|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() المحور الأول: معضلات المرحلة الانتقالية 2- "الجيد، والسيئ، والقبيح": قراءة في أزمات المرحلة الانتقالية في مصر ![]() د. عبد المنعم سعيد، وكريم القاضي عرض: محمد الحسين عبد المنعم، باحث بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة أكثر من عامين على الثورة، وما زالت مصر تخوض مرحلتها الانتقالية بتعثر "ثابت"، انطلاقًا من الاستقطاب "الإسلامي - المدني"، مرورًا بأحداث عــنف متتالية، وفوضى دستورية وقانونية، فضلا عن انفلات أمني، بالإضافة إلى أزمة اقتصادية طاحنة، وصولا إلى انتخابات رئاسية ظن البعض فيها خلاصًا من الانتقال، إلا أن توالي الأحداث برهن على دوران المصريين في حلقة مفرغة، في ظل غياب توافق وطني. في هذا السياق؛ تأتي الورقة البحثية المعنونة "الجيد، والسيئ، والقبيح في الانتقال السياسي في مصرThe Good, The Bad, and the Ugly of Egypt's Political Transition"، الصادرة عن "مركز كراون لدراسات الشرق الأوسط Crown Center for Middle East Studies" بجامعة "برانديز Brandeis University" بالولايات المتحدة، لكل من "د. عبد المنعم سعيد" مدير المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة وزميل المركز، و"كريم القاضي" المرشح لنيل الدكتوراه من قسم العلوم السياسية بجامعة برانديز ومركز كراون. تسعى الورقة للإجابة عن تساؤل رئيسي مفاده: "إلى أي مدى اقتربت مصر خلال مرحلتها الانتقالية من نظام الحكم الديمقراطي؟"، في ضوء أجواء "عدم اليقين" التي تسيطر على المرحلة الانتقالية، وذلك من خلال استعراض التطورات الإيجابية التي شهدتها الساحة السياسية، ورصد التجليات السلبية لمرحلة الانتقال، بالإضافة إلى تسليط الضوء على عدد من "الحقائق المؤسفة" التي من شأنها أن تعيق عملية الانتقال برمتها. الجيد The Good توافقت أغلب الفصائل السياسية في مصر على "النظام الديمقراطي" كنظام للحكم في الجمهورية الثانية، وبالرغم من الاختلافات والصراعات السياسية حول طريق الوصول للنظام المرجوّ، فإن عددًا من التطورات الإيجابية قد تكون دافعًا لمصر على طريق الديمقراطية: • الانتخابات كآلية لتسوية الصراعات السياسية: تستعرض الورقة المناسبات التصويتية التي مرت بها مصر ونتائجها منذ الإطاحة بمبارك وحتى الاستفتاء على الدستور، مشيرة إلى أن مصر شهدت فصلا انتخابيًّا ناجحًا اتسم بقدر كبير من الحرية والعدل، إلا أن القوى المدنية أخفقت في تحقيق نتائج إيجابية في مقابل قوى الإسلام السياسي المنظمة. • التقدم نحو مدنية الدولة: فرغم إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانًا دستوريًّا مكملا ينتقص من صلاحيات الرئيس المنتخب، إلا أن حادث مقـتل الجنود المصريين برفح قدم الذريعة لمرسي لإلغاء الإعلان المكمل، وإقالة وزير الدفاع ورئيس أركانه بالإضافة لعدد من كبار العسكريين، وقد مثلت تلك الخطوة إنهاء لدور المجلس العسكري في إدارة البلاد، لتكون السلطة في مصر في يد رئيس "مدني" لأول مرة منذ 1952. • تنامي دور القضاء: استطاعت السلطة القضائية الحفاظَ على قدر من الاستقلالية في عهد مبارك، فقد أجبر مبارك على حل مجلس الشعب ثلاث مرات لبطلان قانون الانتخابات، وبعد الثورة رفض القضاء المصري أن يكون أداة للانتقام من رموز النظام، بل إن محكمة النقض أسقطت حكم السجن المؤبد بحق مبارك ووزير داخليته وقضت بإعادة المحاكمة. فدور القضاء مهم في العملية السياسية المصرية، من خلال كبح أي قوة سياسية تسعى للسيطرة على النظام السياسي، كما تجلت قوة تأثير نادي القضاة في أعقاب إصدار مرسي الإعلان الدستوري في 20 نوفمبر وتعيين نائب عام جديد؛ حيث قام القضاة بتعليق العمل في المحاكم حتى إلغاء الإعلان الدستوري. • صعود التيار/البديل الثالث: يرجع ظهور التيار/البديل الثالث خلال المرحلة الثانية للانتخابات الرئاسية، حين قرر أكثر من 800 ألف ناخب إبطال أصواتهم لرفضهم الاختيار بين مرشح نظام مبارك ومرشح الإخوان المسلمين. تألف البديل الثالث من الأحزاب المدنية مثل حزب المؤتمر "عمرو موسى"، والتيار الشعبي "حمدين صباحي"، والتحالف الثوري الديمقراطي "حزب التجمع"، والتي كونت بالإضافة لحزب الدستور "البرادعي" جبهة الإنقاذ. ورغم ما يعانيه هذا التجمع من انقسام وإخفاق في الوصول للأغلبية الصامتة في المصريين، إلا أنه خلق بديلا سياسيًّا جديدًا أمام المصريين. السيئ The Bad ترى الورقة أنه وفي غياب نظام تنافس حزبي حقيقي، يقوم الإخوان المسلمون، اعتمادًا على انتصاراتهم في الانتخابات التشريعية والرئاسية، باتباع استراتيجية للتمكين، قد تؤدي إلى إعادة إنتاج نظام الحزب الواحد في صورة حزب "الحرية والعدالة". وتتضمن استراتيجية التمكين ما يلي: • الإقصاء: مارست جماعة الإخوان المسلمين الإقصاء على مراحل، الأولى عبر قانون "العزل" لمنع أعضاء الحزب الوطني من المشاركة في الحياة السياسية، إلا أن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستوريته، بالإضافة إلى قيام مجلس الشورى، ذي الأغلبية الإخوانية، باختيار رؤساء مجلس إدارة وتحرير جدد للمؤسسات الصحفية القومية ممن يعرف عنهم التعاطف مع الإخوان المسلمين أو الولاء لمن في السلطة أيًّا كان. المرحلة الثانية من الإقصاء تم فيها إحالة ضباط من جهاز أمن الدولة السابق للمحاكمة بتهمة إتلاف مستندات سرية، وهو ما اعتبره البعض انتقامًا من الجهاز الذي استخدمه مبارك لقمع الإخوان. تضمن الإقصاء أيضًا وزير الدفاع وعدد من قيادات القوات المسلحة، واختيار وزير جديد، إضافة للتخلص من الصف الأول في عدد من الوزارات مثل البترول والكهرباء والطيران المدني والأوقاف. • التحييد: رغم إجراء مرسي تغييرات عنيفة في الجهاز الإداري للدولة، إلا أنها لم تلق اعتراضًا من مؤسسات الدولة لأن البديل دائمًا ما كان من داخل المؤسسات، أما القوى الثورية فقد قابلت تلك التغيرات بمزيج من الاستحسان، كخطوة من خطوات محاربة الفساد داخل تلك المؤسسات، والشك في أن تلك التغييرات تمهد الطريق لأخونة تلك المؤسسات. وفي خطوة لتحييد القوى السياسية، قام مرسي بتعيين "محمود مكي"، القاضي المعروف بمعارضته لمبارك، نائبًا لرئيس الجمهوري، فضلا عن اختيار 21 مستشارًا لرئيس الجمهورية من جميع الأطياف السياسية، إلا أن أغلبهم قد استقال بمن فيهم نائب الرئيس، كنتيجة لتجاهل مؤسسة الرئاسة لهم، وعدم الأخذ برأيهم. • الإدخال: وهي المرحلة الأخيرة من استراتيجية التمكين بمعنى إدخال أعضاء الجماعة في المواقع السياسية الرئيسية، وهو ما حدث في الجمعية التأسيسية للدستور باختيار 22 عضوًا إخوانيًّا من أصل 100، فضلا عن اختيار مرسي لتسعة وزراء من الإخوان في حكومته، وتعيين عدد من المحافظين الإخوان. وفي حين تُشير الورقة إلى أن هذا السلوك يمكن اعتباره شرعيًّا في إطار رغبة الحزب المنتصر في الانخراط في عملية صنع القرار، إلا أن غياب الرقابة المؤسسية والنظام الحزبي القوي قد يؤدي لهيمنة فصيل واحد على النظام السياسي. القبيح The Ugly بينما تتذبذب مصر بين "الجيد" و"السيئ" في انتقالها السياسي نحو الديمقراطية؛ فإنها تواجه وجهًا "قبيحًا" قد يقود الدولة إلى انحلال تدرجي بطيء، ويتكشف الوجه القبيح للانتقال السياسي في مصر في أربعة مظاهر، كانت موجودة في عهد مبارك، إلا أن عدم الاستقرار واهتزاز جهاز الداخلية أدى إلى ظهورها بشكل على نحو واضح وبلا كوابح: • الإرهاب: أدى انسحاب قوات الشرطة في 28 يناير 2011، إلى هروب ما يقرب من 24 ألف سجين، من بينهم أعضاء في جماعات جهادية تتخذ من "جبل الحلال" في سيناء مقرًّا لها، واستطاعت تلك الجماعات تنظيم نفسها، والقيام بعمليات ضد مراكز الشرطة في سيناء وقوات الجيش وأنابيب تصدير الغاز. وعلى صعيد آخر؛ كونت اثنتان من كبرى الجماعات الجهادية الإرهابية حزبين سياسيين، الأول هو حزب البناء والتنمية التابع للجماعة الإسلامية وكان قد حصل على 13 مقعدًا في انتخابات مجلس الشعب المنحل، والثاني حزب السلامة والتنمية التابع لجماعة الجهاد المصرية، ورغم إعلان قادة هذه الأحزاب رجوعهم عن استخدام العـنف، إلا أنهم هددوا باستخدام العـنف في حال فوز "عمر سليمان" بالانتخابات الرئاسية، كما أنهم طلبوا الإذن من الدولة للمشاركة في الكفاح المسلح ضد نظامي القذافي والأسد. • العـنف الطائفي: حيث تصاعدت أحداث العـنف الطائفي منذ سقوط نظام مبارك، ووصلت ذروتها في أحداث ماسبيرو التي راح ضحيتها 24 متظاهرًا، بالإضافة إلى أكثر من 200 مصاب. كما أصبح إجبار العائلات القبطية على الانتقال نمطًا من أنماط العـنف الطائفي، وخصوصًا في الجيزة والإسكندرية وشمال سيناء. يبدو أن ال*** الطائفي مرشح للتصاعد في مصر، في ضوء سياسة التهميش التي يتبعها الإخوان المسلمون، بالإضافة إلى تصاعد دور الجماعات السلفية، فضلا عن ضعف قدرة الدولة على إدارة التوترات الطائفية. • الجريمة المنظمة: صاحب الثورة هروب عدد كبير من المجرمين من السجون، إلى جانب الجهاديين، علاوة على هروب المحتجزين من أقسام الشرطة، ما ساهم في زيادة وتيرة الجريمة المنظمة وتجارة السلاح، واستهداف بنى الدولة التحتية مثل كابلات الكهرباء، وهو ما كان سببًا رئيسيًّا في انقطاع الكهرباء الذي عانت منه مصر صيف 2012. • العـنف المدني: اضطر المصريون للجوء للعـنف لتسوية نزاعاتهم اليومية، وخصوصًا في ظل عدم الثقة في جهاز الشرطة، فضلا عن تقاعسه في أحيان كثيرة، إضافة إلى الإضرابات العمالية التي غالبًا ما ترتبط بأحداث عـنف، وقطع للطرق والسكة الحديد. كما يمثل "الألتراس" جانبًا آخر من العـنف المدني، والذي تصاعد بشكل كبير بعد أحداث استاد بورسعيد، وما ارتبط بها من أحداث عـنف بمدن القناة بعد إصدار الحكم في قضيتها. • التحدي الأمني: إن ما سبق من وجه "قبيح" يتطلب استجابة أمنية سريعة، إلا أن عددًا من العقبات تقف في طريق مثل تلك الاستجابة، الأولى تتعلق بالنزاع القائم حول طبيعة قوات الشرطة في الجمهورية الثانية؛ إذ تطالب القوى الثورية بشرطة جديدة تحترم حقوق المواطن، خصوصا وأن الثورة في جزء كبير منها كانت رد فعل للممارسات القمعية للشرطة، أما بالنسبة لمرسي فإن إصلاح الداخلية ليس على أجندته، حيث ركز على استعادة الأمن في المائة يوم الأولى. العقبة الثانية تتعلق برد فعل الجماعات الجهادية كنتيجة للحملة الأمنية التي من المفترض أن يقوم بها مرسي لمنع تلك الجماعات من تنفيذ عمليات إرهابية. التحدي الثالث يتعلق بقوات الشرطة ذاتها، التي اعتادت العمل بموجب قانون الطوارئ لمدة ثلاثين عامًا، مما يجعلها غير مهيئة للعمل في ظل الظروف الجديدة، وأقل رغبة في التعاون مع النظام الجديد، خصوصًا وأنها قد فقدت احترام الشارع. قصارى القول إن الورقةُ تطرح عددًا من التساؤلات حول غلبة أي من الأوجه الثلاثة على المرحلة الانتقالية في مصر: هل نحن بصدد تحول ديمقراطي، أم أن وتيرة العـنف ستقود إلى نمط جديد من السلطوية؟ وتترك الدراسة الإجابة للأيام. آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 26-04-2013 الساعة 08:55 PM |
#2
|
||||
|
||||
![]() المحور الأول: معضلات المرحلة الانتقالية 3- المناعة المفقودة: ملامح "الاستعصاء الديمقراطي" في مصر بعد الثورة ![]() د.خالد حنفي علي بعد أن كانت عصية على التغيير قبل ثورة 25 يناير، باتت مصر عصية على الاستقرار السياسي والتوافق الوطني بعد الثورة، إذ لم يستطع أي تيار سياسي سواء أكان عسكريًّا أم إسلاميًّا أن يروض ذلك المجتمع الذي خرج من عقاله إبان الثورة، ليحتج على نظام سياسي حرم الدولة المصرية ليس فقط من تفعيل مواردها عبر آليات الإفساد والإفقار والاحتكار، ولكن من طموحها الإقليمي والدولي، مقابل تكريسه لمعادلة "الاستقرار الهش" و"التبريد المصطنع" للمجتمع، حتى يضمن النظام بقاءه. ولأن الساحة السياسية بعد الثورة اصطبغت بـ"الاستقطاب الثنائي" ما بين تيارات إسلامية صاعدة أبرزت نفوذها عبر صناديق الانتخاب في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة التي تلت الثورة، وتيارات مدنية تضم نخبًا وكتلا ليبرالية ويسارية وثورية تتمركز جل قوتها في التأثير على مزاج الرأي العام، فقد باتت مصر تخرج من أزمة لتقع لتوها في أخرى، دون وجود توافق حقيقي، فضلا عن تنامي أجواء التشكك وعدم الثقة من قبل التيارات المدنية في حكم الإخوان، لا سيما وأن سياسات الرئيس محمد مرسي لم تستطع رفع مستوى المعيشة، أو تحقيق الاستقرار، أو حتى إرساء منطق الشركاء بين أطياف الوطن الواحد، فضلا عن غياب رؤية واضحة لما ينبغي أن تكون عليه الدولة والنظام "واقعًا"، وليس "دستورًا" تم إقراره انتخابيًّا، برغم وجود خلافات عميقة على بعض مواده. إن الاستقطاب السياسي، وإن شئنا الدقة "التطاحن" في مصر، خلق حالة من "الاستعصاء الديمقراطي"، فكلما شهد المجتمع تطورًا باتجاه استحقاق ديمقراطي أو سياسي ما بعد الثورة، برزت بعده "كمائن سياسية"، أو" ثغرات قضائية" تعيد عقارب الساعة مرة أخرى إلى الوراء، ويصبح النقاش السياسي الدائم في المربع رقم صفر، وكأن قدر المصريين أن يظلوا "عالقين" في المرحلة الانتقالية بعد الثورة، بعد أن ضرب الاستعصاء فضاءات متعدة داخل الدولة، ومن أبرزها: - استعصاء سياسي، فرغم كثرة الدعوة لحوارات وطنية، إلا أن غياب الاتفاق على مضمونها، حال دون أن تصل تلك الحوارات إلى نتائج بناءة، وأضحى كل طرف متمسكًا بأوراقه، فجبهة الإنقاذ -التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات التشريعية- تشترط للحوار تعديل المواد الخلافية في الدستور، وتغيير الحكومة التي يراها الكثيرون أنها لم تنجز ما يقنع المصريين بشرعية السلطة الحاكمة، في مقابل تمسك الرئاسة ومعها جبهة الموالاة بالحكومة، والإصرار على قانون انتخابات دفعت الثغرات فيه المحكمة الدستورية لوقف العملية الانتخابية برمتها، وإعادة الكرة مرة أخرى لمجلس الشورى، وما بين المعارضة والموالاة تغيب الحلول الوسط حتى بدت نذر معارك "كسر العظم"، وخاصة بعد ما سمي بـ"موقعة المقطم" أمام مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين. - استعصاء اقتصادي، فرغم التحركات الخارجية للرئيس مرسي لجذب استثمارات للخروج من المأزق الاقتصادي، إلا أن غياب الاستقرار السياسي والأمني حال دون أن تتحول تلك التحركات إلى مخرجات يلمسها المواطنون اقتصاديًّا، حتى بات قدر الاقتصاد المصري بعد الثورة أن يدخل في الحلقة المفرغة للقروض الخارجية، والتي تمثل حلولا سهلة يدفع عادة الفقراء كلفتها، علاوةً على ارتباك السياسات الاقتصادية، فثمة تردد ما بين العودة إلى انتهاج سياسات ما قبل الثورة الاقتصادية القائمة على تحرير الاقتصاد، والانفتاح على الاقتصاديات العالمية* بلا ضوابط أو مراعاة للمصالح الوطنية، وبين العودة إلى ممارسة الدور المهيمن للدولة لوظائفها التنموية لمواجهة متطلبات العدالة والفقر والبطالة*. - استعصاء أمني، إذ إن مصر ما بعد الثورة تمر بما يسميه البعض "المناطق الرمادية" للأمن، فلا الشرطة غائبة، ولا هي فاعلة أو استعادت هيبتها المهدرة لتحقيق الاستقرار الأمني المنشود من المواطنين في ظل تزايد معدلات الجريمة في المجتمع، كما لم تستطع السلطة الحاكمة منذ المجلس العسكري وحتى إدارة الرئيس مرسي انتهاج سياسات احترافية تضع قواعد مهنية لفك الاشتباك اليومي بين الشرطة والمجتمع الثائر عبر تكريس هيبة القانون وليس الأشخاص بعد الثورة. - استعصاء اجتماعي، إذ إن المجتمع بدوره رفع راية الاستعصاء على السلطة ليس فقط في أزمة بورسعيد، ولكن في رفض مجتمعي لفكرة الامتثال لقرارات السلطة، فغياب احترام القانون جعل القضاء في مهب الجدل الاجتماعي، حتى باتت مشاهد تطبيق الأهالي للقانون لما يسمى بحد الحرابة بأيديهم معتادة يوميًّا، وخاصة في المحافظات التي تواجه ترديًا في أحوالها الأمنية. صراعات قشرية وصلبة ورغم أن كل تلك الاستعصاءات قد تفسر الأزمات المتوالية التي تشهدها الساحة المصرية بعد الثورة على أصعدة الدستور والإعلام والقضاء والاحتجاجات ضد استثمار الإخوان للحظة التاريخية للسيطرة على الدولة المصرية، إلا أن تلك القضايا على أهميتها لا تشكل إلا "صراعًا قشريًّا" تدور رحاه بين نخب تتصارع على حيازات سياسية، وربما تظل تكلفته محتملة بمنطق تداعيات المراحل الانتقالية. فالصراع الحقيقي لم يتبلور بعد، وهو المتعلق بـ"القضايا الصلبة"، كالهوية والقيم المجتمعية المشكلة للشخصية المصرية، لا سيما وأن التيارات الإسلامية على اختلاف مشاربها لا يزال موقفها "غامضًا" تجاه مفردات الحياة الشخصية اليومية في مصر، خاصة وأن هنالك محاولات تبزغ ما بين حين وآخر لتسريب أفكار كجماعات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في مجتمع خضعت قاعدته خاصة من الطبقة الوسطى لعمليات "تحديث" جعلت هويته مركبة ومتعددة المشارب، ما قد يعني أن احتمالات الصدام قائمة مع بعض التيارات الدينية المتشددة التي تعادي كلا من الحداثة والتراث التاريخي للشخصية المصرية. وحينها ستكون كلفة الصراع أكثر حدة و***ًا مما يحدث حاليًّا في عراك التظاهر ومشاحنات الإعلام. إن مآلات الاستعصاء تصب جلها في إضعاف الدولة المصرية، والتي تتضاءل مناعتها باضطراد مستمر إثر عوامل متراكمة، بعضها يتعلق بفقدان الثقة المجتمعية في تحقيقها للوظائف التنموية والأمنية، والبعض الآخر يتعلق باحتكار قلة مجتمعية لعوائد تلك الدولة، واعتبار أن هيمنتهم "الانتخابية" على النظام السياسي يتيح لهم السيطرة على مفاصل الدولة، ما أحدث شرخًا في مفهوم "الدولة العادلة"، والذي مثل أحد استحقاقات ثورة 25 يناير التي رفعت شعارات الحرية والعدالة بين الشرائح الاجتماعية. ومن هنا فمستقبل مصر يتأرجح بين سيناريوهات عدة، أولها يتعلق بـ"التفاؤل المشروط"، والذي يعتبر أن تجاوز النظام الحاكم للأزمات المتوالية مشروط بمدى قدرته على كسب شرعية إنجاز، وخاصة على صعيد مستوى المعيشة الآخذ في التردي والانحدار، وإصلاح ذات البين مع القوى السياسية المدنية، وصياغة مشروع وطني يستوعب التيارات السياسية المصرية في النظام السياسي، دون استثئار أو تمكين جماعة بعينها، وهو ما قد يرفع من مناعة الدولة في مواجهة أزمات النظام السياسي. بينما السيناريو الآخر يغلب عليه "التشاؤم المفرط" والذي يصل بالدولة إلى حد الانهيار والاحتراب الأهلي بين التيارات السياسية المختلفة، وخاصة في ظل السيولة الأمنية، وعدم قدرة الفصيل السياسي الحاكم على السيطرة على مجريات الأمور، وما بين هذا وذاك، يلوح سيناريو "العودة للعسكرة بأردية مدنية"، إثر "الضجر المجتمعي" من الاستقطاب المزمن الذي بات خصيصة تلاحق المشهد السياسي بعد الثورة. على أن ترجيح أيٍّ من تلك السيناريوهات سيرتبط بقدرة السلطة على رفع أو خفض المناعة السياسية للدولة المصرية، فكلما ضعفت تلك المناعة اقترب المجتمع من السيناريو الأسوأ، والعكس صحيح. آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 26-04-2013 الساعة 08:56 PM |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|