|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]()
جزاك الله خيرااااا استاذ محمد
وربنا يجعله في ميزان حسنات حضرتك تحياتي
__________________
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() |
#3
|
||||
|
||||
![]() ذم الجَزَع في واحة الشِّعر قال الشَّافعيُّ: دَعِ الأيَّامَ تفعلُ ما تشاءُ *** وطِبْ نفسًا بما حكم القضاءُ ولا تَجْزَعْ لحادثةِ اللَّيالي *** فما لحوادثِ الدُّنيا بقاءُ ورزقُك ليس ينقصُه التَّأنِّي *** وليس يزيدُ في الرِّزق العناءُ ولا حزنٌ يدومُ ولا سرور*** ولا بؤسٌ عليك ولا رخاءُ وقالت الخنساء: فإن تصبرِ النَّفسُ تلقَ السُّرورَ*** وإن تجزعِ النَّفسُ أشقَى لها وقال الشَّاعر: لا تجزعنَّ متى اتَّكلت على الذى *** ما زال مبتدئًا يجود ويفضلُ ولقد يريحُ أخو التَّوكُّلِ نفسه *** إنَّ المريحَ لعمرك المتوكِّلُ وقال الشَّاعر: أتجزعُ ممَّا أحدثَ الدَّهرُ للفتى *** وأيُّ كريمٍ لم تُصبْه القوارعُ وقال الشَّاعر: أَمِنَ المنُونِ ورَيْبِه تتوجَّعُ *** والدَّهرُ ليس بمُعْتِبٍ مَن يَجْزَعُ وتَجَلُّدِي للشَّامِتِين أُرِيهم *** أَنِّي لرَيْب الدَّهْرِ لا أتضَعْضعُ وأنشد يونس بن إبراهيم بن محمد بن طلحة لمحمد بن عيسى بن طلحة بن عبيد الله: ولا تجزعْ لريبِ الدَّهرِ واصبرْ *** فإنَّ الصَّبرَ في العقبى سليمُ فما جزعٌ بمغنٍ عنك شيئًا *** ولا ما فات تُرْجِعه الهمومُ وقال الشَّاعر: لا تجزعنْ مِن كلِّ خطبٍ عرى *** ولا ترِ الأعداءَ ما يُشْمِتُ واصبرْ فبالصَّبرِ تنالُ المنى *** إذا لقيتم فئةً فاثبتوا وقال عمرو بن بكير: صبرتُ فكان الصَّبرُ خيرَ مغبَّةٍ *** وهل جزعٌ يجدي عليَّ فأجزعُ ملكتُ دموعَ العينِ حتى رددتُها *** إلى ناظري فالعينُ في القلبِ تدمعُ وقال آخر: لا تجزعنَّ على ما فات مطلبُه *** ها قد جزعت فماذا ينفعُ الجَزَعُ إنَّ السَّعادةَ يأسٌ إن ظفرتَ به *** بعض المرار وإنَّ الشِّقوةَ الطَّمعُ
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() الجَفَاء معنى الجَفَاء لغةً واصطلاحًا معنى الجَفَاء لغةً:
الجفاء: خلاف البر ونقيض الصلة، وأيضًا غلظ الطبع، يقال: جفاه. إذا بعد عنه، وأجفاه: إذا أبعده، وجفوت الرجل أجفوه: أعرضت عنه أو طردته، وهو مأخوذ من جفاء السيل، وهو ما نفاه السيل، وقد يكون مع بغض، وجفا الثوب يجفو: إذا غلظ فهو جاف، ومنه جفاء البدو وهو غلظتهم . معنى الجَفَاء اصطلاحًا: الجَفاء: هو الغِلَظ في العِشْرَة، والخُرْق في المعاملة، وترك الرِّفق في الأمور . قال المباركفوري: (الجَفَاء: غِلَظ الطَّبع) . وقال العيني: (الجَفَاء هو: الغِلَظ في الطَّبع لقلَّة مخالطة النَّاس) . |
#5
|
||||
|
||||
![]() ذَمُّ الجَفَاء والنَّهي عنه في السنة النبوية
- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الحياء مِن الإيمان، والإيمان في الجنَّة، والبَذَاء مِن الجَفَاء، والجَفَاء في النَّار)) . ففي هذا الحديث بيَّن المصطفى صلى الله عليه وسلم أنَّ الإيمان والحياء مترابطان متلازمان، وهما معًا يقودان صاحبهما إلى الجنَّة، وفي المقابل فإنَّ البَذَاء - وهو فُحْش القول، والسَّيِّئ منه– متلازم مع الجَفَاء، فهو صِنْوَه الذي لا يفارقه، وهما يسوقان صاحبهما إلى النَّار. قال ملا علي القاري: (... ((والبَذَاء)) -بفتح الباء- خلاف الحياء، والنَّاشئ منه الفُحْش في القول، والسُّوء في الخُلُق. مِن الجَفَاء: وهو خلاف البِرِّ الصَّادر منه الوفاء. ((والجَفَاء)). أي: أهله التَّاركون للوفاء، الثَّابتون على غلاظة الطَّبع وقساوة القلب. في النَّار. إمَّا مدَّة أو أبدًا؛ لأنَّه في مقابل الإيمان الكامل أو مطلقه، فصاحبه إمَّا مِن أهل الكفران أو الكفر) . - وعن ابن عبَّاس عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن سكن البادية جَفَا، ومَن اتَّبع الصَّيد غفل، ومَن أتى السُّلطان افتُتِن)) . في هذا الحديث يبيِّن رسول الله صلى الله عليه وسلم سببًا مِن أسباب الجَفَاء والغِلْظَة في الطَّبع والمعاملة، وهذا السَّبب هو السُّكنى في البادية والعيش فيها، لما في ذلك مِن بعدٍ عن النَّاس، والبعد عن معاشرتهم التي تولِّد الرِّقة في القلب، والعطف في المعاملة، وكذلك لأنها تؤدي إلى البعد عن مواطن العلم ومجالس الذِّكر. فالإنسان يكتسب مِن أخلاق غيره بالمعاشرة، وتتروَّض نفسه بحسب مَن حولها، وكلَّما اقترب الإنسان مِن أهل الحاضرة، كلَّما كان أرقَّ أخلاقًا وألطف طبعًا، وأحسن معاملة لمن حوله، والعكس بالعكس، قال السيوطي: (... ((مَن سكن البادية جَفَا)). أي: غَلُظ طبعه، وصار جافيًا بعد لطف الأخلاق؛ لفقد مَن يروِّضه ويؤدِّبه) . وقال المباركفوري: (وهو الغالب على سكَّان البوادي؛ لبعدهم عن أهل العلم، وقلَّة اختلاطهم بالنَّاس، فصارت طباعهم كطباع الوحوش ...) . وقال المناوي: (قال ابن تيمية: فيه أنَّ سُكنى الحاضرة يقتضي مِن كمال الإنسان في رِقَّة القلب وغيرها ما لا تقتضيه سُكنى البادية، فهذا الأصل موجب كون *** الحاضرة أفضل مِن *** البادية، وقد يتخلَّف المقتضي لمانع) . - وعن أبي مسعود: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ((الإيمان هاهنا- وأشار بيده إلى اليمن- والجَفاء وغِلَظ القلوب في الفدَّادين عند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قَرْن الشَّيطان في ربيعة ومضر)) . وفي هذا الحديث يحدِّثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجَفَاء وأين يكون، وهو في معنى الحديث الذي سبقه في أنَّ الجَفاء يَكْثُر في أهل البوادي، الذين يتَّبعون الإبل في مراعيها، فيبعدون عن مراكز المدن والحضر؛ فتقسو قلوبهم، وتجفو طباعهم. قال ملا علي القاري: (... ((والجَفاء)) -بالمدِّ- ضدُّ الوفاء... والأظهر أنَّ المراد به هاهنا غِلَظ الألسنة، بقرينة قوله: ((وغِلَظ القلوب في الفدَّادين أهل الوبر)). بيان للفدَّادين، ويُرَاد بأهل الوبر: الأعراب أو سكَّان الصَّحاري، وإنَّما ذمَّهم؛ لبعدهم عن المدن والقرى، الموجب لقلَّة العلم الحاصل به حسن الأخلاق لهم، وسائر علوم الشَّريعة...) . وقال المناوي: (ويحتمل أنَّ المراد بالجَفاء أنَّ القلب لا يميل لموعظة، ولا يخشع لتذكرة، والمراد بالغِلَظ: أنَّها لا تفهم المراد، ولا تعقل المعنى) . |
#6
|
||||
|
||||
![]() أقوال السَّلف والعلماء في الجَفَاء - قال مالك بن أنس: (ما قلَّت الآثار في قوم إلَّا كَثُرَت فيهم الأهواء، وإذا قلَّت العلماء ظهر في النَّاس الجَفَاء) . - وقال سفيان الثوري: (إيَّاك ومجالسة أهل الجَفَاء، ولا تصحب إلَّا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلَّا تقيٌّ، ولا تصاحب الفاجر ولا تجالسه) . - عن طاوس قال: (مِن السُّنَّة أن يُوقَّر أربعة: العالم، وذو الشَّيبة، والسُّلطان، والوالد، ومِن الجَفَاء أن يدعو الرَّجل والده باسمه) . - وعن سعيد بن جبير قال: (أربعة تُـعَدُّ مِن الجَفاء: دخول الرَّجل المسجد يصلِّي في مؤخَّره، ويدع أن يتقدَّم في مقدَّمه؛ ويمرُّ الرَّجل بين يدي الرَّجل وهو يصلِّي؛ ومسح الرَّجل جبهته قبل أن يقضي صلاته؛ ومؤاكلة الرَّجل مع غير أهل دينه) . - وعن يحيى بن أيُّوب قال: (كنَّا عند شريك بن عبد الله يومًا فظهر مِن أصحاب الحديث جفاء، فانتهر بعضهم، فقال له رجل. يا أبا عبد الله، لو رفقت! فوضع شريك يده على ركبة الشَّيخ وقال: النُّبل عون على الدين) . - وعن محمَّد بن إسحاق السَّرَّاج، قال: كتب إليَّ ابن أبي الدُّنيا مِن بغداد: يا أخي! عزيزٌ عليَّ جفاء مثلك، وما أنت إلَّا كما قيل: أتجفو خليلًا لم يخنك مودَّةً *** عزيز علينا أن نراك كذالكا - وقال يحيى بن معاذ: (حقيقة المحبَّة لا يزيدها البرُّ، ولا ينقصها الجَفاء) .
|
#7
|
||||
|
||||
![]() آثار الجَفاء 1- التَّنافر بين النَّاس.
2- تقطُّع أواصر المودَّة والمحبَّة، خاصَّة مع الأهل والأقرباء. 3- كثرة حدوث المشكلات. 4- الحرمان من معونة الناس عند نزول الشدائد 5- الجافي متوعَّد بالعقوبة الأخرويَّة بالعذاب في النَّار. 6- تفكك الأسر، وكثرة حدوث المشكلات الزوجية والطلاق. 7- فقدان الصَّديق. |
#8
|
||||
|
||||
![]() الصَّبر على الجَفَاء قال ابن حزم الأندلسي: (الصَّبر على الجَفَاء ينقسم ثلاثة أقسام:
1- فصبر عمَّن يقدر عليك، ولا تقدر عليه. 2- وصبر عمَّن تقدر عليه، ولا يقدر عليك. 3- وصبر عمَّن لا تقدر عليه، ولا يقدر عليك. فالأوَّل ذلٌّ ومهانة، وليس مِن الفضائل، والرأي لمن خشي ما هو أشدُّ ممَّا يصبر عليه المتاركة والمباعدة. والثَّاني فضلٌ وبِرٌّ، وهو الحِلْم على الحقيقة، وهو الذي يوصف به الفضلاء، والثَّالث ينقسم قسمين: 1- إمَّا أن يكون الجَفَاء ممَّن لم يقع منه إلَّا على سبيل الغلط، ويعلم قبح ما أتى به، ويندم عليه، فالصَّبر عليه فضل وفرض، وهو حِلْم على الحقيقة. 2- وأمَّا مَن كان لا يدري مقدار نفسه، ويظنُّ أنَّ لها حقًّا يستطيل به، فلا يندم على ما سلف منه، فالصَّبر عليه ذلٌّ للصَّابر، وإفساد للمصبور عليه؛ لأنَّه يزيد استشراءً، والمقارضة له سخف، والصَّواب إعلامه بأنَّه كان ممكنًا أن ينتصر منه، وإنَّه إنَّما ترك ذلك استرذالًا له فقط، وصيانة عن مراجعته، ولا يُزاد على ذلك، وأمَّا جفاء السِّفْلة فليس جزاؤه إلَّا النَّكال وحده) . |
#9
|
||||
|
||||
![]() الجَفَاء في الأدب والأمثال 1- مَن جعل لنفسه مِن حُسن الظَّنِّ بإخوانه نصيبًا أراح قلبَه.
يعني أنَّ الرَّجل إذا رأى مِن أخيه إعراضًا وتغيُّـرًا، فَحَمَله منه على وجهٍ حَسَنٍ، وطلب له المخارج والحذر، خَفَّفَ ذلك عن قلبه، وقَلَّ منه غيظه، وهذا مِن قول أكثم بن صيفي. يُضْرَب في حسن الظَّنِّ بالأخ عند ظهور الجَفَاء منه . 2- وقالوا: مَن تحلَّى بالوفاء وتخلَّى عن الجَفاء، فذلك مِن إخوان الصَّفاء . 3- وقال آخر: ذكر أيام الجَفاء في أيام الصَّفاء جفاء . 4- وقال آخر: ظلُّ الجَفاء يكسف شمس الصَّفاء . 5- وقال بعض الحكماء: العتاب علامة الوفاء، وسلاح الأكفاء، وحاصد الجَفاء . 6- وقيل لبعض الحكماء: أوصني بشيء. قال: لا تجف ربَّك، ولا تجف الخَلْق، ولا تجف نفسك، أما الجَفَاء بربِّك: فأن تشتغل بخدمة غيره مِن المخلوقين، وأمَّا الجَفَاء مع الخَلْق فأن تذكرهم عند النَّاس بسوء، وأما الجَفاء مع النَّفس، فأن تتهاون بفرائض الله تعالى . 7- وقال أعرابيٌّ لصاحبٍ له: لست أقتضي الوفاء بكثرة الإلحاح فأُثْقِل عليك، ولا أقابل الجَفاء بترك العتاب، فأغتنم القطيعة منك . 8- مِن الجَفاء أن لا أواسيك في الحَفاء . |
#10
|
||||
|
||||
![]() ذم الجَفَاء في واحة الشِّعر قال أبو تمام: إذا ما رأسُ أهلِ البيتِ وَلَّى *** بدا لهمُ مِن النَّاسِ الجَفاءُ وقال أبو بكر بن داود الأصبهانيُّ: أخوكَ الذي أمسى بحبِّك مغرمًا *** يتوبُ إليك اليومَ مما تقدَّما فإن لم تصلْه رغبةً في إخائِه *** ولم تكُ مشتاقًا فصِلْه تكرُّمَا فقد والذي عافاك ممَّا ابتلي به *** تندَّم لو يرضيك أن يتندَّما وواللهِ ما كان الصدودُ الذي مضى *** دلالًا ولاَ كان الجَفَاءُ تبـرُّمَا وقال هلال بن العلاء الرقِّي: لـمَّا عفوتُ ولم أحقدْ على أحدٍ *** أرحتُ نفسي مِن غمِّ العداواتِ إنِّي أحيِّي عدوِّي عند رؤيتِه *** لأدفعَ الشَّرَّ عنِّي بالتَّحيَّاتِ وأُظهرُ البِشْر للإنسانِ أُبغضُه *** كأنَّه قد ملا قلبي محبَّاتِ والنَّاسُ داءٌ وداءُ النَّاسِ قربُهمُ *** وفي الجَفَاءِ لهم قطعُ الأخوَّاتِ فلستُ أسلمُ ممَّن لستُ أعرفُه *** فكيف أسلمُ مِن أهلِ المودَّاتِ وقال دعبل: أبعدَ الصَّفاءِ ومحضِ الإخاءِ *** يقيمُ الجَفاءُ بنا يخطبُ وقد كان مشربُنا صافيا *** زمانًا فقد كدرَ المشربُ وقال آخر: إلى كم تستمرُّ على الجَفَاءِ *** ولا ترعَى حُقوقَ الأصدقاءِ فمن لي أن أرَى لك مثلَ فعلي *** فنصبحُ في الوِدَادِ على استواءِ وقال آخر: |
#11
|
||||
|
||||
![]() الحسد
معنى الحسد لغةً واصطلاحًا معنى الحسد لغةً: الحسد مصدره حسده يَحْسِدُه ويَحْسُدُه، حَسَدًا وحُسودًا وحَسادَةً، وحَسَّدَه: تمنى أن تتحول إليه نعمته وفضيلته، أو يسلبهما، وحَسَدَهُ الشيءَ وعليه معنى الحسد اصطلاحًا: وقال الجرجاني: (الحسد تمني زوال نعمة المحسود إلى الحاسد) . وقال الكفوي: (الحسد: اختلاف القلب على الناس؛ لكثرة الأموال والأملاك) . وعرفه الطاهر بن عاشور فقال: (الحسد: إحساس نفساني مركب من استحسان نعمة في الغير، مع تمني زوالها عنه؛ لأجل غيرة على اختصاص الغير بتلك الحالة، أو على مشاركته الحاسد) . |
#12
|
||||
|
||||
![]() الفرق بين الحسد وبعض الصفات - الفرق بين الحسد والغبطة: قال ابن منظور: (الغبط أن يرى المغبوط في حال حسنة، فيتمنى لنفسه مثل تلك الحال الحسنة، من غير أن يتمنى زوالها عنه، وإذا سأل الله مثلها فقد انتهى إلى ما أمره به ورضيه له، وأما الحسد فهو أن يشتهي أن يكون له ما للمحسود، وأن يزول عنه ما هو فيه) . وقال الرازي: (إذا أنعم الله على أخيك بنعمة؛ فإن أردت زوالها فهذا هو الحسد، وإن اشتهيت لنفسك مثلها فهذا هو الغبطة) . وقد تسمى الغبطة حسدًا كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) . وقد فسر النووي الحسد في الحديث فقال: (هو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها) . - الفرق بين الحسد والمنافسة والمسابقة: قال ابن القيم: (للحسد حدٌّ، وهو المنافسة في طلب الكمال، والأنفة أن يتقدَّم عليه نظيره، فمتى تعدَّى ذلك صار بغيًا وظلمًا يتمنى معه زوال النعمة عن المحسود، ويحرص على إيذائه) . وقال الغزالي: (والمنافسة في اللغة مشتقة من النفاسة، والذي يدلُّ على إباحة المنافسة قوله تعالى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين: 26]، وقال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ [الحديد: 21]، وإنما المسابقة عند خوف الفوت؛ وهو كالعبدين يتسابقان إلى خدمة مولاهما، إذ يجزع كلُّ واحد أن يسبقه صاحبه فيحظى عند مولاه بمنزلة لا يحظى هو بها) . وبيَّن الغزالي سبب المنافسة فأرجعها إلى: (إرادة مساواته، واللحوق به في النعمة، وليس فيها كراهة النعمة، وكان تحت هذه النعمة أمران: أحدهما: راحة المنعم عليه، والآخر: ظهور نقصانه عن غيره وتخلفه عنه، وهو يكره أحد الوجهين، وهو تخلُّف نفسه، ويحب مساواته له. ولا حرج على من يكره تخلف نفسه ونقصانها في المباحات) . وقد تنافس الصحابة في الخير، وبذلوا أسباب الكمال؛ فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: ((أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالًا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكلِّ ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: لا أسابقك إلى شيء أبدًا)) . ولكن المنافسة في أمور الدنيا تجر غالبًا إلى الوقوع في الحسد والأخلاق الذميمة، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو غير ذلك؛ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون)) . وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((والله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم)) . وقد نبَّه على ذلك الرازي فقال: (لكن هاهنا دقيقة؛ وهي أن زوال النقصان عنه بالنسبة إلى الغير له طريقان: أحدهما: أن يحصل له مثل ما حصل للغير. والثاني: أن يزول عن الغير ما لم يحصل له. فإذا حصل اليأس عن أحد الطريقين فيكاد القلب لا ينفكُّ عن شهوة الطريق الآخر، فهاهنا إن وجد قلبه بحيث لو قدر على إزالة تلك الفضيلة عن ذلك الشخص لأزالها، فهو صاحب الحسد المذموم، وإن كان يجد قلبه بحيث تردعه التقوى عن إزالة تلك النعمة عن الغير؛ فالمرجو من الله تعالى أن يعفو عن ذلك) .
- الفرق بين الحسدوالعين: العين نظر باستحسان قد يشوبه شيء من الحسد، ويكون الناظر خبيث الطبع . (يشتركان في الأثر، ويختلفان في الوسيلة والمنطلق. فالحاسد: قد يحسد ما لم يره، ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه، ومصدره تحرق القلب واستكثار النعمة على المحسود، وبتمني زوالها عنه أو عدم حصولها له وهو غاية في حطة النفس. والعائن: لا يعين إلا ما يراه والموجود بالفعل، ومصدره انقداح نظرة العين، وقد يعين ما يكره أن يصاب بأذى منه كولده وماله) . قال ابن القيم: (العاين والحاسد يشتركان في شيء، ويفترقان في شيء؛ فيشتركان في أن كل واحد منهما تتكيف نفسه وتتوجه نحو من يريد أذاه؛ فالعائن تتكيف نفسه عند مقابلة المعين ومعاينته، والحاسد يحصل له ذلك عند غيب المحسود وحضوره أيضًا، ويفترقان في أن العائن قد يصيب من لا يحسده من جماد، أو حيوان، أو زرع، أو مال) . وقال أيضًا: ((العائن حاسد خاص، وهو أضر من الحاسد...وأنه أعم فكل عائن حاسد ولا بد، وليس كل حاسد عائنًا)) . |
#13
|
||||
|
||||
![]() ذم الحسد والنهي عنه أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِن شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ [سورة الفلق]. قال الرازي: (كما أنَّ الشيطان هو النهاية في الأشخاص المذمومة، ولهذا السبب ختم الله مجامع الشرور الإنسانية بالحسد، وهو قوله: وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَكما ختم مجامع الخبائث الشيطانية بالوسوسة) . وقال الحسين بن الفضل: (إنَّ الله جمع الشرور في هذه الآية وختمها بالحسد ليعلم أنه أخسُّ الطبائع) . وقال تعالى: وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ [البقرة: 109]. قال ابن عثيمين: (والآية تدلُّ على تحريم الحسد؛ لأنَّ مشابهة الكفار بأخلاقهم محرمة ... والحاسد لا يزداد بحسده إلا نارًا تتلظى في جوفه؛ وكلما ازدادت نعمة الله على عباده ازداد حسرة؛ فهو مع كونه كارهًا لنعمة الله على هذا الغير مضاد لله في حكمه؛ لأنَّه يكره أن ينعم الله على هذا المحسود، ثم إنَّ الحاسد أو الحسود مهما أعطاه الله من نعمة لا يرى لله فضلًا فيها؛ لأنَّه لابدَّ أن يرى في غيره نعمة أكثر مما أنعم الله به عليه، فيحتقر النعمة) . وقال الثعالبي: (وقيل: إنَّ هذه الآية تابعةٌ في المعنى لما تقدَّم من نَهْيِ اللهِ عزَّ وجلَّ عن متابعة أقوال اليهود في: رَاعِنَا [البقرة: 104] وغيره، وأنهم لا يودُّون أن ينزل على المؤمنين خيرٌ، ويودُّون أن يردوهم كفارًا من بعد ما تبيَّن لهم الحق، وهو نبوءة محمَّد صلَّى الله عليه وسلم) . (وقال: حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم ليبين أنَّ حسدهم لم يكن عن شبهة دينية، أو غيرة على حقٍّ يعتقدونه، وإنما هو خبث النفوس، وفساد الأخلاق، والجمود على الباطل، وإن ظهر لصاحبه الحق) . - وقال سبحانه: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا [النساء: 54]. قال القرطبي: (وهذا هو الحسد بعينه الذي ذمَّه الله تعالى) . وقال أبو السعود: (مفيدة للانتقال من توبيخهم بما سبق إلى توبيخهم بالحسد الذي هو شرُّ الرذائل وأقبحها؛ لاسيما على ما هم بمعزل من استحقاقه) . - وقال عزَّ مِن قائل: وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [النساء: 32]. قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (والحسد مذموم، وصاحبه مغموم، وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ... ويقال: الحسد أول ذنب عصي الله به في السماء، وأول ذنب عصي به في الأرض، فأما في السماء فحسد إبليس لآدم، وأما في الأرض فحسد قابيل لهابيل) .
وقال الزجاج: (قيل: لا ينبغي أن يتمنى الرجل مال غيره ومنزل غيره، فإِن ذلك هو الحسد) . |
#14
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: السنة النبوية - عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا ، وكونوا عباد الله إخوانًا)) . قال ابن بطال: (وفيه: النهي عن الحسد على النعم، وقد نهى الله عباده المؤمنين عن أن يتمنوا ما فضل الله به بعضهم على بعض، وأمرهم أن يسألوه من فضله) . وقال الباجي: (أن تنافس أخاك في الشيء حتى تحسده عليه، فيجر ذلك إلى الطعن والعداوة، فذلك الحسد) . قال القاري: قال: (إياكم والحسد. أي: في مال أو جاه دنيوي؛ فإنَّه مذموم، بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي. فإن الحسد أي: باعتبار ما ينتج في حقِّ المحسود من ارتكاب السيئات. يأكل الحسنات: أي يفني ويذهب طاعات الحاسد. كما تأكل النار الحطب. لأنَّ الحسد يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود ونحوه، فيذهب حسناته في عرض ذلك المحسود، فيزيد المحسود نعمة على نعمة، والحاسد حسرة على حسرة، فهو كما قال تعالى: خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ [الحج:11]) . وقال المناوي: (فإنَّ الحسد يأكل الحسنات. أي: يذهبها، ويحرقها، ويمحو أثرها. كما تأكل النار الحطب. أي: اليابس؛ لأنه يفضي بصاحبه إلى اغتياب المحسود، وشتمه، وقد يتلف ماله، أو يسعى في سفك دمه، وكل ذلك مظالم يقتصُّ منها في الآخرة، ويذهب في عوض ذلك حسنات، فلا حجة فيه للمعتزلة الزاعمين أنَّ المعاصي تحبط الطاعات) . وقال العظيم آبادي: (إياكم والحسد. أي: احذروا الحسد في مال أو جاه دنيوي؛ فإنَّه مذموم، بخلاف الغبطة في الأمر الأخروي.فإن الحسد يأكل الحسنات. أي: يفني ويذهب طاعات الحاسد) . - وعن قيس، قال: سمعت عبد الله بن مسعود، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالًا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها)) . قال النووي: (قال العلماء الحسد قسمان: حقيقي ومجازي، فالحقيقي تمني زوال النعمة عن صاحبها، وهذا حرام بإجماع الأمة مع النصوص الصحيحة، وأما المجازي فهو الغبطة وهو أن يتمنى مثل النعمة التي على غيره من غير زوالها عن صاحبها، فإن كانت من أمور الدنيا كانت مباحة، وإن كانت طاعة فهي مستحبة، والمراد بالحديث لا غبطة محبوبة إلا في هاتين الخصلتين، وما في معناهما. قوله صلى الله عليه وسلم: آناء الليل والنهار. أي ساعاته) .
|
#15
|
||||
|
||||
![]() أقوال السلف والعلماء في الحسد
- قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: (كلُّ الناس أستطيع أن أرضيه إلا حاسد نعمة، فإنه لا يرضيه إلا زوالها) . - وقال ابن سيرين: (ما حسدت أحدًا على شيء من أمر الدنيا؛ لأنَّه إن كان من أهل الجنة، فكيف أحسده على الدنيا، وهي حقيرة في الجنة؟! وإن كان من أهل النار، فكيف أحسده على أمر الدنيا، وهو يصير إلى النار؟!) . - وقال الحسن البصري: (ما رأيت ظالـمًا أشبه بمظلوم من حاسد، نفس دائم، وحزن لازم، وغمٌّ لا ينفد) . - وقال أبو حاتم: (الواجب على العاقل مجانبة الحسد على الأحوال كلِّها، فإنَّ أهون خصال الحسد هو ترك الرضا بالقضاء، وإرادة ضد ما حكم الله جل وعلا لعباده، ثم انطواء الضمير على إرادة زوال النعم عن المسلم، والحاسد لا تهدأ روحه، ولا يستريح بدنه إلا عند رؤية زوال النعمة عن أخيه، وهيهات أن يساعد القضاء ما للحساد في الأحشاء) . وقال كذلك: (الحسد من أخلاق اللئام، وتركه من أفعال الكرام، ولكلِّ حريق مطفئ، ونار الحسد لا تطفأ) . - وقال أبو الليث السمرقندي: (يصل إلى الحاسد خمس عقوبات قبل أن يصل حسده إلى المحسود: أولاها: غمٌّ لا ينقطع. الثانية: مصيبة لا يُؤجر عليها. الثالثة: مذمَّة لا يُحمد عليها. الرابعة: سخط الرب. الخامسة: يغلق عنه باب التوفيق) . - وقال الجاحظ: (ومتى رأيت حاسدًا يصوب إليك رأيًا إن كنت مصيبًا، أو يرشدك إلى صواب إن كنت مخطئًا، أو أفصح لك بالخير في غيبته عنك، أو قصر من غيبته لك؟ فهو الكلب الكَلِب، والنمر النَّمِر، والسمُّ القَشِب، والفحل القَطِم ، والسيل العَرِم . إن ملك *** وسبى، وإن مُلِك عصى وبغى. حياتك موته، وموتك عرسه وسروره. يصدِّق عليك كلَّ شاهد زور، ويكذِّب فيك كلَّ عدل مرضي. لا يحب من الناس إلا من يبغضك، ولا يبغض إلا من يحبك. عدوك بطانة وصديقك علانية...أحسن ما تكون عنده حالًا أقل ما تكون مالًا، وأكثر ما تكون عيالًا، وأعظم ما تكون ضلالًا. وأفرح ما يكون بك أقرب ما تكون بالمصيبة عهدًا، وأبعد ما تكون من الناس حمدًا، فإذا كان الأمر على هذا فمجاورة الموتى، ومخالطة الزَّمنى ، والاجتنان بالجدران، ومصر المصران، وأكل القردان، أهون من معاشرته والاتصال بحبله) . - وقال الجرجاني: (كم من فضيلة لو لم تستترها المحاسد لم تبرح في الصدور كامنة، ومنقبة لو لم تزعجها المنافسة لبقيت على حالها ساكنة! لكنها برزت فتناولتها ألسن الحسد تجلوها، وهي تظن أنها تمحوها، وتشهرها وهي تحاول أن تسترها؛ حتى عثر بها من يعرف حقها، واهتدى إليها من هو أولى بها، فظهرت على لسانه في أحسن معرض، واكتست من فضله أزين ملبس؛ فعادت بعد الخمول نابهة، وبعد الذبول ناضرة، وتمكنت من برِّ والدها فنوَّهت بذكره، وقدرت على قضاء حقِّ صاحبها، فرفعت من قدره وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ [البقرة: 216]) . - وقال ابن المعتز: (الحاسد مغتاظ على من لا ذنب له، ويبخل بما لا يملكه، ويطلب ما لا يجده) . - وقال ابن حزم: (إنَّ ذوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدة الحسد كلَّ من أحسن إليهم، إذا رأوه في أعلى من أحوالهم) . - وقال الخطاب بن نمير السعدي: (الحاسد مجنون؛ لأنَّه يحسد الحسن والقبيح) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|