|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() آثار الظلم
1- الظالم مصروف عن الهداية: قال تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة: 51]. 2- الظالم لا يفلح أبدًا: قال تعالى: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ [الأنعام:21]. 3- الظالم عليه اللعنة من الله: يقول الله عزَّ وجلَّ: يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر: 52]. 4- الظالم يحرم من الشفاعة: قال تعالى: مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ((صنفان من أمتي لن تنالهما شفاعتي: إمام ظلوم غشوم، وكل غالٍ مارق)) . 5- تصيبه دعوة المظلوم ولا تخطئه: قال عليه الصلاة والسلام: ((واتق دعوة المظلوم؛ فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) . 6- بالظلم يرتفع الأمن: قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ [الأنعام:82]. 7- الظلم سبب للبلاء والعقاب: قال تعالى: فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ [الحج:45]. وقال تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102]. وقال سبحانه: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا [الكهف: 59]. 8- توعد الظالم بدخول النار: عن خولة الأنصارية رضي الله عنها قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنَّ رجالًا يتخوضون في مال الله بغير حقٍّ، فلهم النار يوم القيامة)) قال ابن حجر: (قوله يتخوضون- بالمعجمتين- في مال الله بغير حق، أي: يتصرفون في مال المسلمين بالباطل) . |
#2
|
||||
|
||||
![]() أقسام الظلم
الظلم ثلاثة: الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق، ولذلك قال: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]، وإياه قصد بقوله: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ [هود:18]، وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الإنسان: 31]، في آي كثيرة، وقال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ [الزمر: 32]، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا [الأنعام: 93]. والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا إلى قوله: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ الآية وبقوله: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ [الشورى: 42]، وبقوله: وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا [الإسراء: 33]. والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد بقوله: فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ [فاطر: 32]، وقوله: ظَلَمْتُ نَفْسِي [النمل: 44]، إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ [النساء:64]، فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ [البقرة:35]، أي: من الظالمين أنفسهم، وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [البقرة:231]. وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهمُّ بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبدًا مبتدئ في الظلم، ولهذا قال تعالى في غير موضع: وَمَا ظَلَمَهُمُ اللّهُ وَلـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [النحل:33]، وَمَا ظَلَمُونَا وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [البقرة:57]، وقوله: وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82] . |
#3
|
||||
|
||||
![]() صور الظلم
لا شكَّ أنَّ الظلم له صور كثيرة، وسنقتصر على ذكر بعضها حتى نكون منها على حذر، وهذه الصور منها: أولًا: ظلم العبد نفسه 1- أعظمه الشرك بالله: قال تعالى: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]. قال ابن تيمية: (ومما ينبغي أن يُعلم أنَّ كثيرًا من الناس لا يعلمون كون الشرك من الظلم، وأنَّه لا ظلم إلا ظلم الحكام أو ظلم العبد نفسه، وإن علموا ذلك من جهة الاتباع، والتقليد للكتاب، والسنة، والإجماع، لم يفهموا وجه ذلك، ولذلك لم يسبق ذلك إلى فهم جماعة من الصحابة لما سمعوا قوله: الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ [الأنعام:82]، كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود أنهم قالوا: أيُّنا لم يظلم نفسه؟! فقال رسول الله: ((ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13]؟)). وذلك أنهم ظنُّوا أنَّ الظلم- كما حدَّه طائفة من المتكلمين- هو إضرار غير مستحقٍّ، ولا يرون الظلم إلا ما فيه إضرار بالمظلوم، إن كان المراد أنهم لن يضروا دين الله وعباده المؤمنين، فإنَّ ضرر دين الله وضرر المؤمنين بالشرك والمعاصي أبلغ وأبلغ) . 2- التعدِّي على حدود الله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]. قال ابن جرير: (تلك معالم فصوله، بين ما أحل لكم، وما حرم عليكم أيها الناس، قلا تعتدوا ما أحل لكم من الأمور التي بينها وفصلها لكم من الحلال، إلى ما حرم عليكم، فتجاوزوا طاعته إلى معصيته، وإنما عنى تعالى ذكره بقوله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا، هذه الأشياء التي بينت لكم في هذه الآيات التي مضت: من نكاح المشركات الوثنيات، وإنكاح المشركين المسلمات، وإتيان النساء في المحيض، وما قد بين في الآيات الماضية قبل قوله: تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ، مما أحل لعباده وحرم عليهم، وما أمر ونهى) . 3- الصدُّ عن مساجد الله أن يُذكر فيها اسمه: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُوْلَـئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَآئِفِينَ لهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ [البقرة: 114]. قال ابن جرير: (وأي امرئ أشد تعديًا وجراءة على الله وخلافًا لأمره، من امرئ منع مساجد الله أن يعبد الله فيها) . 4- كتم الشهادة: قال تعالى: أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَـقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَادَةً عِندَهُ مِنَ اللّهِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: 140]. قال السعدي: (فهي شهادة عندهم، مودعة من الله، لا من الخلق، فيقتضي الاهتمام بإقامتها، فكتموها، وأظهروا ضدها، جمعوا بين كتم الحق، وعدم النطق به، وإظهار الباطل، والدعوة إليه، أليس هذا أعظم الظلم؟ بلى والله، وسيعاقبهم عليه أشد العقوبة) . 5- الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها: وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِن تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَن يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا [الكهف: 57]. قال ابن كثير: (يقول تعالى: وأي عباد الله أظلم ممن ذكر بآيات الله فأعرض عنها، أي: تناساها وأعرض عنها، ولم يصغ لها، ولا ألقى إليها بالًا) . 6-الكذب على الله: قال تعالى: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [الأنعام: 144]. قال ابن جرير في تفسير هذه الآية: (يقول: فمن أشد ظلمًا لنفسه، وأبعد عن الحق ممن تخرص على الله قيل الكذب، وأضاف إليه تحريم ما لم يحرم، وتحليل ما لم يحلل) . ثانيًا: ظلم العباد بعضهم لبعض وظلم العباد بعضهم لبعض أنواع، وهو أشهر أنواع الظلم وأكثرها.قال سفيان الثوري: (إن لقيت الله تعالى بسبعين ذنبًا فيما بينك وبين الله تعالى؛ أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد) ويمكن تقسيمه إلى ظلم قولي، وظلم فعلي: من صور الظلم القولي: التعرض إلى الناس بالغيبة، والنَّمِيمَة، والسباب والشتم، والاحتقار، والتنابز بالألقاب، والسخرية، والاستهزاء، والقذف،...ونحو ذلك. من صور الظلم الفعلي: 1- ال*** بغير حق: قال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [الإسراء: 33]. قال السعدي في تفسير قوله تعالىوَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ. (وهي: النفس المسلمة، من ذكر وأنثى، صغير وكبير، بر وفاجر، والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق. إِلاَّ بِالحَقِّ كالزاني المحصن، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة... وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا أي: بغير حق فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ وهو أقرب عصباته وورثته إليه سُلْطَانًا أي: حجة ظاهرة على القصاص من القاتل) . 2- الظلم الواقع على المسلمين بسبب تمسكهم بدينهم. 3- أخذ أرض الغير أو شيء منها: قال صلى الله عليه وسلم: ((من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا؛ فإنه يطوقه يوم القيامة من سبع أرضين)) . وفي هذا الحديث (التحذير الشديد من السطو على أرض الغير وأخذ شيء منها ظلمًا، والوعيد الشديد لمن فعل ذلك بالخسف به يوم القيامة) 4- الظلم الواقع في الأُسَر: ومنه: - ظلم الأولاد لوالديهما بعقوقهما. - ظلم الأزواج لزوجاتهم في حقهنَّ سواء كان صداقًا، أو نفقةً، أو كسوةً. - ظلم الزوجات لأزواجهنَّ بـتقصيرهن في حقهم، وتنكُّر فضلهم. - ظلم البنات بعضلهنَّ عن الزواج. قال تعالى: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ [النساء: 19]. (العضل : التضييق، والمنع، والشدة ... والمعنى: لا يحل لكم إرث النساء، ولا عضلهن، أي ولا التضييق عليهن، لأجل أن تذهبوا ببعض ما آتيتموهن، أي أعطيتموهن من ميراث، أو صداق، أو غير ذلك. والخطاب لمجموع المؤمنين لتكافلهم فيصدق بما أعطوه للنساء من ميراث، ومهر زواج، وغير ذلك، وجعله بعضهم للأزواج، وبعضهم للورثة، وكل منهم كان يعضل النساء) . - الدعاء على الأولاد، والقسوة في التعامل معهم. - تَفضيل بعض الأولاد على بعض: عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: ((سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثم بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتى تشهد النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا، قال: ألك ولد سواه؟ قال: نعم، قال: فأراه قال: لا تشهدني على جور)) . 5- ظلم أصحاب الولايات والمناصب: ومنه: - نبذ كتاب الله وتحكيم القوانين الوضعية. - عدم إعطاء الرعية حقوقهم. - تقديم شخص في وظيفة ما وهناك من هو أكفأ منه وأقدر على العمل. 6- ظلم العمال: ومنه: - أن يعمل له عمل ولا يعطيه أجره: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًّا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره)) . - أن يبخسه حقوقَه أو أن يؤخرها عن وقتها. - تكليفه بأمور غير ما اتفق عليها معه، أو بأمور لم تجرِ العادة تكليفه بها: قال صلى الله عليه وسلم: ((إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم)) . 7- أكل مال الغير بغير حق: وهو أنواع ومنه: أ- أكل أموال الناس بالباطل: قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا [النساء: 29-30] (ينادي الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الإيمان فيقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ. وينهاهم عن أكل أموالهم بينهم بالباطل بالسرقة أو الغش أو القمار أو الربا وما إلى ذلك من وجوه التحريم العديدة فيقول: لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ، أي: بغير عوض مباح، أو طيب نفس، ثم يستثني ما كان حاصلًا عن تجارة قائمة على مبدأ التراضي بين البيعين لحديث: ((إنما البيع عن تراض)) و((البيعان بالخيار ما لم يتفرقا)) فقال تعالى: إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ. فلا بأس بأكله فإنه حلال لكم. هذا ما تضمنته الآية كما قد تضمنت حرمة *** المؤمنين لبعضهم بعضًا، فقال تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ. والنهي شامل ل*** الإنسان نفسه و***ه أخاه المسلم؛ لأن المسلمين كجسم واحد، فالذي ي*** مسلمًا منهم كأنما *** نفسه. وعلل تعالى هذا التحريم لنا فقال: إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا، فلذا حرم عليكم *** بعضكم بعضًا. هذا ما تضمنته الآية الأولى، أما الآية الثانية فقد تضمنت وعيدًا شديدًا بالإصلاء بالنار والإحراق فيها كل من ي*** مؤمنًا عدوانًا وظلمًا، أي: بالعمد والإصرار والظلم المحض، فقال تعالى: وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ أي: ال*** عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ أي: الإصلاء والإحراق في النار عَلَى اللّهِ يَسِيرًا لكمال قدرته بهذا العذاب إذا لا يستطيع أن يدفع ذلك عن نفسه بحال من الأحوال) . ب- أكل أموال الضعفاء كاليتامى: قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء: 10]. يقول الفخر الرازي: (اعلم أنه تعالى أكد الوعيد في أكل مال اليتيم ظلمًا، وقد كثر الوعيد في هذه الآيات مرة بعد أخرى على من يفعل ذلك، كقوله: وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [النساء: 2]. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا [النساء: 9] ثم ذكر بعدها هذه الآية مفردة في وعيد من يأكل أموالهم، وذلك كله رحمة من الله تعالى باليتامى؛ لأنهم لكمال ضعفهم وعجزهم استحقوا من الله مزيد العناية والكرامة، وما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته وكثرة عفوه وفضله؛ لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى) . ج- الرِّبا: قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ كَثِيرًا وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء: 160-161]. (ما زال السياق في اليهود من أهل الكتاب يبين جرائمهم ويكشف الستار عن عظائم ذنوبهم، ففي الآية الأولى سجل عليهم الظلم العظيم والذي به استوجبوا عقاب الله تعالى حيث حرم عليهم طيبات كثيرة كانت حلالًا لهم، كما سجل عليهم أقبح الجرائم، وهي صدهم أنفسهم وصد غيرهم عن سبيل الله تعالى، وذلك بجحودهم الحق وتحريفهم كلام الله، وقبولهم الرشوة في إبطال الأحكام الشرعية. هذا ما تضمنته الآية الأولى، أما الثانية فقد تضمنت تسجيل جرائم أخرى على اليهود وهي أولًا استباحتهم للربا وهو حرام، وقد نهوا عنه، وثانيًا أكلهم أموال الناس بالباطل؛ كالرشوة والفتاوى الباطلة التي كانوا يأكلون بها. وأما قوله تعالى في ختام الآية: وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا فهو زيادة على عقابهم به في الدنيا أعد لمن كفر منهم ومات على كفره عذابًا أليمًا موجعًا يعذبون به يوم القيامة) . د- الرشوة: قال صلى الله عليه وسلم: ((لعن الله الرَّاشي والمرتشي)) . يقول المناوي: (الرشوة على تبديل أحكام الله إنما هي خصلة نشأت من اليهود المستحقين اللعنة، فإذا سرت الخصلتان إلى أهل الإسلام استحقوا من اللعن ما استحقه اليهود) . هـ- الغشُّ في المعاملات: قال صلى الله عليه وسلم: ((من غشَّنا فليس منا)) . قال المناوي معلقًا على هذا الحديث: (أي ليس على منهاجنا؛ لأن وصف المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها، وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش) . ويقول ابن حجر الهيتمي: (ليتأمل الغشاش بخصوصه قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غشنا فليس منا)) يعلم أن أمر الغش عظيم، وأن عاقبته وخيمة جدًّا فإنه ربما أدت إلى الخروج عن الإسلام والعياذ بالله تعالى، فإن الغالب أنه صلى الله عليه وسلم لا يقول ليس منا إلا في شيء قبيح جدًّا يؤدي بصاحبه إلى أمر خطير ويخشى منه الكفر، فإن لمن يعرض دينه إلى زوال ويسمع قوله صلى الله عليه وسلم: ((من غش فليس منا))، ولا ينتهي عن الغش إيثارًا لمحبة الدنيا على الدين ورضا بسلوك سبيل الضالين) . و- الميسر: قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 90 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ [المائدة:90-91]. (هذه الأهداف التي يريدها الشيطان أمور واقعة يستطيع المسلمون أن يروها في عالم الواقع بعد تصديقها من خلال القول الإلهي الصادق بذاته. فما يحتاج الإنسان إلى طول بحث حتى يرى أن الشيطان يوقع العداوة والبغضاء- في الخمر والميسر- بين الناس. فالخمر بما تفقد من الوعي وبما تثير من عرامة اللحم والدم، وبما تهيج من نزوات ودفعات. والميسر الذي يصاحبها وتصاحبه بما يتركه في النفوس من خسارات وأحقاد إذ المقمور لا بد أن يحقد على قامره الذي يستولي على ماله أمام عينيه، ويذهب به غانمًا وصاحبه مقمور مقهور.. إن من طبيعة هذه الأمور أن تثير العداوة والبغضاء، مهما جمعت بين القرناء في مجالات من العربدة والانطلاق اللذين يخيل للنظرة السطحية أنهما أنس وسعادة! وأما الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فلا يحتاجان إلى نظر.. فالخمر تنسي، والميسر يلهي، وغيبوبة الميسر لا تقل عن غيبوبة الخمر عند المقامرين، وعالم المقامر كعالم السكير لا يتعدى الموائد والأقداح والقداح) . ز- الغلول: قال تعالى: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ [آل عمران: 161]. (الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان وهو محرم إجماعا، بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب....ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال: وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة، ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ الغال وغيره، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه، وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ أي: لا يزاد في سيئاتهم، ولا يهضمون شيئا من حسناتهم.) . ح- الهدايا التي تهدى للموظف بسبب وظيفته: عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: ((استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا على صدقات بني سليم يدعى ابن اللتبية، فلما جاء حاسبه، قال: هذا مالكم، وهذا هدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك إن كنت صادقًا. ثم خطبنا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أستعمل الرجل منكم على العمل مما ولَّاني الله، فيأتي فيقول: هذا مالكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته، والله لا يأخذ أحدًا منكم شيئًا بغير حقِّه، إلا لقي الله يحمله يوم القيامة، فلَأَعرفنَّ أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاةً تيعر . ثم رفع يده حتى رئي بياض إبطه يقول: اللهم! هل بلغت، بصر عيني وسمع أذني)) . التحذير من دعوة المظلوم: قال صلى الله عليه وسلم: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)) . (أي: مانع بل هي معروضة عليه تعالى. قال السيوطي: أي ليس لها ما يصرفها ولو كان المظلوم فيه ما يقتضي أنه لا يستجاب لمثله من كون مطعمه حرامًا أو نحو ذلك، حتى ورد في بعض طرقه (وإن كان كافرًا) رواه أحمد من حديث أنس. قال ابن العربي: ليس بين الله وبين شيء حجاب عن قدرته، وعلمه، وإرادته، وسمعه، وبصره، ولا يخفى عليه شيء، وإذا أخبر عن شيء أنَّ بينه وبينه حجابًا، فإنما يريد منعه) . ولربما تأخرت إجابة الدعوة، ولكن الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون، قال سبحانه: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء [إبراهيم:42-43]. وقال ميمون بن مهران: في قوله تبارك وتعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ. قال: (تعزية للمظلوم، ووعيد للظالم) ![]() (وقيل: لما حبس بعض البرامكة وولده قال: يا أبت، بعد العزِّ صرنا في القيد والحبس. فقال: يا بني، دعوة مظلوم سرت بليل غفلنا عنها، ولم يغفل الله عزَّ وجلَّ عنها) ![]() (وكان يزيد بن حكيم يقول: ما هبت أحدًا قطُّ هيبتي رجلًا ظلمته، وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله، يقول لي: حسبي الله، الله بيني وبينك) ![]() وقيل لإبراهيم بن نصر الكرماني: (إنَّ القرمطي دخل مكة، و*** فيها، وفعل، وصنع، وقد كثر الدعاء عليه، فلم يستجب للداعين؟ فقال: لأن فيهم عشر خصال، فكيف يستجاب لهم؟ فقلت: وما هنَّ؟ قال: أوَّلهنَّ: أقرُّوا بالله وتركوا أمره، والثاني: قالوا: نحبُّ الرَّسول، ولم يتبعوا سنته، والثالث: قرؤوا القرآن ولم يعملوا به، والرابع: قالوا: نحبُّ الجنَّة، وتركوا طريقها، والخامس: قالوا: نكره النَّار، وزاحموا طريقها، والسادس: قالوا: إنَّ إبليس عدُّونا، فوافقوه، والسابع: دفنوا أمواتهم فلم يعتبروا، والثَّامن: اشتغلوا بعيوب إخوانهم ونسوا عيوبهم، والتَّاسع: جمعوا المال ونسوا الحساب، والعاشر: نقضوا القبور وبنوا القصور) ![]() |
#4
|
||||
|
||||
![]() معاونة الظالم على ظلمه
من يعين الظالم فهو ظالم مثله، ومشارك له في الإثم: الظلم من الإثم والعدوان والله سبحانه وتعالى أمر بالتعاون على البرِّ والتقوى، ونهى عن التعاون على الإثم والعدوان فقال: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2]. وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قال: ((لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكِلَ الرِّبَا وموكله وَكَاتِبَه وَشَاهِدَيْه وقال: هُم سَواء)) . قال النووي: (هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابين والشهادة عليهما وفيه: تحريم الإعانة على الباطل) . وقال ميمون بن مهران: (الظالم، والمعين على الظلم، والمحب له سواء) . |
#5
|
||||
|
||||
![]() هل للظالم توبة؟ باب التوبة مفتوح لكل من عصى الله إذا توفرت شروطها، قال تعالى: وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا [النساء:110]. وقال تعالى: فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [المائدة:39]. شروط التوبة كما ذكرها العلماء: - أن يقلع عن الذنب. - وأن يندم على ما قد مضى. - وأن يعزم في المستقبل على ألا يعود إليه. - وإذا كان الأمر يتعلق بحقوق الآدميين، سواء بأموالهم، أو أعراضهم، أو أبدانهم، فعليه أن يطلب المسامحة ممن له عليه حق، أو يؤدي الحقوق إلى أهلها. قال ابن القيم: (والظلم عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة له دواوين ثلاثة: ديوان لا يغفر الله منه شيئًا، وهو الشرك به، فإن الله لا يغفر أن يُشْرَك به. وديوان لا يترك الله تعالى منه شيئًا، وهو ظلم العباد بعضهم بعضًا، فإن الله تعالى يستوفيه كله. وديوان لا يعبأ الله به شيئًا، وهو ظلم العبد نفسه بينه وبين ربه عزَّ وجلَّ، فإن هذا الديوان أخف الدواوين وأسرعها محوًا، فإنه يُمحى بالتوبة والاستغفار، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ونحو ذلك. بخلاف ديوان الشرك؛ فإنه لا يُمحى إلا بالتوحيد، وديوان المظالم لا يُمحى إلا بالخروج منها إلى أربابها واستحلالهم منها) . فمن ابتلي بشيء من الظلم، والتسلط على الناس سواء كان بأخذ مال، أو بغيره من أنواع الظلم، فليتحلل منه في هذه الدنيا الفانية، فليس في الآخرة دينار ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات يؤخذ من حسناته بقدر مظلمته ويعطى للمظلوم، فإن نفدت حسناته أُخذ من سيئات المظلوم وحمله الظالم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو من شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات، أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه)) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يُقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)) . وعن عبد الله بن أنيس قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلًا بهمًا ، فيناديهم مناد بصوت يسمعه مَن بعُد كما يسمعه مَن قرُب: أنا الملك، أنا الديَّان، لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة وأحد من أهل النار يطلبه بمظلمة، حتى اللطمة فما فوقها، ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة، حتى اللطمة فما فوقها وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [الكهف:49]،قلنا: يا رسول الله، كيف وإنما نأتي حفاة عراة غرلًا بهمًا؟ قال: بالحسنات والسيئات جزاءً وفاقًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) . وقال أبو الزناد: (كان عمرُ بنُ عبد العزيز يردُّ المظالم إلى أهلها بغير البينة القاطعة، كان يكتفي باليسير، إذا عرف وجه مَظْلِمةِ الرَّجُلِ ردَّها عليه، ولم يكلِّفْه تحقيق البيِّنة، لما يعرف من غشم الوُلاة قبله على الناس، ولقد أنفد بيت مال العراق في ردِّ المظالم حتى حُمِلَ إليها من الشَّام) . وذكر صاحب (العقد الفريد) قصةً للمأمون: (وأنه جلس يومًا لردِّ المظالم، فكان آخر من تقدم إليه - وقد همَّ بالقيام - امرأة عليها هيئة السفر، وعليها ثياب رثَّة، فوقفت بين يديه فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فنظر المأمون إلى يحيى بن أكثم. فقال لها يحيى: وعليك السلام يا أمة الله، تكلَّمي بحاجتك. فقالت: يا خير منتصف يهدى له الرشد *** ويا إمامًا به قد أشرق البلد تشكو إليك عميد القوم أرملة *** عدى عليها فلم يترك لها سبد وابتز مني ضياعي بعد منعتها *** ظلمًا وفرق مني الأهل والولد فأطرق المأمون حينًا، ثم رفع رأسه إليها وهو يقول: في دون ما قلت زال الصبر والجلد *** عني وأقرح مني القلب والكبد هذا أذان صلاة العصر فانصرفي *** وأحضري الخصم في اليوم الذي أعد فالمجلس السبت إن يقض الجلوس لنا *** ننصفك منه وإلا المجلس الأحد قال: فلما كان يوم الأحد جلس، فكان أول من تقدم إليه تلك المرأة، فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. فقال: وعليك السلام ثم قال: أين الخصم؟ فقالت: الواقف على رأسك يا أمير المؤمنين - وأومأت إلى العباس ابنه - فقال: يا أحمد بن أبي خالد، خذ بيده فأجلسه معها مجلس الخصوم. فجعل كلامها يعلو كلام العباس. فقال لها أحمد بن أبي خالد: يا أمة الله، إنك بين يدي أمير المؤمنين، وإنك تكلمين الأمير، فاخفضي من صوتك. فقال المأمون: دعها يا أحمد، فإنَّ الحق أنطقها والباطل أخرسه. ثم قضى لها برد ضيعتها إليها، وظلم العباس بظلمه لها، وأمر بالكتاب لها إلى العامل الذي ببلدها أن يوغر لها ضيعتها، ويحسن معاونتها، وأمر لها بنفقة) .
قصص في الظلم... عبر وعظات: 1- من القصص في الظلم التي حدثت في زمن الصحابة، قصة الرجل الذي ظلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، فدعا عليه سعد، وقد كان مستجاب الدعوة، فاستجاب الله دعاءه، والقصة كما رواها البخاري في (صحيحه) عن جابر بن سمرة، قال: (شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر، رضي الله عنه، فعزله، واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا، حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق، إنَّ هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي؟ قال أبو إسحاق: أما أنا والله، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركد في الأوليين، وأخف في الأخريين، قال: ذاك الظنُّ بك يا أبا إسحاق. فأرسل معه، رجلًا، أو رجالًا، إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدًا إلا سأل عنه، ويثنون معروفًا، حتى دخل مسجدًا لبني عبس، فقام رجل منهم، يقال له: أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة، قال: أما إذ نشدتنا، فإنَّ سعدًا كان لا يسير بالسرية ![]() 2- ومنها أيضًا: قصة سعيد بن زيد رضي الله عنه، فقد روى مسلم في (صحيحه): ((أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنَّه أخذ شيئًا من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم. فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئًا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبرًا من الأرض ظلمًا طُوِّقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا. فقال اللهم إن كانت كاذبة فعمِّ بصرها، وا***ها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينا هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت)) . 3- قصة أوردها الهيثمي في كتابه (الزواجر عن اقتراف الكبائر) قال: (وقال بعضهم: رأيت رجلًا مقطوع اليد من الكتف، وهو ينادي من رآني فلا يظلمنَّ أحدًا، فتقدمت إليه وقلت له: يا أخي ما قصتك؟ فقال: يا أخي قصتي عجيبة، وذلك أني كنت من أعوان الظلمة، فرأيت يومًا صيادًا قد اصطاد سمكة كبيرة، فأعجبتني، فجئت إليه فقلت: أعطني هذه السمكة. فقال: لا أعطيكها، أنا آخذ بثمنها قوتًا لعيالي. فضربته وأخذتها منه قهرًا، ومضيت بها، قال: فبينما أنا ماشٍ بها حاملها إذ عضت على إبهامي عضة قوية، فلما جئت بها إلى بيتي، وألقيتها من يدي ضربت علي إبهامي، وآلمتني ألـمًا شديدًا، حتى لم أنم من شدة الوجع، وورمت يدي، فلما أصبحت أتيت الطبيب، وشكوت إليه الألم، فقال: هذه بدو أكلة ، اقطعها وإلا تلفت يدك كلُّها، فقطعت إبهامي ثم ضربت يدي، فلم أطق النوم ولا القرار من شدة الألم، فقيل لي: اقطع كفك. فقطعتها، وانتشر الألم إلى الساعد، وآلمني ألما شديدًا، ولم أطق النوم ولا القرار، وجعلت أستغيث من شدة الألم، فقيل لي: اقطعها من المرفق. فانتشر الألم إلى العضد، وضربت علي عضدي أشد من الألم، فقيل لي: اقطع يدك من كتفك، وإلا سرى إلى جسدك كلِّه. فقطعتها، فقال لي بعض الناس: ما سبب ألمك؟ فذكرت له قصة السمكة، فقال لي: لو كنت رجعت من أول ما أصابك الألم إلى صاحب السمكة، فاستحللت منه، واسترضيته ولا قطعت يدك، فاذهب الآن إليه، واطلب رضاه قبل أن يصل الألم إلى بدنك. قال: فلم أزل أطلبه في البلد حتى وجدته، فوقعت على رجليه أقبلهما وأبكي، وقلت: يا سيدي، سألتك بالله إلا ما عفوت عني. فقال لي: ومن أنت؟ فقلت: أنا الذي أخذت منك السمكة غصبًا. وذكرت له ما جرى وأريته يدي، فبكى حين رآها، ثم قال: يا أخي، قد حاللتك منها لما قد رأيت بك من هذا البلاء. فقلت له: بالله يا سيدي، هل كنت دعوت علي لما أخذتها منك؟ قال: نعم. قلت: اللهم، هذا تقوَّى عليَّ بقوته على ضعفي، وأخذ مني ما رزقتني ظلمًا، فأرني فيه قدرتك. فقلت له: يا سيدي، قد أراك الله قدرته في، وأنا تائب إلى الله عزَّ وجلَّ عما كنت عليه) . 4- قصة تبين نهاية الظالمين، وهي أنَّ أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن عبدالملك بن الزيات، وهرثمة، كانوا ممن ظلموا الإمام أحمد في محنة القول بخلق القرآن، فكانت نهايتهم كما ذكرها ابن كثير في (البداية والنهاية) قال: (دخل عبد العزيز بن يحيى الكتاني - صاحب كتاب الحيدة - على المتوكل وكان من خيار الخلفاء -لأنَّه أحسن الصنيع لأهل السنة، بخلاف أخيه الواثق وأبيه المعتصم وعمه المأمون، فإنهم أساؤوا إلى أهل السنة وقربوا أهل البدع والضلال من المعتزلة وغيرهم - فأمره أن ينزل جثة أحمد بن نصر ويدفنه ففعل، وقد كان المتوكل يكرم الإمام أحمد بن حنبل إكرامًا زائدًا جدًّا. والمقصود أن عبد العزيز صاحب كتاب الحيدة قال للمتوكل: يا أمير المؤمنين ما رأيت أو ما رئي أعجب من أمر الواثق، *** أحمد بن نصر وكان لسانه يقرأ القرآن إلى أن دفن. فوجل المتوكل من كلامه، وساءه ما سمع في أخيه الواثق، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل: في قلبي شيء من *** أحمد بن نصر. فقال: يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن ***ه أمير المؤمنين الواثق إلا كافرًا، ودخل عليه هرثمة فقال له في ذلك، فقال: قطعني الله إربًا إربًا إن ***ه إلا كافرًا. ودخل عليه القاضي أحمد بن أبي دؤاد، فقال له مثل ذلك فقال: ضربني الله بالفالج إن ***ه الواثق إلا كافرًا. قال المتوكل: فأما ابن الزيات فأنا أحرقته بالنار. وأما هرثمة فإنه هرب فاجتاز بقبيلة خزاعة فعرفه رجل من الحي، فقال: يا معشر خزاعة هذا الذي *** ابن عمكم أحمد بن نصر فقطعوه. فقطعوه إربًا إربًا. وأما ابن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جلده - يعني بالفالج - ضربه الله قبل موته بأربع سنين، وصودر من صلب ماله بمال جزيل جدًّا) . |
#6
|
||||
|
||||
![]() ذم الظلم في واحة الشعر قال أبو العتاهية: أمَا واللَّهِ إنَّ الظُّلمَ لؤمٌ *** ولكن المسيءُ هو الظلوم إلى ديَّانِ يومِ الدِّينِ نمضي *** وعندَ اللهِ تجتمعُ الخصومُ وقال آخر: وما مِن يدٍ إلَّا يدُ اللهِ فوقها *** وما ظالمٌ إلا سيبلَى بأظلمِ قال محمود الورَّاق: اصبرْ على الظُّلمِ ولا تنتصرْ *** فالظُّلمُ مردودٌ على الظَّالمِ وكِلْ إلى اللهِ ظلومًا فما *** ربِّي عن الظَّالمِ بالنَّائمِ وقيل: الظلمُ نارٌ فلا تحقرْ صغيرتَه *** لعلَّ جذوةَ نارٍ أحرقتْ بلدا وقيل: توقَّ دُعا المظلومِ إنَّ دعاءَه *** ليُرفعُ فوقَ السحبِ ثم يجابُ توقَّ دُعا مَن ليس بينَ دعائِه *** وبينَ إلهِ العالمين حجابُ وقال ابن القيم: كذا دُعا المضطرِّ أيضًا صاعدٌ *** أبدًا إليه عندَ كلِّ أوانِ وكذا دُعا المظلومِ أيضًا صاعدٌ *** حقًّا إليه قاطع الأكوانِ وقال ابن الوردي: إيَّاك مِن عسفِ الأنامِ وظلمِهم *** واحذرْ مِن الدعواتِ في الأسحارِ وقال علي رضي الله عنه: أدِّ الأمانةَ والخيانةَ فاجتنبْ *** واعدلْ ولا تظلمْ يطيبُ المكسبُ واحذرْ مِن المظلومِ سهمًا صائبًا *** واعلمْ بأنَّ دعاءَه لا يُحجبُ وقال آخر: يا أيُّها الظَّالمُ في فعلِه *** فالظُّلمُ مردودٌ على من ظلمْ إلى متى أنت وحتَّى متى *** تسلو المصيباتِ وتنسى النَّقمْ وقال آخر: لا تظلمنَّ إذا ما كنتَ مقتدرًا *** فالظلمُ آخرُه يأتيك بالندمِ نامتْ عيونُك والمظلومُ منتبهٌ *** يدعو عليك وعينُ اللهِ لم تنمِ وأنشد أحمد بن الطيب: ولا تعجلْ على أحدٍ بظلمٍ *** فإنَّ الظلمَ مرتعُه وخيمُ وقال آخر: إذا الظالمُ استحْسن الظلمَ مذهبًا *** ولـجَّ عتوًّا في قبيحِ اكتسابِـهِ فكِلْه إلى رَيْبِ الزمانِ فإنَّـهُ *** سيُبدي له ما لم يكنْ في حسابِه فكم قد رأينا ظالمــًا متجبرًا *** يرَى النجمَ تيهًا تحت ظِلِّ ركابِه فلما تمادَى واستطــال بظلمِه *** أناخَت صروفُ الحادثاتِ ببابِه |
#7
|
||||
|
||||
![]() العُجْب
معنى العُجْب لغةً واصطلاحًا معنى العُجْب لغةً: العُجْب بالضم: الزَّهْوُ والكِبْـرُ، ورجلٌ مُعْجَبٌ: مَزْهُوٌّ بِمَا يكون منه حسنًا أَو قبيحًا. وقيل: المعْجَبُ، الإِنسانُ المعْجَب بنفسه أَو بِالشَّيْءِ. وقد أُعْجِبَ فلان بنفسه إذا ترفع وتكبر فهو مُعْجَب برأْيه وبنفسه. والاسم العُجْبُ وهذه المادة مما تدلُّ عليه كبر واستكبار للشَّيء . معنى العُجْب اصطلاحًا: قال الجرجاني: (العُجْب: هو عبارة عن تصور استحقاق الشخص رتبة لا يكون مستحقًّا لها) . وقال الغزالي: (العُجْب: هو استعظام النعمة، والركون إليها، مع نسيان إضافتها إلى المنعم) . وقال أحمد بن يحيى بن المرتضى: (العُجْب: مسرة بحصول أمر، يصحبها تطاول به على من لم يحصل له مثله، بقول أو ما في حكمه، من فعل، أو ترك، أو اعتقاد) . |
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() العُدْوَان معنى العُدْوَان لغةً واصطلاحًا معنى العُدْوَان لغةً: العُدْوَان: الظُّلم الصُّراح، وقد عدا عَدْوًا وعَدَاءً وعُدُوًّا وعُدْوَانًا وعِدْوَانًا وعُدْوَى وتَعَدَّى واعْتَدَى، كُلُّه ظَلَمه، وتجاوز الحدَّ . معنى العُدْوَان اصطلاحًا: قال الرَّاغب الأصفهانيُّ: (العُدْوَان: الإخلال بالعدالة في المعاملة) . وقال المناويُّ: (العُدْوَان: سوء الاعتداء في قول أو فعل أو حال) . وقال أبو البقاء الكفويُّ: (العُدْوَان: تجاوز المقدار المأمور به بالانتهاء إليه والوقوف عنده) . |
#9
|
||||
|
||||
![]() التَّفسير النَّفسي للعُدْوَان
عرَّف علماءُ السُّلوك العُدْوَانَ بتعريفات عدَّة خلاصتها: (أنَّ العُدْوَان سلوكٌ عَمْدِي بقصد إيذاء الغير أو الإضرار بهم، ويأخذ صورًا وأشكالًا متعدِّدة، منها العُدْوَان البدني واللَّفظي) . وقيل -أيضًا- بأنَّه (شعور داخليٌّ بالغضب والاستياء، ويُعَبَّر عنه ظاهريًّا في صورة فعل أو سلوك يقر به شخص أو جماعة بقصد إيقاع الأذى لشخص، ويأخذ صور ال*** الجسمي متمثِّلًا في: (الضَّرب، والتَّشاجر، كما يتَّخذ صور التَّدمير وإتلاف الأشياء)، والعُدْوَان اللَّفظي متمثِّلًا في: (الكيد، والتَّشهير، والفتنة، والتَّهديد، والغمز، واللَّمز، والنُّكتة اللَّاذعة، والإيذاء النَّفسي) . |
#10
|
||||
|
||||
![]() ذم الغدر والنهي عنه
أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَلاَ تَتَّخِذُواْ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُواْ الْسُّوءَ بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ اللّهِ [النحل: 94]. (أي تجعلون أيمانكم التي تحلفون بها على أنكم موفون بالعهد لمن عاقدتم- خديعةً، وغرورًا، ليطمئنوا إليكم، وأنتم مضمرون لهم الغدر، وترك الوفاء بالعهد، والنَّقلة إلى غيرهم، من أجل أنهم أكثر منهم عَددًا وعُددًا وأعز نفرًا، بل عليكم بالوفاء بالعهود، والمحافظة عليها في كل حال) [6344] ((تفسير المراغي)) . وقال ابن زيد، في قوله: تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ [النحل: 92] يغر بها، يعطيه العهد، يؤمنه وينزله من مأمنه، فتزل قدمه وهو في مأمن، ثم يعود يريد الغدر، دَخَلاً بَيْنَكُمْ [النحل: 92] قال قتادة: خيانة وغدرًا [6345] ((جامع البيان)) للطبري . قال ابن كثير: (...لأن الكافر إذا رأى المؤمن قد عاهده، ثم غدر به لم يبق له وثوق بالدين، فانصدَّ بسببه عن الدخول في الإسلام) [6346] ((تفسير القرآن العظيم)) . - قال تعالى: وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 91]. قال الطبري: (إنَّ الله تعالى أمر في هذه الآية عباده بالوفاء بعهوده التي يجعلونها على أنفسهم، ونهاهم عن نقض الأيمان، بعد توكيدها على أنفسهم لآخرين بعقود تكون بينهم بحق مما لا يكرهه الله) [6347] ((جامع البيان في تأويل آي القرآن)). قال الماوردي: (لا تنقضوها بالغدر، بعد توكيدها بالوفاء) [6348] ((النكت والعيون)) . - قوله تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ [الأنفال: 58]. قال ابن كثير: (يقول تعالى لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ قد عاهدتهم خِيَانَةً أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، فَانبِذْ إِلَيْهِمْ أي: عهدهم عَلَى سَوَاء أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك) [6349] ((تفسير القرآن العظيم)) . وقال السعدي: (وإذا كان بينك وبين قوم عهد وميثاق على ترك القتال فخفت منهم خيانة، بأن ظهر من قرائن أحوالهم ما يدل على خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة. فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عهدهم، أي: ارمه عليهم، وأخبرهم أنه لا عهد بينك وبينهم. عَلَى سَوَاء أي: حتى يستوي علمك وعلمهم بذلك، ولا يحل لك أن تغدرهم، أو تسعى في شيءٍ مما منعه موجب العهد، حتى تخبرهم بذلك. إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ بل يبغضهم أشد البغض، فلا بد من أمر بيِّنٍ يبرئكم من الخيانة... ودلَّ مفهومها أيضًا أنه إذا لم يُخَفْ منهم خيانة، بأن لم يوجد منهم ما يدل على ذلك، أنه لا يجوز نبذ العهد إليهم، بل يجب الوفاء إلى أن تتم مدته) [6350] ((تيسير الكريم الرحمن)) (ص 324). . - قال تعالى: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء: 34]. قال القاسمي: (لا تنقضوا العهود الجائزة بينكم وبين من عاهدتموهم، فتخفروها وتغدروا بمن أعطيتموه إياها) [6351] ((محاسن التأويل)) . وقال الراغب: (ولكون الوفاء سببًا لعامة الصلاح، والغدر سببًا لعامة الفساد، عظَّم الله أمرهما، وأعاد في عدة مواضع ذكرهما، فقال: وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً [الإسراء: 34]، وقال: وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ [البقرة: 177]) [6352] ((تفسير الراغب)) . وقال ابن رجب: (ويدخل في العُهود التي يجب الوفاءُ بها، ويحرم الغَدْرُ فيها: جميعُ عقود المسلمين فيما بينهم، إذا تَرَاضَوا عليها من المبايعات والمناكحات وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاءُ بها، وكذلك ما يجبُ الوفاء به لله عزَّ وجلَّ ممَّا يعاهدُ العبدُ ربَّه عليه من نذرِ التَّبرُّرِ ونحوه) [6353] ((جامع العلوم والحكم)) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|