إلى الدكتور مرسى: رسالة حول إعادة بناء مصر

[أ/محمد ابراهيم]

تعالوا نتصارح. ما اجتمع مصريان إلا كان الشك ثالثهما. العبارة فيها مبالغة، لكنها تعبر عن كثير من واقع حياة المصريين. وهذا الشك يجعل مصر تعانى شحاً فى رأس المال الاجتماعى (القائم على الثقة بين الأفراد والرغبة فى العمل المشترك من أجل أهداف وطنية كبرى)، وهو لا يقل أهمية عن رأس المال المادى (مثل المياه والحديد والأسمنت)، ورأس المال الثقافى (مثل العلوم والآداب والفنون).

لدينا عجز شديد فى «الثقة» وهو جزء من استجابة نفسية فى المقام الأول لسلسلة من الإحباطات التى نمر بها جميعاً. ببساطة لم يعد يوجد فى حياتنا ما يدعونا للفخر به. وعليه، فنحن نعانى عجزاً مركباً: عجز عن الفعل، وعجز عن تخيل إمكانية التغلب على العجز.

جزء من التدريس فى الخارج يقتضى منك أن تدرس بعض مقررات عن سيكولوجية التعلم، وكان مما يقال إن النجاح المبدئى يكون مقدمة للثقة بالنفس المفضية إلى النجاح النهائى. والخروج من حالة الإحباط هو أصعب مرحلة فى علاج النفس الإنسانية بل وفى علاج المجتمعات البشرية.

الناس محتاجة نجاح فى أى مجال بشرط أن يكون نجاحاً عاماً وشاملاً.

ذات مرة وجدت دراسة صادرة عن البنك الدولى وكان فيها ذكر لقصص نجاح عالمية ومن ضمنها كان الكلام عن محافظة قنا تحت إدارة اللواء عادل لبيب. وكانت المفاجأة أن قنا تذكر فى هذا التقرير الدولى باعتبارها «قصة لمواجهة روتين الإحباط والفشل والفقر»، وهذا التعبير دقيق؛ لأن هذه الثلاثية حين يقع فيه شخص أو مجموعة أشخاص يكون الخروج منها صعباً. ولكن كل ما بعد الخروج منها يكون أسهل نسبياً.

سأروى واقعة عن التجربة التركية. لى صديق تركى يعمل «بروفيسور» فى إحدى الجامعات الأمريكية. هو بطبيعته أتاتوركى علمانى، وكان ضد حزب العدالة والتنمية تماماً، ولكن بعد عدة أشهر وجدته يذكره بخير كثير. قلت له: «ألبر، هل أصبحت من مؤيدى الناس الذين كنت تصفهم بالفاشية؟» وكان رده: «لا، لكن هؤلاء الناس مخلصون. هم يعملون بجد لصالح كل تركيا. لقد نظفوا الشوارع والميادين الرئيسية فى أكبر خمس مدن كبرى تماماً. الناس بدأوا يتجاوبون معهم. ورأس المال الاجتماعى بدأ يرتفع. هذه بداية رائعة».

هذا الكلام كان فى مطلع عام 2003، وأتذكره من قبيل حنين الإنسان لما يفقد.

إلى الدكتور مرسى: اعمل اجتماعاً ترأسه أنت شخصياً، ومعك فيه رئيس الوزراء والوزراء جميعاً، ومعك أحد قيادات القوات المسلحة السابقين، المشهود لهم بالكفاءة والجدية والنشاط والحزم، كى يكون هو على قمة هذه العملية. عملية يخطط لها مثلما خططنا لعبور قناة السويس أو لبناء السد العالى. احتمالات الخطأ البشرى تكاد تقترب من الصفر. وليكن معنا الخبرة المتراكمة من النجاح والفشل فى محافظات مصر المختلفة.

الاجتماع له هدف واحد ويكاد يكون وحيداً وهو: «النظافة، ولا شىء غير النظافة».

نريد أن ننجح فى أى مجال، أى مجال، أى مجال، نجاحاً حقيقياً مبهراً يرفع الروح المعنوية للبلد ويؤكد لهم أننا نستطيع أن ننجز ما نريد وأننا أنجزنا بالفعل.

نريد أن نراكم فى ما بيننا خبرة النجاح المشترك بين أجهزة الدولة بعضها البعض، وبين أجهزة الدولة وبين مؤسسات المجتمع. نريد أن نبتسم ابتسامة جماعية تعيد لنا الأمل.

عايزين ننجح فى أى مجال كمقدمة للنجاح فى بقية المجالات.

عايزين نبدأ الدورى بفوز كبير يرفع عندنا الرغبة فى الانتصار.

معتز بالله عبد الفتاح

[aymaan noor]

مقال رائع
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك