|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
|||
|
|||
![]() أين نحن من أطفال السلف؟! (10) الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين، سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.وبعد: فقال عبدالرحمن بن عوف: "بينما أنا واقف في الصف يوم بدر؛ إذ التفتُّ عن يميني وعن شمالي فرأيتُ غلامينِ من الأنصار، يقول: فلم آمَن بمكانهما، يقول عبدالرحمن: فغمزني أحدُهما سرًّا من صاحبه، وقال لي: يا عمِّ، هل تعرف أبا جهل؟ فقال له عبدالرحمن: نعم، وماذا تصنع بأبي جهل يا بن أخي؟ فقال له: لقد سمعتُ أنه يسبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد عاهدتُ الله إن رأيتُه أن أ***َه أو أموت دونه، يقول عبدالرحمن بن عوف: فتعجَّبت لذلك، يقول: فغمَزني الغلام الآخر، وقال لي سرًّا من صاحبه: يا عم، هل تعرف أبا جهل؟ فقلت: نعم يا بن أخي، وماذا تصنع بأبي جهل؟ فقال: لقد سمعتُ أنه يسبُّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولقد عاهدتُ الله - جل وعلا - إن رأيتُه أن أ***َه أو أموت دونه، يقول: فتعجَّبت، والله ما يسرُّني أنِّي بين رجلين مكانهما، يقول: فنظرتُ في القوم فرأيتُ أبا جهل يجولُ في الناس، فقلت لهما: انظُرَا هل تريانِ هذا؟ قالا: نعم، قال: هذا صاحبُكما الذي تسألانِ عنه، يقول: فانقضَّا عليه مثل الصقرينِ ف***اه، وجرى كل منهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا رسول الله، ***تُه، والآخر يقول: بل أنا الذي ***تُ أبا جهل، فقال النبي لهما: ((هل مسحتُما سيفيكما؟))، قالا: لا، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أعطني سيفك))، وقال للآخر: ((أعطني سيفك))، ونظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السيفينِ فوجد دمَ أبي جهل على السيفينِ، فالتفت إليهما وقال: ((كلاكما قتَلَه))، والبطلان هما معاذ بن عمرو بن الجموح (ولد ذلكم الرجل الأعرج)، ومعوذ بن عفراء. لنتأمل تنافس الطفلين في الانتصار لرسول الله - صلي الله عليه وسلَّم - وغيرتهما لدينهما، فامتلكوا عزيمةَ الرجال، وذادوا عن خير الأنام. إنَّ مرحلة الطفولة هي أخصب وأهم فترة لغرس وتعزيز المبادئ والقِيَم، وفي قصص أطفال السلف مواقف كثيرة - تعليمية وتربوية هادفة - تحتاج إلى وقفات منا جميعًا بشأن التربية والإصلاح؛ لاستخراج فوائدها العظيمة، وقطف ثمارها الوفيرة، والاقتداء بها في دعم القِيَم، والتعامل من خلالها مع أطفال اليوم رجال الغد، لتنشئتهم التنشئة المثالية التي تتفق ومبادئَنا السامية، فهل نحن فاعلون؟!
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
أين نحن من أطفال السلف؟! (11)
الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وإمامهم المصطفى سيدنا محمد، وعلى آله وصحبِه ومَن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين. وبعد: فإنه ونحن نعيش هذه الأيام المباركة، يقترب العيد، بما يصاحبه من مظاهر فرحة، لنا أن نفرَحَها كمسلمين، ولكن تصاحب هذه المظاهرَ بعضُ العادات، التي أخرجت مفهومَ الفرحة عن مضمونه الحقيقي. وتعالوا نتأمَّلْ بروِيَّة هذه القصة: رُوي أنَّ ابنة عمر بن عبدالعزيز دخَلَت عليه تبكي، وكانت طفلةً صغيرة آنذاك، وكان يوم عيد للمسلمين، فـسألها: ماذا يُبكيكِ؟ قالت: كل الأطفال يرتدون ثيابًا جديدة، وأنا ابنةُ أمير المؤمنين أرتدي ثوبًا قديمًا! فتأثَّر عمرُ لبكائها، وذهَب إلى خازنِ بيت المال، وقال له: أتأذَنُ لي أن أصرفَ راتبي عن الشهر القادم؟ فقال له الخازن: ولمَ يا أمير المؤمنين؟! فحكى له عمرُ، فقال الخازنُ: لا مانعَ، ولكن بشرط، فقال عمرُ: وما هو هذا الشرطُ؟! فقال الخازن: أن تضمَنَ لي أن تبقى حيًّا حتى الشهر القادم لتعملَ بالأجر الذي تُريدُ صرفَه مسبقًا! فترَكه عمرُ وعاد، فسأله أبناؤه: ماذا فعلتَ يا أبانا؟! قال: أتصبِرون وندخُل جميعًا الجنة؟ أم لا تصبرون ويدخُل أبوكم النار؟! قالوا: نصبِرُ يا أبانا! نصبرُ يا أبانا، ترجمةٌ حقيقية لمعانٍ إيمانية وتربوية رائعة، يُهديها إلينا مَن يَعجِزُ كبارُ اليوم عن مجاراتهم فكرًا وسلوكًا، أولئك الأطفال الذين تربَّوا في رحاب القرآن والسنَّة؛ إذ لم يكن طلبُهم طلبًا ترفيهيًّا - كطلب شراءِ لُعبة مثلاً - ولكنهم يطلُبون ثيابًا جديدة كباقي أقرانهم، ومع ذلك كانوا عونًا لأبيهم على الطاعة، ولم يشكِّلوا جبهةَ ضغطٍ عليه كما نرى كثيرًا اليوم، فيقع من الآباء ما يقَعُ من تجاوزاتٍ في سبيل تحقيقِ طلبات أبنائهم، فنرى الأياديَ المرتعشة، والذِّممَ الضعيفة، فيؤثِرون ما هو فانٍ على ما هو باقٍ. عمرُ وأبناؤه والخازن. الخازن مرؤوس، ومع ذلك نبَّه رئيسَه! الأبناء محتاجون، ومع ذلك أعانوا أباهم على الطاعة! هل يوجَدون الآن؟! الرئيس يأمُرُ! الخازن يتزلَّفُ! الكبار - إلا مَن رحم الله - لا يصبِرون على الطاعة! كثيرون يتجرَّؤون على الله بارتكابِ المعاصي! بل إنَّ المعاصيَ صارت تجترئ لَمَّا رأت التقصير، فماذا نحنُ فاعلون؟!
__________________
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|