|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: في السُّنَّة النَّبويَّة
- عن عبد الله بن أبي قتادة، أنَّ أبا قتادة، طلب غريمًا له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسر، فقال: آلله؟ قال: آلله؟ قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: ((من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة، فلينفِّس عن معسر، أو يضع عنه)) . (أي: ليؤخر مطالبة الدين عن المدين المعسر. وقيل: معناه يفرج عنه، أو يضع عنه، أي: يحط عنه، وهذا مقتبس من مشكاة قوله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ) . قال القاري: (فلينفِّس -بتشديد الفاء المكسورة- أي: فليؤخِّر مطالبته عن مُعْسِر، أي: إلى مدَّة يجد مالًا فيها، أو يضع -بالجزم- أي: يحطُّ ويترك عنه -أي عن المعْسِر- كلَّه أو بعضه. فائدة الفرض أفضل مِن النَّفل بسبعين درجة إلَّا في مسائل. الأَوْلَى إبراء المعْسِر مندوب وهو أفضل من إنظاره) . - عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وآله وسلَّم: ((لا تشدِّدوا على أنفسكم فيشدِّد الله عليكم، فإنَّ قومًا شدَّدوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصَّوامع والدِّيار؛ رهبانيَّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم)) . قال ابن تيمية: (ففيه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن التشدد في الدين بالزيادة على المشروع. والتشديد: تارة يكون باتخاذ ما ليس بواجب، ولا مستحب: بمنزلة الواجب والمستحب في العبادات، وتارة باتخاذ ما ليس بمحرم، ولا مكروه بمنزلة المحرم والمكروه، في الطيبات؛ وعلل ذلك بأنَّ الذين شددوا على أنفسهم من النصارى، شدَّد الله عليهم لذلك، حتى آل الأمر إلى ما هم عليه من الرهبانية المبتدعة) . وقال ابن القيِّم: (نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عن التَّشديد في الدِّين، وذلك بالزِّيادة على المشروع، وأخبر أنَّ تشديد العبد على نفسه هو السَّبب لتشديد الله عليه، إمَّا بالقَدَر، وإمَّا بالشَّرع، فالتَّشديد بالشَّرع: كما يشدِّد على نفسه بالنَّذر الثَّقيل، فيلزمه الوفاء به، وبالقَدَر: كفعل أهل الوسواس؛ فإنَّهم شدَّدوا على أنفسهم، فشدَّد عليهم القَدَر، حتى استحكم ذلك، وصار صفة لازمة لهم) . - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: ((جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدًا. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدًا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)) . قال ابن تيمية معلقًا على هذا الحديث: (والأحاديث الموافقة لهذا كثيرة في بيان أنَّ سنته التي هي الاقتصاد: في العبادة، وفي ترك الشهوات؛ خير من رهبانية النصارى، التي هي: ترك عامة الشهوات من النكاح وغيره، والغلو في العبادات صومًا وصلاة) . وقال ابن حجر: (قوله: إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، فيه إشارة إلى رد ما بنوا عليه أمرهم من أن المغفور له لا يحتاج إلى مزيد في العبادة بخلاف غيره فأعلمهم أنَّه مع كونه يبالغ في التشديد في العبادة أخشى لله وأتقى من الذين يشددون وإنما كان كذلك لأنَّ المشدد لا يأمن من الملل بخلاف المقتصد فإنه أمكن لاستمراره وخير العمل ما داوم عليه صاحبه) . - عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أنظر معسِرًا، أو وضع عنه، أظلَّه الله في ظلِّه)) . قال الطَّحاوي: (الإِعسار قد يكون على العدم الذي لا يُوصَل معه إلى شيء، وقد يكون على القِلَّة التي يُوَصل معها، ما إذا أخذ ممَّن عليه الدَّين فَدَحَه وكَشَفَه، وأضرَّ به، والعُسْرَة تجمعهما جميعًا، غير أنَّهما يختلفان فيها، فيكون أحدهما بها مُعْدَمًا، ولا يكون الآخر منهما بها مُعْدَمًا، وكلُّ مُعْدَمٍ مُعْسِر، وليس كلُّ مُعْسِرٍ مُعْدَمًا، فقد يحتمل أن يكون المعْسِر المقصود بما في هذه الآثار إليه هو المعْسِر الذي يجد ما إن أُخِذ منه فَدَحه، وكَشَفه، وأضرَّ به، فمَن أَنْظَر مَن هذه حاله بما له عليه، فقد آثره على نفسه، واستحقَّ ما للمُؤثِرين على أنفسهم، وكان مِن أهل الوَعْد الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآثار) . - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي -صلَّى الله عليه وآله وسلِّم- قال: ((مَن نفَّس عن مؤمن كربةً مِن كرب الدُّنيا، نفَّس الله عنه كربةً مِن كرب يوم القيامة، ومَن يسَّر على مُعسرٍ، يسَّر الله عليه في الدُّنيا والآخرة. ومَن ستر مسلمًا، ستره الله في الدُّنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ومَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنَّة، وما اجتمع قومٌ في بيت مِن بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلَّا نزلت عليهم السَّكينة، وغشيتهم الرَّحمة، وحفَّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومَن بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه)) . قال ابن رجب: (هذا -أيضًا- يدلُّ على أنَّ الإعسار قد يحصل في الآخرة، وقد وصف الله يوم القيامة بأنَّه يوم عسير، وأنَّه على الكافرين غير يسير، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم، وقال: وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا [الفرقان: 26]. والتَّيسير على المعْسِر في الدُّنيا مِن جهة المال يكون بأحد أمرين: إمَّا بإنظاره إلى الميْسَرة، وذلك واجب، كما قال تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة: 280]، وتارة بالوضع عنه إن كان غريمًا، وإلَّا فبإعطائه ما يزول به إعساره، وكلاهما له فضل عظيم) . - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((كان تاجر يُدَاين النَّاس، فإذا رأى مُعْسِرًا، قال لصبيانه: تجاوزوا عنه، لعلَّ الله أن يتجاوز عنَّا، فتجاوز الله عنه)) . قال النَّووي: (والتَّجاوز والتَّجوُّز معناهما المسَامَحة في الاقتضاء والاستيفاء، وقبول ما فيه نقص يسير، كما قال: وأتجوَّز في السِّكة. وفي هذه الأحاديث فضل إنظار المعْسِر والوضع عنه، إمَّا كلَّ الدَّين، وإمَّا بعضه مِن كثيرٍ أو قليلٍ، وفضل المسَامَحة في الاقتضاء وفي الاستيفاء، سواء استوفى مِن مُوسِر أو مُعْسِر، وفضل الوضع مِن الدَّين، وأنَّه لا يحتقر شيء مِن أفعال الخير، فلعلَّه سبب السَّعادة والرَّحمة. وفيه جواز توكيل العبيد، والإذن لهم في التَّصرُّف) . - عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يسِّروا ولا تعسِّروا، وبشِّروا ولا تنفِّروا)) . قال النَّووي: (جمع في هذه الألفاظ بين الشَّيء وضدِّه؛ لأنَّه قد يفعلهما في وقتين، فلو اقتصر على ((يسِّروا)) لصدق ذلك على مَن يسَّر مرَّةً أو مرَّات، وعَسَّر في معظم الحالات، فإذا قال: ((ولا تعسِّروا)) انتفى التَّعْسِير في جميع الأحوال مِن جميع وجوهه، وهذا هو المطلوب، وكذا يقال في: ((يسِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا)) لأنَّهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت، وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء. وفي هذا الحديث الأمر بالتَّبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته، والنَّهي عن التَّنْفِير بذكر التَّخويف، وأنواع الوعيد محضة مِن غير ضمِّها إلى التَّبشير. وفيه تأليف مَن قَرُب إسلامه، وترك التَّشديد عليهم، وكذلك مَن قارب البلوغ مِن الصِّبيان ومَن بلغ، ومَن تاب مِن المعاصي، كلُّهم يُتَلطَّف بهم، ويُدرَجون في أنواع الطَّاعة قليلًا قليلًا، وقد كانت أمور الإسلام في التَّكليف على التَّدريج، فمتى يسَّر على الدَّاخل في الطَّاعة -أو المريد للدُّخول فيها- سَهُلَت عليه، وكانت عاقبته -غالبًا- التَّزايد منها، ومتى عَسُرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن دَخَل أوشك أن لا يدوم، أو لا يَسْتَحْلِيَها. وفيه أمر الوُلَاة بالرِّفق، واتِّفاق المتشاركين في ولاية ونحوها، وهذا مِن المهمَّات؛ فإنَّ غالب المصالح لا يتمُّ إلَّا بالاتِّفاق، ومتى حصل الاختلاف فات. وفيه وصيَّة الإمام الوُلَاة، وإن كانوا أهل فضل وصلاح، كمعاذ وأبي موسى؛ فإنَّ الذِّكرى تنفع المؤمنين) . - وعن أبي هريرة قال: ((قام أعرابيٌّ فبال في المسجد، فتناوله النَّاس، فقال لهم النَّبي صلى الله عليه وسلم: دعوه، وأريقوا على بوله سجلًا مِن ماء، أو ذَنُوبًا مِن ماء، فإنَّما بُعِثتُم ميسِّرين، ولم تُبْعَثوا معسِّرين)) . قال العيني: (فيه مراعاة التَّيسير على الجاهل، والتَّألف للقلوب) . وأولى الناس بالتيسير الداعية إلى الله؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك المفتي عليه أن يراعي التيسير ورفع الحرج عن الناس. يقول ابن العربي (إذا جاء السَّائل عن مسألة، فوجدتم له مَخْلَصًا فيها، فلا تسألوه عن شيء، وإن لم تجدوا له مَخْلصًا فحينئذ اسألوه عن تصرُّف أحواله وأقواله ونيَّته، عسى أن يكون له مَخْلصًا) . |
#2
|
||||
|
||||
![]() أقوال السَّلف والعلماء في التَّعْسِير
- عن عون بن أبي جُحَيفة عن أبيه قال: ((آخى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدَّرداء، فزار سلمان أبا الدَّرداء، فرأى أمَّ الدَّرداء متبذِّلةً، فقال لها: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدَّرداء ليس له حاجة في الدُّنيا. فجاء أبو الدَّرداء، فصنع له طعامًا، فقال: كُلْ. قال: فإنِّي صائمٌ. قال: ما أنا بآكلٍ حتى تأكل. قال: فأكل، فلمَّا كان اللَّيل ذهب أبو الدَّرداء يقوم، قال: نَمْ. فنام، ثمَّ ذهب يقوم، فقال: نَمْ. فلمَّا كان مِن آخر اللَّيل قال سلمان: قُم الآن. فصلَّيا، فقال له سلمان: إنَّ لربِّك عليك حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعط كلَّ ذي حقٍّ حقَّه. فأتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال النَّبي صلى الله عليه وسلم: صدق سلمان)) . - كان أبو موسى يشدِّد في البول، ويبول في قارورة، ويقول: إنَّ بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدِهم بولٌ، قرضه بالمقاريض، فقال حذيفة: ((لوددت أنَّ صاحبكم لا يشدِّد هذا التَّشديد، فلقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نتماشى، فأتى سُبَاطَة خلف حائط، فقام كما يقوم أحدكم، فبال، فانتبذت منه، فأشار إليِّ فجئت، فقمت عند عقبه حتى فرغ)) . - قال عبد الملك بن عبد العزيز لأبيه -وقد دخل في القائلة-: (يا أبت، على ما تقيل وقد تداركت عليك المظالم، لعلَّ الموت يدركك في منامك، وأنت لم تقضِ دأب نفسك ممَّا ورد عليك! قال: فشدَّد عليه، قال: فلمَّا كان اليوم الثَّاني فعل به مثل ذلك، قال عمر: يا بنيَّ، إنَّ نفسي مطيَّتي، وإن لم أرفق بها لم تبلِّغني، يا بنيَّ، لو شاء الله عزَّ وجلَّ أن ينزِّل القرآن جملةً واحدةً لفعل، نزَّل الآية بعد الآية حتى إبطاء ذلك في قلوبهم، يا بنيَّ، إنِّي لم أجد الحَقْحَقة تردُّ إلى خيرٍ) . - عن الحسن قال: (إنَّ هذا الدِّين دينٌ واصب ، وإنَّه مَن لا يصبر عليه يدعه، وإنَّ الحقَّ ثقيل، وإنَّ الإنسان ضعيف، وكان يقال: ليأخذ أحدكم مِن العمل ما يطيق، فإنَّه لا يدري ما قَدْرُ أجله، وإنَّ العبد إذا ركب بنفسه ال***، وكلَّف نفسه ما لا يطيق، أوشك أن يسيب ذلك كلَّه، حتى لعلَّه لا يقيم الفريضة، وإذا ركب بنفسه التَّيسير والتَّخفيف، وكلَّف نفسه ما تطيق كان أكيس أو قال: كان أكثر العاملين، وأمنعها مِن هذا العدو وكان يقال: شرُّ السَّير الحَقْحَقة) . - وقال الضَّحاك: (مَن كان ذا عُسْرَةٍ فنظرة إلى مَيْسَرة، وكذلك كلُّ دَيْنٍ على المسلم، فلا يحلُّ لمسلم له دَيْن على أخيه -يعلم منه عُسْرَة- أن يسجنه، ولا يطلبه حتى ييسِّره الله عليه) . - وقال عمر بن عبد العزيز: (مَن لم يكن له إلَّا مَسْكن، فهو والله مُعْسِر ممَّن أمر الله بإنظاره) . - وقال ابن القيِّم: (لـمَّا ذكر شيئًا مِن مكائد الشَّيطان، قال بعض السَّلف: ما أمر الله تعالى بأمرٍ إلَّا وللشَّيطان فيه نزغتان، إمَّا إلى تفريط وتقصير، وإمَّا إلى مجاوزةٍ وغلوٍّ، ولا يبالي بأيِّها ظَفَر، وقد اقتطع أكثر النَّاس -إلَّا القليل- في هذين الواديين: وادي التَّقصير، ووادي المجاوزة والتَّعدِّي. والقليل منهم الثَّابت على الصِّراط الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه) . - وقال ابن حجر: (لا يتعمَّق أحدٌ في الأعمال الدِّينيَّة، ويترك الرِّفق إلَّا عجز وانقطع، فيُغْلَب) . - وقال العيني: (التشديد، وهو تحمل المشقة الزائدة في العبادة، وذلك لمخافة الفتور والإملال، ولئلا ينقطع المرء عنها، فيكون كأنه رجع فيما بذله من نفسه وتطوع به) . |
#3
|
||||
|
||||
![]() آثار التَّعْسِير 1- من أكبر المضار وأولاها بالذكر هي أنَّ من كانت صفته التعسير يعتبر مخالفًا لأمر الله، بعيدًا عن شرعه، فالله تبارك وتعالى قد أمر بالتيسير على العباد، والتسهيل في التعامل معهم.
2- قد يدفع به إلى تصرفات غير لائقة، قد تضره في دينه أو دنياه، فقد يفعل المعسر أعمالًا محرمة، وأفعالًا مشينة، والداعي هو التعسير، فقد يضطره إلى السرقة أو النصب أو الاحتيال، بغرض فك عسرته، ودفع الحرج عنه. 3- زرع بذور البغض والكراهية في الصدور، فتظهر في واقع الناس، فيتحول المجتمع إلى مجتمع يتصف بالنفرة والتجافي، يكره بعضه بعضًا، ويحقد بعضه على بعض، فالتعسير نازع لأواصر المحبَّة، قاطع لحبالها، فكم من معسر بتعسيره فارق أصحابه وأحبابه، بل إخوانه وأهله، والعكس بالعكس، فما يسر ميسر إلا صار تيسيره رحمًا بينه وبين من يسر في معاملتهم. 4- التعسير ي*** فضيلة الرفق بين الناس، أو يضعفها. 5- يسبب الانقطاع عن أعمال الخير، فالمشدد على نفسه لا يبلغ ما يرجوه، بل يقع عادةً فتور بعد تعسيره، يجعله يمتنع مِن العبادة بالكليَّة، فالتشديد فى العبادة يسبب الفتور والملل. |
#4
|
||||
|
||||
![]() صور التَّعْسِير للتَّعْسِير صورٌ كثيرةٌ، أهمُّها ما يلي:
1- التَّعْسِير على المدِين عند تأخُّره عن قضاء الدَّين -لعدم مقدرته- وعدم إنظاره، ويخرج مِن هذه الصُّورة: أن يكون المدِين قادرًا على الإعطاء، ومع ذلك يمتنع عن دفع دَيْنِه، فيجوز للدَّائن عندئذ شكايته لولي الأمر-أو مَن ينوب عنه- لأخذ ماله عَنْوَة، لذا قال صلى الله عليه وسلم: ((مَطْل الغنيِّ ظُلْمٌ)) . 2- التَّعْسِير في النَّفقة، وهي تضييق الرَّجل على أهله في النفقة، ولها حالتان: أولًا: إذا كان هذا بغير اختياره فلا شيء عليه، كما قال تعالى: لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا [الطَّلاق: 7]. ثانيًا: إذا كان هذا باختياره -مع مقدرته على الإنفاق عليهم بما يسدُّ حاجتهم- فيحرم عليه، كما قال تعالى: وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ [الطَّلاق: 6]. 3- التَّعْسِير مع الأجير: بعدم إعطائه حقَّه كاملًا، أو ببخسه. 4- التَّعْسِير على مَن أراد النِّكاح بالمغالاة في مهور النِّكاح، بل واشتراط بعض الشُّروط الخارجة عن المهر: كحجز قاعة لإقامة العرس، وغيره ممَّا يدفع الشَّباب للعزوف عن النِّكاح. 5- التَّعْسِير على الفقير والمحتاج. 6- تَعْسِير ولاة الأمور على الرَّعية: بعدم تلبية حاجاتهم، أو وضع العوائق الكثيرة للحصول على تلك الحاجيات. 7- استعمال الشدة في الدَّعوة والأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، فالأمر بالمعروف لا يكون إلَّا بالمعروف، والنَّهي عن المنكر يكون غير منكر. 8- تَعْسِير المرء على نفسه: فربما يترك الأخذ بالرخصة، فيقع في حرج ومشقة، معسِّرًا على نفسه، مع أنَّ الله سبحانه يحب أن تُؤتَى رخصه، وقد رفع عنا الحرج، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: 78] يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة: 185]. |
#5
|
||||
|
||||
![]() أسباب الوقوع في التَّعْسِير 1- مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالتيسير.
2- لا يلجأ للتعسير وتعقيد الأمور إلا من كان في خلقه التواء، وفي طبعه كزازة ، وفي تربيته نقص وخلل . 3 – حب الدنيا، والتعلق بالمال، دون النظر إلى الغير أو مراعاتهم، أو تقدير ظروفهم. 4- الجهل بعواقبه الدنيوية والأخروية، والجهل بما يجنيه التيسير من مكاسب وفوائد. 5- ضعف الإيمان، وقلة الدين، والبعد عن مواطن الخير. 6 – مجالسة من يتخلقون به، فمن جالس جانس، وصاحب الأخلاق الرديئة يعدي كما يعدي الأجرب. 7- سوء التربية، فمن تربى في مجتمع يسوده التشديد في الأمور، والتعسير، فسينشأ على هذا الخلق ويعتاده. 8- تزيين الشَّيطان له. 9- ضعف أواصر المحبَّة والألفة بين المسلمين. 10- قلَّة المربِّين والموجِّهين المخلصين. |
#6
|
||||
|
||||
![]() الوسائل المعينة على ترك التَّعْسِير 1- أن يطلع المرء على المكاسب التي سيجنيها الميسر، في الأجلين القريب والبعيد، كما يطلع على المضار التي قد يتسبب فيها بتعسيره وتشديده. 2- تربية الأبناء على التيسير في الأمور، والسهولة في المعاملة، وإنظار المعسرين، وبهذا ينشئ الناشئ على هذا الخلق، ومن ثم يصبح سجية له، وطبعًا. 3- البعد عمن جعل هذه الخلق ديدنه، ومجافاته وهجره، وفي هذا فائدة للطرفين، فالأول سلمت له أخلاقه، فلم تصبه لوثة من الأخلاق الرديئة، والثاني ربما يرتدع ويعرف أن ما هو واقع فيه من التعسير والتشدد أمر مذموم. 4- تقوية الإيمان سبب لترك جميع الأخلاق السيئة، فمن قوي إيمانه اتصف بما هو أهل له من أخلاق المؤمنين، وترك ما يخالفها. 5- الاقتصاد في العبادة، وفي الحديث: ((عليكم من الأعمال ما تطيقون)) . 6- أن يعامل المرء غيره بما يحبُّ أن يعاملوه به، فهو لا يرضى أن يعسِّر أحدٌ عليه في أي جانب مِن جوانب حياته، فعليه أن يعامل النَّاس بذلك. 7- أن التَّعْسِير على النَّاس -خاصَّة في أمر النِّكاح- قد يحملهم على نيل شهواتهم في الحرام بعدما حُرِمُوها في الحلال. 8- أنَّ مِن معالم الجود والكَرَم أن يدفع المرء ماله لأجل نفع غيره مِن غير أن ينتظر منهم جزاءً أو شكورًا، فكيف بمن يعطي ويعلم أنَّه سيأخذ ماله؛ لكن مَدِينُه أُعْسِر، فهو أولى بإنظاره، بل أولى أن يضع عنه مِن دَيْنِه إن لم يُسْقِط عنه المال.
|
#7
|
||||
|
||||
![]() التفريق بين طلب الأكمل في العبادة والتنطع فيها
عن أبي هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الدِّين يُسْرٌ، ولن يُشادَّ الدِّين أحدٌ إلَّا غلبه، فسدِّدوا وقاربوا، وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والرَّوحة وشيء مِن الدُّلجة )) . قال ابن المنِير: (في هذا الحديث عَلَمٌ مِن أعلام النُّبوَّة؛ فقد رأينا ورأى النَّاس قبلنا أنَّ كلَّ متنطِّعٍ في الدِّين ينقطع، وليس المراد منع طلب الأكمل في العبادة، فإنَّه مِن الأمور المحمودة، بل منع الإفراط المؤدِّي إلى الملَال أو المبالغة في التَّطوع المفضي إلى ترك الأفضل أو إخراج الفرض عن وقته، كمن بات يصلِّي اللَّيل كلَّه، ويُغَالِب النَّوم إلى أن غلبته عيناه في آخر اللَّيل، فنام عن صلاة الصُّبح في الجماعة، أو إلى أن خرج الوقت المختار، أو إلى أن طلعت الشَّمس فخرج وقت الفريضة) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|