|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الفرق بين الكذب وبعض الألفاظ المترادفة
- الفرق بين الخرص والكذب: (أنَّ الخرص هو الحزر، وليس من الكذب في شيء، والخرص ما يحزر من الشيء، يقال: كم خرص نخلك، أي: كم يجئ من ثمرته، وإنما استعمل الخرص في موضع الكذب؛ لأنَّ الخرص يجري على غير تحقيق، فشُبِّه بالكذب، واستُعمل في موضعه. وأما التكذيب فالتصميم، على أنَّ الخبر كذب بالقطع عليه، ونقيضه التصديق) . - الفرق بين الكذب والافتراء والبهتان: (الكذب: هو عدم مطابقة الخبر للواقع، أو لاعتقاد المخبر لهما على خلاف في ذلك. والافتراء: أخص منه؛ لأنَّه الكذب في حق الغير بما لا يرتضيه، بخلاف الكذب فإنه قد يكون في حق المتكلم نفسه، ولذا يقال لمن قال: فعلت كذا ولم أفعل كذا. مع عدم صدقه في ذلك: هو كاذب، ولا يقال: هو مفتر، وكذا من مدح أحدًا بما ليس فيه، يقال: إنه كاذب في وصفه، ولا يقال: هو مفتر؛ لأنَّ في ذلك مما يرتضيه المقول فيه غالبًا. وقال سبحانه حكاية عن الكفار: افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]؛ لزعمهم أنه أتاهم بما لا يرتضيه الله سبحانه مع نسبته إليه. وأيضًا قد يحسن الكذب على بعض الوجوه، كالكذب في الحرب، وإصلاح ذات البين، وعدة الزوجة، كما وردت به الرواية، بخلاف الافتراء. وأما البهتان: فهو الكذب الذي يواجه به صاحبه على وجه المكابرة له) . - الفرق بين الكذب والإفك: (الكذب: اسم موضوع للخبر الذي لا مخبر له على ما هو به، وأصله في العربية التقصير، ومنه قولهم: كذب عن قرنه في الحرب. إذا ترك الحملة عليه، وسواء كان الكذب فاحش القبح، أو غير فاحش القبح. والإفك: هو الكذب الفاحش القبح، مثل الكذب على الله ورسوله، أو على القرآن، ومثل قذف المحصنة، وغير ذلك مما يفحش قبحه، وجاء في القرآن على هذا الوجه، قال الله تعالى: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7]) . - الفرق بين الخُلف والكذب: (الكذب فيما مضى، وهو أن تقول: فعلت كذا، ولم تفعله، والخلف لما يستقبل، وهو أن تقول: سأفعل كذا. ولا تفعله) . |
#2
|
||||
|
||||
![]() أولًا: في القرآن الكريم - قال الله تعالى: إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأُوْلـئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النحل: 105].
(إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ على الله وعلى رسوله شِرارُ الخلق، الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ من الكفرة والملحدين المعروفين، بالكذب عند الناس) . - وقال سبحانه: وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [الجاثية: 7]. (أي: كذَّاب في مقاله، أثيم في فعاله. وأخبر أنَّ له عذابًا أليمًا، وأنَّ مِن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ [الجاثية: 10] تكفي في عقوبتهم البليغة) . - وقال عزَّ وجلَّ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَن تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ [الشعراء: 221-223]. - وقال سبحانه: لَوْلا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ [النور: 13] - وقال في وصف المنافقين: أَلَمْ تَر إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنصَرُونَ [الحشر: 11-12]. قال السعدي في قوله: وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ: (في هذا الوعد الذي غروا به إخوانهم، ولا يستكثر هذا عليهم، فإنَّ الكذب وصفهم، والغرور والخداع مقارنهم، والنفاق والجبن يصحبهم، ولهذا كذبهم الله بقوله، الذي وجد مخبره كما أخبر الله به، ووقع طبق ما قال، فقال: لَئِنْ أُخْرِجُوا من ديارهم جلاءً ونفيًا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ لمحبتهم للأوطان، وعدم صبرهم على القتال، وعدم وفائهم بوعدهم) . |
#3
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: في السنة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان)) . - وعنه أيضًا رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كفى بالمرء كذبًا أن يحدِّث بكلِّ ما سمع)) . قال ابن الجوزي: (فيه تأويلان، أحدها: أن يروي ما يعلمه كذبًا، ولا يبينه فهو أحد الكاذبين، والثاني: أنَّ يكون المعنى بحسب المرء أن يكذب؛ لأنَّه ليس كلُّ مسموع يصدق به، فينبغي تحديث الناس بما تحتمله عقولهم) . - وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا متعمدًا فهو كما قال، ومن *** نفسه بحديدة عُذِّب بها في نار جهنم)) . (ومعنى الحديث النهي عن الحلف بما حلف به من ذلك، والزجر عنه، وتقدير الكلام: من حلف بملة غير الإسلام، كاذبًا متعمدًا، فهو كما قال، يعنى فهو كاذب حقًّا؛ لأنَّه حين حلف بذلك ظنَّ أنَّ إثم الكذب واسمه ساقطان عنه؛ لاعتقاده أنَّه لا حرمة لما حلف به، لكن لما تعمد ترك الصدق في يمينه، وعدل عن الحق في ذلك، لزمه اسم الكذب، وإثم الحلف، فهو كاذب كذبتين: كاذب بإظهار تعظيم ما يعتقد خلافه، وكذب بنفيه ما يعلم إثباته، أو بإثبات ما يعلم نفيه. فإن ظنَّ ظانٌّ أنَّ في هذا الحديث دليلًا على إباحة الحلف بملة غير الإسلام صادقًا، لاشتراطه في الحديث أن يحلف به كاذبًا، قيل له: ليس كما توهمت؛ لورود نهي النَّبي صلى الله عليه وسلم، عن الحلف بغير الله، نهيًا مطلقًا، فاستوى في ذلك الكاذب والصادق، وفي النهي عنه) . - وعن أبي محمد، الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك؛ فإنَّ الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)) . قال ابن رجب: (يشير إلى أنَّه لا ينبغي الاعتماد على قول كلِّ قائل، كما قال في حديث وابصة: ((وإن أفتاك الناس وأفتوك)) . وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنَّه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب؛ أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه. ومن هنا كان العقلاء في عهد النَّبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو. فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب) . |
#4
|
||||
|
||||
![]() أقوال السلف والعلماء في الكذب
- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (لأن يضعني الصدق- وقلَّما يضع- أحبُّ إليَّ من أن يرفعني الكذب، وقلَّما يفعل) . - وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (أعظم الخطايا الكذب، ومن يعفَّ يعفُ الله عنه) . - وروي عنه أيضًا أنه قال: (الكذب لا يصلح منه جدٌّ ولا هزل) . - وكان ابن عباس يقول: (الكذب فجور، والنَّمِيمَة سحرٌ، فمن كذب فقد فجر، ومن نمَّ فقد سحر) . - وقال ابن عمر: (زعموا زاملة الكذب) . - وقال الأحنف: (ما خان شريفٌ، ولا كذب عاقلٌ، ولا اغتاب مؤمنٌ. وكانوا يحلفون فيحنثون، ويقولون فلا يكذبون) . - وقال أيضًا: (اثنان لا يجتمعان أبدًا: الكذب والمروءة) . - وقال ميمون بن ميمون: (من عُرف بالصدق جاز كذبه، ومن عُرف بالكذب لم يجز صدقه) . - وقال ابن القيم: (إياك والكذب؛ فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس) . |
#5
|
||||
|
||||
![]() آثار الكذب
1- الكذب يقرب البعيد، ويبعد القريب خلاف الواقع. 3- الكذب يذهب بالمروءة. 4- الكذب يعرض صاحبه للإهانة. 5- (الكاذب يصور المعدوم موجودًا، والموجود معدومًا. والحقَّ باطلًا، والباطل حقًّا، والخير شرًّا والشرَّ خيرًا، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور ذلك في نفس المخاطب) . 6- الكذب يهدي إلى الفجور. 7- الكذاب لا تسكن القلوب إليه بل تنفر منه. 8- الكذاب لا يفلح أبدًا. 9- الكذب من علامات النفاق. 10- الكذاب توعده الله بجهنم. |
#6
|
||||
|
||||
![]() حكم الكذب وما يباح منه
قال النووي: (قد تظاهرتْ نصوصُ الكتاب والسنة على تحريم الكذب في الجملة، وهو من قبائح الذنوب وفواحش العيوب. وإجماعُ الأمة منعقدٌ على تحريمه مع النصوص المتظاهرة، فلا ضرورة إلى نقل أفرادها، وإنما المهمُّ بيان ما يُستثنى منه، والتنبيه على دقائقه) . ثم قال: (وقد ضبط العلماءُ ما يُباح منه. وأحسنُ ما رأيتُه في ضبطه، ما ذكرَه الإِمامُ أبو حامد الغزالي فقال: الكلامُ وسيلةٌ إلى المقاصد، فكلُّ مقصودٍ محمودٍ يُمكن التوصلُ إليه بالصدق والكذب جميعًا، فالكذبُ فيه حرامٌ؛ لعدم الحاجة إليه، وإن أمكنَ التوصل إليه بالكذب، ولم يمكن بالصدق، فالكذبُ فيه مباحٌ إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحًا، وواجبٌ إن كان المقصود واجبًا، فإذا اختفى مسلم من ظالم، وسأل عنه، وجبَ الكذبُ بإخفائه، وكذا لو كان عندَه أو عندَ غيره وديعة، وسأل عنها ظالمٌ يُريدُ أخذَها، وجبَ عليه الكذب بإخفائها، حتى لو أخبرَه بوديعةٍ عندَه فأخذَها الظالم قهرًا، وجبَ ضمانُها على المودع المخبر، ولو استحلفَه عليها، لزمَه أن يَحلفَ ويورِّي في يمينه، فإن حلفَ ولم يورِّ، حنثَ على الأصحِّ، وقيل: لا يحنثُ. وكذلك لو كان مقصودُ حَرْبٍ، أو إصلاحِ ذاتِ البين، أو استمالة قلب المجني عليه في العفو عن الجناية لا يحصل إلا بكذب، فالكذبُ ليس بحرام، وهذا إذا لم يحصل الغرضُ إلا بالكذب، والاحتياطُ في هذا كلِّه أن يورِّي، ومعنى التورية أن يقصدَ بعبارته مقصودًا صحيحًا ليس هو كاذبًا بالنسبة إليه، وإن كان كاذبًا في ظاهر اللفظ. ولو لم يقصد هذا، بل أطلق عبارةَ الكذب، فليس بحرام في هذا الموضع. قال أبو حامد الغزالي: وكذلك كلُّ ما ارتبط به غرضٌ مقصودٌ صحيح له أو لغيره، فالذي له، مثل أن يأخذَه ظالم، ويسألَه عن ماله ليأخذَه، فله أن ينكرَه، أو يسألَه السلطانُ عن فاحشةٍ بينَه وبينَ الله تعالى ارتكبَها، فله أن ينكرَها ويقول: ما زنيتُ، أو ما شربتُ مثلًا. وقد اشتهرتِ الأحاديث بتلقين الذين أقرُّوا بالحدود الرجوع عن الإِقرار. وأما غرضُ غيره، فمثل أن يُسأَل عن سرِّ أخيه فينكرَهُ ونحو ذلك، وينبغي أن يُقابِلَ بين مَفسدةِ الكذب والمفسدةِ المترتبة على الصدق، فإن كانت المفسدةُ في الصدق أشدَّ ضررًا، فله الكذبُ، وإن كان عكسُه، أو شكَّ، حَرُم عليه الكذب، ومتى جازَ الكذب، فإن كان المبيحُ غرضًا يتعلَّق بنفسه، فيستحبُّ أن لا يكذبَ، ومتى كان متعلقًا بغيره، لم تجزِ المسامحةُ بحقِّ غيره، والحزمُ تركه في كلِّ موضعٍ أُبيحَ، إلا إذا كان واجبًا) . وهذه بعض الحالات التي يباح فيها الكذب، وهي: 1- (في الحرب؛ لأنَّ الحرب خدعة، ومقتضياتها تستدعي التمويه على الأعداء، وإيهامهم بأشياء قد لا تكون موجودة، واستعمال أساليب الحرب النفسية ما أمكن، ولكن بصورة ذكية لبقة. 2- في الصلح بين المتخاصمين؛ حيث إنَّ ذلك يستدعي أحيانًا أن يحاول المصلح تبرير أعمال كل طرف وأقواله بما يحقق التقارب ويزيل أسباب الشقاق، وأحيانًا ينسب إلى كل من الأقوال الحسنة في حق صاحبه ما لم يقله، وينفي عنه بعض ما قاله؛ وهو ما يعوق الصلح ويزيد شقة الخلاف والخصام. 3- في الحياة الزوجية؛ حيث يحتاج الأمر أحيانًا إلى أن تكذب الزوجة على زوجها، أو يكذب الزوج على زوجته، ويخفي كل منهما عن الآخر ما من شأنه أن يوغر الصدور، أو يولد النفور، أو يثير الفتن والنزاع والشقاق بين الزوجين، كما يجوز أن يزف كل منهما للآخر من معسول القول ما يزيد الحب، ويسر النفس، ويجمل الحياة بينهما، وإن كان ما يقال كذبًا؛ لأن هذا الرباط الخطير يستحق أن يهتم به غاية الاهتمام، وأن يبذل الجهد الكافي ليظل قويًا جميلًا مثمرًا) . فعن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن النَّبي صلى الله عليه وسلم أخبرته: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ((ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس، ويقول خيرًا، وينمي خيرًا)). قال ابن شهاب: ولم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب، إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها . |
#7
|
||||
|
||||
![]() صور الكذب
للكذب صور كثيرة منها: 1- الكذب على الله تعالى ورسوله: وهذا أعظم أنواع الكذب، (والكذب على الله نوعان: النوع الأول أن يقول: قال الله كذا، وهو يكذب. والنوع الثاني: أن يفسر كلام الله بغير ما أراد الله، لأن المقصود من الكلام معناه، فإذا قال: أراد الله بكذا كذا وكذا، فهو كاذب على الله، شاهد على الله بما لم يرده الله عزَّ وجلَّ، لكن الثاني إذا كان عن اجتهاد وأخطأ في تفسير الآية، فإنَّ الله تعالى يعفو عنه؛ لأنَّ الله قال: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] وقال: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة: 286] وأما إذا تعمَّد أن يفسِّر كلام الله بغير ما أراد الله، اتباعًا لهواه أو إرضاء لمصالح أو ما أشبه ذلك، فإنَّه كاذب على الله عزَّ وجلَّ) . وقال تعالى: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ [الأنعام: 93]. (يقول تعالى: لا أحد أعظم ظلمًا، ولا أكبر جرمًا، ممن كذب على الله. بأن نسب إلى الله قولًا أو حكمًا، وهو تعالى بريء منه، وإنما كان هذا أظلم الخلق، لأنَّ فيه من الكذب، وتغيير الأديان أصولها، وفروعها، ونسبة ذلك إلى الله ما هو من أكبر المفاسد. ويدخل في ذلك، ادعاء النبوة، وأنَّ الله يوحي إليه، وهو كاذب في ذلك، فإنه -مع كذبه على الله، وجرأته على عظمته وسلطانه يوجب على الخلق أن يتبعوه، ويجاهدهم على ذلك، ويستحل دماء من خالفه وأموالهم. ويدخل في هذه الآية، كل من ادعى النبوة، كمسيلمة الكذاب، والأسود العنسي، والمختار، وغيرهم ممن اتصف بهذا الوصف) . وقال صلى الله عليه وسلم: ((لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبًا مِنْ ثلاثين كلُّهم يزعم أنَّه رسول الله)) . قال الله تعالى: وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِينَ [الزمر: 60]. وقال سبحانه: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ [الأعراف: 37]. وقوله تعالى: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [الأعراف: 33]. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم ((من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار)) . وقال: ((من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين)) . (وأكثر الناس كذبًا على رسول الله هم الرافضة الشيعة، فإنه لا يوجد في طوائف أهل البدع أحد أكثر منهم كذبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما نص على هذا علماء مصطلح الحديث رحمهم الله، لما تكلموا على الحديث الموضوع قالوا: إن أكثر من يكذب على الرسول هم الرافضة الشيعة، وهذا شيء مشاهد ومعروف لمن تتبع كتبهم) . 2- الكذب على الناس بادِّعاء الإيمان: (كذب يظهر الإنسان فيه أنَّه من أهل الخير والصلاح، والتقى والإيمان، وهو ليس كذلك، بل هو من أهل الكفر والطغيان - والعياذ بالله - فهذا هو النفاق، النفاق الأكبر الذين قال الله فيهم: وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ [البقرة: 8] لكنَّهم يقولون بألسنتهم، ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، وشواهد ذلك في القرآن والسنة كثيرة، إنهم - أعني المنافقين أهل الكذب يكذبون على الناس في دعوى الإيمان وهم كاذبون، وانظر إلى قول الله تعالى في سورة (المنافقون) حيث صدر هذه السورة ببيان كذبهم حيث قال تعالى: إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ [المنافقون: 1] أكدوا هذه الجملة بكم مؤكد؟ بثلاثة مؤكدات، (نشهد) (إن) (اللام) ثلاثة مؤكدات، يؤكدون أنهم يشهدون أنَّ محمدًا رسول الله، فقال الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ [المنافقون: 1] في قولهم (نشهد إنك لرسول الله) هذا أيضًا من أنواع الكذب، وهو أشدُّ أنواع الكذب على الناس؛ لأنَّ فاعله والعياذ بالله منافق) . 3- الكذب في الحديث بين الناس: (الكذب في الحديث الجاري بين الناس يقول: قلت لفلان كذا. وهو لم يقله. قال فلان كذا. وهو لم يقله. جاء فلان. وهو لم يأت وهكذا، هذا أيضًا محرم ومن علامات النفاق، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب))...) . 4- الكذب لإضحاك الناس: روي عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ويل للذي يحدث بالحديث، ليضحك به القوم فيكذب، ويل له، ويل له)) . قال المناوي في شرحه للحديث: (كرره إيذانًا بشدة هلكته؛ وذلك لأنَّ الكذب وحده رأس كلِّ مذموم، وجماع كلِّ فضيحة، فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب، ويجلب النسيان، ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة) . قال ابن عثيمين: (وهذا يفعله بعض الناس ويسمونها النكت، يتكلم بكلام كذب ولكن من أجل أن يضحك الناس، هذا غلط، تكلم بكلام مباح من أجل أن تدخل السرور على قلوبهم، وأما الكلام الكذب فهو حرام) . (والحكمة من هذا المنع أنَّه يجر إلى وضع أكاذيب ملفقة على أشخاص معينين، يؤذيهم الحديث عنهم، كما أنه يعطي ملكة التدرب على اصطناع الكذب، وإشاعته فيختلط في المجتمع الحق بالباطل، والباطل بالحق) . 5- المبالغة في الإطراء والمدح: (تمدح الناس مدرجة إلى الكذب، والمسلم يجب أن يحاذر حينما يثني على غيره، فلا يذكر إلا ما يعلم من خير، ولا يجنح إلى المبالغة في تضخيم المحامد، وطيِّ المثالب، ومهما كان الممدوح جديرًا بالثناء، فإنَّ المبالغة في إطرائه ضرب من الكذب المحرم) . فعن المقداد رضي الله عنه، قال: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب)) . قال النووي: (اعلم أنَّ مدح الإنسان والثناء عليه بجميل صفاته قد يكون في حضور الممدوح، وقد يكون بغير حضوره، فأمَّا الذي في غير حضوره، فلا منع منه إلا أن يجازف المادح، ويدخل في الكذب، فيحرم عليه بسبب الكذب لا لكونه مدحًا، ويستحب هذا المدح الذي لا كذب فيه إذا ترتب عليه مصلحة، ولم يجرَّ إلى مفسدة، بأن يبلغ الممدوح فيفتتن به، أو غير ذلك) . 6- كذب التاجر في بيان سلعته: عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما: ((أن رجلًا أقام سلعة في السوق، فحلف فيها، لقد أعطى بها ما لم يعطه، ليوقع فيها رجلًا من المسلمين))، فنزلت: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً [آل عمران: 77] . وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر؛ ليقتطع بها مال رجل مسلم...)) . 8- الكذب على الأولاد: فكثيرًا ما يكذب الوالدان على أولادهما الصغار؛ رغبةً في التخلص منهم، أو تخويفًا لهم؛ كي يكفُّوا عن العبث واللعب، أو حفزًا لهم كي يجِدُّوا في أمر ما، أو غير ذلك . 9- شهادة الزور: (الحيف في الشهادة من أشنع الكذب، فالمسلم لا يبالي إذا قام بشهادة ما أن يقرر الحقَّ، ولو على أدنى الناس منه وأحبهم إليه، لا تميل به قرابة ولا عصبية، ولا تزيغه رغبة أو رهبة. وتزكية المرشحين لمجالس الشورى، أو المناصب العامة، نوع من أنواع الشهادة فمن انتخب المغموط في كفايته وأمانته، فقد كذب وزوَّر، ولم يقم بالقسط) . فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا، قلنا: بلى. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، و*** النفس. وكان متكئًا فجلس، وقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)) . 10- المبالغة في المعاريض: لا ريب أنَّ في المعاريض مندوحةً عن الكذب، ولكن هناك من يبالغ في المعاريض، ويتوسَّع فيها توسُّعًا يخرجه عن طوره، ويجعله يدخل فيها ما ليس منها، فتجده يقلب الحقائق، وينال من الآخرين، ويُلبس عليهم، ويحصل على مآربه بالمراوغة والمخاتلة، مما يوقعه في الكذب، فَتُفْقَدُ الثقة به، وبحديثه . 11- الكذب السياسي: الكذب الذي يقوم على القاعدة الميكافيلية التي تقول: (إن الغاية تبرر الوسيلة) أو (الغاية تسوغ الواسطة). وهذه القاعدة يأخذ بها غالبية السياسيين . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|