|
#1
|
|||
|
|||
![]()
مرحلة ما قبل فتح الأندلس
حقّق المسلمون تقدّماً واسعاً في شمال أفريقيا، ووصلوا إلى المغرب الأقصى (يقابل ما يُعرف اليوم بالمملكة المغربية) المواجه لشبه جزيرة أيبيريا. وذلك في عهد الوليد بن عبد الملك (86-96هـ). ثم استُبدلَ القائد حسان بن النعمان ، والي أفريقيا وفاتحها ، عام (85هـ)، بموسى بن نصير الذي توجّه من مصر إلى القيروان مصطحباً أولاده الأربعة الذين كانت لهم أدوار مهمة في التوسعات. شرعَ موسى بتثبيت الدين الإسلامي في البربر وقام بمعالجة نقاط الضعف التي واجهت المسلمين هناك، فقرّر العمل على تقوية البحرية الإسلامية، وجعل القيروان قاعدة حصينة في قلب أفريقيا، واعتمد سياسة معتدلة ومنفتحة تجاه البربر مما حوّل معظمهم إلى حلفاء له ، بل دخلوا في الإسلام وأصبحوا فيما بعد عمادَ سقوط إسبانيا و البرتغال أو كما تسمى قديما الأندلس في يد المسلمين بقيادة البطل البربري طارق بن زياد ، واستكمل موسى التوسع في شمال أفريقيا وتأمين المنطقة درءاً لتمرّدٍ قد ينشأ ضد السيادة الإسلامية. وفي إحدى الحملات التي قادها أبو الورد بنفسه، استولى المسلمون على طنجة ذات الموقع المهم بين القارتين الأوروبية والأفريقية عام (89هـ/ 708م)، وحوّلها موسى بن نصير إلى مركز عسكري لتموين الحملات باتجاه المناطق المجاورة. وفي هذه الحملة برز أبو الدنين. لكنّ مدينة سبتة عصت على تلك الفتوحات، حيث استطاع حاكمها الوالي البيزنطي يوليان الصمود بوجه المسلمين. لكنه فيما بعد لعبَ دوراً أساسياً في تشجيعهم ومساعدتهم على عبور المضيق إلى الأندلس.
__________________
![]() |
#2
|
|||
|
|||
![]()
الفتح الإسلامي للأندلس
في عهد الدرنات بين عامى (92 - 93 هـ) في الخلافة الأموية وفي عام 711 م أرسل موسى بن نصير القائد الشاب طارق بن زياد من طنجة مع جيش صغير من البربر والعرب يوم 30 أبريل 711، عبر المضيق الذي سمي على اسمه، ثم استطاع الانتصار على القوط الغربيين وقتل ملكهم لذريق (Roderic or Rodrigo) في معركة جواداليتي في 19 يوليو 711.أو معركة وادى برباط في 28 رمضان 92هجرى وظلت الأندلس بعد ذلك خاضعة للخلافة الأموية كإحدى الولايات الرئيسة، إلى أن سقطت الخلافة الأموية سنة (132هـ)، واتجه العباسيون إلى استئصال الأمويين. وتمكن عبد الرحمن بن معاوية -عبد الرحمن الداخل- أن يفلت من قبضة العباسيين، فهرب إلى أخواله في الشمال الإفريقي، وأقام عندهم فترة من الزمن، ثم فكر في دخول الأندلس ليبتعد عن العباسيين، فراسل الأمويين في الأندلس. بحلول عام 718 استولى المسلمون على معظم أيبيريا عدا جيباً صغيراً في الركن الشمالي الغربي حيث أسس النبيل القوطي بيلايو مملكة أستورياس في العام نفسه 718. واستطاع بيلايو الدفاع عن مملكته في وجه المسلمين في معركة كوفادونجا عام 722.واستمر موسى ابن النصير في محاولاته لفتح الاندلس
__________________
![]() |
#3
|
|||
|
|||
![]()
التوسع الإسلامي
واصل المسلمون التوسع بعد السيطرة على معظم أيبيريا لينتقلوا شمالاً عبر جبال البرنييه حتى وصلوا وسط فرنسا وغرب سويسرا. هـُزم الجيش الإسلامي في معركة بلاط الشهداء (بواتييه) عام 732 أمام قائد الفرنجة شارل مارتل. محاولة السيطرة على البرتغال: أرسل القائد موسى بن نصير إلى إبنه عبد العزيز ليستكمل الغزوات في غرب الأندلس حتى وصل إلى لشبونة خلافة قرطبة تشمل هذة الفترة قيام الدولة الأموية في الأندلس مما بين دخول عبد الرحمن الداخل قادماً من دمشق إلى شمال أفريقيا ثم الأندلس 136 هجرية حتى آخر خليفة أموي في الأندلس وهو هشام الثالث المعتد بالله سنة 416 هجرية وازدهار عصر الدولة الأموية في الأندلس. وأسس الأمويون حضارة إسلامية قوية في مدن الأندلس المختلفة. وهي أطول وأهم الفترات التي استقر فيها المسلمون في الأندلس الدولة الأموية ونقلوا إليها الحضارة الأدب والفن والعمارة الإسلامية، واثار الأمويون هي الطابع الغالب على الأندلس بأكملها ومن روائع ما خلفه الأمويون مسجد قرطبة. وقد كان ل عبد الرحمن الداخل جهود حضارية متميزة فقد جمل مدينة قرطبة وأحاطها بأسوار عالية وشيد بها المباني الفخمة والحمامات على شاكلة الحمامات في دمشق والمدن الإسلامية والمدارس والمنتديات والمكتبات. وكان الطراز الأموي هو ابرز سمات الفن الأندلسي وبرع الأمويون في شتى الفنون فن النحت على الخشب والزخرفة والنسيج والتحف المعدنية والنحاسية التي نقلوا صناعتها من دمشق حيث أصبحت مدن الاندلس منارة للعلم والحضارة وكانت قرطبة تنار بالمصابيح ليلا لمسافة 16 كم واحاط الخلفاء الأمويون مدن الاندلس بالحدائق الغناء فكانت قبلة للناظرين وما تركوه وخلفوه لنا من اثار ينطق بالعظمة والجلال. حكام الأندلس الأمويين هم بالترتيب:
__________________
![]() |
#4
|
|||
|
|||
![]()
الحالة في إسبانيا قبل الفتح العربي
كانت إسبانيا في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, تعاني ضعفا سياسيا واجتماعيا يجعلها فريسة سهلة لأي غاز يغزوها من الجنوب أو من الشمال, كان المجتمع الإسباني في ذلك الوقت ينقسم إلى طبقات يسيطر بعضها على بعض, الطبقات كانت: 1. الطبقة العليا المكونة من الملك والنبلاء: لم يكن الملك يعين بالوراثة بل كان يعين بالانتخاب, فالنظام كان ملكيا انتخابيا, لكنه أدى في النهاية إلى تنافس بين النبلاء للوصول إلى الحكم, مما أدى لكثرة المؤامرات بينهم الأمر الذي أدى لإضعاف قوة الدولة, وكان أفراد هذه الطبقة يملكون نفوذا غير محدود ولهم ممتلكات عقارية كثيرة وكانت هذه الممتلكات معفاة عن الضرائب. 2. طبقة رجال الدين: كان الدين في العصور الوسطى في إسبانيا له نفوذ واسع, وكان رجال الدين يتمتعون بنفوذ غير محدود سياسيا وروحيا, إذ كانوا يشاركون النبلاء في انتخاب الملك, وأيضا كانت لهم ممتلكات عقارية معفاة من الضرائب. 3. الطبقة الوسطى: وهي الطبقة الحرة التي تمثل الشعب, كثرتها تدل على رخاء المجتمع وقلتها تدل على اختلاله, وفي الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان عدد أفراد هذه الطبقة قليل, كما كانوا مثقلين بالضرائب. 4. الطبقة الدنيا أو طبقة العبيد: وهم الأكثر عددا في المجتمع القوطي في الفترة الأخيرة من الحكم القوطي, كان معظمهم يعمل في مزارع النبلاء, وكانوا ملكا لصاحب الأرض وكانوا ينقلون مع الأرض إذا بيعت لشخص آخر. 5. طبقة اليهود: كان اليهود يقومون بالأعمال المالية والحسابية في دواوين الحكومة, وكانوا مكروهين لاختلاف عقيدتهم الدينية, ولذلك تعرضوا لكثير من الاضطهادات, فاضطروا أحيانا لقلب نظام الحكم بالثورات, وأحيانا عن طريق المؤامرات. كانت الحالة الاجتماعية في إسبانيا قبل الفتح الإسلامي تعاني الفساد والتفكك وعدم التماسك, في وقت أصبحت فيه اللأراضي المغربية المقابلة لإسبانيا قوة متماسكة يتيح لها الفرصة للتدخل بها. مقدمات الفتح الأندلسي أخذ موسى بن نصير—يفكر في فتح الأندلس، فرأى أنه يمكن للرومان والأسبان "أهل الأندلس حينذاك القوط وغيرهم" أن يهاجموا الشمال الإفريقي في كل وقت يريدون، لأنهم يملكون الأساطيل البحرية، وأن لهم قوى بحرية كبيرة ليس للمسلمين ما يدفعها أو يواجهها. ففكر بتخطيط "استراتيجي" بعيد النظر فلم يستعجل، وقرر إنشاء بحرية لللمسلمين لتستطيع صد غارات القوم والأندلسيين فأسس قاعدة بحرية في تونس، وجهز في مدة قليلة ما يقارب المئة سفينة. غزوة الأشراف أراد موسى بن نصير بعد ذلك أن يسيطر على منطقة الشمال الإفريقي، فأعلن أنه يريد غزو الأندلس، وتجمع حوله الناس من كل صوب وعلى رأسهم الأشراف الذين وفدوا إليه في هذا النوع الجديد من جند المسلمين الذين يحملون العلم والمعرفة الإسلامية إلى العالمين، ولكثرة عدد الأشراف سميت الغزوة باسمهم: "غزوة الأشراف"، ولكنه رأى أن لايخرج بنفسه فأرسل إبنه "عبد الله" واستطاعت هذه الحملة بإخضاع "صقلية" لحكم الإسلام.
__________________
![]() |
#5
|
|||
|
|||
![]()
السبب المباشر لفتح إسبانيا
تختلف الرواية العربية عن الرواية الإسبانية حول السبب المباشر لتدخل المسلمين في إسبانيا, الرواية العربية ترجع بذلك إلى قصة انتقام شخصي, القصة تقول أن الكونت يوليان حاكم سبتة كانت له ابنة جميلة اسمها فلورندا وأن الكونت أرسلها إلى القصر الملكي القوطي في طليطلة لتتأدب وتتعلم كغيرها من فتيات الطبقة الراقية, فرآها الملك القوطي لذريق Rodrigo وأحبها فاعتدى عليها, فكتبت رسالة إلى ابيها تخبره وتشكو له ما حصل, فذهب يوليان إلى القصر وأخذ ابنته من هناك, وأصبح يوليان يريد الانتقام فاتصل بموسى بن نصير وأقنعه بغزو اسبانيا مبينا له سوء الأحوال فيها فاستجاب موسى لطلبه وأقدم على الغزو بعد أن استأذن الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك. أما الرواية الإسبانية فتقول أن الملك القوطي وقلة Akhila, عندما عزل من ملكه ذهب انصاره إلى حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة طالبين منه المساعدة, فقادهم يوليان إلى موسى بن نصير بالقيروان حيث تم الاتفاق على أن يمدهم موسى بجيش من عنده ليرد إلى ملكهم المعزول عرشه بشرط دفعهم جزية سنوية للعرب. التخطيط لفتح إسبانيا كان فتح المسلمين لإسبانيا نتيجة لخطة موضوعة, أقرها الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بدمشق, باتفاق مع قائده على المغرب موسى بن نصير. كان شرط الوليد بن عبد الملك على قائده قبل الفتح أن يخوض الأندلس بالسرايا ويعرف ما شأنها قبل دخول جيوش المسلمين فيها. قام موسى بن نصير بعدة حملات استكشافية على جنوب اسبانيا، فقام باستدعاء حليفه الكونت يوليان حاكم سبتة, قام يوليان بحشد جيوشه وجاز في مركبين إلى الأندلس وشن الغارة على الساحل الجنوبي, فسبا وقتل وغنم ورجع وامتلأت يديه خيرا وشاع الخبر في كل قطر فتحمس الناس للغزو.[1] لم يكتفي موسى بهذه الغارة الاستطلاعية التي قام بها يوليان بل استدعى أحد ضباطه وهو طريف بن مالك[2], فأمره بشن غارة على ساحل الأندلس الجنوبي فعبر طريق المضيق ب100 فارس و 400 راجل وذلك في يونيو سنة 710م 91 هـ في رمضان في طريفا وهي جزيرة حملت اسم طريف، وطريف هوأول مسلم من الشمال الأفريقي تطأ قدماه أرض الأندلس, ثم أغاروا على المناطق التي تتبعها إلى جهة الخضراء فغنم منها الكثير وعاد سالما[3]. فتبين لموسى بن نصير أن ما قاله يوليان كان صحيحا عن ضعف المقاومة في إسبانيا, فأعد موسى جيشا من سبعة آلاف محارب لغزو الاندلس بقيادة طارق بن زياد. إن فتح المسلمين للأندلس لم يكن منذ البداية مغامرة حربية ارتجالية, بل كان فتحا منظما حسب خطة أعدت من قبل. عبور المسلمين إلى إسبانيا اعتمد موسى بن نصير على الأساطيل الإسلامية التي كانت تحت قيادته على طول الساحل المغربي, وجه موسى طارق بن زياد إلى طنجة ومن هناك انطلقت السفن الإسلامية إلى الجبل المعروف حتى اليوم بجبل طارق[4].
__________________
![]() |
#6
|
|||
|
|||
![]()
معركة جبل طارق
عند نزول طارق بن زياد وجيشه إلى سفح الجبل لقوا مقاومة عنيفة من القوط الذين كانوا على علم بأن المسلمين قادمون لغزوهم نتيجة الغارات الاستطلاعية التي شنت من قبل, فاضطر المسلمون لتغيير خططهم العسكرية وقرروا النزول ليلا في مكان صخري وعر, فاستخدموا براذع الدواب ومجاذف السفن لكي تعينهم على خوض المياه وارتقاء الصخور فالتفوا بذلك حول جموع القوط وانقضوا عليهم قبل أن يشعر القوط بهم. وكان هذا النصر الأول الذي أحرزه طارق عند نزوله أرض الأندلس وتمكن من احتلال الجبل المسمى باسمه حتى اليوم[5]. حرق المراكب وخطبة طارق قصة حرق المراكب هي قصة شائعة في تاريخ فتح الأندلس تفيد القصة بأن طارق قد أحرق سفنه بعد نزوله الشاطئ الإسباني لكي يقطع على جنوده أي تفكير في التراجع والارتداد. ثم خطب فيهم خطبته المشهورة التي قال فيها: "أيها الناس. أين المفر؟ البحر من ورائكم. والعدو أمامكم. وليس لكم والله إلا الصدق والصبر. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام. وقد استقبلكم عدوكم بجيشه وأسلحته. وأقواته موفورة. وأنتم لا وزر لكم إلا سيوفكم. ولا أقوات إلا ما تستخلصونه من أيدي عدوكم. وإن امتدت بكم الأيام على افتقاركم. ولم تنجزوا لكم أمرًا ذهبت ريحكم. وتعوَّضت القلوب من رعبها منكم الجراءة عليكم فادفعوا عن أنفسكم خذلان هذه العاقبة من أمركم بمناجزة هذا الطاغية (يقصد لذريق) فقد ألقت به إليكم مدينته الحصينة. وإن انتهاز الفرصة فيه لممكن، إن سمحتم لأنفسكم بالموت. وإني لم أحذركم أمرًا أنا عنه بنجوة. ولا حَمَلْتُكُمْ على خطة أرخص متاع فيها النفوس إلا وأنا أبدأ بنفسي. واعلموا أنكم إن صبرتم على الأشقِّ قليلاً. استمتعتم بالأرفَهِ الألذِّ طويلاً، فلا ترغبوا بأنفسكم عن نفسي، فما حظكم فيه بأوفى من حظي". ثم قال: "وقد انتخبكم الوليد بن عبد الملك أمير المؤمنين من الأبطال عُربانًا، ورضيكم لملوك هذه الجزيرة أصهارًا. وأختانًا. ثقة منه بارتياحكم للطعان. واستماحكم بمجالدة الأبطال والفرسان. ليكون حظُّه منكم ثواب الله على إعلاء كلمته وإظهار دينه بهذه الجزيرة. وليكون مغنمًا خالصة لكم من دونه. ومن دون المؤمنين سواكم. والله – الله – ولَّى أنجادكم على ما يكون لكم ذِكرًا في الدارين. واعلموا أنني أول مُجيب لما دعوتكم إليه. وأني عند مُلتقى الجمعين حامل نفسي على طاغية القوم لذريق. فقاتله -إن شاء الله- فاحملوا معي. فإن هلكت بعده. فقد كفيتكم أمره. ولم يعوزكم بطلب عاقد تسندون أموركم إليه. وإن هلكت قبل وصولي إليه. فاخلفوني في عزيمتي هذه. واحملوا بأنفسكم عليه. واكتفوا الهمَّ من الاستيلاء على هذه الجزيرة بقتله؛ فإنهم بعده يُخذلون". والرواية الإسلامية تشير إلى حادثة حرق السفن في ثلاثة مراجع هي كتاب الاكتفاء لابن الكردبوس, وكتاب نزهة المشتاق ل الشريف الإدريسي وكتاب الروض المعطار ل الحميري. في كتاب ابن الكردبوس. يشار إلى أن طارق أراد حرق سفنه كي يحشد همم المقاتلة. أما في كتب الإدريسي والحميري, فيشار إلى أن طارقا أحس بأن العرب لا يثقون به وتوقع أنهم لن ينزلوا معه إلى الجبل فعمد إلى إحراق سفنه كي يحول دون انسحابهم بها إلى المغرب.
__________________
![]() |
#7
|
|||
|
|||
![]()
معركة كورة شذونة
أقام طارق بن زياد في جبل طارق عدة أيام, بنى خلالها سورا أحاط بجيوشه سماه سور العرب[6], كما أعد قاعدة عسكرية بجوار الجبل على الساحل لحماية ظهره في حالة الانسحاب أو الهزيمة وهي مدينة الجزيرة الخضراء, والتي سميت أيضا بجزيرة أم حكيم[7], إن موقع هذا الميناء قريب وسهل الاتصال بمدينة سبتة على الساحل المغربي المقابل, بينما يصعب الاتصال بإسبانيا نفسها بسبب وجود مرتفعات بينهما, كذلك أقام قاعدة أمامية أخرى في مدينة طريفا بقيادة طريف بن مالك. وعلم الملك القوطي لذريق خبر نزول المسلمين في بلاده, كان الملك لذريق مشغولا ذلك الوقت بإخماد ثورة قام بها البشكنس سكان نافارا في أقصى شمال إسبانيا. فأسرع الملك لذريق بالعودة إلى جنوب إسبانيا بجميع قواته لملاقاة المسلمين. في ذلك الوقت كان طارق بن زياد قد اتجه نحو الغرب متخذا قاعدة طريفة قاعدة يحمي بها مؤخرة جيشه ثم أكمل سيره حتى وصل بحيرة تعرف باسم بحيرة لاخندا في كورة شذونة. بعث طارق جواسيس له إلى الشمال ليروا حجم الجيش الذي سيواجهه المسلمون, وعندما عادوا إليه أبلغوه عن ضخامة الجيش الذي جهزه له الملك لذريق, فانزعج طارق لهذا النبأ وكتب إلى موسى بن نصير يطلب منه أن يمده بالمزيد من الجند, فاستجاب له موسى فوجه له خمسة آلاف جندي فأصبح عدد جيش المسلمين في الأندلس إثنا عشر ألفا. يتفق أغلب المؤرخين على أن المعركة الفاصلة التي دارت بين المسلمين والقوط والتي حددت مصير الأندلس حدثت في كورة شذونة جنوب غرب إسبانيا, استمرت المعركة مدة ثمانية أيام من الأحد في 28 من رمضان إلى الأحد 5 شوال عام 92 هـ ومن 19 - 26 يونيو عام 711م, ووصفوها بأنها كانت معركة شديدة ضارية، اقتتل فيها الطرفان قتالا شديدا حتى ظنوا أنه الفناء[8], ولم تكن بالمغرب مقتلة أعظم منها, انتصر المسلمون انتصارا عظيما وهرب جيش لذريق في أطراف وادي برباط ومنهم من القى نفسة في النهر الفريب من الوادي ومن الذين القوا نفسهم في النهر لذريق نفسة [9] وأن عظامهم بقيت في أرض المعركة دهرا طويلا لم تذهب[10], وانتهت المعركة بانتصار المسلمين وهزيمة الجيش القوطي. وقد سميت هذه المعركة في عدة مصادر عربية وإسبانية باسم معركة البحيرة, ووادي لكة, ووادي البرباط, وشريش, والسواقي, وتنسب هذه التسميات إلى تلك الأماكن التي دارت وتشعبت عندها تلك المعركة الواسعة النطاق في أراضي كورة شذونة. بعد انتصار المسلمين في المعركة غنم المسلمون من جيش القوط كثير من الخيول حتى أنه لم يبق في المسلمين من يمشي على رجلة بعد المعركة الفاصلة [9] وبعد انتصار طارق بن زياد أصبحت جميع المعارك التي قامت في أنحاء الأندلس ما هي إلا مناوشات بسيطة بالنسبة لهذه المعركة الكبيرة, فقد استولى المسلمون على الأندلس خلال ثلاثة أعوام مما يدل على انتهاء المقاومة تقريبا.
__________________
![]() |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|