#1
|
|||
|
|||
التأريخ الهجري
بدء التدوين و التأريخ للأحداث بالسنة الهجرية .. كان العمل بالتأريخ الهجري في السنة السادسة عشر و قيل السابعة عشر من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه . أخرج البخاري عن سهل بن سعد قال : ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته ، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة . انظر الفتح (7/314 ) . و أفاد السهيلي في الروض الأنف (4/255 ) أن الصحابة أخذوا التأريخ بالهجرة من قوله تعالى { لمسجد أسس على التقوى من أول يوم } لأنه من المعلوم أنه ليس أول الأيام مطلقاً ، فتعين أنه أضيف إلى شيء مضمر و هو أول الزمن الذي عز فيه الإسلام ، و عبد فيه النبي صلى الله عليه وسلم ربه آمناً ، و ابتداء المسجد ، فوافق رأي الصحابة ابتداء التاريخ من ذلك اليوم . و قد أبدى بعضهم للبدء بالتأريخ بالهجرة مناسبة فقال : كانت القضايا التي اتفقت له و يمكن أن يؤرخ بها أربعة : مولده ومبعثه و هجرته و وفاته ، فرجح عندهم جعلها من الهجرة ؛ لأن المولد والمبعث لا يخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السنة ، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه لما توقع بذكره من الأسف عليه ، فانحصر في الهجرة ، وإنما أخروه من ربيع الأول إلى المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في المحرم ، إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة ، فكان أول هلالاً استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال المحرم ، فناسب أن يجعل مبتدأ ، و هذا أقوى ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم . و ذكروا في سبب عمل عمر رضي الله عنه التاريخ أشياء ، ذكرها ابن حجر رحمه الله في الفتح ( 7 / 315 ) ، منها :- ما أخرجه أبو نعيم الفضل بن دكين في تاريخه و من طريق الحاكم من طريق الشعبي ( أن أبا موسى كتب إلى عمر أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ ، فجمع عمر الناس ، فقال بعضهم : أرخ بالمبعث ، و بعضهم أرخ بالهجرة ، فقال عمر : الهجرة فرقت بين الحق والباطل ، فأرخوا بها ، و ذلك سنة سبع عشرة ، فلما اتفقوا قال بعضهم ابدءوا برمضان ، فقال عمر : بل بالمحرم فإنه منصرف الناس من حجهم ، فاتفقوا عليه ) . وروى أحمد وأبو عروبة في الأوائل و البخاري في الأدب والحاكم من طريق ميمون بن مهران قال : رفع لعمر صك محله شعبان ، فقال : أي شعبان ، الماضي أو الذي نحن فيه ، أو الآتي ؟ ضعوا للناس شيئاً يعرفون فيه حلول ديونهم ، فيقال إنهم أراد بعضهم أن يؤرخوا كما تؤرخ الفرس بملوكهم ، كلما هلك ملك أرخوا من تاريخ ولاية الذي بعده ، فكرهوا ذلك ، ومنهم من قال : أرخوا بتاريخ الروم من زمان الإسكندر ، فكرهوا ذلك ، وقال قائلون : أرخوا من مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال آخرون من مبعثه عليه السلام ، وأشار علي بن أبي طالب وآخرون أن يؤرخ من هجرته من مكة إلى المدينة لظهوره لكل أحد فإنه أظهر من المولد والمبعث . فاستحسن ذلك عمر والصحابة ، فأمر عمر أن يؤرخ من هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأرخوا من أول تلك السنة من محرمها . وروى ابن أبي خيثمة من طريق ابن سيرين قال : قدم رجل من اليمن فقال : رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا و شهر كذا ، فقال عمر : هذا حسن فأرخوا ، فلما أجمع على ذلك قال قوم : أرخوا للمولد ، وقال قائل : للمبعث ، وقال قائل : من حين خرج مهاجراً ، وقال قائل من حين توفي ، فقال عمر : أرخوا من خروجه من مكة إلى المدينة ، ثم قال : بأي شهر نبدأ ؟ فقال قوم : من رجب ، وقال قائل : من رمضان ، فقال عثمان : أرخوا من المحرم فإنه شهر حرام و هو أول السنة ومنصرف الناس من الحج ، قال و كان ذلك سنة سبع عشرة و قيل سنة ست عشرة في ربيع الأول . وروى الحاكم في المستدرك (3/14) عن سعيد بن المسيب قال : جمع عمر الناس فسألهم عن أول يوم يكتب التاريخ ، فقال علي : من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وترك أرض الشرك ، ففعله عمر . فاستفدنا من مجموع هذه الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم ، و أن علي رضي الله عنهم أشار بالتأريخ من الهجرة . و حول وضع التاريخ الهجري راجع تاريخ الطبري (4/38) و البداية والنهاية (3/206) و الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ للسخاوي (ص 78 ) و للإمام السيوطي رحمه الله رسالة بعنوان : الشماريخ في علم التاريخ .
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|