اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 15-10-2012, 09:53 AM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي هل ينهار الاقتصاد الإيراني بعد الهبوط الحاد للريال؟

عقوبات غربية مؤثرة
هل ينهار الاقتصاد الإيراني بعد الهبوط الحاد للريال؟


د. محمد السمهوري
خبير اقتصادي بالمركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية
في تسارعٍ مفاجئٍ وغير مسبوق، فقد الريال الإيراني حوالي 40% من قيمته السوقية مقابل الدولار الأمريكي خلال أول يومين من شهر أكتوبر الحالي، حيث وصل سعر الصرف إلى 37,000 ريال إيراني للدولار الواحد، بعد أن كان في نهاية شهر سبتمبر 24,600 ريال للدولار. القيمة الجديدة لسعر صرف الريال الآن تزيد عن ثلاثة أضعاف القيمة الرسمية التي يحددها البنك المركزي الإيراني عند 12,260 ريال للدولار.

هذا الانهيار الحاد لسعر صرف العملة الإيرانية ربطه الكثيرون من المحللين بالعقوبات الاقتصادية الصارمة التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على قطاعي النفط والمال الإيرانيين، والتي دخلت حيز التنفيذ بداية شهر يوليو الماضي، حيث اعتبروا ما حدث مؤشرًا قويًّا على نجاعة العقوبات الغربية في زعزعة الاقتصاد الإيراني، ومن ثم زيادة الضغوط على الحكومة الإيرانية لتغيير موقفها الراهن من برنامجها النووي.


ومع التسليم بكبر حجم التدهور الذي حدث في قيمة الريال مؤخرا، وبالآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية المحتملة لمثل هذا الانهيار السريع والمفاجئ للعملة المحلية، إلا أنه لا يزال من المبكر -بناءً على ما هو متوافر من أرقام حول الاقتصاد الإيراني نفسه، وحول التأثير الذي تركته العقوبات الغربية على قطاع النفط حتى الآن- الاستنتاج بقرب حدوث انهيار للاقتصاد الإيراني، يدفع بالحكومة الإيرانية إلى تغيير موقفها في محادثاتها مع مجموعة (P5+1) حول برنامجها النووي.

1- تساؤلات حول انهيار سعر صرف الريال الإيراني

بدأ التدهور الكبير في سعر صرف الريال الإيراني أمام الدولار الأمريكي يوم الإثنين، الأول من شهر أكتوبر 2012، بعد حدوث انخفاض في قيمته بنسبة 18%. أعقب ذلك في اليوم التالي انخفاض آخر بنسبة 9%، ليصل سعر صرف الدولار بعدها إلى 37,000 ريال إيراني للدولار، بعد أن كان سعره في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2012 لا يتعدى 24,600 ريال فقط.
هذا الانهيار الكبير في قيمة العملة الإيرانية أدى إلى ظهور اضطرابات واحتجاجات في منطقة بازار طهران الرئيسي -حيث توجد محلات الصرافة وتجار العملات- ضد الحكومة وسياستها الاقتصادية، مطالبة باستقالة محافظ البنك المركزي الإيراني. الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من ناحيته، في مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 2 أكتوبر، أعلن عن وجود "حرب نفسية" تشنها الدول الغربية ضد إيران، وأشار إلى حدوث تلاعب ومضاربات حول سعر صرف الريال من قِبل كبار تجار العملة في طهران، واعترف لأول مرة بالتأثير السلبي الذي تتركه العقوبات الغربية (الأمريكية والأوروبية) على صادرات النفط الخام الإيراني، وعلى الاقتصاد الإيراني بوجه عام.

أسئلة كثيرة يثيرها هذا الانخفاض الحاد والمفاجئ في قيمة الريال، تتعلق بشكل رئيسي بالسبب وراء التدهور الذي حدث في سعر الصرف، وما إذا كانت العقوبات الاقتصادية الدولية المفروضة على إيران قد بدأت تأتي بنتائجها المرجوة منها، ومدى تأثير هذا التدهور في قيمة العملة الإيرانية على الاقتصاد الإيراني ككل، وعلى موقف الحكومة الإيرانية بالنسبة لبرنامجها النووي الذي كان الدافع الرئيسي وراء فرض العقوبات.

2- التغيرات في سعر صرف الريال خلال الفترة 2011-2012

لوضع التغيرات الحادة الأخيرة في سعر صرف الريال الإيراني في سياقها المناسب، وللتعرف على مغزاها، وتحليل تأثيرها، والتبعات التي يمكن أن تترتب عليها، من المهم القيام –سريعًا- بتتبع ما حدث لسعر صرف العملة الإيرانية خلال السنتين الماضيتين، ومحاولة فهم هذه التغيرات في ضوء التطورات السياسية والاقتصادية المتعلقة بإيران خلال تلك الفترة الزمنية، ثم الاستفادة من هذا العرض في محاولة تفسير الانهيار الأخير للريال، والاستنتاجات التي يمكن أن نستخلصها بالنسبة لما يمكن أن يحدث للاقتصاد الإيراني في المستقبل المنظور، وانعكاسات ذلك كله على موقف حكومة إيران من برنامجها النووي.

قبل القيام بذلك، قد يكون من المفيد بداية الإشارة بشكل عام إلى أن التراجع في قيمة أسعار صرف عملة بلد ما، يجد أساسه الاقتصادي في ثلاثة أسباب:

أ- حدوث عجز مستمر في ميزان مدفوعات الدولة محل الدراسة نتيجة وجود صافي تدفق سالب في المدفوعات الخارجية من النقد الأجنبي.

ب- حدوث ارتفاع متواصل في المستوى العام للأسعار محليًّا مقارنةً بمستويات التضخم لدى دول الشركاء التجاريين الرئيسيين للدولة.

جـ - وجود سوء أداء في الإدارة الاقتصادية (المالية والنقدية) للدولة يؤدي إلى اهتزاز في سعر صرف العملة. وفي الحالة الإيرانية اليوم، فإن هذه العوامل مجتمعة، على ما يبدو، موجودة، بنسبة أو بأخرى، مما أدى بالريال الإيراني إلى أن يفقد أكثر من 80% من قيمته التي كان عليها في نهاية العام المنصرم.

بالعودة إلى التغيرات التي حدثت في قيمة (سعر صرف) الريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي خلال السنتين الماضيتين، فإنه يمكن التمييز بين أربع مراحل، أو فترات مختلفة مرت بها هذه التغيرات، كما يوضحها الرسم البياني أدناه.

رسم بياني توضيحي

فترات التغير في سعر صرف الريال الإيراني خلال العامين 2011-2012
(المحور الرأسي يقيس عدد الريالات الإيرانية لكل دولار أمريكي)


المصدر: صندوق النقد الدولي، أعداد مختلفة من "إحصائيات التمويل الدولية". (ملاحظة: أسعار صرف شهر أكتوبر مأخوذة من وكالات الأنباء العالمية).

المرحلة الأولى (ديسمبر 2010 – ديسمبر 2011): في بداية الفترة، كان سعر الصرف الرسمي للريال مقابل الدولار الأمريكي، كما حدده البنك المركزي الإيراني، هو نفس السعر الذي كان سائدًا خارج الإطار الرسمي (أي السعر الذي يتم التعامل به في أسواق الصرافة وعند تجار العملات)، حيث كان سعر الصرف يساوي 12,260 ريال للدولار الواحد في كلا السوقين. خلال هذه الفترة، بدأ التباعد التدريجي، الضئيل والبطيء بين السعرين، كما هو واضح في الرسم البياني، حتى وصل سعر الصرف غير الرسمي (السوقي) في نهاية الفترة إلى 13,500 ريال للدولار، في حين بقي سعر الصرف الرسمي كما هو.

المرحلة الثانية (يناير 2012 – مايو 2012): خلال هذه الفترة، استمر سعر صرف الريال الإيراني مقابل الدولار في الانخفاض، ولكن بوتيرة أسرع هذه المرة، حتى وصل سعره في نهاية شهر مايو 2012 إلى حوالي 17,000 ريال للدولار، في الوقت الذي ظل فيه سعر الصرف الرسمي على حاله. من المهم التذكير هنا بأن بداية هذه الفترة، أي شهر يناير 2012، شهدت اتخاذ قرارات من الولايات المتحدة ومن الاتحاد الأوروبي بشأن عزم الطرفين على القيام بتطبيق عقوبات اقتصادية على إيران تدخل حيز التنفيذ في منتصف العام، وتشمل قطاع صادرات النفط، وقطاع معاملات إيران المالية مع العالم الخارجي. الفترة نفسها أيضًا شهدت فشل جولتين من المفاوضات، في 14 إبريل و23 مايو، في إسطنبول وبغداد على التوالي، بين إيران وبين مجموعة (P5+1) حول برنامج إيران النووي. كما شهدت هذه الفترة أيضًا بداية حدوث تراجع في صادرات النفط الإيراني نتيجة قيام بعض المستوردين الرئيسيين، وبالذات في دول الاتحاد الأوروبي ودول شرق آسيا (حيث تذهب، على التوالي، 20% و60% من صادرات نفط إيران)، بالتقليل التدريجي من وارداتهم من النفط الإيراني استعدادا للالتزام لاحقا بالعقوبات الغربية.

وبالتالي يمكن القول إن استمرار تدهور سعر الصرف غير الرسمي للريال بوتيرة أكبر من المرحلة الأولى، كان انعكاسًا للتطورات على الصعيد السياسي من ناحية، ونتيجة حدوث انخفاض حصيلة إيران من النقد الأجنبي من ناحية ثانية، وتأثير ذلك على ميزان مدفوعاتها. هذه التطورات أدت بأسواق الصرافة وتجار العملة في إيران بأخذ تبعاتها في الحسبان عند تقييمهم لسعر صرف الريال مقابل الدولار.

المرحلة الثالثة (يونيو 2012 – سبتمبر 2012): شهدت هذه الشهور الأربع اتساعًا أكبر وأسرع في الفجوة بين السعر الرسمي والسعر غير الرسمي للريال الإيراني مقابل الدولار الأمريكي. ففي حين ظل السعر الرسمي على حاله عند 12,260 ريال للدولار، وصل سعر صرف الدولار إلى 24,000 ريال، أي ضعف السعر الرسمي تقريبا. خلال هذه الشهور الأربعة حدثت ثلاثة تطورات سياسية واقتصادية تركت تأثيرها السلبي والمباشر على قيمة الريال الإيراني.

فعلى الصعيد السياسي، استمر تعثر المحادثات بين إيران ومجموعة الـ(P5+1) بعد فشل اجتماع ثالث لهما عُقد في موسكو بين 18 و19 يونيو، وفشل اجتماع آخر على مستوى الخبراء الفنيين في مدينة إسطنبول في 3 يوليو. وعلى الصعيد الاقتصادي، دخلت العقوبات الأوروبية على إيران حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو، والتي تمنع دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من استيراد النفط الإيراني، وتحظر على شركات التأمين الأوروبية تغطية الناقلات التي تحمل النفط الإيراني. كما دخلت حيز التنفيذ في بداية الشهر نفسه أيضًا العقوبات الأمريكية على إيران والتي تمنع الدول التي تتعامل مع البنك المركزي الإيراني وتلك التي لا تقوم بتخفيض وارداتها بشكل كبير من النفط الإيراني، من التعامل مع البنوك الأمريكية ومع قطاع المال في الولايات المتحدة.

كما شهدت هذه الفترة أيضًا استمرار التراجع في صادرات النفط الإيراني وفي حصيلة إيران من عائدات النفط من النقد الأجنبي، حيث تشير التقديرات الدولية إلى انخفاض صادرات إيران من النفط الخام بحوالي 40% (من 2.5 مليون برميل يوميًّا إلى 1.5 مليون فقط)، وخسارتها نتيجة ذلك ما يقرب من 32 بليون دولار أمريكي.

كل هذه التطورات نتج عنها زيادة في حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في إيران خلال أشهر هذا الصيف بدرجة أكبر من تلك التي شهدتها الأشهر الست الأولى من السنة، وانعكست بدورها سلبيًّا على سعر صرف الريال الإيراني، وهو ما يفسر لنا استمرار الانخفاض في قيمته بمقدار أكبر من الانخفاض الذي شهدته الفترة السابقة. فإذا أضفنا إلى جانب ذلك تأثير استمرار تدهور قيمة الريال الإيراني على المستوى المحلي العام للأسعار، وتأثير الأخير بدوره على القوة الشرائية للعملة الإيرانية وعلى قيمتها مقابل العملات الأخرى، تكون لدينا صورة شبه كاملة لأسباب التغيرات التي حدثت في سعر صرف الريال.
المرحلة الرابعة (أكتوبر 2012): ما سبق من شرح يمكن أن يستخدم لتفسير استمرار حدوث "انخفاض عادي"، حتى ولو كان بوتيرة متزايدة، في السعر غير الرسمي لصرف الريال الإيراني، لكنه بالتأكيد ليس كافيا لفهم الانهيار الذي حدث فجأة في قيمة الريال وأدى إلى أن يفقد 40% من قيمته أمام الدولار الأمريكي في السوق السوداء خلال يومين فقط! العقوبات وحدها يمكن أن تفسر حدوث تغير تدريجي في سعر الصرف، ولكن ليس انهيارا سريعًا في قيمة الريال في فترة قياسية من الزمن، لأن سوق سعر الصرف غير الرسمي كان قد أخذ تأثير هذه العقوبات في الاعتبار من قبل، ولا يوجد جديد في الأمر يبرر ما حدث.

هناك من يُرجع هذا التدهور الكبير والسريع في سعر الصرف إلى قرار البنك المركزي الإيراني في نهاية شهر سبتمبر الماضي باستحداث "نظام متعدد لأسعار الصرف"، يتم بموجبه توفير الدولار الأمريكي للمستوردين الإيرانيين، بأسعار صرف مختلفة حسب نوعية السلعة المستوردة. فالسلع الأساسية الضرورية المستوردة (من غذاء ودواء)، حسب النظام الجديد، يحصل مستوردوها على "سعر تفضيلي" يساوي السعر الرسمي للدولار عند 12,260 ريال. بينما يدفع مستوردو السلع غير الضرورية سعرًا للدولار يقل 2% عن سعر السوق، في حين يحصل الآخرون على الدولار من البنك المركزي الإيراني حسب سعر السوق. هذا النظام الجديد لـ"أسعار الصرف الرسمية" الذي استهدف على ما يبدو ترشيد استعمال النقد الأجنبي الموجود لدى البنك المركزي الإيراني أدى إلى حدوث ردة فعل عكسية في أسواق تبادل العملات في طهران التي رأت فيه مؤشرًا على وجود نقص كبير لدى البنك المركزي من احتياطات النقد الأجنبي، مما دفع السوق إلى رفع سعر الدولار في خلال يومين فقط، من 24,000 ريال للدولار إلى 37,000 ريال.

هذا التفسير الأوّلي للهبوط الحاد الذي حدث مؤخرا في قيمة الريال الإيراني يبدو معقولا في ضوء ما تم شرحه قبل قليل من عدم وجود تغيرات جذرية سلبية على الصعيد الاقتصادي أو السياسي في إيران تستوجب حدوث تغيرات حادة في سعر الصرف، وهو الشيء الذي على ما يبدو دفع بالبنك المركزي الإيراني يوم 6 أكتوبر إلى أن يضع سقفًا أعلى لسعر الصرف غير الرسمي للدولار لا يتجاوز مبلغ 26,000 ريال، وأن يعطي تعليماته لأسواق الصرف ولتجار العملة بألا يتم بيع الدولار الأمريكي في السوق بأعلى من هذا السعر.

3- ماذا يعني انهيار قيمة الريال الإيراني ؟

يتطلب التحليل الاقتصادي لما حدث، والبحث عن المعنى من ورائه، الغوص بدرجة أكبر من مجرد قبول للتفسير الذي رأى في انهيار قيمة الريال بالسرعة التي حدث فيها مجرد ردة فعل من قبل المتعاملين في السوق غير الرسمي لأسعار الصرف في بازار طهران. وفي هذا الجزء الأخير من الورقة، سنحاول القيام بذلك.

ففي ضوء ما تم شرحه حتى الآن عن التغيرات التي حدثت في قيمة الريال الإيراني خلال السنتين الأخيرتين، وفي ضوء ما هو متاح ومعروف من معلومات وبيانات حول الاقتصاد الإيراني بشكل عام، يمكن التوصل إلى ثلاثة استنتاجات مركزية فيما يتعلق بتفسير التغيرات الحادة التي حدثت في سعر صرف الريال الإيراني خلال أول يومين من الشهر الحالي:

أولا: أن هناك اتجاهًا عامًّا لحدوث انخفاض مستمر في قيمة الريال الإيراني كما تعكسه تداولات أسوق الصرف غير الرسمية في طهران. هذا الاتجاه "النزولي" بدأ منذ بداية عام 2011، كما هو واضح من الرسم البياني، واستمر حتى اليوم. أغلب الظن أن هذا الانخفاض في قيمة العملة الإيرانية سيستمر أيضًا في المستقبل المنظور على الأقل، وذلك بسبب استمرار العوامل السياسية والاقتصادية التي أدت إلى حدوثه في المقام الأول.

ثانيًا: أن هذا الانخفاض في القيمة غير الرسمية للريال الإيراني، وكما هو واضح من التغيرات التي حدثت في السنتين الأخيرتين، حدث بوتيرة متزايدة ومتسارعة عبر الزمن، كما يتمثل في حجم الفجوة دائمة الاتساع بين السعرين الرسمي وغير الرسمي لصرف الريال. هذه الفجوة (أي حجم الانخفاض في قيمة الريال) كانت تقدر في نهاية الفترة الأولى (شهر ديسيمبر 2011) بحوالي 1,240 ريال، زادت في نهاية الفترة الثانية (شهر مايو 2012) إلى 4,740 ريال، ثم إلى 11,740 ريال في الفترة الثالثة (شهر سبتمبر 2012)، إلى أن وصلت مؤخرا (في 2 أكتوبر الحالي) إلى 24,740 ريال. ومرة أخرى، فإن هذه الوتيرة المتزايدة والمتسارعة في تدهور قيمة الريال من المتوقع أن تستمر في المستقبل المنظور بسبب استمرار وجود العوامل التي أدت إلى وجودها في المقام الأول، أي زيادة تعقيد الأوضاع السياسية والاقتصادية في إيران عبر الزمن.

ثالثًا: أن مصادر القوة الذاتية التي شكلت في الماضي القريب، ولا تزال حتى الآن تشكل إلى حد ما، عناصر يمكن للاقتصاد الإيراني الاعتماد عليها في تغلبه على الآثار السلبية للعقوبات الاقتصادية الغربية والتخفيف من حدّتها، آخذة في الضعف التدريجي مع مرور الزمن. المقصود هنا على وجه التحديد ثلاثة عوامل تتمثل في وجود فائض في ميزان المدفوعات يقدر هذا العام بحوالي 31 مليار دولار، وفي انخفاض نسبة الدين المحلي إلى الناتج المحلي الإجمالي (9% فقط)، ووجود احتياطي من النقد الأجنبي يقدر بحوالي 103 مليارات دولار تكفي لتغطية 18 شهرا من الواردات.

هذا الضعف التدريجي والمتوقع في هذه العناصر بسبب زيادة الضغوط السياسية الخارجية وتأثير حزمة العقوبات الاقتصادية الدولية، وما لم تحدث تطورات (إيجابية) في الاتجاه المضاد، سوف تعكس نفسها في تدهور مستقبلي ومستمر في قيمة العملة الإيرانية.

الخلاصة:

بناءً على ما سبق يمكن القول، وبدرجة معقولة من الثقة، إنه في الوقت الذي لا يمكن فيه الجدل كثيرًا حول التأثير السالب للعقوبات الأوروبية والأمريكية على الاقتصاد الإيراني بشكل عام، وعلى قيمة الريال الإيراني بشكل خاص، سواء منذ وقت اتخاذ القرار بفرض هذه العقوبات في بداية العام الحالي أو منذ دخولها حيز التنفيذ في بداية شهر يوليو؛ إلا أن محاولة تفسير ما حدث من انهيار مفاجئ لقيمة الريال مؤخرا بهذه العقوبات وحدها هو تفسير مبالغ فيه، ومن الصعب الأخذ به.

الأكثر خطأ وخطورة هو أن يتم قراءة ما حدث بشكل غير متعمق، وأن يتم الاقتناع بهذا التفسير "المُريح" من قبل الأطراف التي قامت بفرض هذه العقوبات، وتقوم نتيجة ذلك باتخاذ توجهات سياسية متشددة، يمكن أن تؤدي إلى إطالة أمد النزاع مع إيران بدلا من التوصل إلى اتفاق بشأنه.
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 10:00 PM.