اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > قصر الثقافة > قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية

قضايا سياسية وأخبار مصرية وعربية وعالمية منتدى يختص بعرض كافة الأخبار السياسية والإقتصادية والرياضية في جميع أنحاء العالم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-01-2012, 03:19 AM
الصورة الرمزية راغب السيد رويه
راغب السيد رويه راغب السيد رويه غير متواجد حالياً
معلم لغة عربية
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 9,278
معدل تقييم المستوى: 25
راغب السيد رويه is a jewel in the rough
افتراضي

جزاك الله خيرا
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-01-2012, 02:23 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي الثقافة المصرية .. وثورة 2011

الثقافة المصرية .. وثورة 2011

أعتبر نفسى سعيد الحظ إذ عاصرت ثورتين مهمتين فى تاريخ مصر: ثورة يوليو 1952 وثورة يناير 2011، واعيا وعيا كافيا عندما قامت الثورة الأولى، وكنت لا أزال محتفظا بوعى كامل (أو هكذا أظن) عندما قامت الثانية.

لقد أتت كلتا الثورتين ببعض النتائج الباهرة (لا يقلل قيمتها ما ارتكبها الممسكون بالسلطة فى الحالتين من أخطاء) من بين هذه النتائج الباهرة ما يتعلق بالثقافة. مازالت الثورة الأخيرة فى أول عهدها، فلا يمكن اكتشاف أثرها كاملا بعد، بعكس ثورة 1952 التى مر عليها وقت كاف للاعتراف بفضلها كاملا. ومع ذلك، فحتى ثورة 2011، يمكن أن نتبين بعض ثمارها فى الكتابة الأدبية والسياسية.

مازلت أذكر جيدا كيف كانت حالة الأدب والموسيقى والغناء والمسرح قبل قيام ثورة 1952. لا أحد يستطيع أن يجحد فضل ومكانة رجال مثل طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم، الذين تربعوا على عرش الأدب فى مصر قبل 1952، أو فضل ومكانة يوسف وهبى ونجيب الريحانى فى المسرح، أو أم كلثوم وعبدالوهاب فى الغناء والموسيقى..إلخ، ولكن لابد أن نعترف أيضا بأنه عندما نشر عبدالعظيم أنيس ومحمود أمين العالم كتابهما الشهير (فى الثقافة المصرية) بعد قيام ثورة 52 بثلاث سنوات (والذى كان أقرب إلى البيان أو المانيفستو منه إلى الكتاب العادى)، وانتقدا فيه بشدة ثقافة ما قبل 1952، كانا يلمسان حقيقة لا شك فيها، وهى التحيز الطبقى الذى اتسم به إنتاج هؤلاء المثقفين العظام، أو على الأقل غياب القضية الاجتماعية (أو التناقض الطبقى) فى إنتاجهم، غيابا يكاد يكون تاما.

بمجرد قيام ثورة 1952 ظهرت كتابات جديدة مدهشة، بل وعبقريات مدهشة فى القصة والكتابة المسرحية والصحفية والشعر، وفى الموسيقى والغناء، وكأنها كانت فقط تنتظر حتى تفتح لها ثورة 1952 الأبواب، وتأذن لها بالدخول. ربما كان أصحاب هذه المواهب يكتبون أو يلحنون قبل الثورة، ولكنهم كانوا يفعلون ذلك على استحياء، وفى مجلات مغمورة لا يكاد يقرأها أحد، أو يغنون لبعضهم البعض فى منازلهم، فأتت ثورة 1952 فإذا بالكتاب المغمورين يصبحون بين يوم وليلة من المشاهير، وإذا بالملحن أو المغنى المغمور يملأ الدنيا ويشغل الناس.

هل أنا فى حاجة إلى ذكر أسماء يوسف إدريس فى القصة، ونعمان عاشور وألفرد فرج وزكى طليمات فى المسرح، وصلاح عبدالصبور وحجازى وصلاح جاهين فى الشعر، وكمال الطويل وبليغ والموجى وعبدالحليم حافظ فى الموسيقى والغناء، وأحمد بهاءالدين فى الكتابة الصحفية..إلخ؟ لقد تركوا جميعا آثارا باقية فى حياتنا الثقافية، وأسسوا مدارس جديدة، كل فى مجاله، تخرج منها التلاميذ وتلاميذ التلاميذ. نعم، لقد استمر طه حسين والحكيم والعقاد يكتبون بعد الثورة، وظل يوسف وهبى يمثل ويخرج الأفلام والمسرحيات، وظل عبدالوهاب وأم كلثوم ينتجان أعمالا عظيمة، وظل فكرى أباظة وزكى عبدالقادر وأحمد الصاوى محمد يكتبون أعمدتهم الصحفية، ولكن كان على هؤلاء جميعا الاعتراف، بطيب خاطر أو بدونه، بأنه قد أصبح لهم فجأة منافسون حقيقيون، وأن العصر المختلف لابد أن تعبر عنه ثقافة مختلفة، وأن التركيب الطبقى الجديد الذى تكون بين ثورتى 1919 و1952، يحتاج إلى قصص وروايات ومسرحيات وصحافة وموسيقى وغناء من نوع جديد.

***

إنى أزعم أن شيئا مماثلا لابد أن تسفر عنه ثورة يناير 2011، بل إن بوادر التجديد قد ظهرت بالفعل، وهى بدورها تعكس (وسوف تعكس) عصرا جديدا وتركيبا اجتماعيا جديدا تكون خلال فترة أطول من نصف قرن، هى التى تفصل بين ثورتى يوليو 1952 ويناير 2011.

لابد أن نلاحظ مع ذلك أن طول الفترة التى انقضت بين الثورتين الأخيرتين (52 و2011) بالمقارنة بالفترة التى انقضت بين الثورتين (1919 و52) كان لابد أن يؤدى إلى نتيجتين مهمتين:

أولا: أن الجيل الجديد من المبدعين فى حالة ثورة يناير 2011، كان لديهم أسباب أقوى للشكوى من حالة التدهور العام فى الثقافة المصرية من الجيل الذى فجرت مواهبه ثورة 1952. لقد جاء جيل ثورة يناير بعد فترة طويلة من انتكاسة ثورة 1952، أى بعد فترة طويلة من انسحاب الجيل المبدع السابق وتركه الساحة شبه خاوية. ولنكتف بذكر أمثلة قليلة. لقد توقف يوسف إدريس عن الإبداع فى السبعينيات، وتضاءل بشدة إنتاج كمال الطويل والموجى وصلاح جاهين فى الوقت نفسه. هاجر هجرة مؤقتة أحمد بهاءالدين وعبدالعظيم أنيس ومحمود العالم، وكثيرون غيرهم، فى السبعينيات أيضا. وعندما عاد بعضهم فى الثمانينيات كان عليهم الانزواء بصورة أو بأخرى بسبب ما فرضه المناخ السياسى والاجتماعى من ضعف الحافز على الإبداع. بعبارة أخرى، عندما جاء جيل ثورة 2011 لم يجد فى الساحة أمثال الحكيم وطه حسين والعقاد، ولا أمثال عبدالوهاب وأم كلثوم، ولا أمثال يوسف وهبى والريحانى، ولا وجد خلفاؤهم المبدعون بل وجدت الساحة، ويا للأسف، شبه خاوية، وكأن على هذا الجيل أن يشيد بنيانا جديدا تماما، ابتداء من وضع الأساس.

ثانيا: بسبب هذا التأخر فى مجىء الربيع، عقب شتاء طويل وقاسٍ، كان لابد أن تظهر براعم جديدة حتى قبل قيام ثورة يناير، وكأن بعض المواهب لم تحتمل انتظار ظهور الشمس فخرجت إلى الوجود حتى قبل أن تتاح لها الفرصة الكاملة للتعبير عن نفسها.

بعض هذه البراعم جذبت الأنظار وحققت نجاحا ملحوظا، ولكن كثيرا منها لم يلتفت إليها أحد. لقد قرأت فى السنوات القليلة السابقة على الثورة بعض الروايات والقصص القصيرة البديعة، التى نشرها بعض الناشرين المغمورين، بعضهم فى خارج القاهرة، أو لم تعثر على ناشر على الإطلاق، رغم جمالها وصدقها، واستحقاقها للنشر والتنويه، بسبب ضعف حركة النقد الأدبى فى مصر فى سنوات القحط السابقة، وسيطرة نقاد ينتصرون لأصدقائهم ومعارفهم أكثر مما ينتصرون للعمل الأدبى أو الفنى الجميل.

***

ما هى السمات التى نتوقع أن تكون لأدب (وثقافة) ما بعد ثورة يناير 2011؟ دعنا نستعين، فى محاولة اكتشاف هذه السمات، باسترجاع ما أحدثته الثورة السابقة من تغييرات فى الثقافة السائدة.

كان لثورة 1952 آثار لا شك فيها فى مضمون الثقافة المصرية، وفى أسلوبها وإيقاعها، عكست كلها ما كان يجرى تحت السطح من تغييرات اجتماعية فى العقود السابقة على الثورة. لقد أتت ثورة 1952 بثقافة ذات إيقاع أسرع، ولم تكن سرعة الإيقاع واضحة فقط فى الموسيقى والغناء بعد 1952، بل كانت واضحة أيضا فى الفرق بين إيقاع قصص يوسف إدريس، وإيقاع قصص محمود تيمور مثلا أو حتى نجيب محفوظ، أو بين مقالات أحمد بهاءالدين الصحفية ومقالات زكى عبدالقادر أو حتى محمد التابعى.

كذلك أصبح أسلوب الكتابة أبسط بعد 1952، بل وظهرت دعوات للتحرر من القصيدة العمودية فى الشعر، ومن الالتزام باللغة الفصحى فى الرواية والقصة.

ولكن التغيير الأهم والأعمق كان بلا شك فى مضمون الثقافة، وهو الذى عبّر عنه بفصاحة وجرأة كتاب عبدالعظيم أنيس ومحمود العالم الذى أشرت إليه. كانت الثورة الثقافية الكبرى التى حدثت بعد 1952، هى فى وضع حد للتحيز الطبقى، وفى استلهام حياة الطبقات الدنيا، من الفلاحين والعمال، بدلا من الاقتصار على وصف حياة القصور والطبقة المتوسطة. كان الأدباء والشعراء والموسيقيون الذين عبّروا عن مشاعر ما بعد ثورة 1952، ذوى جذور طبقية أقرب إلى هذه الطبقات الدنيا، مما كان أدباء ما قبل الثورة، كما أنهم وجدوا أنفسهم فى كنف سلطة جديدة بعد 1952، كان لرجالها هم أنفسهم نفس هذه الجذور الطبقية. قارن هذا بأدباء وفنانى ما قبل 1952، الذين كانوا ينتمون إلى طبقات أعلى، ومن كان منهم قد صعد من بدايات متواضعة (كطه حسين مثلا فى الأدب، وأم كلثوم وعبدالوهاب فى الموسيقى والغناء) كان يكتب وينتج فى كنف وتحت رعاية طبقة من الباشوات والاقطاعيين الذين كان من الصعب فى ظلهم تجاوز الحدود التى رسمها النظام الطبقى السائد.

***

ما الذى يمكن أن نتوقعه الآن من ثورة 2011؟ أما التغيير فى الإيقاع والأسلوب فلاشك فيه، وقد بدأ بالفعل، وأعتقد أنه سوف يتسارع سواء رضينا عنه أو كرهناه. اللغة العامية تزحف زحفا مخيفا بسبب ما حدث من تدهور فى التعليم (نرجو أن تؤدى ثورة يناير إلى وضع حد له)، ولكن أيضا بسبب تطورات اجتماعية يصعب وضع حد لها. وإيقاع الكتابة والموسيقى لابد أن يستمر فى التسارع استجابة لتزايد الإيقاع فى كل جوانب الحياة، ولتطور تكنولوجى فى وسائل الاتصال لايبدو أن هناك أى قوة تستطيع وقفه. ولكن ماذا عن مضمون الثقافة الجديدة؟
لا يمكن بالطبع أن نتصور تراجعا عما حدث من تطور بسبب ثورة 1952 فى المضمون الطبقى للثقافة المصرية، فهذا مكسب لا يمكن أن يضيع. ولكن هناك مكاسب أخرى أعتقد أن ثورة يناير 2011 سوف تفتح لها الأبواب (بل وبدأت فتحها بالفعل)، وسوف نجنى ثمارها خلال العقود القادمة. إنى أتصور أن يحدث هذا التقدم المأمول فى ثلاثة مجالات على الأقل، لم تستطع ثورة 1952، رغم كل النيات الطيبة، أن تحدث تقدما ملحوظا فيها، يتعلق أولها بتحرر المرأة، والثانى بالتحرر من سطوة وقهر العاصمة، والثالث بالتحرر من التفسيرات اللا عقلانية للدين.

ففيما يتعلق بتحرر المرأة، لا يقتصر التقدم المتوقع فى رأيى على حقيق مساهمة للمرأة، فى الحياة الأدبية والفنية، أكبر بكثير مما تحقق لها حتى الآن، ولكن أيضا بتغيير الصورة التى تظهر بها المرأة فى الأعمال الأدبية والفنية. لن تظهر المرأة المصرية بعد الآن فى الصورة التى ظهرت بها أمينة رزق فى أفلام يوسف وهبى فى الأربعينيات، امرأة حزينة ومقهورة وفى رداء أسود على الدوام، ولا حتى فى الصورة التى ظهرت بها فاتن حمامة فى أفلام الخمسينيات والستينيات، امرأة تطالب بحقوقها فتنجح أحيانا وتفشل فى معظم الأحيان، بل الأرجح أنها ستظهر ظهور الند للند أمام الرجل، كما ظهرت الفتاة والمرأة المصرية فى ميدان التحرير طوال سنة 2011.

أتوقع أيضا أن تعبّر الثقافة الجديدة فى مصر عن نهاية احتكار القاهرة (والإسكندرية أحيانا) للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية، فلا تظهر رواياتنا وأفلامنا السينمائية مثلا وكأن المبرر الوحيد للمحافظات خارج القاهرة هو إعداد شاب واعد للتوظف فى القاهرة، أو استقبال موظف مغضوب عليه ومنقول من القاهرة.

لقد بدأت ثورة 1952 بداية متواضعة فى هذين المجالين، فسمحت بدخول أول امرأة عضوا فى مجلس الشعب، وأن تصبح أول وزيرة فى الحكومة. كما بدأت سياسة نشر الجامعات فى الأقاليم ابتداء من انشاء جامعة أسيوط، بنية مخلصة لكسر احتكار القاهرة والإسكندرية للحياة الجامعية والثقافية. ولكن الضعف الذى أصاب الثورة عقب هزيمة 1967، وإن لم يمنع المزيد من مساهمة المرأة فى الحياة العامة، ولا إنشاء المزيد من الجامعات الإقليمية، فإنه أدى إلى انسداد قنوات التعبير عن النفس أمام المرأة المصرية وأمام سكان المدن الإقليمية على السواء.

من أفضل ما أظهرته ثورة 2011 اشتراك المرأة المصرية فى الثورة على نحو غير مألوف إلى جانب الرجل، واشتراك مختلف المحافظات من خارج القاهرة والإسكندرية فى التعبير عن نفس الأهداف وتقديم نفس النوع من التحضيات. وكان من أجمل الأمثلة على ذلك، مثل تلك الفتاة الصعيدية الرائعة (سميرة إبراهيم) التى حدّت السلطة واعتداءاتها، وذهبت للقضاء مطالبة بحقها، فحصلت عليه ووقف أبوها الصعيدى الشجاع إلى جانبها فى كل خطوة.

لابد أن تعبر الحياة الثقافية بعد 2011 عن هذه التغييرات، وإن كان من الصعب أن تتنبأ بالأشكال الفنية التى ستستخدم للتعبير عنها.

كذلك لابد أن تعبر الحياة الثقافية الجديدة فى مصر عن تصدى الفكر العقلانى للتفسيرات اللا عقلانية للدين. لقد ظهرت قوة هذا الاتجاه العقلانى فى الأيام الأولى لثورة 2011، بل وحتى فيما حصل عليه من نسبة الأصوات فى الانتخابات. ولا يجب أن نصاب بالإحباط لما قد نراه ونسمعه مما قد يدل على عكس ذلك. فالواجب أن نستبشر بالآخذ فى النمو، مهما بدا لنا من مقاومة عنيفة من جانب نوع من التفكير آخذ فى الزوال.

د / جلال أمين
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-01-2012, 10:39 PM
الصورة الرمزية aymaan noor
aymaan noor aymaan noor غير متواجد حالياً
رئيس مجلس الادارة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 26,986
معدل تقييم المستوى: 10
aymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond reputeaymaan noor has a reputation beyond repute
افتراضي القادة الجدد

القادة الجدد

ما يسمى بالربيع العربي أدخل تغييرات إيجابية كثيرة على عقول ونفوس الشعوب العربية التي مَرَّ بها وفتح أمامها آفاقاً جديدة، وكان من جملة الأمور المهمة التي أحدثها إعادة تشكيل الطبقة السياسية، بل يمكن القول : إنه كان وراء أهم التغييرات السياسية التي حدثت عبر مرحلة ما بعد الاستعمار، ومن الواضح أن الإسلاميين صاروا اليوم أحد أعمدة هذه الطبقة، على ما رأيناه في تونس وليبيا والمغرب، وما نراه اليوم في مصر، وهذا يحمل بالنسبة إلى الشعوب العربية بشرى خير، كما يحمل تحدياً جدياً لكل الجماعات والأحزاب الإسلامية التي صارت في واجهة المشهد السياسي اليوم .
وهذه بعض المقاربات لهذا الوضع :
بعض الإسلاميين وجدوا أنفسهم في بؤرة الحراك السياسي من غير سابق ثقافة أو خبرة سياسية، وبعضهم مارس السياسة منذ أمد لكنه اليوم يقود العمل السياسي في بلاده، كما هو الشأن في المغرب وتونس، وهذا في الحقيقة يحتاج إلى إدراك عميق لحاجات البلاد والعباد، ومن المهم في هذا السياق إدراك عدد من الأمور : ـ الجماهير تعودت التظاهر والاحتجاج، والديموقراطية الوليدة في بلدان الربيع العربي ستوفر المزيد من الفرص لذلك، ومن هنا فإن الناس الذين يهتفون اليوم لحزب من الأحزاب قد يهتفون ضده بعد شهر أو شهرين، كما أن من يمنحك صوته اليوم يستطيع سحبه منك في أي انتخابات قادمة .
ـ ما هو مطلوب من القادة الإسلاميين الجدد بعد أن صاروا في سدة الحكم مختلف تماماً عما كان مطلوباً منهم حين كانوا في المعارضة، إنهم باختصار مطالبون اليوم بما كانوا يطالبون به الحكومات السابقة، بل إن الناس يتوقعون الكثيرالكثير من الإسلاميين الذين كان سقف مطالبهم عالياً، وكان نقدهم حاداً .
ـ إن بعض الناخبين منحوا أصواتهم للإسلاميين تعاطفاً معهم بسبب مالا قوة من اضطهاد وإقصاء في المراحل الماضية، وبعضهم منحوهم أصواتهم كي يجرِّبوهم، ويروا ما عندهم من خطط وبرامج إصلاحية على أمل أن يجدوا لديهم ما فقدوه عند غيرهم، ولهذا تكاليفه واستحقاقاته الباهظة .
الشعوب تأمل في أن يقدِّم القادة الإسلاميون الجدد نموذجاً واضحاً في أمرين كبيرين :
الأول : النزاهة الشخصية والبعد عن استغلال الوظيفة لتحقيق مكاسب شخصية، أو مكاسب للأهل و العشيرة والجماعة والحزب .
الثاني : معالجة المشكلات المتأسِّنة التي عانت منها شعوب الربيع العربي في حقب وعهود متتابعة، ويأتي على رأس تلك المشكلات مكافحة الفساد والبطالة وتأمين انتعاش اقتصادي جيد إلى جانب بسط الأمن وترسيخ الاستقرار، وحفظ حقوق الناس وكراماتهم.
إن سياسة الشعوب وإصلاح أحوال العباد والبلاد تقوم في الرؤية الإسلامية على تقدير المصالح والمفاسد، ومن المعروف في هذا الصدد أنه يتم عضُّ الطرف عن المفسدة الصغيرة من أجل مصلحة كبيرة، كما أنه يتم غضّ الطرف عن المصلحة الصغيرة من أجل درء مفسدة كبيرة، والمباشرون للسياسة وأهلُ الخبرة والاختصاص في كل بلد هم الذين يقدرون ذلك، وإن العمل على هذا يتطلب فهماً دقيقاً للقوى والتوازنات القائمة على الصعيد الداخلي والإقليمي والعالمي .
إن مهمة الدعاة هي تبليغ الناس رسالةَ الإسلام على نحو كامل وواضح، وينبغي على الساسة توفير الأجواء التي تساعد على ذلك، وعلى الناس الذين فهموا الإسلام أن يقوموا بمطالبة الحكام بتطبيق أحكام الشريعة، كما أن عليهم أن ينتخبوا المرشحين الذين تنطوي برامجهم الانتخابية على ذلك، هذا هو المسار الصحيح، وعلى كل حال فإن الأولوية في ظني ستكون لتحسين الاقتصاد وترسيخ سيادة القانون وضمان الحريات إلى جانب إنعاش الجانب الروحي والأخلاقي وبعد ذلك يكون التقنين وسن التشريعات، فالإسلام مجموعة قيم، والقيم لا تُفرض، ولكنها تجذب الناس إليها من خلال تجسدها في سلوك الأخيار ومواقفهم.

د: عبد الكريم بكار

آخر تعديل بواسطة aymaan noor ، 06-01-2012 الساعة 10:42 PM
رد مع اقتباس
إضافة رد

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 05:44 AM.