#1
|
|||
|
|||
أعمالكم عمالكم
الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة وكتب على نفسه الرحمة، وضَمَّن الكتاب الذي كتبه أن رحمته تسبق غضبه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وبعد: قال الطرطوشى رحمه الله: «لم أزل أسمع الناس يقولون (أعمالكم عمالكم)(كما تكونوا يولى عليكم)،إلى أن ظفرت بهذا المعنى فى القرآن،قال تعالى: (وكذلك نولى بعض الظالمين بعضا). وكان يقال: «ما أنكرت من زمانك، فإنما أفسده عليك عملك» وقال عبد الملك بن مروان: ما أنصفتمونا معشر الرعية! تريدون منا سيرة أبى بكر وعمر ولا تسيرون فينا ولا فى أنفسكم بسيرتهما ؟! وكتب أخ لمحمد بن يوسف يشكو إليه جور العمال، فكتب إليه محمد بن يوسف: بلغني كتابك وما أنتم فيه، وليس ينبغي لمن يعمل المعصية أن ينكر العقوبة، ولم أر ما أنتم فيه إلا من شؤم الذنوب، والسلام». وقال الغزالي في التبر المسبوك: «وأما الآن في هذا الزمان فكل ما يجري على يد أمرائنا وألسنة ولاتنا فهو جزاؤنا واستحقاقنا كما إننا رديئو الأعمال، قبيحو الأفعال، ذوو خيانة وقلة أمانة. فأمراؤنا ظلمة جائرون، وغشمة معتدون.(كما تكونوا يول عليكم) فقد صح ما قالته الحكماء (الناس بملوكهم أشبه منهم بزمانهم) وقال ابن القيم رحمه الله: «وتأمل حكمته تعالى فى أن جعل ملوك العباد وأمرائهموولاتهم من *** أعمالهم،بل كأن أعمالهم ظهرت فى صور ولاتهم وملوكهم،فإناستقاموا استقامت ملوكهم،وإن عدلوا عدلت عليهم،وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم،وإن ظهر فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك،وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بهامنعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق وبخلوا بها عليهم ،وإن أخذوا ممنيستضعفونه ما لا يستحقونه فى معاملتهم أخذت منهم الملوك مالا يستحقونه وضربت عليهمالمكوس والوظائف وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة. وليس فى الحكمة الإلهيةأن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من ***هم،ولما كان الصدر الأول خيارالقرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك،فلما شابوا شابت لهم الولاة،فحكمة الله تأبى أن يولى علينا فى مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز؛ فضلا عن مثل أبى بكروعمر،بل ولاتنا على قدرنا،وولاة من قبلنا على قدرهم». وصدق الله عز وجل إذ يقول ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ منقول
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|