|
محمد ﷺ نبينا .. للخير ينادينا سيرة سيد البشر بكل لغات العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ويفهم من تفسير سيد قطب للآيات الثلاث من سورة الضحى كغيره من المفسرين أن المراحل الثلاثة ليست على ترتيب الآيات من المصحف حيث أنّ مرحلة الإغناء مقدمة على مرحلة الهداية. يقول الدكتور محمد عزت دروزة ملخصًا ما ذكره المفسرون في هذا الصدد: (إن الآية تحتوي إشارة إلى حادث تيهان وقع للنبي صلى الله عليه وسلم في طفولته أو في إحدى رحلاته ورووا في ذلك روايات كما قالوا أنّها تعني أنّه كان غافلاً عن الشريعة التي لا تتقرر إلا بالوحي الرباني أو أنّه كان حائرًا في أسلوب العبادة لله ونفوا عنه أي حال أن يكون ضالاً أي مندمجًا في العقائد والتقاليد الشركية والنفس لا تطمئن إلى رواية تيهان النبي صلى الله عليه وسلم مضمونًا وسندًا بل إنّها ليست متسقة مع ما تضمنته الآية من منّ الله على النبي صلى الله عليه وسلم بأعظم أفضاله عليه، وتفسير ضال بحائر يحمل معنى الآية على أنه المقصود الحيرة في الطريق التي يجب أن يسار فيها إلى الله وعبادته على أفضل وجه. وهو المعنى الذي نراه)[69]. والحكمة في تلك المراحل التي مرّ بها الرسول صلى الله عليه وسلم هو أنّ الله سبحانه وتعالى كان يدربه حتى يكون مهيأ ومؤهلاً لحمل عبء الرسالة الخاتمة وإبلاغها إلى الناس المنغمسين في بحر من الفساد في كل ناحية من نواحي الحياة حتى يصدق عليهم قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم:41]. يقول صاحب كتاب "دراسة في السيرة" مشيرًا إلى الحكمة من تلك المراحل: "ومن مرارة اليتم ووحشية العزلة وانقطاع معين العطف والحنان قبس الرسول صلى الله عليه وسلم الصلابة والاستقلال والقدرة على التحمل... وبالفقر والحرمان تربى ونما بعيدًا عن ترف الغنى وميوعة الدلال.. وعبر رحلته إلى الشام في رعاية عمّه فتح الرسول صلى الله عليه وسلم عينيه ووعيه تجاه العالم الذي يتجاوز حدود الصحراء وسكونها إلى حيث المجتمعات المدنية التي تضطرب نشاطًا وقلقًا... وفي رحلته الثانية إلى الشام مسؤولاً عن تجارة للسيدة خديجة تعلّم الرسول الكثير الكثير عمّق في حسّه معطيات المرحلة الأولى وزاد عليها إدراكًا أكثر لما يحدث في أطراف عالمه العربي من علاقات بين الغالب والمغلوب... كما علمه الانشقاق الأخلاقي عن الوضع المكي القدرة على مجابهة الأحداث[70]. المبحث الثالث سمو صفاته صلى الله عليه وسلم وأخلاقه: نشأ الرسول صلى الله عليه وسلم في بيئة وثنية يعبد أهلها الأصنام والأوثان، ويستعبد القوي منهم الضعيف حتى أصبح الظلم شيئًا معروفًا كما تنبئ به أشعارهم المأثورة كقول زهير بن أبي سلمى: ومن لم يذد عن حوضه بسلاحه يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم[71] إضافة إلى ما كانوا عليه من فساد في العادات والسلوك مثل وأد البنات خوفًا من العار والفقر، وأكل أموال اليتامى بحجة أنهم ضعفاء لا يستطيعون حمل السلاح والدفاع عن القبيلة، وأكل الربا واستحلاله راضين بذلك حتى اشتهر فيهم تعريف البيع به كما حكى لنا القرآن الكريم: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} [البقرة:275]. وقد وصف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي ملك الحبشة أثناء الهجرة الثانية إلى الحبشة أحوال المجتمع المكي آنذاك وصفًا دقيقًا فقال: "أيها الملك، كنّا أهل جاهلية، نعبد الأصنام ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش ونقطع الأرحام ونسبي الجوار، ويأكل القوي منّا الضعيف، حتى بعث الله إلينا رسولاً منّا نعرف نسبه وأمانته وعفافه، فدعا إلى توحيد الله وأن لا نشرك به شيئًا ونخلع ما كنّا نعبد من الأصنام، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة، وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل أموال اليتيم..."[72]. هكذا كانت حالة المجتمع المكي آنذاك ولكنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برعاية من الله لم يتأثر ببيئته مع اشتراكه في بعض الأعمال مع قومه لأنّها كانت أعمالاً لا تخدش نبله أو لا تسيء إلى سمعته، وأخلاقه الطيبة. نذكر في هذا الصدد ما روي من الأعمال التي اشترك فيها الرسول صلى الله عليه وسلم مع قومه. فلقد اشترك الرسول صلى الله عليه وسلم قبل البعثة في حلف الفضول الذي وقع بين بطون من قريش لرد المظالم إلى أهلها. يروي ابن هشام بسنده عن ابن إسحاق قال[73]: "تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جُدعان لشرفه وسنه... فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا في مكة مظلومًا من أهلها وغيرهم ممّن دخلها من سائر الناس إلاّ قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمّت قريش ذلك الحلف حلف الفضول"[74]. ويقول ابن كثير رحمه الله بعد إيراده ذلك الحلف: "وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب وكان أول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب"[75]. |
#2
|
||||
|
||||
![]() وعلى هذا فكان اشتراكه صلى الله عليه وسلم في ذلك الحلف أمرًا ذا أهمية كبيرة لأنّ ردّ المظالم إلى أهلها أمر هام وقد جاء به الإسلام فيما بعد ولهذا أثنى الرسول صلى الله عليه وسلم على ذلك الحلف بعد البعثة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لقد شهدت في دار عبد الله بن جُدعان حلفًا ما أحب لي به حمر النعم ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت"[76]. ومن الأعمال التي اشترك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه قبل البعثة، حرب الفِجار التي وقعت وعمره صلى الله عليه وسلم عشرون سنة كما ذكر ابن إسحاق صاحب السيرة[77]. وسبب ذلك الحرب [78] كما ذكر ابن هشام في سيرته أنّ عروة الرحال بن عتبة من هوازن أجار لطيمة [79] للنعمان بن المنذر فقال له البراض بن قيس أحد بني ضمرة: أتجيرها في كنانة؟ قال: نعم وعلى الخلق فخرج فيها عروة الرحال وخرج البراض لطلب غفلته حتى إذا كان بتيمن ذي طلال بالعالية غفل عروة فوثب عليه البراض ف***ه في الشهر الحرام فلذلك سمي حرب الفجار[80]. وكانت دوره صلى الله عليه وسلم في تلك الحرب أن يرد على أعمامه نبل عدوهم إذا رموهم بها؛ لأنّه روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: "كنت أنبل على أعمامي"[81]. وفي اشتراكه صلى الله عليه وسلم في تلك الحرب ما يبرره وهو أنّ القتال لم يكن جائزًا في الأشهر الحرم زمن الجاهلية حتى أنّهم إذا أرادوا القتال في الأشهر الحرم أخّروها إلى شهر آخر لكي يستحلوا فيها القتال كما بينها الله سبحانه وتعالى في القرآن معيبًا عليهم: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ} [التوبة:37]. وعلى هذا فما دامت تلك الحرب دفاعًا عن انتهاك حرمة الأشهر الحرم فلا بأس في اشتراكه صلى الله عليه وسلم فيها. وقد أقر الله ذلك في قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة:36]. ومن الأعمال التي اشترك فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه قبل البعثة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة حين بناء قريش لها بعد ما اختلفت بطونها في ذلك حيث كانت كل قبيلة تريد أن تنفرد بمزية وضع الحجر الأسود في مكانه وكادوا أن يقتتلوا لولا مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكمه فيهم حكمًا يرضى كل الأطراف المتنازعة على ذلك. عن عبد الله بن السائب قال: كنت فيمن بنى البيت وأخذت حجرًا فسويته ووضعته إلى جنب البيت.. وأن قريشًا اختلفوا في الحجر حيث أرادوا أن يضعوه حتى كاد أن يكون بينهم قتال بالسيوف فقال: اجعلوا بينكم أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: هذا الأمين وكانوا يسمونه في الجاهلية الأمين، فقالوا: يا محمد قد رضينا بك فدعا بثوب فبسطه ووضع الحجر فيه ثم قال لهذا البطن، ولهذا البطن، غير أنّه سمى بطونًا: "ليأخذ كل بطن منكم بناحية من الثوب" ففعلوا ثم رفعوه وأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعه بيده[82]. واشتراكه صلى الله عليه وسلم في هذا العمل يظهر مدى فطانته ورجاحة عقله حيث حل المشكلة بسهولة ويسر بعدما كادت أن تؤدي إلى إسالة الدماء والحرب كما أنّه يدل على مكانته صلى الله عليه وسلم عند قومه بحيث إنّهم رضوا بحكمه دون تردد. هذه هي أهم الأعمال التي وردت أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اشترك فيها قبل البعثة مع قومه، وكلها كما ذكرت سابقًا من أعالي الأمور ومن مكارم الأخلاق التي من شأنها أن ترفع مكانته وشأنه وبخاصة إذا علم أن بيئته قد عم فيها الفساد وانتشرت فيها الرذائل التي عصمه الله سبحانه وتعالى منها وأبعده عنها لينشأ خاليًا من الدنايا والشوائب. |
#3
|
||||
|
||||
![]() يؤيد ذلك ما رواه أبو نعيم بسنده عن علي بن أبي طالب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما هممت بقبيح مما كان أهل الجاهلية يهمون بها إلا مرتين الدهر كلتاهما يعصمني الله عز وجل منها، قلت ليلة لفتى من قريش بأعلى مكة في أغنام لأهلنا نرعاها: أنظر غنمي حتى أسمر هذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال: نعم، فخرجت فجئت أدنى دار من دور مكة فسمعت غناء وضرب دفوف وزمرًا فقلت ما هذا؟ قالوا: فلان تزوج فلانة المرجل من قريش, فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصوت حتى غلبتني عيني، فما أيقظني إلا مسَّ الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟ فأخبرته ثم قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك، فقيل لي مثل ما قيل لي، فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني فما أيقظني إلا مسّ الشمس ثم رجعت إلى صاحبي فقال: ما فعلت؟ فقلت: ما فعلت شيئًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فوالله ما هممت بعدهما بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى أكرمني الله بنبوته"[83]. وهذا الحديث دليل واضح على بعده صلى الله عليه وسلم ونزاهته عن أمور الجاهلية التي كانت سائدة آنذاك في المجتمع المكي ومن حوله بعناية من الله سبحانه وتعالى وبجانب ذلك كان صلى الله عليه وسلم متصفًا بصفات فاضلة وأخلاق حميدة أقر له بها المؤيدون والمعاندون على السواء. وقد أوجزت لنا خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها صفاته وأخلاقه بقولها بعد فزعه إليها من شدة بدء الوحي: "كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا فوالله إنك تصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل [84] وتكسب المعدوم [85] وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق.."[86]. وخديجة رضي الله عنها أقرب شخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم تصفه بهذه الصفات بناء على تجربة دقيقة وممارسة طويلة ابتداء من ائتمانها له أن يتاجر في مالها ثم اقترانها به ومعاشرته فترة تبلغ خمس عشرة سنة. وهذه شهادة من جانب أحد المؤمنين بدعوته صلى الله عليه وسلم وهى شهادة حق وصدق أقر بها وبحقيقتها من لم يتبعوا الرسول صلى الله عليه وسلم ويؤمنوا بدعوته. من ذلك ما أخرجه الشيخان بسندهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما نزلت: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف "يا صباحاه"، فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ "قالوا: ما جربنا عليكَ كذبًا، قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" قال أبو لهب: تبًا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام: فنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد:1][87]. ففي قولهم: ما جربنا عليك كذبًا دليل واضح على اتصافه صلى الله عليه وسلم بالصدق التام قبل الرسالة بشهادة أعدائه الذين وقفوا في وجه نشر الدعوة الإسلامية. وهذه الشهادة قد صدرت من مجموع المشركين ومثلها صدرت من أفرادهم، وقد قالها أبو سفيان رضي الله عنه وهو مشرك عند هرقل ملك الروم الذي وجه إليه عدة أسئلة تتعلق بأحوال الرسول صلى الله عليه وسلم من بينها قول هرقل: "فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ "قلت: لا، ثم قال هرقل: في آخر القصة لأبي سفيان: وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا فعرفت أنّه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يذهب ويكذب على الله"[88]. تلك شهادة الخصوم والمؤمنين تنطق صريحة في أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكذب أبدًا قبل البعثة، بل كان صادقًا دائمًا. والصدق أساس الفضائل الأخلاقية وعنوان الإنسانية الكريمة، وقد انطبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بفضل الله تعالى. وكما اتصف صلى الله عليه وسلم بالصدق اتصف بكل مكارم الأخلاق ومنها الأمانة. وخير ما يدل على ذلك قصة وضع الحجر الأسود في مكانه من الكعبة أثناء تجديد بنائها حينما اختلفت قريش في ذلك حيث أتفقوا على تحكيم أول رجل يدخل من الباب فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يسمونه في الجاهلية الأمين فقالوا: "قد دخل الأمين، فقالوا يا محمد رضينا بك"[89]. وهذه شهادة صدرت من مجموع المشركين وإن لم يكن بينه وبينهم عداوة حين نطقوا بذلك القول لأنّ ذلك كان قبل البعثة إلا أنّها تشهد على اتصافه صلى الله عليه وسلم بالأمانة حتى أصبحت لقبًا له. وعلى هذا نجزم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان متصفًا بصفات فاضلة وأخلاق حميدة قبل البعثة اعترف بها أعداؤه وآمن بها أصحابه مع شيوع الظلم والعدوان وسوء الأخلاق في المجتمع المكي يومذاك. وذلك بفضل الله وعنايته ورعايته. وأمّا بعد البعثة فقد كان خلقه صلى الله عليه وسلم القرآن كما ورد في حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها حيث قالت: "... فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن"[90]. |
#4
|
||||
|
||||
![]() وهذه الأخلاق الكريمة كانت سببًا في تقريب قلوب أصحابه رضوان الله عليهم له ولولا اتصافه بها لما تمكن من تأثير دعوته عليهم وخاصة في أيامها الأولى في مكة. وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى تأثير اتصافه صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الفاضلة على أصحابه رضوان الله عليهم بقوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [آل عمران:159]. وكما أن الأخلاق الفاضلة لها تأثير كبير على الأصحاب كذلك أيضًا لها تأثير كبير على الأعداء كما يدل عليه قوله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت:3435]. وقد شهد الله سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بالخلق العظيم بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]. ـــــــــــــــ الهوامش: [1] ينكتها بتاء مثناة من فوق في رواية مسلم والصواب ينكبها بباء موحدة كما قال القاضي عياض ومعناه يقلبها ويرددها إلى الناس مشيرًا إليهم من نكب كنانته إذا قلبها. وهكذا في شرح النووي على صحيح مسلم (8/184)، ويشهد له رواية أبي داود وابن ماجة حيث وردت فيها بالباء الموحدة. انظر سنن أبي داود، كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (2/85)، وسنن ابن ماجة، كتاب المناسك، باب حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم (2/1025). [2] صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه. [3] التفسير الكبير للأمام فخر الدين الرازي (9/78). [4] هو أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا المتوفى سنة (395هـ). انظر ترجمته في بغية الدعاة للسيوطي (1/352). [5] معجم مقاييس اللغة (1/7485). [6] هو محمد بن مكرم بن علي بن أحمد الأنصاري الأفريقي ثم المصري جمال الدين أبو الفضل المتوفى سنة (711هـ). انظر ترجمته في بنية الوعاة (1/248). [7] لسان العرب (1/206). [8] هو أبو منصور موهوب بن أحمد الجواليقي المتوفى سنة (465هـ)، وقيل غير ذلك. انظر ترجمته في بغية الوعاة (2/308). [9] شرح أدب الكتب للجواليقي (13). [10] معجم متن اللغة (1/153). [11] هو إسماعيل بن حماد الجوهري المتوفى سنة (393هـ)، وقيل: في حدود الأربعمائة. انظر ترجمته في بغية الوعاة (1/446447). [12] الصحاح: (1/86). [13] أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن هذيل، من أعيان القرن الثامن. [14] عين الأدب: (95). [15] شرح أدب الكاتب: (13). [16] هو علي بن محمد الشريف الجرجاني المتوفى سنة (816هـ). انظر ترجمته في بغية الوعاة (2/196، 197). [17] كتاب التعريفات: (14). [18] هو الإمام العلامة زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم المتوفى سنة (969هـ). [19] البحر الرائق شرح كنز الدقائق: (6/377). [20] آداب المجتمع في الإسلام: (910). [21] مدارج السالكين: (2/381). [22] مدارج السالكين: (2/387). [23] رواه الإمام مالك بلاغًا في الموطأ (2/899) وقال الألباني في تعليقاته على مشكاة المصابيح (1/66) له شاهد من حديث ابن عباس أخرجه الحاكم. [24] من الإطراء: وهو مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/123). [25] صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، باب: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها.) (2/256). [26] انظر تفسير ابن كثير (1/190). [27] خصائص التصور الإسلامي (ص:25). [28] المصدر السابق (ص:26). [29] تفسير القرآن العظيم (1/588). [30] البخاري كتاب التفسير باب قوله: (ولا تقربوا الفواحش) (3/129). ومسلم كتاب التوبة باب غيرة الله تعالى وتحريم الفواحش (4/2114) واللفظ لمسلم. [31] البخاري كتاب المناقب باب خاتم النبيون (2/270). [32] روح المعاني (8/2122). [33] انظر الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها للدكتور أحمد غلوش (ص:114). [34] انظر الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها للدكتور أحمد غلوش (ص:114). [35] العقيدة والأخلاق وأثرهما في حياة الفرد والمجتمع (ص:240) البخاري كتاب المناقب باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم (2/272) [36] تفسير ابن كثير (4/427). [37] على الفطرة: على معرفة الله فلست واحدًا أحدًا إلا ويقر بأن له صانعًا وإن سمّاه بغير اسمه أو عبد غيره. غريب الحديث لابن الجوزي (2/199). [38] جدعاء: أي مقطوعة الأطراف. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (1/247). [39] صحيح مسلم كتاب القدر باب معنى: (كل مولود على الفطرة وحكم أطفال الكفار وأطفال المسلمين (4/2047). [40] الدعوة الإسلامية أصولها ووسائلها (ص:114). |
#5
|
||||
|
||||
![]() 41] صحيح مسلم كتاب الفضائل باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم (4/1782) والترمذي في سننه، أبواب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في فضل النبى صلى الله عليه وسلم (5/245).
[42] شرح النووي على صحيح مسلم (15/36). [43] تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي (10/74). [44] أخرجه الترمذي في سننه في أبواب المناقب باب ما جاء في فضل النبي صلى الله عليه وسلم انظر (5/244)، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. [45] انظر: تحفة الأحوذي (10/76). [46] صحيح البخاري، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/8)، وصحيح مسلم، كتاب الجهاد باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ليدعوه إلى الإسلام (3/1394) واللفظ للبخاري. [47] شرح النووي على صحيح مسلم (12/105). [48] السطة: أي عن أوساطهم حسبًا ونسبًا. [49] تفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/91)، وحسّن الألباني هذه القصة في تعليقه على فقه السيرة للغزالي. انظر هامش (ص:113). [50] فتح الباري شرح صحيح البخاري (1/36). [51] شرح النووي على صحيح مسلم (12/35). [52] التفسير السياسي للسيرة (ص:1112). [53] أخرجه الحاكم في مستدركه (2/315) وقال: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الذهبي: ما أخرجاه لناجية، وقال الشيخ أحمد شاكر في عمدة التفسير (5/25): (وهذا صحيح فإن الشيخين لم يخرجا لناجية بن كعب الأسدي ولكنه تابعي ثقة والحديث صحيح وإن لم يكن على شرطهما). [54] انظر تفسير القرآن العظيم لابن كثير: (4/91). [55] انظر سيرة ابن هشام: (1/167) وما بعدها. [56] فقه السيرة: (ص:58). [57] ضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض، غريب الحديث لابن الجوزي (2/6). [58] صحيح مسلم كتاب الإيمان باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (1/195). [59] غمرات: أي المواضع التي تكثر فيها النار. واحدتها غمرة. النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (3/383، 384). [60] صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب شفاعة الني صلى الله عليه وسلم لأبي طالب والتخفيف عنه بسببه (1/195). [61] قراريط: مفردها قيراط وهو جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشر في أكثر البلاد وأهل الشام يجعلونه جزءًا من أربعة وعشرين. والياء فيه بدل الراء فإن أصله من قّراط، النهاية في غريب الحديث (4/42). [62] أخرجه البخاري في كتاب الإجارة، باب رعي الغنم على قراريط: (2/3233). [63] سنن الترمذي، أبواب المناقب باب ما جاء في نبوة النبي صلى الله عليه وسلم (5/250)، وقال: (هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه). [64] سيرة ابن هشام: (1/171172). [65] السيرة النبوية: (1/263). [66] أخرجه البخاري في صحيحه: باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/6). [67] تفسير ابن كثير: (4/523). [68] في ظلال القرآن: (6/3927). [69] سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: (1/32). [70] دراسة ني السيرة للدكتور عماد الدين خليل (ص:4749) مع تصرف يسير. [71] في ديوانه: (ص:88). [72] الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد مع شرحه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الربّاني (20/226) كلاهما لاْحمد البنا "وقال البنا عقب هذا الحديث: "الحديث صحيح ورواه ابن هشام في سيرته بطوله عن ابن إسحاق، وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ابن إسحاق وقد صرّح بالسماع". [73] سيرة ابن هشام: (1/122123). [74] سمي هذا الحلف بالفضول إما نسبة إلى الأشخاص المتحالفين الثلاث الذين سمى كل واحد منهم بالفضل أو إما السبب الذي من أجله تحالفوا وهو أن ترد الفضول على أهلها. السيرة النبوية لابن كثير (1/258261) مع التصرف. [75] السيرة النبوية (1/259). [76] انظر سيرة ابن هشام (1/123124). [77] المصدر السابق (1/170). [78] في حرب الفجار التي وقعت بين قريش ومن معه من كنانة وبين قيس عيلان. انظر سيرة ابن هشام (1/168). [79] اللطيم تحمل العطر والبزّ غير الميرة. النهاية في غريب الحديث (4/251). [80] انظر سيرة ابن هشام (1/169) بتصرف. [81] انظر السيرة النبوية لابن كثير (1/256). [82] أخرجه الحاكم في مستدركه (1/458) وقال: صحيح على شرط مسلم وله شاهد صحيح على شرطه ووافقه الذهبي. [83] دلائل النبوة لأبي نعيم (ص:54) وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (8/226) رواه البزار ورجاله ثقات. [84] الكل: العيال والثقل. غريب الحديث لابن الجوزي (2/293). [85] وتكسب المعدوم يقال: فلان يكسب المعدوم إذا كان مجذوذًا محظوظًا أي يكسب ما يحرمه غيره، وقيل أرادت أي خديجة رضي الله عنها تكسب الشيء المعدوم الذي لا يجدونه مما يحتاجون إليه، وقيل أرادت بالمعدوم الفقير الذي صار من شدة حاجته كالمعدوم نفسه. النياية في غريب الحديث (3/191192). [86] صحيح البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة اقرأ باسم ربك الذي خلق (3/218). |
#6
|
||||
|
||||
![]() [87] صحيح البخاري في كتاب التفسير باب تفسير سورة: (تبت يدا أبي لهب وتب) (3/222). وصحيح مسلم في كتاب الإيمان، باب (وأنذر عشيرتك الأقربين) (1/194). [88] جزء من الحديث الطويل المتفق عليه؛ انظر صحيح البخاري باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1/8)، وصحيح مسلم في كتاب الجهاد باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام (3/1394)(1395هـ)، واللفظ له. [89] جزء من الحديث الذي أخرجه الحاكم في مستدركه (1/458). وقد تقدم تخريجه في (ص:73). [90] أخرجه الإمام مسلم في صحيحه (1/513). ============== 6. ... كتاب "التأدب مع الرسول في ضوء الكتاب والسنة" [الجزء الثاني] الفصل الثاني عمله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة وحرصه على هداية الناس إن نزول الوحي الإلهى للناس يحتاج إلى رسول يتلقاه ويبلغه للمدعوين، ولذلك اختار الله رسله عليهم السلام قادرين على تحمل المسؤولية مهيئين بفضل الله للقيام بواجب الدعوة خير قيام. ومن هنا كان إرسال الرسل مسقطًا لحجة الناس بأن الدعوة لم تبلغهم. يقول الله تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء:165]. وعمل الرسل مع الدعوة يحتاج إلى جهد كبير وصبر واضح، ومثابرة شاقة بالإضافة إلى تحمل أذى القوم وعنتهم وعدوانهم القولي والفعلي على الرسول والذين معه. وتلك سنة عامة مع كل الرسل وسائر الدعوات من لدن نوح عليه السلام إلى خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم. ولقد تحدث القرآن الكريم عن الرسل السابقة عليهم الصلاة والسلام وبين ما لقوا من أقوامهم من أذى وتعنت أو *** أو تشريد، ولكن لا يتسع المقام لأن أسرد كل قصصهم إلاّ أنّي أذكر ما يدل على ذلك من الكتاب والسنة على وجه الإجمال. فمن الكتاب قوله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ} [الأنعام:34]. يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية: "ويستطرد من تطييب خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم وبيان الأسباب الحقيقية لموقف المكذبين منه ومن دعوته، ومن آيات الله الناطقة بصدقه وصدق ما جاء به... يستطرد من هذا إلى تذكيره بما وقع لإخوانه الرسل قبله، وقد جاءه من أخبارهم في هذا القرآن ثم ما كان منهم من الصبر والمضي في الطريق حتى جاءهم نصر الله ليقرر أنّ هذه سنة الدعوات التي لا تبديل ولا يغير منها اقتراحات المقترحين كما أنها لا تستعجل مهما ينزل بالدعاة من الأذى والتكذيب والضيق"[1]. وأما السنة فمنها ما جاء على لسان ورقة بن نوفل حينما ذهبت خديجة أم المؤمنين رضى الله عنها بالرسول صلى الله عليه وسلم إليه بعد فزع الرسول من رؤية الملك جبريل عليه السلام في بداية الوحي كما رواه البخاري عن عائشة رضى الله عنها: وفيه:.. فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخًا كبيرًا قد عمي فقالت له خديجة: يا ابن عم، اسمع من ابن أخيك؟ فقال ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟! فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال ورقة: هذا الناموس[2] الذي نزّل الله على موسى يا ليتني فيها جذعًا[3] ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمخرجيّ هم" قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا ثم لم ينشب[4] ورقة أن توفي وفتر الوحي"[5]. وهذا الحديث نص صريح في الموضوع الذي نحن بصدده إذ أنّه يعطينا صورة واضحة عن معاداة الأمم السابقة لرسلهم من غير استثناء رسول واحد من الرسل عليهم السلام ابتداء من نبي الله نوح عليه السلام وانتهاء بخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم كما هي سنة الله تعالى في إرسال الرسل. وما دامت سنة الله في كل دعوة من دعوات الرسل عليهم الصلاة والسلام أن تواجه الابتلاء والاختبار فلا بد لدعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن تواجه أيضًا ذلك من قبل المعاندين من المشركين وأهل الكتاب وغيرهم. وفي هذا الفصل أتحدث عن ما لاقاه الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أعداء الدعوة الإسلامية وكيف قاومهم ومدى ما تحمل من المتاعب في سبيل نشر الدعوة الإسلامية مع مراعاة ظروف ذلك الزمان. وقد قسمت هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث: المبحث الأول: تحمل مشاق نشر الدعوة. المبحث الثاني: الصبر على الأذى والعدوان من قبل الخصوم. المبحث الثالث: إكمال الله تعالى الدين على يده صلى الله عليه وسلم. وذلك على النحو التالي: المبحث الأول تحمل مشاق نشر الدعوة |
#7
|
||||
|
||||
![]() فمبلغ العلم فيه انه بشر وانه خير خلق الله كلهم للبوصيرى ظلمت سنة من أحيا الظلام إلى *** أن اشتكت قدماه الضر من ورم وشد من سغب أحشاءه وطوى *** تحت الحجارة كشحا مترف الأدم وراودته الجبال الشم من ذهب *** عن نفسه فأراها أيما شمم وأكدت زهده فيها ضرورته *** إن الضرورة لا تعدوا عن العصم وكيف تدعوا إلى الدنيا ضرورة من **** لولاه لم تخرج الدنيا من العدم محمد سيد الكونين والثقلين *** والفريقين من عرب ومن عجم نبينا الآمر الناهي فلا أحد *** أبر في قول لا منه ولا نعم هو الحبيب الذي ترجى شفاعته *** في كل هول من الأهوال مقتحم دعا إلى الله فالمستمسكون به *** مستمسكون بحبل غير منفصم فاق النبيين في خلق وفي خلق *** ولم يدانوه في علم ولا كرم وكلهم من رسول الله ملتمس *** غرفا من البحر أو رشفا من الديم وواقفون لديه عند حدهم *** من نقطة العلم أو من شكلة الحكم فهو الذي تم معناه وصورته *** ثم اصطفاه حبيبا بارئ النسم منزه عن شريك في محاسنه *** فمظهر الحسن فيه غير منقسم دع مادعته النصارى في نبيهم *** واحكم بما شئت فيه مدحا واحتكم وانسب إلى ذاته ماشئت من شرف *** وانسب إلى قدره ماشئت من عظم فإن فضل رسول الله ليس له *** حد فيعرب عنه ناطق بفم لو ناسبت قدره آياته عظما *** أحيا إسمه حين يدعى دارس الرمم لم يمتحنا بما تعيا العقول به *** حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم أعيا الورى فهم معناه فليس يرى *** في القرب والبعد فيه غير مقتحم كالشمس تظهر للعينين من بعد *** صغيرة وتكل الطرف من أمم وكيف يدرك في الدنيا حقيقته *** قوم نيام تسلوا عنه بالحلم فمبلغ العلم فيه أنه بشر *** وأنه خير خلق الله كلهم وكل آي أتى الرسل الكرام بها *** فإنما اتصلت من نوره بهم فإنه شمس فضل هم كواكبها *** يظهرن أنوارها للناس والظلم أكرم بخلق نبي زانه خلق *** بالحسن مشتمل بالبشر متسم كالزهر في ترف والبدر في شرف *** والبحر في كرم والدهر في همم كأنه وهو فرد من جلالته *** في عسكر حين تلقاه وفي حشم كأنما اللؤلؤ المكنون في صدف *** من معدني منطق منه ومبتسم لا طيب يعدل ثريا ضم أعظمه *** طوبى لمنتشق منه وملتثم |
#8
|
||||
|
||||
![]() ريم على القاع بين البان والعلم ---- أحل سفك دمي في الأشهر الحرم
رمى القضاء بعيني جؤذر أسدا ---- يا ساكن القاع أدرك ساكن الأجم لما رنا حدثتني النفس قائلة ---- يا ويح جنبك بالسهم المصيب رمي جحدتها وكتمت السهم في كبدي ---- جرح الأحبة عندي غير ذي ألم يا لائمي في هواه والهوى قدر ---- لو شفك الوجد لم تعذل ولم تلم لقد أنلتك أذنا غير واعية ---- ورب منتصت والقلب في صمم |
#9
|
||||
|
||||
![]() من المعلوم أنّ الإسلام بدأ غريبًا كما ورد في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأ فطوبى للغرباء)[6]. وتلك الغربة قد زالت بفضل الله تعالى ثم بفضل جهود رسول الله صلى الله عليه وسلم في نشر الدعوة الإسلامية في مراحلها الخمسة وتحمله المشاق في سبيل إنجاحها. وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تلك المراحل الخمس وهي على النحو التالي: المرحلة الأولى: النبوة. المرحلة الثانية: إنذار عشيرته الأقربين. المرحلة الثالثة: إنذار قومه. المرحلة الرابعة: إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة. المرحلة الخامسة: إنذار جميع من بلغته الدعوة من الجن والإنس إلى آخر الدهر[7]. ويمكن تقسيم هذه المراحل التي أشرتها آنفًا إلى مرحلتين: المرحلة المكية، والمرحلة المدنية أي بعد الهجرة. أولاً: المرحلة المكية: وهذه المرحلة هي أصعب المرحلتين لقلة المؤمنين بالرسول صلى الله عليه وسلم وضعفهم وقوة المعادين له وكثرتهم، ولكنه صلى الله عليه وسلم كان على ثقة بالله سبحانه وتعالى في أن يتم هذا الأمر فلم يتزحزح عن طريق الحق قيد شبر طيلة المدة التي كان يدعو الناس إلى الله. وفي السنوات الثلاث الأولى من هذه المرحلة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسر دعوته ولا يدعو الناس إلا فرادى، ويأمر من آمن به أن لا يظهر إسلامه خوفًا على نفسه. ويؤيد هذا ما أخرجه الحاكم عن عمر بن عبسة رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أول ما بعث وهو يومئذ مستخف فقلت أنت ما أنت؟ قال: "أنا نبي" قلت: وما نبى؟ قال: "رسول الله" قلت: أرسلك الله؟ قال: "نعم" قلت: بم أرسلك؟ قال: "بأن تعبدوا الله وتكسروا الأوثان وتصلوا الرحم" قلت: نعما أرسلت فمن تبعك على هذا؟ قال: "حر وعبد" يعني أبا بكر وبلالاً، فكان عمر بن عبسة يقول: لقد رأيتني وأنا ربع الإسلام فأسلمت فقلت: أتبعك يا رسول الله؟ قال: "لا، ولكن الحق بأرض قومك فإذا ظهرت فأتني"[8]. ويشير ابن القيم رحمه الله إلى هذه المرحلة قائلاً: "وأقام صلى الله عليه وسلم بعد ذلك[9] ثلاث سنين يدعو إلى الله سبحانه وتعالى مستخفيًا ثم نزل عليه: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر:94]. فأعلن صلى الله عليه وسلم بالدعوة وجاهر قومه بالعداوة واشتد الأذى عليه وعلى المسلمين حتى أذن الله لهم بالهجرتين"[10]. ولا يخفى ما لهذه الفترة من مشقة نفسية بالنسبة لصاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين على السواء بحيث أنّهم كانوا لا يقدرون أن ينطقوا بالحق الذي آمنوا به أمام الناس فضلاً عن دعوة الناس إليه جهرًا خائفين على أنفسهم لأنّه من المحتمل وأد الدعوة في مهدها إذا أعلنوها آنذاك إمّا ب*** صاحبها أو معتنقيها أو افتتانهم عن دينهم والفتنة أشد من ال***. إضافة إلى ذلك فقد كان صلى الله عليه وسلم يعاني مشقة أخرى ينفرد بها عن أصحابه وهي شدة تلقي الوحي وخاصة في أيامه الأولى التي لم يتعوده بعد حتى أنّه كان يفزع من رؤية الملك جبريل عليه السلام أمين الوحي. ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت: زملوني فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر:1].. إلى قوله: {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ} [المدثر:5] فحمى الوحي وتتابع)[11]. وَمن شدائد الوحي أيضًا ما لقيه الرسول صلى الله عليه وسلم من حفظه وقراءته حتى إنه كان يسابق الملك في القراءة إلى أن نزل قوله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:1617]. يقول ابن عباس رضي الله عنه ما في هاتين الآيتين المذكورتين: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة وكان مما يحرك شفتيه فأنزل الله تعالى: {لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة:1617] فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أَتاه جبريل استمع فإذا انطلق جبريل قرأه النبي صلى الله عليه وسلم كما قرأه"[12]. يقول ابن كثير في تفسير هاتين الآيتين: "هذا تعليم من الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك فإنّه كان يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته، فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك أن يستمع له، وتكفل الله له أن يجمعه في صدره وأن ييسره لأدائه على الذي ألقاه إليه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه، فالحالة الأولى جمعه في صدره والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه"[13]. |
#10
|
||||
|
||||
![]() وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنّه كان يعاني من الوحي شدة طوال فترة بعثته غير أنّه تعود وتحمل دون رعب وفزع منه ومن الملك بخلاف ما كان يعاني وقت بدايته. ويؤيد هذا ما روته عائشة رضي الله عنها أنّ الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة[14] الجرس وهو أشده عليَّ حتى يفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول"، قالت عائشة رضي الله عنها: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا"[15]. وأما بعد أن أمر الله سبحانه وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة إلى الله فقد ازدادت الشدة عليه وعلى المؤمنين بسبب معاداة قومه دعوته وإيذائه هو وأصحابه بكل ما أوتي لهم من قوة حسيًّا ومعنويًا. ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بذل أقصى جهده في إبلاغ الدعوة إلى الناس وهو لا يخاف لومة لائم مهما كانت قوته وسلطته وتحمل المشاق في سبيل إنجاحها. وقد سلك الرسول صلى الله عليه وسلم في إبلاغ قومه في هذه المرحلة طرقًا شتى وهي إمّا أن يطلب الناس إلى التجمع ليبلغ رسالة ربّه أو أن يذهب إلى أماكن تجمعهم كالمواسم والأسواق، أو أن يذهب إلى مواطنهم ومكان إقامتهم.. وأذكر هنا ما يؤيد ذلك من النصوص الصحيحة: الطريقة الأولى: تجمع الناس لدعوتهم: ومما يدل على ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214] خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا: من هذا فاجتمعوا إليه فقال: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أفكنتم مصدقي؟" قالوا: نعم ما جربنا عليك كذبًا. قال: "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد" قال أبو لهب: تبًا لك ما جمعتنا إلا لهذا؟[16] وهذا الحديث يدل على مدى اهتمام الرسول صلى الله عليه وسلم إبلاغ الدعوة إلى قومه بحيث وقف على جبل الصفا في الصباح الباكر قائلاً بأعلى صوته: يا صباحاه لينبه هؤلاء حتى يجتمعوا له ومن ثم يبلغهم ما كلف به من قبل الله سبحانه وتعالى كما أنّه يدل على ما عانى الرسول صلى الله عليه وسلم من قومه من الاستهزاء والاستكبار والإعراض عنه والدعاء عليه وخاصة من أقرب شخص إليه وهو عمه أبو لهب الخاسر. ولا يخفى ما لهذه الواقعة من المشقة إذ أنها تؤدي إلى اليأس بالنسبة لصاحب الرسالة وللمؤمنين من هؤلاء لولا لطف الله وعنايته المستمرين عليهم وكذلك إخبار الله تعالى عن الأمم السابقة وموقفهم من الرسل عليهم الصلاة والسلام من تكذيب وتعنت تسلية له صلى الله عليه وسلم ولأصحابه. الطريقة الثانية: وهي الذهاب إلى أماكن تجمعهم كالمواسم: ومما يدل على ذلك ما أخرجه الحاكم عن جابر بن عبد الله قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول: "هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشًا قد منعوني أن أبلغ كلام ربي" فأتاه رجل من همدان فقال: أنا فقال: "وهل عند قومك منعة؟" قال: نعم وسأله من أين هو؟ فقال: من همدان ثم إن الرجل الهمداني خشي أن يحفزه قومه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: آتي قومي فأخبرهم ثم ألقاك من عام قابل قال: نعم، فانطلق وجاء وفد الأنصار في رجب)[17]. وهذا الحديث يدل دلالة واضحة على ما قام به مشركو قريش في وقف الدعوة الإسلامية حتى اضطر صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم أن يبحث عن قوم آخرين يوجه إليهم الدعوة التي كلف بتبليغها. وفي ترك وطنه مشقة كبرى لا يشعرها إلا من مارس ذلك بالفعل لأنّه يقال ليس الخبر كالمعاينة مع الالتفات إلى الأسباب الداعية إلى ذلك وهي ما لقي من مشركي قريش من الأذى حسيًا كان أو معنويًا. ومن ذلك أيضًا ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أنّها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: "لقد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة[18] إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلاّ وأنا بقرن الثعالب[19] فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني فقال: إن الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم فناداني ملك الجبال فسلم عليَّ ثم قال: يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين[20]. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ولا يشرك به شيئًا"[21]. |
#11
|
||||
|
||||
![]() قطوف من الشمائل المحمدية محمد بن جميل زينو بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له . وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله . قطوفاً من الشمائل المحمدية ، والأخلاق النبوية ، والآداب الإسلامية ليطلعوا عليها ، ويقتدوا بهذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، في أخلاقه ، وآدابه ، وتواضعه ، وحلمه ، وشجاعته ، وكرمه ، وتوحيده لربه ، ولا سيما نحن في عصر نحتاج إلى نشر التوحيد والأخلاق اللذين انتصر بهما المسلمون ، وانتشر الإسلام .
وما أحسن قول الشاعر : وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت ... فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا والله أسأل أن ينفع بهذا الكتاب المسلمين ، ويجعله خالصاً لوجهه الكريم . مولد الرسول صلى الله عليه وسلم : 1- ... قال الله تعالى : {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} 2- ... وقال الله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ } 3- ... وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن صوم يوم الاثنين قال : ( ذلك يوم ولدت فيه ، وفيه بعثت ، وفيه أنزل الحق) . 4- ... لقد ولد الرسول صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين من شهر ربيع الأول في مكة المكرمة عام الفيل عام 571م من أبوين معروفين : أبوه عبدالله بن عبدالمطلب ، وأمه آمنة بنت وهب ، سماه جده محمداً صلى الله عليه وسلم ، وقد مات أبوه قبل ولادته . 5- ... إن من واجب المسلمين أن يعرفوا قدر هذا الرسول الكريم ، فيحكموا بالقرآن الذي أُنزل عليه ، ويتخلقوا بأخلاقه ، ويهتموا بالدعوة إلى التوحيد التي بدأ بها رسالته متمثلة في قوله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا} . اسم ونسب الرسول صلى الله عليه وسلم : 1- ... قال الله تعالى : {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ} . 2- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يُحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده نبي . 3- ... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال : "أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا المقفى ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة"(المقفى : آخر الأنبياء) 4- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ، ولعنهم ؟ يشتمون مذمماً ، ويلعنون مذمماً ، وأنا محمد) . 5- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم) . 6- ... وقال صلى الله عليه وسلم : ( تسموا باسمي ، ولا تكنوا بكنيتي ، فإنما أنا قاسم أقسم بينكم) . آخر تعديل بواسطة محمد رافع 52 ، 11-05-2014 الساعة 09:59 PM |
#12
|
||||
|
||||
![]() الرسول كأنك تراه صلى الله عليه وسلم :
1- ... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ، ليس بالطويل البائن ولا القصير . 2- ... كان الرسول صلى الله عليه وسلم ، أبيض مليح الوجه . 3- ... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مربوعاً ( ) ، عريض ما بين المنكبين ، كث اللحية ، تعلوه حُمرة ، جمته إلى شحمة أذنيه ، لقد رأيته في حُلة حمراء ، ما رأيت أحسن منه . (كث اللحية : كثير الشعر) (جمته : شعره) . 4- ... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس واليدين والقدمين ، حسن الوجه ، لم أر قبله ولا بعده مثله . 5- ... كان وجهه مثل الشمس والقمر وكان مستديراً . 6- ... كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سُرّ استنار وجهه ، حتى كأن وجهه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك . 7- ... كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تبسماً ، وكنت إذا نظرت إليه قلت أكحل العينين وليس بأكحل . 8- ... وعن عائشة قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً قط ضاحكاً ، حتى أرى منه لهواته ، إنما كان ضحكه التبسم . ( لهواته : أقصى حلقه) . 9- ... وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في ليلة إضحيان فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى القمر ، وعليه حلة حمراء ، فإذا هو عندي أحسن من القمر . ( إضحيان : مضيئة مقمرة) . 10- ... وما أحسن من قال في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم : ... وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ... ثمال اليتامي عصمة للأرامل . ... هذا الشعر من كلام أبي طالب أنشده ابن عمر وغيره ، لما أصاب المسلمين قحط ، فدعا لهم الرسول قائلاً : (اللهم أسقنا) فنزل المطر . (ثمال : مُطعم ، عِصمة : مانع من ظلمهم) . |
#13
|
||||
|
||||
![]() ... والمعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم المنعوت بالبياض يسأله الناس أن يتوجه إلى الله بوجهه الكريم ودعائه أن يُنزل عليهم المطر وذلك في حال حياته صلى الله عليه وسلم ، أما بعد مماته فقد توسل الخليفة عمر بالعباس أن يدعو لهم بنزول المطر ولم يتوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم : وأنشد من كنانة فقال : لك الحمد والحمد ممن شكر ... *** ... سُقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة ... *** ... إليه وأشخص منه البصر فلم يك إلا كإلقاء الرداء ... *** ... وأسرع حتى رأينا الدرر وكان كما قال له عمه ... *** ... أبو طالب أبيض ذو غرر به الله يسقى صوب الغمام ... *** ... وهذا العيان لذاك الخير فمن يشكر الله يلق المزيد ... *** ... ومن يكفر الله يلق الغير قال الشاعر أبو رواحة عبدالله بن عيسى اليمني : هذا رسول الله يبدو في الدنيا ... *** ... شمساً تضئ لسائر الأكوان فهو الذي كان الختام لرسلنا ... *** ... كختام مسك فاح في البلدان ذو الصورة البيضاء والوجه الذي ... *** ... أضحى لنا قمراً بكل مكان وإذا لمست الكف قلت : حريرة ... *** ... من لينة كالزبد في فنجان وإذا سمعت كلامه مترسلاً ... *** ... يصل القلوب يهز كل جنان وجوامع الكلم البليغ أحاطتها ... *** ... إذا أنها فاقت لكل بيان أبو معبد والرسول صلى الله عليه وسلم : اشتهر في كتب السيرة والحديث خبر نزول الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه بخيمة أم مبعد (بقرير) طالبين القرى ، فاعتذرت لهم لعدم وجود طعام عندها إلا شاة هزيلة لا تدر لبناً ، فأخذ الشاة فمسح ضرعها بيده ، ودعا الله ، وحلب في إناء حتى علت الرغوة ، وشرب الجميع ، ولكن هذه الرواية طرقها ما بين ضعيفة وواهية إلا طريقاً واحداً يريوها الصحابي قيس بن النعمان السكوني ونصها : (لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال : والله ما لنا شاة ، وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن . الرسول صلى الله عليه وسلم : فما تلك الشاة ؟ أبو معبد : أتى بها . الرسول صلى الله عليه وسلم : دعا بالبركة عليها ، ثم حلب عُسا فسقاه ثم شربوا . (عُساً : قدحاً كبيراً) . أبو معبد : أنت الذي يزعم قريش أنك صابئ . الرسول صلى الله عليه وسلم : إنهم ليقولون . أبو معبد : أشهد أن ما جئت به حق . أبو معبد : أتبعك . الرسول صلى الله عليه وسلم : لا ، حتى تسمع أنا قد ظهرنا : (أي انتصرنا) . أبو معبد : فاتبعه بعد : ( أي لحقه بعد أن ظهر في المدينة) . من فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم : 1- ... قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} . 2- ... {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} . 3- ... {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } 4- ... وقال صلى الله عيه وسلم : ( أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة) . 5- ... وقال صلى الله عليه وسلم : ( أنا أول شفيع في الجنة ، لم يُصدق نبي من الأنبياء ما صدقت ، وإن نبياً من الأنبياء ما صدقه من أمته إلا رجل واحد) . 6- ... وقال صلى الله عليه وسلم : سألت ربي ثلاثاً ، فأعطاني ثنتين ، ومنعني واحدة : سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسِّنة ، فأعطانيها ، وسألته أن يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها ، وسألته أن يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها) . (السنة : القحط) . ... وفي رواية : (فسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فأعطانيها) . 7- ... وقال أنس بن مالك في حديث الإسراء وفيه : ... (والنبي صلى الله عليه وسلم ، نائمة عيناه ، ولا ينام قلبه) . 8- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أنا سيد ولد آدم يوم القيام ، وأول من تنشق عه الأرض ، شافع ومشفع) . 9- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فضلت على الأنبياء بست : أعطيت جوامع الكلم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، وأرسلت إلى الخلق كافة ، وختم بي النبيون) . 10- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً ، حتى كنت في القرن الذي كنت منه) . 11- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي ، كمثل رجل بنى بنياناً فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ قال : فأنا اللبنة ، وأنا خاتم النبيين) . |
#14
|
||||
|
||||
![]() 12- ... وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني عند الله مكتوب خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته ، وسأخبركم بأول أمري : دعوة إبراهيم ، وبشارة عيسى ، ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتنا ، وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام) . (لمنجدل : ملقى على الأرض) . 12- ... جاء الملك جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء فقال : (إقرأ باسم ربك الذي خلق) فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد وأخبرها : لقد خشيت على نفسي ، فقالت خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل ( ) ، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق ، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل ، فقالت له خديجة ، يا ابن عم : أسمع من إبن أخيك ، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خبر ما رأى ، فقال له ورقة : هذا الناموس ( ) الذي نزل الله على موسى ، يا ليتني فيها جذعاً ، ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أومرجي هم ؟ قال : نعم ، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً) . |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|