|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]()
تسجيل متابعة
رواية رائعة عايزين كام بارت كده يوميا مش واحد بس
__________________
سبحان الله و بحمده .. سبحان الله العظيم ^^
|
#2
|
||||
|
||||
![]() اقتباس:
أنا بنزل على حسب المتابعة
وكمان عشان الحلقات بتبقى كبيرة شوية لكن هبقى أنزل أكتر من حلقة إن شاء الله شكرًا على المتابعة .. جزاكم الله خيرًا
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() تابع (11) فجر اليوم التالى ........... لم يستيقظ المعسكر على صوت أذان الفجر كما تعودوا . بل على صوت صراخ أجش أشبه بصوت طائره حربيه تجمع كل الشباب فى ساحة المعسكر وهبطت عليهم الدهشه والذهول عندما رأوا حمدوف المارد الذى طرد مالك وعمر من الخيمه فى أول يوم لهما فى المعسكر مقيدا فى شجره كبيره بطريقه عجيبه كان حمدوف ملفوف بعنايه فى أغطيته ومقيد فى سريره بكميه كثيفه من الحبال التفت حول السرير من أعلاه الى أسفله بحيث لا يظهر منها سوى رأس حمدوف فقط..أما السرير نفسه فقد كان يقف بشكل رأسى ومثبت بالحبال فى جذع شجره كبيره لم يستطع الشباب كبح جماح الضحك الذى انتشر بينهم وهم يتعجبون ممن استطاع أن يفعل ذلك بحمدوف العملاق .أما حمدوف فقد ازداد غضبه وأخذ يصرخ بصوت جهورى ويتوعد بالإنتقام وأخيرا استطاع قائد المعسكر اسكاته عندما أقنعه بأنه لن يفك قيده الا اذا تعهد بعدم اثارة المشاكل أو ايذاء أى فرد فى المعسكر وبالفعل فك وثاقه بعد أن هدأ ثم رحل متجها الى مكتبه لكنه توقف قليلا فى الطريق أمام عمر ومالك ونظر اليهما نظره ذات مغذى وابتسم .............................................. كان هذا المعسكر معد خصيصا لمجموعه كبيره من شباب الشيشان المتقاربين فى العمر وليس لديهم خبره سابقه فى القتال أو الحرب وكان يقوم بتدريبهم مجموعه من أمهر المجاهدين الشيشانيين والعرب الذين ساهموا بدور كبيرفى تحريرالشيشان وعملوا فى تدريب الشيشانيين على كل من الأمور العسكريه القتاليه والمعلومات الإسلاميه كانت الحياه فى المعسكر شاقه للغايه وكانت التدريبات مقننه وجاده ومتقنه ومتعدده ...تدريبات بدنيه وتدريبات على الأسلحه المختلفه واطلاق النار وفنون القتال المختلفه ويتخلل اليوم محاضرات ودروس دينيه لتقوية الإيمان والترغيب فى الشهاده وحب الوطن ودروس فى التاريخ الإسلامى وقصص السابقين والسيره النبويه وحلقات لتعليم اللغة العربيه لمن لا يعرفونها أما الصلاه فقد كان لها عنايه خاصه فى برنامج المعسكر ...فقد كانت تقام فى جماعه على وقتها وكان الدعاء والقنوت فى كل صلاه والتشجيع على قيام الليل واقامة مسابقات فى حفظ وتفسير القرآن الكريم واستطاع عمر بمساعدة صديقه مالك أن يتحمل تلك الحياه الشاقه التى لم يعتاد عليها ولم يعش مثلها أبدا وكان عمر ومالك يتفننان فى اختراع المقالب والأفاعيل المضحكه ويوقعان فيها حمدوف العملاق الذى لم يستطع ابدا اكتشاف الشخص الذى يوقعه فى المشاكل وشيئا فشيئا نمت صداقه متينه بين حمدوف وبين مالك وعمر فلقد اكتشفا أنه برغم جسده الضخم وسرعة غضبه المخيفه الا أنه يمتلك قلب طفل صغير يمتلئ بالطيبه والسذاجه واستطاع مالك وعمر الثأثير عليه وترويض سرعة غضبه بالحب ولم يعد حمدوف يستطيع الإبتعاد عنهما فكان الثلاثه يقضون كل أوقاتهم معا ................................................. كان مالك يرتدى ملابسه العسكريه ويجهز سلاحه ويستعد للخروج والإنضمام لمجموعه من الشباب لتنفيذ أحد الأوامر التى كلفهم بها قائد المعسكر سأله عمر الذى كان مستلقى على فراشه بعد أن انتهت نوبة حراسته : قائد المعسكر عربى ..مش كده؟ مالك بحماس وهو يعد سلاحه : انه أحد أتباع القائد خطاب رحمه الله. الذى كان قائدا لكتيبة الأنصار.. كتيبة المجاهدين الأجانب فى القوقاز عمر بتساؤل: ومين خطاب ده؟ مالك بدهشه : ألم تسمع عنه أبدا ؟ عمر : سمعت عنه بس بسأل مين هو ؟؟ مالك : انه أحد المجاهدين العرب الذين خرجوا من بلادهم للجهاد ضد الروس وكونوا كتيبه تسمى كتيبة الأنصار. لكنه أروعهم على الإطلاق فهو جسور لا يعرف الخوف . حارب الروس فى أفغانستان وطاجيكستان وهنا . انه بطل . أسطوره . كبد الروس خسائر فادحه ..سأكمل لك قصته عندما أعود .... انطلق مالك يجرى ليلحق بزملاءه فى المهمه وخرج عمر من الخيمه متمهلا وأخذ ينظر الى مالك وهو يبتعد مسرعا ثم تنهد وقال : العالم مليان بالمجانين قد يحتاج الإنسان لبعض الجنون حتى يستطيع أن يتواءم مع هذه الحياه التفت عمر بحده نحو المتكلم فوجد أمامه قائد المعسكر يبتسم ظهر عليه الإرتباك الشديد لكن القائد اقترب منه وبادره بالسؤال : انت فى فترة الراحه الآن؟ هز عمر رأسه موافقا بحذر فقال القائد : من مصر ..أليس كذلك؟؟ قال : أيوه فقال القائد بابتسامه كبيره : أتعلم ماذا قال النبى صلى الله عليه وسلم عن بلادك؟ هز عمر رأسه بالنفى ولم يتكلم القائد: قال عنها أن أهلها هم خير أجناد الأرض (الحديث ضعيف وللتأكد "هنا"، لكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أوصى بأهل مصر خيرًا) عمر يسأله : أنت من تلامذة القائد خطاب؟ القائد وهو يسير بجواره وكأنه صديقه : أنا من كتيبة الأنصار . أخبرنى بصدق . من كنت تقصد بالمجانين ؟ أنا لم أتعمد أن أستمع اليكما , لكن صوتك كان عال قال بتردد وهو يسير بجواره : أنا بس كنت بستغرب . ازاى راجل يسيب بلده وأهله وفلوسه,علشان يروح أرض مايعرفهاش, ويحارب علشان يحرر وطن مش وطنه, وكل ده وبدون مقابل, ومن غير ما حد ما يطلب منه ده ! ضحك الرجل وقال : سأقول لك سر لا تخبر أحدا به .أنا أيضا كنت أظنه مجنونا . لماذا يفعل هذا . وكيف يفكر .. و كنت أسأل نفسى كثيرا ماذا تعنى كلمة وطن؟ هل هى الأرض التى نولد فيها أم التى نعيش عليها أم التى نموت وندفن فيها؟ أتعلم .. ربما يكون الوطن أكبر بكثير مما نظن أو حتى مما تستطيع عقولنا الضيقه أن تدركه... اهتم لنفسك ..ولا تنسى أبدا أنك من خير أجناد الأرض توقف عمر عن السير والتفت اليه بدهشه كبيره وعقد حاجبيه بتساؤل وهم أن يقول شيئا لكن القائد تركه ورحل مسرعا وظل عمر واقف يحدق فى الطريق الذى ذهب منه وفى عقله أسئله كثيره يوم بعد يوم كان عمر يشعر بأن شيئا ما بداخله يتغير ..شئ كبير للغايه لقد كف عن الشكوى واعتاد البروده القارصه واندمج وسط شباب المجاهدين وأصبح لديه أصدقاء كثيرين وكانت من أمتع اللحظات بالنسبة اليه عندما يعد هو ومالك المقالب المدبره المتقنه لأحد أصدقائهم فى المعسكر لإشاعة البهجه والمرح فى أرجاء المعسكروكثيرا ما وقعا فى المشاكل بسبب تصرفاتهما الطائشه وتعرضا للتوبيخ والتأديب من قائد المعسكر كان مالك وعمر يقومان بجمع الحطب والأخشاب من التلال القريبه من المعسكر وكان مالك يغنى أغنيته الوحيده : في ليلة مولد الذئب خرجــــــــنا إلي الدنـــــيا وعند زئير الأسد في الصباح سمونا بأسمائـنا زفر عمر بضجر شديد وقال بتأفف وهو يجمع الأخشاب: ياساتر, دانت ممل, يا أخى خنقتنى.هو انت معندكش غيرها؟ من ساعة ما عرفتك وعمرى ماسمعتك بتغنى الا الأغنيه السكه دى.. ضحك مالك وقال : انها النشيد الوطنى لبلادنا نظر اليه عمر بدهشه وهز رأسه بعجب : دانت تغيظ, نفسى أسمعك بتغنى أغنيه تانيه جلس الى صخرة كبيرة وهو يقول : ما تغنى عن الحب..عن الجمال ..جدد مالك بمرح وهو يحمل كومه من الحطب: عمر ..ألم تفكر يوما فى الزواج؟ عمر بلامبالاه : مين ؟ ..أنا !! أنا مابفكرش..أنا عايش حياتى زى ماهيه ..تمشى زى ماتمشى, يوم بيوم مالك بدهشه كبيره : ماذا ؟ ألم تحلم يوما أن يكون لك بيت خاص بك وزوجه جميله وأطفال يشاكسونك؟ أليس لك أى أحلام؟ عمر : أنا مابفكرش بطريقتك دى ..أنت عايش كل حياتك فى الأحلام مالك بتفاؤل : و سوف احقق كل احلامى ان شاء الله سيكون لى شركة هندسيه كبيره وستكون شريكى كما اتفقنا وسأتزوج وأنجب أطفالا .. وتنازلا منى سأمنحك شرفا خاصا ..سأسمى أول أبنائى باسمك أتعلم أننى أحلم أن تكون فتاة أحلامى تماما كزهره التفت عمراليه وقال بدهشه : زهره !!! مالك : نعم ..زهرة أختى ..ليس من الضرورى أن تشبهها فى الملامح ولكنى أتمنى أن تكون بنفس أخلاقها وصفاتها وأنت..بم تحلم؟ عمر بضجر : يابنى ماقلت لك انا مبحلمش, أنا صاحى على طول تأمله مالك بدهشة كبيرة وهو يقول : وهل يستطيع الإنسان أن يعيش دون حلم خاص به, هدف يسعى لتحقيقه, قضية يدافع عنها ويموت فى سبيلها؟ ظل عمر واقفا فى مكانه يتأمله بدهشة, يفتش بداخله عن كلمات يقولها فلا يجد تبدلت ملامحه فجأة, وعقد حاجبيه بشده وظهر فى وجهه الذعر وهو يقول : شش سامع اللى أنا سامعه مالك ينصت باهتمام ويلقى مابيديه من أخشاب ثم يجرى باتجاهه وهو يقول بخوف : اختبئ انطلقا يجريان وهما يجران العربه التى تحمل الأخشاب ليخفوها عن الأعين وصعدا فوق تلة قريبه واختبئا جيدا وأخذا ينظران من موقعهما فوق التله فوجدا سيارة عسكريه صغيره مكشوفه تحمل خمسه من الجنود الروس قادمه من بعيد وتقترب باتجاههما همس مالك : يبدو أنها دورية استطلاع اخترقت الحدود عمر بخوف : هانفضل مستخبيين لحد ماتمر, وبعدها نرجع المعسكر ظل الإثنان يراقبان السياره وهى تقترب . ثم التفت عمر بحده الى مالك عندما سمع صوت مدفعه يجهز للإطلاق فقال له بصوت خفيض : انت اتجننت ؟بتعمل ايه؟ مش لازم يحسوا بينا ضاقت عينا مالك وارتسمت على وجهه ابتسامه أشبه بابتسامة صياد يهم باصطياد فريسه وقال بثقه : انهم فقط خمسه..هيا جهز سلاحك واستعد عمر بحده وبصوت خافت حتى لا يسمعونه : ايه ؟ أنا عمرى فى حياتى ماقـتـلت حد مالك وعيناه تشعان ببريق مخيف : ولا أنا ..ولكن هذا لا يهم ..يكفى أن تتذكر ما فعلوه بأسرتك وستجد السلاح ينطلق وحده عمر باصرار : لا ..هانرجع المعسكر ونقول للقائد وهو يتصرف اتسعت ابتسامة مالك واشتد بريق عينيه لمعانا وهو يقول : لا داعى لكل هذا ..نستطيع مفاجأتهم واصطيادهم بسهوله عمر بذعر : مالك ..اياك تعمل حاجه والا هابلغ القائد ..سيبهم يمشوا ولما نرجع المعسكر يحلها ربنا بدا على مالك وكأنه لم يسمع ما قاله عمر وأخذ يصوب مدفعه جيدا واقتربت سبابته من الزناد وهو يبتسم واتسعت عينا عمر برعب .................................................. .. يتبع.......................................
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() (12)
نزع الذئب نظارته المعظمه من على عينيه وهو يقول بغضب : انهم يحاصرون القائد حكيم ومن معه جوهر : مرت ثمانى ساعات والوضع كما هو لا يتغير الروس يحاصرونهم والقائد حكيم يرفض الإستسلام الذئب : يجب أن نساعدهم بأى طريقه ..مستحيل أن نتركهم يسقطوا فى أيديهم جوهر : أتسمع؟ انهم يستخدمون مكبرات الصوت الذئب بغضب : يطلبون منه تسليم نفسه ..الأوغاد يريدون تحطيم معنوياتهم نهض بسرعه من مكمنه فعاجله جوهر : الى أين أيها القائد ؟ الذئب بعزم : لدى خطه ...هيا بنا تسلل الذئب والمجموعه التى معه من المجاهدين عبر ممرات جبليه ضيقه والتفوا من خلف القوات الروسيه التى تحاصر القائد حكيم وصعدوا الى قمة الجبل المجاور للقوات الروسيه وفتحوا النار عليهم وحدث ارتباك شديد للقوات الروسيه عندما فوجئوا بالنيران تأتى من خلفهم مما جعل القائد حكيم ومن معه يطلقوا النار بدورهم وبشكل مكثف وانقلب الموقف تماما وبدأت القوات الروسيه فى التراجع عندما شعروا أنهم محاصرون مما أحدث فجوه كبيره وسط القوات الروسيه واستطاع القائد حكيم ومن معه الخروج من الحصار فأخرج رجاله أولا ثم خرج من بعدهم وبينما هو يجرى أصابته طلقه فى ساقه فسقط أرضا فى منطقه مكشوفه للقوات الروسيه رأى الذئب من فوق الجبل القائد حكيم وهو يسقط فصرخ فيمن معه : احموا ظهرى وأطلقوا النار بكثافه نزل من الجبل عدوا على قدميه بسرعه كبيره ووصل الى القائد حكيم وسحبه من ذراعيه خلف صخره وسأله بعجاله : كيف حالك؟ فابتسم القائد حكيم بألم وقال : الحمد لله ..اصابه مباشره فى الركبه ..لماذا أتيت ؟ دعنى وعد الى رجالك قال الذئب بحسم : سنعود معا كثف المجاهدون اطلاق النار على القوات الروسيه وشتتوا انتباههم رفع الذئب رأسه ونظر من خلف الصخره وعندما اطمئن ..حمل القائد حكيم فوق كتفه وانطلق يجرى باتجاه موقع المجاهدين عبر ثلثى الطريق وفجأه .... أصابته طلقه فى جانبه فاهتزت خطواته وترنح بشده وسقط أرضا هو والقائد حكيم .................................................. ....... أطلق مالك النار على السياره الروسيه برغم اعتراض عمر الشديد فقـتـل أحد الجنود وأصاب عجلة السياره الخلفيه توقفت السياره وترجل منها بقية الجنود الروس واختبئوا خلفها يحتمون من طلقات مالك وبدأوا يطلقون النار باتجاه مالك وعمر الذى ارتبك بشده وأمسك سلاحه وأعده للإطلاق .لكنه لم يطلق منه رصاصة واحده أما مالك فأخذ يطلق عليهم النار لكنه لم يستطع اصابة أحد آخر فقد كانوا مختبئين خلف السياره وبدأ الغضب يسيطر عليه وعمر يصرخ فى أذنه برعب : مالك .. مش هانقدرنهزمهم, يلا نهرب ارتعدت اطرافه عندما اتاه من خلفه صوت سلاح يعد للإطلاق وكان مالك الذى سمع نفس الصوت اسرع بكثير فى رد فعله فالتفت بحدة ليجد أمامه اثنين من الجنود كانا فى السيارة والتفا حول الجبل ليطوقا مالك بعد ان عجزوا عن ايقاف نيرانه الكثيفه فجأه صرخ مالك صرخه عنيفه غاضبه وهو يميل على جسد عمر الذى تحول الى صنم ذاهل ووجهه كتله من الرعب : أوغااااااااد واعتصر سلاحه عصرا ولكن.............. رصاصاتهما كانت تحمل لمالك اكثر من مجرد موت كانت تحمل معها رياح الجنه...ولم يشأ مالك ان يرد الهدية, بل تلقاها بمجامع قلبه كحبيب يشتاق سنينا ليضم حبيبه أما عمر فقد أصيبت أطرافه الأربعه بالشلل للحظات وهو يرى مالك يحميه بجسده ويتلقى عنه نصيبه من طلقاتهما فى صدره مباشرة جن عمر تماما عندما انسكبت دماء صديقه الحبيب الى قلبه فوق ملابسه, وكأنما كان لون الدماء الأحمر القانى هو الذى ايقظه من ذهوله, وفجرت كل شئ فيه وحررته من قيود الخوف لتتحرك كل عضلة فى جسده, واولها سبابته التى عصرت زناد سلاحه عصرا حتى كادت ان تكسره وتلقى الجنديان كم لابأس به من الرصاصات فى جسديهما, وبعدها التفت عمر حيث السيارة التى خرج من خلفها البقية المختبئة واقتربوا من التلة بعد ان اطمئنوا لقيام زملائهما بالقضاء على المقاوم وسلاحه الحاصد وجرى عمر بكل قوته وهو يصرخ: ماااااالك وورصاصاته مدفعه دون تفكير تحصد الجنود الروس الذين فوجئوا بوجود عمر واختفاء زميليهما ظل عمر يطلق النار حتى أرداهم جميعا ولم تتوقف أصابعه عن الضغط على الزناد الا عندما فرغ سلاحه تماما ألقى بسلاحه من بين يديه وعاد الى صديقه وحمل رأسه بين يديه وأسندها الى ساقه ووضع يده على صدره محاولا ايقاف الدماء التى سالت بغزاره وهو يقول والأسى والألم يقطر من كلماته: مالك . صديقى.اطمئن . انت بخير ..هأنقلك المعسكر وهايعالجوك, لازم يعالجوك..انت هاتخف.. اكيد هاتخف ابتسم مالك كعادته ولكن ابتسامته هذه المره كانت شاحبة, وانتصر الألم على ملامح وجهه الباسم دائما, لكنه تماسك من اجل صديقه وقال : لماذا أرى وجهك عابسا ..ابتسم يا صديقى.. هل... غلبه الألم فصمت قليلا ثم قال : هل تريدنى أن أغيظك وأغنى لك في ليلة مولد الذئب حاول الضحك لكنه لم يستطيع : يبدو أنك ستعود للبيت بدونى سالت دموع عمر غزيره وهو يقول بصوت حزين : اسكت ..ما تقلش كده . هاترجع معايا, مش ممكن أرجع من غيرك أبدا ..هاترجع معايا, انت فاهم مش ها تموت أبدا مالك بضعف : كلنا سنموت يا صديقى. المهم هو كيف سنموت؟ أوصيك بأمى وزهرة والصغيرين ..وأخبر أبى أننى أصبحت ذئبا يفخر به انتحب عمر وتساقطت دموعه وقال بعناد : لا .مش ها تموت يا صديقى ..هاتفضل معايا لحد ما تحقق أحلامك..هانحقق أحلامنا سوا, فاكر؟ أحلامنا يا مالك ..هانحقق أحلامنا سوا مالك : سامحنى يا صديقى ..لأننى أخفيت عنك أكبر حلم فى حياتى ..انه حلم تتضاءل بجانبه كل الأحلام حلمى أن أموت شهيدا وأكون مع أخواى فى الجنه عمر بحسره : لا. مالك .ماتسيبنيش لوحدى ..انت صديقى الوحيد لم يرد مالك, ولكن شخص بصره الى السماء وقال بشرود : شامل. خالد. اشتقت اليكما يصمت قليلا ثم يقول : ماذا تريدنى أن أقول يا خالد؟ يتلفت عمر حوله فلا يجد مخلوق غيرهما فيعقد حاجبيه وهو يراقبه بدهشه صامتا يرفع مالك سبابته اليمنى الى السماء ويقول : أشهد أن لا اله الا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وتفيض روحه الى بارئها فتسقط يده وتتعلق عيناه بالسماء وتستقر على وجهه الطفولى الجميل أروع ابتسامه يمكن أن يراها انسان صرخ عمر بلوعه وهو يحتضنه بقوه: ماااااااالك ..أخويا . صديقى . حبيبى ..ماتسيبنيش لوحدى لازم ترجع معايا .لازم نرجع البيت سوا , مش هارجع من غيرك .................................................. . رفع الذئب رأسه من الأرض وهو يشعر بآلام رهيبه فى جانبه ..نظر الى القائد حكيم الذى أمسك به بلهفه وهو يقول : هل أنت بخير؟ هز الذئب رأسه ولم يتكلم رأى المجاهدون الذئب والقائد حكيم وهما يسقطان فى منطقه مكشوفه للروس فكثفوا اطلاق النار بصوره كبيره أربكت الروس وأدت الى تراجعهم قليلا فتقدم المجاهدون عدة خطوات ليغطوا القائدين تحامل الذئب على نفسه ونهض بصعوبه وأمسك بذراعى القائد حكيم وأخذ يجره باتجاه موقع المجاهدين تحت ساتر النيران التى يطلقونها فصرخ جوهر الذى كان يقف فى المقدمه سأنزل اليهم احمونى نزل من الجبل يجرى بكل قوته ومعه أحمد حتى وصلا الى سفح الجبل فوجد الذئب قد وصل قبلهما فأخذاهما الى منطقه آمنه وفشل الحصار الذى دام ثمانى ساعات وانسحبت القوات الروسيه من الموقع تجر أذيال الخيبه وساعد جوهر وأحمد القائدين على الوصول الى موقع المجاهدين ورفض الذئب الإعتماد على كتف جوهر وتحامل على نفسه حتى وصل الى الموقع على قدميه.فسأله جوهر بقلق : كيف حالك؟ قال الذئب بهدوء : اصابه بسيطه ..لا شئ خطير كشف جوهر عن مكان الإصابه وقال بجزع : يا الهى ..أنت مصاب بشده نظر الى بقية المجاهدين وقال : يجب أن ننقلهما الى أقرب مستشفى ميدانى فى المستشفى قام الأطباء بمعالجة الذئب واستخراج الرصاصه من جانبه وأصر جوهر على البقاء معه حتى يطمئن عليه ولم يلبث أن رأى الطبيب حتى سأله بلهفه : كيف حاله الآن؟ الطبيب : الحمد لله هو الآن بخير ..عجيب أمر هذا القائد .كيف تحمل كل هذا؟.لقد استخرجت من جسده رصاصه عيار 12.7 مم جوهر بدهشه : ماذا؟ ..انها ذخيره تستخدم لإختراق المدرعات والمواقع الحصينه ولكنها تجعل اللحم البشرى مثل اللحم المفروم ... والغريب أنه لم يظهر لنا أى دليل على الألم . بل تحامل على نفسه وأنقذ القائد حكيم ا لطبيب بدهشه : من هذا القائد؟ وكيف يتحمل جسده كل هذا؟ جوهر : هو دائما يدهشنى هكذا انه يقوم الليل كل ليله ولا أراه الا صائما ..لم أشاهده يأكل أو ينام ..لا أعرف كيف يعيش؟!! كما أنه قليل الكلام دائم الشرود حزين الطبيب بعجب : ترى . ما الذى حدث له فى حياته ليصبح هكذا؟ .................................................. ........ لم يستطع عمر أن يتذكر أبدا كيف عاد بمالك الى البيت؟ ولا ماذا ركب ولا من ساعده كل ما استطاع أن يتذكره هو أنه حمل جسد مالك الشهيد على كتفه وانطلق يجرى ويجرى ويتعثر ويسقط ثم ينهض ويحمله ويجرى من جديد وهو يبكى وينتحب والدموع تغرقه حتى ..جفت دموعه تماما تاركه خطين واضحين على خديه ولم يعد يجد دموعا يذرفها لم يتوقف عمر عن الجرى الا عندما فتح محمد باب البيت ونظر اليه وهو يحمل جسد مالك الشهيد بين ذراعيه نظر اليه محمد طويلا بصمت, وتغير لون وجهه وتفجر الحنان من عينيه ونطقت ملامحه بالألم واللوعه . لكن عيناه لم تذرفان دمعة واحده ..اقترب من رأس مالك ومسح على شعره بحب كبير تأمل عمر محمد بصمت طويلا وفهم أخيرا لماذا لا تبكى الذئاب لقد جفت دموعها من كثرة البكاء والألم حمل عمر ومحمد على اكتافهما جثمان مالك المغطى بعلم بلاده ووجهه مكشوف يحمل نفس إبتسامته الجميله وخلفه يسير المجاهدون بصمت مهيب وأخذ عمر ينظر الى محمد بدهشه وعجب فهو صامت تماما ولم يذرف دمعه واحده ..حتى وصلوا الى المقابر وكان محمد هو الذى يقوم بكل شئ فهو الذى جهز القبر بنفسه ونزل فيه ثم نظر الى عمر ومد اليه ذراعيه ليناوله جسد مالك .. لكن عمر تسمر فى مكانه وظهر على وجهه الألم وهو ينظر الى محمد بدهشه واستنكار وهو يفكر ..كيف له أن يدخل صديقه بيديه الى التراب أومأ الأب اليه .لكنه لم يتحرك .فسارع المجاهدون بحمل الجثمان وناولوه للأب الذى احتضنه بقوه ونظر فى وجهه الجميل نظره طويله حزينه وقبل جبينه ثم أرقده بحنان كان عمر يلقى النظرات الأخيره الى صديقه والحزن وألم الفراق يكاد أن يفتت قلبه وبعد أن انتهى محمد من عمله وقف أمام القبر بجوار عمر الذى قال بعد صمت طويل : الآن فقط فهمت ..ماذا يعنى أن تفقد أغلى الأصدقاء زفر الأب زفره حاره بحرارة اللهيب المشتعل فى أعماقه ثم وضع ذراعه على كتفه وقال : هيا لنذهب الى البيت يا بنى التفت اليه عمر بكل جوارحه ونظر اليه نظره طويله وهو يفكر .. (بنى) لأول مرة يقولها, ولأول مرة يستشعر عمر كل هذا القدر من الحب فى صوته ارتمى عمر بين أحضانه, ليشتم فيها حنان مالك أغلى انسان عرفه وأغلى انسان فقده واحتضنه الأب بقوه عله يهدئ من حريق فؤاده لفقد الأحبه أو يداوى جراح قلبه المكلوم فى البيت ...جلس عمر مطأطأ الرأس حزين رفع رأسه ببطء وقال بألم : لماذا مات؟ تعجب عمر من نفسه لأول مرة يتكلم بهذه الطريقة, كيف ينطق لسانه بالفصحى وكأنما لم يعرف غيرها فى حياته فى لحظة واحدة نسى كل ماضيه, وكأنما عاش حياته كلها على هذه الأرض, فى لحظة واحدة انقلب عقله وقلبه ولسانه, ليتحول الى ذئب شيشانى فى لحظة واحدة نسى عمر الديب ليعيش عمر ديساروف التفت اليه الأب ببطء : مالك لم يمت ..انه شهيد عمر وكأنه لم يسمع : لماذا قـتـلوه؟..لماذا مات بهذه الطريقه؟ تنهد الأب بحراره وقال : لأنه أراد ذلك هب عمر من مكانه وقال بانفعال : لا..لم يكن يريد الموت, كان يحب الحياة بجنون..لقد عشت معه أياما طويله تشاركنا فيها الطعام والشراب, الألم والسعاده ..كان يحكى لى أحلامه..كان يحلم ببيت صغير وزوجه جميله وأطفال.. لماذا لم يحقق حلمه؟ الأب بهدوء : ومن قال أنه لم يحقق حلمه؟ . لقد اتخذ أقصر وأسرع الطرق لتحقيق الأحلام...لقد مات شهيدا من أجل الوطن يصرخ عمر : اللعنه على الوطن ..أى وطن هذا ؟ الأرض البيوت ..الجبال؟ ..مالك أغلى من كل هذا..لماذا نقــتـل من أجل وطن تموت فيه الأحلام؟ الأب بقوه : عندما يستباح الوطن ..يستباح كل شئ .. وتصبح الدنيا سوق كبير للنخاسه فيه الإنسان أرخص من تراب الأرض أتاه صوت زهرة الحزين : لقد آثر مالك الموت على حياة أرخص من التراب..لقد نال ما تمناه ..أنا سعيده لأجله عمر بدهشة غاضبة : أتقولين هذا؟ وهو الذى كان يحبك أكثر من أى شئ ؟ لقد كان يتمنى زوجة مثلك زهرة ودموعها تسيل على خديها : وأنا أحبه وسأفتقده كثيرا ..ولكن لا يجب أن يتحول الحب الى أنانية وقيد لمن نحب فنحن لا نحزن عليهم بقدر ما نحزن لأنفسنا, نحزن لفقدنا لهم ووحدتنا من بعدهم.. ان كنا نحبهم حقا فيجب أن نتخلى عن أنانيتنا ونتمنى لهم السعادة التى لم ينالوها فى هذه الحياة لقد نال مالك أقصى ما تمنى ..الشهادة مثل أخوينا وأمنا عمر بدهشة : هو الذى أخبرك بهذا؟ زهرة : لم يكن بحاجة لأن يخبرنى حتى أعرف ما يفكر فيه ... انه أخى التفتت اليه وقالت : انت أيضا كنت تعرف انتفض بغضب وهتف قائلا : لا ..لم أكن أعرف زهرة بشجن حزين : بلى كنت تعرف ..لكن بداخلك طفل عنيد يخشى أن يصدق الحقيقة صمت عمر تماما ولم يستطع أن يرد ..وكأن زهرة قد كشفت كل ما فى نفسه .وطال صمته وهو يفكر بعمق.وفجأه هب من مكانه وفتح الباب فاصطدم بوجهه الهواء البارد وسمع محمد يقول : عمر .. الى أين تذهب ؟ عمر بغضب : سأثأر له ..يجب أن يدفعوا الثمن غاليا محمد : وكيف ستطفئ نيران ثأرك؟ تقـتـل عشرة ..عشرون ..مائة؟..وبعد؟ لن يحقق هذا ما كان يحلم به مالك محمد بهدوء : ما لهذا نحارب.... فهدفنا ليس الإنتقام .. الحرية يا ولدى ..اننا لا نسعى الى الإنتقام ..بل نسعى الى الحرية وهذا هو مالايريدونه لنا .................................................. .............. يتبع.......................................
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() (13)
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() تابع (13)
وعندما وصلا الى هناك أدركت الصدمة التى كان يتحدث عنها, بل عايشتها بكل مشاعرها . كان الدمار الذى لحق بالقريه مروعا بحق ..سارت داخل القرية تتأمل البيوت المهدمة والمحال والسيارات المحطمة وهى فى غاية الذهول حتى أتاها صوته الغاضب : (هكذا هم فى حروبنا معهم عندما يهاجمون الشيشان فى كل مرة يستخدمون فى تقدمهم سياسة الأرض المحروقة فلا يتركوا أخضرا ولا يابس ..حتى المناطق التى أخليناها ..لم يتقدموا فيها حتى أحرقوها تماما بكل ما أوتوا من قوة تحسبا وخوفا من عودتنا) قالت كاترين بألم وهى تنظر حولها وتتأمل الدمار بذهول : مستحيل ..انهم وحوش ..قـتـلة ..يجب أن يحاكموا أمام العالم كمجرمى حرب, تلك القرية الامنة , ما ذنب سكانها من المدنيين الأبرياء؟ زفر عمر زفرة حارقة من قلبه المشتعل : يرون الشعب الشيشاني كله شعباً إرهابياً حتى الطفل الصغير ، ولذا فهم لا يفرقون بين المجاهدين وبين المدنيين من الشيوخ والنساء والأطفال ، فقذائف الطائرات والصواريخ بعيدة المدى تستهدف المدنيين حتى تجليهم عن أرضهم، وقد حصل من جراء هذا القصف مذابح مروعة للمدنيين راح ضحيتها الكثير من الشيوخ والنساء والأطفال ماذا ستفعلين لو رأيت بعينيك المذابح المروعة التى تبكي لها العيون وتتفطر لها القلوب . دفن المه بين ضلوعه وقال يتعجلها : هيا لا وقت لدينا, علينا أن نغادر بسرعه لم تستمع اليه وأخرجت الكاميرا من حقيبتها وبدأت تلتقط صورا كثيره لمناظر الدمار الرهيب الذى حل بالقرية تركها الذئب تلتقط ما تريده من صور ولم يعترض بل أخذ يدور فى المكان ليتأكد أنه آمن توقفت كاترين طويلا أمام احد البيوت المحترقه وأخذت تتأمل أحد جدرانه المهدمة, والتى كتب عليه بخط كبير (مرحبا بكم فى الجحيم) كتبت هذه العبارات بالفعل على جدران المنازل فى جروزنى أثناء الحرب تساءلت كاترين بدهشه : كيف تحمل المدنيين كل تلك الأهوال والمآسى؟ رد عليها دون أن يلتفت وظهر الحزن عميقا فى صوته : من أجل هذا غادر المجاهدون الى الجبال قالت والدموع فى عينيها وصوتها يكاد يختنق من البكاء : ولكن لم يفعلون ذلك؟ لم يرد عليها ..كان عقله فى مكان آخر, وروحه تحلق بعيدا هناك عمر ..أرى فى عينيك خوف وقلق ابتسم عمر وقال : ياربنا ..كيف أستطيع أن أخفى عنك شيئا؟ لديك كاشف للأسرار أعجز تماما عن خداعه زهره بحنان : هيا . اعترف ..ماذا يقلقك الآن؟ اختفت ابتسامته وقال بأسف : أصدرت القياده أوامرها لنا بالإنسحاب من العاصمه وتركها للروس, لم يعد أهل البلاد المدنيين بقادرين على تحمل هذا الجحيم المستعر لقد صبروا معنا طوال اشهر, فقدوا فيها كل شئ, وبقوا صامدين تحت الحصار في أقسى ظروف يمكن أن يعيشها انسان, والآن, علينا الخروج حتى لا تفنى جروزنى... تنهد بأسى وهو يقول : لأشد ما يؤلمنى هو أننى سأضطر لتركك هنا أنت وأمك وأخويك وطفلتنا والرحيل مع المجاهدين ابتسمت محاوله التخفيف عنه وقالت محاوله تغيير مجرى الحديث : مازلت مصرا أنها طفله وليس طفل !! تعود لعمر ابتسامته وهو يقول : طفله أو طفل ..المهم أن يشبهك زهره باصرار : ولكنى أريد ولدا يشبهك أنت ينتفض عمر بطريقه طفوليه ويهتف : يفتح الله ..هارجع فى البيعه مش كفايه واحد منى فى العيلة؟ ضحكت زهره بشده وقالت : لم تنسى أبدا اللهجه المصريه ..مازال يجرى فى دمائك حبك لمصر ! ابتسم بحنين كبير وظهر فى وجهه عاطفه جياشه وهو يقول : وكيف أنسى أجمل سنوات عمرى ..ملاعب الطفوله والصبا ومراتع الفتوه ..أمى فتحية وأبويا بسيونى, قهوة عم جاد . القلعه . مسجد السلطان حسن ..بوابة المتولى..الكره الشراب والطيارات الورق وهي مالية السما زى النجوم, وشمس الأصيل ونسيم العصارى ونهر النيل وريحة الورد البلدى ..بحر اسكندريه وهواه أغمض عينيه واستنشق الهواء بقوة وكأنما يستشعر طعم الهواء فى خياله وقال : كيف أنسى الدفء بلا حدود؟ ابتسمت زهره وقالت : لقد أحببت مصر دون أن أراها .. تصفها كأجمل ما تكون.. حقا أثرت شوقى لرؤياها التفت اليها وقال بسعاده : حقا؟ هزت رأسها بالموافقه فأكمل بحماس : أعدك عندما أعود . ويخرج الروس من الشيشان . سأعمل كل جهدى لنزور مصر معا ..اتفقنا؟ هزت رأسها موافقه بسعاده, فجأة فقد ابتسامته وشرد بعيدا وقال : هذا ان عدت هتفت بقوه : ستعود ان شاء الله ...أعلم أنك ستعود .فيجب أن يعود الذئب مهما طال الزمن وقست الظروف عدت لشرودك من جديد ألا تسمعنى اخاطبك؟ أدار عمر رأسه ببطء تجاه كاترين التى أصابتها الدهشة من منظر عينيه الحزينتين الخاويتين وكأنما ينظر الى الماضى لااليها قالت بتعاطف كبير: كان الأمر بشعا..أليس كذلك؟ أكملت بأسف دون انتظار رده : وجروزنى هى دائما الأكثر معاناة عجز عمر عن اخفاء الألم الممزوج بالغضب فى صوته وهو يقول : شهور تحت القصف الرهيب والحصار الحديدي ثلاثة آلاف بالأسلحة الخفيفة, أكبرها الهاون 120مم، وقليل من القذائف التي نغنمها من الروس مقابل مائة ألف جندي أو يزيد تدعمهم المدفعية والطائرات جرّب الروس فيها كل الأسلحة المحرمة دوليا, القديمة والجديدة الكيماوية منها والعنقودية والفراغية دمروا المدينة تماماً تقريباً وحتى الطرقات لدرجة أنهم عندما دخلوها لم تستطع الدبابات أن تمر فيها. تنهد بمرارة كبيرة وقال : هل شاهدت يوما قنابل فراغية 9طن ؟ انها تقسم المبنى عشرة طوابق إلى قسمين حتى الملجأ السفلي، قـتـل الكثير والكثير من المجاهدين والسكان العزل تحت الهدم ، ورغم هذا كان تقدم الروس في المدينة بطيئاً جداً كل يوم وبعد معارك عنيفة فى مائة متر فقط ، يسوون البيوت بالأرض فيتراجع المجاهدون إلى المربع التالي بعد خسائر فادحة في الروس حتى المستشفيات التى تحت الأرض قصفها الروس بشدة وقلّت المؤن والذخيرة ولم يبق في المدينة مدينة ، حتى أن الروس عندما دخلوها بعد خروجنا لم يجدوا فيها مبنىً سليماً فقرروا أن يجعلوا مدينة "جود رميس" العاصمة المؤقتة ، كاترين بتفهم : ولهذا انسحبتم متسللين خارج العاصمة التفت اليها بحدة وقال بغضب : لم نتسلل ابدا, أهذا هو ما يسوقه اعلامهم وترمى اليه صحافتهم؟ لقد اجتمع القادة وتشاورا وقرروا الخروج من جروزني بكامل أسلحتهم في اتجاه ممر"يرمولوفكا" المعروف والمحاط بالروس وتقدم القادة في البداية يفتحون الطريق بأنفسهم وقد قـتـل وجرح معظمهم لكثرة الألغام والقصف المباشر ولم ينج منهم إلا قليل واستمرت القافلة إلى أن وصلت إلى الجبال الجنوبية ورغم الجراح والمعاناة لم يجرؤ الروس على المواجهة المباشرة كاترين بتأثر شديد : وماذا عن المدنيين؟ ماذا فعل بهم الروس عندما دخلوا المدينة ؟ عندما ترك عمر جروزنى لم يكن يتوقع ابدا أنه سيعود اليها بهذه السرعه وبهذه الطريقة وقبل أن يخرج الروس منها علم المجاهدون أن القوات الروسيه التى احتلت جروزنى قد اشترت بعض الخونه والعملاء وأغرتهم بالمال للإبلاغ عن أى معلومات عن المجاهدين وأهليهم وأماكن بيوتهم عندها جن جنونه وقرر العودة الى جروزنى ليلا ليرى زهره مهما كان الثمن ومهما كانت المجازفه وبرغم اعتراض القاده جميعا الا أن أحد منهم لم يستطع الوقوف أمام اصراره الرهيب على العوده ليطمئن على زوجته فسمحوا له مضطرين بالعوده الى جروزنى ومعه اثنين من المجاهدين لمساعدته على التسلل ليلا الى هناك وبالفعل استطاع عمر التسلل الى جروزنى والوصول الى بيته الذى تهدم نصفه تقريبا. دخل الى البيت دون أن يشعر به أحد فوجد البيت مظلم تماما أخذ يدور فى أنحاء البيت بهدوء حتى وصل الى حجرة المعيشه .. وهناك وجد زهره تجلس فى مكانها المفضل بجوار المكتبه الكبيره وهى تقرأ القرآن فى ضوء شمعه بجوارها وبقية الحجره غارقه فى الظلام أجفلت زهره متعوذه عندما فوجئت بشبح أسود يقف فى الظلام ..لكنها عرفته بسرعه وقالت بدهشه وهى تحتضنه بحب وشوق: عمر !! كيف أتيت الى هنا, يجب أن ترحل عن جروزنى فأنت فى خطر محقق خلع عمر لثامه الأسود عن وجهه وقال بلهفه وهو يتمسك بها بقوة وكأنما يخشى أن تبتعد عنه : لا يهمنى أى شئ..لقد أتيت من أجلك ....زهره ..يجب أن ترحلى عن هنا فهناك خونه فى جروزنى يرشدون الروس الى بيوت المجاهدين فى مقابل المال ..يجب أن ترحلى قبل أن يخبروا الروس عنكى زهره : لا يمكننى الرحيل ..أنت تعلم أننى طبيبه والمستشفى بحاجه الى, لدينا نقص فظيع فى الأطباء وأعداد الجرحى كبير,لا يمكننى الرحيل قال باصرار : اسمعينى .لو أبلغوا عنكى فستفقد المستشفى طبيبه أخرى الى الأبد, لا يمكنك أن....... ابعدت رأسها عن كتفه لتنظر الى عينيه وتتأمل ملامحه على ضوء الشمعة وهى تهتف بأسى : أنت لم تر ما وصل اليه الحال فى المستشفى اننا نجرى العمليات الجراحية على ضوء المصابيح اليدوية ولمبات الغاز, والجرحى المساكين يقاسون البرد الشديد بالإضافة لآلامهم وجراحاتهم بعد انقطاع الغاز بسبب الحرب ، الطعام غير موجود حتى للأطباء والعاملين في المستشفى وان وجد فهو لا يكفي لتغذية المريض ، فالجرحى يتكفلون شراءه من خارج المستشفى بالإضافة لشراء الدواء كيف اشرح لك؟ النقص فظيع فى الدواء والأدوات الجراحية من غياب القفازات الجراحية التي يستخدمها الجراح في عمله ، وعدم وجود الشاش الذي لا يمكن إجراء أي عملية ، أو حتى ضماد بسيط بدونه ، المريض الذي يريد أن يغير ضماد جرحه يأتى حاملاً معه الضماد والمطهر والدواء عمر..لآيمكننى المغادرة ابدا. فهم بحاجة ماسة الىّ الوضع في المستشفيات أشبه بصراع بين طرفين أولهما صواريخ الروس وقنابلهم ، وثانيهما الطعام والدواء والكادر الطبي المحدود . وإذا استمر هذا العدوان الوحشي وبقيت حالة العجز في المستشفيات فإن الشعب بأكمله معرض للإبادة الجماعية لا محالة تأمل عمر وجهها بحب وفخر كبير وهمس قائلا : لهذا بقيت في المستشفي اكثر من ستين يوما ليل نهار مع الجرحى تحت القصف بالقنابل الفراغية والعميقة التي تزلزل الأسس وحتى عندما نقل مكان المستشفي ثلاث مرات لم تتخلفى عنه ابدا أقدر تماما كل ما تفعلينه يا حبيبتى ولكن الأمر مختلف تماما هذه المرة, فحيـ..... لم يتم عمر الكلمة, فجأة صمت تماما وعقد حاجبيه بشدة وأصغى سمعه باهتمام ثم التفت اليها بحده وأمسك ذراعيها وقال بجزع : انهم قادمون .أسمع صوت آلياتهم أنصتت باهتمام وظهر فى وجهها الخوف وتشبثت به وهى تقول : انهم يقتربون, عمر . يجب أن ترحل فورا قبل أن يجدوك ألقى عمرنظرة من النافذة, و عبر الظلام ومن خلف الستائر المسدلة, شاهد العربات المدرعة وهى تسير آمنة ببطء مستفز وكأنهم فى نزهة, التفت اليها وقال بقلق : توقفوا هنا تشبث بسلاحه بقوة وأسند ظهره للجدار بجوار الباب وبيده الأخرى أمسك بيد زهره وتشابكت أصابعهما بقوة وبدأ الرعب يدب فى قلبه ..وبرغم البرودة الشديدة وانقطاع الكهرباء وتعطل أجهزة التكييف بدأت حبات العرق تتراص على جبينه وبدأت صورة قديمة مرعبة تقتحم عقله ..صورة لم يراها بعينيه لكنه رآها بخياله صورة أمه وأبيه واخوته الذين قـتـلوا فى بيتهم بيد الإحتلال... ولم يستطع أن يمنع الخوف عن قلبه عندما سمع وقع أقدام الجنود الروس يقترب بسرعة وضغط يد زهرة فى قوه ونظر فى عينيها وكأنه يستمد منهما الأمان وتسارعت دقات قلبه وصوت أقدام الجنود يقترب ويقترب.. .................................................. .................................. يتبع.............................................. .........
__________________
|
![]() |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
رواية الشيشان, روسيا, شامل, عودة الذئب, إيفان الرهيب |
|
|