اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-04-2013, 03:11 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي تداعيات الاندماج بين "جبهة النصرة" السورية و"القاعدة" بالعراق

تداعيات الاندماج بين "جبهة النصرة" السورية و"القاعدة" بالعراق


علي بكر
باحث متخصص في شئون الجماعات الإسلامية

يشير إعلان زعيم "دولة العراق الإسلامية" أبو بكر البغدادي عن اندماج "جبهة النصرة" التي تقاتل في سوريا ضد نظام الرئيس بشار الأسد مع تنظيم "القاعدة في العراق" تحت اسم جديد هو "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام"؛ إلى بداية تشكل خريطة جديدة للتيارات الجهادية داخل سوريا ودول الجوار، خصوصًا العراق. ويكتسب هذا التطور أهمية وزخمًا خاصًّا، لا سيما وأنه تزامن مع تجديد "جبهة النصرة" البيعة لزعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، الذي دعا المجموعات الجهادية في سوريا إلى التوحد والتنسيق فيما بينها.

ولا شك أن الاندماج بين فرعي القاعدة في العراق وسوريا, إضافة إلى مبايعة "جبهة النصرة" في سوريا لأيمن الظواهري زعيم التنظيم الرئيسي، سوف ينتج تداعيات هامة، سواء على صعيد الأزمة في سوريا أو على مستوى حالة الاستقرار داخل دول المنطقة، كما أنه سيفرض تغييرات رئيسية على خريطة التيارت الجهادية المنتشرة في الإقليم، وهو ما يمكن توضيحه على النحو التالي:

سوريا: نقطة جذب

يبدو أن سوريا سوف تتحول، في ضوء هذه التطورات، إلى "نقطة جذب" لعناصر التيارات الجهادية، خصوصًا في ظل تزايد احتمالات إقدام الفصائل الجهادية الموجودة في سوريا في الوقت الحالي على تأسيس قواعد جهادية خاصة بها، على غرار ما حدث في أفغانستان, وهو ما يمكن أن يفرض تداعيات سلبية عديدة، لا سيما وأن هذه القواعد لن يمكن السيطرة عليها مع مرور الوقت، فضلا عن أن التيارات الجهادية لن تتخلَّ عنها بسهولة.

كما أن التدفق المستمر للجهاديين إلى سوريا سوف يجعل المواجهات العسكرية بين القوات النظامية والمعارضة تأخد طابعًا دينيًّا وطائفيًّا أكثر مما هي عليه الآن، خاصة أن كثيرًا من العناصر الجهادية التي سوف تنتقل إلى سوريا لن تحارب، حسب اتجاهات عديدة، من أجل دعم المطالب الديمقراطية للشعب السوري، وإنما بهدف "الجهاد" ضد العلويين وحلفائهم، في إشارة إلى إيران و"حزب الله" اللبناني.

اضطرابات إقليمية

وبدون شك، فإن الصراع السياسي والعسكري في سوريا، الذي تجاوز عامه الثاني، سوف ينعكس، بشكل أو بآخر، على دول المنطقة، لا سيما أن العناصر الجهادية تتدفق إلى سوريا عبر الحدود "الرخوة" مع دول الجوار التي يبدو أنها سوف تتأثر سلبيًّا، في ظل حرص هذه التيارات على الاحتفاظ بوجود لها في الدول التي تمر بها، تنشر فكرها من خلاله وربما تمارس الجهاد عبره. فقد بدأت تركيا، التي تعتبر إحدى أهم نقاط العبور المتاحة أمام الجهاديين لدخول سوريا، تعاني من الوجود القاعدي على أراضيها، خصوصًا بعد تكرار محاولات تنفيذ عمليات إرهابية، حيث أعلنت السلطات التركية مؤخرًا عن القبض على أربعة أشخاص من عناصر تنظيم "القاعدة" قالت إنهم تلقوا تدريبات عسكرية في معسكر بباكستان, وإنهم كانوا يخططون لاستهداف الأماكن المزدحمة في إسطنبول.

وتأتي لبنان في مقدمة الدول التي يمكن أن تتأثر بتداعيات الصراع الدائر في سوريا، لا سيما مع اتجاه الجهاديين في لبنان إلى مساندة قوى المعارضة السورية، وخاصة بعد توافر مؤشرات عن مشاركة عناصر من "حزب الله" في المواجهات العسكرية إلى جانب القوات النظامية السورية، على نحو سوف يزيد من حدة التوتر الطائفي في لبنان، وهو ما يعكسه إعلان إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير، عن تشكيل "كتائب المقاومة الحرة" انطلاقًا من صيدا، حيث أكد على وجوب "الجهاد في سوريا، من قبل كل مستطيع، لا سيما من أهل لبنان"، ودعا "كل من يرى أنه مهدد من حزب الله الشيعي إلى تشكيل خلايا من 5 أشخاص لكل سرية, ليكون جاهزًا للدفاع عن نفسه".

وبالطبع، فإن التوسع القاعدي في منطقة الشام والعراق، سوف ينعكس على دول مجلس التعاون الخليجي، في ظل مشاركة عدد غير قليل من الشباب الخليجيين في المواجهات داخل سوريا، إلا أن الخطورة الأكبر تكمن في التداعيات السلبية المحتملة التي يمكن أن تفرضها عودة هذه العناصر إلى دولها بأفكار ومعتقدات جديدة تقوم على ال*** والتكفير اكتسبتها أثناء المشاركة في القتال، وهو ما يزيد من احتمالات تكرار نموذج "العائدين من أفغانستان" من جديد.

توسع جهادي

ربما يؤدي الاندماج بين فرعي القاعدة في العراق وسوريا إلى حدوث تغييرات رئيسية في خريطة التيارات الجهادية المنتشرة في الإقليم، لا سيما وأن هذا التطور الجديد سوف يدفع العديد من التيارات الجهادية إلى محاولة التواصل بشكل قوي مع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، لأن التعاون مع تيار جهادي قريب من زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، سوف يضفي، على الأرجح، مكانةً خاصة لهذه التيارات، كما أن ذلك سوف يكسب عناصرها الخبرة والمساعدات اللازمة وقت الأزمات، على غرار ما حدث من قبل عندما سارعت العديد من التيارات الجهادية للالتحاق بـ"الجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبيين".

وربما يضاعف ذلك من احتمالات إقدام هذه التيارات الجهادية على محاولة تنفيذ عمليات نوعية في بلادها، حتى تثبت للتيارات الأخرى أنها أهل للتحالف مع تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام". فضلا عن أن ثمة تيارات جهادية سوف تحاول تكرار التجربة من خلال الاندماج مع نظيراتها، سواء داخل الدولة نفسها أو في دول الجوار، حتى تتمكن من تحقيق أهداف أكبر، واكتساب أرضية جديدة.

هذه الاعتبارات في مجملها تشير إلى أن الاندماج بين القاعدة في سوريا ونظيرتها في العراق، سوف يفرض تداعيات خطيرة على حالة الاستقرار في الإقليم، لا سيما وأنه سيثبت أن "الموجة الجهادية" التي انطلقت عقب اندلاع الربيع العربي تتسع وتزداد قوتها يومًا بعد يوم، دون ظهور مؤشرات تدعم من احتمالات انحسارها في المستقبل القريب.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 29-04-2013, 08:21 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

فرص حل الصراع السوري بعد مبايعة جبهة النصرة لـ"القاعدة"


وحدة العلاقات الإقليمية
المركز الأقليمى للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة

ربما يفرض قرار "جبهة النصرة" بمبايعة تنظيم "القاعدة" واقعًا جديدًا على الصراع في سوريا، فمن ناحية، يمثل هذا الإعلان مسوغًا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد لمحاولة نزع الشرعية عن المعارضة السورية المسلحة، ومبررًا للقوى الغربية للتراجع عما أبدته من مرونة في الفترة السابقة إزاء تسليح المعارضة السورية. ومن ناحية ثانية، يمثل هذا الإعلان تحديًا قويًّا للمعارضة السورية، بشقيها السياسي والعسكري.

فقد اتضح أن قدرة المعارضة السياسية على التأثير محدودة، بشكل يقلص من احتمالات قيادتها أية تسوية للصراع، في حين أصبح على المعارضة المسلحة، والممثلة في الجيش السوري الحر تحديدًا، إعادة النظر في استراتيجيات عملها، على نحو يثبت استقلالية نفوذها داخل سوريا عن "جبهة النصرة"، بما يسمح لها بالحفاظ على شرعيتها، وبالتالي ضمان لعب دور ما في سوريا بعد الأسد.

"غموض" الجبهة

رغم إعراب الولايات المتحدة عن مخاوفها من تزايد نفوذ التنظيمات الموالية لـ"القاعدة" في سوريا، إلا أنه وطوال الفترة الماضية لم يتوافر دليل يؤكد تلك المخاوف، خاصة وأن معظم القوى المؤثرة في الصراع، والتي قدمت دعمًا عسكريًّا للجبهة، والمعارضة السورية بصفة عامة، تعاملت مع هذه المخاوف على أنها شبيهة باتهامات واشنطن لنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين بامتلاك أسلحة كيميائية ودعم "القاعدة".

وربما يمكن تفسير مواقف هذه الدول بحالة "الغموض" التي اتسمت بها نشأة الجبهة في سوريا، فما يتوافر من معلومات حول هذه الجبهة يفيد بأنها منظمة "سلفية جهادية" تشكلت أواخر 2011، وقد وصفت في بداية الثورة السورية بأنها "صنيعة النظام" لأنها اعتمدت العمليات الانتحارية منهجًا لها، إلا أنها كسبت تعاطف السوريين عقب معركة حلب، التي بدأت في 22 يوليو 2012، حيث أصبحت الجبهة بعدها في مقدمة الصفوف القتالية، بشكل غيّر من رؤية الجيش السوري الحر لها. وقد أشارت مؤسسة "Quilliam" المتخصصة في رصد الجماعات المتطرفة، إلى أن تنظيم "القاعدة" في العراق يمنح الجبهة حوالي 50% من تمويلها الشهري منذ نشأتها داخل سوريا، كما قدرت عدد أعضاء الجبهة بحوالي 5000 عضو، واعتبرتها الأكثر كفاءة رغم صغر حجمها.

لكن واشنطن لم تتراجع عن مخاوفها التي ترجمتها إلى خطوات فعلية، حيث صنفت "جبهة النصرة" على أنها "جماعة إرهابية" منذ ديسمبر 2012، وفرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على قادة الجبهة. ومع إعلان زعيم تنظيم "القاعدة" في العراق أبو بكر البغدادي، في 10 أبريل الحالي عن تشكيل تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، الذي يضم التنظيم و"جبهة النصرة"، بدأت الدول الغربية تتحرك من خلال مجلس الأمن، لإجراء محادثات غير رسمية، من أجل إدراج الجبهة ضمن لائحة الجماعات الإرهابية، وفرض عقوبات عليها استنادًا لقرار مجلس الأمن رقم 1267، وهو ما توازى مع تقدم سوريا بطلب لإدراج الجبهة على قائمة المنظمات الإرهابية.

لكن اللافت في هذا السياق، حالة "الضبابية" التي تكتنف حجم النفوذ الذي تتمتع به الجبهة داخل سوريا، وطبيعة علاقاتها مع الجيش السوري الحر، والمنظمات الأخرى، خاصة "جبهة تحرير سوريا الإسلامية" التي تنضوي تحت قيادة الجيش الحر، وتتألف من 20 لواءً أهمها لواء "التوحيد" ولواء "الإسلام" و"صقور الشام" و"كتائب الفاروق"، وهو ما يجعل عملية "عزلها" عن القوى "المعتدلة" التي تسعى واشنطن لدعمها، تواجه صعوبات عديدة.

أهمية الحل السياسي

يبدو أن الولايات المتحدة، وغيرها من الدول الغربية، أصبحت أكثر اقتناعًا بأن الحل السياسي للصراع في سوريا هو الأقل تكلفة، والأقل مخاطرة في الوقت ذاته، وخاصة مع عدم وضوح حجم النفوذ الذي تتمتع به "جبهة النصرة"، فضلا عن أن هذا الحل القائم على الحوار، استنادًا لاتفاق جنيف في يونيو 2012، يسمح لهذه الدول بتحديد أطراف الحوار، وتوضيح الدور الذي يمكن أن يمارسوه في مرحلة ما بعد الأسد، وربما أيضًا التوافق على عدم السماح للجبهة والموالين لها بممارسة أي دور في هذه المرحلة.

ويدعم هذا التطور تراجع الحديث عن توريد غير مشروط للأسلحة للمعارضة السورية، وهو ما انعكس في اجتماع دول مجموعة الثماني بلندن، في 11 أبريل الجاري، حيث لم تدع هذه الدول لتزويد المعارضة السورية بالأسلحة، واكتفت بالدعوة إلى تقديم مساعدة أكبر للشعب السوري على المستوى "الإنساني". ويبدو أن ذلك يعود، في جزء منه، إلى المخاوف من تحول سوريا إلى "بؤرة" للتنظيمات الإرهابية، وهو ما عبر عنه وزير الخارجية البريطاني ويليام هيج بقوله إن "سوريا يمكن تتحول إلى إحدى نقاط الجذب للمجموعات الإرهابية".

في حين تحدثت دوائر قريبة من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، عن أن المساعدة التي ستقدمها واشنطن للمعارضة السورية خلال الفترة المقبلة، ستكون "غير قاتلة"، وستقدم إلى "المجموعات المعتدلة في المعارضة، وخصوصًا ائتلاف المعارضة السورية، والمجلس العسكري الأعلى السوري"، وذلك تجنبًا لوقوع الأسلحة في يد الجماعات المتطرفة.

إلى جانب ذلك، فإن ثمة توافقًا حول الحل السياسي للصراع بدأ يتشكل بين الولايات المتحدة وروسيا، يرتكز على اتفاق جنيف، وخاصة بعد التقارب الذي أحدثته الأزمة الكورية بينهما في الفترة الأخيرة، مما قد ينعكس على التوصل إلى مقاربة مشابهة حول سوريا. وتشير تقارير عديدة إلى أن واشنطن ترغب في حكومة انتقالية، منبثقة عن تيارات سياسية معارضة للأسد وأخرى موالية له، تقود مرحلة انتقالية وفقًا لاتفاقية جنيف.

وتكشف المناقشات الدائرة داخل البيت الأبيض والكونجرس، عن تراجع حدة الخلافات حول المقاربة الأنسب للتعامل مع الملف السوري، وخاصة بعد المواجهة الكلامية بين السيناتور الجمهوري جون ماكين، والسفير الأمريكي لدى سوريا روبرت فورد، خلال الجلسة التي عقدت في 12 أبريل الجاري، حيث طالب ماكين بضرورة التدخل عسكريًّا في سوريا، فيما تمسك فورد بأهمية إيجاد حل سياسي للأزمة السورية، وقد عزز من موقف فورد توقعات مدير الاستخبارات الوطنية جيمس كلابر الخاصة باحتمال استمرار ال*** الطائفي حتى بعد سقوط الأسد، وهو أمر أكده أيضًا مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "جون برينان" وفقًا لتقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، في 14 أبريل الجاري، والذي أشار إلى أن برينان أبلغ لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي بأن "مسار تمزيق سوريا قد يسمح لجماعات بعينها مثل جبهة النصرة باكتساب القوة".

خلاصة القول، إن إعلان انضمام "جبهة النصرة" لتنظيم "القاعدة"، ربما يحدث تحولا مهما في الصراع السوري، وفي مواقف الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة، التي تتعرض لضغوط من أجل تبني استراتيجية واضحة لتسوية هذا الصراع، بهدف تجنب "السيناريو الأسوأ"، وهو نجاح "النصرة" في السيطرة على مخازن الأسلحة الكيميائية، وما قد يترتب على ذلك من اندلاع صراعات جديدة أكثر خطورة، لا سيما بين الجيش السوري الحر والجبهة من ناحية، وبين الجبهة وحزب الله من ناحية أخرى، وهنا ربما يكون خيار تشكيل حكومة انتقالية ممثلة للمعارضة تمهد لخروج الأسد وتحافظ على هياكل الدولة وتطمئن كل مكونات المجتمع، هو الخيار الأقل تكلفة.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-05-2013, 02:35 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 27,929
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor is a glorious beacon of lightaymaan noor is a glorious beacon of light
افتراضي

«القاعدة» و«الإخوان»... ومصير سوريا!

د. وحيد عبد المجيد

بعد أكثر من سنتين من الصراع الذي بدأ سلمياً عبر انتفاضة شعبية ضد نظام الأسد، وتحول إلى صدام مسلح في منتصف عامه الأول، لا يزال هذا النظام صامداً رغم نجاح المعارضة في انتزاع السيطرة على مناطق عدة كانت مدينة الرقة آخرها حتى الآن. فقد تمكن النظام، عبر إطالة أمد الصراع، من استثمار تدهور الأوضاع في البلاد العربية التي حدث فيها تغيير، وهي تونس ومصر وليبيا. كما يسعى الآن لاستغلال تنامي نفوذ القوى الأصولية في أوساط المعارضة السورية، سواء الأكثر تطرفاً وفي مقدمتها «جبهة النصرة» أو الأقل تشدداً، وعلى رأسها جماعة «الإخوان». وقد نقلت «فاينانشل تايمز» عن المراقب العام لجماعة «الإخوان» السورية، رياض الشقفة، يوم الجمعة الماضي، اعترافه بأن «حكم هذه الجماعة في مصر وحركة النهضة في تونس أثار مخاوف منا في سوريا».

وتبدو العلاقة وثيقة بين سعي النظام السوري للاستفادة من القلق الداخلي والدولي نتيجة النفوذ المتزايد للتيار الأصولي، والفشل المتفاوت في البلاد التي حدث فيها تغيير. فالسلطة المسؤولة عن هذا الفشل تخضع لجماعات وحركات تنتمي إلى هذا التيار، سواء بشكل كامل في مصر، أو شبه كامل في تونس، أو من وراء ستار في ليبيا.
وفضلاً عن أن البلاد الثلاثة تقترب من حالة الدولة الفاشلة بالمعايير العالمية، بل باتت على أعتابها، خاصة مصر وليبيا، فقد أصبح التطرف الديني تهديداً لمؤسسات هذه البلاد ومجتمعاتها بأشكال مختلفة.

لذلك قد يكون طبيعياً أن يسأل بعض السوريين أنفسهم، وهم يتابعون الوضع في البلاد التي تحول ربيعها السياسي خريفاً، خصوصاً مصر، سؤالاً منطقياً للغاية وهو: أمن أجل مثل هذا ضحّى ما يقرب من سبعين ألفاً من أبنائنا بحياتهم حتى الآن؟ ولا يقل منطقية أن يسأل هؤلاء عن مصيرهم إذا أفلتت سوريا من الأسد لتقع بين يدي قوى متطرفة على نحو قد يغير طبيعة القهر الذي يتعرضون له، دون أن يلغيه أو يضع حداً له.

والأرجح أن هذا النوع من الأسئلة ازداد انتشاراً في الأسابيع الأخيرة نتيجة تفاقم الأزمة العامة في مصر بسبب السياسات التي تصر عليها سلطة «الإخوان»، وكان الاعتداء الذي شنته هذه السلطة على القضاء، وهو الأكبر في تاريخه الحديث والأشد خطراً، هو آخر الشواهد على أن مصر تعود إلى الوراء بخطى حثيثة، وأن التغيير الذي حدث فيها جعلها في وضع أسوأ مما كان عليه الحال في ظل نظام «مبارك».

وربما يكون استمرار نفوذ الجماعات المسلحة في ليبيا، خصوصاً الأصولية منها، بل تناميه على نحو يحول دون بناء دولة تعيد إلى شعبها حقوقه التي سلبها نظام القذافي، سبباً آخر لكي يسأل عدد متزايد من السوريين أنفسهم عما ينتظرهم بعد تضحياتهم الهائلة التي تفوق كل ما قدمه الليبيون والتونسيون والمصريون في ضوء ما تعانيه هذه الشعوب الآن.

وقد تكون الانتكاسة المخيبة للآمال التي مُنيت بها المعارضة السورية قبل أسابيع قليلة، جرّاء إقرار «جبهة النصرة» التي تعتبر أكبر أذرعتها العسكرية، تبعيتها لتنظيم «القاعدة»، بينما يتنامى نفوذ جماعة «الإخوان» في أوساطها السياسية، أكثر إثارة لأسئلة قطاع متزايد من السوريين عن المصير الذي ينتظرهم بعد الخلاص من نظام الأسد.

فقبل أن يفيق من تابعوا إعلان فرع «القاعدة» في العراق، الذي يسمى نفسه «دولة العراق الإسلامية» توسيع حدود هذه الدولة لتشمل سوريا، من ذهولهم، صدمهم إعلان زعيم «جبهة النصرة»، أبو محمد الجولاني، مبايعة الظواهري على السمع والطاعة في 10 أبريل الماضي. لذلك لم يغير من الأمر شيئاً تنصل الجولاني من إعلان «أخيه» في العراق أبي بكر البغدادي ضم سوريا إلى العراق في «دولة العراق والشام الإسلامية» لعدم استشارة «جبهة النصرة» بشأنه، وليس لرفضه من حيث المبدأ، خاصة بعد أن أعلن الظواهري مباركته هذه الخطوة كـ«مقدمة لدولة الخلافة».

وفضلاً عن الأسئلة التي لابد أن تثير حيرة أعداد متزايدة من السوريين، لا تخفى فداحة تأثير اعتراف «جبهة النصرة» بتبعيتها لتنظيم «القاعدة» ومبايعتها لزعيمه على وضع المعارضة في مجملها، كما على موقف القوى الدولية الكبرى.

ولا يخفى أن هذه الجبهة المرتبطة بتنظيم «القاعدة» بدأت في ممارسة السلطة فعلياً مع حلفاء لها في مناطق تسيطر عليها. ولا يقتصر ذلك على مناطق ريفية أو هامشية، بل شمل بعض أحياء العاصمة الاقتصادية حلب نفسها. فقد أقامت «جبهة النصرة» تحالفاً مع حركتين سلفيتين، هما «أحرار الشام» و«لواء التوحيد»، لإدارة مناطق عدة سيطرت عليها، من خلال شرطة تابعة لها و«محكمة إسلامية» وبعض الهيئات التنفيذية التي تشتد الحاجة إليها، خصوصاً تلك التي تعمل لحل مشكلة حرمان كثير من المناطق التي تخرج عن سيطرة النظام من الكهرباء. ولم تنس إنشاء هيئة تمارس «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» بطريقتها الخاصة.

ورغم أن «الجيش الحر» الذي يمثل الذراع العسكرية للمعارضة الوطنية الديمقراطية، يسعى للتمايز عنها، فهو لا يملك إلا التعاون معها لأنها الأقوى، فضلا عن أن الأمر الواقع يفرض تعاوناً تكتيكياً وموضعياً هنا وهناك.

لقد بات واضحاً أن قدرة «الجيش الحر» العسكرية أقل مقارنةً بإمكانات «جبهة النصرة» التي صارت الأكثر تنظيماً وتسليحاً نتيجة الدعم العسكري والمالي الذي تتلقاه، فضلاً عن انضمام مقاتلين غير سوريين إليها وصل عددهم نحو عشرة آلاف وفق أدنى التقديرات. وهذا عدد كبير إذا صح أن عدد مقاتلي المعارضة كلها في مجمله يتراوح بين 130 و140 ألفاً.

لذلك تجد القوى الدولية الكبرى نفسها في وضع شديد الدقة، إذ يحرجها استمرار مذابح نظام الأسد ويقلقها تنامي نفوذ المتشددين في أوساط المعارضة المسلحة والسياسية. كما تشعر هذه القوى بحيرة متزايدة بين دعم «الجيش الحر» حتى لا يظل المتشددون هم الأقوى، والخشية من أن يصل هذا الدعم إلى أولئك المتشددين لأن الوضع على الأرض يجعل ضمان عدم تسرب السلاح من مجموعة إلى أخرى شبه مستحيل.

وقد حاولت واشنطن أخيراً التحايل على هذا الوضع الصعب عندما أعلنت تقديم ما اسمته معدات دفاعية لا تشمل أسلحة إلى «الجيش الحر». لكن هذا النوع من التحايل لا يتيسر إذا اقترب الصراع في سوريا من الحسم، مع استمرار تنامي نفوذ أتباع «القاعدة» عسكرياً وأتباع «الإخوان» سياسياً على نحو قد يجعل مصير المنطقة، وليست سوريا وحدها، مجهولاً.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 03:05 AM.