اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > الاقسام المميزة > أخبار و سياسة

أخبار و سياسة قسم يختص بعرض الأخبار و المقالات من الصحف يوميا (المصرية والعربية والعالمية )

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-12-2012, 07:48 AM
abomokhtar abomokhtar غير متواجد حالياً
مشرف سوبر ركن مسك الكلام فى الاسلام
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 11,696
معدل تقييم المستوى: 28
abomokhtar is just really nice
New الدستور من أمامكم والخراب من ورائكم


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْم

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العْالمينَ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِيْنَ صلى الله عليه وسلم... وبعد؛

على كثرة ما مر بنا من الفتن والملمات، وعلى عظمة الأحزان، والكآبة التي علتنا فيها! لم أكن يومًا من دهري أكثر همًا وحزنًا وفزعًا مني اليوم! وأهم الحقائق التي يجب التوكيد عليها هو تبيين مصدر هذا الرعب الذي يجري في عروقي مجرى الدم!

إنني لا يهولني حجم تلك المؤامرة القذرة مع عظيم خطرها والتي يديرها الموساد، والمخابرات الأمريكية بحرفية متناهية، ويشرف عليها عملاؤهم من الإعلاميين، والقضاة، من مختلف الاتجاهات سواءً كانوا من الفلول، أو اليساريين، أو الليبراليين! تلك المؤامرة التي يتساءل إلا مدبروها: أين الأدلة عليها؟ أما إنك لو سألت أطفالنا في الحضانة لأخبروك بتفاصيلها! أما إنها بديهة لدى كل ذي مسكة من عقل وإن دقت دقة متناهية! حتى المدبرين لها ممن يعملون على إنكارها! يأتون في آخر الحوار ويؤكدون على سقوط شرعية الرئيس واللجنة التأسيسية، ومجلس الشورى! ويطعنون في حق الشعب في الحياة أصلا! ثم يتساءلون في بلاهة متناهية: أين الدليل؟!؟!؟! كأنهم يحسبون الناس كلهم سكارى بسحرهم الأبله!

تلك المؤامرة التي ما انطلى أمرها إلا على فئة لم يُبْسَطْ لها في العقل، والفهم! علم الله من فوق عرشه أنه لو اجتمع علينا ما بين قطريها ما هزوا فيَّ شعرة واحدةً! إيمانًا مني ويقينًا بقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [آل عمران: 120]، فأعلم علمًا يقينًا أننا بتحقيق الصبر والتقوى لا يمكن أن يؤثر فينا خلق الله جميعًا!

ولكن الذي يفت في عضدي، ويفلق كبدي، ويهد من ركني، ويكسف من بالي، ويكدر من عيشي، ويطيل سهري، ويؤرق مضجعي؛ هو الخوف من تحقيق العقوبة الإلهية في قوله تعالى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيد} [إبراهيم: 7]، إذ مضى على الثورة المباركة أكثر من عامين! أكثر من عامين وجميع الدعاة ممكنون من الدعوة بين أرجاء القطر بأكمله! وإني لأسألكم بالله عز وجل! هل قمنا بشكر نعمة الله علينا بالتمكين في الدعوة؟!

تأملوا المقارنة بين ميل العامة إلى الدعاة، والمتدينين قبل، وبعد الثورة! هل شعبية المدينين من جميع التيارات زادت عما كانت عليه في بداية الثورة؛ أم قلت؟! النتيجة مصدمة؛ بل والله مفجعة؛ بل والله قاتلة! كالعادة! يحلو لنا أن نلقي بالتبعة على الإعلام الفاجر المأجور الذي يعمل لضرب الإسلام، وإسقاط المشروع الإسلامي في الحكم! إنها والله السنن! كأننا نعيد قول بني إسرائيل لموسى إذ ردوا عليه عندما أمرهم بدخول الأرض المقدسة، فقالوا له: {إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22]! كأننا نريد أن نقاتل في ساحة لا خصم لنا فيها، ولا عدو!!! كأننا نريد أن نقاتل القمل، والبراغيث!!! كأننا غفلنا عن قول الرجلين المؤمِنَيْنِ: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].

والذي ما أعزنا إلا بالإسلام لو دخلنا عليهم الباب لتحقق وعد ربنا لنا بالنصر والتمكين! ولكننا تقاعسنا، ولم نقم بما أوجب الله علينا! والمخزي حقًا، والمفجع صدقًا أننا في الوقت الذي تجمعت فيه كل قوى الشر وطوت كل ما بينها من الخلافات على كثرتها؛ تجدنا مصرين على التمزق، والتشرذم! فكل منا يرى رؤيته الخاصة، واجتهاده الفردي هو الحق الصريح، والبديهة المسلمة! ومن خالفه مارق جهول أعمى منتكس بائع للقضية! أسألكم بالله يامن اعتدتم ألا تسمعوا غير أصواتكم، وألا تقرأوا لغير كتابتكم! أسألكم بالله! إن كنتم تعتقدون أن العصمة قد ماتت بموت النبي صلى الله عليه وسلم! إن كنتم تعتقدون أن الصحابة على جلالة قدرهم قد أُثِرَ عن كل منهم بعض الأخطاء في الاجتهادات الفردية، بمن فيهم المبشرون بالجنة، والخلفاء الراشدون! فأربعوا على أنفسكم! وأنصتوا لغيركم قليلا!

ياأبناء ديني! ياإخوة عقيدتي! يارفاق دربي! يانور عيوننا! يأحب الناس إلى قلوبنا! أسألكم بالله! أقبل رجل كل واحد منكم! أفيقوا لطبيعة المرحلة! يعلم ربي من فوق عرشه إنني لا أنتمي لأيٍ من الأحزاب! كما يعلم ربي من فوق عرشه أني كافر بالديمقراطية، والعلمانية، واليسارية، وكل ملة تخالف ملة الإسلام! ولكن أقول للفضلاء الإجلاء، والنجباء العظماء! من الغيورين على الشريعة؛ ممن يرفضون الدستور لبعض المخالفات التي تضمنها! سادتي الكرام! شيوخي العظام! أقسم لكم بالله! الأمر لا علاقة له بتاتًا بالدستور، ولا بالإعلان الدستوري الذي زعم الأفاكون أنهم ما غضبوه إلا له! تذكروا أن المجرمين كانوا في الميدان قبل الإعلان تحت اسم: "إحياء ذكرى محمد محمود" قصاصًا لحق الشهيد علمًا بأنه لا يوجد من بينهم أم شهيد واحدة! ومن قبل مؤتمر التيار الثالث بعابدين، ومن قبل مليونية: "حق الشهيد"، ومن قبل ثورة 24 أغسطس، وثورة 31أغسطس،............ وغير ذلك.

كل هذه محاولات لإشعال الفتن! لو كان الأمر متعلقًا ببعض المواد الدستورية لكفاهم الحل في تغييرها عند أول جلسة برلمان منعقد! لكن القضية لا علاقة لها بذلك أجمع! إن القضية تتلخص في أمر واحد لا ثاني له؛ وهو: "المؤامرة لإسقاط المشروع الإسلامي للحكم"، وهذه المؤامرة تتلخص في الآتي إشعال الفتن والمؤامرات والاعتصامات والانفلات الأمني مع طعن عملاء الطاغية بالدستورية في شرعية جميع المجالس النيابية، والهيئات المنتخبة بداية من مجلس الشعب، ونهاية برئيس الدولة الذي تم التدبير لاغتياله، ولم تعد القضية إلا مسألة وقت فحسب، ومن ثم الزعم بما يسمى بالفراغ الدستوري، وعودة المجلس العسكري للبلاد مرة أخرى.

فإذا لم يتحقق ذلك، كانت النتيجة الثانية، وهي: مرور مدة الرئاسة بدون إي إنجازات إيجابية وانخفاض مستوى المعيشة، ووقوع العديد من الكوارث! وفي كلتا الحالتين: يتم تشغيل الأسطوانة المشروخة: ((ماذا فعل لنا مرسي؟!))، ((ماذا فعل لنا الإخوان؟!))، ((ماذا فعل لنا السلفيون؟!))، لقد أخذوا فرصتهم كاملة: وتمكنوا من مجلسي الشعب، والشورى والرئاسة! وحولوا البلاد لخراب يباب! ويدعمهم في ذلك قوى الشر المسيطرة على الإعلام الفاسد!

وفي الحالتين كلتيهما: سواء سقط الرئيس من خلال الفتن المشتعلة قبل انتهاء المدة! أو انتهت المدة الرئاسية بحصيلة من المشاكل الاقتصادية! تكون نتيجة أي انتخابات قادمة لصالح المحاربين لشرع الله، الكارهين لدينه عياذًا بالله! مستغلين الصورة السلبية التي رسموها للعامة عن المشروع الإسلامي، وحاملي المشروع الإسلامي!

وإذا كانوا الآن يقذفون الرئيس أعزه الله في الدنيا، والآخرة بالأحذية وقنابل المولوتوف حتى أحرقوا أحد سائقي الموكب! وإذا كانوا الآن يقتحمون بيوت المتدينين، وي***ونهم ***ًا! فبالله عليكم! ماذا سيفعلون فينا إذا سلبوا الحكم سلبًا عياذًا بالله؟!؟!؟!؟! تصوروا أنتم أيها الألباء العقلاء! هذا ملخص المؤامرة بأبسط الكلمات! ويعلم كل ذي مسكة من عقل: أنه لولا التدبير الإلهي للمسلمين ما نجح الرئيس مرسي في الانتخابات! لقد مكر لنا الله، وخير المكر مكر الله عز وجل! ونعم المكر مكر ربي جل وعلا! إذ قاد الفلول إلى الدفع بأحد قيادات الفساد الفج ليكون منافسًا لمرشح الثوار، مما دفع بالكثير من الناخبين إلى انتخاب الرئيس الحالي ليس قناعة به بقدر ما هو هروب من عودة الفلول مرة أخرى! فالحمد لله الذي لم يتخلَّ عنا مع تقصيرنا في حق أنفسنا! وفاز مرشحنا ليس بحولنا ولا بتدبيرنا، وإنما بتدبير الله لنا على غير استحقاق، وبمكر الله لنا بغير استئهال!

فهل شكرنا الله حق شكره؟! هل قمنا بما ينبغي من استفراغ الجهد في معركة المصير؟! أعني: ((معركة التوعية))! ليس هذا وقت طرح المشاريع التي يجب أن نقوم بها حتى يفيق الشعب من سطوة الساحر الإعلامي الفاجر! المهم! أننا الآن أصبحنا نعاني من مغبة تقصيرنا! وغدونا نجني ثمرة قعودنا عن واجباتنا تجاه الأمة! أعلم أن الكثيرين جدًا يعتبرونني مبالغًا، ظالمًا! إذ يرون أنفسهم أنهم يبذلون أكثر مما يجيب عليهم! وهذه النكسة الكبرى، والوكسة العظمى! أننا لا نعلم حقيقة الواجب علينا! لن نتكلم إلا في واجب اللحظة الفارقة التي أدركها أعداؤنا ولم ندركها نحن بعد! وندع ما سوى ذلك بعد المعركة الفاصلة؛ "معركة الاستفتاء".


فإذا قلت لي: وهل المشروع الإسلامي للحكم يأتي من خلال دستور في مخالف للشريعة؟! وهل الغاية تبرر الوسيلة؟! أقول لك: إننا نعتقد أن الهدف النبيل لا يتوصل إليه بالسبيل النبيل وعلينا أن نعي جيدًا: أن الشريعة التي نؤمن بها هي التي أباحت شرب الخمر، وأكل لحم الخنزير حفاظًا على الحياة إذا لم يتيسر غيرهما! وأن الشريعة التي نؤمن بها هي التي دفعت نبينا صلى الله عليه وسلم على التوقيع على صلح الحديبية على ما فيه من جور على المسلمين حيث الرجوع عن العمرة، وتسليم المسلمين إلى الكفار، مع عدم حق استرداد المرتدين إليهم! وذلك أنه لم يكن قادرًا على أفضل من ذلك حتى هذه اللحظة!

علينا أن نتذكر أن الشريعة التي نؤمن بها هي التي أوجبت على الطبيب المسلم أن يقطع ساق أخيه المسلم إذا رأى فيها داءً ي*** صاحبه إذا انتشر في سائر الجسد! فيدفع الشر الأعظم، وهو الموت! بالشر الأقل، وهو بتر الساق! أعاذني الله وإياكم من الشرور جميعًا! وهذه قاعدة شرعية عامة، فالمتأمل البصير بحال الأمة ممن يعايشون عامتها؛ يجدهم أقرب ما يكونون إلى وصف أمنا عائشة رضي الله عنها إذ تقول: ((وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلَ شَيْءٍ: لاَ تَشْرَبُوا الخَمْرَ، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الخَمْرَ أَبَدًا، وَلَوْ نَزَلَ: لاَ تَزْنُوا، لَقَالُوا: لاَ نَدَعُ الزِّنَا أَبَدًا)) [خ/ 4993].

فيعلم كل ذي بصيرة أنه لو سقط الدستور عياذًا بالله! والله لدخلت البلاد في فتن لا يعلمها إلا الله! نعوذ بالله من الفتن، حيث العمل على الاستمرار في دوامة الطعن في الشرعية حتى يسقط الرئيس، وتفويت أي إنجاز إيجابي يحسب للمسلمين! مما يضمن أن تكون أي انتخابات قادمة لصالح أعداء الشريعة عياذًا بالله! وعندئذ يعود مجرموا الشرطة، وعلى رأسهم سفاحوا أمن الدولة لقمع المتدينين عياذًا بالله!، ويدعمهم الجيش بما يتميز به من ظلم، واضطهاد للمسلمين.

ولعلكم علمتم أيها الأحبة: انسحاب الشرطة من تأمين قصر الرئاسة وتركها لكل أسلحتها للمجرمين ليستخدموها في ضرب المتدينين الراغبين في الحفاظ على الشرعية. ثم التوغل في اقتحام القصر وفقًا للخطة المتفق عليها. تهيئة لحدوث انقلاب يكون في صالح النصارى، والشيوعيين، وكل أعداء الإسلام، لولا أن سلم الله برحمته!

وعلى الأقل: إذا لم يتمكنوا من إسقاط الرئيس، واستمر بالفعل لمدة أربع سنوات، فيكونون قد حققوا الهدف الثاني: وهو: انقضاء مدة الرئيس بدون أي إيجابيات في فوضى المظاهرات، والاعتصامات، والدستور، وإنشاء المجالس النيابية، وحلها!، وحينها يتم التأكيد على الأسطوانة المشروخة، وهي: ((ماذا فعل لنا الرئيس؟!))، وحينها يسقط المشروع الإسلامي برمته عياذًا بالله!

وما أجدرنا في ظل هذه الظلمات أن نستعيد الحلول الشرعية التي أفتى بها أئمتنا عند تزاحم المفاسد، والاختيار بين الشرور ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر: عندما سئل شيخ الإسلام رحمه الله: ما حكم رجل يتولى عملا لا يمكنه فيه رفع الظلم رفعًا تامًا، ولكنه يقدر على تقليله، ولو ترك هذا العمل لجاء من يضاعف المظالم التي يقع فيها! يبقى في عمله أم يدعه لمن يضاعف المظالم؟! فقال رحمه الله: ((إذَا كَانَ مُجْتَهِدًا فِي الْعَدْلِ، وَرَفْعِ الظُّلْمِ بِحَسَبِ إمْكَانِهِ، وَوِلَايَتُهُ خَيْرٌ، وَأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ، وَاسْتِيلَاؤُهُ عَلَى الْإِقْطَاعِ خَيْرٌ مِنْ اسْتِيلَاءِ غَيْرِهِ كَمَا قَدْ ذَكَرَ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى الْوِلَايَةِ وَالْإِقْطَاعِ، وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ بَلْ بَقَاؤُهُ عَلَى ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ تَرْكِهِ إذَا لَمْ يَشْتَغِلْ إذَا تَرَكَهُ بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَاجِبًا إذَا لَمْ يَقُمْ بِهِ غَيْرُهُ قَادِرًا عَلَيْهِ، فَنَشْرُ الْعَدْلِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَرَفْعُ الظُّلْمِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، يَقُومُ كُلُّ إنْسَانٍ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ مَقَامَهُ، وَلَا يُطَالَبُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ بِمَا يَعْجِزُ عَنْهُ مِنْ رَفْعِ الظُّلْمِ........ )) مجموع الفتاوى (30 /356: 360).

ورحم الله الشوكاني إذ يقول: ((والحاصل: أن هذه الشريعة المطهرة مبنية على جلب المصالح ودفع المفاسد والموازنة بين أنواع المصالح وأنواع المفاسد وتقديم الأهم منها على ما هو دونه ومن لم يفهم هذا فهو لم يفهم الشريعة كما ينبغي والأدلة الدالة على هذا الأصل من الكتاب والسنة كثيرة جدًا لا يتسع لها هذا المؤلف)) السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار (148). ومن المواقف الرائعة لشيخ الإسلام التي ارتكب فيها الشر الأدنى ليدفع به الشر الأعظم؛ ذلك الأثر الصحيح الذي يرويه عنه ابن القيم رحمه الله؛ إذ يقول: "سَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ يَقُولُ: مَرَرْت أَنَا وَبَعْضُ أَصْحَابِي فِي زَمَنِ التَّتَارِ بِقَوْمٍ مِنْهُمْ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ مَنْ كَانَ مَعِي، فَأَنْكَرْت عَلَيْهِ، وَقُلْت لَهُ: إنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْخَمْرَ لِأَنَّهَا تَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ، وَهَؤُلَاءِ يَصُدُّهُمْ الْخَمْرُ عَنْ قَتْلِ النُّفُوسِ وَسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ فَدَعْهُمْ" [أعلام الموقعين عن رب العالمين (3/13)].

واستنادًا إلى ما سبق فإني أعرض على السادة أصحاب السماحة من أئمة الفضل، والكرم خطة نرجوا من الله أن تكون سبيلا لتطبيق الشريعة:

1- أن يتفضلوا جميعًا بحشد كل الناس للتصويت بنعم على الدستور أملا في إصلاح البلاد.
2- أن يتفضل جميع المعترضين على بعض مواد الدستور بكتابة كل التعديلات التي يرونها على الدستور ثم تسليمها للرئيس حتى يقوم بعرضها على البرلمان في أول مجلس انعقاد له.
3- تجنيد مجموعة من الموثوق بهم للترشح لمجلس الشعب وليقوموا بدعم التعديلات المقدمة!.
4- عقد هيئة علمية ضخمة تجمع كل ذوي العلم والثقة تحت مسمى : ((الهيئة الشعبية لتأهيل المجتمع للشريعة)) تقوم الهيئة بعمل منهج متكامل يكون من شأنه التأهيل التدريجي للشريعة من كل الجهات، مع وضع منهج لآلية تطبيقه بصورة واقعية على أرض الواقع مع إعداد هيئة سياسية موثوق بها تقوم على تطبيق هذا المشروع الضخم، تتكون من الرئيس وسائر أعضاء مؤسسة الرئاسة، ومجلس الوزراء، والمجالس النيابية، ثم يتم دفع هذه الهيئة السياسية الشرعية المؤهلة في الدورات الانتخابية المقبلة، ويتم دعمها، والتعاون معها لتحقيق أهدافها.

وتعتمد الخطة على توفير البدائل الشرعية: فمثلا: قبل إغلاق مصنع سجائر! يتم إنشاء مصنع لإنتاج أي سلعة مفيدة ثم يتم تحويل عمال مصنع السجائر للمصنع الجديد، وهكذا نطبق الشريعة بغير وقوع أضرار على المخالفين لها، وهكذا في سائر المجالات. وهذا هو ما يتوافق مع قواعد الشريعة في اختيارها "لِخَيْرَ الْخَيْرَيْنِ، وَأقلِّ الشَّرَّيْنِ، وَتَحْصِيلِ أَعْظَمِ الْمَصْلَحَتَيْنِ بِتَفْوِيتِ أَدْنَاهُمَا. وَدفَعِ أَعْظَمِ الْمَفْسَدَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَدْنَاهُمَا" كما أشار شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.

5- العمل على إعداد هيئة ضخمة تعمل على معاونة الرئيس في تحقيق الإنجازات الحياتية، والإيجابيات المعيشية التي يكون من شأنها كسب ثقة الإنسان البسيط الذي يُعْنَى في الدرجة الأولى بالجانب الخدمي، وعلى رأسه: (الأمن، الصحة، الغذاء، السكن،.... )، مما يعمل على كسب أصوات الناخبين لصالح المرشحين المسلمين الذين يعملون لصالح المشروع الإسلامي في الانتخابات المقبلة بكافة أنواعها: ((رئاسية، نيابية، شورى، محليات، نقابات، اتحادات،... )).
6- إنشاء هيئة علمية شعبية ضخمة تعمل على مراقبة مرشحي التيار الإسلامي، وتوجيههم توجيهًا صحيحًا، وكيفية معالجة أخطائهم، ومحو آثارها! بما يضمن تجنب السلبيات المتربتة على تلك الأخطاء.

هذا ملخص واجبات اللحظة الفارقة وفقًا لما شرح الله صدري له ولا يفوتني التوكيد على قضية غاية في الأهمية! وهي: أن الدستور ليس شرًا محضًا كما يحلو للبعض أن يصوره! فالدستور يشمل مادة لو لم يكن فيه غيرها لوجبت الموافقة عليه! وهي المادة رقم: ((35)). ونصها: ((؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟))، والمادة : ((36)). ونصها: ((؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟))، هل تعلمون ماذا يعني هذا الكلام؟!، هذا يعني تطبيق أسس الشريعة الإسلامية القائمة على الحفاظ على آدمية الناس! هذا يعني أن نعيش بصورة آدمية! هذا يعني أن نحيا كرامًا! هذا يعني: أننا نستطيع تكوين الهيئات الدعوية في ربوع مصر الحبيبة بغير أن نعتقل، أو ن***، أو نعذب، أو تهتك أعراضنا! ندعوا إلى الله بغير أن يمنعنا أعداء الله من الصدع بكلمة الحق! ندعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ونُعَلِّم الناس دينهم محتسبين ذلك عند الله أسوة بأنبيائه ورسله الكرام!

هذه المادة وحدها تعني نهاية عصر الظلم والاستذلال، والاستعباد! أليس القضاء على الظلم والاستعباد من أهم وأجل مقاصد الشريعة!؟ أليس تحقيق العدل، والكرامة، والحرية من أهم مقاصدها، وأسسها، وأركانها؟! أليس في هذه المادة إفساح المجال لنا لنفهم الناس حقيقة الشريعة حتى يخرجوا هم عن بكرة أبيهم مطالبين بها عندما يعلمون حقيقتها! إنني أؤمن بأن الدستور ليس محققًا لما نريده على النحو المطلوب! ولكنه سيكون خطوة نحو الهدف، كما يفعل الإنسان إذا أراد الحج، فالسيارة التي يركبها من أمام بيته لا توصله إلى البيت الحرام الذي يريد الحج إليه! ولكنها توصله للمطار الذي سيركب منه الطائرة التي ستقله للبيت الحرام وفي المطار يركب سيارة للطائرة، فانظر كم مواصلة يركبها الحاج حتى يجد نفسه أمام الكعبة؟!، إنه لا يركب مواصلة واحة من بيته إلى الكعبة بل يركب عدة مواصلات، إذ كل مواصلة يركبها تقطع به مرحلة من مراحل السير! كذلك الدستور! فعلى ما فيه من من مؤاخذات وإن كان لا يوصلنا إلى هدفنا المنشود رأسًا! لكنه بفضل الله تعالى يقطع بنا مرحلة عظيمة من مراحل الطريق الطويل إلى الغاية السامية! وهي: "الشريعة الإسلامية".

طبعًا هذا بشرط حسن استغلاله على النحو الشرعي الذي نهتدي فيه بسيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين! وأما إن كانت الأخرى! وما الأخرى؟! وما أدراك ما الأخرى؟! أعوذ بوجه الله الكريم، وسلطانه العظيم، ورحمته الواسعة أن تكون الأخرى، وسقطنا في معركة الاستفتاء! فما هو إلا الخراب، واليباب، والذلة والمسكنة، والإذلال والاستذلال، والظلم، والغشم! عياذًا بالله تعالى! فوالله لتكونن بداية الهزائم المتتابعة، والضربات القاصمة، بل والله، أخشى أن تكون القاضية!!!!!!

يارب! يارب! يارب!!!!!!!!!!! لا إله لنا غيرك فندعوه، ولا رب سواك فنرجوه! لا إله لنا غيرك ننزل به حوائجنا! ولا رب لنا سواك نبث له شكوانا! اللهم إن كنت تعلم من فوق عرشك في قلوبنا أننا لم نختر غير شريعتك، ولم نرضَ سوى ملتك! نقسم عليك بعزتك وسلطانك! نقسم عليك برحمتك التي خلصتنا بها من رأس الطغيان بغير حول منا ولا قوة! أن تتم علينا نعمتك، وأن تكمل علينا منتك، وأن تعزنا بتحكيم شريعتك! ولا تذلنا بشرائع الزائغين! الله إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا، ونلجأ إلى حولك وقوتك! فدبر لنا أمورنا فإنا لا نحسن التدبير! يامن لا ملاذ لنا غيره، ولا حصن لنا سواه! يامن هو عند ظن عبيده به! إن كنت تعلم أن ظننا بك أنك لن تخذلنا وإن عصيناك جهلا، إن كنت تعلم أن ظننا بك أنك لن تخزينا وإن خالفناك ضعفًا، فأنزلن علينا نصرك، وتأيدك! واستخدمنا ياإلهنا في طاعتك، ولا تستبدل بنا بذنوبنا!

وأخيرًا... أذكرك يامن تتورع عن الموافقة على الدستور بأنك كالطبيب الذي يتورع عن بتر ساق أكلها السرطان حتى استشرى السرطان في جسد صاحبها فمات! فكان الطبيب المتورع عن بتر الساق هو القاتل الحقيقي للمريض الذي لا سبيل لإنقاذ حياته إلا ببتر ساقه المسرطنة! علم الله أني ما ألوت جهدًا في نصح أبناء ديني، وإخوة عقيدتي، ورفاق دربي! أيها الأتقياء العقلاء! دعوا كل ما فقي أيديكم الآن! طوفوا على الخلق: في الخطب، في الدروس، في المحلات، في الأسواق، في النوادي، في الطرقات، على المصاطب، على النواصي، المنتديات، فليقم كل مجتهد بنشر هذا المقال على كل المنتديات التي يستطيع الوصول إليها... لا تدعوا جحرًا، ولا مضيقًا إلا طفتم فيه داعين الناس إلى مؤازرة الاستقرار، والأمن، والأمان! وإن مد الله في أعمارنا، وكان لنا في الدنيا بقية من عمر! نلتقي عقب المعركة أسأل الله بوجهه الكريم أن ينصر أولياءه الموحدين!

وختامًا.... أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يقع كلامي منكم الموقع الذي يحبه الله تعالى، وتتحقق به المصلحة، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يسدد خطاكم لما يحبه الله ويرضاه! وأن يكرمنا بتطبيق شريعته على يد أتقى خلقه له، وأعلمهم به، وأقواهم على العمل بشريعته إنه ولي ذلك والقادر عليه، آمين ياأرحم الراحمين، {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: 44].

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ، وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.


محمد بن فريد بن فرج بن فراج.
باحث شرعي، ومدقق لغوي.

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 17-12-2012, 03:49 PM
الصورة الرمزية صوت العقل
صوت العقل صوت العقل غير متواجد حالياً
نجمة العطاء
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 11,351
معدل تقييم المستوى: 26
صوت العقل is a jewel in the rough
افتراضي

تذكرت استاذ ابو مختار موقف مشابه
قريت فيه مقال رائع كان عنوانه
العسكر من امامكم والاخوان من خلفكم .
نفس الامر .. والحلول كلها غير مرضية ..
جزاكم الله خيرا
__________________
استودعكم الله ..


رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:29 PM.