وجربت الإقصاء والإنذار والتهديدات المباشرة وغير المباشرة. ولم أكن في ذلك بطلا أو شهيدا ولا حتى ناشطا سياسيا، وإنما لأنني أعبر عن آراء لا تعجب البعض، لكنني تقبلته كله باعتباره ثمنا واجب الدفع في بلادنا إذا أراد صاحب الرأي أن يكون مستقلا، ومشغولا يرضي ربه وضميره وقارئه وليس يرضي السلطان. تقبلته مدركا أن غيرى دفع ثمنا أغلى كثيرا مما دفعت. واحتملته صابرا ومحتسبا، حتى اعتبرته نمطا تعايشت معه طوال العقود الخمسة التي خلت. وأراحني أن أظل كاتبا مشطوبا من جانب السلطة من ناحية، ومقبولا عند بعض القراء ومرتاح الضمير من ناحية ثانية. وظل شاغلي أن أعبر عن رأيي وقناعاتي في حدود السقوف المتاحة، وكنت مستعدا لأجل ذلك ان أقبل بنشر نصف رأيي أو ربعه أو حتى ما دون ذلك، لكن الذي قاومته ورفضته بشدة طول الوقت ان أخدع القارئ بكلمة أو أن أكتب شيئا أخجل منه. وخلال سنوات عملي في الأهرام كنت أكتب أشياء وأنا واثق من أنها ستمنع ولن يطالعها القارئ، لكنني كنت أرضي بها ضميري أمام الله.
]هذا قول الكرماء النبلاء...
|