|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() آثار الإِسَاءة 1- الإِسَاءة صفة مِن صفات المنافقين. عن الحسن البصري، أنَّه كان يقول: (إنَّ المؤمن جمع إحسانًا وشفقةً، وإنَّ المنافق جمع إِسَاءة وأَمْنًا) . 2- أنَّ مَن رضي لنفسه بالإِسَاءة، شهد على نفسه بالرَّداءة. 3- أنَّ الإِسَاءة مِن أسباب قسوة القلب. 4- أنَّ الإِسَاءة تمنع مِن الشَّفاعة. قال أبو الدَّرداء: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) . قال ابن القيِّم: (قول النَّبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يكون اللَّعَّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة))؛ لأنَّ اللَّعن إساءة، بل مِن أبلغ الإِسَاءة، والشَّفاعة إحسان، فالمسيء في هذه الدَّار باللَّعن، سلبه الله الإحسان في الأخرى بالشَّفاعة، فإنَّ الإنسان إنَّما يحصد ما يزرع، والإِسَاءة مانعة مِن الشَّفاعة التي هي إحسان) .
5- أنَّه كلَّما ازداد الإنسان إساءة ازداد وحشة . 6- أنَّ أخوف النَّاس أشدُّهم إساءة . 7- الإِسَاءة إلى الآخرين تُسَبِّب العداوة والبغضاء بين أفراد المجتمع. أسباب الوقوع في الإِسَاءة: 1- مقابلة الإِسَاءة بأشدَّ منها. 2- قسوة القلب. |
#2
|
||||
|
||||
![]() من أسباب الوقوع في إِسَاءة الإنسان على نفسه
1- اليأس: قال ابن القيِّم: (الخوف الموقِع في الإياس: إساءة أدب على رحمة الله تعالى التي سبقت غضبه، وجهلٌ بها) . 2- سوء الظَّنِّ: عن معمر، قال: (تلا الحسن: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ [فصِّلت: 23] فقال: إنَّما عَمِل النَّاس على قَدْر ظنونهم بربِّهم؛ فأمَّا المؤمن فأَحْسَن بالله الظَّنَّ، فأَحْسَن العمل؛ وأمَّا الكافر والمنافق فأساءا الظَّنَّ، فأساءا العمل) . وقال ابن القيِّم: (وأمَّا المسيء المصرُّ على الكبائر والظُّلم والمخالفات، فإنَّ وحشة المعاصي والظُّلم والحرام تمنعه مِن حُسْن الظَّنِّ بربِّه، وهذا موجودٌ في الشَّاهد، فإنَّ العبد الآبق -الخارج عن طاعة سيِّده- لا يُحْسِن الظَّنَّ به، ولا يجامع وحشة الإِسَاءة إحسان الظَّنِّ أبدًا) . 3- طول الأمل: عن الحسن: (ما أطال عبدٌ الأمل إلَّا أَسَاء العمل) . الوسائل المعينة على ترك الإِسَاءة: 1- الحِلْم: قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ [المؤمنون: 96]. قال السعدي: (أي: إذا أَسَاء إليك أعداؤك بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإِسَاءة، مع أنَّه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإنَّ ذلك فَضْلٌ منك على المسيء. ومِن مصالح ذلك: أنَّه تَخِفُّ الإِسَاءة عنك في الحال، وفي المستقبل، وأنَّه أَدْعَى لجلب المسيء إلى الحقِّ، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتَّوبة عمَّا فعل، وليتَّصف العافي بصفة الإحسان، ويقهر بذلك عدوَّه الشَّيطان، وليستوجب الثَّواب مِن الرَّبِّ) . 2- الاستغفار: عن علي رضي الله عنه قال: (ليس الخير أن يَكْثُر مالك وولدك، ولكن الخير أن يَكْثُر علمك، ويَعْظُم حلمك، وأن تباهي النَّاس بعبادة ربِّك، فإن أَحْسَنت حَمَدت الله، وإن أسأت استغفرت الله) . 3- معرفة أنَّ في ترك الإِسَاءة رجاحة النَّفس، وراحة القلب: قال القاضي المهدي: (ولو لم يكن في الصَّفح -وترك الإِسَاءة- خَصْلَةٌ تُحمَد إلَّا رجاحة النَّفس ووَدَاع القلب، لكان الواجب على العاقل أن لا يكدِّر وقته بالدُّخول في أخلاق البهائم...) . 4- حُسْن الظَّنِّ بالله. 5- قِصَر الأمل. 6- عدم اليأس. |
#3
|
||||
|
||||
![]() بين الإِسَاءة والإحسان الإِسَاءة ضدُّ الإحسان، والإحسان واجبٌ، فالإِسَاءة ممنوعةٌ؛ لأنَّ قولك: أَحْسِن إلى فلان، يقوم مقام قولك: لا تسئ إليه، وذلك معنى مقتضاه فقط. وأما قولك: لا تسيء إليه، فليس فيه الإحسان إليه. وكذلك إذا قلت: لا تحسن إليه، فليس فيه أن تسيء إليه أصلًا؛ لأنَّ هذا مِن الأضداد التي بينها وسائط، والوسيطة هاهنا التي بين الإِسَاءة والإحسان: المتَاركة. وأمَّا إذا قلت: أَسِئ إلى فلان، ففيه رفع الإحسان عنه؛ لأنَّ الضدَّ يدفع الضدَّ، إذا وقع أحدهما بطل الآخر .
|
#4
|
||||
|
||||
![]() الأمثال في الإِسَاءة
1- أَسَاء سمعًا فأَسَاء إجابة . 2- أَسَاء رعيًا فسقى. يُضْرَب مثلًا للرَّجل يُفْسِد الأمر، ثمَّ يريد إصلاحه، فيزيده فسادًا . 3- أَسَاء كارهٌ ما عمل. يُضْرَب مثلًا للرَّجل يُكْرَه على الأمر فلا يبالغ فيه . 4- البادئ أظلم. يقوله الرَّجل يجازي على الإِسَاءة بمثلها، أي: الذي ابتدأ الإِسَاءة أظلم . 5- لو نُهِيت عن الأولى، لم تَعُد للأخرى. يُضْرَب مثلًا للرَّجل يُسيء فيُحْتَمل، فيَضْرَى على الإِسَاءة . 6- جزاء سَنِمَّار. يضرب مثلًا لسوء الجزاء، يقال: جزاه جزاء سنمار . 7- خَيْرَ حالِبَيْك تَنْطَحِين. يُضْرَب لمن يكافِئ المحسن بالإِسَاءة . 8- ليس بعد الإسار إلَّا ال***. يُضْرب في الإِسَاءة يركبها الرَّجل مِن صاحبه، فيستدلُّ بها على أكثر منها . |
#5
|
||||
|
||||
![]() ذم الإِسَاءة في واحة الشِّعر قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: مَضى أَمْسُك الماضِي شَهِيدًا مُعَدَّلًا***وأصبحتَ في يومٍ عليك شهيدُ فإن كنتَ بالأَمْسِ اقترفتَ إساءةً***فثَنِّ بإحسانٍ وأنت حميدُ ولا تُرجِ فعلَ الخيرِ يومًا إلى غدٍ***لعلَّ غدًا يأتي وأنت فَقِيدُ فيومُك إن أَعْتَبْتَه عاد نَفْعُه***عليك ومَاضي الأمسِ ليس يعودُ وقال آخر: يَجْزُون مِن ظُلْم أهل الظُّلم مغفرةً***ومِن إساءة أهل السُّوء إحسانَا وقال معبد بن مسلم: لَدَدْتُهم النَّصيحة كلَّ لدٍّ***فمَجُّوا النُّصح ثمَّ ثنوا فقاءوا فكيف بهم وإن أحسنتَ قالوا***أسأتَ وإن غفرتَ لهم أساءوا وقال الشَّاعر: ما زلت أُعرفُ بالإِسَاءة دائمًا***ويكون منك العفو والغفرانُ لم تنتقصني إن أَسَأْتُ وزدتني***حتى كأنَّ إساءتي إحسانُ منك التفضُّل والتَّكرُّم والرِّضا***أنت الإلهُ المنعم المنَّانُ وأنشد أبو محمَّد عبد الله بن أبي سعيد البيهقي لأبي الحسن بن أبي العالية البيهقي: قيل لي قد أَسَاء إليك فلان***ومُقَام الفتى على الذُّل عارُ قلت قد جاءنا وأحدث عُذرًا***ديةُ الذَّنب عندنا الاعتذارُ وقال الشاعر: هبني أسأتُ كما زعمـتَ***فأين عاقبة الأخوَّه فإذا أسأتَ كما أسأتُ***فأين فضلُك والمروَّه وقال طاهر بن عبد العزيز: إذا ما خليلي أسا مرَّةً***وقد كان مِن قَبْل ذا مجمِلا تحمَّلت ما كان مِن ذنبه***فلم يُفسد الآخر الأوَّلا وأنشد الكريزي: أسأت وأنكرتُ أنِّي أسأتُ***فأَفْضِل ولا تَكُ عين المسِي لك الفَضْل بالعفو عمَّا عفوت***وإلَّا فأنت القَرِين السَّوي وعفوك مقتدرًا نعمةً***وعفو المندِّد غير الهَني وقال محمود بن الحسن الورَّاق: إنِّي وهبت لظالمي ظُلمي***وغفرت ذاك له على عِلمِ ورأيته أسدى إليَّ يدًا***لـمَّا أبان بجهله حِلْمي رَجَعَت إساءتُه عليه وإحـ***ـساني إليَّ مضاعفٌ الغُنْمِ وغَدَوتُ ذا أجرٍ ومَحْمَدةٍ***وغدا بكسب الظُّلم والإثمِ وكأنَّما الإحسانُ كان له***وأنا المسيءُ إليه في الحكمِ |
#6
|
||||
|
||||
![]() الإسراف والتبذير معنى الإسراف والتبذير لغةً واصطلاحًا معنى الإسراف لغةً:
الإسراف: مجاوزة القصد، مصدر من أسرف إسرافًا، والسَّرَف اسم منه، يقال: أسرف في ماله: عجل من غير قصد، وأصل هذه المادة يدُلُّ على تعدِّي الحدِّ، والإغفال أيضًا للشيء . معنى الإسراف اصطلاحًا: الإسراف: هو صرف الشيء فيما لا ينبغي زائدًا على ما ينبغي . وقال الراغب: (السرف: تجاوز الحد في كلِّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر) . وقال الجرجاني: (الإسراف: هو إنفاق المال الكثير في الغرض الخسيس. وقيل تجاوز الحدِّ في النفقة، وقيل: أن يأكل الرجل ما لا يحلُّ له، أو يأكل مما يحل له فوق الاعتدال، ومقدار الحاجة. وقيل: الإسراف تجاوز في الكمية، فهو جهل بمقادير الحقوق) . معنى التبذير لغةً: ! التبذير: التفريق، مصدر بذَّر تبذيرًا، وأصله إلقاء البذر وطرحه، فاستعير لكلِّ مضيع لماله، وبذر ماله: أفسده وأنفقه في السرف. وكل ما فرقته وأفسدته، فقد بذرته، والمباذر والمبذِّر: المسرف في النفقة؛ وأصل هذه المادة يدلُّ على نثر الشيء وتَفْرِيقه . معنى التبذير اصطلاحًا: قال الشافعي: (التبذير إنفاق المال في غير حقِّه) . وقيل: التبذير صرف الشيء فيما لا ينبغي . وقيل: هو تفريق المال على وجه الإسراف . |
#7
|
||||
|
||||
![]() |
#8
|
||||
|
||||
![]() أولًا: في القرآن الكريم - قال تعالى: وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا [النساء: 6]. قال ابن كثير: (ينهى تعالى عن أكل أموال اليتامى من غير حاجة ضرورية إسرافًا) . وقال الماوردي: (يعني لا تأخذوها إسرافًا على غير ما أباح الله لكم، وأصل الإسراف تجاوز الحد المباح إلى ما ليس بمباح، فربما كان في الإفراط، وربما كان في التقصير، غير أنه إذا كان في الإفراط فاللغة المستعملة فيه أن يقال أسرف إسرافًا، وإذا كان في التقصير قيل سرف يسرف) . - وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141]. قال الطبري: (السرف الذي نهى الله عنه في هذه الآية، مجاوزة القدر في العطية إلى ما يجحف برب المال) . - وقوله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف: 31]. (قال السدي: ولا تسرفوا، أي: لا تعطوا أموالكم فتقعدوا فقراء. قال الزجاج: على هذا إذا أعطى الإنسان كلَّ ماله، ولم يوصل إلى عياله شيئًا فقد أسرف) . وقال الماوردي: (فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: لا تسرفوا في التحريم، قاله السدي. والثاني: معناه لا تأكلوا حرامًا فإنَّه إسراف، قاله ابن زيد. والثالث: لا تسرفوا في أكل ما زاد على الشبع فإنَّه مضرٌّ) . وقال السعدي: (فإنَّ السرف يبغضه الله، ويضرُّ بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدَّت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما) .
- وقوله تعالى: وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء: 26-27]. قال ابن كثير: (أي: في التبذير والسفه وترك طاعة الله وارتكاب معصيته؛ ولهذا قال: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا أي: جحودًا؛ لأنَّه أنكر نعمة الله عليه ولم يعمل بطاعته؛ بل أقبل على معصيته ومخالفته) . وقال القاسمي: (أي: أمثالهم في كفران نعمة المال بصرفه فيما لا ينبغي. وهذا غاية المذمة؛ لأن لا شرَّ من الشيطان، أو هم إخوانهم أتباعهم في المصادقة والإطاعة، كما يطيع الصديق صديقه والتابع متبوعه، أو هم قرناؤهم في النار على سبيل الوعيد. والجملة تعليل المنهي عنه عن التبذير، ببيان أنَّه يجعل صاحبه مقرونًا معهم. وقوله: وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا من تتمة التعليل. قال أبو السعود: أي: مبالغًا في كفران نعمته تعالى؛ لأنَّ شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى إلى غير ما خلقت له من أنواع المعاصي، والإفساد في الأرض، وإضلال الناس، وحملهم على الكفر بالله، وكفران نعمه الفائضة عليهم، وصرفها إلى غير ما أمر الله تعالى به. وتخصيص هذا الوصف بالذكر، من بين سائر أوصافه القبيحة؛ للإيذان بأنَّ التبذير، الذي هو عبارة عن صرف نعم الله تعالى إلى غير مصرفها، من باب الكفران، المقابل للشكر الذي هو عبارة عن صرفها إلى ما خلقت هي له. والتعرض لوصف الربوبية؛ للإشعار بكامل عتوِّه . فإنَّ كفران نعمة الرب، مع كون الربوبية من أقوى الدواعي إلى شكرها، غاية الكفران ونهاية الضلال والطغيان) . - وقوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67]. قال ابن كثير: (أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم، فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليهم، فيقصرون في حقِّهم فلا يكفونهم، بل عدلًا خيارًا، وخير الأمور أوسطها، لا هذا ولا هذا، وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ، كما قال: وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا [الإسراء: 29]) . |
#9
|
||||
|
||||
![]() ثانيًا: في السنة النبوية - عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا ما لم يخالطه إسراف، أو مخيلة)) . قال ابن حجر: (ووجه الحصر في الإسراف والمخيلة أن الممنوع من تناوله أكلًا ولبسًا وغيرهما، إما لمعنى فيه، وهو مجاوزة الحدِّ، وهو الإسراف؛ وإما للتعبد كالحرير إن لم تثبت علة النهي عنه، وهو الراجح، ومجاوزة الحد تتناول مخالفة ما ورد به الشرع فيدخل الحرام، وقد يستلزم الإسرافالكبر وهو المخيلة، قال الموفق عبد اللطيف البغدادي: هذا الحديث جامع لفضائل تدبير الإنسان نفسه، وفيه تدبير مصالح النفس والجسد في الدنيا والآخرة؛ فإنَّ السرف في كلِّ شيء يضرُّ بالجسد، ويضرُّ بالمعيشة؛ فيؤدِّي إلى الإتلاف، ويضرُّ بالنفس إذ كانت تابعة للجسد في أكثر الأحوال، والمخيلة تضرُّ بالنفس حيث تكسبها العجب، وتضرُّ بالآخرة حيث تكسب الإثم، وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس) .
- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: ((أتى رجل من بني تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إني ذو مال كثير، وذو أهل وولد، وحاضرة، فأخبرني كيف أنفق؟ وكيف أصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تخرج الزكاة من مالك؛ فإنها طهرة تطهِّرك، وتصل أقرباءك، وتعرف حقَّ السائل، والجار، والمسكين. فقال: يا رسول الله، أقلل لي. قال: فآت ذا القربى حقَّه، والمسكين، وابن السبيل، ولا تبذِّر تبذيرًا. فقال: حسبي يا رسول الله، إذا أدَّيت الزكاة إلى رسولك، فقد برئت منها إلى الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، إذا أديتها إلى رسولي، فقد برئت منها، فلك أجرها، وإثمها على من بدَّلها)) . - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرَّقوا، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال)) . قال العيني: (قوله: وإضاعة المال هو صرفه في غير ما ينبغي) . وذكر القاري عن الطِّيبي قوله: (قيل: والتقسيم الحاصر فيه الحاوي بجميع أقسامه أن تقول: إنَّ الذي يصرف إليه المال، إما أن يكون واجبًا، كالنفقة والزكاة ونحوهما، فهذا لا ضياع فيه، وهكذا إن كان مندوبًا إليه، وإما أن يكون مباحًا، ولا إشكال إلا في هذا القسم، إذ كثير من الأمور يعدُّه بعض الناس من المباحات، وعند التحقيق ليس كذلك، كتشييد الأبنية وتزيينها، والإسراف في النفقة، والتوسع في لبس الثياب الناعمة والأطعمة الشهية اللذيذة، وأنت تعلم أنَّ قساوة القلب وغلظ الطبع يتولَّد من لبس الرقاق، وأكل الرقاق، وسائر أنواع الارتفاق، ويدخل فيه تمويه الأواني والسقوف بالذهب والفضة، وسوء القيام على ما يملكه من الرقيق والدواب، حتى تضيع وتهلك، وقسمة ما لا ينتفع الشريك به كاللؤلؤة والسيف يكسران، وكذا احتمال الغبن الفاحش في البياعات، وإيتاء المال صاحبه وهو سفيه حقيق بالحجر، وهذا الحديث أصل في معرفة حسن الخلق الذي هو منبع الأخلاق الحميدة، والخلال الجميلة) . - وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء، ولي يتيم، قال: ((كلْ من مال يتيمك غير مسرف، ولا مباذر، ولا متأثِّل .)) . (قال النخعي: لا يلبس الكتان ولا الحلل، ولكن ما يستر العورة، ويأكل ما يسدُّ الجوعة) . |
#10
|
||||
|
||||
![]() أقوال السلف والعلماء في الإسراف والتبذير - قال عمر رضي الله عنه: (كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما اشتهى) .
- وقال ابن عباس رضي الله عنهما: قال: (كلْ ما شئت، والبس ما شئت، ما أخطأتك خلَّتان: سرف أو مخيلة) . - وعن عثمان بن الأسود قال: (كنت أطوف مع مجاهد بالبيت فقال: لو أنفق عشرة آلاف درهم في طاعة الله ما كان مسرفًا، ولو أنفق درهمًا واحدًا في معصية الله، كان من المسرفين) . - وقال مالك: (التبذير هو أخذ المال من حقِّه، ووضعه في غير حقِّه، وهو الإسراف) . - وقال الشافعي: (التبذير إنفاق المال في غير حقِّه، ولا تبذير في عمل الخير) . - وقال إياس بن معاوية: (الإسراف ما قصر به عن حق الله) . - وقال القرطبي: (وهو حرام – أي التبذير- لقوله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء: 27]، وقوله: إِخْوَانَيعني أنهم في حكمهم، إذ المبذِّر ساع في إفساد كالشياطين، أو أنهم يفعلون ما تسول لهم أنفسهم، أو أنهم يقرنون بهم غدًا في النار) . - وقال ابن عاشور: (قيل في الكلام الذي يصحُّ طردًا وعكسًا: لا خير في السرف، ولا سرف في الخير) . |
#11
|
||||
|
||||
![]() آثار الإسراف والتبذير 1- عدم محبة الله للمسرفين والمبذرين: قال تعالى: إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام: 141]. قال ابن عاشور: (فبيَّن أنَّ الإسراف من الأعمال التي لا يحبُّها، فهو من الأخلاق التي يلزم الانتهاء عنها، ونفي المحبة مختلف المراتب، فيعلم أنَّ نفي المحبة يشتدُّ بمقدار قوة الإسراف، وهذا حكم مجمل، وهو ظاهر في التحريم) . 2- يفضي إلى طلب المال بالكسب الحرام: لأنَّ المسرف ربما ضاقت به المعيشة، نتيجة لإسرافه؛ فيلجأ إلى الكسب الحرام، قال ابن عاشور: (فوجه عدم محبة الله إياهم أنَّ الإفراط في تناول اللذات والطيبات، والإكثار من بذل المال في تحصيلها، يفضي غالبًا إلى استنزاف الأموال، والشَّره إلى الاستكثار منها، فإذا ضاقت على المسرف أمواله؛ تطلَّب تحصيل المال من وجوه فاسدة، ليخمد بذلك نهمته إلى اللذات، فيكون ذلك دأبه، فربما ضاق عليه ماله، فشقَّ عليه الإقلاع عن معتاده، فعاش في كرب وضيق، وربما تَطَلَّب المال من وجوه غير مشروعة، فوقع فيما يؤاخذ عليه في الدنيا أو في الآخرة، ثم إنَّ ذلك قد يعقب عياله خصاصة، وضنك معيشة، وينشأ عن ذلك ملام، وتوبيخ، وخصومات تفضي إلى ما لا يحمد في اختلال نظام العائلة) . 3- الإسراف في الأكل يضرُّ بالبدن: قال علي بن الحسين بن واقد: (جمع الله الطبَّ كلَّه في نصف آية فقال: وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ [الأعراف: 31]) . وقال ابن عاشور: (ولا تسرفوا في الأكل بكثرة أكل اللحوم والدسم؛ لأنَّ ذلك يعود بأضرار على البدن، وتنشأ منه أمراض معضلة. وقد قيل: إنَّ هذه الآية جمعت أصول حفظ الصحة من جانب الغذاء، فالنهي عن السرف نهي إرشاد لا نهي تحريم) . وقال محمد رشيد رضا: (فمن جعل شهوة بطنه أكبر همه فهو من المسرفين، ومن بالغ في الشبع وعرض معدته وأمعاءه للتخم؛ فهو من المسرفين، ومن أنفق في ذلك أكثر من طاقته، وعرض نفسه لذلِّ الدين، أو أكل أموال الناس بالباطل؛ فهو من المسرفين، وما كان المسرف من المتقين) . 4- المسرف والمبذر يشاركه الشيطان في حياته: إنَّ الذي يسرف ويبذر معرض لمشاركة الشيطان في مسكنه، ومطعمه، ومشربه، وفراشه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان)) . 5- الإسراف والتبذير من صفات إخوان الشياطين: قال تعالى: وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا [الإسراء: 26-27]. قال السعدي: (لأنَّ الشيطان لا يدعو إلا إلى كلِّ خصلة ذميمة، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير. والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويمدح عليه، كما في قوله عن عباد الرحمن الأبراروَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوالَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [الفرقان: 67]) . 6- الإسراف يجرُّ إلى مذمَّات كثيرة: قال ابن عاشور: (والإسراف إذا اعتاده المرء حمله على التوسع في تحصيل المرغوبات، فيرتكب لذلك مذمَّات كثيرة، وينتقل من ملذَّة إلى ملذَّة فلا يقف عند حدٍّ. وقيل عطف على وَآتُواْ حَقَّهُ أي: ولا تسرفوا فيما بقي بعد إتيان حقِّه، فتنفقوا أكثر مما يجب، وهذا لا يكون إلا في الإنفاق والأكل ونحوه) . 7- التعرض للمساءلة والحساب عن مصارف ماله: وعن أبي برزة الأسلمي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه)) . (أي: من موقفه للحساب حتى يسأل عن عمره فيما أفناه أفي طاعة أم معصية، وعن عمله فيم عمله لوجه الله تعالى خالصًا أو رياء وسمعة. وعن ماله من أين اكتسبه، أمن حلال أو حرام؟! وفيما أنفقه أفي البرِّ والمعروف أو الإسراف والتبذير؟! وعن جسمه فيما أبلاه أفي طاعة الله أو معاصيه؟!) .
8- الإسراف والتبذير فيه تضييع للمال. وهذا مشاهَدٌ محسوس. 9- الإسراف والتبذير عاقبته وخيمة: قال ابن الجوزي: (العاقل يدبر بعقله عيشته في الدنيا، فإن كان فقيرًا؛ اجتهد في كسبٍ وصناعةٍ تكفُّه عن الذُّل للخلق، وقلل العلائق، واستعمل القناعة، فعاش سليمًا من منن الناس عزيزًا بينهم. وإن كان غنيًّا، فينبغي له أن يدبر في نفقته، خوف أن يفتقر، فيحتاج إلى الذُّل للخلق، ومن البلية أن يبذر في النفقة، ويباهي بها ليكمد الأعداء، كأنه يتعرض بذلك -إن أكثر- لإصابته بالعين...وينبغي التوسط في الأحوال، وكتمان ما يصلح كتمانه، وإنما التدبير حفظ المال، والتوسط في الإنفاق، وكتمان ما لا يصلح إظهاره) . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|