الإخوان تعد دراسة شرعية لإقناع شباب الجماعة بالصلح مع السيسي..

[the minesweeper]

الإخوان تعد دراسة شرعية لإقناع شباب الجماعة بالصلح مع السيسي.. لجنة فقهية برئاسة «البر» ومشاركة دعاة الجماعة في الأزهر توصى بقبول «الدية» في قضايا الدم

بعد أشهر قليلة من ثورة الخامس والعشرين من يناير، وجد قيادات «الإخوان» أنفسهم في موقف حرج للغاية أمام قواعد الجماعة، وخصوصا جيل الشباب الذي ارتفع صوته للمرة الأولى في وجه قياداته، وذلك عقب صدور قرار عن مكتب الإرشاد بانسحاب الشباب من المواجهات المحتدمة بين الشرطة والمتظاهرين في أحداث محمد محمود الأولى، وترك الثوار فريسة سهلة لمجندى الأمن المركزى.

يومها دعا مرشد الإخوان، الدكتور محمد بديع، أهله وعشيرته من أعضاء مكتب الإرشاد إلى اجتماع طارئ لمناقشة الوضع الذي كان يشتد تأزمًا، يومًا بعد يوم، بعد وصول شكاوى من قواعد الجماعة في المحافظات تتهم القيادات بالتخلى عن الثورة وبيع الثوار؛ الأمر الذي أدى إلى تراجع شعبية الإخوان وفقدان الثقة في التحالف معهم.

وحينما طرحت القضية للنقاش داخل الاجتماع، اقترح «بديع» تشكيل فريق من دعاة الإخوان وتكليفه بإعداد دراسة فقهية تبرر انسحاب الجماعة من محمد محمود، وتقدم الردود الشرعية على مهاجمى موقف الإخوان، بعدها تم تكليف ثلاثة من كبار العلماء الإخوان، عكفوا 3 أسابيع على إعداد دراسة فقهية جاءت تحت عنوان «إنا فتحنا لك فتحًا مبينا.. عاطفة ومصارحة وتأصيل شرعي» انفردت «فيتو» بنشر نصها الذي جاء في معظمه مذهلا ومدهشًا لكل المتابعين للمشهد السياسي، حيث بنيت تصوراته على تكفير العلمانيين، والليبراليين، واليساريين، وكل من هو ليس عضوًا بجماعة الإخوان، وبالتالى فإن الانسحاب من خلف ظهر الثوار إنما هو انسحاب من خلف ظهر كفار لا يستحقون الدعم، لكن الغريب أن قطاعًا كبيرًا من شباب الجماعة صدقوا ما جاء في الدراسة الشرعية، وساروا خلف مشايخهم دون إعمال لأى عقل أو منطق.

التلاعب بالدين للخروج من الأزمات
اليوم تستعيد الجماعة سيرتها الأولى، وتلجأ مجددًا إلى الدين لعلها تجد مخرجًا من المأزق الذي وضعت نفسها فيه طائعة مختارة، مع تزايد احتمالات نجاح المشير عبدالفتاح السيسي في الوصول إلى حكم مصر، حيث كشفت مصادر مقربة من الجماعة أن هناك تفكيرًا جادًا داخل الإخوان فى عقد «صفقة» مع «السيسي» حال نجاحه، تنتهى بموجبها المواجهة بين الجماعة والدولة في ظل تزايد الشكاوى من عدم جدوى المواجهة وخسارة الإخوان شعبيتهم بين الأوساط الشعبية.

المعلومات المتوفرة تؤكد أن هناك ثورة غضب بين الشباب الإخوانى ــ أصحاب الفكر الوسطى ــ ناتجة عن فشل قيادات الإخوان - سواء المحبوسين داخل السجن أو الهاربين خارج مصر - في الوصول إلى حل سياسي يوقف حمامات الدم التي تسيل سواء من متظاهري الإخوان وحلفائهم أو من رجال الجيش والشرطة، تلك الثورة التي تمت ترجمتها في صورة شكاوى وصلت إلى قيادات الصف الثانى التي تدير الجماعة منذ إلقاء القبض على أعضاء مكتب الإرشاد.

لجنة "البر" لخداع شباب الجماعة
حكام الجماعة القابعون خلف غياهب السجون، من جانبهم ردوا على تلك الشكاوى بتحركات جديدة تشير إلى تغيير في إستراتيجيات الإخوان المستقبلية، حيث تشير المصادر إلى أن هناك أوامر صدرت عن المرشد محمد بديع إلى شيوخ الجماعة الهاربين، سواء داخل أو خارج مصر، بتشكيل لجنة شرعية يرأسها الدكتور عبدالرحمن البر، الملقب بـ «مفتى الإخوان» ومشاركة عدد من دعاة الجماعة في جامعة الأزهر الشريف، لوضع رؤية فقهية تستند إلى أحداث تاريخية لجأ فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى عقد مصالحة مع خصومه وأعدائه رغم قوة موقفه؛ كى يضرب المثل في العفو عند المقدرة واختيار الهدنة رغم القدرة.

ومن المنتظر أن تبدأ اللجنة عملها خلال الأيام القليلة المقبلة للانتهاء من التأصيل الشرعى للمصالحة، لتستخدمه الجماعة كمبرر أمام الشباب الغاضب الذي يرى «التصالح مع الحكومة» بيعًا لدماء آلاف الإخوان الذين ضحوا بأرواحهم فداءً لفكر الجماعة، ودفاعًا عن شرعية الرئيس المعزول.

وتستند اللجنة وفقًا لمقربين من أعضائها، إلى موقف النبى «صلى الله عليه وسلم» في صلح الحديبية وقبوله عقد هدنة مع قريش رغم اعتراض كبار الصحابة على شروط الصلح، التي رأوها مجحفة في حق المسلمين، الأمر الذي جعل عمر بن الخطاب - رضى الله عنه وأرضاه - عارض النبى بشدة وذهب إليه ووجه إليه حديثه قائلا: ألست نبى الله حقا ؟ قال: بلى، قال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال: بلى، قال عمر: فلم نعطى الدنيا في ديننا إذن ؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وآله: إنى رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري، قال عمر: أولست كنت تحدثنا أننا سنأتى البيت فنطوف به ؟ قال: بلى، أفأخبرتك أنّا نأتيه العام ؟ قال عمر: لا، قال: فإنك آتيه ومطوف به. ثم أتى عمر بن الخطاب إلى أبى بكر فقال: يا أبا بكر أليس هذا نبى الله حقا ؟ قال: بلى.. ثم سأله عمر نفس الأسئلة التي سألها رسول الله، وأجابه أبو بكر بنفس الأجوبة قائلا له: أيها الرجل إنه لرسول الله وليس يعصى ربه وهو ناصره فاستمسك بغرسه.

دراسة الإخوان الشرعية لإقناع الشباب بالصلح مع السيسي تأتى ضمن سعى الجماعة بكل الوسائل لاستعادة مجدها الضائع، حتى ولو كانت هذه الوسائل في ظاهرها مفسدة، فالضرورات ــ وفقا لأدبيات الإخوان ــ تبيح المحظورات، وهذه القاعدة هي إحدى القواعد الكلية الفرعية، فقد أدرجها بعض العلماء تحت قاعدة «الضرر يزال» وبعضهم تحت قاعدة «المشقة تجلب التيسير» أو تحت قاعدة «إذا ضاق الأمر اتسع».. وبمعناها قول ابن القيم وابن سعدي: لا واجب مع عجز، ولا حرام مع ضرورة.

تغليب الأوجب على الواجب
وتحدد الدراسة الجديدة ملامح القاعدة الشرعية التي تحكم تعامل الإخوان في عدة نقاط، أهمها أن السياسة الشرعية لها أحكامها، ومن أحكامها تغليب الأوجب على الواجب، والأصوب على الصائب، وإذا كان من الواجب مستقبلا الحفاظ على بنيان الجماعة من الانهيار، فالأوجب الدخول في هدنة مع الحكام الجدد، مادام ذلك لا يصطدم اصطدامًا مباشرا مع مبادئ الشريعة، أيضا الدماء الزكية التي سالت منذ إسقاط الرئيس محمد مرسي لا مانع شرعًا من قبول ولى الدم «الدية» حقنًا للدماء.

ويرتكز الإخوان في دراستهم إلى أن الشرائع الكلية لا تتغير بتغير الأزمنة، بينما السياسات الجزئية التابعة للمصالح، فتتقيد بها زمانًا ومكانًا، الشرائع الكلية هي التشريع العام الذي يشمل الزمان كله والمكان كله، والسياسات الجزئية هي ما لم تأت فيها نصوص بخصوصها، فإن الفقه فيها يكون عن طريق الاجتهاد الذي تكون غايته تحقيق المصالح ودرء المفاسد، والاجتهاد هنا ليس لمجرد تحصيل ما يتوهم أنه مصلحة أو درء ما يتوهم أنه مفسدة، بل هو اجتهاد منضبط بضوابط الاجتهاد الصحيح.
http://www.vetogate.com/975702