#1
|
|||
|
|||
رشدى سعيد "عاشق تراب مصر"
أتيحت له فرصة العمل السياسي في فترة الستينات والسبعينات كعضو في مجلس الشعب وفي الإتحاد البرلماني الدولي. لتشمله في النهاية قرارات اعتقال 1981 ليتغرب ويضطر لبيع مكتبته العلمية ليستطيع الحياة في الولايات المتحدة. رشدي سعيد.. أختار هذا العالم الفريد تخصصاً نادراً وهو جيولوجية مصر وأصدر كتابا بهذا الاسم نال به إعجاب علماء العالم وأصبح مرجعا معترفا به على المستوى المحلي والعالمي. يُعد أيضا من أبرز خبراء الري وأحد العارفين بأسرار نهر النيل، وله كتب ومقالات عديدة حول التعدين والري والزراعة في مصر والمنطقة بوجه عام، وكان مشروعه الذي كرس له سنوات عمره، هو نهضة مصر والارتقاء بالإنسان المصري. شغل منصب أستاذ بجامعة القاهرة في الفترة من 1950 حتى 1968، تولي إدارة مؤسسة التعدين والأبحاث الجيولوجية في الفترة من 1968 – 1977، ساهم في الاكتشافات التعدينية التي مكنت مصر من التغلب على ما فقدته بعد احتلال سيناء، ثم قدم استقالته من إدارة المؤسسة. كرمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في عام 1962، حيث سلمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي، وحصل على جائزة الريادة لعام 2003 من الجمعية الأمريكية لجيولوجيي البترول، وذلك تقديرا لأعماله العلمية في مجال جيولوجيا مصر والشرق الأوسط، التي وصفتها بأنها فتحت آفاقا جديدة لتطبيق هذا العلم في مجال البحث عن البترول في المنطقة. البداية ولد رشدي سعيد عام 1920 بحي القللي بشبرا، من أسرة متوسطة الحال تعود أصولها لمحافظة أسيوط والتحق بكلية علوم القاهرة سنة 1937 وتخرج فيها عام 1941 بمرتبة الشرف الأولي ثم عين معيداً بالكلية، وبدأ تدريس الجيولوجيا بالكلية بعد عودته من بعثته العلمية بجامعة زيورخ بسويسرا سنة 1951. كان أول مصري يحصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد الأمريكية، قبل أكثر من 60 عاما. يعيش في واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية من عام 1981 وهو عميد المجتمع المصري في واشنطن. مشروع تحويل وادي النيل هو مشروع إقترحه رشدي سعيد لتعمير الصحراء الشاسعة في مصر وتحويلها إلى أراضي مستغلة، يعتمد مشروع الدكتور رشدي سعيد على تعمير جزء من الصحراء يرتبط بوادي النيل بشبكة محكمة من المواصلات والاتصالات. ويقترح إقامته في المنطقة الواقعة شمال الصحراء الغربية والتي يحدها البحر المتوسط من الشمال ومنخفض القطارة وواحة سيوة من الجنوب، بسبب اعتدال مناخها وانبساط تضاريسها وقربها من مناطق الطاقة – حقول الغاز الطبيعي – ومراكز العمران والبحر الذي يمكن استخدام مياهه في التبريد في كثير من الصناعات. أهم المؤلفات
__________________
آخر تعديل بواسطة abomokhtar ، 11-02-2013 الساعة 11:31 PM |
#2
|
|||
|
|||
حلق طائر الموت على عاشق النيل رشدي سعيد بعيداً.. استدرجه لأمريكا تلك التي منحته أشهر جامعاتها على الإطلاق «هارفرد» درجة الدكتوراه قبل ستين عاماً، كان القدر به رحيماً حينما أرسله لأم العلماء وراعية احلامهم في العصر الحديث، لم يكن على صدر عالم المياه الكثير من النياشين والأوسمة كي يرفعها عن كاهله قبل ان يتسلل للتراب ويرقد تاركاً خلفه احلاماً لمشاريع عظيمة لم يقدر لها أن ترى النور، وكان يراهن على أنها ستنقل مصر من عالم الدول المنسية لمصاف الدول الكبرى في غضون أعوام قلائل.
ومن المخجل ان الوطن الذي نسج لأجله قصة حب وذاق مرارة الاغتراب سنوات مديدة ضن عليه بالأوسمة في الوقت الذي كانت القلادات والنياشين تهطل فوق رؤوس المهرجين وخدم النظام. كان الرجل يقطع الصحراء بحثاً عن ثروات مصر المنسية.. فوق سفينة متهالكة عقب الحرب العالمية الثانية بأعوام خرج الدكتور رشدى سعيد قاصداً امريكا «بداية» تشبه نفس بداية بطل «تايتنك» في الفيلم الذي يعد سلوى المحبين طيلة عقدين، لكنه حط على ارض الأحلام وحيداً، ولد عالم المياه البارز بعد ثورة 1919بعام واحد في حي القللي بشبرا، أما أسرته فتمتد جذورها لقرية منسية بصعيد مصر ذاع صيتها بسبب وجود احد الأديرة التاريخية هناك.. كانت القومية تجري في عروقه، عندما التحق بجامعة الملك فؤاد الأول عقد عليه اساتذته الأمل ليكون فاتح الطريق لمصر في مجال علوم المياه والتعدين لذا دفعوا به نحو (هارفا رد) من أجل أن يدشن مشواره الأكاديمي ويعود لوطنه الأم، إذ تخرج فى كلية العلوم بجامعة فؤاد الاول (القاهرة الآن) 1937 بمرتبة الشرف الأولى وعند عودته 1951 كانت مصر حبلى بالثورة حيث كان عهد الملكية في النزع الأخير وكان أول مصرى ينال درجة الدكتوراه من جامعة هارفا رد الأمريكية فى الخمسينيات. حارس النيل غريب في أمريكا من مفارقات القدر ان الرجل الذي ظل النيل أغنيته التي يغزل عليها أحلامه وعكف لسنوات على فك اسراره قدر له ان يقيم في امريكا اعواما طويلة حتى لاقته المنية هناك وكان يزور مصر خلال فصل الشتاء ثم يعود ادراجه للمنفى وبدأ سعيد العمل بالتدريس فى جامعة القاهرة حتى عام 1968 حيث تولى بناء وإدارة مؤسسة التعدين والأبحاث الجيولوجية وظل فى منصبه حتى عام 1977 ثم غادر البلاد بعد الإفراج عنه حيث اعتقل فى الخامس من سبتمبر 1981 ضمن 1536 من المثقفين والسياسيين شملهم قرار الاعتقال في خريف الرئيس الأسبق أنور السادات. كتب بالإنجليزية والعربية عدة كتب منها (ملاحظات تفسيرية فى اصطحاب خريطة مصر الجيولوجية) و(الحقيقة والوهم فى الواقع المصري) و(جيولوجيا ما تحت سطح منطقة القاهرة) و(رحلة عمر.. ثروات مصر بين عبدالناصر والسادات) و(التطور الجيولوجى لنهر النيل) و(نهر النيل.. نشأته واستخدام مياهه فى الماضى والمستقبل) وهو عمل موسوعي ضخم يعد من أبرز المراجع العلمية عن النيل ويعد سعيد ابرز من انجبتهم مصر في مجال علوم المياه والتعدين مشروع تحويل وادي النيل من أبرز المشاريع التي ظل يحلم بها رشدي سعيد مشروع تحويل وادي النيل لتعمير الصحراء الشاسعة في مصر وتحويلها إلى أراض مأهولة بالسكان حيث يعتمد تعمير جزء من الصحراء على ربطه بوادي النيل بشبكة محكمة من المواصلات والاتصالات. ويقترح إقامته في المنطقة الواقعة شمال الصحراء الغربية والتي يحدها شمالاً البحر المتوسط وجنوباً منخفض القطارة وواحة سيوه بسبب اعتدال مناخها وانبساط تضاريسها وقربها من مناطق حقول الغاز الطبيعي ومراكز العمران والبحر الذي يمكن استخدام مياهه في التبريد في كثير من الصناعات. اختار الجيولوجي والسياسي المصري الدكتور رشدي سعيد عند بلوغه الثمانين عاماً مناسبة لكتابة مذكراته، تحت عنوان: «رحلة عمر»، ولها عنوان فرعى على قدر من الغموض كما يشير الكاتب محمد رفاعي هو: «ثروات مصر بين عبدالناصر والسادات». وفي مثل هذا النوع من الكتب يسهل أن تخمن التقسيم الذي اتخذ هنا شكل: النشأة / التكوين / ذكريات علمية بين الجامعة ومؤسسة التعدين / ذكريات سياسية / سنوات الأمل والاحباط 68 ـ 1981، سنوات الغربة 81 ـ 2000، غير أن ما يصعب اكتشافه ببساطة حقاً هو التفاعل الداخلي بين مكونات الكتاب وبعضها، وبين الكتاب نفسه والواقع المصري الراهن بكل تعقيداته. ظل رشدى سعيد يكتب في الثمانين ودون مواربة، فهي السن التي لايطمح الانسان فيها إلا الى «الستر والصحة»، ولايستطيع عندها ان يخفي شيئاً ولو كان قد سكت عنه من قبل، ويدلل على صدقه منذ اللحظة الأولى، فيقول مثلا: «ان نظم الحكم في مصر ما زالت تحتفظ بالكثير من سمات نظم الحكم في العصر الوسيط.. وهي لا تسمح عملياً بالمشاركة كما لا تسمح باخضاع السلطة للمساءلة الجادة ويرى رشدي سعيد كما يشير محمد رفاعي إلى ان مصر كانت أغنى دولة في العالم قبل الثورة الصناعية، ويعتبر ان قيام اسرائيل عام 1948، وعنصر البطالة هما أهم رافدين لبعث التطرف الديني في مصر وبصفة خاصة في الجامعة، ويشير في المذكرات الى ان التسامح الذي أرسته ثورة 1919 الليبرالية.. ثورة النهضة الكبرى، قد تلقى أولى الطعنات حين مالأ اسماعيل صدقي قوى اليمين الديني لضرب خصومه من الليبراليين واليساريين. الجهل آفة ضباط يوليو يأس رشدي سعيد مرده وفق محمد رفاعي أن ضباط يوليو كانوا قليلي المعرفة بالآخر الديني الى حد ان فتحي رضوان هو الذي ذكرهم بفريد انطون ليكون الوزير الوحيد ـ القبطي ـ في أول وزارة بعد الثورة (وزير تموين!). وعلى الرغم من إيمان الدكتور سعيد وأسرته بالليبرالية وبالزعامة التاريخية لسعد زغلول ودور حزب الوفد، إلا ان الدكتور رشدي تحدث بصراحة عن أوضاع مصر قبل 1952، حين كان شعبها «مقهوراً ومحصوراً في واديه الضيق». ويتوقف طويلا عند التعليم الذي بدأ يتدهور، ومعه البحث العلمي، ولايزالان في مصر، منذ 1952 حتى الآن، لينتهي الى القول بانه حين ترك الجامعة عام 1977 كان على يقين بأن كل الانجازات الثقافية والعلمية ذات القيمة، تمت إما بعيداً عن الجامعة، أو بعد الابتعاد عنها. مأساة البحث العلمي جزء من محنة العلماء ظل الدكتور رشدي سعيد يرى ان أحد أهم جوانب مأساة البحث العلمي في مصر الفشل في اقامة علاقات علمية متكافئة مع الأجانب، والجهل بأولويات البلاد والخضوع للاغراءات والاكتفاء بالشكلية، عند إقامة مثل هذا النوع من العلاقات بين غير الأنداد ولأن الدكتور رشدي هو الذي تولى قيادة مؤسسة التعدين بعد كارثة يونيو 1967، فقد أفرد لها زاوية خاصة قص فيها كل ما قام به ادارياً وتنظيمياً وكشفياً وبحثياً الى ان ازيح عنها بفعل الفتن السياسية، غير ان سنوات العمل في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب في الحقبة الساداتية، قد عوضته عن العجز عن العمل بالداخل، من ناحية، وفتحت أمامه الباب للتأثير الدولي الواسع، حتى كاد ان يصبح رئيساً للاتحاد البرلماني الدولي لولا عدم حماس بعض الاطراف، من ناحية أخرى يمتلئ الكتاب الذي رصده محمد رفاعي بما يدل على عمق الانتماء المصري والعربي لدى الكاتب، وتمكنه اللغوي والثقافي، وتنوع خبراته ومن وجهة نظر سعيد فإن السادات قد بدل الخيارات المصرية مما سهل على دعاة الشرق أوسطية مهمته، وينتهي الكتاب بنبرة أسى حين يلمح الكاتب الى ان اعظم تكريم لقيه هو تكريم الجمعية الأهلية الفقيرة التي يرأسها د.احمد عبد الله رزة، وقد جاء التكريم بعد أن لاحظ قياديون في الجمعية انه لم ينل ما يستحق من الدولة، وان على المجتمع المدني ان يعوضه عن ذلك وقد اكتشف ان جيل العلم للعلم، قد ولى، ربما في العالم كله، وان نيل الجوائز يتطلب «التربيط» مع مؤسسات وأدوار واسعة للعلاقات العامة وتبادل المصالح، لايستطيع هو أن يقوم بها، فضلا عن أن يقرها. ظل أبو الجيولوجيين المصريين، وعاشق النيل رشدى سعيد يردد على سامعيه في كل المواقع انه لابد أن نستيقظ وننهض لبناء مصر على أسس التقدم والمعرفة الحقيقية، فقد خرج رشدي سعيد كما يشير سعد الدين ابراهيم عالم الاجتماع وعدد ممن عرفوا الراحل الذي مات مساء الجمعة من رحم الواقع السياسي الاجتماعي الذي شكلته الحركة القومية المصرية التي بدأت خافتة في أواخر القرن التاسع عشر، وأصبحت ركيزة الحركة الوطنية ومحركها الأساسي في قيام ثورة 1919، وهي الثورة التي جعلت المصريين يستمدون هويتهم من الانتماء إلي الوطن، وفي دعم الجماعة الوطنية. فتحت سيدة إنجليزية عينيى رشدي سعيد لما رأت الملامح المشتركة بينه وبين تمثال فرعوني معروض في المتحف، دفعه هذا إلي البحث عن جذوره، الشيء الوحيد الذي أتاح له معرفته، هو مسقط رأس العائلة في صعيد مصر، وفتح له باباً صغيراً للمعرفة، كان مسقط رأس جده في بلدة «السراقنة» وهي بلدة صغيرة محمية في حضن «دير المحرق». مناخ الثورة الذى يمثل أهم العوامل التي ساهمت في تكوينه هو المناخ الذي صنعته ثورة 1919، ودستور1923، الذي أرسي لمباديء جديدة علي أساس من المواطنة، وأعادت هذه الثورة الثقة للمصريين، وهناك شخصيات تركت بصمة في تكوين «رشدي سعيد» في الجامعة والحياة العامة منهم «سلامة موسي»ومناخ الجامعة المصرية في ذلك الوقت، التي كانت تعده أستاذا بها ورشحته لبعثة علمية في أفضل جامعات العالم، علي حد قول أستاذه» مصطفي مشرفة»حيث كانوا يريدون للجامعة المصرية الا يقل مستواها عن أي جامعة في العالم. رغم الإعداد الطويل لـ رشدي سعيد علمياً ومعرفيا أثر هذا في تعقيد حياته العلمية في الجامعة، لم يجدها سهلة أو ممهدة، كان وصوله إلي الجامعة وله كمّ من الإنتاج العلمي المتميز صدمة للكثيرين، لمن لم يخبر طريق البحث العلمي، سبب له كثيرا من المضايقات، كانت عودته إلي الجامعة في هذا المناخ تؤدي إلي تبديد طاقته وتعطل العمل الجاد الذي عزم السير في مساره، بعد أن ترك عمله، استاذا في اعظم جامعات أمريكا وباحثا في معاهد» عالم المحيطات حول العالم»، وعاد الي مصر، وهو يحلم بالجامعة وبناء قسم الجيولوجيا علي مستوي رفيع، يكون ندا لأعرق جامعات العالم .لذلك آثر «رشدي»الابتعاد عن هذا المناخ، واكتفي بمكان صغير، حاول فيه بناء جيل من الباحثين والجيولوجيين، ويكون هذا المكان أوسع أفقا وأكثر دراية بالعالم، وسعي جاهدا لمد الجسور مع الهيئات العلمية، والمحلية والعالمية وشركات البترول وهيئة الأبحاث الجيولوجية لتسهيل رحلات الطلاب في الصحراء والتزود بالعينات والبيانات والعمل علي بناء مكتبة متخصصة وتزويدها بأحدث المطبوعات والدوريات العلمية.، إضافة إلى مشاركته في تعريب منهج تدريس العلوم في كلية العلوم، بالاشتراك مع نخبة من كبار العلماء من عدة أقسام علمية مختلفة. روح تحب المغامرة جاء ترشيح د»عزيزصدقي» وزيرالصناعة مؤسس منظومة القطاع العام في ستينات القرن العشرين، ليكون رشدي سعيد رئيسا لمؤسسة التعدين والأبحاث الجيولوجية، وانطلق»رشدي»إلي رحاب أوسع في العمل الميداني الجاد في أنحاء مصرالتي كانت مثخنة بجراح نكسة 1967، وحاول بناء مؤسسة علمية لايجاد مصادر جديدة وخامات أولية يمكن أن تنشأ عنها شركات تعدينية كبيرة علي أسس سليمة وقواعد راسخة، بدأ في بناء هيئة عالية المستوي لدراسة جيولوجية مصر، والكشف عن ثرواتها المعدنية واختيار الصالح للاستخراج الاقتصادي، محاولا إيجاد بدائل للمناجم التي فقدتها مصر بعد الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، وعمل «سعيد» جاهدا لبناء شركات المؤسسة التي كانت منهارة وإعادة كوادرها التنظيمية والإدارية لتصبح مؤسسة قادرة علي تنفيذ البرنامج الطموح للبحث عن المعادن في الصحراء، وتقديم الخدمات اللازمة في مجال الصناعة. من أهم المشروعات التي نفذها: بناء منجم «كارولين كلابشة» علي أسس علمية سليمة بواسطة خبرة مصرية خالصة، ثم مشروع فوسفات «أبو طرطور» في الواحات الخارجة، حيث وضع تصوراً كبيراً لبناء منجم ينقل صناعة التعدين الي مستوي العصر وينقل العمران الي الصحراء. المهم المصري معظم الدراسات التي قام بها «رشدي سعيد» والمقالات التي كتبها ونشرها مشغولة بالهم المصري، كما أن أعماله كما تشير سيرته الذاتية ووفق شهادات لمؤرخين تمثل رؤية إستراتيجية للواقع والمستقبل، ومن أجل الاستغلال الأمثل للامكانيات والموارد الطبيعية الموجودة في مصر، مثل مشاكل المياه والتعدين، ونزيف الهجرة المصرية، ونظرة علمية ثاقبة لمشكلة الانفجار السكاني في مصر، كان الرجل ينادي بضرورة رسم خريطة جديدة لمصر، وكان من أوائل الذين رددوا أن مستقبل مصر الحقيقي في تعمير الصحراء، وأول من توقع حدوث أزمة في مياه الشرب في مصر، منذ عقد كامل تقريبا، معظم أبحاثه يتركز حول مستقبل مصر الاقتصادي وهو زراعة الصحراء والاستفادة القصوي من المياه الجوفية، وكان يري أن مستقبل مصر هو الخروج من الوادي الضيق الي الصحراء، ضرب هو نفسه مثالا، حين اشتري قطعة أرض صحراوية مستصلحة في الواحات وأقام عليها بيته ومزرعته. الأب الرحيم لعمال المناجم بدأ رشدي سعيد حياته العلمية بشركة القصير للفوسفات، وفيها اطلع علي حقائق ومأساة المصريين وغربتهم داخل وطنهم، إذ كان عمال التراحيل الذين جلبوا من الصعيد هم عصب العمل في المناجم، كانوا يعملون في ظروف شاقة وقاسية، دون أي حقوق، وكان الشعب المصري ـ في ذلك الوقت ـ مقهورا ومحاصراً بين وادٍ ضيق لايستطيع الخروج منه، وأرض زراعية مملوكة لعائلات محدودة وكان يعتبره البعض عقب التحاقه بشركة الفوسفات الأب الرحيم لعمال المناجم الفقراء. رحلة عمر سافر رشدى سعيد على سفينة متهالكة الي بعثة في سويسرا بعد ستة أسابيع من انتهاء الحرب العالمية، وكانت تقل جنودا فرنسيين وسنغاليين في طريقهم الي فرنسا، التحق «رشدي» بجامعة «زيوريخ» ولم يجد أستاذاً بها يعينه علي دراسة»جيولوجيا البترول»، كان هذا الفرع المعرفي جديدا علي أوروبا، لذا قرر رشدي نقل بعثته الي أمريكا التي عرفت هذا التخصص الحديث، ووصلته موافقة جامعة القاهرة بعد عامين، وكان علي وشك إنهاء رسالته التي بدأها في جامعة «زيوريخ»، وقرر إلقاء هذه الرسالة جانباً وتوجه الي جامعة «هارفارد»، وكان معظم زملائه من مسرحي الحرب العالمية الثانية، وقد منحتهم الحياة الخبرة والمعرفة، وأهم ما تعلمه في هذه الجامعة هو تأصيل الفهم في منهج العلوم وعرف الملاحظة والتفسير، وحين عاد الي مصر أتيحت له مشاركة كبار العلماء في مصر لترجمة القاموس العلمي. كتابه «رحلة عمر»الذي وضع له عنوانا دالا «ثروات مصر بين عبد الناصر والسادات» مزج فيه بين السيرة الذاتية وبين ثروات مصر ومواردها الطبيعية والبشرية أى بين عصرين متناقضين كما يشير المؤرخون الذين اهتموا بسيرة الرجل وربط بين الهم الشخصي الذي يصبح هما مصريا جماعيا، واكتمل عشقه لمصر علي أساس معرفي، توج هذا الحب بدراسة متعمقة في التربة المصرية، بحثا في العمل الحقلي الميداني، وبحثا في المعمل، وأبدع كتبا لاقت نجاحا دوليا مثل: كتابه «نهر النيل نشأته واستخدام مياهه» نشرت طبعته العربية دار الهلال، وكتابه «جيولوجية مصر»الذي أُعتبر من عمدة الكتب العلمية الدولية عن التربة المصرية، ونشر كتابين عن الواقع المصري هما: «الحقيقة والوهم في الواقع المصري»، «مصر المستقبل:المياه والطاقة والصحراء». من أقواله: إسرائيل والبطالة.. أبرز أسباب التطرف الدينى الحقبة الساداتية مهدت الأرض لدعاة الشرق أوسطية الجهل بأولويات البلاد.. أحد جوانب مأساة البحث العلمى من مؤلفاته: ـ نهر النيل.. نشأته واستخدام مياهه ـ جيولوجية مصر ـ المياه والطاقة والصحراء ـ الحقيقة والوهم فى العالم المصرى اقرأ المقال الأصلي علي بوابة الوفد الاليكترونية الوفد - رشدى سعيد "عاشق تراب مصر".. مات وحيداً فى بلاد "العم سام"
__________________
|
#3
|
|||
|
|||
عالم الجيولوجيا الراحل رشدي سعيد قبل رحيله : رمسيس الثالث آخر حاكم صالح!
سعيد : ممر التنمية فاشل وتصدير الغاز مرفوض !
سعيد طور منظومة استخراج الطاقة بمصر .. وكان نائبا للشعب الراحل : خطر الفتنة الطائفية بدأ منذ تأسيس جماعة الإخوان! " هناك طبقتان فقط فى مصر.. طبقة طافية وطبقة غاطسة"، هكذا عبر العالم الراحل "أبو النيل" رشدي سعيد عن حال مصر، قائلاً مصر الآن غرقت أكثر مما فى السابق، وأصبحت كالكثبان الرملية تبتلع كل من له علاقة بالفقر، وهم كثيرون جداً ويمثلون ما يقرب من 45٪ من المصريين، ويطفو فوق سطحها الأغنياء، وهم الطبقات الحاكمة وأتباعهم، وهم لا يمثلون إلا نسبة 10٪ فقط . كان مشروع الدكتور الراحل رشدي الذي كرس له سنوات عمره هو الارتقاء بالإنسان المصري ليس من خلال أبحاثه ودراساته العلمية فحسب بل أيضاً من خلال عالم الثقافة والتنوير ونشر المنهج العقلاني الإنساني المتحرر من آفة التعصب والعنصرية، وهي السمات الأساسية في تكوين شخصيته التي يدعو إليها بين كل المصريين مسلمين وأقباطاً. العالم د.رشدي سعيد "أبو الجيولوجيا في مصر" الذي توفى في الولايات المتحدة مساء الخميس الماضي عن عمر يناهز 93 عاما، يتم تشييع جنازته غداً الاثنين من الكنيسة الأرثوذكسية القبطية "سانت مارك" بولاية فرجينيا الأمريكية. غادر الراحل عالمنا بعد حياة حافلة في مجال العلوم، شغل خلالها عضوية البرلمان، كما ألّف عدة كتب أحدها من المراجع البارزة عن نهر النيل. أحوال مصر كان الراحل يرى أن مصر بها مشكلة كبيرة جداً ليست مقصورة على البحث العلمى فقط وإنما على التعليم عموماً، يكاد الإنسان أن يقول أنه لا يوجد تعليم فى مصر.. خلاص انتهى. المشكلة الكبرى فى مصر الآن كما يقول أنه لابد من عمل مجتمع منتج؛ لأن المجتمع المنتج هو المجتمع الوحيد القادر على بناء مؤسسات صالحة غير فاسدة، وجزء من فساد المجتمعات الأوروبية وأمريكا، التى لم يكن بها فساد، أن المجتمع المنتج انتهى، فتاريخيا كل المجتمعات الصالحة حدثت وقت البناء والإنتاج، إنجلترا مثلا لم تبنى قضاء ومصلحة جمارك وضرائب سليمة إلا عندما كانت لديها صناعة واضطرت لأن تفعل هذا وإلا لما استطاعت بناء شىء. كان يرى كذلك أن آخر حكومة صالحة هي حكومة رمسيس الثالث أحد أكبر الفراعنة فى مصر وبعده انحدرت مصر وأصبحت مستعمرة لمختلف الدول، حيث كانت مصر دولة غنية جداً فى وقت كان يعتمد فيه العالم على الزراعة، وإذا كانت الثروة تأتى من الزراعة إذن مصر كانت حينها أغنى بلد فى العالم لأنها دولة زراعية من الدرجة الأولى وإنتاجها عال، لذلك كانت درة من الدرر التى تسعى كل الإمبراطوريات للاستيلاء عليها منذ أن سقط رمسيس الثالث أحد أعظم فراعنة مصر. يقول سعيد : عندما أذهب الى مصر لا أقدر أن أمشى فى الشارع من زحمة المرور إلى التعليم السيئ وأزمة القمامة فى الشوارع وغيرها.. يعنى كل حاجة تقريباً فى مصر باظت، ولا أرى فيها شيئاً جميلا سوى الــ"الكومبوندز" الخاصة بالأفراد الذين يعيشون فى مستوى اقتصادى عال. وصف الراحل البرادعي بأنه نسمة هواء منعشة، وكان يرى أنه الأمل في التغيير من سلطة تحكم عن طريق الطوارئ ولا تسائلها تلك المجالس التشريعية الصورية والتي لم يحدث أن أسقطت حكومة ولا وزيرا ولا منعت قانونا تريده السلطات . أما عن قرارات الحكام فإنها تتخذ في أغلبها لصالح القلة المقربة ودون النظر إلى الصالح العام أو إلى المستقبل. ممر التنمية والغاز بخصوص ممر التنمية الذي اقترحه الدكتور الباز ، كان رشدي سعيد يرى أنه مشروع فاشل، حيث يهدف لممر يوازي نهر النيل لتهيئة فرصة لأراض يقطنها السكان بالصحراء، لكن كل ذلك لن يفيد في مصر لأن الطريق الذي اختاره الباز حجري يستحيل زراعته، وهو لا يحوي مياه جوفية . كذلك طالب العالم الراحل بإيقاف تصدير الغاز إلى إسرائيل لأنه أهم مصدر للتنمية الصناعية فى الصحراء. ومن أول يوم قالوا إنهم سيصدرون الغاز لإسرائيل قلت: "لا تصدروه، لأننا سنستخدمه فى مشروعات مصرية بعد ذلك. انظروا إلى التجربة الإيطالية.. ولكن لا حياة لمن تنادى! رحلة عمر في كتابه "رحلة عمر.. ثروات مصر بين عبدالناصر والسادات"، اختار سعيد بلوغه الثمانين عاما مناسبة لكتابة مذكراته، لأنه السن الذى لا يطمح الإنسان فيه إلا إلى "الستر والصحة"، ولا يستطيع عندها أن يخفى شيئا ولو كان قد سكت عنه من قبل . كان الراحل يرى أن إشعال الفتنة الطائفية، خطر بدأ مع صعود التيار الدينى منذ تأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928. قائلاً: الإنسان المصرى طائفى فى تكوينه أيا كانت ديانته، قائلاً: "المشروع السياسى العام لنُظم الحكم التى مرت على مصر، هى المسئولة عن تأجيج هذا الخطر، وإذا كان هذا المشروع وطنيا جامعا ستجد المسيحى أو المسلم، يتكلم عن الوطن وليس الدين". ويرى سعيد من خلال كتابه أن نظم الحكم فى مصر ما زالت تحتفظ بالكثير من سمات نظم الحكم فى العصر الوسيط.. وهى لا تسمح عمليا بالمشاركة كما لا تسمح بإخضاع السلطة للمساءلة الجادة. وأشار إلى أن مصر كانت أغنى دولة فى العالم قبل الثورة الصناعية معتبرًا أن قيام دولة إسرائيل عام 1948 وعنصر البطالة، هما أهم رافدين لبعث التطرف الدينى فى مصر وبصفة خاصة فى الجامعة . وأنهى كتابه بنبرة، آسى حين لمح إلى أن أعظم تكريم لقاه هو تكريم الجمعية الأهلية الفقيرة التى يرأسها د.أحمد عبدالله رزة وقد جاء التكريم بعد أن لاحظ قياديون فى الجمعية أنه لم ينل ما يستحق من الدولة، وأن على المجتمع المدنى أن يعوضه عن ذلك. واكتشف أن جيل العلم للعلم، قد ولى، ربما فى العالم كله، وأن نيل الجوائز يتطلب "التربيط" مع مؤسسات وأدوار واسعة للعلاقات العامة وتبادل المصالح، لايستطيع هو أن يقوم بها. الكتاب يرصد مضمـــون وملامح تجربة طويلة لعالم، جمعت بين تقلبــــات متتالية في النظام المصري، وذلك من خلال عيون عالِم قبطي بارز، عاصـــر فتـــرة ما بعد ثورة 1919 والتجربة الليبراليـــة القصيرة في هـــذه الفترة، وتصاعد المد الديني المتمثـــل في جماعــــة الإخــــوان المسلمين، ثم ثورة 1952، والتي عُين بعــدها نائبـــاً في مجلس الشعب عام 1964، واستمر تعيينه في برلمان 1969، وبرلمان 1971. كما عاصر نكبة يونيو 1967، ونصر أكتوبر 1973، وما تلا ذلك من سنوات الانفتــــاح والفســـاد المالي والإداري الذي عاشته مصر. ومنــــذ سنة 1951 يؤكد الدكتور سعيد أنه ظلَّ منكباً على البحث العلمي وتدريب الطلاب في قســـم الجيولوجيا، في كليـــة العلوم جامعـــة القاهرة، فطـــوال السنوات العشر التي تلت هذا التاريخ لم يكـــن هنـــاك مكان لأحد في ميدان العمل السياسي الذي كان رجال الثورة قد احتكـــروه، وقصروا العمـــل فيه على مجموعة صغيرة من الثقات، ما أحدث تباعداً مع المثقفيــــن الذين كــــان رجـــال الثـــورة يتوجســـون منهــــم. وعُيِّن الدكتور رشدي سعيد في مجلس الشعب عام 1964، ويقول عنه بأنــــه لم يكن برلماناً بالمعنـــى الذي تعـــارفت عليه الديمقراطيات الغربية ذات الأحــــزاب المتعددة.. وظــل هذا النمط من الديمقراطيـــة المحدودة التي بدأت ببرلمان سنة 1964، كما يقول المؤلف، سائداً في مصر، حتى الوقت الحالي، على الرغم من التغيرات الهائلة التي حدثت في مصر والعالم. اختير الدكتور رشدي عضوا بمجلس الشعب في ثلاث دورات من1964 الي1976 فشهد وشارك في العمل السياسي من موقع رفيع.. وروي في مذكراته عن أحداث هزيمة1967 وتنحي جمال عبدالناصر وعودته بإلحاح الجماهير ثم أحداث نصر1973 وقوانين الانفتاح الاقتصادي. بطاقة تعارف ولد سعيد في القاهرة عام 1920، وتخرج في كلية العلوم بالجامعة المصرية "القاهرة الآن"، 1937 بمرتبة الشرف الأولى، وعين معيداً، ثم أرسل في بعثة إلى جامعة زوريخ بسويسرا، وعاد عام 1951، وكان أول مصري ينال درجة الدكتوراة من جامعة "هارفارد" الأمريكية في الخمسينيات. عمل بالتدريس في جامعة القاهرة حتى عام 1968، حين تولى بناء وإدارة مؤسسة التعدين والأبحاث الجيولوجية، وظل في موقعه حتى عام 1977، ثم غادر البلاد بعد الإفراج عنه حيث اعتقل في الخامس من سبتمبر عام 1981 ضمن 1536 من المثقفين والسياسيين في نهاية عهد الرئيس السابق أنور السادات. وألف الراحل كتباً بالإنجليزية والعربية، منها "ملاحظات تفسيرية في اصطحاب خريطة مصر الجيولوجية"، و"الحقيقة والوهم في الواقع المصري"، و"جيولوجيا ما تحت سطح منطقة القاهرة"، و"رحلة عمر.. ثروات مصر بين عبدالناصر والسادات"، و"التطور الجيولوجي لنهر النيل"، و"نهر النيل.. نشأته واستخدام مياهه في الماضي والمستقبل"، وهو مجلد كبير يعد من أبرز المراجع العلمية عن النيل. وفي سنة 1968 رأس مؤسسة التعدين التي تولي بناءها من الصفر وحولها لمؤسسة تستخدم أحدث الطرق العلمية في البحث والكشف عن ثروات مصر المعدنية بعد أن كانت من مخلفات شركات القطاع الخاص عند تأميمها، وطور هيئة المساحة الجيولوجية لتصبح مركزاً عملياً وأضاف إلي مهامها دراسة وبناء المشروعات التعدينية، وأصبح صيت الدكتور رشدي سعيد عالمي . كرمه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في عام 1962، حيث سلمه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولي، وحصل على جائزة الريادة لعام 2003 من الجمعية الأمريكية لجيولوجيي البترول، وذلك تقديرا لأعماله العلمية في مجال جيولوجيا مصر والشرق الأوسط، التي وصفتها بأنها فتحت آفاقا جديدة لتطبيق هذا العلم في مجال البحث عن البترول في المنطقة.
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|