اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-11-2011, 11:33 PM
الصورة الرمزية محمد رافع 52
محمد رافع 52 محمد رافع 52 غير متواجد حالياً
مشرف ادارى متميز للركن الدينى ( سابقا )
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 19,444
معدل تقييم المستوى: 36
محمد رافع 52 will become famous soon enough
افتراضي

مع السائرين!
تـنـمـية الجوانب الأخلاقية: بعد غروب شمس يوم عرفة تبدأ الإفاضة، فينطلق الحاج إلى مزدلفـة بهدوء وسكينة، مهللاً ومكبراً وملبياً، ثم يُصلي المغرب والعشاء قصراً وجمعاً بأذان واحد وإقـامـتـيــن. ثـم يوتر ويبيت بمزدلفة. فإذا تبين الفجر صلى مبكراً، ثم قصد المشعر الحرام فوحَّد الله وكــبَّـر واستقـبل القبلة، ثم دعا بما أحب حتى يُسفر جداً، أو يدعو في مكانه إن لم يتيسر له. ثم يلتقط حـصـيـات مــــن مزدلفة ليرمي جمرة العقبة، ثم بعد ذلك يتجه إلى منى. وإذا وصل إلى وادي محسر ـ وهو بين مزدلفة ومنى ـ استحب له الإسراع.
وعندما نتأمل هذه المسيرة من خلال بُعدها التربـــوي وما ترمز إليه نستشعر بعض الوقفات واللمحات التربوية التي تدور حول بعض الأخلاقـيات الـمـنـشـودة للسائرين على درب المشروع الحضاري:
أ -
كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يوصي بالسكينة والهدوء فيقول: "أيها الناس! عـلـيـكـم بالـسـكـينة؛ فإن البر ليــس بالإيــضاع ـ أي بالإسراع ـ"(9) وكان صلى الله عليه وسلم يسير العَنَق ـ أي سيراً رفيقاً ـ فإذا وجد فجوة ـ أي مكاناً متسعاً غير مزدحم ـ نَصَّ ـ أي أسرع ـ "(10).
والأمــــر بالسـكـيـنـة وصية يُستشعر منها معانٍ عظيمة منها: الهدوء، والنظام، والطاعة، ومراعاة حقوق الآخــر، ومراعاة جلال الموقف؛ وذلك من خلال سمات المنهج الذي يربي أتباعه على النظام والطاعــة، وعدم التخلق بأخلاقيات الغوغائيين التي تبرز دوماً مع أي تجمعات كبيرة.
ب - كان من هديه صلى الله عليه وسلم أثناء الإفاضة أن يستمر الذِّكر والتهليل والتكبير والتلبية والاستغفار حتى تُرمى جمرة العقبة.
وكـذلك كـانــت توجيهات الحق ـ سبحانه ـ: (( فَإذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ المَشْعَرِ الـحَـــــرَامِ واذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وإن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الـــضَّـالِّــيـنَ . ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حـَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ واسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . فَإذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً )). [البقرة: 198 - 200].
وهذا الهدي وتلك التوجيهات تـوحــي بـأهـمـية المتابعة والاستمرار على الحالة الروحية الرفيعة المكتسبة من الدورة الروحية العظيمة أثـناء الوقوف بعرفات، وكذلك نستشعر معها أهمية المحافظة على المكتسبات الربانية، والـثـمـــرة الروحية للحج؛ فلا تذهب مع مشقة المسير. كما نستشعر مدى عمق التحذير الإلهي من خطر العودة إلى الضلال السابق؛ فالموفق من تذكَّر ماضيه وقارنه بالحالة الربانية التي هو فــيـهـــا، فـشكر الله ـ عز وجل ـ ظاهراً بالمتابعة والاستمراريـــة، وباطناً بالخوف من خطــر النكــوص والارتكـاس، والانتكـاس.
ونـسـأل الله ـ سـبـحـانه ـ العفو والعافية، لا نحصي ثناءاً عليه ـ سبحانه ـ، هو كما أثنى على نفسه.
ج -
في وصـفــه ـ ســبحانه ـ لحالة الذِّكر المنشودة: ((فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً)) [البقرة: 200] نسـتـشـعر مدى أهمية تنقية النية وتصفيتها؛ فإذا كانت الغاية هي الله ـ سبحانه ـ فيجب ألاَّ تختلط بغايات أو رايات أخرى.
كذلك يتبين لنا أهمية وجود العقلية المسلمة المرتبة التي تفقه أولوياتها؛ فمن كان همه رضا خالقه ـ سبحانه ـ فينبغي ألاَّ تـعـيـقـه أي اهتمامات أخرى حتى وإن كان الوالد أو الولد؛ ففي تلك المواقف يصبح الاهتمام بالموروثــــــات القبلية مثل مجد الآباء والأجداد، والفخر بالأبناء والأموال من قبيل النزول من القمة إلى السفح، ومن الاهتمام والتمحور حول الأفكار والمبادئ إلى التفاخر بالـوســائل الماديــة كالأرض والطين. والحـق ـ سبحانه ـ يحب معالي الأمور.
د -
ثم يبين الحق ـ سبحانه ـ خلقاً آخر يوصي به السائرين(ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) [البقرة: 199]. هذا وإن كــانت هذه وصيته ـ سبحانه ـ بأن تلتزم قريش بالوقوف مع الناس، وعدم التمايز المكاني؛ فقد كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة ـ وكانوا يُسَمَّوْن: الحُمْس ـ وسائر العرب يقـفــون بعرفات؛ فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات، ثم يقف بها؛ ثم يفيض منها؛ فذلك قوله: ((مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ))"(11).
ولكننا نستشعر هنا المعنى التربوي البعيد للنص؛ حيث يدعو السائرين في كل درب وفي كل مجال إلى التخلق بخلق المساواة والعــدل والتسوية بين الأفراد وعدم التمايز الذي من شأنه أن يمنع تولد الحقد والبغضاء والحـســـد داخل أي تجمع؛ فما بالك بالسائرين على درب المشروع الحضاري؟!
ولقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يتتبع هذا الخلق في كل مجال.
وتـدبَّـرْ هذا السلوك النبوي التربــوي الرفيع؛ فعــن النعمان بن بشير ـ رضي الله عنهما ـ "أن أباه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي.
فقال رســـول الله صلى الله عليه وسلم: أكلَّ ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأرجعه". وفي رواية: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفعلت هـــذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقــوا الله واعدلــوا في أولادكــم. فرجـع أبي فـردَّ الصدقة". وفـي روايــة: فـقال رســول الله صلى الله عليه وسلم: "يا بشير! ألك ولد سوى هذا؟ قال: نعم. قال: أكلـهـم وهـبت له مثل هذا؟ قال: لا، قال: فلا تُشهدني إذاً؛ فإني لا أشهد على جَوْر. ثم قال: أيسرُّك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال: بلى! قال: فلا إذاً"
(12).
وكــذلـك كان شعور كل فرد من الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ، وكأنه هو المقرب والمفضل عنده صلى الله عليه وسلم.
ويستشعر الداعية أيضاً كيف أن بعضاً من داخل أي مؤسسة ـ خاصة المؤسسات الدعوية ـ قد يصـيـبـه حالة اعتلالية يرى فيها نفسه فوق الآخرين، فينظر إلى موقعه التنظيمي ويقيِّم الآخرين على أساس تقدمه عليهم، ولا يفيض في الحركة الدعوية من حيث أفاض الناس، وهي (ظاهــرة الغرور التنظيمي)، ولو تدبر قليلاً لوجد الرد الإلهي واضحاً في سورة عبس؛ وهي السورة التي وضعت أساسات وموازين تقييم الناس.
هـ - وفي قـولــه ـ سبحانه ـ: ((فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ومَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ . ومِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنَا عَذَابَ النَّارِ . أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا واللَّهُ سَرِيعُ الحِسَابِ)) [البقرة: 200 - 202].
(إن هناك فريقين: فريقاً همه الدنيا، فهو حريص عليها مشغول بها، ويذكرها حتى حين يتوجه إلى الله بالـدعــــاء؛ لأنها هي التي تشغله، وتملأ فراغ نفسه، وتحيط عالمه وتغلقه عليه. هؤلاء قد يعطيهم الله نصيبهم في الدنيا ـ إذا قدر العطاء ـ ولا نصيب لهم في الآخرة على الإطلاق. وفريقاً أفــســــح أفقاً وأكبر نفساً؛ لأنه موصول بالله يريد الحسنة في الدنيا ولكنه لا ينسى نصيبه في الآخـــرة؛ فهم يطلبون من الله الحسنة في الدارين، ولا يحددون نوع الحسنة، بــل يَدَعون اختيارها لله، والله يختار لهم ما يراه حسنة وهم باختياره لهم راضون. وهؤلاء لهم نصيب مضمون لا يبطئ عليهم؛ فالله سريع الحساب)
(13).
ونـحـن نــدور مــع الـبـعـد التربوي البعيد للنص، وهو التركيز على علاج (ظاهرة القصور الفكري) التي تصيب بعضاً من اللحظيين ذوي النظرة المحدودة التقدير القاصرة القريبة من حواسهم ضيقي الأفق؛ فلا يدركون الأبعاد البعيدة للقضايا والأمور.
وعلاجها يتم بضرورة تشجيع ذوي النظرة المستقبلية للأمور البعيدة التقدير، والاستشرافية للقضايا.
وكم من مكاسب عظيمة أضاعها المحدوديون! ولم يكن لهم نصيب في فقه سراقه بن مالك ـ رضـي الله عـنـه ـ عـنـدمــا تـنـاقش مع الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء مطاردته له في الـهـجـرة، ونـظـر إلى المكاســب العـظـيـمـة البعيدة التي تفوق جائزة قريش، فكسب نعمة الإسلام، والنجاة في الآخرة، وفوق هذا حصل على الوعد بسواري كسرى بعد سنوات أثناء حكم الفاروق ـ رضوان الله عليه ـ.
__________________
 

العلامات المرجعية

الكلمات الدلالية (Tags)
الاثار النفسية, الروحية, العبادات


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 04:47 PM.