|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
دروس من حرب اليهود الثالثة على غزة
دروس من حرب اليهود الثالثة على غزة الخطبة الأولى تحدثنا في ثلاث خطب متواليات - وفي ظل ما يعرفه إخواننا في غزة من حرب ضروس من طرف اليهود الصهاينة - عن حقيقة النفسية اليهودية المجبولة على الفساد في الأرض، وأنهم ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا ﴾ [المائدة: 64]، وأنهم أرباب الأخلاق السيئة، ومنظرو الرذائل المهلكة، فقد ﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [المائدة: 79]، وأنهم خونة لا عهد لهم، ﴿ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ ﴾ [البقرة: 100]، وأنهم أجبن خلق، ﴿ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ ﴾ [الحشر: 14]، لأنهم يحبون الحياة ويخشون الموت ﴿ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [البقرة: 96]، فما معهم شيء يلقون به ربهم.وقصدُنا اليوم - إن شاء الله تعالى، وقد دخل الطرفان في هدنةِ أيام، نسأل الله تعالى أن تكون بداية لنصرة الفلسطينيين، وتحقيق مطالبهم في الاستقلال والعيش الكريم - أن نسجل مجموعة من الدروس، نستخلصها من هذه الحرب الثالثة على غزة، اعتزازاً بنتائجها، وفخراً بمنجزات إخواننا فيها. 1- إن ما جرى في غزة، يعتبر نصراً مبيناً لإخواننا هناك بكل المقاييس، إذ النصر الحقيقي لا يقاس فقط بميزان القوى، وكثرة العدد والعتاد، وبسط السيطرة المادية على الأرض، وإنما النصر بادٍ في حماية الله لهذه العصابة المؤمنة، على الرغم من القصف الكثيف للعدو براً، وبحراً، وجواً، بكل ما جَدَّ في عالم الأسلحة الفتاكة المدمرة، وعلى الرغم من الحصار الاقتصادي لثمان سنوات قصد التجويع والتخويف، وعلى الرغم من جفاء الصديق، وخذلان القريب، إذ العناية الإلهية قضت بعصمتهم من عدوهم، ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141]. أما من *** منهم فهو منصور، لأن أصحاب الأخدود ***وا جميعا، وذكر الله نصرهم ﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ ﴾ [البروج: 4]، وحكم الله لهم بالإيمان ففازوا بجنة الرضوان، ﴿ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ * وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [محمد: 4 - 6]، وأما من ابتلي منهم في بدنه، أو ماله، أو أولاده فصبر، فهو من المبشَّرين الفائزين، كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: "وَلَمَنِ ابْتُلِىَ فَصَبَرَ فَوَاهًا (أي: طوبى له)" صحيح سنن أبي داود، إذ علة العدوان واحدة: ﴿ وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [البروج: 8]. عظيم في الحياة وفي الممات لعمرك تلك إحدى المكرُمات ها هم أهل غزة يُذكَرون بالفخر على كل لسان، شهد بذلك العدو والصديق، فقد حققوا في هذه الحرب غير المتكافئة، ما لم يخطر على بال هؤلاء العتاه، الذين يؤمنون بقوة السلاح، وينسون أن الله هو القوي العزيز. • فالمستوطنات اليهودية حول غزة تم إخلاؤها من المستعمرين، بعد أن عجزت مفاوضات عشرين عاما عن تحقيق ذلك. تقول إحدى صحفهم: "إن نصف البلاد مهدَّد، وثلاثة ملايين إسرائيلي لا ينامون في بيوتهم، ولا يمارسون حياتهم الطبيعية"، وازداد الإقبال على شراء واستعمال المهدئات النفسية، لمقاومة الهلع والخوف، مع استمرار إطلاق صفارات الإنذار، والقبوع في ملاجئ تحت الأرض. • وتم فرض مقاطعة جوية عالمية لمطار اليهود الرئيس، بعد فشل عمليات المقاطعة طيلة 60 عاما في تحقيق ذلك. • وتم تفنيد مقولة الجيش الذي لا يقهر، المعزز بالقبة الفولاذية، أمام صواريخ المقاومة محليةِ الصنع، على الرغم من الحصار الاقتصادي، وضعف الموارد، وقلة النصير، فكان من أشد عجب العدو أن ي*** منهم قرابة 160 جنديا، وجرح مئات آخرين، عشرات منهم يحملون عاهات مستديمة، تُذَكِّرهم بتورطهم في هذه الحرب القذرة ما بقي من حياتهم، مع تكبيد الاقتصاد اليهودي أزيد من 3 ملايير دولار، واعتراف 77% من اليهود بفشل أهداف هذه الحرب، مع إعفاء قائد سلاح الجو اليهودي من مهامه. • وتم نشر القضية الفلسطينية في كل مكان، وإيصالُ صرخة الشعب المحاصر إلى كل بقاع الأرض، والتداولُ العالمي لجريمة الحصار، وضرورة إلغائه. • واقتنعت كثير من الدول الغربية بجرائم اليهود وإرهابهم، عن طريق اتخاذ ردود فعل غير مسبوقة، من قبيل قطع العلاقات، وسحب السفراء، والتهديد بمنع الدعم العسكري. • وانكشف الغطاء عن المنافقين المثبطين بأقلامهم، وإعلامهم، الذين كانوا بالأمس يطعنون في هذه المقاومة الباسلة، ويقولون ﴿ لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ﴾ [البقرة: 249]، ﴿ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ [المائدة: 52]، ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ ﴾ [محمد: 29]. ها هي اليوم شروط أهل غزة على طاولة المفاوضات، لا يساوَمون على دينهم قطميرا، ولا يقبلون عن تحرير بلدهم بديلا، لا يخافون في الله لومة لائم. قال تعالى: ﴿ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]. وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" متفق عليه. هم أرادوا بغزّةِ المجدِ سوءًا وأرادوا للصامدين الزّوالا فَأَرَيْتِيهِمُ الصّمودَ ثباتًا بَهَرَ القومَ أحدثَ الزّلزالا 2- تداعي مقولة: إن الفلسطينيين أول من بدأ بالحرب، التي اتكأ عليها العدو ومن في فلكه من الدول الداعمة، فالبادئ بالظلم هو المحتل الذي احتل الأرض، ولم يترك لأهلها إلا 2% هي مساحة غزة، و 24% هي مساحة الضفة، وعزل الباقي بجدار الغطرسة والجبروت. الظالم من جعل شعبا كاملا في سجن كبير، تأكله الأمراض، وتنخره البطالة، وتثبط شبابه الإعاقة. ***وا ظلما بنات ***وا حتى البنينا ***وا الأحرار فتكا ***وا حتى الجنينا 3- إن أهل غزة - وهم يقدمون هذه الانتصارات الباهرة، والبطولات الباسلة - ليحتاجون منا إلى مساندة مادية ومعنوية، ترفع من معنوياتهم، وتعينهم على البقاء حصنا منيعا في وجه الزحف الغاشم لأعداء الله. قال النبي صلى الله عليه وسلم من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه: "من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا" متفق عليه. • إن مجموعة من الدول العربية بادرت - مشكورة - إلى المساعدة المادية لمواساة الأسر المكلومة، وإعانة الجرحى والمرضى، وكفالة الأيتام والأرامل، ومنها بلدنا المغرب الذي بعث - في بداية العدوان - بمساعدة إنسانية بقيمة 5 ملايين دولار، ثم بعشرة ملايين درهم من الأدوية والأغطية والحاجات الأساس، غير أن مجموع ما قدمته الدول العربية، وهو 153 مليون دولار، و710 طن من المساعدات الغذائية والدوائية، لا يمثل سوى نسبة 3% من خسائر غزة في هذه الحرب. ولا بأس أن يكون للأسر - كذلك - حظ من هذه المساعدة، إذا وُجدت لها قنوات رسمية مكشوفة، بتخصيص صندوق للأسرة يسهم فيه الكبار وحتى الصغار، تعريفا لهم بالقضية، وتعويدا لهم على روح التعاون والتآزر، وتنبيها لهم على مقاطعة كل البضائع التي تخدم اقتصاد الكيان الصهيوني. الخطبة الثانية • إن على العلماء، والأئمة، والوعاظ، والكتاب، والأدباء، والشعراء، والأساتذة، والمربين، والصحافيين أن يقوموا بواجبهم الشرعي تجاه قضية فلسطين، كل من موقعه، حتى تصبح قضية كل المسلمين، ويتبين الظالم من المظلوم؛ فمن أعظم الجهاد الجهاد بالكلمة، كما أخبر بذلك نبينا - صلى الله عليه وسلم - في قوله - من حديث أنس رضي الله عنه: "جاهدوا المشركين بأموالكم، وأنفسكم، وألسنتكم" صحيح سنن أبي داود. وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت رضي الله عنه: "اُهجُ المشركين، فإن روح القدس معك" صحيح الجامع.وفي عموم مساندة المسلم لأخيه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن مرآة المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته، ويحوطه من ورائه" صحيح سنن أبي داود. • ومما يستطيعه عموم الأمة الإسلامية، إخلاصُ الدعاء لإخوانهم بالنصر والتمكين، فإن دعوة المظلوم لها عند الله شأن عظيم، وسهام الليل لا تخطئ. قال شيخ لإسلام رحمه الله: "والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قلوبهم واحدة.. وقلوبهم الصادقة، وأدعيتهم الصالحة، هي العسكر الذي لا يُغلب، والجند الذي لا يخذل". اللهم انصر إخواننا المرابطين في فلسطين، اللهم وحد صفوفهم، واجمع كلمتهم، ويسر أمرهم. اللهم ارحم ميتهم، واشف جريحهم، وفك أسيرهم، وقوِّ ضعيفهم. اللهم بدل خوفهم أمنا، وذلهم عزا، وفقرهم غنى. اللهم منزل الكتاب، وهازم الاحزاب، ومجري السحاب، اهزم عدوك، وردهم خائبين. اللهم أعز الاسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، و دمر أعداءك أعداء الدين، و احم حوزة الاسلام والمسلمين، والحمد لله رب العالمين.
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|