|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() أسباب الوقوع في الانتِقَام
مِن أسباب الوقوع في الانتِقَام: 1- عدم التَّحلِّي بالحِلْم والصَّبر. 2- عدم التَّحلِّي بالعفو والصَّفح. 3- عدم القُدْرَة على كَظْم الغَيْظ. 4- الغضب، وهو مِن أهمِّ الأسباب المؤدِّية إلى إيقاع الأذى بالشَّخص المنتقم منه، فالإنسان عندما يغضب، تدعوه نفسه إلى البطش والانتِقَام. 5- العداوة والبغضاء والحقد: قال الغزَّالي: (فإنَّ مَن آذاه شخصٌ بسببٍ مِن الأسباب، وخالفه في غرضٍ بوجهٍ مِن الوجوه، أبغضه قلبه وغضب عليه، ورسخ في نفسه الحقد، والحقد يقتضي التَّشفِّي والانتِقام، فإن عجز المبْغِض عن أن يتشفَّى بنفسه، أحبَّ أن يتشفَّى منه الزَّمان، وربَّما يحيل ذلك على كرامة نفسه عند الله تعالى، فمهما أصابت عدوَّه بليَّةٌ فرح بها، وظنَّها مكافأة له مِن جهة الله على بغضه، وأنَّها لأجله، ومهما أصابته نعمة ساءه ذلك؛ لأنَّه ضدُّ مراده، وربَّما يخطر له أنَّه لا منزلة له عند الله، حيث لم ينتقم له مِن عدوِّه الذي آذاه، بل أنعم عليه) . 6- تسمية بعض الجهَّال الانتِقَام شجاعةً ورجولةً وعزَّة نفسٍ وكِبر همَّة، وتلقيبه بالألقاب المحمودة غباوةً وجهلًا، حتى تميل النَّفس إليه وتستحسنه. 7- وقوع أذية أو إساءة تدفع إلى الرغبة في الانتقام. |
#2
|
||||
|
||||
![]() الوسائل المعينة على ترك الانتِقَام مِن الوسائل المعينة على ترك الانتِقَام: 1- تذكُّر انتقام الله مِن أهل معاصيه: قال تعالى: أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ [إبراهيم: 5]. قال: (أيَّامه التي انتقم فيها مِن أهل معاصيه مِن الأمم، خوَّفهم بها، وحذَّرهم إيَّاها، وذكَّرهم أن يصيبهم ما أصاب الذين مِن قبلهم) . 2- العفو والصَّفح: الإنسان إذا عفا وأحسن، أورثه ذلك مِن سلامة القلب لإخوانه، ونقائه مِن طلب الانتِقَام وإرادة الشَّرِّ، وحصل له مِن حلاوة العفو ما يزيد لذَّته ومنفعته عاجلًا وآجلًا . قال ابن حبَّان: (ولم يُقْرَن شيءٌ إلى شيءٍ أحسن مِن عفوٍ إلى مَقْدِرة. والحِلْم أجمل ما يكون مِن المقتدر على الانتِقَام) . وعن ابن السَّمَّاك أنَّ رجلًا مِن قريش -عظيم الخطر في سالف الدَّهر- كان يطالب رجلًا بذَحْلٍ، وألحَّ في طلبه، فلمَّا ظفر به، قال: لولا أنَّ المقدرة تُذْهِب بالحفيظة لانتقمت منك، ثمَّ عفا عنه . 3- كَظْم الغَيْظ: قال تعالى: وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133-134]. قال السعدي: (قوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ أي: إذا حصل لهم مِن غيرهم أذيَّةٌ توجب غيظهم، وهو امتلاء قلوبهم مِن الحَنْق الموجب للانتقام بالقول والفعل، هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطِّباع البشريَّة، بل يكظمون ما في القلوب مِن الغيظ، ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم) . 4- تجنُّب السُّخرية والاستهزاء بين أفراد المجتمع: فشيوع أمثال هذه الأخلاق يبْذُر بذور العداوة والبغضاء بين الناس، ويوَلِّد الرَّغبة في الانتِقَام. 5- الخوف مِن ضياع الزَّمان والعمر، وتفرُّق القلب وفَوْت المصالح: أن يعلم أنَّه إذا اشتغلت نفسه بالانتِقَام وطلب المقَابَلة، ضاع عليه زمانه، وتفرَّق عليه قلبه، وفاته مِن مصالحه ما لا يمكن استدراكه . 6- التَّفكير بأنَّ في الانتِقَام زيادة شرِّ الخصومة: فإذا انتقم لنفسه، تسبَّب إلى زيادة شرِّ خصمه. 7- فراغ القلب مِن الاشتغال به والفِكْر فيه: وأن يقصد أن يمحوه مِن باله كلَّما خطر له، فلا يلتفت إليه، ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفِكر فيه . 8- الإقبال على الله والإخلاص له، وذلك في كلِّ وقت وحين. 9- دفع أسباب الانتِقَام: ومنها الغضب: ولا يأتي إلَّا عند هيجانه، فلا بدَّ مِن معرفة العلاج للغضب عند هيجانه؛ حتى يتسنَّى للمرء التَّخلُّص مِن هذه المعضلة، وقد ذكر الغزَّالي أسباب علاج الغضب، فقال: (وإنَّما يُعَالَج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم والعمل، وأمَّا العلم فهو أمور:
الأوَّل: أن يتفكَّر فيما ورد في فضل كَظْم الغَيْظ والعفو والحِلْم والاحتمال، فيرغب في ثوابه، وتمنعه الرَّغبة في الأجر عن الانتِقَام، وينطفئ عنه غيظه. الثَّاني: أن يخوِّف نفسه بعقاب الله لو أمضى غضبه، وهل يأمن مِن غضب الله يوم القيامة، وهو أحوج ما يكون إلى العفو. الثَّالث: أن يحذِّر نفسه عاقبة العداوة والانتِقَام، وتشمُّر العدو لمقابلته، والسَّعي في هدم أغراضه، والشَّماتة بمصائبه، وهو لا يخلو عن المصائب، فيخوِّف نفسه بعواقب الغضب في الدُّنيا، إن كان لا يخاف مِن الآخرة. الرَّابع: أن يتفكَّر في قُبْح صورته عند الغضب، بأن يتذكَّر صورة غيره في حالة الغضب، ويتفكَّر في قُبْح الغضب في نفسه، ومشابهة صاحبه للكلب الضَّاري والسَّبع العادي، ومشابهة الحليم الهادي التَّارك للغضب للأنبياء والأولياء والعلماء والحكماء، ويخيِّر نفسه بين أن يتشبَّه بالكلاب والسِّباع وأراذل النَّاس، وبين أن يتشبَّه بالعلماء والأنبياء في عادتهم؛ لتميل نفسه إلى حب الاقتداء بهؤلاء إن كان قد بقي معه مُسْكَةٌ مِن عقل. الخامس: أن يتفكَّر في السَّبب الذي يدعوه إلى الانتِقَام، ويمنعه مِن كَظْم الغَيْظ، مثل قول الشَّيطان له: إنَّ هذا يحمل منك على العجز والذِّلَّة وتصير حقيرًا في أعين النَّاس. فيقول لنفسه: (ما أعجبك! تأنفين مِن الاحتمال الآن، ولا تأنفين مِن خزي يوم القيامة، ولا تحذرين مِن أن تصغري عند الله والملائكة والنَّبيين). فمهما كَظَم الغَيْظ فينبغي أن يكظمه لله، وذلك يعظِّمه عند الله، فما له وللنَّاس؟! السَّادس: أن يستشعر لذَّة العفو، فلو علم النَّاس أنَّ لذَّة العفو خيرٌ مِن لذَّة التَّشفِّي؛ لأنَّ العفو يأتي بالحمد، والتَّشفِّي يأتي بالنَّدم، لو علموا هذا ما انتقم لنفسه إنسان، لأنَّه لو فعل كلُّ إنسان هذا، وانتقم لنفسه لانحطَّ عالم الإنسان إلى دَرْك السِّباع والوحوش. وأمَّا العمل: فأن تقول بلسانك: أعوذ بالله مِن الشَّيطان الرَّجيم، وإن كنت قائمًا فاجلس، وإن كنت جالسًا فاضطجع، ويُستحبُّ أن يتوضأ بالماء البارد؛ فإنَّ الغضب مِن النَّار، والنَّار لا يطفئها إلا الماء . |
#3
|
||||
|
||||
![]() الحِكَم والأمثال في الانتِقَام - أَلْأَم أعمال المقتدرين الانتِقام . - قولهم: لا قرارَ عَلى زَأرٍ مِن الأَسَد. يُضْرَب مثلًا للمتوعِّد القادر على الانتِقَام، وقولٌ مِن قول النَّابغة. نُبِّئت أنَّ أبا قابوس أوعدني *** ولا قرارَ على زأرٍ مِن الأَسَد - ضَغا مِنِّي وهو ضَغَاء. يُضْرَب لمن لا يقدر مِن الانتِقَام إلَّا على صِياح . - لَم يُشْطِط مَن انتَقَم. هذا منتزعٌ مِن قوله تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ [الشُّورى: 41] . - العفو أشدُّ أنواع الانتِقَام .
- وقال بعض الحكماء: (إذا ظَلَمْتَ فاحذر الانتِقَام؛ فإنَّ الظُّلم لا يُكسبك خيرًا، إنَّك لا تجد عند أصحاب السُّوء جميلًا) . - وقال بعضهم: (لا يحملنَّك الحَنَق على اقتراف إثم؛ يشفي غيظك، ويسقم دينك) . - وقيل: (مَن انتقم فقد شَفَى غَيْظَه، وأخذ حقَّه، فلم يجب شُكره، ولم يُحْمَد في العالمين ذِكْرُه) . - والعرب تقول: (لا سؤدد مع الانتِقَام) . |
#4
|
||||
|
||||
![]() ذم الانتِقَام في واحة الشِّعر قال الشَّاعر: إذا انتقموا أعلنوا أمرَهم *** وإن أنعموا أنعموا باكتتامِ يقومُ القعودُ إذا أقبلوا *** وتقعدُ هيبتُهم بالقيامِ وقال المأمون لإبراهيم بن المهدي: إنِّي شاورت في أمرك فأشاروا عليَّ ب***ك، إلَّا أنِّي وجدتُ قَدْرَك فوق ذنبك، فكرهت ال*** للازم حُرْمَتك. فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّ المشار أشار، ممَّا جرت به العادة في السِّياسة، إلَّا أنَّك أبيت أن تطلب النَّصر إلَّا مِن حيث عوَّدته مِن العفو، فإن ***ت فلك نظير، وإن عفوت، فلا نظير لك، وأنشأ يقول: البرُّ بي منك وَطَّا العذرَ عندكَ لي *** فيما فعلتَ فلم تعذِلْ ولم تَلُمِ وقامَ عذرُك لي فاحتجَّ عندك لي *** مقامُ شاهدِ عدلٍ غيرَ متَّهمِ لئن جحدتُك ما أوليتَ مِن نعمٍ *** إنِّي لفي اللَّومِ أولى منك بالكَرِم تعفو بعدلٍ وتسطو إن سطوتَ به *** فلا عَدِمْنَاك مِن عافٍ ومنتقمِ وقال الشَّاعر مبينًا سبب تركه للانتقام ممَّن يتعدَّى عليه: إذا كان دوني مَن بُليت بجهلِه *** أبيتُ لنفسي أن أقابلَ بالجهلِ وإن كان مثلي في محلِّي مِن العُلا *** هويت إذَا حِلْمًا وصَفْحًا عن الْمَثْلِ وإن كنتُ أَدنَى منه في الفضلِ والحجا *** فإن له حقَّ التَّقَدُّمِ والفضلِ وقال آخر: إن يُمْكِنِ الدَّهرُ فسوف أنتقمُ *** أوْ لا فإنَّ العفو أولى للكَرَم وقال جرير: عوى الشُّعراءُ بعضُهم لبعضٍ *** عليَّ فَقَدْ أصابهم انتقامُ إذا أرسلتُ صاعقةً عليهم *** رأوا أخرى تحرقُ فاستداموا وقال معاوية ابن أبي سفيان رضي الله عنه في ترك الانتِقَام ممَّن تعدَّى عليك بالشَّتم: وما قَتَلَ السَّفاهةَ مثلُ حِلْمٍ *** يعودُ به على الجهلِ الحليمُ فلا تسفهْ وإن مُلِّيتَ غيظًا *** على أحدٍ فإنَّ الفحشَ لُومُ ولا تقطعْ أخًا لك عندَ ذنبٍ *** فإنَّ الذَّنبَ يعفوه الكريمُ
|
#5
|
||||
|
||||
![]() البخل والشح معنى البخل والشح لغةً واصطلاحًا معنى البخل لغةً:
البُخْلُ ضِدُّ الكَرَمِ والجُودِ، وقد بَخِلَ بكذا: أي ضنَّ بما عنده ولم يجُدْ، ويقال: هو بخيل وباخل، وجمعه بخلاء، والبَخَّال: الشَّديد: البُخْل . معنى البخل اصطلاحًا: قال الراغب الأصفهاني: (البُخْلُ: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه) . وقال الجرجاني: (البخل هو المنع من مال نفسه) . وقال ابن حجر: (البخل هو منع ما يطلب مما يقتنى، وشره ما كان طالبه مستحقًّا، ولا سيما إن كان من غير مال المسئول) . وقال الفيومي: (البخل في الشرع: منع الواجب) . معنى الشح لغةً: الشُّحُّ: البُخْل مَع حِرْصٍ. تقول: شَحَّ يَشُحُّ مِن باب قَـتَل، وفي لُغة مِن بابَيْ ضَرَب وتَعِب، ورجل شحيح وقوم شِحاح وأشِحَّة وأشحاء، وتَشاحَّ القوم: إذا شَحَّ بعضهم على بعض . معنى الشحِّ اصطلاحًا: قال النووي: (الشحُّ: هو البخل بأداء الحقوق، والحرص على ما ليس له) . وقال الطبري: (الشحُّ: الإفراط في الحرص على الشيء) . وقال الراغب الأصفهاني: (الشحُّ: بخل مع حرص، وذلك فيما كان عادة) . |
#6
|
||||
|
||||
![]() الفرق بين البخل والشح اختلف أهل العلم في البخل والشح، هل هما مترادفان أم لكلِّ واحد منهما معنى غير معنى الآخر، وقد بين الطِّيبي أن الفرق بينهما عسير جدًّا وسنعرض هنا بعضًا من أقوال العلماء في الفرق بينهما: - يرى ابن مسعود رضي الله عنه: أن البخل هو البخل بما في اليد من مال، أما الشح فهو أن يأكل المرء مال الآخرين بغير حقٍّ، فقد (قال له رجل: إني أخاف أن أكون قد هلكت قال: وما ذاك قال: إني سمعت الله يقول: وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9]. وأنا رجل شحيح، لا يكاد يخرج مني شيء، فقال له ابن مسعود رضي الله عنه: ليس ذاك بالشحِّ، ولكنه البخل، ولا خير في البخل، وإنَّ الشحَّ الذي ذكره الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلمًا) . - وفرَّق ابن عمر بين الشحِّ والبخل، فقال: (ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله، ولكنه البخل، وإنه لشرٌّ، إنما الشحُّ أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له) . - وقيل أنهما مترادفان لهما نفس المعنى . - (وقيل: البخل: الامتناع من إخراج ما حصل عندك، والشحُّ: الحرص على تحصيل ما ليس عندك) . - وقيل: (البخل منع الواجب، والشحُّ منع المستحب) . وهؤلاء قالوا: إن منع المستحب لا يمكن أن يكون بخلًا لعدة أمور: أحدها: أن الآية دالة على الوعيد الشديد في البخل، والوعيد لا يليق إلا بالواجب. وثانيها: أنه تعالى ذم البخل وعابه، ومنع التطوع لا يجوز أن يذمَّ فاعله، وأن يعاب به. وثالثها: وهو أنه تعالى لا ينفك عن ترك التفضل؛ لأنه لا نهاية لمقدوراته في التفضل، وكلُّ ما يدخل في الوجود فهو متناه، فيكون لا محالة تاركًا التفضل، فلو كان ترك التفضل بخلًا لزم أن يكون الله تعالى موصوفًا بالبخل لا محالة، تعالى الله عز وجل عنه علوًّا كبيرًا. ورابعها: قال عليه الصلاة والسلام: ((وأيُّ داء أدوأ من البخل)) . ومعلوم أن تارك التطوع لا يليق به هذا الوصف. وخامسها: أنه لو كان تارك التفضل بخيلًا لوجب فيمن يملك المال كلَّه العظيم أن لا يتخلص من البخل إلا بإخراج الكلِّ.
وسادسها: أنه تعالى قال: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة: 3] وكلمة من للتبعيض، فكان المراد من هذه الآية: الذين ينفقون بعض ما رزقهم الله، ثم إنه تعالى قال في صفتهم: أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [البقرة: 5]. فوصفهم بالهدى والفلاح، ولو كان تارك التطوع بخيلًا مذمومًا لما صحَّ ذلك. فثبت بهذه الآية أن البخل عبارة عن ترك الواجب . - وقيل: (البخل هو المنع من مال نفسه، والشحُّ هو بخل الرجل من مال غيره ...). - وقيل: (البخل هو نفس المنع، والشحُّ الحالة النفسية التي تقتضي ذلك المنع) . - وقيل: إنَّ الشحَّ هو البخل مع زيادة الحرص، وهو ما رجَّحه القرطبي، فقال: (وقيل: إنَّ الشحَّ هو البخل مع حرص. وهو الصحيح لما رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أنَّ رسول الله صَلَّى اللَّه عليه وسَلَّم قال: ((اتَّقوا الظلم؛ فإنَّ الظلم ظلمات يوم القيامة، واتَّقوا الشحَّ؛ فإنَّ الشحَّ أهلك من كان قبلكم؛ حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم)) . وهذا يردُّ قول من قال: إنَّ البخل منع الواجب، والشحُّ منع المستحب. إذ لو كان الشحُّ منع المستحب لما دخل تحت هذا الوعيد العظيم، والذمِّ الشديد الذي فيه هلاك الدنيا والآخرة. ويؤيد هذا المعنى ما رواه النسائي عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم أبدًا، ولا يجتمع شحٌّ وإيمان في قلب رجل مسلم أبدًا)) ). - ويرى ابن القيم أنَّ (الفرق بين الشحِّ والبخل: أنَّ الشحَّ هو شدة الحرص على الشيء، والإحفاء في طلبه، والاستقصاء في تحصيله، وجشع النفس عليه، والبخل منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه، وإمساكه، فهو شحيح قبل حصوله، بخيل بعد حصوله، فالبخل ثمرة الشحِّ، والشحُّ يدعو إلى البخل، والشحُّ كامن في النفس، فمن بخل فقد أطاع شحَّه، ومن لم يبخل فقد عصى شحَّه ووقي شرَّه، وذلك هو المفلح وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر: 9]) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|