اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > مسك الكلام فى الاسلام > حي على الفلاح

حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-11-2012, 12:12 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

1. من أغراض المواخاة:
أ‌. ذهاب وحشة الغربة:
إذاً: ورد في بعض كتب السيرة أن الغرض من المؤاخاة ذهاب وحشة الغربة وصدقوا أيها الإخوة، أننا في غربة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا، وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي
[الترمذي عن عمرو بن عوف بن زيد]
ما لم تشعر بالغربة ففي إيمانك خلل.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

المسلم في آخر الزمان غريب، القابض على دينه كالقابض على الجمر أجرهم كأجر سبعين، قالوا: منا أن منهم؟ قالوا: بل منكم، لأنكم تجدون على الخير معواناً ولا يجدون
[ورد في الأثر]
فما لم تشعر بالغربة ففي الإيمان خلل.
إذاً: الغرض من المؤاخاة ذاهب وحشة الغربة، ولا سيما بعد مفارقة الأهل والعشيرة.

ب‌. شد أزر المؤمنين بعضهم ببعض:
ومن أغراض المؤاخاة شد أزر المؤمنين بعضهم ببعض، فلما أعز الله الإسلام، وجمع الشمل، وذهبت الوحشة، بطل التوارث، ورجع كل إنسان إلى نسبه ولذي رحمه.
في أيام الضيق، في أيام الشدة، في أيام الفتن، في أيام الطرقات مليئة بالنساء الكاسيات العاريات، في زمن الفضائيات، في زمن الانترنيت، في زمن ال*****ة، ما من إنسان تألفه، وتأنس به، ويأنس بك، كالأخ في الله،
لذلك ورد في بعض الآثار القدسية:

حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، المتحابون فيّ، على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون والشهداء



[رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت]
وقد علمنا عليه الصلاة والسلام أنك إذا أحببت أخاً في الله أعلمه أنك تحبه،
قل له: إني أحبك في الله، ينبغي أن يقول لك: أحبك الله كما أحببتني،
والحب أحد أركان الحياة النفسية، الإنسان عقل يدرك، وقلب يحب، وجسم يتحرك، فإذا أحببت أخاً في الله كان هذا الأخ لك معيناً، ورفيقاً، وناصحاً، ومحباً.

ت‌. حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين:
الآن للمؤاخاة أهداف أبعد، وأشمل من مجرد التوارث للأسباب التالية: حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين.
أحياناً أنت آخيت أخًا حديث عهد بالمسجد، وأنت لك في المسجد سنوات طويلة، تلقيت علماً غزيراً، عندك فضل علم، فإذا آخيت إنسانا مبتدئا، أعطيته من علمك، تدارست معه القرآن، تحاورت معه في الفقه، علمته ما في بعض السيرة، بينت له الأمور التي تعلمتها.
إذاً المؤاخاة لها هدف آخر،
لذلك قال الله تعالى:

(قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ)
[سورة سبأ الآية: 46]
إذا جلست مع أخيك فتحاور حول هذا الدين، حول هذا النبي الكريم، حول سنته حول عظمة الإسلام.
مرة حضر أمام النبي عليه الصلاة والسلام رجل تكلم فألحن، أخطأ، فقال:

أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل
النبي عليه الصلاة والسلام علم أصحابه سنوات طويلة، الآن جاء إلى المدينة والأنصار لا يعلمون شيئاً، يحبون النبي عليه الصلاة والسلام، لكن علمهم قليل، بهذه المؤاخاة جعل السابقين بالعلم يمنحون إخوانهم الأنصار العلم الذي تعلموه من رسول الله.
إذاً أحد أسباب المؤاخاة، وهذا من بناء الرسول عليه الصلاة والسلام حاجة الأنصار إلى التفقه في الدين.

ث‌. القدوة الصالحة:
شيء آخر، الدين يؤخذ بالقدوة الصالحة، القدوة الصالحة حقيقة مع البرهان عليها، والإسلام لا يعيش إلا بالمثل، الإسلام لا ينمو وهو في الكتب، ينمو بمسلم تراه عينك ،
لذلك كما أن الكون قرآن صامت، والقرآن كون ناطق، والنبي عليه الصلاة والسلام قرآن يمشي،
ونحن الآن في أمسِّ الحاجة إلى مسلم يمشي على قدمين، ينبغي أن ترى أمانته، وأن ترى صدقه، وأن ترى عفافه، وأن ترى محبته، وأن ترى إنصافه، وأن ترى غناه عما سوى الله.
إذاً الحاجة إلى التفقه في الدين، والدين يؤخذ بالقدوة الصالحة، وقد مضى العهد المكي، وما فيه من قرآن منزل وجهاد دعوي، وصبر على الأذى، وهجرة وصحبة، وتربية نبوية، لا يحمله يوم الهجرة إلى هؤلاء المهاجرين إلا إخوانهم الأنصار، وليس من الممكن أن يعاود رسول الله صلى الله عليه وسلم لينقل إليهم أفراد وجماعات تلك العلوم التي عاشوها.
أيها الإخوة، لكن من الضروري أن يتم توزيع المهاجرين على عشائر الأنصار يعيشون معهم حياتهم بكل تفاصيلها، ليتمكنوا من صناعة القدوة الحسنة، والوحدة التربوية النبوية بين الجميع، ولا يمكن تحقيق ذلك بغير العيش المشترك الذي يتجاوز المصاعب التي تفرضها مشكلات السكن والعمل والصحبة، فبالمؤاخاة أصبح المهاجر أخاً لا يبعده عن أخيه الأنصاري العادات والتقاليد الاجتماعية، والدراسية وغيرها.
إذاً كما أن النبي صلى الله عليه وسلم آخى بين أصحابه المهاجرين بالأنصار أصحابه الجدد، ينبغي أن القوي يؤاخي الضعيف، والغني يؤاخي الفقير.

ج‌. تحقيق التكامل، والتكافل، والتعاون الاجتماعي:
تحقيق التكامل، والتكافل، والتعاون الاجتماعي في جميع الأحوال والمجالات، فالفرائض الإسلامية من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج نقوم بها جميعاً، والذي يشكل بمجموعه غاية المؤاخاة، الصلاة واحدة، والملك والخفير يصليان جنياً إلى جنب في المسجد، في الحج الخفير يطوف، والملك يطوف، والخفير يسعى، والملك يسعى، في مناسب الحج لا فرق بين أمير وخفير، ولا بين قوي ولا ضعيف، ولا بين غني وفقير.
لذلك العبادات كالصلاة، والصوم، والحج، مطبق على الجميع، من دون استثناء، ليس هناك مسعى خاص للكبراء، بالسلك الدبلوماسي، ولا طواف خاص لعلية القوم، مناسك الحج والعمرة، والصيام، والصلاة واحدة لدى الجميع.
لذلك…. أن يكون كل واحد من المؤمنين عوناً وسنداً للآخر، فمن للمهاجرين غير الأنصار، يسكنون إليهم، ويشاركونهم حياتهم، ومأكلهم، ومشربهم، وآلامهم وأفراحهم، وجهادهم، والذود عن حياضهم، ومن للأنصار غير المهاجرين يعلمونه الدين، ويفقهونهم فيه، ويقرئونهم القرآن؟ أرأيت إلى هذه المصالح المتكاملة، أروع التكامل المضاربة.
لو فرضنا إنسانا معه مال، وهو متقدم في السن، ولا يحسن استثماره، لو أن شاباً مهندساً زراعياً مثلاً، طاقة كبيرة جداً، طاقة كبيرة ومثقفة، لكن ما معه مال، فعملوا مشروعاً، الأرباح مناصفة، هذا بماله، وهذا بجهده، المؤاخاة لها معنى واسع جداً، حتى شركات التجارة مؤاخاة، واحد بماله وواحد بجهده.
لذلك أيها الإخوة، من حكم المؤاخاة تكامل الأنصار والمهاجرين، أما صور هذه المؤاخاة فتبين السمو الذي بلغه الأنصار والسمو الذي بلغه المهاجرون، نذكر منها:
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 25-11-2012, 12:18 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

2. صور من الأخوة الصادقة بين الصحابة:
أ‌. بين سعد بن الريع وعبد الرحمن بن عوف:
تميل النفس الإنسانية المهذبة المزكاة إلى المحبة الصادقة، والتضحية والإيثار، فكيف وقد عظم الإسلام مكانة المتحابين بالله، وعلى هذا الشعور الديني تقدم الأنصاري سعد بن الربيع إلى أخيه في الله عبد الرحمن بن عوف، فقال، الآن عندنا أنصاري، اسمه سعد بن الربيع، ومهاجر اسمه عبد الرحمن بن عوف،
قال:

إني أكثر الأنصار مالاً، أقسم لك مالي نصفين
عندي بستانان خذ أحدهما، عندي بيتان خذ أحدهما، عندي دكانان خذ أحدهما،
قال عبد الرحمن بن عوف:

بارك الله لك في أهلك ومالك، ولكن دلني على السوق
ما هؤلاء الأصحاب الذين رباهم النبي عليه الصلاة والسلام؟ الأنصار أسخياء، والمهاجرون أعفّة.
الآن الغني الغنى الفاحش إذا استطاع أن يعالج في مستشفى مجاناً من حق الفقير لا يقصر، الأنصاري بذل نصف ماله، والمهاجر تعفف عن المال، بارك الله لك في مالك ولكني دلني على السوق.
دلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل أقط وسمن، ثم تابع الغدو الأقط لبن مجفف، وسمن، أرباحه كانت غذاء،
تابع الغدو إلى السوق، ثم جاء يوماً وبه أثر صفرة، و الصفرة طيب لونه أصفر،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:

ما الأمر؟
قال له:
يا رسول الله تزوجت
دخل للسوق، وباع واشترى، وجمع مالا، وتزوج.
إخواننا الكرام، ما فتح أحد على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مَنْ دَخَلَ عَلَى غَنِيٍّ فَتَضَعْضَعَ لَهُ ذَهَبَ ثُلْثَا دِيِنِه
[رواه الطبراني، ورواه أبو الشيخ عن أبي الدرداء]
الشيء الذي يلفت النظر أنه كما أن الأنصاري سخي المهاجر عفيف، ما قبل أن يأخذ شيئاً، عرض عليه بيتاً، ودكاناً، وبستاناً،
قال له:

بارك الله لك بمالك دلني على السوق، تاجر وربح الإقط والسمن، ثم تاجر فتزوج
فلما رآه النبي عليه أثر صفرة قال له:
ما الأمر؟
قال:
تزوجت يا رسول الله
قال:
كم سقت إليها؟
ما المهر؟
قال:

نواة من ذهب
يعني بحجم نواة ذهباً، أو وزن نواة من الذهب،
قال النبي صلى الله عليه وسلم:

أَوْلِم ولو بشاة
لذلك من السنة أن يكون في حفل عقد القران وليمة وطعام.
ب‌. مشاركة الأنصار مع المهاجرين في أشجار النخيل:
الأنصار مثل آخر من أمثلة المؤاخاة:
قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم

اقسم بيننا وبينهم النخل
الأنصار اقترحوا أن يكون نخل المدينة مشاركة مع إخوانهم المهاجرين،
قالوا: لا، قال: تكفوننا المئونة، وتشاركوننا في التمر
الأنصاري عرض أن يتملك المهاجر نصف أشجار النخيل، قال: لا، نحن نعتني بهذه الأشجار بجهدنا، أعطونا بعض الثمار، ولتبق الأشجار لكم، أرأيتم إلى هذه العفة؟! هذه مضاربة، وهذه أفضل شركة في الإسلام، والنبي عليه الصلاة والسلام أول مضارب في الإسلام، هو بجهده والسيدة خديجة بمالها، ولعل أمانته، وعفته كانت سبب زواجه منها.
قالوا: تكفوننا المئونة، وتشاركوننا في التمر، قالوا: سمعنا وأطعنا
وهذا يشبه شركات المضاربة اليوم، العامل بعمله، والمالك بماله،
وكان حمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة أخوين، وإليه أوصى حمزة يوم أحد حين حضره القتال، نزل أبو بكر الصديق في المدينة على خارجة بن يزيد، ابن أبي زهير، وتزوج ابنته حبيبة، ولم يزل في بني حارث ابن الخزرج بالصلح حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق وخارجة بن زيد أخوين.
أنا أتمنى أن تترجم هذه الحقائق إلى سلوك عندكم، إلى مؤاخاة، تعلمنا شيئا جديدا، الذي معه مال، ولم يحسن استثماره ليؤاخ إنساناً خبيراً ليس معه مال، الغني يؤاخي الفقير، والقوي يؤاخي الضعيف، وصاحب الحرفة يؤاخي إنسانا لا يتقن هذه الحرفة، وبهذا تتكامل حياة المسلمين.

3. ملاحظات حول عقد الإخاء:
أ‌. عدد المهاجرين والأنصار الذين آخى بينهم الرسول عليه الصلاة والسلام:
إن عقد المؤاخاة اشتمل على 45 رجلاً من المهاجرين، و45 من الأنصار، تصور 90 رجلا، والمسلمون اليوم مليار و500 مليون.
قال الله تعالى في القرآن الكريم:

(مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ)
[سورة إبراهيم]
أنت قد لا تعلم الخير الكثير الذي ينتج عن دعوتك إلى الله، قد لا تعلم، وأنت ضعيف، لكن الله عز وجل يمكن أن يجري على يديك من الأعمال الصالحة ما لم يوصف.
للتقريب: أحد الإخوة الكرام عنده بنت في البيت فاعتنى بها، اعتنى بدينها، بصلاتها بإيمانها، بأخلاقها، حتى زوجها من شاب مؤمن، هذه الأسرة أنجبت أولاداً نشؤوا في طاعة الله، نشؤوا في بيت مسلم، من يدريك أيها الأخ أن هذا الذي توجه إلى الله، وتزوج امرأة صالحة، وأنجب أولاداً صالحين أن هذا يوم القيامة يرى من نسله مليون إنسان مؤمن، وكل أعمالهم في صحيفته؟ والدليل:
قال الله تعالى في القرآن الكريم:

(وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)
[سورة الطور]
45 رجلا نتج عنهم مجتمع من مليار و500 مليون، هذا الذي وصل بالإسلام إلى الصين، كل من أسلم في هذا البلد في صحيفته، والذي وصل بالإسلام إلى الغرب وشمالي إفريقيا.
لذلك كل ما عملت عملاً كهذا العمل في صحيفتك، هذا على موضوع أن الـ45 بـ 45 أصبحوا مليار و500 مليون.
ثم ينبغي أن نعلم أنه لن تقتصر المؤاخاة على مهاجرين قريش وعلى عقد المؤاخاة في دار أنس فقط، إنما ستستمر .

ب‌. من كمال المؤاخاة أن لا تكون بين متماثلين :
من كمال المؤاخاة لا أن تكون بين متماثلين، أن تكون بين إنسان له أسبقية، إنسان حديث، فالذي له أسبقية يعلم المبتدئ، وقد تكون بين غني وفقير، فالغني يرعى الفقير، وبين قوي وضعيف، وبين صحيح ومريض، وبين متزوج وشاب على طريق الزواج، يعطيه خبراته، افعل، لا تفعل، إياك أن تقول هذه الكلمة، عامل أهل زوجتك هكذا.
فلذلك المؤاخاة ليست مجرد لقاء اثنين، بل التعاون بين اثنين، فإذا كان هناك تفاوت بينهما كان هذا التعاون مثمرا، هكذا تخطيط النبي عليه الصلاة والسلام.
كان عليه الصلاة والسلام إذا أسلم رجل يقول لأصحابه:

خذوا أخاكم، فقد أسلم، فعلموه الإسلام
ت‌. المؤاخاة في الإسلام مدرسة تربوية:
أيها الإخوة، المؤاخاة في الإسلام مدرسة تربوية، وعهد دائم يلتزم به المسلم مدى الزمن، وتفقد بعضهم بعضاً، وما من شيء أحب إلى الإنسان من أخ في الله، الأخ في الله غالٍ جداً، الأخ في الله نوع متميز، يأخذ بيدك، وتأخذ بيده، ينصحك وتنصحه، يعاونك وتعاونه، يقرضك وتقرضه، يخدمك وتخدمه، من هنا قال عليه الصلاة والسلام فيما يرويه عن ربه:
والشهداءحقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتناصحين فيّ، وحقت محبتي للمتزاورين فيّ، وحقت محبتي للمتباذلين فيّ، المتحابون فيّ، على منابر من نور يغبطهم بمكانهم النبيون والصديقون



[أخرجه أحمد، والطبراني، والحاكم، عن عبادة بن الصامت]
ث‌. حاجة المسلمين اليوم إلى الحب في الله:
ونحن أيها الإخوة، كمسلمين بحاجة إلى المحبة، مع مضي الأزمان قسا القلب، صار فينا خصومات، ومهاترات، وتراشق تهم، وعلاقات غير طيبة،
لذلك قال الله تعالى في القرآن الكريم:

(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
[سورة الأنفال الآية: 46]
نحن بحاجة إلى أن نحب.
أيها الإخوة، ماذا أقول لكم؟:
صحابيان صليا العشاء معاً في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وخرجا معاً إلى البيت، عند افتراقهما تعانقا، التقيا في الفجر، سبع ساعات، أربع ساعات، خمس ساعات، فتعانقا، وقال الأول للآخر: واشوقاه يا أخي، ما هذه المحبة؟! البارحة الساعة العاشرة كنت معه، صباحاً الساعة الثالثة والنصف تقول له: وا شوقاه يا أخي؟! هذا الإسلام، هذا الحب، الإسلام محبة، الإسلام تواضع، الإسلام تضحية، الإسلام إيثار، حتى يحبا الله.
فلذلك الذي لا يشعر بحاجة ماسة إلى أن يُحِب، أو إلى أن يُحَب ليس من بني البشر، الحب يشبه وردة طبيعية فواحة الرائحة، جميلة الألوان، والإسلام من دون حب وردة بلاستيك، لا طعم لها، إذا ألغي الحب من الدين الدين تصحر، وصار معلومات وأدلة، وأفكارا، الإنسان بعد هذا يمل منها، الأفكار نفسها، أما إذا كان هناك حب فهناك طاقة.
والله أيها الإخوة، أحياناً يجلس مؤمن مع أخ عشر ساعات لا يشعرون بالوقت، والله الذي لا إله إلا هو مرة سافرت إلى بلد في الشمال لي أخوة كُثر فيه، والله الذي لا إله هو بدأت الحديث الساعة الخامسة مساء، أول مرة نظرت إلى الساعة، فإذا هي الساعة الواحدة ليلاً، ما شعرت بالوقت، لوجود المحبة، والمودة، والتناصح، والإقبال، نحن حياتنا متصحرة، حسد، غيرة، ليس هناك هذا الحب بيننا، هذا من أسباب ضعفنا.
يجب أن تدافع عن أخيك، يجب أن تخبره من حين لآخر: أين أنت؟ اشتقنا لك، نحن قلقون عليك، الصحة طيبة إن شاء الله، تنعشه بهذا الاتصال.

4. إسقاط مبدأ المؤاخاة على مجتمع المسلمين اليوم:
ألسنا نحن بحاجة إلى هذه المؤاخاة؟ لست وحدك في الحياة، أنت للكل، والكل لك، لست وحدك في الحياة، الحياة بالأخوة الإيمانية لا تبدو قاسية، والحياة مع الأخوة الإيمانية تبدو مسعدة، وما من إنسان أغلى على المؤمن من أخ له في الله، تنصحه وينصحك، تعينه ويعينك، تتفقده ويتفقدك، تعاونه في معضلات حياته ويعاونك.
أ‌. الصورة الأولى للمؤاخاة اليوم:
إذاً: لو أنّ كل واحد منا اتخذ أحد الإخوة أخاً له، وصافحه، وقال: أنا فلان، وأنت أخي في الله، هذا هاتفي، وهذا عنواني، وهنا بيتي، وأنشدك الله إن كنت مضطراً لشيء فأنا في خدمتك، وأعاهدك أنني إذا اضطررت إلى مساعدة سوف أطلب منك، فهذا جيد جداً، وإذا آخى اثنين، أو آخى ثلاثة فهو أفضل، وإذا آخى خمسة وتفقدهم، ما الذي يحصل أيها الإخوة؟
لذلك لو أن واحد منا آخى أخاً، وتعاهدا على أن يتناصحا، تعاهدا على أن يتفقد كل منهما الآخر، والأخ الثاني أفضل، والثالث أفضل، والرابع أفضل، لو أنك آخيت خمسة أشخاص لكانت الحياة جنة.

ب‌. الصورة الثانية للمؤاخاة اليوم:
المشروع الثاني: ما الذي يمنع إذا كنتم خمسة في حي واحد، أو في حرفة واحدة، أو في قاسم مشترك واحد، أو في قرابة واحدة، أحياناً القرابة تجمع، أحياناً السكن يجمع، أحياناً الحرفة تجمع، إما قرابة، أو زمالة، أو صداقة، أو جواراً، ما الذي يمنع أن نجلس كل أسبوعين، أو كل أسبوع، أو كل ثلاثة أسابيع، أو كل أربعة أسابيع، نجلس ساعة من الزمن نتحاور، نتداول، واحد منا استقى موعظة تأثر بها، فذكرها لإخوته، واحد منا حضر خطبة، تفاعل معها، فذكر مضمونها لإخوانه، قرأنا صفحة من كتاب الله، تدارسنا هذا الكتاب.
قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَا يَقْعُدُ قَوْمٌ يَذْكُرُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ، وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ، وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ
[رواه مسلم]
مَا مِنْ قَوْمٍ يَقُومُونَ مِنْ مَجْلسٍ لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعالى فِيهِ إِلاَّ قامُوا عَنْ مثْلِ جِيفَةِ حِمارٍ وكانَ لَهُمْ حَسْرَةً
[رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة]
الحديث في الدنيا متعب، بينما الحديث عن الله مسعد.
لذلك أيها الإخوة، لو أردنا أن نترجم إلى سلوك عملي أن كل واحد يؤاخي أخاً في الله، طبعاً لا بد من تبادل العناوين تبادل الهواتف، تبادل فكرة سريعة عن الأخ، ماذا يعمل؟ ويفضل أن يكون أقرب الناس إليه سكنا، أو إلى عملك، أو إلى قرابتك، هذا تنفيذ لمؤاخاة النبي عليه الصلاة والسلام، واحفظ هذه الكلمة: الكل لواحد، والواحد للكل، ولست وحدك في الحياة.
قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

إن المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يسلمه
[رواه الترمذي عن أبي هريرة]
كُلّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ عرْضُهُ ومَالُهُ وَدَمُهُ
[رواه الترمذي عن أبي هريرة]
5. التطبيق العملي للمؤاخاة:
أنا أريد لهذا الدرس أن يترجم إلى واقع، كيف آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ينبغي أن يأخذ الواحد منكم أخاً لله، خذ اسمه، وهاتفه، وعنوانه، وعمله، الدرس الثاني أن تطمئن عليه بشكل دائم، كم تكلفك هذه؟ لا شيء، أحياناً يأتي إنسان إلى الدرس متأخر جداً، يدرك مع الشيخ صلاة العشاء، ما سمع ولا كلمة، يقول لك: والله انتعشت بهذه الصلاة، هذا معنى: الجماعة رحمة، والفرقة عذاب.
قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد
[أخرجه أحمد في مسنده والترمذي والحاكم في المستدرك عن عمر]
وإنما يأكل الذئب القاصية
[أخرجه أحمد، وأبو داود والنسائي، وابن حبان، والحاكم في المستدرك عن أبي الدرداء]
اتخذ لك أخاً في الله، هذه نصيحتي تطبيقاً لهذا الدرس، كيف آخى النبي الكريم بين المهاجرين والأنصار، أنت اختر أخا، تستطيع أن تعاونه، أو يعاونك، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالْحُمّىَ
[مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ مودة، ابتسامة، وجه طلق، مصافحة، دعوة، ضيافة، بذل، هدية، هذا كله مودة، الهدية مودة، والدعوة مودة، والنصيحة مودة، والمعاونة مودة.
آخِ أخاً لك في الله، اسأل عن صحته، عاونه، أقول لكم كلمة ثانية: أنا أعتقد أنك لا تُشد إلى الدين بسبب أفكار الدين، أفكاره رائعة، أفكاره عميقة، أفكاره متألقة، أفكاره دقيقة، أفكاره متناسبة، متسقة، أعطاك فكرة عن الكون والحياة والإنسان، لكن الذي شدك إلى الدين مجتمع المؤمنين بصفائهم، بصدقهم، بتواضعهم بخدمتهم، لذلك الجماعة رحمة، والفرقة عذاب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

يد الله مع الجماعة
[أخرجه الترمذي عن ابن عباس]
عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد
وإنما يأكل الذئب القاصية

هذا الحديث أيها الإخوة أصل في العلاقات بين المؤمنين.
مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ ، مَثَلُ الْجَسَدِ. إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسّهَرِ وَالْحُمّىَ
__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 25-11-2012, 12:21 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الإسلام دين اجتماعي :
إخواننا الكرام، الإسلامي اجتماعي، الصلاة صلاة الجماعة تعدل صلاة الفرد بـ27 ضعفاً، الصيام جماعي، الحج جماعي، ديننا دين جماعي، والجماعة رحمة.
هناك أمثلة أيها الإخوة أمثلة كثير جداً، بعض الأمثلة:
إنسان تزوج، ودخله محدود، وبحاجة إلى ألف حاجة، أصدقاءه وإخوانه في الله اجتمعوا وقرروا، وجمعوا مبالغ من المال جيدة، وأمّنوا له كل حاجاته الثانوية، يلزمه مروحة، يلزمه برادا، يلزمه غسالة، يلزمه غازا، كلما تزوج واحد منهم الكل يعاون بعضهم، هذا مجتمع التعاون، هذا مجتمع المؤمنين.
فيا أيها الإخوة، لست وحدك في الحياة، حينما تنضوي مع مؤمنين صادقين الكل لك، وأنت للكل.
تشريعات الإسلام جميعاً قائمة على بناء المجتمع الموحد المتماسك الصالح في بناء الأسرة، وحقوق كمل من الزوج والزوجة والأولاد وغير ذلك.
الذي أتمناه عليكم أن ننطلق إلى تنفيذ هذه المؤاخاة، عندك أخ بالله، اثنان أحسن، ثلاثة أحسن، أربعة أحسن، كلما كان المؤمنون أكثر ولاءً، وتضحية، ومؤاثرة، وخدمة كانوا أقرب إلى الله عز وجل.

لا عصبية ولاقبلية ولا طائفية في الإسلام:
الإسلام أيها الإخوة بحد ذاته لا يقوم على الأسس والقواعد العصبية، والقبلية، والعشائرية، والعرقية، اسمعوا مني هذا الكلام:
لا يضاف على كلمة مسلم ولا كلمة، أية إضافة على كلمة مسلم هذا يتجه نحو التعصب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية
[أخرجه أبو داود عن جبير بن مطعم]
بعد كلمة مسلم لا يضاف ولا كلمة، لذلك الإسلام لا يقوم على أسس عصبية ولا قبلية، ولا عشائرية، ولا عرقية، لما كنا مسلمين في شتى بقاع الأرض كنا أمة واحدة، فلما قلنا: نحن عرب، قال الأتراك: ونحن أتراك، وقال الأكراد: ونحن أكراد، نطالب حكماً خاصاً، الإسلام أممي، كل من آمن بما نؤمن، وطبق ما نطبق، هو منا، ونحن منه ، له ما لنا، وعليه ما علينا.
وقد تستغربون إن ألقيت على مسامعكم أسماء علماء كبار جداً ليسوا عرباً، الإمام البخاري ليس عربياً، صلاح الدين الأيوبي ليس عربياً، ألا نفتخر به؟ الشيء الصحيح أن يكون الإسلام أممياً، لا يمنع أن تكون أنت عربيا، لا يمنع أنك منتسب لهذه الأمة، لكن من دون تعصب، من دون أن تزدري الآخرين، أو من دون أن يزدرك أحد، لذلك لا بد من وضع أسس المجتمع الجديد بعيداً عن المؤثرات والمورثات الجاهلية، وليكون هذا المجتمع الجديد مثالاً صالحاً يحتذيه المسلمون على مر العصور.
والحمد الله رب العالمين
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-11-2012, 12:25 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

فتنة الأوس والخزرج وأنواع الاختلاف

الدكتور محمد راتب النابلسي
بسم الله الرحمن الرحيم

أيها الإخوة الأكارم، مع موضوع جديد من موضوعات فقه السيرة النبوية، وقد بينت لكم سابقاً كيف أن النبي صلى الله عليه وسلم انتقل من مكة إلى المدينة، انتقل من قوة الحق، قوة الوحي، قوة الاستقامة، قوة الإخلاص، قوة التضحية والفداء، لكن أصحابه كانوا يُعذبون أمامه، انتقل إلى المدينة ليضيف إلى قوة الحق حق القوة، لذلك بنى مجتمعاً قوياً، أساس هذا البناء المساواة، أساس هذا البناء إزالة فساد ذات البين، أساس هذا البناء التكافل، أساس هذا البناء على الإخاء والمحبة.
ولكن حصلت نكسة طارئة عابرة في العلاقات بين الأوس والخزرج، وكيف أن الله وصف الخلافات بين المؤمنين بأنها كفر.
نكسة طارئة بين الأوس والخزرج:
ورد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المدينة، أن يهودياً غاظه ما رأى من ألفة المسلمين، غاظه ما رأى من صلاح بينهم، بعد الذي كان بينهم من عداوة وبغضاء في الجاهلية.
لذلك أمر شاباً على شاكلته أن يجلس مع الأوس والخزرج، وأن يذكرهم بيوم بُعاث، يوم اقتتالهم، وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوه فيه من أشعار، فتفاخر القوم نزوة جاهلية، ثم تنازعوا، الأوس والخزرج، ثم تواثب رجلان من الحيين، وتقاولا، فقال أحدهما: إن شئتم رددناها الآن جذعة، أي حامية، وغضب الفريقان، وكادت تقع الفتنة، بلغ بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إليهم غاضباً فيمن معه من المهاجرين، حتى جاءهم فقال:
يا معشر المسلمين، اللهَ الله، أبدعوى الجاهلية، وأنا بين أظهركم؟ أبعد أن هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم دعوى الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف به بينكم، ترجعون إلى ما كنتم عليه كفارا، فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدو لهم، وبكوا، وعانق الرجال بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله سامعين مطيعين
لقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الخصومة بالكفر، ثم إن الله جل جلاله أنزل بهذه الحادثة قرآناً فقال دققوا بكلام الله:
(وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعَالَمِينَ)
[سورة آل عمران]
__________________
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25-11-2012, 12:31 AM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

الخلاف كفر عمليٌّ:
بماذا وصف القرآن الكريم الخلاف بين المسلمين؟ بالكفر، هذا سماه علماء العقيدة: كفر دون كفر، هناك كفر يخرجك من الملة، من ملة الإسلام، وهناك كفر دونه فالخصومات بين المسلمين نوع من الكفر، لأن هذه الخصومات تضعفهم، تشتتهم، تمزقهم تجعل بأسهم بينهم، تعقيباً على هذا الموضوع الله عز وجل يقول:
(غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ)
[سورة الروم]
الله عز وجل نصر الروم، وهم أهل كتاب على الفرس وهم عباد النار، لذلك أثبت الله جل جلاله للصحابة الكرام وهم نخبة الخلق، أثبت لهم فرحهم بهذا النصر، وقد قال الله عز وجل:
(وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللَّهِ)
فالقواسم المشتركة بين المسلمين وبين أهل الكتاب موجودة، لكن هناك تناقضات في العقيدة كبيرة جداً، بينما القواسم المشتركة بين أطياف المسلمين أكثر بكثير، فالأولى أن نفرح بنصر الله، ولا أن نهمس في آذان بعضنا بعضاً أن هذا النصر ليس لنا، هو لكل المسلمين، إذا كان أصحاب النبي رضوان الله عليهم فرحوا بنص القرآن الكريم بانتصار أهل الكتاب على ما بيننا وبينهم من اختلاف، لأنهم انتصروا على عباد النار.
أيها الإخوة، ورد في أسباب النزول أن هذه الآيات نزلت في تلك الحادثة التي كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وصف الله جل جلاله النبي صلى الله عليه وسلم فقال:

(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)
[سورة التوبة]
لذلك النبي صلى الله عليه وسلم حرص على وحدة أمته من بعده، لأن الأعداء وضعونا جميعاً في سلة واحدة، وينبغي أن نقف جميعاً في خندق واحد، مشكلتهم كما قال بعض زعمائهم: مشكلة حياة أو موت، ونحن مشكلتنا أيضاً مشكلة حياة أو موت.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لا تَرْجِعُوا بَعْدي كُفَّاراً، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقابَ بَعْض
كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وَعِرْضُهُ

[رواه مسلم عن أبي هريرة]
أيها الإخوة، نتابع البينة السليمة الاجتماعية التي بناها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنا أؤكد لكم أن المجتمع المتماسك لا يخرق، فلذلك مجتمع المؤمنين ينبغي أن يكون متماسكاً.
أيها الإخوة، أول شيء بالبناء الاجتماعي المؤاخاة، فقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والأنصار، نحن عندنا مظاهر إسلامية صارخة، مساجد كبيرة جداً ، مؤتمرات إسلامية، مكتبات زاخرة بالكتب الإسلامية، محاضرات، دروس، لكن الحب الذي كان بين أصحاب النبي رضوان الله عليهم ليس موجوداً الآن.
أيها الإخوة، القضية النفسية الحب بين المؤمنين يجعلهم متماسكين،
قال تعالى:

(وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)
[سورة الأنفال الآية: 46]
الله عز وجل يبين ما ينبغي أن نكون عليه فيقول:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
[سورة الحجرات الآية: 13]
لا لتقاتلوا،
(إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)
[سورة الحجرات]
هذه الآية منهج، هذه الآية أحد معالم طريق النصر، المؤاخاة بين المؤمنين.
وفي آية ثانية يقول الله عز وجل:

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
[سورة الحجرات الآية: 10]
صدقوا أيها الإخوة، ما لم تشعروا بانتمائكم إلى مجموع المؤمنين فلستم مؤمنين، لأن الله عز وجل يقول:
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)
الاختلاف المذموم والاختلاف الطبيعي:
1. الاختلاف الطبيعي لنقص المعلومات:
هناك اختلاف طبيعي، اختلاف نقص المعلومات، نحن في 29 فرضاً من رمضان، وسمعنا صوت يا ترى مدفع العيد، أم تفجير تم في الجبل لصخرة عاتية، نقص المعلومات يدفعنا إلى أن نختلف، هذا اختلاف طبيعي، لا شيء فيه، لكن بعد حين فتحنا المذياع، فإذا الخبر أنه غداً عيد الفطر السعيد، مثلاً، هذا اختلاف طبيعي، أساسه نقص المعلومات، كان الناس أمة واحدة فاختلفوا اختلاف نقص معلومات، فبعث الله النبيين ووضحوا،
لذلك قال تعالى:

(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ)
[سورة البقرة]
2. الاختلاف المذموم: الاختلاف بعد العلم:
هذا الاختلاف قذر، اختلاف نقص المعلومات طبيعي، لا يمدح ولا يذم، شيء طبيعي جداً، لكن الاختلاف بعد العلم اختلاف هوى، واختلاف مصالح، واختلاف نفوس، واختلاف كبر.
قال الله تعالى:

(وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ)
[سورة آل عمران]
حسداً بينهم، اختلاف الحسد احضر أي درس علم في العالم الإسلامي تسمع فيه: قال الله عز وجل، وقال عليه الصلاة والسلام، قرآن واحد، ونبي واحد، وسنة واحد، وإله واحد، والمسلمون اليوم فرق، وطوائف، وأحزاب، وشيع، وبأسهم بينهم، ويتقاتلون أحياناً.
ما اسم الخلاف الثاني؟ خلاف البغي، هذا الخلاف القذر.

3. الاختلاف الممدوح: اختلاف التنافس:
وعندنا اختلاف محمود: اختلاف التنافس، هناك من يرى أن أعظم شيء أن تؤلف كتاباً، وهناك من يرى أن أعظم شيء أن تؤلف قلباً، وهناك من يرى أن أعظم شيء أن تبني مسجداً، وهناك من يرى أن أعظم شيء أن تطعم فقيراً، فالمؤمنون يختلفون في اجتهاداتهم، لكن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، لك أن تنشئ مسجداً، ولك أن تلقي درساً، ولك أن تعتلي منبراً، ولك أن تؤلف كتاباً، ولك أن تنشئ ميتماً، ولك أن تنشئ مستوصفاً، ولك أن توفق بين الناس، وأن ترأب صدعهم، وأن تجمع شملهم، والطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق، وكل الطرق سالكة.
إذاً: عندنا اختلاف طبيعي، لا يحمد ولا يذم، اختلاف نقص المعلومات، وعندنا اختلاف البغي، والحسد، والكبر، والاستعلاء، والمصالح، والحظوظ، هذا اختلاف قذر، وعندنا اختلاف تنافس.
قال الله تعالى:

(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ)
[سورة المطففين]
هذا اختلاف محمود، لذلك النبي عليه الصلاة والسلام أقام المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، هذه المؤاخاة هي وسام شرف معلق على صدورهم.
والحمد الله رب العالمين
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الاسلام, دين, نبينا


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:47 PM.