|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() فوائد النُّصْرَة 1- تقديس الله للأمَّة، أي: تطهيرها من دنس الذُّنوب، كما ورد في الحديث النَّبَوي الشَّريف. 2- في النصرة إقامة الشرع بإظهار العدل. قال ابن الجوزي: (وأما نَصْر المظْلوم فلمعنيين، أحدهما: إقامة الشَّرع بإظهار العدل، والثَّاني: نَصْر الأخ المسلم، أو الدَّفع عن الكِتَابِي وفاءً بالذِّمَّة) . 3- أنَّ الله عزَّ وجلَّ يقيم وينصر ويمكِّن الدَّولة التي يُنْصَر فيها المظْلوم، ويأخذ فيها حقَّه، قال ابن تيمية: (إنَّ الله يقيم الدَّولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدَّولة الظَّالمة، وإن كانت مسلمة) . 4- نجاة الأمَّة من العقاب، فإن لم تَنْصر الأمَّةُ المظْلوم، وتأخذ على يد الظَّالم، وتمنعه من الظُّلم، فسَيَعُمُّ العقابُ الجميع، قال تعالى: وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال: 25]. 5- أنَّ الذي يَنْصُر المظْلوم يَنْصُره الله، والجزاء من *** العمل، فالله سبحانه وتعالى يُسخر له من يقف إلى جانبه وينصره في الدُّنْيا، ويتولَّاه الله في الآخرة، كما في الحديث الذي سبق: ((من نَصَر أخاه بظَهْر الغيب، نَصَره الله في الدُّنْيا والآخرة)). 6- نجاة الأمة من الفتنة والفساد، قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُواْ أُوْلَـئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُم مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُواْ وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ [الأنفال: 72-73]. قال الطبري: (فبيِّنٌ أنَّ أولى التأويلين بقوله: إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ، تأويلُ من قال: إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التعاون والنصرة على الدين، تكن فتنة في الأرض) .
|
#2
|
||||
|
||||
![]() حكم نُصْرَة المظْلوم
قال ابن بطَّال: (وأمَّا نَصْر المظْلوم، ففرضٌ على من يقدر عليه، ويُطَاع أمره) . وقال: (نَصْر المظْلوم فرض واجب على المؤمنين على الكِفَاية، فمن قام به، سقط عن الباقين، ويتعيَّن فرض ذلك على السُّلطان، ثمَّ على كلِّ من له قُدْرة على نُصْرته، إذا لم يكن هناك من ينصره غيره، من سلطان وشبهه) . وقال النَّووي: (وأمَّا نَصْر المظْلوم، فمن فروض الكِفَاية، وهو من جُمْلة الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وإنَّما يتوجَّه الأمر به لمن قَدِر عليه، ولم يخَفْ ضررًا) . وقال الحافظ ابن حجر: (هو فرض كِفَاية، وهو عامٌّ في المظْلومين، وكذلك في النَّاصرين، بناء على أنَّ فرض الكِفَاية مُخَاطب به الجميع، وهو الرَّاجح، ويتعيَّن -أحيانًا- على من له القُدْرة عليه وحده، إذا لم يترتَّب على إنكاره مَفْسدةٌ أشدُّ من مفسدة المنكَر، فلو علم أو غَلَب على ظنِّه أنَّه لا يفيد، سَقَط الوجوب، وبَقِي أصل الاستحباب بالشَّرط المذكور، فلو تساوت المفسدتان تَخَيَّر، وشَرْط النَّاصر أن يكون عالـمًا بكون الفعل ظُلمًا) . |
#3
|
||||
|
||||
![]() صور النُّصْرَة 1- النُّصْرَة قبل وقوع الظُّلم:
نُصْرة المظْلوم قد تكون أثناء وقوع الظُّلم عليه، أو قبل ذلك أو بعده، قال الحافظ ابن حجر: (ويقع النَّصْر مع وقوع الظُّلم، وهو حينئذ حقيقة، وقد يقع قبل وقوعه، كمن أنقذ إنسانًا من يد إنسان طالبه بمال ظُلمًا، وهدَّده إنْ لم يبذله، وقد يقع بَعْدُ، وهو كثير) . 2- النُّصْرَة بالنُّصح للظَّالم: إذا رأى المسلم حقًّا مهضومًا، وظُلمًا بيِّنًا، عليه أن يقوم بنصح الظَّالم وتذكيره بالله، يقول ابن عثيمين: (إذا رأيت شخصًا يظلم جاره بالإساءة إليه، وعدم المبالاة به، فإنَّه يجب عليك أن تَنْصُر هذا وهذا -الظَّالم والمظْلوم-: فتذهب إلى الظَّالم الجار، الذي أخلَّ بحقوق جاره، وتنصحه، وتبيِّن له ما في إساءة الجِوَار من الإثم والعقوبة، وما في حُسْن الجِوَار من الأجر والمثوبة، وتُكرِّر عليه، حتى يهديه الله فيرْتَدع، وتنصر المظْلوم الجار، وتقول له: أنا سوف أنصح جارك، وسوف أكلِّمه، فإن هداه الله، فهذا هو المطلوب، وإن لم يهتد فأخبرني، حتى نكون أنا وأنت عند القاضي أو الحاكم سواء، نتعاون على دفع ظلم هذا الظَّالم. وكذلك إذا وجدت شخصًا جحد لأخيه حقًّا، تدري أنَّه جحده، أنَّ أخيه عليه هذا الحقُّ، فتذهب إلى هذا الظَّالم الذي جحد حقَّ أخيه، وتنصحه، وتبيِّن له ما في أكل المال بالباطل من العقوبة، وأنَّه لا خير في أكل المال بالباطل، لا في الدُّنْيا ولا في الآخرة، بل هو شَرٌّ، حتى يؤدي ما عليه) . 3- النُّصْرَة بالشَّفاعة للمظْلوم: ومن صُوَره: الشَّفاعة للمظْلوم، حتى يأخذ حقَّه، كما قال الله عزَّ وجلَّ: مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتًا [النِّساء: 85]. قال الحافظ ابن كثير: (وقوله: مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُن لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا أي: من سعى في أمر، فترتَّب عليه خير، كان له نصيب من ذلك، وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا أي: يكون عليه وِزْرٌ من ذلك الأمر، الذي ترتَّب على سعيه ونيَّته) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه السائل أو طلبت إليه حاجة قال: ((اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء)) . (أي: إذا عرض المحتاج حاجته علي، فاشفعوا له إلي، فإنكم إن شفعتم حصل لكم الأجر، سواء قبلت شفاعتكم أم لا، ويجري الله على لسان نبيه ما شاء، أي: من موجبات قضاء الحاجة أو عدمها، أي: إن قضيتها أو لم أقضها فهو بتقدير الله تعالى وقضائه) ![]() 4- النُّصْرَة بدفع أذى السُّلطان عن المظلوم: فالمسلم ينصر أخاه المظْلوم بدفع أذى السُّلطان عنه، سواءً كان بمُنَاصَحتهم، أو بقول كلمة الحقِّ عندهم، وقد تبرَّأ صلى الله عليه وسلم ممَّن يعين الظَّالم على ظُلْمه، فقال: ((إنَّه ستكون بعدي أمراء، مَنْ صدَّقهم بكَذِبهم، وأعانهم على ظُلْمهم، فليس منِّي، ولست منه، وليس بوارد عليَّ الحوض، ومن لم يصدِّقهم بكَذِبهم، ولم يعنهم على ظُلْمهم، فهو منِّي وأنا منه، وهو وارد عليَّ الحوض)) . واستحسن عمرو بن العاص صفاتٍ يتَّصف بها الرُّوم، فقال: (إنَّ فيهم لخصالًا أربعًا: إنَّهم لأحلم النَّاس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرَّة بعد فرَّة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة حسنة جميلة: وأمنعهم من ظُلْم الملوك) . 5- النُّصْرَة في الجهاد: النُّصْرَة بالجهاد من الصُّور العظيمة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته في المواسم بمنى، ويقول: ((مَنْ يؤويني؟ مَنْ ينصرني؟)) . وحين بُويع بيعة العقبة، اشترط النُّصْرَة، فقال: ((... وأسألكم لنفسي ولأصحابي: أن تُؤْوونا وتنصرونا، وتمنعونا ممَّا منعتم منه أنفسكم)) . 6- نصرة الظالم بمنعه من الظلم: عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انصر أخاك ظالـمًا أو مظلومًا. فقال رجل: يا رسول الله، أنصره إذا كان مظلومًا، أفرأيت إذا كان ظالـمًا كيف أنصره؟ قال: تحجزه، أو تمنعه، من الظلم، فإنَّ ذلك نصره)) . قال ابن بطال: (النصرة عند العرب: الإعانة والتأييد، وقد فسره رسول الله أنَّ نصر الظالم منعه من الظلم؛ لأنَّه إذا تركته على ظلمه، ولم تكفَّه عنه، أدَّاه ذلك إلى أن يُقتصَّ منه؛ فمنعك له مما يوجب عليه القصاص نصره، وهذا يدلُّ من باب الحكم للشيء، وتسميته بما يؤول إليه) . |
#4
|
||||
|
||||
![]() الوسائل المعينة على اكتساب صفة النُّصْرَة 1- أن تعلم أنَّ نُصْرة المظْلوم طاعة لله ورسوله.
2- أن تستشعر الأخوة الإيمانية، قال البيهقي: (وإنَّما أُمِر كلُّ واحد بنصرة أخيه المسلم، إذا رآه يُظْلم، وقَدِر على نَصْره؛ لأنَّ الإسلام إذا جمعهما صارا كالبدن الواحد، كما أنَّ أُخوَّة النَّسب لو جمعتهما، كانا كالبدن الواحد، والدِّين أقوى من القرابة، وأولى بالمحافظة عليه منها، وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات: 10]) . 3- أن تستحضر عظمة الله وقدرته ومعيَّته لك، فيهون عليك أمر الظَّالم ولا تخشاه، كما قال النَّبيَّان الكريمان موسى وهارون لربِّهما في شأن فرعون: قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى [طه: 45-47]. |
#5
|
||||
|
||||
![]() نماذج من الأنبياء والمرسلين عليهم السلام
موسى عليه السَّلام: قصَّ الله تعالى علينا قصَّة الرَّجل الذي طلب من موسى النُّصْرَة، فهب موسى لنصرته وإغاثته، قال الله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ [القصص: 14-15]. عن سعيد بن جبير قال: (سألت عبد الله بن عبَّاس عن قول الله عزَّ وجلَّ لموسى عليه السَّلام وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا [طه: 40] فسألته عن الفُتُون، ماهو؟ فقال... فلمَّا بلغ أشدَّه، وكان من الرِّجال، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظُلم ولا سُخْرة، امتنعوا كلَّ الامْتِنَاع) . |
#6
|
||||
|
||||
![]() نماذج من نصرة النَّبي صلى الله عليه وسلم للمظْلوم - كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يحمل الكَلَّ ويعين على نوائب الحقِّ، وينتصر للمظْلوم، وقد شَهِد حِلْفًا في الجاهليَّة من أجل نُصْرَة المظْلوم، وقد قال صلى الله عليه وسلم في ذلك: ((شَهِدت حلف المطَيَّبين مع عُمُومَتي وأنا غلام؛ فما أحبُّ أنَّ لي حُمْر النَّعم وأنِّي أنكُثه)) . وعن محمَّد بن إسحاق، قال: (تداعت قبائل من قريش إلى حِلْف، فاجتمعوا له في دار عبد الله بن جدعان ابن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرَّة بن كعب بن لؤي، لشَرَفه وسنِّه، فكان حِلْفهم عنده: بنو هاشم، وبنو المطَّلب، وأسد بن عبد العزَّى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرَّة. فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكَّة مَظْلومًا من أهلها وغيرهم -ممَّن دخلها من سائر النَّاس- إلا قاموا معه، وكانوا على مَن ظَلَمه حتى تُرَدَّ عليه مَظْلمته، فسمَّت قريشٌ ذلك الحِلْف: حِلْف الفُضُول) .
- قال ابن إسحاق: حدَّثني عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان الثَّقفي، وكان واعية، قال: قدم رجل من إرَاشَ -قال ابن هشام: ويقال: إرَاشَة- بإبل له مكَّة، فابتاعها منه أبو جهل، فمَطَلَه بأثمانها. فأقبل الإرَاشِيُّ حتى وقف على نادٍ من قريش، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ناحية المسجد جالس، فقال: يا معشر قريش، مَنْ رجل يؤدِّيني على أبي الحكم بن هشام، فإنِّي رجل غريب، ابن سبيل، وقد غَلَبَني على حَقِّي؟ قال: فقال له أهل ذلك المجلس: أترى ذلك الرَّجل الجالس -لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يهزؤون به؛ لما يعلمون بينه وبين أبي جهل من العداوة- اذهب إليه فإنَّه يؤدِّيك عليه. فأقبل الإرَاشِيُّ حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا عبد الله، إنَّ أبا الحكم بن هشام قد غَلَبَني على حقٍّ لي قِبَلَه، وأنا رجل غريب، ابن سبيل، وقد سألت هؤلاء القوم عن رجل يؤدِّيني عليه، يأخذ لي حَقِّي منه، فأشاروا لي إليك، فَخُذ لي حَقِّي منه، يرحمك الله. قال: انطلق إليه. وقام معه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلمَّا رأوه قام معه، قالوا لرجل ممَّن معهم: اتبعه، فانظر ماذا يصنع. قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءه، فضرب عليه بابه، فقال: من هذا؟ قال: محمَّد، فاخرج إليَّ. فخرج إليه، وما في وجهه من رائحة، قد انتقع لونه، فقال: أعط هذا الرَّجل حقَّه. قال: نعم، لا تبرح حتى أعطيه الذي له. قال: فدخل، فخرج إليه بحقِّه، فدفعه إليه. قال: ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال للإرَاشِي: الْحَقْ بشأنك. فأقبل الإرَاشِي حتى وقف على ذلك المجلس، فقال: جزاه الله خيرًا، فقد والله أخذ لي حَقِّي. قال: وجاء الرَّجل الذي بعثوا معه، فقالوا: ويحك! ماذا رأيت؟ قال: عجبًا من العجب، والله ما هو إلا أن ضرب عليه بابه، فخرج إليه وما معه روحه، فقال له: أعط هذا حقَّه، فقال: نعم، لا تبرح حتى أُخْرِج إليه حقَّه، فدخل فخرج إليه بحقِّه، فأعطاه إياه. قال: ثمَّ لم يلبث أبو جهل أن جاء، فقالوا له: ويلك! ما لك؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط! قال: ويحكم، والله ما هو إلَّا أن ضرب عليَّ بابي، وسمعت صوته، فملئت رعبًا، ثم خرجت إليه، وإنَّ فوق رأسه لفحلًا من الإبل، ما رأيت مثل هَامَتِه، ولا قَصَرَتِه، ولا أنيابه لِفَحلٍ قطُّ، والله لو أَبَيْت لأكلني . - وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: ((كنت أضرب غلامًا لي بالسُّوط، فسمعت صوتًا من خلفي: اعلم أبا مسعود. فلم أفهم الصَّوت من الغضب، قال: فلمَّا دنا منِّي إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يقول: اعلم، أبا مسعود، اعلم، أبا مسعود. قال: فألقيت السَّوط من يدي، فقال: اعلم، أبا مسعود، أنَّ الله أقدر عليك منك على هذا الغلام. قال: فقلت: لا أضرب مملوكًا بعده أبدًا. وفي رواية: فقلت: يا رسول الله، هو حرٌّ لوجه الله، فقال: أما لو لم تفعل لَلَفَحتك النَّار، أو لمسَّتك النَّار)) . |
#7
|
||||
|
||||
![]() نماذج في نصرة المظلوم من حياة السَّلف أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: - عن عروة بن الزُّبير قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشدِّ ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: بَيْنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي مُعَيط، فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه، فخنقه به خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكر، فأخذ بمنكبه، ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ [غافر: 28] . الخليفة الرَّاشد عمر بن عبد العزيز: - دخل عمر بن عبد العزيز على سليمان بن عبد الملك وعنده أيوب ابنه - وهو يومئذ وليُّ عهده، قد عُقِد له من بعده -، فجاء إنسان يطلب ميراثًا من بعض نساء الخلفاء، فقال سليمان: ما إخال النِّساء يرثن في العقار شيئًا. فقال عمر بن عبد العزيز: سبحان الله، وأين كتاب الله؟ فقال: يا غلام، اذهب فأْتني بسجلِّ عبد الملك بن مروان الذي كتب في ذلك، فقال له عمر: لكأنَّك أرسلت إلى المصحف؟ قال أيوب: والله ليوشكنَّ الرَّجل يتكلَّم بمثل هذا عند أمير المؤمنين، ثمَّ لا يشعر حتى تفارقه رأسه، فقال له عمر: إذا أفضى الأمر إليك وإلى مثلك، فما يدخل على هؤلاء أشدُّ مما خشيت أن يصيبهم من هذا، فقال سليمان: مه، ألأبي حفص تقول هذا؟ قال عمر: والله لئن كان جَهِل علينا -يا أمير المؤمنين- ما حَلُمنا عنه . - وجاء إليه رجل متَّزر بِبُرْد قَطَري، متعصِّب بآخر، حتى أخذ بلجام بغلته، ما يُنَهْنِهه أحدٌ، فقال: تدعون حرَّان مَظْلومًا ليأتيكم***فقد أتاكم لعند الدَّار مظْلوم فقال ممن أنت؟ قال: من أهل حضرموت. قال: ما ظُلَامتك؟ قال: أرضي وأرض آبائي أخذها الوليد وسليمان، فأكلاها. فنزل عمر عن دابَّته يتكئ حتى جلس بالأرض، فقال: من يعلم ذلك؟ قال: أهل البلد قاطبة. قال: يكفيني من ذلك شاهدا عدلٍ، اكتبوا له إلى بلاده، إن أقام شاهدي عدلٍ، اكتبوا على أرضه وأرض آبائه وأجداده، فادفعوها إليه. فحسب الوليد وسليمان ما أكلا من غلَّتها، فلمَّا ولَّى الرَّجل، قال: هلمَّ، هل هلكت لك من راحلة؟ أو أَخْلق لك من ثوب؟ أو نفذ لك من زاد؟ أو تخرَّق لك من حِذاء؟ فحَسَب ذلك، فبلغ اثنين وثلاثين دينارًا، أو ثلاثة وثلاثين دينارًا، فأتى بها من بيت المال، فكأنِّي أنظر إليها تُعدُّ في يده .
عامر بن عبد الله، المعروف بابن عبد قيس: - مرَّ عامر بن عبد الله برجل من أعوان السُّلطان، وهو يَجُرُّ ذمِّيًّا، والذِّمِّيُّ يستغيث به، قال: فأقبل على الذِّمِّيِّ، فقال: أدَّيت جزيتك؟ قال: نعم. فأقبل عليه، فقال: ما تريد منه؟ قال: أذهب به يَكْسَح دار الأمير، قال: فأقبل على الذِّمِّيِّ، فقال: تطيب نفسك له بهذا؟ قال: يشغلني عن ضَيْعَتي. قال: دعه. قال: لا أدعه. قال: دعه. قال: لا أدعه. قال: فوضع كساءه، ثمَّ قال: لا تُخْفَر ذمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم وأنا حيٌّ. قال: ثمَّ خَلَّصه منه . |
العلامات المرجعية |
الكلمات الدلالية (Tags) |
موسوعة, الاخلاق, الاسلامية, الشاملة |
|
|