|
قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الاقتصاد السياسى للثورة المصرية
إخفاقــــــــــات إدارة الإنتقـــــال فى سياق إنكار حقيقة الثورة وعدم استيعاب معناها، واصلت حكومات ما بعد الثورة ذات السياسات الفاشلة والظالمة التى قادت الى الثورة، ولم تستجب للمطالب الاقتصادية والاجتماعية للثورة؛ إلا جزئيا وبتباطؤ غير مبرر،وتبنت سياسات مالية كرست نهج دعم المستثمرين وإستئثارهم بالأرباح وتحميل الفقراء والعاملين الأعباء والخسائر، وتقاعست عن مكافحة الفساد المنظم واسترداد ما نهبه الفاسدون من المسئولين وشركائهم. والواقع أن تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لغالبية المصريين كان أهم أسباب مشاركتهم فى ثورة 25 يناير. وكانت الإضرابات والإعتصامات والمظاهرات بمطالبها التى سميت «فئوية»، تعبيرا عن تطلع مشروع الى العدالة الإجتماعية. وقد أطلقت الثورة عقال نضال مطلبى اقتصادى واجتماعى كان متواترا قبل الثورة، لكنه تحول الى موجات نضال ثورى لن يهدأ بغير إقامة نظام إقتصادى إجتماعى جديد. وقد واجه النظام السابق النضال الاقتصادى الاجتماعى المطلبى بمزيج من القمع والمساومة والتنازل، مع استمرار سياسات نظام اقتصادى واجتماعى، زاد الفقراء فقرا والأثرياء ثراء. ولا جدال أن عملية بناء نظام اقتصادى إجتماعى جديد، يضاعف الثروة ويحقق العدل، مهمة تتجاوز دور وزمن الحكم الانتقالى. لكن حكومات فترة الانتقال، ورغم تراجع القمع العنيف للنضال المطلبى، لجأت بدورها الى المساومة والتنازل، وروجت صورة للمدافعين عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية باعتبارهم مسئولين عن تعطيل «عجلة الإنتاج»!! وبينما أصدرت إدارة فترة الإنتقال مرسوم قانون تجريم الإضرابات والإعتصامات التى تعطل الانتاج، تقاعست عن إسترداد ثروة الأمة المنهوبة، ولم تتصد للفاسدين من المسئولين وشركائهم، الذين تضاعف ثراؤهم بزواج السلطة والثروة. وأسجل أولا، أن إدارة وحكومات فترة الانتقال قد تجاهلت أن المطالب الاقتصادية والاجتماعية هى التعبير عن البعد الاجتماعى للثورة، التى رفعت شعارات العيش والعدالة الاجتماعية من أول يوم. وأسلم بأن ثمة مطالب «فئوية» غير مشروعة ولا تنبغى الإستجابة لها، ولكن فى هذه الحالات ينبغى توضيح الحقائق للرأى العام. بيد أن أغلب المطالب مشروعة وكان يمكن وينبغى الاستجابة تحقيقا للعدالة وتعزيزا للاستقرار، مع توضيح الحقائق وبشفافية فى حالة أن الموارد المتاحة لا تسمح بغير إستجابة تدريجية. وقد قدرت وزارة المالية أن تكلفة المطالب «الفئوية» يمكن توفير تمويلها, وهو ما لم يتحقق. وتجدر ملاحظة أن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يقدر نسبة الفقراء (من يقل دخلهم عن دولارين يوميا للفرد) بنحو 42 % من المصريين فى عام 2008 / 2009. وقد رفع الحد الأدنى للأجور للعاملين فى الحكومة والقطاع العام إلى 700 جنيه، رغم أن مطلب رفع الحد الأدنى للأجور الى 1200 جنيه شهريا، يعنى دخلا يقل عن حد الفقر فى حالة أسرة مكونة من أربعة أفراد فقط!! وقد كان على القطاع الخاص الاستجابة لمطلب الحد الأدنى للأجور. وإذا أدى هذا الالتزام الى خسائر أو تدنى الربح بما يهدر الجدوى الاقتصادية للمشروع الخاص، فان على أصحاب الأعمال مصارحة العاملين بما يثبت أن الخيار إما توقف المشروع وفقدان الوظائف أو قبول الممكن. وأما مطلب تثبيت العاملين المؤقتين فانه مطلب عادل بدوره لتحقيق الأمان الوظيفى، وكان ينبغى الاستجابة له، مع الشفافية فى وضع الجدول الزمنى للتثبيت، ووقف التعيين بمنطق «توريث» أبناء العاملين وبدافع الرشوة السياسية، وفى غير حالة الضرورة القصوى لصالح العمل. ويبقى الحل هو خلق فرص عمل عالية الانتاجية بالاستثمار والتصنيع. وثانيا، أن نهج خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر قد استمر بعد الثورة، كما يكشف تحليل الموازنة العامة للدولة للعام المالى الجارى. فقد رفعت الضريبة على الدخل الذى يزيد على 10 ملايين جنيه من 20 % الى 25 %، لكنها بقيت أقل من المستويات العالمية. ورغم إرتفاع معدلات الربح الصناعى طالبت لجنة الضرائب باتحاد الصناعات المصرية بتخفيض ضريبة المبيعات. ورضخت الحكومة لضغوط كبار المستثمرين فى البورصة فألغت الضريبة على الأرباح المتولدة عن الاستثمار والمضاربة فيها، وأرجأت فرض الضريبة العقارية على الأغنياء. وبجانب استمرار التهرب الضريبى بعد الثورة كما قبلها، ولم تتخذ اجراءات لتحصيل المتأخرات الضريبية، وتراجعت حصيلة الضرائب فى إجمالى الإيرادات، رغم تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة وعبء خدمة الدين العام. وفى سياق الاستجابة لسعى رجال الأعمال الى «تعميم الخسائر رغم خصخصة الأرباح»، وتهربهم من مسئوليتهم فى تحمل جانب من أعباء الاستجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية للفقراء، استمر دعم الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، التى تحقق أرباحا احتكارية، وتبيع بالأسعار العالمية وأحيانا بأعلى منها، وتدفع أجورا تقل بكثير عن منافسيها فى الخارج. ولم تقدم حكومات ما بعد الثورة على رفع سعر تصدير الغاز الطبيعى لإسرائيل وغيرها، ولم تخفض سعر شراء الغاز الطبيعى المصرى من الشريك الأجنبى!! وفى المقابل إنخفض نصيب الإنفاق على الصحة والتعليم الى إجمالى الإنفاق العام، وانخفضت الاستثمارات الحكومية وهو ما أثر سلبا على فرص العمل، وانخفض مخصص التدريب التحويلى المخفف لوطأة البطالة على العاطلين وأسرهم. وقد استمر دعم السلع التموينية والغاز والبوتاجاز والبنزين والكيروسين، ولكن استمرت استفادة القادرين والأغنياء منه على حساب المستحقين من الفقراء ومحدودى الدخل!! وتخفيفا للأعباء عن المنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر منحت إعفاء تاما من الضريبة، لكن وزارة المالية تراجعت عن رفع حد الاعفاء للأعباء العائلية من 9 آلاف جنيه الى 12 ألفا بذريعة ندرة الموارد!! وثالثا، أن «الفساد المنظم» كان مصدرا لدخول غير مشروعة قبل الثورة باستغلال السلطة والنفوذ من جانب مسئولين رسميين. وفى سياق الفساد ونظرية اقتصاد العرض أو اقتصاد «التنقيط»، فى السوق الحرة؛ بأن زيادة الأغنياء ثراء سوف يرفع معدلات الاستثمار والنمو ومن ثم تتساقط الثمار أو على الفقراء والعاملين بزيادة التشغيل والأجور، جرى وبشكل منهجى تعاظم ثراء القلة بتخصيص الأراضى بدون شفافية وتقديم القروض بدون ضمانات والتهرب الضريبى بدون محاسبة وخصخصة المشروعات بأسعار رخيصة، والتلاعب فى البورصة، وتقديم الدعم.. إلخ. وقد تصاعدت الدعوة الى مكافحة الفساد بعد ثورة 25 يناير، التى فضحت أبعاد الفساد المنظم. وقد أشارت تحقيقات النيابة الى تورط العديد من المستثمرين مع المسئولين السابقين الفاسدين فى جرائم الاعتداء على المال العام، وخاصة بالاستيلاء على أصول وأراض وعقارات بأثمان بخسة لا تتفق مع قيمها الحقيقية. ولا جدال أن المصلحة الاقتصادية الوطنية قد تتطلب تسوية ودية للمنازعات بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة على نحو يحفاظ على المال العام ويحترم العقود المبرمة, مع انقضاء الدعوى الجنائية ضدهم، لكن الدعوى الجنائية لا بد وأن تستمر وتنفذ العقوبات ضد المتهمين من المسئولين الفاسدين، مع استرداد الأموال التى تحصل عليها المستثمرون أو المسئولون دون وجه حق. بيد أن ملاحقة الفساد استمرت متراخية، وبقيت الشفافية غائبة، ولايزال استرداد الثروات المنهوبة والمهربة الى الخارج قبل وبعد الثورة بعيد المنال!! |
#2
|
||||
|
||||
إخفاقات النظام الاقتصادي لقد تفاقمت إخفاقات النظام الاقتصادي في مصر خلال العقود الأخيرة نتيجة الجمع المشوه بين إخفاقات نظام السوق الحرة وإخفاقات نظام اقتصاد الأوامر,وخاصة مع ارتباط مخطط التوريث بالزواج الحرام بين السلطة والثروة, وكانت بين أهم الأسباب التي قادت الي الثورة!! ولأن إدارة وحكومات فترة الانتقال لم تستوعب حقيقة الثورة ومعناها وضرورة تغيير النظام الاقتصادي السابق, فقد كرست سياسات عدم كفاءة تخصيص الموارد الاقتصادية, التي ترتبت عليها إخفاقات النظام الاقتصادي. أقصد التخلف الاقتصادي بتدني التنافسية العالمية, والتبعية الاقتصادية بهدر السيادة الوطنية, ومن ثم زيادة إفقار غالبية المصريين بزيادة البطالة وتدني الأجور وارتفاع الأسعار. والواقع أن أمانة السياسات, بعد أن أمسكت بصناعة القرار الاقتصادي, عملت علي إعادة بناء النظام الاقتصادي وفق أيديولوجية السوق الحرة سيئة السمعة, فأقدمت علي كشف إخفاقات النظام الاقتصادي خلال ربع قرن من حكم مبارك!! وقام محافظونا الجدد بالتبشير بوعد الإبن الوريث, ولم يتورعوا عن إهالة التراب علي ربع قرن من حكم الأب الرئيس, بل وكتبوا خطاباته الأخيرة لتبرز إنجازات حكومة التوريث دون غيرها!! وأما مؤشرات الإخفاق فقد نشرتها التقارير الاقتصادية, الإحصائية والتحليلية, للوزارات الاقتصادية في حكومة رجال الأعمال, التي شكلت مع تسارع وتيرة مشروع تمكين الوريث منذ منتصف عام2004! وهكذا, فقد أبرز التقرير ربع السنوي الصادر عن وزارة التجارة والصناعة في يونيو2005 تدني أهم مؤشرات أداء الاقتصاد المصري بالمقارنة مع أداء اقتصادات إثنتي عشرة دولة; اختارها التقرير وفق معيارين محددين. أولهما, أن مستويات دخلها مقاربة لنظيرها في مصر, وثانيهما, أنها تمثل منافسا للاقتصاد المصري, إقليميا أو عالميا. وتضم دول المقارنة مجموعة متنوعة من البلدان تنتمي الي العالم العربي والجوار الاقليمي وشرق أوروبا وآسيا وأمريكا اللاتينية, وتغطي فترة المقارنة السنوات الخمس الأولي من القرن الحادي والعشرين, أي تجسد حصاد ربع قرن من حكم مبارك. ونقرأ في التقرير المذكور, وبغير إزعاج القاريء بزحام الأرقام, أولا, أن مصر شغلت المركز العاشر بين مجموعة المقارنة وفقا لمؤشر متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي! وتراجع باستمرار معدل النمو الاقتصادي المصري في فترة المقارنة! وكان متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي هو الأدني في مصر مقارنة بجميع دول المقارنة, حيث شغلت مصر المركز الحادي عشر! وكان متوسط دخل الفرد في تركيا أكثر من ضعف مثيله في مصر رغم تقارب عدد سكان البلدين!. وثانيا, أن متوسط معدل نمو الاستثمار المحلي الإجمالي, وهو رافعة النمو الاقتصادي, كان سلبيا في مصر, التي شغلت المركز الأخير خلال الفترة المذكورة! وكان متوسط نسبة الاستثمار المحلي الإجمالي في مصر هو الأدني مقارنة بجميع دول المقارنة! وارتبط تدني معدلات الاستثمار بتدني معدل الادخار المحلي الإجمالي في مصر, التي شغلت المركز العاشر بين دول المقارنة, بمعدل ادخار لم يتجاوز ثلث نظيره في ماليزيا ونصف نظيره في إندونيسيا! وقد عانت مصر من تدني معدل الاستثمار المحلي فيها, وانعكست فجوة الادخار في ارتفاع عبء الدين الخارجي, رغم انفراد مصر بإسقاط وإعادة جدولة المديونية الخارجية! وثالثا, أن مصر وفق مؤشر متوسط صافي تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الي مصر شغلت مصر بذلك المركز العاشر, وزاد نصيب البرازيل بأكثر من25 مرة, والمكسيك بأكثر من23 مرة. وكانت نسبة صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلي الناتج المحلي الإجمالي في مصر أقل معدل بين كل دول المقارنة باستثناء أندونيسيا. لكننا نعرف من التقرير أن معدل الادخار المحلي الإجمالي في أندونيسيا كان أكثر من ضعف نظيره في مصر!! ورابعا, وفق مؤشر درجة تنافسية بيئة الأعمال احتلت مصر المرتبة قبل الأخيرة بين دول المقارنة, بل وتأخر ترتيبها العالمي من المرتبة66 في عام2004 الي المرتبة71 في عام.2005 ولا يخفي أنه في ظل عولمة جميع الاقتصادات وبينها اقتصادات دول المقارنة شاملة مصر أي في ظل انفتاح أو فتح الأسواق, فان انخفاض تنافسية قطاع الأعمال والاقتصاد الوطني لأي دولة يدفعها نحو المزيد من التخلف عن ركب النمو والتقدم; بحرمانها من فرص تعظيم نصيبها من الثروة العالمية بل ومن الثروة الوطنية, في بيئة عالمية لا تعرف الرحمة في السعي من أجل تهميش المنافسين!. وخامسا, أن حجم الاحتياطيات المتراكمة من النقد الأجنبي لدي مصر قد زاد; بحيث أصبحت تغطي قيمة الواردات المصرية من السلع والخدمات لمدة ثمانية أشهر, وهو أعلي معدل بين دول المقارنة. وبينما يسجل التقرير أن حجم الاحتياطيات المذكورة وتغطيتها الواردات يعد من المؤشرات ذات الدلالة المهمة للاستقرار الاقتصادي وتجنب أي صدمات خارجية مفاجئة, فإن التقرير يلاحظ- وبحق- أن المبالغة في تكوين هذه الاحتياطيات يمثل هدرا لجانب مهم من موارد الدولة لا يتم حقنه في النشاط الاقتصادي. وسادسا, أن دلالة إرتفاع قيمة احتياطيات النقد الأجنبي في مصر تنتقص منها وبشدة حقيقة ارتفاع الدين العام المحلي ليزيد علي الناتج المحلي الإجمالي في عام2005/2004!! ولا تخفي التكاليف السلبية المنطقية لارتفاع الدين العام المحلي, أقصد ارتفاع الأسعار وتكلفة المعيشة وتزايد عجز الدولة عن الإنفاق علي التعليم العام والخدمات الصحية ودعم الفقراء والضمان الاجتماعي, وتحميل الأجيال القادمة عبء سداده! ومع غياب ما يتيحه التصنيع من فرص عمل زاد معدل البطالة في مصر عن مستواه في ثمان من الدول موضع المقارنة, وكان أعلي بأكثر من ثلاث من نظيره في كل من ماليزيا والمكسيك, وأهدر ضعف تنمية الاقتصاد الحقيقي أحد أهم إنجازات الاصلاح المالي والنقدي, حيث عاود معدل التضخم الانفلات مجددا!. وقد كشفت سلسلة البيانات الأساسية لوزارة التنمية الاقتصادية مؤشرات عدم كفاءة النظام الاقتصادي في تخصيص الموارد الاقتصادية. ونتبين من توزيع الاستثمار القومي الإجمالي تواضع وتراجع معدلات الاستثمار في الصناعة والزراعة في الخطط الخمسية خلال ربع قرن من حكم مبارك. وهكذا, فقد تراجعت وباستمرار نسبة الاستخدامات الاستثمارية المنفذة في الصناعة والتعدين( عدا البترول) لتتدني في الخطة الخامسة الي نصف نظيرها في الخطة الأولي. وخلال الخطة الرابعة زاد الاستثمار العقاري علي الاستثمار الصناعي! وطوال25 عاما كان نصيب الزراعة من إجمالي الاستخدامات الاستثمارية المنفذة يقل عن نصيب الإسكان والملكية العقارية!. ولعل في مؤشرات ضعف الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي ما يبين ضعف دور كل من لوبي الصناعة ولوبي الزراعة مقارنة بغلبة لوبي العقارات, والمرتبطين به من المضاربين علي أراضي البناء السكني ومحتكري صناعة الأسمنت وحديد التسليح في مجال صنع السياسة الاقتصادية والتشريع الاقتصادي! وفي سياق هذا النمط المشوه من الاستثمار بقي الاقتصاد المصري اقتصادا ريعيا يعتمد علي تصدير خدمات وخامات تخضع لتقلبات ومتغيرات تجعل النمو غير خاضع للسيطرة الوطنية, وبقيت مصر خارج نادي الدول الصناعية الصاعدة!. |
#3
|
||||
|
||||
فرص وقيود التصنيع تمثلت أهم إخفاقات النظام قبل ثورة25 يناير في تخلف مصر عن ركب التصنيع. وكان إجهاض فرص التصنيع نتاج نظام اقتصادي واجتماعي جمع بين إخفاقات' اقتصاد الأوامر' و'السوق الحرة', من جهة,وتبني سياسات اقتصادية مناوئة للتصنيع فرضتها جماعات مصالح الفساد وإملاءات إدارة العولمة, من جهة أخري. واستمرار التصنيع فريضة غائبة عن رؤي وبرامج جميع الأحزاب السياسية بعد الثورة, سيكرس الأوضاع التي أشعلتها, وسيبقي أساس تهميش الذات, الذي جعل يد مصر هي السفلي بعد أن كانت العليا, تتلقي العون بدلا من أن تقدمه!! وفي استشراف فرص وقيود تصنيع مصر بعد ثورة25 يناير, ينبغي البدء بالتعلم الإيجابي من دروس تاريخ مصر الحديث, التي تبين لنا أن مشروعات تصنيع مصر الحديثة رغم ما حققته من انجازات رائدة بمقاييس زمنها ومقارنة بنقاط انطلاقها, أخفقت جميعها في استكمال مهام التصنيع; وفق المعايير العالمية في عصرها, ومقارنة بالتطلعات الوطنية في حينها. وأسجل أولا, أن مصر قد حققت انجازا تاريخيا للتصنيع, قبل كثير من البلدان المتقدمة حاليا, في زمن ولاية محمد علي. وقد ترتب علي سياسة الباب المفتوح, التي فرضها التدخل الأوروبي وكرسها الإحتلال البريطاني, وأد تلك المحاولة الرائدة للتصنيع الاقطاعي الحكومي في مصر. لكن الأهم كان تفضيل الأجانب المسيطرين علي رأس المال التجاري والربوي الاستفادة من فرص الريع الأعلي والآمن للاقراض الربوي والتجارة الخارجية, وتفضيل كبار ملاك الأرض الحائزين علي الثروة النقدية المتراكمة من انتاج وتصدير القطن للاستخدامات الاستهلاكية التبذيرية, مقارنة بالمخاطرة والربح الأقل للاستثمار في التصنيع, ثم حرمان الصناعات الحرفية من فرص تحقيق التراكم الرأسمالي في ظل احتكار الدولة وتحرير التجارة. وثانيا, أن مصر قد شهدت, قبل غالبية البلدان الصناعية الجديدة والصاعدة حاليا, مبادرة رائدة للتصنيع بفضل الدور التأسيسي لبنك مصر بقيادة طلعت حرب, والاستقلال النسبي للسياسة الاقتصادية والتجارية الذي انتزعته مصر بثورة.1919 وكان عاملا حاسما في وأد هذه المحاولة للتصنيع الرأسمالي الوطني هو النهب الاستعماري لمصر, واشتراط البنك الأهلي المصري- الإنجليزي ملكية وادارة- عزل طلعت حرب ووقف تأسيس الصناعات مقابل دعم بنك مصر لتجاوز أزمة سحب الودائع منه عشية الحرب العالمية الثانية. لكن الأهم كان تواطؤ الأسرة المالكة وغيرها من كبار ملاك الأرض في فرض قانون الدعم, ونقص التمويل وضيق السوق للصناعة بالاستهلاك التبذيري والإنحياز للإستيراد وإفقار المصريين, وتضارب مصالح الرأسمالية المصرية, التي نهضت بأدوار رجال الصناعة وملاك الأرض ووكلاء الأجانب!! وثالثا, أن مصر قد شهدت في عهد ثورة يوليو تحت قيادة عبد الناصر محاولة طموحة للتصنيع, وضعت مصر بين أكثر خمس دول تصنيعا في الجنوب. وتحقق هذا الانجاز بقيادة القطاع العام وتعاون الاتحاد السوفييتي السابق, بل وبالاستفادة من فرص التجارة والتمويل والاستثمار مع الغرب في ظروف الحرب الباردة. وقد تلقي مشروع التصنيع المستقل اشتراكي التوجه ضربة قاصمة مع عدوان وهزيمة يونيو.1967 لكن الأهم, أن التصنيع قد حرم من التراكم التاريخي لخبرة رواد التصنيع الرأسمالي الوطني بالتأميم الإشتراكي, بدلا من الإضافة الي الاستثمار الجديد الأوسع للقطاع العام الصناعي. كما تأخرت مصر عن التحول من التصنيع لاحلال الواردات في اقتصاد حمائي الي التصنيع في اقتصاد تنافسي. ودخل اقتصاد الأوامر مأزقا حادا بعد استنفاد قدرته علي تعبئة وتنمية الموارد. ورابعا, أن التصنيع لم يوضع علي جدول أعمال حكومات مصر منذ اعلان سياسة الانفتاح الاقتصادي في عهد السادات, وظل فريضة غائبة عن جدول أعمال النظام السابق. فقد رضخ النظام لإملاءات المنظمات الاقتصادية الدولية, التي إنطلقت من أيديولوجية السوق الحرة ومعاداة القطاع العام ونبذ سياسات حفز التصنيع. وأهدرت فرصة إستثنائية للتصنيع وفرها تقليص المديونية الخارجية والاصلاح المالي والنقدي والعائد الاقتصادي للسلام وتجديد البنية الأساسية وتأسيس المدن الصناعية. وحين تم تصنيف الاقتصاد المصري باعتباره صاعدا واعدا, صار التوريث مشروع النظام, وصار الإفساد ركيزة النظام! وحل السعي الأناني لتعظيم وتبديد وتهريب الثروة الفردية محل تعظيم ثروة الأمة بالاستثمار في التصنيع. ولمعرفة حجم تحدي تصنيع مصر بعد ثورة25 يناير, تبرز ضرورة التحليل المقارن بين إخفاقات تصنيع مصر وإنجازات تصنيع غيرها من البلدان الصناعية, الجديدة والصاعدة. وأكتفي بالمقارنة هنا بين مصر وكوريا الجنوبية, اللتين صنفتهما منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بين خمسة بلدان نامية; أعتبرت الأكثر تصنيعا في الجنوب في مطلع السبعينيات. لكنه بينما استمر ارتقاء تصنيع كوريا رافعه لإنجازها التنموي, أضحي تراجع تصنيع مصر سببا لمأزقها التنموي, وهو ما تكشفه فجوة مؤشرات التصنيع والتنمية البشرية في البلدين! وأرصد أولا, أنه بينما زادت القيمة المضافة للصناعة التحويلية في مصر علي مقابلها الكوري في بداية الستينيات, وتساوت القيمتان تقريبا في منتصف الستينيات, انخفضت في مصر لكنها مثلت نحو78% من نظيرها في كوريا في عام1970, ثم تدهورت الي8% فقط من مقابلها الكوري في عام1990! ونمت الصادرات الكورية, وهي من السلع المصنعة أساسا, بنحو35% في المتوسط سنويا أي نحو11 مثل معدل نمو اجمالي الصادرات السلعية المصرية, ومعظمها من السلع الأولية, بين عامي1960 و1993! وكانت قيمة صادرات مصر من السلع المصنعة أقل من6% من نظيرتها الكورية, في عام.2009 وبينما قفزت نسبة الصادرات المصنعة الكورية من السلع راقية التكنولوجيا الي33% لم تتعد نظيرتها المصرية1% في عام.2009 وكانت هذه الفجوة التكنولوجية نتاج تدني نسبة الإنفاق علي البحث والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي في مصر الي أقل من8% من نظيره في كوريا بين عامي2000-.2005 وأخيرا, لندرك أن محاولات تصنيع مصر, رغم ما تعرضت له من إخفاقات, تؤكد ولا تنفي قدرتها علي أن تصبح دولة صناعية. ولنتذكر أن الزواج الحرام بين السلطة والثروة, الذي قاد الي تجريف وتبديد وتهريب ثروة الأمة المتاحة للتصنيع المهدر; كان حصاده المر هو تكريس تخلف وتبعية وتهميش مصر, وإفقار وإذلال وإغتراب غالبية المصريين. وبفضل التصنيع بمفهومه الواسع, أي بفضل تحديث وتعميق الصناعة التحويلية ونشر ثمار التحديث الصناعي التكنولوجي في بقية قطاعات الاقتصاد, سوف تصبح مصر مصدرا للسلع المصنعة ذات المحتوي المعرفي الأرقي والقيمة المضافة الأعلي, بل ومصدرا للمعرفة والتكنولوجيا والخدمات والغذاء والاستثمار! وسوف تعزز أمنها القومي بتعظيم قدراتها الشاملة اللازمة لحماية مصالحها وقيمها واستعادة مكانتها ودورها. وبفضل التصنيع يمكن للمصريين التمتع بأمنهم الإنساني, فيتحرروا من الحاجة والفاقة والخوف من المستقبل, بفضل ما يتيحه من وظائف غير محدودة ومرتفعة الإنتاجية; تؤمن عملا لائقا ودخلا عاليا وحياة كريمة مديدة بصحة جيدة. وبالتصنيع سيتمتع المصريون بعدالة توزيع الغني في بلد متقدم يتمتع بالثراء, بدلا من نيل عدالة توزيع الفقر في بلد متخلف! |
#4
|
||||
|
||||
في أصول مكافحة الفساد والجشع لقد تعاظم ثراء حلقة ضيقة علي قمة الطبقة الرأسمالية المصرية, ضمت نحو2000 من رجال الأعمال, استأثروا بنحو ربع الدخل القومي, كما أورد البرنامج الانتخابي لحزب الحرية والعدالة.ولم يكن هذا الاستئثار بثروة الأمة مجرد نتاج لتراكم الربح, المشروع والمبرر, وإنما نجم وبدرجة أساسية عن تجريف للثروة عبر زواج حرام بين السلطة والثروة, جسد تحالفا لطغمة رأسمالية وبيروقراطية منتفعة من ركود التمديد ثم من مؤامرة التوريث. وأسجل أولا: بشأن الفساد, أنه بين أهم النتائج الإيجابية لثورة25 يناير أنها ألقت الضوء علي الفساد المنظم الهائل في عهد مبارك, فتصاعدت الدعوة إلي محاكمة الفاسدين ومكافحة الفساد. فقد تعاظمت ثروة هذه الطغمة منذ نهاية تسعينيات القرن العشرين عبر ارتكاب جرائم الاستيلاء علي المال العام: ب****** أراضي الدولة والمضاربة بها عبر تخصيص فاسد أهدر الثروة العقارية للأمة, وبيع أصول وأراضي الشركات العامة بأسعار رخيصة في عمليات خصخصة مشبوهة, ونهب قروض مصرفية قدمت من المال العام بغير الضمانات الواجبة, وتواطؤ أجهزة الدولة مع جرائم الاحتكار والممارسات الاحتكارية والتهرب الضريبي والتهريب الجمركي وغسل الأموال وغيرها من ألوان الجريمة الاقتصادية المنظمة وآليات إغتصاب ثروة الأمة. وحيث توقفت أو تباطأت حركة الاستثمار الجديد عقب الثورة, وأمل المستثمرون الجادون في استعادة نشاطهم دون خوف أو رهبة من تعرضهم لمخاطر العقاب, وحيث برزت ضرورة حماية فرص العمل القائمة وتوفير فرص عمل للعاطلين, فقد أعلنت حكومات ما بعد الثورة عن إضافة مادة جديدة إلي قانون ضمانات وحوافز الاستثمار تسمح بالتصالح مع المستثمر في الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات والمتعلقة بجرائم الاعتداء علي المال العام, وإضافة مادة أخري بتشكيل لجنة مهمتها تسوية المنازعات التي تنشأ عن العقود المبرمة بين المستثمرين والجهات التابعة للدولة من أجل تسويتها علي نحو يحفاظ علي المال العام ويحترم العقود المبرمة, وفي حالة وصول اللجنة إلي تسوية ودية نهائية; تكون واجبة النفاذ وملزمة بعد اعتمادها من مجلس الوزراء. وأعلنت حكومات ما بعد الثورة أن التصالح في قضايا الفساد مشروط برد ما تم الاستيلاء عليه, أو رد ما يعادل قيمته السوقية وقت ارتكاب الجريمة كما تحددها لجنة خبراء إذا استحال رده عينيا, مع سداد قيمة العقوبة المالية المحكوم بها عليه. ويترتب علي التصالح انقضاء الدعوي الجنائية ضد المستثمر, علي أن تخطر بالتصالح المعتمد جهات التحقيق أو المحكمة المختصة, وكذا النائب العام لوقف تنفيذ العقوبة المقضي بها. مع استمرار الدعوي الجنائية ضد باقي المتهمين من المسئولين المتواطئين. وإذا كان قد صدر حكم غير بات بالإدانة علي المستثمر فإن عليه, بالإضافة لما سيرده, أن يسدد قيمة العقوبة المالية المحكوم بها عليه, لأن الحكم البات لا يجوز معه التصالح. وأسلم هنا بأن المصلحة الاقتصادية الوطنية قد تتطلب التصالح مع المستثمرين وانقضاء الدعوي الجنائية ضدهم ووقف تنفيذ العقوبة المقضي بها, ولكن مع استمرار الدعوي الجنائية وتنفيذ العقوبات ضد المتهمين من المسئولين الرسميين المتواطئين. وفي الحالتين, ينبغي استرداد الأموال التي تحصل عليها المستثمرون أو المسئولون دون وجه حق. ويدخل هذا التصالح مع المستثمرين ضمن مفهوم حوافز الاستثمار; بحسبانه يشجع المستثمر علي استعادة نشاطه الاستثماري مرة أخري; دونما خوف من محاسبتهم علي ما لم يرتكبوه عمدا وسقطوا فيه ضحية لمسئول أو موظف فاسد, ولكن علي أساس من الشفافية وسيادة القانون. لكن عدم الشفافية وعدم إصدار قانون يكفل ويحمي حرية المعلومات لم يسمح بمعرفة ما طبق من تشريعات وما جري من تسويات!! لتبقي قضية محاكمة الفاسدين ومكافحة الفساد وسد منافذه علي رأس أولويات استكمال مهام الثورة. وأزعم ثانيا: بشأن الجشع, أنه كان مصدرا لإثراء غير مبرر; وجد تبريره في نظرية اقتصاد العرض أو اقتصاد التنقيط في السوق الحرة, التي زعمت أن زيادة الأغنياء ثراء سوف ترفع معدلات الاستثمار والنمو; ومن ثم تتساقط الثمار علي الفقراء والعاملين بزيادة التشغيل والأجور, وهو ما لم يحدث في مصر أو في أي مكان. وقد سقطت هذه النظرية سقوطا مدويا مع سقوط الأصولية الرأسمالية في الأزمة المالية التي تفجرت في معقلها الأمريكي عام2008 ولا تزال تداعياتها تهز العالم. وأطاحت الأزمة الاقتصادية العالمية بالتبرير النظري لتوافق واشنطن, وأشهرت إفلاس أجندته المعادية لتدخل الدولة لضبط السوق! وأضحي لا مفر من مراجعة فلسفة السوق الحرة ونظرية تركيز الثروة, بعد أن أثبتا مجددا عقمهما العملي وجدبهما النظري في عقر دارهما أمريكا! وجلبا للعالم ـ وضمنه مصر ـ خسائر بددت ما تحقق من مكاسب ريعية; حين قادت أمركة العولمة إلي عولمة الأزمة! وفي ظل الأزمة الاقتصادية بعد ثورة25 يناير, أكرر ما كتبته في مقال الرأسمالية المصرية في مواجهة الأزمة العالمية, المنشور بجريدة الأهرام في22 فبراير2009, فأقول: إن كبار رجال الأعمال في مصر, حين يرفضون خفض أسعار منتجاتهم لمجابهة الركود الزاحف, ويلوحون بدلا من هذا بطرد العمالة حفاظا علي مستويات أرباحهم, فإنهم يدفعون نحو خفض الطلب الفعال للمستهلكين والعاملين, ومن ثم يعمقون الركود ويهددون الربح! ودون ريب فإن المثل الأعلي للشركات, التي تمتعت بفرص احتكارية لتعظيم الربح وتركيز الثروة, وهو نهج خصخصة الأرباح وتعميم الخسائر! يهدد الاستقرار الاجتماعي في ظل ارتفاع البطالة وانخفاض الدخل! وفي سياق نقد روح الجشع وآليات كبحه الغائبة, وهو ما أراه قائما في الأزمة الراهنة. وقد كتبت في ذات المقال أقول: إن خسائر فادحة قد لحقت بالمستثمرين المصريين في البورصة المصرية بسبب السحب المفاجيء والواسع لرؤوس الأموال الأجنبية الساخنة المضاربة, ولكن أيضا نتيجة قصور الضبط والرقابة والشفافية في البورصة! كما تعرض بعض المستثمرين المصريين في الخارج لخسائر جسيمة, بسبب الانسياق وراء قطيع المستثمرين في كازينوهات البورصات العالمية حيث جشع المقامرة وجرائم الاحتيال, ولكن أيضا نتيجة قصور الضوابط الضرورية علي تدفقات رءوس الأموال إلي الخارج! وقد طالب ممثلو الرأسمالية المصرية بالمزيد من الحماية لأرباحهم, وذهبت أدراج الرياح مناشداتهم خفض الأسعار تجنبا للكساد المحدق.. ومن المدهش أن تطالب رأسماليتنا بما يخفض الحصيلة الضريبية للدولة, أي بما يهدد الاستقرار الاقتصادي الكلي! وأخيرا, أعلن وباستقامة أنه ـ بجانب ضوابط النظام الجديد- علي الرأسمالية المصرية أن تكف عن التعلم السلبي من الأزمة العالمية والثورة المصرية بمواصلة التبشير بوصفه السوق الحرة الفاشلة!! وأن تدعو مع الحكيم توما الأكويني اللهم الهمني الفضيلة.. ولكن ليس الآن! لأن فضائل تعظيم الربح وخفض الاستهلاك تدفعان إلي تعميق أزمة الركود.. وأن تتذكر أن شعارGreedisGreat أو الجشع عظيم, الذي رفعته طغمة شارع المال الأمريكي, قد سقط مدويا مع زلزال الأزمة العالمية, وإسقاطه ألزم بعد الثورة المصرية, التي كان الفساد والجشع وراء إشعالها؟! وأن تدرك عواقب الفساد والجشع ومخاطر ثورة الجوعي؟؟ |
#5
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|