#1
|
||||
|
||||
فضائل مصر ومزايا أهلها
[color="blue"]فضائل مصر ومزايا أهلها (4 - 11) العلماء المؤثرون من القرن 11 إلى بداية القرن 14 الهجري د. محمد بن موسى الشريف قد كان في مصر جملة من العلماء العاملين بعد القرن العاشر الهجري/ السادس عشر الميلادي، على أن تلك القرون كانت تعدُّ قرون انحطاط وبُعد عن الإسلام. وكانت العامة تعاني كثيراً من الظلم وصعوبات الحياة، وتسلُّط الباشوات والمماليك على الناس، والاستيلاء على أموالهم بحجج لا تكاد تنتهي، وهذا ظهر بقوة منذ بدايات القرن الثاني عشر الهجري/ الثامن عشر الميلادي، ولم يكن للعامة - بعد الله تعالى - إلا أن يلجؤوا إلى العلماء الذين لم يخيِّب أكثرهم ظن أولئك المساكين، ووقفوا بقوة أمام جبروت الحكام وظلمهم، وأستطيع أن أقول: إن العلماء العاملين هم الذين كانوا يقودون الجماهير - آنذاك - ويحققون مطالبهم، وإليكم بعض الأمثلة الموضحة لهذا: الشيخ علي بن أحمد الصعيدي العدوي المالكي، ولد سنة 1112هـ ببني عدي في الصعيد، وينتسب إلى الفاروق عمر ] وانتقل إلى القاهرة، واجتهد في طلب العلم إلى أن صار عالم الديار المصرية. وكان شديداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لا يحابي في إنكاره أحداً. تعظيم العلم والعلماء وكان ينهى عن التدخين بحضرته وبحضرة العلماء تعظيماً للعلم والعلماء، وإذا دخل إلى منـزل أمير من الأمراء ورأى من يدخن شنّع عليه وكسر آلته ولو كان كبير الأمراء، فكان الأمراء إذا رأوه سارعوا بإخفاء آلات التدخين، وكان علي بك الكبير أمير مصر عاتياً متجبراً، ومع ذلك إذا رأى الشيخ مقبلاً عليه سارع بإخفاء آلات التدخين خوفاً من الشيخ. وكان علي بك يقبِّل يد الشيخ إذا دخل عليه!! وكان الشيخ يكتب شكاوى الناس في ورقة ويتكلم مع الأمير في كل شكوى منها، فكان الأمير يتضايق منها فيصيح الشيخ في وجهه قائلاً: لا تأسف فالدنيا فانية، وسيسألنا الله عن تأخرنا في نصحك إن لم نفعل، ثم يمسك بيده ويقول: أنا خائف على هذه الكف من نار جهنم يوم الحساب. ودخل عليه مرةً فشعر تلكؤاً من الأمير فخرج من عنده غاضباً، فارتبك الأمير وحاول اللحاق به معتذراً، فأبى الشيخ وأخذ يتلو قوله تعالى: وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ 113(هود)، وهكذا كان الشيخ أيضاً -يرحمه الله تعالى- مع الأمير محمد بك أبو الدهب الذي جاء بعد علي بك الكبير. واختلف الأمير يوماً مع الشيخ عبدالباقي العفيفي بسبب قضية فقهية انتصر الأمير فيها للرأي المخالف لرأي الشيخ، وأرسل إلى الشيخ من يجره من رقبته ويضع الحديد فيها وفي رجليه، ثم حبسه مع أرباب الجرائم!! فغضب الشيخ علي الصعيدي، وجاء إلى مجلس الأمير وقال له: نحن أعلم بالأحكام الشرعية، فخاطب الأميرُ أحد المشايخ الذين حاولوا إفهامه الحكم الشرعي قائلاً: والله أكسر رأسك، فغضب الشيخ علي وقال له: لعنك الله، ولعن اليسرجي - أي تاجر العبيد - الذي جاء بك، ومن باعك ومن اشتراك ومن جعلك أميراً!! فتوسط الحاضرون من الأمراء يسكنون غضبه وغضب الأمير، وأحضروا الشيخ عبدالباقي من الحبس فأخذوه وخرجوا وهم يسبون الأمير!! وهكذا كان الشيخ يرحمه الله مع من يتعدى حدود الشرع. واستمر على طريقته الجميلة في قضاء حاجات الناس، وصدع الأمراء بها إلى أن توفي بالقاهرة سنة 1189هـ / 1774م يرحمه الله تعالى ونفعنا بعلمه. شيخ لا يهاب أحداً ومنهم الشيخ أحمد بن أبي حامد العدوي المشهور بأحمد الدردير،ولد سنة 1127هـ / 1715م بصعيد مصر، وهو من نسل الفاروق عمر ]، وكان قد درس العلوم على عدة مشايخ منهم الشيخ علي الصعيدي آنف الذكر، وكان آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، لا يهاب أحداً، ولما توفي الشيخ علي الصعيدي عُين أحمد الدردير شيخاً للمالكية وناظراً على وقف الصعايدة. ولما زار الوالي العثماني الأزهر؛ ليستميل المشايخ حتى يمتنعوا عن مساندة العوام والثورة، رأى الشيخ الدردير جالساً ماداً قدميه وهو يقرأ ورده من القرآن، ولم يقم لاستقباله والترحيب به فغضب، فهدّأ أحد أفراد الحاشية من غضبه بأن قال له: هذا شيخ مسكين ضعيف العقل، ولا يفهم إلا كتبه، فأرسل الوالي إليه صرة نقود مع أحد العبيد، فرفضها الشيخ وقال للعبد: قل لسيدك: «من مد رجليه فلا يمكن له أن يمد يديه». شجاعة مع الأمراء وله مواقف عديدة مع الأمراء، منها ما جرى مع الأمير يوسف الكبير حين منع طلبة العلم المغاربة من الاستفادة من أوقافهم الخيرية، فرفعوا الأمر إلى القاضي فحكم لهم، لكن الأمير رفض الانصياع للحكم، فكتب له الشيخ الدردير يطالبه بالانصياع والقبول فرفض وطغى وبغى واحتقر الطلب ومَن حمله إليه، فما كان من الشيخ الدردير إلا أن اجتمع بالجامع مع الناس، وأبطل الدروس والأذان والصلوات فيه وأغلقه، وطلع الصغار على المنارات يصيحون على الأمراء، ويدعون عليهم!! وهكذا ظل الأمر إلى أن أذعن الأمراء للحكم الشرعي. وفي حالة أخرى رفض الأمير فيها أن يؤوب إلى الحق، فثار الشيخ والعلماء والعامة، وأغلق الناس محلاتهم، وحدثت مظاهرة كبيرة فاجتمع الأمراء وحذروا الأمير من عواقب صنيعه، واجتمع بالعلماء، وصارت مشادة عنيفة أذعن بعدها الأمير، لكن العلماء لم يرضوا حتى يجري صلح رسمي وتُكتب وثيقة فيها شروط على الأمراء بأن يتعهدوا بالتـزام ما يقضي به القضاة من الأحكام الشرعية، وبقي الشيخ الدردير على سيرته الجميلة حتى توفي سنة 1201هـ/1786م. تعطيل الشعائر ومنهم الشيخ سليمان المنصوري الأزهري، وقد وقف في وجه فرمان - قرار - عثماني أرسله الخليفة من إسطنبول إلى القاهرة سنة 1148هـ، ويتضمن إلغاء بعض الأوقاف الخيرية وإضافتها إلى دائرة الوالي على مصر ليرسل غلّتها إلى إسطنبول، فاجتمع العلماء وقرأ القاضي العثماني منشور الخلافة، ثم عقب عليه بقوله: أمر السلطان لا يخالف، وتجب طاعته بنص الشرع الشريف. فقام الشيخ سليمان المنصوري وقال: يا شيخ الإسلام، هذا شيء جرت به العادة في مدة الملوك المتقدمين، وتداوله الناس ورتبوه على خيرات ومساجد وأسبلة، فلا يجوز إبطال ذلك، وإذا بطل بطلت الخيرات وتعطلت الشعائر المرصد لها ذلك، فلا يجوز لأحد يؤمن بالله ورسوله أن يبطله، وإن أمر ولي الأمر بإبطاله لا يُسَلّم له، ويخالَف أمره لأن ذلك مخالفة للشرع، ولا يُسَلَّم للإمام في فعل يخالف الشرع الكريم، فكان قوله ذلك سبباً في عدول الحكومة عما كانت تريد فعله، وهكذا ينبغي أن يكون العلماء. مواقف مشهودة ومنهم الشيخ أحمد بن موسى العروسي، وقد ولد سنة 1133هـ/1720م، وتولى مشيخة الأزهر سنة 1192هـ، وظل في المشيخة إلى أن مات سنة 1218هـ، وقد كان له مواقف مشهودة في الدفاع عن الناس أمام الأمراء، وقد اشتد الغلاء في مدة من المدد وضج الناس منه، فذهب العروسي إلى الوالي حسن باشا واتفق معه على وضع تسعيرة للخبز واللحم والسمن، وزالت الغمة بفضل الله تعالى على يد ذلك الشيخ. وقد اجتمع مرةً مجلس الديوان لإقرار ما يطلبه الوالي العثماني من ضرائب على المصريين لمحاربة المماليك في الصعيد، فأنكر الشيخ العروسي هذا، فكظم الباشا غيظه وقال: هذا رأي السلطان، وشرع يقرأ منشوراً باللغة العثمانية، لكن العروسي قال: أخبرونا عن حاصل الكلام، فإننا لا نعرف التركية، فيُترجم المنشور، ويفهم الشيخ أن الدولة تريد أن تفرض على المصريين ضرائب بغير حق شرعي، فقال:إنني لا أعبأ أن يكون الحاكم من العثمانيين أو من المماليك، إنما أبحث عن مصالح الناس وأموال المسلمين، ثم يلتفت إلى العثمانيين الحاضرين في المجلس، وقال لهم: اخرجوا إليهم للحرب ساعة، فإما أن تَغلبوا وإما أن تُغلبوا، وسنستريح من الجميع، فلم يسع الوالي والقائد مخالفته،وهؤلاء هم العلماء العاملون. عجائب الآثار ومنهم الشيخ المؤرخ المعروف عبدالرحمن الجبرتي، الذي كان والده حسن من علماء الأزهر، وقد ولد عبدالرحمن سنة 1167هـ - 1756م، وطلب العلم الشرعي حتى صار من العلماء، وألف كتابه التاريخي المشهور «عجائب الآثار»، وأورد فيه تفصيلات لظلم المماليك والعثمانيين ومحمد علي باشا، ولم يأبه بالطغيان والظلم، فقتل محمد علي ابنه، وقيل: إنه قتله هو أيضاً، وبعد قتله صودرت كتبه وأحرقت، وأحرقت داره، وإنا لله وإنا إليه راجعون. وقد قال الجبرتي في مقدمة كتابه: «سنورد - إن شاء الله - ما ندركه من الوقائع بحسب الإمكان، والخلو من الموانع، إلى أن يأتي أمر الله، وأن مردنا إلى الله، ولم أقصد بجمعه خدمة ذي جاه كبير، أو طاعة وزير أو أمير، ولم أداهن فيه دولة بنفاق، أو مدح أو ذم مباين للأخلاق»، وذكر في كتابه كيف كان المماليك يحكمون مصر، وكيف كان تكالبهم على المال والجاه، وما جلبوه لمصر من محن ونكبات، وكيف كان أتباع أمراء المماليك يأخذون ما يحبون من الباعة دون ثمن، فإذا امتنع أحد قتلوه ونهبوا متجره، وكيف كانوا يخطفون النساء والأولاد، وكيف كانوا يدخلون بيوت الناس ولا ينصرفون حتى يأخذوا ثياباً وأموالاً وطعاماً، وكيف كانوا يتهجمون على النساء ويأخذون حليهن، وكيف كانوا ينهبون الذهب والفضة من محلات الصاغة. ولما جاء الفرنسيون سجل مخازيهم بالتفصيل في كتابه الجليل «مظهر التقديس في زوال دولة الفرنسيس». ولما جاء محمد علي باشا مدحه الجبرتي فيما قام به من إصلاحات لكنه أظهر مساوئه ومساوئ ابنه إبراهيم بجلاء ووضوح وجرأة وإقدام وإنصاف، ولما فعل إبراهيم بأهل الصعيد ما فعل من مخازٍ وسوء قال: «ثم سافر إبراهيم راجعاً إلى الصعيد ليُتم ما بقي عليه لأهله من العذاب الشديد، فقد فعل بهم فعل التتار عندما جالوا بالأقطار، وأذل أعزة أهلها، وليس ذلك ببعيد على شاب جاهل، سنه دون العشرين عاماً، وحضر من بلده ولم ير غير ما هو فيه، لم يؤدبه مؤدب، ولا يعرف شريعة، ولا مأمورات، ولا منهيات». وذاع في الناس نقد الجبرتي لمحمد علي وابنه إبراهيم وأشياعهما من الظالمين كمحمد الدفتردار وسليمان أغا السلحدار، فقتلوا ولده خليلاً، فحزن عليه الجبرتي فعمي بصره، ثم قُتل هو نفسه - على أصح الروايات - بعد مقتل ولده بثلاث سنوات سنة 1240هـ - 1825م، ونُكل بتراثه، ولم يجد له في الأرض معيناً ولا نصيراً، وأرجو أن يكون جزاؤه عند الله - تعالى - أحسن الجزاء وأعظم الثواب. علماء ثقات هؤلاء بعض علماء مصر الذين أنجد الله - عز وجل - بهم العباد والبلاد، وكانوا محل ثقة الناس، وملجأ لهم بعد الله -سبحانه وتعالى- وكانت لهم أيادٍ بيضاء على مصر في مدة مظلمة شاع فيها الظلم واستُسهل فيها الاعتداء على الناس، وضعف فيها الاستمساك بحبل الله تعالى والأخذ بالشرع المطهر، وهكذا ينبغي أن يكون العلماء في مقدمة الصفوف يحلون المشكلات ويأخذون على يد الظلمة، ويوقفون الولاة عند حدود الشرع، فلا يجرؤون على تجاوزها، فوجود أولئك العلماء في تلك العصور المظلمة هو فخر لمصر، ودلالة واضحة على أن العلماء هم صمام أمان المجتمعات الإسلامية في كل زمان ومكان. ومن علماء مصر الذين لن ينساهم الزمان، ولن يأتي مثلهم إلا بإذن الواحد الديان نقيب الأشراف عمر مكرم الأسيوطي (ت 1237هـ - 1822م)، وقد أوردت سيرته في حلقة «عظماء منسيون في التاريخ الحديث»، فلا أعيده هاهنا وأحث القراء بقوة على العودة إلى تلك الحلقة، فسيرته من عيون السِيَر، وهو شرف للعلماء العاملين ومجدهم وعزّهم، فاللهم أرنا مثله يا رب العالمين. [/color] آخر تعديل بواسطة mfa1 ، 14-12-2011 الساعة 08:23 PM |
#2
|
||||
|
||||
جميل جداً جداً
|
#3
|
||||
|
||||
|
#4
|
|||
|
|||
يسلمواااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
|
#5
|
||||
|
||||
جزاك الله خيرا
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
رائعة جدا
جزاك الله خيرا و بارك الله فيك |
#7
|
||||
|
||||
aymaan noor
اكس ايجى راغب السيد رويه |
#8
|
|||
|
|||
|
#9
|
|||
|
|||
شكرا لك جزيلا
|
#10
|
||||
|
||||
بارك الله فيكم
|
العلامات المرجعية |
|
|