#1
|
|||
|
|||
مرفوضون
مرفوضون الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فقد روى مسلم في الصحيح من حديث أنس بن مالك قال: "كان منا رجل من بني النجار، قد قرأ البقرة وآل عمران، وكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانطلق هاربًا، حتى لحق بأهل الكتاب، قال: فرفعوه، قالوا: هذا كان يكتب لمحمد، فأُعْجِبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه، فحفروا له فوارَوْه، فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، فتركوه منبوذًا". إنه مرفوض، سوءُ الفعال، وشناعة الخصال، وقُبح المقال، كان سببًا واضحًا لِأن ترفُضَ الأرض هذا الجسدَ الخبيث، وهذا مصداق ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخرج أحمد ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: ((إن الله إذا أحب عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أُحِب فلانًا فأحبَّه، فيحِبُّه جبريل، ثم ينادي في السماء إن الله يحب فلانًا فأحِبُّوه، فيحِبُّه أهل السماء، ثم يُوضَع له القبولُ في الأرض، وإذا أبغض عبدًا دعا جبريل، فيقول: إني أُبغِضُ فلانًا فأبغِضْه، فيُبْغِضُه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء، إن الله يُبغِض فلانًا، فأبغِضوه، فيبغضونه، ثم تُوضَع له البغضاءُ في الأرض)) فكان حِرِيًّا بهذه الأرض أن تَلْفِظه وترفضه. وصنف آخر رفضهم البحر، فقد قال جل وعلا عن فرعون: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون ﴾ [يونس: 90 - 92]، يقول ابن عباس - مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال لي جبريل: ((لو رَأَيْتَنِي وأنا آخُذُ من حَالِ البحر فَأَدُسُّه في فم فرعون؛ مخافة أن تُدرِكَه الرحمة)). وصنف آخر ترفضهم السماء، كما في حديث البراء بن عازب الطويل - المتعلق بالموت والاحتضار - الذي أخرجه أحمد وغيره، قال: خرجْنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الأنصار، فانتهَيْنا إلى القبر ولَمَّا يُلْحَدْ، فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجلَسْنا حوله، كأنَّ على رؤوسنا الطير، وفى يده عود ينكُتُ به في الأرض فرفع رأسه فقال: ((استعيذوا بالله من عذاب القبر)) مرتين أو ثلاثًا ثم قال: ((....، وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه من السماء ملائكةٌ سُودُ الوجوه، معهم الْمُسُوح، فيجلسون منه مَدَّ البصر، ثم يجيء مَلَك الموت، حتى يجلس عند رأسه، فيقول: أيتها النفس الخبيثة، اخرجي إلى سَخَط من الله وغَضَبٍ، قال: فتفرَّقُ في جسده، فينتزعها كما ينتزع السَّفُّود من الصُّوفِ الْمَبلولِ، فيأخذها، فإذا أخذها لم يَدَعُوها في يده طَرفَةَ عين، حتى يجعلوها في تلك المسوح، ويخرج منها كأنتن ريحِ جيفةٍ وُجِدَت على وجه الأرض، فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الخبيث؟! فيقولون: فلان بن فلان، بأقبح أسمائه التي كان يُسمَّى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا، فيَسْتَفْتِح له فلا يُفتَح له))، ثم قرأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ﴿ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ﴾ [الأعراف: 40]، فيقول الله عز وجل: اكتبوا كتابه في سِجِّين في الأرض السفلى، فتُطْرَح رُوحه طرحًا))، ثم قرأ: ﴿ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ ﴾ [الحج: 31]. وصِنْفٌ ترفضه الدواب؛ ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بينا رجل يسوق بقرة؛ إذ أعيا فركبها فقالت: إنا لم نُخْلَق لهذا، إنما خُلِقْنا لحراثة الأرض))، فقال الناس: سبحانَ الله! بقرةٌ تَكَلَّمُ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فإني أُومِنُ بهذا أنا وأبو بكر وعمر))، وما هُما ثَمَّ. وصِنْف ترفضهم أقوامهم، كما حصل لأبي رِغَال يوم أن رَضِي أن يكون دليلاً لأبْرَهَةَ وجيشه وفيله، ومرشدًا إلى البيت الحرام، فمات قبل أن يصل إلى مكة، فرجَمَت العرب قبره، كما أخرج أحمد وغيره موقوفًا على عمر: أن ابن سلمة الثقفي أسلم تحته عشر نسوة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اختر منهن أربعًا))، فلما كان في عهد عمر طلَّق نساءه، وقسَمَ ماله بين بنيه، فبلغ ذلك عمر فقال: إني لأظن الشيطانَ مِمَّا يسترِقُ من السمع سَمِعَ بموتك، فقذفه في نفسِك وأعلَمَك أنك لا تمكُثُ إلا قليلاً، وايْمُ اللهِ لَتُراجِعَنَّ نساءك، ولتَرْجِعَنَّ في مالِك، أو لَأُوَرِّثُهُنَّ منك، ولَآمُرَنَّ بقبرك، فَيُرْجَمُ كما رُجِمَ قبرُ أبي رِغَال. وصِنْفٌ ترفضهم الملائكة، فلا تَقبلُ لهم عملاً، فترفض حَجَّه، وهي تقول: لا لَبَّيكَ، ولا سَعْدَيكَ؛ مالُك حرام، ومَطعَمُك حرام، وحجُّك مردود. وتُرْفَضُ صَلَاتهُ فَتقولُ: ضَيَّعَكَ اللهُ كَمَا ضَيَّعْتَنِي، وتُرفَضُ زكاته؛ ﴿ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ ﴾ [التوبة: 54]. وصِنفٌ آخر ملعونون، ترفضهم رحمة الله فيُطْرَدون، لعن اللهُ آكل الربا، وشاربَ الخمر، والراشِيَ، والمرتشِيَ، والنامصةَ، والمتنمصةَ، والواصلةَ، والمستوصِلَةَ، ومن غيَّر منارَ الأرض، ومنِ انتسَبَ لغير أبيه، وغيرَهُم. وصنف استحقوا ألا ينظرَ الله إليهم، ولا يكلمهم، ومنهم: شيخٌ زانٍ، وملِكٌ كذَّاب، وعائِلٌ مستكبِرٌ، والمنَّان، والْمُسْبِل إزارَهُ، والْمُنَفِّقُ سِلْعَتَه بالحَلِف الكاذب، والزوجةُ التي لا تشكُر زوجَها، وغيرُهُم. أخي المسلم، أختي المسلمة: إذا أردْتَ أن تكون مقبولاً غير مرفوض، فليس لك إلا سبيل واحد، وهو أن تنال رضا الله، حينها سيُضْفِي ربنا - عز وجل - هذا الرضا على سائر مخلوقاته، فيُوضَع لك القبولُ في الأرض وفي السماء؛ فقد أخرج البزَّار وغيره بسند صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من عبد إلا وله صِيتٌ في السماء، فإذا كان صيته في السماء حَسَنًا، وُضِعَ في الأرض حسنًا، وإذا كان صيته في السماء سَيِّئًا وُضع في الأرض سيئًا)) والله من وراء القصد، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه.
__________________
|
#2
|
|||
|
|||
جزاك الله خيرا
__________________
|
#3
|
|||
|
|||
رب اسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك او انزلته في كتاب لك او علمته لاحد من خلقك او ابقيته في علم الغيب ان تتوفنى وانت راض عني يا رب
__________________
Im faded |
العلامات المرجعية |
|
|