اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #4  
قديم 09-02-2013, 03:04 AM
الصورة الرمزية الأستاذة ام فيصل
الأستاذة ام فيصل الأستاذة ام فيصل غير متواجد حالياً
مدير الأقسام العامة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
المشاركات: 16,540
معدل تقييم المستوى: 10
الأستاذة ام فيصل is just really nice
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abomokhtar مشاهدة المشاركة


وإن من أخطر الأمور التي جنتها الأمة بسبب غياب فقه البصيرة من القلوب، كثرة مشاكلها واختلافها وظهور الفتن ولعل من أخطر هذه الفتن استحلال الدماء وإزهاق الأرواح وإقلاق الأمن وتخويف الناس وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة، والصراع والخلاف على أتفه الأمور، والانتصار للنفس حتى وإن كانت على باطل. لقد ضعف الإيمان في قلوبنا فضاعت البصيرة وتعلقت القلوب بالدنيا فزاد الشقاء وحلت التعاسة في حياتنا، وتهاون الكثير بالطاعات والعبادات فجفت الأرواح وتبلد الفكر وقست القلوب ولم ينتفع الإنسان بنعم الله عليه فالسمع والبصر وغيرها من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، عندما لا تستخدم فيما خلقت له تصبح وبالاً على صاحبها يقول عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] ويقول عز وجل: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44].


وفقه البصيرة يحتاج إليه الحاكم والعالم والمربي والسياسي والصحفي ورب الأسرة والموظف والعامل والرجل والمرأة، وفقه البصيرة مرتبط بقوة الإيمان والاتصال بالله والتفكر في مخلوقاته والنظر في عواقب الأعمال والأفعال والسلوكيات، ودراسة تاريخ الشعوب وأحداث الزمان، والنظر في سنن الله في هذه الحياة وكذلك الصبر والتأني وتقدير المصالح والمفاسد والخير والشر عند كل حال.

عباد الله: فقه البصيرة يهدينا لأن نكون معاول بناء لا معاول هدم في مجتمعاتنا وأمتنا فنسعى إلى تآلف القلوب ونشر ثقافة الحب والاحترام والتقدير لبعضنا البعض ونقوي أخوتنا ونحل مشاكلنا بالحوار والحكمة والمصلحة.
البصيرة أن يكون عندنا يقين بأننا سنرحل عن هذه الدنيا ولن يبقى فيها أحد، عند ذلك يختفي الجشع والطمع وغمط حقوق الآخرين والاعتداء على أموالهم وأعراضهم ودمائهم وأن الله سيقتص من الظالم والمعتدي في الدنيا قبل الآخرة.

وفقه البصيرة يدعونا إلى بناء أوطاننا بالعلم والإيمان والبذل والعطاء وتطوير الأوطان وازدهارها في جميع المجالات، يحتاج إلى العلم والعمل والقيام بالمسئوليات وإدراك كل فرد دوره وواجبه، فلا يمكن أن تعيش أمم الأرض من حولنا حياة الأمن والنظام والتقدم الحضاري وبناء الإنسان والعناية به وأمتنا ومجتمعاتنا تعصف بها المشاكل والحروب والصراعات والفقر والتخلف، ونحن خير أمة أخرجت للناس، وما كان هذا ليحدث إلا عندما أهملنا ديننا وتوجيهات ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ونسينا أخوتنا وركنا إلى الدنيا وإلى الذين ظلموا، وعند العودة بصدق إلى تعاليم الإسلام وواجبنا الحضاري وأخلاقنا السامية وقمنا بواجباتنا وأدركنا مسئولياتنا، عندها سيتبدل حالنا وتتغير ظروفنا قال تعالى: {إن اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد:11]، فغيروا ما بأنفسكم إلى ما يحبه الله ويرضى.

اللهم اقسم لنا من خشيتك ما يحول بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما يهون علينا مصائب الدنيا، ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا من لا يرحمنا.
هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

يقول الله عز وجل: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ . وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ . وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ . وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:19-22] ويقول الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصَاراً وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصَارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ} [الأحقاف:26] ويقول عز وجل: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:44] ويقول عز وجل: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [الأعراف:179] أجل بم تتميز؟ بالبصيرة.


قال ابن القيم رحمه الله: "قال الله تعالى: {إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْمُتَوَسِّمِينَ} [الحجر:75]، قال مجاهد يعني للمتفرسين، وفي الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اتقوا فراسة المؤمن فإنه يرى بنور الله»، والتوسم التفرس ولهذا خص الله بالآيات والانتفاع بها هؤلاء. وبعث الله الرسل مذكرين ومنبهين ومكملين لما عند الناس من استعداد لقبول الحق بنور الوحي والإيمان فيضاف إلى ذلك نور الفراسة فيصير نورًاً على نور فتقوى البصيرة" (مدارج السالكين 1/110).


لأن البصيرة التي تعرف أن هذا مهم فيقدم، وهذا غير مهم فيؤخر غير موجودة، فإذا جاءت البصيرة بدأ الإنسان يعيد ترتيب قضايا حياته، ويعطي لكل شيء ما يناسبه من الاهتمام. الآن لما عميت بصائر أكثر الناس، ما عرفوا الأمور على حقائقها ولم يروا إلا ما تراه حواسهم فقط، فرأوا الدنيا، فيعيشون للدنيا التي يرونها ويسمعونها ويشمونها ويتذوقونها ويلمسونها ويتمتعون بها، فلها يعيشون، وبها يفرحون، ومن أجلها يغضبون، وفي سبيلها يموتون، وإذا قلت له: آخرة، قال: يا شيخ! فيما بعد، لماذا؟ لأنها ليست في ذهنه، وليست واردة في حساباته؛ لأنه لا يراها، ليس لديه نور ينظر به، وليست عنده بصيرة يستطيع أن يخترق الحجب وأن ينفذ إلى الآخرة، ولذا لا يرى إلا الدنيا، لماذا؟

قال العلماء: هذه الإصبع إذا وضعتها في المكان المناسب رأيتها بحجمها، تضعها أمام عينك فتراها بوضعها الطبيعي ولكنك تراها وترى ما وراءها، لا تستطيع الإصبع أن تحجب الرؤية عن عينيك وأن تسد أفق النظر عما وراءها، فأنا الآن أرى إصبعي وأرى المجلس المملوء بالمؤمنين، وأرى اللمبات والأعمدة، وأرى الميكرفون، وأرى يدي، لكن إذا قربت الإصبع جداً جداً إلى أن تلصقها بعينك ماذا ترى؟ لا ترى إلا الإصبع فقط، يقولون: وراءها مسجد وراءها أناس، تقول: لا..
لا أرى إلا الإصبع، لماذا؟ لأنك ألصقتها، ما وضعتها في المكان المناسب، لكن إذا أبعدتها قليلاً ترى الناس، كذلك الناس ألصقوا الدنيا بقلوبهم، ألصقوا الدنيا بأعينهم، ألصقوا الدنيا بجميع حواسهم فلا يرون إلا الدنيا، ولو أنهم أبعدوا الدنيا قليلاً -لا نقول: يرفضونها وإنما يجعلونها في المكان الصحيح- لرأوا الآخرة، ولرأوا الجنة والنار.


حارثة بن وهب رضي الله عنه وإن كان الحديث فيه مقال، لكنه يستشهد به في مثل هذه الأمور لقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: «كيف أصبحت يا حارثة؟» قال: "أصبحت مؤمناً يا رسول الله!" قال: «انظر ماذا تقول، فإن لكل قول حقيقة، فما حقيقة إيمانك؟» قال: "يا رسول الله! عزفت نفسي عن الدنيا وشهواتها؛ فأظمأت نهاري بالصيام، وأسهرت ليلي بالقيام، وأصبحت وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني أنظر إلى أهل النار يتعاوون فيها"؛ فقال عليه الصلاة والسلام : «عرفت فالزم، إنك امرؤ نور الله قلبك بالإيمان».


إذا أنار الله القلب وفتح البصيرة؛ رأى الإنسان الدنيا والأمور كلها على حقيقتها، ورأى الله في كل شيء.

وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد


ينظر إلى السماء فيرى آثار قدرة الله في خلق السماء فيقول: لا إله إلا الله! سبحانك {مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:191].
ينظر إلى البحر فيقول: لا إله إلا الله! سبحان من أجراه، ينظر إلى الجبال فيقول: لا إله إلا الله! سبحان من أرساها، ينظر إلى الأرض فيقول: لا إله إلا الله! سبحان من مدها وبسطها، ينظر إلى الثمار فيقول: لا إله إلا الله! سبحان من حلاها وأنبتها، ينظر إلى العسل وهو يأكل ويقول: لا إله إلا الله! سبحان من أخرج هذا العسل من هذه الحشرة، يأكل الموز فيقول: سبحان من أخرج هذا الشيء من الطين! {وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ} [الرعد:4].

لماذا؟ فتح الله بصيرته، لكن البهيمة التي لا تعرف الله وليس عندها إيمان ولا نور تأكل من اللوز ومن الموز ومن اللحم ومن العسل ومن كل شيء، ولا تقول: سبحان الله! ولا تقول: لا إله إلا الله! لماذا؟ مثل الدابة أو الثور أو الحمار -الله يكرمكم- إذا أكل علفاً هل يتفكر في هذا العلف كيف ساقه الله له؟ أبداً، يأكل حتى تمتلئ بطنه ويذهب فيركب أنثاه، وكذلك بعض البشر يعيش حياة البقر وحياة الحمير لا فرق بينه وبين البهائم والعياذ بالله.


حسان أحمد العماري
جزاك الله خيرا
تحياتي
رد مع اقتباس
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 07:48 PM.