|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ثورات .. لكن فى يد قوى سكونية الثورة التي لا تخطىء لم تحدث بعد...فالثورات ليست أفعالاً معصومة، بل الطبيعي أن ترتكب كل ثورة أخطاء. والثورة التي تمضي بلا تعثر وتتقدم بلا عائق وفقاً لخطة عمل واضحة من البداية أقرب إلى الخيال السياسي وليس الحقيقة....فكل ثورة تعدل وتغير كلما تخبطت.د. إبراهيم عرفات أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ![]() . أما الثورة التي تهب ثم تُسلم رايتها إلى مؤسسات وقوى سكونية فليست ثورة بالمرة. فالثورة تغيير سريع يسابق الزمن، ونافذ يصل إلى الأعماق، وشامل لا يستثني من أمامه شيئاً. أما قوى السكون فتفكيرها بطيء لا يأخذ الوقت في اعتباره ، وسطحي يقف عند حدود الشكل، وجزئي يعتبر السير خطوة كأنه قطع للطريق بأكمله. وبينما الثورة حالة جماهيرية تصل بالفعل السياسي إلى أعلى درجات الحركة، فإن قوى السكون ، جماعات ومؤسسات، تحاول أن تهبط بالفعل السياسي إلى حالة من الجمود. الثورة فعل يتحدى السكون. أما قوى السكون فتأبى أن تتجاوب مع التغيير الثوري. والعلاقة بين قوى الثورة وقوى السكون علاقة بين نقيضين، لا يمكن أن تنهض على الثقة والقبول، وإنما تغلفها ظلال كثيفة من الرفض والريبة. وأي تعايش ينشأ بين الاثنين لا يكون عن تراض واختيار، وإنما لدواعي الحاجة والاضطرار. تعايش تحتمه موازين القوى وأقدار اللحظة. فقوى الثورة مهما اشتد عودها، وقضت حتى على الجزء الغاطس من النظام القديم ستجد نفسها بعد ذلك أمام قوى ومؤسسات السكون التي يبقي الجزء الأكبر من جسدها مختبئاً في الأعماق، وقد تضطر الثورة،- بعد أن تكون قد أُنهكت -إلى القبول بها والتعامل معها. ومؤسسات السكون بدورها لو عجزت عن منع الثورة أو فشلت في إجهاضها فلن تجد أمامها بديلاً غير السير في اتجاه التيار وركوب موجة الثورة حتى لا تفقد الزمام تماماً من يديها. ومع أنها قوى سكونية تكره نداء الثورة إلى التغيير، إلا أنها لا تتردد في تلبيته مع أنها تمقته، بل ولا تتردد في ترديده مع أنها تحاول أن ترده. هي قوى استاتيكية بطبعها متى حملتها مفاجأة الثورة على الحركة إلا وتتعهد بتنفيذ أهدافها. أما على الأرض فتتعامل مع الثورة على وقع ما تراه، لا ما تعهدت به. وهكذا تمضي العلاقة بين المتناقضين. الثورة تتحول إلى شوكة في حلق مؤسسات السكون لأنها تحاول بناء واقع مختلف. ومؤسسات السكون تتحول إلى عبء على الثورة لأنها تركب على أكتافها متظاهرة لها بالمناصرة بينما هي تثقل عليها وتكاد تغرقها. والتناقضات بين قوى الثورة وقوى السكون كثيرة: من الاختلاف على أساليب وحدود تصفية الماضي، إلى طبيعة وشكل المستقبل. والتناقضات بطبيعتها تتصارع ولا تتعايش، تتناحر ولا تتوافق. تعايشها إن حدث فمؤقت وتوافقها إن تم فهدنة، ولهذا يهدد أي ثورة أن لا ترى التناقض بينها وبين المؤسسات والقوى السكونية، أو أن تضطرها صيرورة التحول من ثورة إلى دولة إلى وضع عهدة التغيير في يد تلك المؤسسات التي لن تتردد في تبريد أو تحديد أو تجميد إن لم يكن تبديد الثورة. وشيء من هذا يجري حالياً مع ما بات* يسمى إعلامياً "بثورات الربيع العربي"، وهي تسمية في حاجة إلى وقفة ناقدة. فالثورة لا تسعى فقط إلى التخلص من بقايا النظام القديم - وهي مهمة ليست سهلة - وإنما تحاول أيضاً أن تقهر قوى ومؤسسات السكون التي تستمر حتى بعد سقوط النظام القديم بأكمله، وهي مهمة أشد صعوبة. ولهذا السبب قد لا يرقى ما حدث في العالم العربي حتى الآن، برغم أهميته وخطورته، إلى وصف الثورة. وقد تبدو في هذا الرأي قسوة، لكن فيه أيضاً مصارحة، كذلك فإن تعبير "الربيع" لا يبدو منسجماً مع ما نبصره من مشاهد وما نسمعه من حكايات. فليس هناك ورود تتفتح، وإنما دماء تراق، وليس هناك فراشات تطير، وإنما أرواح تصعد إلى بارئها. وليس هناك بشائر لنسيم سياسي قادم، وإنما زوابع وتلال من الغبار والأتربة. ما تبثه الشاشات، مشاهد للقتل والدمار والتشنج وليس للتمكين والتهليل والتهاني، فكيف والوضع على هذا النحو يستعمل تعبير "الربيع"؟ كيف؟ ما جرى لأكثر من عام أن هبات شعبية عظيمة انفجرت فأسقطت حكاماً، لكنها لم تسقط بعد كل نظم حكمها القديمة، كما لم تلتفت إلى مؤسسات وقوى السكون المنتشرة حولها، والتي بدأت تتلقفها بخبث وتحتضنها بذكاء إما لكي تحبط تلك الثورات بالكليةً، أو لتديرها بالمنطق الذي تعرفه مؤسسات السكون، وهو أن يبقى التغيير دائماً،* لو كان لا فكاك منه، في حده الأدنى. فالقوى والمؤسسات السكونية لا تحب الحركة، وإنما تفضل عليها الثبات، ولا تميل إلى التغيير، وإنما إلى الاستمرار. ولو اضطرتها الظروف إلى الوجود في أنواء الحركة - وأخطرها بالطبع حالة الثورة، فتسعى إلى أن تكون بطيئة ولو استطاعت فستجعلها تدور في وضع محلك سر. وبسبب طبيعتها الرجعية المحافظة،* تعتبر قوى ومؤسسات السكون العدو الصامت للثورات*. تدعي* في* العلن أنها مع الثورة بينما في* العمل تحاول أن تلجمها،* تزعم أنها تريد للثورة أن تنطلق بسرعة،* لكن ليس بسرعة الحركة* kinetic speed * وإنما بسرعة الثبات.idle speed والمؤسسات السكونية هي* كل بنية اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية عتيقة وعميقة لا تحب الحركة والتغيير*. تعتبر أن الحركة ضرراً،* وأن التغيير شراً،* وأن التجديد انحرافاً*. قد تكون جهازاً* حكومياً* أو سفارة أجنبية أو نخبة رجال أعمال أو تياراً* أيديولوجياً،* وأية قوة أخرى تحاول أن تبقي* على القديم برغم عيوبه وتسفه الجديد برغم أهميته*. هم فاعلون سياسيون* يدافعون عن حالة السكون إما لأنه سبق لبعضهم قبل الثورة أن استفادوا منها عندما استحوذوا في* ظلها على الحيز العام وباتوا* يحاولون ألا* يفقدوه،* أو لأن بعضهم الآخر دخل إلى هذا الحيز راكباً* قطار الثورة ولا* يريد أن* يتركه وهو للتو قد دخل إليه*. ومؤسسات السكون العربية متنوعة ونافذة*. الجيش مثلاً* مؤسسة سكونية،* والقبيلة مؤسسة سكونية*. والطائفة مؤسسة سكونية*. والقوى الدينية مؤسسة سكونية*. وقوى الجوار النافذة إلى جانب قوى العالم القافزة على المنطقة هي* أيضاً* مؤسسات سكونية*. * فلولا قوى السكون الإقليمية في* الخليج مثلاً* لما كانت ثورة البحرينيين قد أحبطت،* بل ربما كانت قد حققت جزءاً* من مراميها*. ونفس قوى السكون الإقليمية هذه التي* تدخلت في* البحرين*()،* مع أنها لا تحاول أن تغير من نفسها سياسياً،* هي* التي* رعت المبادرة الخليجية في* حالة اليمن،* وهي* لم تفعل ذلك حباً* في* ثوار اليمن،* وإنما لأنها قدرت أن علي* عبد الله صالح قد احترق سياسيا،ً* وأنه لو بقى بدعم من دول مجلس التعاون على عكس إرادة اليمنيين فقد* يتسبب في* تحول اليمن إلى خنجر* يضرب الخاصرة الخليجية بأكملها،* ولهذا كانت المبادرة الخليجية لإعادة ترتيب المشهد اليمني* بحسب ما ترى مؤسسات السكون في* المنطقة وليس كما* يطالب الثوار في* اليمن*. * ولولا قوى السكون القبلية والمناطقية في* ليبيا لما كانت ثورة السابع عشر من فبراير2011،* قد انحرفت عن مسارها بهذه السرعة وتلك الخطورة*. فقد سارعت تلك القوى بمجرد أن دخلت إلى الحيز العام الذي* حرمها القذافي* منه لسنوات طويلة إلى التمرد على هدف الثورة المبدئي* في* بناء دولة ليبية ديمقراطية حديثة،* فاهتمت بالقبيلة على حساب الوطن،* وبالإقليم على حساب الدولة*. وبدلاً* من أن تتحول ليبيا من ثورة إلى دولة أعلنت واحدة من قوى السكون فيها عن مشروعها الخاص للمستقبل بتشكيل* "مجلس إقليم برقة الانتقالي*" برئاسة الشيخ أحمد الزبير الشريف السنوسي،* وهو موقف* يدل على فكر ما زال* يتشرنق في* ذاكرة جمعية ضيقة للقبيلة والمنطقة،* تحاول أن تنسلخ عن الدولة،* مهددة ليبيا بالتمزق أو بحرب أهلية*. * لكن أبرز قوى السكون التي* تلقفت الثورات العربية وأمسكتها بقوة اثنتان*: المؤسسة العسكرية والقوى الدينية*. الأولى لتحمي* مصالحها وملفاتها القديمة،* والثانية لتحصد ثماراً* فاقت ما زرعته من أجل الثورة*. ففي* مصر مثلا،ً* ظلت المؤسسة العسكرية لثلاثين عاماً* مؤسسة سكون،* ثم قدمت نفسها مع ثورة* يناير على أنها مؤسسة حركة،* ولم* يكن ذلك مقنعاً*. فقد كانت لعقود بسبب المنافع وتشابك المصالح جزءاً* لا* يتجزأ من البنية العامة للنظام السابق،* لكن بنيتها الذهنية لم تسوغ* لها القبول بسيناريو التوريث الذي* كان* يعد له*. ما كانت تنتظره فرصة أو لحظة مناسبة للتدخل لإيقاف هذا السيناريو وليس لإسقاط النظام،* وهو ما أتاحته ثورة الخامس والعشرين من* يناير*. * لكن المجلس الأعلى للقوات المسلحة تصرف منذ أن تولى السلطة كمؤسسة سكونية وليس ثورية،* سواء فيما* يخص تصفية النظام السابق أو وضع أسس النظام الجديد*. فلأنه مؤسسة سكون لم* يهتم المجلس بمعركة التطهير وكأن المصريين ليس لهم مشاكل حادة مع النظام القديم*. فلم* يهتم بتلك المعركة ليس فقط على مستوى الفعل،* بل وحتى على مستوى الخطاب*. فمن بين* 94 رسالة أصدرها المجلس العسكري* خلال الفترة من فبراير إلى ديسمبر* 2011* لم ترد إشارة إلى مطالبة الثورة بتطهير النظام القديم إلا ثلاث مرات في* الرسائل* 31 و34* و35 بنسبة* 3*.1٪ عن رسائله خلال تلك الفترة*. ولأكثر من سنة اتضح أن معالجة الماضي* وتطهير بقاياه تسير في* أضيق الحدود على عكس ما تطالب به الثورة*. وفيما* يخص بناء النظام الجديد فإن أول قوى جرى تجاهلها هي* التي* قامت بالثورة*: الشباب*. فقد تعاطف المجلس الأعلى للقوات المسلحة مع الثورة وتماشى باللسان مع أطروحاتها إلا أنه كمؤسسة سكونية أظهر في* الفعل حرصاً* كبيراً* على تفريغ* ميدان التحرير،* ركيزة الثورة،* من المتظاهرين بدعوى الحفاظ على الأمن والاستقرار راسماً* بذلك في* أذهان المصريين صورة سلبية عن ثوار الميدان تظهرهم وكأنهم المسئولين عن تعطيل المرافق العامة ووقف عجلة الإنتاج*. ولم تسلم الثورات العربية كذلك من* يد القوى السكونية الدينية التي* انحرف بعضها بمسار هذه الثورات من محاولة لبناء نظم سياسية عربية ديمقراطية مدنية حديثة إلى محاولة تمكين تصور أيديولوجي* قد* ينتهي* بالمنطقة وفيها أكثر من دولة* يحتكرها تيار ديني* مغال في* المحافظة والجمود*. فالثورة التونسية مثلاً* لم تشعلها حركة النهضة،* لكنها جنت معظم ثمارها*. كما أنها لم تعرف مشاركة من قبل السلفيين التونسيين،* بل ولم* يكن أحد* يسمع بهم أصلاً*. لكنهم قفزوا فجأة إلى صدر المشهد،* وبلغت جرأة بعض منهم على الثورة أن قامت مجموعات سلفية مؤخراً* في* تصرف له دلالة رمزية كبيرة بإسقاط العلم الذي* ضحى من أجله التونسيون ضد الاستعمار والاستبداد من فوق مبنى كلية الفنون والآداب في* مدينة منوبة الواقعة في* شمال تونس ليضعوا بدلاً* منه علماً* أسود قالوا إنه* يرمز للخلافة الإسلامية*. * ولم تكن الصورة في* مصر أفضل حالاً* لأن القوى السكونية هي* التي* قطفت ثمار أول انتخابات برلمانية بعد الثورة فأصبحت تتحكم في* لجان المجلس التشريعي،* وتسير أعماله في* ظل تهميش عددي* ونوعي* للقوى الثورية،* بالذات من الشباب،* الذين كان* يفترض أن* يشغلوا أغلبية مقاعده*. وبسبب هيمنة قوى السكون على البرلمان المصري* الجديد خرج واحد من أعضائه القلائل من ذوي* الخبرات العلمية المتميزة في* حقل الدراسات السياسية،* وهو الدكتور وحيد عبد المجيد ليكتب في* التاسع من مارس2012 في* جريدة* "المصري* اليوم*" قائلاً*: "الأرجح أن من* يراهنون الآن على مجلس الشعب ويقف الآلاف منهم على أبوابه كل* يوم سيدركون خلال أسابيع أو أشهر قليلة حدود دور هذا المجلس*." وهو كلام له أهميته لأنه* يصدر عن محلل سياسي* له باعه،* وعضو برلماني* له فعاليته*. كلام* يشير إلى أن البرلمان الجديد بسبب الميول السكونية لأغلبية أعضائه لم* يعد هو العنوان الصحيح الذي* يمكن أن* يلجأ إليه المصريون لتحقيق مطالب الثورة*. ونتيجةً* لهيمنة تلك القوى السكونية على البرلمان بمجلسيه،* الشعب والشورى،* باتت مؤسسة الرئاسة هي* خط الحماية الأخير ضد قوى السكون*. ولهذا واصل د*. عبد المجيد تقييمه للمشهد المصري* بالقول* "إن إيمان المرشح للرئاسة بالديمقراطية سيكون له أهمية أكبر في* حالة مصر في* السنوات المقبلة*". * ولم تعد النزعة السكونية لشاغلي* معظم مقاعد المؤسسة التشريعية المصرية خافية*. فتبني* كثير منهم لمطالب الثورة لم* يعد* يظهر بوضوح على أجندة أعمالهم بقدر ما تظهر عليها قضايا أخرى تلبس لوناً* أيديولوجياً* إسلامياً* لا* يتفق عليه كثير من المصريين،* ولم تخرج الثورة في* الأصل من أجله،* وهي* طريقة عمل تتناسب مع الفكر السكوني*. تستولي* على مفاصل التغيير،* ثم تشل حركتها،* وهو أسلوب لن* يقف عند حد الانتخابات التشريعية التي* جرت،* وإنما سيعبر عن نفسه من جديد في* مواقف أخرى أقربها تشكيل اللجنة التأسيسية المنوط بها صياغة الدستور وعند كتابة الدستور نفسه،* وهما معركتان لن تخوضهما القوى السكونية باسم الثورة،* اللهم إلا تمحكاً،* وإنما بثقل الأغلبية البرلمانية التي* حازتها*. والمؤسسات السكونية قد تعمل بمعزل عن بعضها لو تعارضت حساباتها،* لكنها قد تعمل أحياناً* بالتعاون مع بعضها لو اقتضت مصالحها*. ويربط عادةً* بينها عقد* غير مكتوب تتفق فيه على لجم مستوى التحول الديمقراطي* إلى الدرجة التي* لا تهدد ثقافة السكون*. وفي* هذا الصدد لم* يكن* غريباً* مثلاً* ما جرى تداوله من تحليلات ربطت بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة في* مصر والسياسة الأمريكية فيما* يخص الإفراج عن المتهمين الأمريكيين في* قضية التمويل الأجنبي* لمؤسسات المجتمع المدني* العاملة في* مصر*. فالسياسة الأمريكية في* المنطقة سياسة سكونية تسعى لتأبيد نفس القواعد القديمة التي* كانت تتبعها مع مصر حتى بعد أن سقط مبارك*. والمجلس العسكري* بدوره مؤسسة سكونية،* لم تكن جهة قضائية أو تنفيذية تجرؤ على اتخاذ خطوة بهذا الحجم دون الرجوع إليه،* وقد تصرف المجلس بطريقة تؤكد أنه لم* يتخلص من عقلية المؤسسة السكونية التي* كانت تحكم العلاقات المصرية الأمريكية طيلة الفترة الماضية،* وكأنه لا وجود بالمرة للثورة*. والشيء نفسه* ينطبق على علاقة الإخوان المسلمين بالمجلس الأعلى للقوات المسلحة،* وتعد الأبرز في* تحالف قوى السكون مع بعضها متى ما تسلمت إدارة الثورة*. فالإخوان تسلموا سلطة التشريع،* والمجلس العسكري* يقبض بقوة على سلطة التنفيذ،* ويقوم تقريباً* بنفس ما كانت تقوم به السلطة التنفيذية في* النظام القديم من تدخلات تتعدى كثيراً* صلاحيات السلطات الأخرى*. وقد بدأ التنسيق بين قوتي* السكون منذ الأيام الأولى للثورة،* ومازالت تجلياتها تتواصل*. فالإخوان على عكس هوى القوى الثورية قبلوا في* معمعة الثورة الدخول في* حوار مع عمر سليمان،* ومن بعده مع المجلس العسكري*. ثم أنهم أيدوا مبدأ تعديل دستور* 1971 وليس إسقاطه كما كانت تطالب بذلك القوى الثورية،* وكانوا أول من دعم الإعلان الدستوري* الذي* أصدره المجلس العسكري* في* 30 مارس* 2011 برغم ما طرأ عليه من تعديلات لم* يستفت عليها المصريون،* كما كانوا في* مقدمة من استجاب لمطالبة المجلس العسكري* بعدم النزول في* مليونيات،* فضلاً* عن أنهم بعد القبض على* غرفتي* البرلمان بات تركيزهم* ينصب على الترويج لشرعية البرلمان وكأنهم بقصد أو* غير قصد في* اتفاق مع المجلس العسكري* على أن شرعية الميدان لم* يعد لها وجود إن لم* يكن الميدان أصبح خارجاً* على الشرعية،* وأهم من كل هذه العلامات أن قوى السكون تغفر لبعضها ما تريد عند الحاجة،* ولهذا فقد أغمض المجلس العسكري* عينيه عن تأسيس حزب سياسي* للإخوان المسلمين مع أن الجماعة الأم التي* انبثق عنها الحزب ما زالت،* وفق قوانين إشهار الجمعيات،* محظورة*. * هذا هو ما تفعله المؤسسات السكونية مع الثورات*. لا تقف في* وجهها إذا كانت لا تستطيع،* لكنها تتسلم رايتها متى استطاعت محاولةً* بذلك أن تحافظ على ما أمكنها من الوضع القديم أو تحفظ لنفسها ما استحوذت عليه من حيز عام في* ظل الوضع الجديد*. وإذا ما اضطرت قوى السكون إلى الخوض في* غمار عملية التغيير فليكن ذلك عبر عملية إصلاح بطيئة وطويلة وليس بحرق المراحل وزيادة السرعة،* ولكل هذا فالقوى والمؤسسات السكونية ليست أفضل من* يقود التغيير،* لكنها كثيراً* ما تستطيع أن تتسلم رايته لو كانت الثورات بلا قيادة وتنظيم واضحين*. وبعض قوى السكون العربية،* وهي* تشارك الآن في* إدارة المرحلة الانتقالية في* بلدانها تقاوم التغيير الثوري* المطلوب منها لأنها لا تزال وفية للتقاليد السياسية القديمة التي* هبت الثورات العربية عليها،* والبعض الآخر* يبدأ في* الحركة مع الثورة،* لكنه* ينفصل عنها حينما* يجد أن سرعة التغيير المطلوبة منه لا تناسب فكره السكوني*. ولا شك في* أن الثورات العربية لا* يزال أمامها أشغال شاقة وهي* تتطلع لإنجاز مهمة التحول الديمقراطي* الصعبة*. فكما أن عليها أن تطهر أوطانها من بقايا النظام القديم،* عليها أيضاً* مواجهة القوى السكونية العتيقة التي* قد تمثلها البنى القبلية أو الطائفية أو المؤسسة العسكرية أو علاقة تبعية خارجية،* وكلها بنى ذكية قدَّرت عند لحظة الانفجار الشعبي* أن الأسلم لها أن تسير مع الثورات لا ضدها حتى تهدأ فتبدأ أفاعيل الفكر السكوني* في* محاصرتها لتبردها أو تشتتها أو تنهكها*. ويستطيع المرء أن* يفهم بسبب تلك القوى السكونية القوية والنافذة لماذا* أن عمر الاستبداد في* المنطقة العربية قرون بينما عمر الديمقراطية فيها بضع دقائق،* وهذا ليس مدعاة لليأس،* وإنما إشارة إلى أن التصدي* لقوى السكون لن* يكتمل من ثورة واحدة وإنما سيحتاج إلى موجات من المجاهدة الديمقراطية*. فحتى لو وقعت بعض الثورات العربية في* يد قوى سكونية ستبقى محاولات التحول الديمقراطي* تتكرر لسبب بسيط،* وهو أن الديمقراطية هي* التطور الطبيعي* للإنسان*. آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 20-07-2012 الساعة 06:04 AM |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|