|
أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل |
|
أدوات الموضوع | ابحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() |
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() ابن سيرين هو أبوبكر محمد بن سيرين البصري التابعي الكبير، والإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا، والمقدم في الزهد والورع وبر الوالدين، توفي 110 للهجرة بعد الحسن البصري بمائة يوم، وكان عمره نيفاً وثمانين سنة. كان ابن سيرين قصيراً، عظيم البطن، به صمم، كثير الضحك والمزاح، عالماً بالحساب، والفرائض، والقضاء، ذا وفرة، يفرق شَعْره ويخضب بالحناء، يصوم يوماً ويفطر يوماً. اشتهر ابن سيرين بالورع وكان عالما بارعا بتأويل الرؤى. مولده ونشأته ولد "محمد بن سيرين" في خلافة عثمان بن عفان. كان أبوه (سيرين) مملوكًا لأنس بن مالك الصحابي، وكان من نصيبه بعد معركة عين التمر وهي بلدة غربي الكوفة افتتحها خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر الصديق، فأعتقه أنس. قال أنس بن سيرين: ولد أخي محمد لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب وأمه اسمها (صفية) وكانت أمة لأبي بكر الصديق فأعتقها أيضًا. عرف أبوه وأمه بالصلاح وحُسن السيرة. طلبه للعلم نشأ "محمد بن سيرين" في بيت تحوطه التقوى والورع واتصل بمجموعة كبيرة من الصحابة م مثل: زيد بن ثابت، وعمران بن الحصين، وأنس بن مالك, وأبي هريرة، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر. أقبل "محمد بن سيرين" على هؤلاء الصحابة الكرام ينهل من علمهم وفقههم وروايتهم لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم. قال هشام بن حسان: أدرك محمد ثلاثين صحابياَ. من تلاميذه / قتادة، وأيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون، وخالد الحذّاء، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي، وقرة بن خالد، ومهدي بن ميمون، وجرير بن حازم، وأبو زياد محمد بن سليم، ويزيد بن إبراهيم التستري، وعقبة بن عبد الله الأصم وغيرهم خلق كثير. شهـرته اشتهر محمد بن سيرين وذاع صيته وعلت شهرته في البلاد وعُرف بالعلم والورع وقد كانت له مواقف مشهورة مع ولاة بني أمية صدع فيها بكلمة الحق وأخلص النصح لله ولرسوله؛ منها: سأله مرة عمر بن هبيرة والي بني أمية على (العراقين): كيف تركت أهل مصرك يا أبا بكر (كنية ابن سيرين)؟! فقال محمد بن سيرين: تركتهم والظلم فيهم فاش وأنت عنهم لاهٍ. فغمزه ابن أخيه بمنكبه، فالتفت إليه قائلا: إنك لست الذي تُسأل عنهم وإنما أنا الذي أسأل وإنها لشهادة (ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) فأجزل ابن هبيرة له العطاء فلم يقبل، فعاتبه ابن أخيه قائلا: ما يمنعك أن تقبل هبة الأمير؟ فقال: إنما أعطاني لخير ظنه بي، فإن كنت من أهل الخير كما ظن، فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن، فأحرى بي ألا استبيح قبول ذلك. ورعه ومن ورع محمد بن سيرين أنه سمع أحد الناس يسب الحجاج بن يوسف بعد وفاته فقال له:" صه يا ابن أخي، فإن الحجاج مضى إلى ربه، وإنك حين تقدم على الله عز وجل ستجد أن أحقر ذنب ارتكبته في الدنيا أشد على نفسك من أعظم ذنب اجترحه الحجاج، فلكل منكما يومئذ شأن يغنيه، واعلم يا ابن أخي أن الله عز وجل سوف يقتص من الحجاج لمن ظلمهم كما سيقتص للحجاج ممن يظلمونه، فلا تشغلن نفسك بعد اليوم بسب أحد". منح الله ابن سيرين سمتًا صالحًا وقبولا في قلوب الناس، فكان الناس إذا رأوه في السوق وهم غارقون في غفلتهم انتبهوا وذكروا الله وهللوا وكبَّروا. كانت له تجارة وله بيع وشراء في السوق فإذا رجع إلى بيته بالليل أخذ في القيام يتلو القرآن ويبكي. وكان في تجارته ورعًا لدرجة أنه ذات مرة اشترى زيتًا بأربعين ألفًا مؤجلة، فلما فتح أحد زقاق الزيت وجد فيه فأرًا ميتًا متفسخًا فقال في نفسه: إن الزيت كله كان في المعصرة في مكان واحد وإن النجاسة ليست خاصة بهذا الزق دون سواه، وإن رددته للبائع بالعيب فربما باعه للناس. فأراق الزيت كله. [عدل] ثناء العلماء عليه قال مورق العجلي: "ما رأيت رجلا أفقه في ورعه، ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين". قال ابن عون: كان محمد يأتي بالحديث على حروفه وقال أيضاً: ما رأيت مثل محمد بن سيرين وقال حماد بن زيد، عن عثمان البتى، قال: لم يكن أحد بالبصرة أعلم بالقضاء من ابن سيرين. وعن حماد أيضاً عن عاصم، سمعت مورقاً العجلي يقول: ما رأيت أحدا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمد بن سيرين. قال ابن عون ثلاثة لم تر عيناي مثلهم: ابن سيرين بالعراق، والقاسم بن محمد بالحجاز، ورجاء بن حيوة بالشام، كأنهم التقوا فتواصوا. قال أبو عوانة: رأيت محمد بن سيرين في السوق فما رآه أحد إلا ذكر الله. قال محمد بن جرير الطبري: كان ابن سيرين فقيهًا، عالمًا، ورعًا، أديبًا، كثير الحديث، صدوقًا، شهد له أهل العلم والفضل بذلك، وهو حجة. احتياطه في الحديث والفتيا وبعض أموره قال مهدي بن ميمون: رأيت محمد بن سيرين يحدث بأحاديث الناس، وينشد الشعر، ويضحك حتى يميل، فإذا جاء بالحديث من المسند كلح وتقبض. قال أشعث: كان ابن سيرين إذا سئل عن الحلال والحرام، تغير لونه حتى نقول: كأنه ليس بالذي كان. قال ابن شبرمة: دخلت على محمد ابن سيرين بواسط فلم أر أجبن من فتوى منه، ولا أجرأ على الرؤيا منه. قال هشام: ما رأيت أحدًا عند السلطان أصلب من ابن سيرين. وكان ابن سيرين قد حبس في السجن على دين أصابه وقد حبسه مالك بن المنذر، وقدر روى عبد الحميد بن عبد الله أن السجّان قال لإبن سيرين: إذا كان الليل فأذهب إلى أهلك فإذا أصبحت فتعال. قال لا والله، لا أكون لك عونًا على خيانة السلطان. عن ابن عون قال: أن محمد كان إذا كان عند أمه لو رآه رجل لا يعرفه ظن أن به مرضًا من خفض كلامه عندها. كان ابن سيرين بزازًا (بائع أقمشة)، ومرّ يومًا في زقاق فسألته امرأة: ماذا لديك من بضاعة؟ قال: أبيع الأقمشة. فقالت له: ادخل المنزل حتى اختار القماش الذي اريد، فلما دخل أغلقت المرأة الباب وقالت: يجب أن تلبي طلبي. وكان ابن سيرين شابا نجيبًا ولم يرتكب رذيلة ابدًا وكان يقول: كنت أغض بصري إذا رأيت في المنام امرأة أجنبية (غير محرمة). ولمّا أصرت تلك المرأة على ابن سيرين ليفعل ما تريد، قال لها: حسنًا دعيني اذهب إلى المستراح (الخلاء) كي أتهيأ وأعود، فذهب ولطخ نفسه بالنجاسة، ثم رجع إليها فاشمأزت منه واخرجته، وهكذا تخلص من المعصية. فمنحه الله بعد ذلك القدرة على تفسير الأحلام. ![]() ويوجد كتاب ينسب له في تفسير الأحلام، لكن أتباع السلفية لا يقولون بذلك. وفاته قال ابن عون: كانت وصية محمد بن سيرين لأهله وبنيه: أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم وأن يطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به (وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) وأوصاهم ألا يدعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإن العفاف والصدق خير وأبقى وأكرم من الزنى والكذب[بحاجة لمصدر]. قال غير واحد: مات محمد بعد الحسن البصري بمائة يوم، سنة عشر ومئة. توفي محمد بن سيرين بعد أن عمَّر حتى بلغ السابعة والسبعين عامًا. |
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير الأحلام - ابن سيرين تفسير الأحلام لابن سيرين ( محمد بن سيرين ) كتاب إلكتروني مفهرس بامتداد chm لتحميل الكتاب : http://www.sooqak.com/vb/up/files/ge...mibnsireen.rar أو تفسير الأحلام - إبن سيرين .. برنامج رائع من هنا أو تحميل تفسير الأحلام لأبن سيرين dowload http://adf.ly/246619/http://www.4sha...7/_______.html أو حمل هذا http://adf.ly/246619/http://www.4sha...f/_-_.html?s=1 |
#4
|
||||
|
||||
![]() |
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() شُرَيْح بنُ الحارث القاضي - ![]() إنه شريح بن الحارث، يمني الموطن، كنْدي العشيرة، قضي جزءاً من حياته غير يسير في الجاهلية، فلما أشرق الإسلام بنوره على ربوع الجزيرة شرح الله صدره لهذا الدين العظيم، فاستجاب لدعوته ونهل من نبعه الصافي وكان ذا عقل رشيد ورأي سديد وبصيرة نافذة وحكمة فريدة فسخر كلَّ ذلك في خدمة الإسلام ونفع المسلمين. إنه شريح القاضي الذي أصاب من العلم ما أصاب، حتى عُدَّ من علماء عصره الأماجد والذين يشار إليهم بالبنان والمعروفين في كل زمان ومكان، وسئل ذات يوم: بأي شيء أصبت هذا العلم يا شريح؟ فقال: بمذاكرة العلماء آخذ منهم وأعطيهم. إنه شريح القاضي الذي رفع الله شأنه وأعلى قدره أن هداه للإسلام وشرح صدره له، ثم بتوليه منصب القضاء في خلافة عمر ثم عثمان ثم معاوية، ثم من جاء بعد معاوية من خلفاء بني أمية حتى طلب إعفاءه من هذا المنصب إبان ولاية الحجاج. وشهد له الجميع بحبه للحق وإيثاره له ولو على نفسه أو ولده أو الناس أجمعين لا يميز بين ملك ومملوك ولا رئيس ومرءوس، وكان شريح إلى ذلك كله شاعراً لبيباً ذواقا وذا طرفة وفكاهة كانت تلك مقدمة ألقينا الضوء من خلالها على أهم ما يميز هذا التابعي الجليل شريح القاضي من علم وحكمة وذكاء وفطنة ومنزلة ومكانة ولم لا؟! وقد حفل تاريخ القضاء في الإسلام بمواقف نادرة للقاضي شريح سطرها له ذلك التاريخ المضيء الناصع الذي امتلأ قسطاً وعدلاً حتى مع غير المسلمين مما جعل الكثير والكثير يحبون الإسلام ويدخلون فيه وينضوون تحت لوائه بل قد امتلأت بطون الكتب بطرائفه وأخباره وأقواله وأفعاله ولا غرابة في ذلك فقد ربا عمره على السابعة بعد المائة فكانت حياته مديدة رشيدة حافلة بتلك المواقف والمآثر إذ قضى نحوا من ستين عاماً يقضي بين الناس بالحق والعدل. · ولكن لماذا ولاه أمير المؤمنين عمر القضاء؟ · إن لذلك قصة قصيرة تعال معي لنتعرف عليها... ![]() ابتاع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فرساً من رجل من الأعراب وأعطاه ثمنه ثم ركبه ومضى به، لكنه ما كاد يبتعد بالفرس طويلاً حتى ظهر فيه عطب عاقه عن مواصلة الجري، فانثنى به عائداً من حيث انطلق. وقال للرجل: خذ فرسك فإنه معطوب؟ فقال الرجل: لا آخذه يا أمير المؤمنين وقد بعتُه لك سليماً صحيحاً. فقال عمـر: اجعل بيني وبينك حكماً. فقال الرجل: يحكم بيننا شريح بن الحارث الكندي. فقال عمـر: رضيت به. احتكم أمير المؤمنين عمر وصاحبُ الفرس إلى شريح فلما سمع شريح مقالة الأعرابي، التفت إلى عمر بن الخطاب وقال: هل أخذت الفرسَ سليماً يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: نعم. فقال شريح: احتفظ بما اشتريت يا أمير المؤمنين أو رُدَّ كما أخذت، فنظر عمر إلى شريح معجباً وقــال: [وهل القضاء إلا هكذا؟ قول فصل وحكم عدل.. سِرْ إلى الكوفة فقد وليتك قضاءها]. ولم يكن عمر متعجلاً في ذلك فقد أثبتت الأيام وبرهنت السنون صواب عمر وصدق فراسته في هذا القاضي العظيم صاحب الفضل وصاحب التجربة العميقة في الحياة وإذا ذهبنا نتصفح بطون الكتب لوجدناها قد امتلأت بأخبار القاضي شريح وقضاياه. · فهذا علي بن أبي طالب، افتقد درعاً له كانت عزيزة غالية عليه ثم ما لبث أن وجدها في يد رجل من أهل الذمة يبيعها في سوق الكوفة فلما رآها عرفها... وقــال: هذه درعي سقطت عن جمل لي في ليلة كذا وفي مكان كذا. فقال الذمي: بل هي درعي وفي يدي يا أمير المؤمنين. فقال علي: إنما هي درعي لم أبعها لأحد ولم أهبها لأحد حتى تصير إليك. فقال الذمي: بيني وبينك قاضي المسلمين. فقال علي: أنصفت، فهلمَّ إليه. ثم أنهما ذهبا إلى شريح القاضي فلما صارا عنده في مجلس القضاء... قال شريح لعلي : ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقـــال: لقد وجدتُ درعي هذه مع هذا الرجل وقد سقطت مني في ليلة كذا وفي مكان كذا وهى لم تصل إليه لا ببيع ولا هبة. فقال شريح للذمي: وما تقول أنت أيها الرجل؟ فقال الذمي: الدرع درعي وهي في يدي ولا أتهم أمير المؤمنين بالكذب فالتفت شريح إلى علي.. وقـــال: لا ريب عندي في أنك صادق فيما تقول يا أمير المؤمنين وأن الدرع درعك ولكن لا بد لك من شاهدين يشهدان على صحة ما ادعيت. فقال علي: نعم، مولاي قنبر وولدي الحسين يشهدان لي. فقال شريح: ولكن شهادة الابن لأبيه لا تجوز يا أمير المؤمنين. فقال علي: يا سبحان الله رجل من أهل الجنة لا تجوز شهادته!! ما سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة). فقال شريح: بلى يا أمير المؤمنين غير أني لا أجيز شهادة الولد لوالده عند ذلك التفت عليّ إلى الذمي وقال: خذها فليس عندي شاهدُُ غيرهما. فقال الذمي: ولكني أشهد بأن الدرع لك يا أمير المؤمنين ثم أردف قائلاً: (يا لله أمير المؤمنين يقاضيني أمام قاضيه وقاضيه يقضي لي عليه.. أشهد أن الدين الذي يأمر بهذا لحق، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله اعلم أيها القاضي أن الدرع درع أمير المؤمنين، وأنني اتبعت الجيش وهو منطلق إلى صفين، فسقطت الدرع عن جمله الأورق فأخذتها). فقال له علي: أما وإنك قد أسلمت فإني وهبتها لك، ووهبت لك معها هذا الفرس أيضا. ولم يمض على هذا الحادث زمن طويل حتى شوهد هذا الرجل يقاتل الخوارج تحت إمرة علي في يوم النهروان حتى *** شهيداً رحمه الله رحمة واسعة. ألا فليشهد التاريخ ولتسطر الأيام والسنون هذه الصور المضيئة وهذه المشاهد الوضيئة ولتملي كلماتها وتستجدي عباراتها من على جبين هذه الأمة العظيمة خير أمة أخرجت للناس والمكتوب على هذا الجبين [هذه أمة الحق والعدل، هذه أمة العزة والكرامة] كلمات من نور فمرجعيتها إلى النور ومنهجها هو النور فقرآنها نور ورسولها نور وهي أمة تخرج الناس من الظلمات إلى النور. · أمة تأخذ الحق وتقضي به ولو على رئيسها وأميرها أمة تعطي الحق ولو كان لرجل على غير ملتها وشريعتها. · فهذا شريح قاض من رعية أمير المؤمنين علي يأخذ الحق من الأمير أعلى رأس في الأمة ليقضي به إلى رجل ذمي على غير ملة المسلمين بما توافر لديه من أدلة الإثبات فما استغل الأمير قوته وسلطانه فأخذ درعه وهو متأكد أن الدرع درعه وما أن رأي هذا اليهودي (أو النصراني) هذا الحكم العادل لهذا الدين العظيم والذي رفع شعار [القوي عندي ضعيف حتى آخذ الحق منه والضعيف عندي قوى حتى آخذ الحق له]. وما أن رأى هذه العظمة حتى قال: [لقد تأخرت كثيراً في الانتساب لهذا الدين إن الدين الذي يأمر بهذا لحق، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله] الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. · نعم شريح القاضي يقضي بما يراه أنه الحق ولو على أحب الناس إلى قلبه وأقرب الأقربين إليه أتاه ولده وقال له: يا أبت إن بيني وبين قوم خصومة فانظر فيها فإن كان الحق لي قاضيتهم وإن لهم صالحتهم ثم قص عليه قصته،فقال له: انطلق فقاضهم فمضي إلى خصومه ودعاهم إلى المقاضاة فاستجابوا له ولما مثلوا بين يدي شريح قضى لهم على ولده فلما رجع شريح وابنه إلى البيت قال الولد لأبيه: فضحتني يا أبت، والله لو لم أستشرك من قبل لما لمتك. فقال شريح: يا بني والله لأنت أحب إلى من ملء الأرض من أمثالهم ولكن الله عز وجل أعز علي منك لقد خشيت أن أخبرك بأن الحق لهم فتصالحهم صلحا يفوت عليهم بعض حقهم فقلت لك ما قلت.. يا له من قلب تمكن الإيمان منه فرأى الحق أحب شيء إليه بل أحب إليه من نفسه وولده والناس أجمعين. بل وأكثر من ذلك أن ولداً من أولاده كفل (أي ضمن) رجلاً فقبل كفالته فما كان من الرجل إلا أن فر هارباً من يد القضاء فسجن شريح ولده بالرجل الفار وكان ينقل له طعامه بيده كل يوم إلى السجن. نعم لقد كان الإيمان من شريح بمكان.. إذ كان راسخاً في قلبه رسوخ الجبال الراسيات وكان عنده من اليقين والتوكل والرضا عن الله ما ملأ هذا القلب الكبير حتى فاض لينتفع به قوم آخرون. · فهذا رجل يقول: سمعني شريح وأنا أشتكي بعض ما غمني لصديق فأخذني من يدي وانتحى بي جانبا وقال: يا ابن أخي إياك والشكوى لغير الله عز وجل فإن من تشكو إليه لا يخلو أن يكون صديقاً أو عدواً فأما الصديق فتحزنه وأما العدو فيشمت بك ثم قال: أنظر إلى عيني هذه وأشار إلى إحدى عينيه فو الله ما أبصرت بها شخصاً ولا طريقاً منذ خمس عشرة سنة ولكني ما أخبرت أحداً بذلك إلا أنت في هذه الساعة أما سمعت قول العبد الصالح: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ) فاجعل الله عز وجل مشكاك ومحزنك عند كل نائبة تنوبك فإنه أكرم مسئول وأقرب مدعو. · وهذا آخر رآه شريح يسأل رجلاً شيئاً فقال له: يا ابن أخي من سأل إنساناً حاجة فقد عرض نفسه على الرق فإن قضاها له المسئول فقد استعبده بها وإن رده عنها رجع كلاهما ذليلاً هذا بذل البخل، وذاك بذل الرد، فإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وأعلم أنه لا حول ولا قوة ولا عون إلا بالله. · بل إنه لما وقع بالكوفة طاعون خرج صديق لشريح منها إلى النجف يبتغي المهرب من الوباء فكتب إليه شريح: أما بعد فإن الموضع الذي تركته لا يقرب حمامك ولا يسلب منك أيامك وإن الموضع الذي صرت إليه في قبضة من لا يعجزه طلب ولا يفوته هرب وإنا وإياك لعلى بساط ملك واحد وإن النجف من ذي قدرة لقريب... وكما أن شريحاً كان ينصح أصحاباً أن لا تتعلق قلوبهم بغير الله أو أن يولوا وجوههم شطر أحد سواه كان ينصح آخرين ممن يدلون بشهاداتهم أمامه أن يكونوا غدا حطبا للنار أو وقودا لها فكان يقول لهم قبل أن يدلوا بشهادتهم: (اسمعوا مني هداكم الله إنما يقضي على هذا الرجل أنتم وإني لأتقي النار بكم وأنتم باتقائها أولى وإن في وسعكم الآن أن تدعوا الشهادة وتمضوا) فإذا أصروا على الشهادة التفت إلى الذي يشهدون له وقال: (اعلم يا هذا أنني أقضي لك بشهادتهم وأني لأرى أنك ظالم ولكني لست أقضي بالظن وإنما أقضي بشهادة الشهود وإن قضائي ما يحل لك شيئا حرمه الله عليك). وكم كان يردد في مجالس قضائه (غداً سيعلم الظالم من الخاسر إن الظالم ينتظر العقاب وإن المظلوم ينتظر النصفة وإني أحلف بالله أنه ما من أحد ترك شيئا لله عز وجل ثم أحس بفقده) حتى صارت شعاراً له إلى جانب هذا كله فقد كان شريح أديبا أريبا وشاعراً لبيبا ذا حس مرهف وشعور جياش وذوق رفيع وأداء خلاب فكان له صبي في نحو العاشرة من عمره وكان الصبي يحب اللعب ويهواه فافتقده ذات يوم فإذا به قد ترك مجلس شيخه ومحفظه ومضى يتفرج على الكلاب فلما عاد إلى المنزل سأله: أصليت؟ فقال: لا فدعا بقرطاس وقلم، وكتب إلى مؤدبه قائلاً: ترك الصلاة لأكْلُبٍ يسعى لها يبغي الهراش مع الغواة الرجس فليــــأتينك غــدوه بصحيفــة كتبت لــــه كصحيفة المتلـــمس فــإذا أتـــاك فــــداوه بملامة أو عظه موعظة الأديب الكيـــس وإذا هممت بضربه فبـــــدرة وإذا بلغــت ثلاثـــة لـك فاحبـــس واعلم بأنك مــا أتيت فنفسه مع ما يجرعنـــي أعــز الأنفـــس · رحم الله القاضي شريحا فلقد كان ولازال سراجا مزهرا يستضيء المسلمون بنوره، يسترشدون بحكمه في قضاياه ويهتدون بفقهه وفهمه لشرع الله ويستلهمون الخير والحكمة من أخلاقه وسجاياه، حيث قضى من عمره المديد ستين عاماً قاضيا بين الناس يقيم فيهم العدل ويحكم فيهم بالقسطاس المستقيم لا فرق عنده بين كبير وصغير ولا وزير وخفير ولا ملك وسوقة الكل عنده أمام حكم الله سواء ستون عاماً من القضاء فكان صاحب تجربة ناجحة ونافعة إن دلت على شيء فإنما تدل على صدق فراسة الفاروق عمر بن الخطاب أمير المؤمنين حيث وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، رحم الله جميع سلفنا الصالح وأسكنهم فسيح جناته وأبداً.. سنظل نذكرهم ونستهدي بهم فالذكر للإنسان عمـــــر ثان.. |
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() ![]() |
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() |
العلامات المرجعية |
|
|