#1
|
|||
|
|||
خطر اللسان
الخطبة الأولى: خطبة الحاجة، و الوصية بالتقوى. أيها المؤمنون: "فإن اللسان من نعم الله العظيمة، ولطائف صنعه الغريبة، فإنه صغير جرمه، عظيم طاعته وجرمه، إذ لا يستبين الكفر والإيمان إلا بشهادة اللسان، وهما غاية الطاعة والعصيان، وأعصى الأعضاء على الإنسان اللسان؛ فإنه لا تعب في إطلاقه ولا مئونة في تحريكه، وقد تساهل الخلق في الاحتراز عن آفاته وغوائله، والحذر من مصائده وحبائله، وإنه أعظم آلة الشيطان في استغواء الإنسان، واللسان رحب الميدان ليس له مرد، ولا لمجاله منتهى وحد، له في الخير مجال رحب، وله في الشر ذيل سحب، فمن أطلق عذبة اللسان وأهمله مرخى العنان، سلك به الشيطان في كل ميدان، وساقه إلى شفا جرف هار إلى أن يضطره إلى البوار، ولا يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم، ولا ينجو من شر اللسان إلا من قيده بلجام الشرع، فلا يطلقه إلا فيما ينفعه في الدنيا والآخرة، ويكفه عن كل ما يخشى غائلته في عاجله وآجله"(من كلام للغزالي في إحياء علوم الدين [3/108])، وذلك أن خطر اللسان عظيم، ولا نجاة من خطره إلا بالصمت؛ فلذلك مدح الشرع الصمت وحث عليه فقال صلى الله عليه وسلم: «من صمت نجا» (رواه الترمذي [4/660] برقم: [2501] وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم: [6367]). وأولى من الصمت قول الخير وما فيه مصلحة للعبد فيما بينه وبين الله، أو بينه وبين الخلق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله» (رواه الترمذي [5/458] برقم: [3375] وغيره، وصححه الألباني في صحيح الجامع حديث رقم: [7700])، وقال الله تعالى: {قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ} [البقرة:263]، فالأصل أن نستغل هذه الآلة في الخير وما يعود نفعه علينا وعلى الناس من حولنا، ولكن من عجز عن قول الحق و النطق بما فيه خير، فعليه بالصمت و حفظ لسانه عن قول الباطل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كان يؤمن بالله و اليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت» (رواه البخاري [5 / 2240] برقم: [5672]، مسلم [1 / 68] برقم: [47]) ومن مجالات الخير التي يجب أن يشغل بها اللسان: أ) ذكر الله قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} [الأحزاب:]، وهذا يشمل التسبيح و التكبير والتهليل وقراءة القرآن وغيره من أنواع الذكر ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا يزال لسانك رطباً بذكر الله» (سبق تخريجه). ومن مجالات الخير التي يستخدم فيها اللسان: الدعوة إلى الخير، وإصلاح ذات البين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء:114]، ومن مجالات الخير التي يجب أن يستغل اللسان فيها: النهي عن المنكر الذي هو من أبرز صفات المؤمنين قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [التوبة من الآية:71]. ومن مجالات الخير التي يجب أن يستغل فيها اللسان الكلمة الطيبة التي تبني ولا تهدم، و تؤلف ولا تفرق، و تسر ولا تضر قال صلى الله عليه وسلم: «والكلمة الطيبة صدقة» (رواه البخاري [3 / 1090] برقم: [2827]، مسلم [2 / 699] برقم: [1009])، وهي تشمل شكر من يستحق الشكر، والثناء على المحسن، وتشجيع المجتهد وحث المقصر وتثبيت المتحير، و تعزية المصاب، وتهنئة من أصابته نعمة، كل ذلك وغيره مما يجب أن يشغل به اللسان وأن يتاجر به مع الله، وأن تكتسب به الحسنات. وبالعكس: فإن اللسان يجب أن يحفظ عن كل ما يضر الإنسان في دينه، أو عرضه، أو علاقته بربه، أو بإخوانه المسلمين، بل بعموم الناس، فليحذر من القول على الله وعلى رسوله و على دينه بغير علم، قال تعالى : {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:7]، و قال - تعالى -: {وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل:116]، ويحذر من الكذب على الناس، ومن اللمز والطعن والسخرية والاستهزاء، ومن الغيبة والنميمة، ومن شهادة الزور، ومن الشتم واللعن، ومن الأيمان الكاذبة، وعن المدح المفرط حتى بالحق، فضلاً عن المدح بالباطل. الخطبة الثانية: عباد الله: وإن مما يجب حفظ اللسان عنه إفشاء الأسرار، وهتك الأستار وتتبع العيوب، قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ من أَشَرِّ الناس عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَةً يوم الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إليه ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» ( رواه مسلم [2/ 1061] برقم: [1437]). أحمد بن حسن المعلم |
#2
|
||||
|
||||
جزاك الله خيراااااا
علي مجهود حضرتك الرائع تحياتي
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
شكرا لحضرتك
وجزاك الله خيرا استاذي الفاضل ------------------ حفظ الله مصر واهلها وبارك في شعبها الكريم --------------
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|