اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حى على الفلاح

حى على الفلاح موضوعات و حوارات و مقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-10-2013, 11:10 PM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New الألم والقلم


الألم والقلم


الحمد لله الذي علَّم بالقلم، وشفى المريضَ من السَّقَم، وقوَّى الضعفاء بالهِمم، وابتَلَى الأتقياء بالألم؛ ليجزيهم على صبرهم في الآخرة جزيل النِّعم، وعاقب أعداءه بالألم، وأرسل عليهم الحمم، وسقاهم كأس الذل والندم، بعد طول رحمة وإمهال وحِكم، فله الحمد على ما قضى وحَكم، ثم الصلاة والسلام على نبي الرحمة والكرم، المبعوث رحمةً للعرب والعجم، وعلى آله وصحبه خير القرون والأمم.

وبعد:
فإن الألم كلمة صغيرةُ المبنى، عميقةُ المعنى، تصل بعمقها إلى أعمق نقطة في القلب، فتلدغها لدغًا ينتشر على إثره سُمُّها - وما أصعبَه من سم! - في الدم، ثم يتفرق في سائر الجسد، حينَها يصاب القلب بالحمى والذبول، والكدرِ والذهول، فتتبعه سائر الجوارح، كما يتولد عن هذه العلة والحمى ضغطٌ على صدر المهموم بالآلام، حتى إنه ليُرى وكأنه خنيق؛ فيضطر إلى التنفس بعمق؛ ليُدخِل هواء صافيًا باردًا يلطف به حرارةً لها دخانٌ قاتم، يجدها نابعة من قلبه، خانقة لصدره، ومُرسِلةً للسم في كيانه؛ لذا لا يُرى مَن سَكَنَ الألمُ قلبَه إلا شاحبَ المحيَّا، ذابل القسمات، متردِّد الخطوات، شارد النظرات، فوخزُ الألم في الفؤاد كوخز إبرة النحل، وتشعُّبُه فيه كتشعب جذور النخل، غير أن شجرته إنما تنمو على قلة الصبر والإيمان، فلا تزال تنمو وتكبر حتى تحجب النور عن القلب، وحينئذٍ يكون القلب قد اختنق واحترق حتى صار رمادًا ولم يبق منه إلا مرآته، التي صارت سوداءَ قاتمة محجوبة عن كل نور، وليس يمسح عنها سوادَ الرماد إلا نبراسٌ من الصبر والإيمان، أو ضياءٌ ناصع من الأمل الغض الأفنان، والمعطر بماء الورد والريحان؛ ليفيض كالسيل على فتات الرماد وسواده فلا يذر منه ذرة.

إن أول مكان يصيبه الألمُ المعنوي هو القلب؛ إذ تكون الصدمة الأولى موجَّهةً إليه، ومركزة عليه، كأنها سهم مسموم يضرب حصونه فيُخلِيها، ويصيب سويداءه فيُعمِيها، إلا حصون الإيمان والصبر سبحان باريها؛ فإنها تثبت على أساسها وسواريها.

نعم، إن الألم ليشتدُّ بالقلب فيطعنه ويخزه ويخرقه، بل وحتى يحرقه، فما أشدَّ وطأتَه عليه، وما أقسى إجهازه عليه؛ إذ لا يرحم مضغة رقيقة قد أضاءت نارًا لا نورًا، ثم احترقت وشرقت؛ فالهمُّ يرعاها، والردى يغشاها؛ فمِن فرطِ حُرقتِها أصيبتْ سائر الأعضاء بالحمى، ونتج عن هذه الحمى عَرَق نضيح مسيح، دافئ مهراق، ترشحه العين ليسترسل على الخدود، ثم يسقي أرضَ الفؤاد ويخفف الألم عن القلب كما يخفف العرق الحرارةَ عن الجسد، فالبكاء سلاح القلب إذا ما غشيتْه حمى الآلام والأسقام، ولكن هيهات هيهات أن يُذهِب بكاءُ العين جرحَ سيوف الألم التي تطعن الفؤاد؛ فإن جروحه عميقة، بطيئة البرء، صعبٌ اندمالها؛ فمن الألم ما يفتك بالذهن، ومنه ما يفتك بالقلب، ومنه ما يُخرِس اللسان، ومنه ما يصم الآذان؛ بل ومن الألم ما قَتل، فما أقسى الألمَ وما أفظع جُرمَه!

إذا تأمَّل اللبيبُ الأريب في كلمة (الألم)، فقسَّمها ونَثَر حروفها ودقَّق في ترتيبها، وجد في ذلك سرًّا مكنونًا، يَفهم منه السببَ الذي يجعل هذه الكلمة لفظةً مهيبة، وجمرة رهيبة.

فهي تتكون من ثلاثة حروف:
الأول: الهمزة أو الألف[1]، ومخرجها أقصى الحلق، أو أقصى الحلق وما يليه من أعلى الصدر.
الثاني: اللام، ومخرجها من أدنى حافتَي اللسان مع أصول الثنايا العليا.
الثالث: الميم، وهو حرف شفوي يخرج من بين الشفتين.

أما محل الاتصال بين الألم والقلم، فهو في تأثير عقيدة الإيمان بالقلم، في تخفيف الألم؛ إذ إن الألم لا يخلو أن يكون ابتلاءً أو بلاء؛ أما الابتلاء، فهو خاص بالمؤمن؛ لتخفيف ذنوبه، ومحوِ سيئاته، ورفع درجاته، وفي هذا يقول السراج المقتفى، والنبي المصطفى، من حديث صهيب - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: ((عجبًا لأمرِ المؤمن؛ إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابتْه سراءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابتْه ضراءُ صبر، فكان خيرًا له))؛ أخرجه البخاري في الإيمان "19"، وفي الزكاة، ومسلم في الإيمان والزكاة، وأبو داود في السنة، والنسائي في الإيمان، وأحمد "1/ 176".

وهذا الحديث أصل أصيل، بالحكمة يسيل، فمعناه معنى جليل، جاد به النبيُّ الخليل؛ ليعلمنا طريق الفلاح، وسمت النجاح، فهو يصف لنا ها هنا نوعَ الجناحينِ اللذين يجب أن يطير بهما المؤمن في سماء الأمن النفسي، ألا وهما جناح الشكر مع جناح الصبر؛ شكر في الرخاء، وصبر في الشدة واللأواء، فإن المسلم الذي يوقن أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن القلم قد جرى بما جرى قبل أن يُخلَقَ الإنسان، فليس له إلا أن يصبر فيؤجر، ويكابد طعن الألم بدروع الرضا بالقضاء، ويحتسب الأجر عند فاطر السماء؛ فعن أبي حفصة، قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: يا بُنيَّ، إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك؛ سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتبْ، قال: ربِّ وماذا أكتبُ؟ قال: اكتبْ مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة))، يا بُني، إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من مات على غير هذا، فليس مني))؛ رواه أبو داود وصححه الشيخ الألباني.

وأما البلاء، فإن الله يسلِّطه على عباده؛ ليبصرهم بذنوبهم، ويذكِّرهم بعيوبهم، ويوقظهم من غيِّهم، فكم من ظالمٍ طغى وبغى، فعمي وما درى، فلا يَرى الناسُ إلا ما يرى، ولا يقيم وزنًا لأحد من الورى، ولا يضع أنفًا له على الثرى؛ فهو مقيم على ذلك حتى يسلّط الله عليه سيف انتقامه؛ ليذوق عاقبة إجرامه، فحينئذٍ يُفيق من منامه، ويعلم أن القوة لله جميعًا، فيُنيب ويتوب إلى علام الغيوب، ويذر الظلم بعد أن ذاق طعم العقاب، وكم من ملحدٍ قد سبَّ الخالق، وتهكم بأحكامه، واستهزأ بشرعه وأوامره، ولمز أولياء الله وعباده الصالحين، فسلَّط الله عليه ظُلمةً في القلب، وغمًّا وهمًّا في الصدر، وألزمه قلقًا دائمًا، وشكًّا قائمًا، وعقلاً هائمًا، وجوًّا في حياته غائمًا، وعاقَبَه بوسواس قهري، أو مرَضٍ نفسي، أو انهيار عصبي، فإذا به يعود إلى رشده، ويفيق من نومه، بعد أن غرق في بحر لا ساحل له، وذاق طعم الذل للعباد، حين تكبَّر على شرع رب العباد، وبعد أن عاش في الظلام والسواد، حين فارق طريق الهدى والرشاد، وكم من غريق في بحار الشهوات، وأسيرٍ للهوى والنزوات، قد انساق وراء المعاصي، وجرى خلف الملاهي، فهو في سكرته ساهٍ، وفي غمرته لاهٍ، فلم يفق حتى نزل به النكال، وجنى من عمله الوبال، فإذا به يصحو ثم يعود إلى الجادة، وهلم جرًّا.

هذا، ورغم أن الألم شرٌّ لذاته، إلا أنه خير لغيره؛ أي: إن الألم وإن كان صعبًا على النفس ثقيلاً عليها، إلا أنه وسيلة في الدنيا لتقويمها، أو غنيمة في الآخرة لرفعتها وتكريمها.

نسأل الله أن يعافيَنا، وأن يجعل ما يصيبنا من ألم سببًا لنا للاستقامة على درب الحق ورفعة لنا في الآخرة، كما نسأله أن يرزقنا ضياء الصبر عند نزول ظلمة الألم، ونورَ الرضا بالقضاء إذا ما مسّتْنا الضراء؛ فهو الكريم ذو النعم والآلاء، والعليم ذو الحكمة في القضاء، له الحمد في الأرض والسماء، وفي السراء والضراء، وفي الشدة وفي الرخاء.

[1] الفرق بين الألف والهمزة هو أن الألف اللينة لا تكون إلا ساكنة، والهمزة - الألف غير اللينة - إنما تكون متحركة أو مجزومة، كما قال صاحب الوافي في كيفية ترتيل القرآن.



__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-10-2013, 04:48 AM
محمدالجهينى محمدالجهينى غير متواجد حالياً
عضو سوبر
 
تاريخ التسجيل: Mar 2012
المشاركات: 688
معدل تقييم المستوى: 13
محمدالجهينى is on a distinguished road
افتراضي

يسلموو ع ـاْلمجهوود الرآائع

يعطيك الف ع ـآْاْفيه

عوآآفي ع الطرح يالغلااآـآ

لآـاْ حرمنَآأ الإبدآع و ـاْلتميُز منكَـ

كُلْ ـاآلشُكًرْ
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:27 PM.