|
الأدب العربي قسم يختص بنشر ما يكتبه كبار الشعراء والأدباء قديمًا وحديثًا |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#2
|
||||
|
||||
![]() خرجت مرة مع أصحاب لي لقتال الصليبيين على بعض الثغور فمررت في طريقي بمدينة الرقة واشتريت منها جملا أحمل عليه سلاحي ، ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد والإنفاق في سبيل الله ، فلما جن علي الليل اكتريت منزلا أبيت فيه ، فلما ذهب بعض الليل فإذا بالباب يطرق علي ، فلنا فتحت الباب فإذا بامرأة متحصنة قد تلفعت بجلبابها ، فقلت : ما تريدين ؟ قالت : أنت أبو قدامة ؟ قلت : نعم ، قالت : أنت الذي جمعت المال اليوم للثغور ؟ قلت : نعم ، فدفعت إلي رقعة وخرقة مشدودة وانصرفت باكية ، فنظرت إلى الرقعة فإذا فيها : إنك دعوتنا إلى الجهاد ولا قدرة لي على ذلك فقطعت أحسن ما في وهما ضفيرتاي وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في سبيله فيغفر لي ، قال أبو قدامة : فعجبت والله من حرصها وبذلها ، وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة . فلما أصبحنا خرجت أنا وأصحابي من الرقة ، فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك فإذا بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول : يا أبا قدامة يا أبا قدامة ، قف علي يرحمك الله ، قال أبو قدامة : فقلت لأصحابي : تقدموا عني وأنا أنظر خبر هذا الفارس ، فلما رجعت إليه ، بدأني بالكلام وقال : الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائبا ، فقلت له ما تريد : قال أريد الخروج معكم للقتال . فقلت له : أسفر عن وجهك أنظر إليك فإن كنت كبيرا يلزمك القتال قبلتك ، وإن كنت صغيرا لا يلزمك الجهاد رددتك . فقال : فكشف اللثام عن وجهه فإذا بوجه مثل القمر وإذا هو غلام عمره سبع عشرة سنة فقلت له : يا بني ؟ عندك والد ؟ قال : أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذين قتلوا أبي . قلت : أعندك والدة ؟ قال : نعم ، قلت : ارجع إلى أمك فأحسن صحبتها فإن الجنة تحت قدمها فقال : أما تعرف أمي ؟ قلت : لا ، قال : أمي هي صاحبة الوديعة ، قلت : أي وديعة ؟ قال : هي صاحبة الشكال ، قلت : أي شكال ؟ قال : سبحان الله ما أسرع ما نسيت !! أما تذكر المرأة التي أتتك البارحة وأعطتك الكيس والشكال قلت : بلى ، قال : هي أمي ،
__________________
|
العلامات المرجعية |
|
|