموسى وعيسى - عليهما السلام - ومِن هؤلاء مَن آمن به واتبعَه وحَسُنَ إسلامه، لكن منهم أيضًا من صدَّه عن اتِّباع الحق العنادُ والكِبرُ أو الحِرص على متاع الدنيا، رغم إقرارهم بأن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - هو رسولُ الله.


ونَعرض الآن لبعض تلك الشخصيات من اليهود والنصارى الذي عاصروا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - والتقوا به، وأقرُّوا بأنه رسولُ اللهِ حقًّا.


بحيرى الراهب:

خرَج عمُّ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أبو طالب تاجرًا في ركبٍ إلى الشام، واصطحَبَ معه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو وقتَها ابن اثنتي عشرة سنةً تقريبًا.


ونزَل الركبُ بُصرى من أرض الشام، وكان بها راهبٌ يقال له: "بحيرى" في صومعة له، ولم يزل في تلك الصومعةِ راهبًا فيها، إليه يَصيرُ عِلم كتب النَّصارى وأحبارِهم الذين يتوارَثونه كابرًا عن كابر.


وكانوا كثيرًا ما يَمرُّون ببحيرى فلا يُكلِّمهم ولا يعرض لهم، ولكن في ذلك العام لمَّا نزلوا قريبًا من صومعته، صنَع لهم طعامًا كثيرًا؛ وذلك لشيء رآه وهو في صومعته؛ حيث رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الركب حتى أقبل وغمامة تُظلِّله مِن بين القوم، ثم أقبَلوا فنزلوا في ظل شجرة قريبًا منه، فنظر إلى الغمامة حين أظلَّت الشجرة ومالت أغصانُ الشجرةِ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى استظلَّ تحتها، فلمَّا رأى ذلك بحيرى نزل من صومعته وقد أمر بطعام فصُنع، ثم أرسل إليهم فقال: إني صنعتُ لكم طعامًا يا معشر قريش، فأنا أحب أن تَحضُروا كلكم، كبيرَكم وصَغيرَكم، عبدَكم وحُرَّكم، فقال له رجل منهم: واللهِ يا بحيرى إن لك لشأنًا اليوم! ما كنتَ تصنَع هذا بِنا، وقد كُنَّا نَمرُّ بك كثيرًا، فما شأنك اليوم؟


قال له بحيرى: صدقتَ، قد كان ما تقولُ، ولكنَّكم ضيوفٌ، وقد أحببتُ أن أُكرِمكم وأصنع لكم طعامًا فتأكُلونَ منه كلكم.


فاجتمَعوا إليه، وتخلَّف رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - من بين القوم؛ لصغر سنِّه، وجلَس بجوار رِحال القوم تحت الشجرة، فلمَّا رآهم بحيرى، لم يرَ الصِّفةَ التي يَعرفها ويجدها عنده في كتبه، فقال: يا معشرَ قُريشٍ، لا يتخلَّفنَّ أحد منكم عن طعامي.


قالوا: يا بحيرى، ما تخلَّفَ أحدٌ ينبغي له أن يأتيك إلا غلامٌ، وهو أحدثُنا سنًّا، فتخلف في رحالنا.


قال بحيرى: لا تفعلوا، ادعوه فليَحضر هذا الطعام معكم.


فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى، لقد كان شيئًا قبيحًا مِنَّا أن نَحضر نحن الطعام ويتخلف عنه محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب من بينِنا، ثم قام إليه فاحتضَنه وأجلَسَه مع القوم.


فلمَّا رآه بحيرى، جعل يلحظه لحظًا شديدًا، ويَنظُر إلى أشياء من جسده قد كان يَجِدها عنده من صفته في كتب النصارى، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرَّقوا، قام إليه بحيرى وقال له: يا غلام، أسألك بحق اللات والعُزى[1] إلا أخبَرتني عما أسألك عنه، وإنَّما قال له بحيرى: "بحق اللات والعزى"؛ لأنه سمع قومه يَحلِفون بهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له: ((لا تسألني باللات والعُزَّى شيئًا، فوالله ما أبغضت شيئًا قَطُّ بُغضهما)) (وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يكره الأصنام حتى قبل بعثه).


فقال له بحيرى: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه؟
فقال له: ((سَلْني عمَّا بدا لك)).


فجعَل يسأله عن أشياء من حاله من نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُخبِره، فوافقَ ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظَر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفَيه موضعَه من صفته التي عنده.


ثم قال بحيرى: هذا سيد العالمين، هذا رسولُ ربِّ العالَمين، يبعثه الله رحمةً للعالَمين.


قال له أشياخ من قريش: ما علمك؟
فقال بحيرى: إنكم حين أشرفتُم من العقبة لم يبقَ حجر ولا شجر إلا خرَّ ساجدًا، ولا يَسجُدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفلَ مِن غُضروف كتفه.


ثم أقبل على عمِّه أبي طالب فقال: ما هذا الغلام منكَ؟ قال: ابني.
قال بحيرى: ما هو بابنِك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيًّا.


قال أبو طالب: فإنه ابن أخي.
قال بحيرى: فما فعَل أبوه؟
قال: مات وأمه حُبلى به.


قال بحيرى: صدقتَ، ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفتُ ليقصدنَّه بالشر، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأنٌ عظيم، فأسرِع به إلى بلاده، فخرَج به عمُّه أبو طالب سريعًا حتى أقدمه مكة حين فرَغ مِن تجارته بالشام[2].

[1] اللات والعُزى صنَمان كانا يُعبَدان في مكة ويُعظَّمان جدًّا، حتى انتشر القسَم بهما بين العرب.

[2] السيرة النبوية؛ لابن كثير (1: 245)، الروض الأنف (1: 325)، زاد المعاد (1: 70).








__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-08-2014, 07:06 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

شهادة ورقة بن نوفل بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم

شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته


هو ورقة بن نوفل بن أسدِ بنِ عبدِالعُزَّى، ابن عمِّ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها - زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان امرأً تنصَّرَ في الجاهلية، وكان يَكتُب الكتاب العبرانيَّ، فيَكتُب من الإنجيل بالعِبرانية ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخًا كبيرًا مُسنًّا قد عَمِيَ وفقَد بصَره.

ولمَّا نزَل الوحيُ على النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء إلى زوجته خديجة - رضي الله عنها - وحكَى لها ما حدَث وقد خشيَ على نفسه، فقالت: "كلا، والله ما يُخزيكَ الله أبدًا؛ إنك لتَصِلُ الرحم، وتَحملُ الكَلَّ، وتَكسِب المعدومَ، وتَقري الضيف، وتُعينُ على نوائب الحق"[1].

ثم انطلقَت به خديجةُ - رضي الله عنها - حتى أتَت به ورقة بن نوفل، فقالت له خديجةُ: يا بن عمِّ، اسمَع مِن ابن أخيك.

فقال له ورقة: يا بن أخي، ماذا ترى؟
فأخبره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خبَر ما رأى من الوحي وظُهورِ الملَكِ جبريل له وما قاله له، فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزَّل اللهُ على موسى، يا لَيتني فيها جذعًا - أي: شابًّا قويًّا - ليتني أكون حيًّا إذ يُخرجك قومك.

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أوَمُخرِجيَّ هم؟
قال ورقة: نعم، لم يأتِ رجل قطُّ بمثل ما جئتَ به إلا عُودي، وإن يدركْني يومُكَ أنصُرْك نصرًا مؤزَّرًا.

ثم لم يَنشب ورقةُ بن نوفل أن تُوفِّيَ بعد ذلك بقليل[2].

[1] تَحمِلُ الكَلَّ: أي تتحمَّل أثقالَ الفقراء والضعفاء والأيتام، وتُكسِبُ المعدوم: أي تتبرَّع بالمال لمن لا يجده، وتَقري الضيف: أي تُكرِم الضيوف، وتُعين على نوائب الحق: أي تعين الناس في مصائبهم وأفراحهم.

[2] البخاري (3)، ومسلم (231).







__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-08-2014, 07:09 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
عضو لامع
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,687
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New

شهادة النجاشي بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم

شهادات معاصريه من أهل الكتاب بنبوته


النجاشيُّ كان مَلِك الحبشة، وكان نصرانيًّا مَشهورًا بعدله ونُصرته للمُستَضعفين، فلمَّا اضطهد الكفارُ المسلمين، أمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه بالهِجرة إلى الحبَشة؛ فرارًا من اضطِهاد قُريش لهم.


قالت أم المؤمنين أمُّ سلمة - رضي الله عنها -: لمَّا نزَلنا أرض الحبَشة، جاورنا بها خيرَ جارٍ النجاشيَّ، أمِنَّا على ديننا، وعبَدْنا اللهَ تعالى لا نؤذى ولا نسمَعُ شيئًا نكرَهه.


فلمَّا بلغ ذلك قريشًا، ائتَمروا بينَهم أن يَبعثوا إلى النجاشي فينا رجلين منهم، وأن يُهدوا للنجاشي هدايا ممَّا يُستطرَفُ مِن متاع مكة، ولم يَترُكوا مِن بطارقته[1] بِطريقًا إلا أهدوا له هديةً، ثم بعثوا بذلك عبدالله بن أبي ربيعة، وعمرو بن العاص، فخرَجا حتى قَدِما على النجاشي، ونحن عنده بخير، فلم يبقَ مِن بَطارقتِه بِطريقٌ إلا دفَعا إليه هديته قبل أن يُكلِّما النجاشيَّ، وقالا لكل بطريق منهم: إنه قد لجَأ إلى بلد المَلِك منا غِلمان ترَكوا دينَ قومِهم، ولم يَدخلوا في دينكم، وجاؤوا بدينٍ مُبتدَع لا نَعرِفه نحن ولا أنتم، وقد بعَثَنا إلى المَلِك فيهم أشرافُ قومِهم ليَردهم إليهم، فإذا كلَّمنا المَلِكَ فيهم، فأشيروا عليه بأن يُسلِّمَهم إلينا ولا يُكلمهم؛ فإن قومهم أعلى بهم عينًا، وأعلم بما عابُوا عليهم، فقالوا لهما: نعم.


ثم إنهما قدَّما هَداياهُما إلى النجاشيِّ، فقَبِلها منهما، ثم كلَّماه فقالا له: أيها المَلِك، إنه قد لجأ إلى بلدك مِنا غِلمان سُفهاء، فارَقوا دين قومهم ولم يدخُلوا في دينكَ، وجاؤوا بدينٍ ابتَدَعوه لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعَثَنا إليك فيهم أشرافُ قومِهم من آبائهم وأعمامهم وعشائرهم لتردَّهم إليهم، فهم أعلم بهم وبما عابوا عليهم وعاتَبوهم فيه.


قالت أم سلمة: ولم يكن شيء أبغضَ إلى عبدالله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص من أن يسمَع النجاشيُّ كلام المسلمين؛ لما يَعلَمانه من قوة ما معهم مِن الحق.


قالت بطارقة النجاشيِّ: صدَقا أيها المَلِك، قومُهم وأعلَمُ بهم وبما عابوا عليهم، فأسلِمهم إليهما، فليَردَّاهُم إلى بلادهم وقومهم، فغضب النجاشيُّ، ثم قال: لا واللهِ، لا أُسلمهم إليهما ولا يُكادُ قومٌ جاوَروني، ونزلوا بلادي، واختاروني على من سواي، حتى أدعوهم فأسألهم عمَّا يقول هذان في أمرِهم؛ فإن كانوا كما يَقولان، أسلمتُهم إليهما، ورددتُهم إلى قومهم، وإن كانوا على غير ذلك، منعتُهم منهما، وأحسنتُ جوارَهم ما جاوَروني.


ثم أرسَل إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاهم، فلمَّا جاءهم رسوله اجتمعوا، ثم قال بعضهم لبعض: ما تقولون للرجل إذا جِئتموه؟


قالوا: نقول والله ما عَلِمنا، وما أمَرَنا به نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - كائنًا في ذلك ما هو كائن.


فلمَّا جاؤوا وقد دعا النجاشيُّ أساقفتَه، سألهم فقال لهم: ما هذا الدين الذي قد فارقتُم فيه قومكم به، ولم تَدخُلوا ديني، ولا في دين أحد من هذه المِلَل؟


فكان الذي كلَّمه جعفرُ بنُ أبي طالب - رضي الله عنه - فقال له: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية؛ نعبُد الأصنامَ، ونأكُل المَيتة، ونأتي الفواحشَ، ونقطَعُ الأرحامَ، ونُسيء الجوار، ويأكُلُ القويُّ مِنَّا الضعيفَ، فكُنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا، نَعرِف نسبه وصدقه وأمانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنُوحِّده ونعبدَه، ونَخلع ما كُنَّا نَعبُد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمَرَنا بصدقِ الحديث، وأداء الأمانة، وصِلة الرَّحِم، وحسنِ الجوار، والكفِّ عن المحارم والدِّماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكلِ مال اليتيم وقَذفِ المُحصنات، وأمَرَنا أن نعبد الله وحده لا نُشرِك به شيئًا، وأمَرَنا بالصلاة والزكاة والصيام، فصدَّقناه وآمنا به واتَّبعناه على ما جاء به مِن الله، فعبَدْنا اللهَ وحده فلم نُشرِك به شيئًا، وحرَّمنا ما حرَّم علينا، وأحلَلنا ما أحلَّ لنا، فعدا علينا قومُنا فعذَّبونا، وفتَنونا عن دينِنا؛ ليَردُّونا إلى عبادة الأوثان من عبادة الله -تعالى- وأن نَستحِلَّ ما كُنا نستحلُّ من الخبائث، فلمَّا قهَرونا وظلَمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بينَنا وبين دينِنا، خرَجنا إلى بلادك، واختَرناك على من سِواك، ورغبْنا في جوارِك؛ ورجونا ألا نُظلَمَ عندك أيُّها الملك.


فقال له النجاشي: هل معك ممَّا جاء به عن الله من شيء؟
فقال له جعفرُ: نعم.
فقال له النجاشي: فاقرأه عليَّ.
فقرأ عليه صدرًا من سورة مريم: ﴿ كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ﴾ [مريم: 1 - 6] الآيات.


فبكى النجاشي حتى اخضَلَّت لحيتُه، وبكَت أساقفتُه حتى أخضلوا مصاحفَهم حين سَمِعوا ما تَلا عليهم.


ثم قال النجاشيُّ: إن هذا والذي جاء به عيسى لَيَخرُجُ مِن مِشكاة واحدة، انطلِقا.


فلمَّا خرَجا من عنده قال عمرو بن العاص: والله لآتينَّه غدًا عنهم بما أستأصِلُ به خضراءهم، فقال له عبدُالله بن أبي ربيعة: لا نفعَل؛ فإن لهم أرحامًا، وإن كانوا قد خالَفونا، قال: والله لأُخبرنَّه أنهم يزعمون أن عيسى ابنَ مريم عبدٌ.


ثم غَدا عليه فقال: أيها المَلِك، إنهم يقولون في عيسى ابن مريم قولاً عظيمًا، فأَرسِل إليهم فسَلهُم عما يقولون فيه، فأَرسَل إليهم ليسألهم عنه.


فلمَّا دخلوا عليه قال لهم: ماذا تقولون في عيسى ابن مريم؟
فقال جعفر بن أبي طالب: نقول فيه الذي جاءنا به نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -: هو عبدالله ورسوله ورُوحه وكلمته[2] ألقاها إلى مريم العذراء البَتول.


فضرَب النجاشي بيده إلى الأرض فأخذ منها عودًا، ثم قال: والله ما عدا عيسى ابنُ مريم ما قلتَ هذا العُود.


فتناخَرت[3] بطارقتُه حوله حين قال ما قال، فقال: وإن نخرتُم واللهِ، اذهبُوا فأنتم آمنون بأرضي، مَن سبَّكم غَرِم، وما أحبُّ أن لي جبلاً من ذهب وأني آذيتُ رجلاً منكم.


ردُّوا عليهما هداياهما؛ فلا حاجةَ لي بها، فخرَجا مِن عنده مقبوحَين مردودًا عليهما ما جاءا به، وأقَمْنا عنده بخير دار مع خير جار.


ثم اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشيِّ: إنك قد فارقتَ دينَنا، وخرَجوا عليه، فأرسل إلى جعفر وأصحابه فهيَّأ لهم سفنًا وقال: اركبوا فيها وكونوا كما أنتم، فإن هُزمتُ فامضوا حتى تلحَقوا بحيث شئتم، وإن ظَفرتُ فاثبُتوا.


ثم عمدَ إلى كِتاب فكتَب فيه: هو يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله، ويشهَدُ أن عيسى ابن مريمَ عبدُه ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم؛ ثم جعله في قبائه[4] عند المنكب الأيمنِ، وخرَج إلى الحبشة، وصفُّوا له، فقال: يا معشر الحبشة، ألست أحقَّ الناس بكم؟ قالوا: بلى.


قال: فكيف رأيتُم سيرتي فيكم؟ قالوا: خيرَ سيرةٍ.


قال: فما بالكم؟ قالوا: فارقتَ دينَنا، وزعمت أن عيسى عبدٌ.


قال: فما تقولون أنتم في عيسى؟ قالوا: نقول: هو ابن الله.


فقال النجاشي ووضَع يده على صدره على قبائه: هو يشهد أن عيسى ابن مريم، لم يَزِد على هذا شيئًا، وإنما يَعني ما كتَب في الكتاب، فرضيَ الأحباشُ وانصرَفوا.


فبلَغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فلمَّا مات النجاشي، صلى له واستغفَرَ له[5].


قال جابر - رضي الله عنه -: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - حين مات النجاشي: ((مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلُّوا على أخيكم أصحمة))[6].

[1] البطارقة: هم رجال الدِّين من النصارى.

[2] المقصود بأن عيسى هو روح من الله؛ أي: رُوحٌ خلَقها الله، أما المقصود بأنه كلمة الله؛ أي: خُلقَ بكلمة الله، وهي كلمة "كن"، وإضافةُ الرُّوحِ والكلمة لله إضافة تشريف؛ مثل قولِنا: بيتُ الله، وناقة الله، وشهرُ الله المُحرَّم.

[3] التناخر: هو إخراج أصوات مِن الخَيشومِ.

[4] القباء: ثوب يُلبَسُ فوقَ الثِّياب.

[5] سيرة ابن هشام (1: 337 - 340)، والروض الأنف؛ للسهيلي (2: 111).

[6] البخاري (3588)، ومسلم (1582).







__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-08-2014, 11:27 PM
2 moon sun 2 moon sun غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
العمر: 28
المشاركات: 95
معدل تقييم المستوى: 12
2 moon sun is on a distinguished road
افتراضي

اللهم اشفع لنا يوم القيامة يا رسول الله
اللهم اجعلنا من صحبته فى الفردوس الاعلى يااااااارب
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 06-08-2014, 11:43 PM
الصورة الرمزية مستر محمد سلام
مستر محمد سلام مستر محمد سلام غير متواجد حالياً
مــٌــعلــم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2011
العمر: 40
المشاركات: 7,493
معدل تقييم المستوى: 20
مستر محمد سلام is on a distinguished road
افتراضي

جزاااااااااااكم رب خيرااااااااااااااااا
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-08-2014, 11:10 PM
sally alnaa sally alnaa غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
العمر: 42
المشاركات: 27
معدل تقييم المستوى: 0
sally alnaa is on a distinguished road
افتراضي

عليه أفضل الصلاة والتسليم
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 06-09-2014, 10:50 PM
hi all hi all غير متواجد حالياً
عضو مجتهد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 101
معدل تقييم المستوى: 17
hi all is on a distinguished road
افتراضي

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 09:46 PM.