|
حي على الفلاح موضوعات وحوارات ومقالات إسلامية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الحلقة الأولى : إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب لتحميل الحلقة اضغط هنا ![]() فى مساء كل خميس من كل أسبوع كان يعقد فى بيت عماد الواقع فى زواية حى الوفاء قريبا من المدرسة كان يعقد فيه مجلس للطرب واللعب والغناء وكان يحضره بعض شباب الحى منهم حسن وأسامة وماجد وغيرهم ممن لا أتذكر أسماءهم وقد تأخر ذات يوم عن الحضور فى الوقت المعين أسامة وعندما حضر بادره الجميع بقولهم : أين كنت ؟ فأجابهم وهو يتخفف من بعض ملابسه وعلامات التأثر بادية عليه : التقيت هذه الليلة بيحيى سرت فى نفوس الحضور هزة خفيفة وساد المكان سكون شامل ثم تابع أسامة قائلا : التقيت به فى السوق المركزى وهو يحمل معه كتابا قد اشتراه من مكتبة الهداية بدأنى بالسلام وقال : أين انت يا اسامة ؟ لم نرك فى المسجد منذ شهور طويلة . فابتسمت حياءا ثم اعتذرت قائلا : أنت تعلم يا يحيى الإختبارات على الأبواب وهذه هى المرة الثانية التى أرسب فى مادة الأحياء ولابد أن أنجح هذه السنة حتى لا أفصل من المدرسة ابتسم يحيى وهو يشير إلى المسجد ويقول : النجاح يبدأ من هنا ثم وقف ينظر إلى فشعرت أن نظراته تغوص فى أعماقة وتكشق المكنون فى صدرى ثم قال : انت تعلم يا أسامة أنى أحب لك الخير فاتق الله واجتنب المعاصى ثم تابع قائلا : الناس فى غفلة هل تعلم متى ينتبهون ؟ فلما لم أجب مضى يقول : عند الموت فارتعدت فرائصى من موعظته وأطرقت لا أعرف ما أجيب ثم مضى وهو يدعو لى بالهداية التفت عماد وكان حاضر النكتة سريع البديهة يتقن أربع لغات من كثرة ما سافر إلى أوربا وتايلاند والفلبين وكان يتحف الحاضرين بما رأى فى تلك البلاد ابتسم عماد ابتسامة ماكرة و قال وهو يضحك : سيأتيكم يحيى التفت الحضور جميعا إلى عماد لمعرفة ما يدور فى ذهنه أكمل : سيأتيكم يحيى ولكن هذه المرة ليس واعظا وإنما .. واشار بيده كأنه يعزف على العود ثم قهقه وجلس على الأريكة المركونة عند التلفاز نهض ماجد وهو يضحك وأخرج خمسمائة دينار وضرب بها على المنضدة وهو يقول مشجعا : ما هاهنا لك إن استطعت أن تفعل . فصاح حسن : اتقوا الله واتركوا الرجل فى عالمه النقى استرسل عماد ضاحكا وهو يقول : سوف يأتيكم إلى هنا سيعزف على العود بيده وما أجلم العزف إن كان بيد عابد ثم ضحك ضحكة قوية ارتجت لها الغرفة ثم مال وأسر فى أذن ماجد شيئا وقبل أن يخرج صاح حسن منفعلا : إن دون الوصول إلى يحيى سبعة أبواب عليها سبعة أقفال من حديد ![]() فى ليلة الجمعة جلست ليلى كعادتها تتسامر مع خادمتها خديجة تتبادلان الضحكات وتسردان القصص الطريفة كانت غرفة الإستقبال مفروشة بالسجاد العبقرى الموشى والستائر خضراء تتخللها خيوط صفراء بلون الذهب والثريا الملونة بألوان الطيف تتدلى من السقف وهى تتمايل سكرى , فى زوايا الغرفة قناديل وشموع تزيد من جمال الغرفة تفوح منها رائحة المسك أخذت ليلى تضحك وهى تقول لخديجة : هل رأيت أؤلئك الشباب فى الحى المجاور عندما مررنا عليهم قهقهت خديجة وهى تقول : نعم يا سيدتى لقد ذهلوا من جمالك الساحر حتى إن أحدهم كان يمشى فلما رآك كاد أن يقع فى الحفرة التى أمام باب المدرسة - كل شباب المنطقة يتحدثون عن جاذبيتى وجمالى فقالت خديجة وكأنها تخاطب نفسها : إلا شابا واحدا توقفت ليلى عن الضحك وبدت عليها علامات الإنتباه وقالت : ومن هو الشاب الذى يصمد أمام جمالى ؟ قالت خديجة وهى تتامل المزهرية الموضوعة على الطاولة : ليتنى أرزق بابن مثله قال ليلى باهتمام : من هو هذا الشاب يا خديجه قالت خديجة وهى لا تزال تتأمل المزهرية : إنه يحيى وقاربت بين حاجبيها وسألتها : ومن يحيى هذا ؟ وأخذت الخادمة تحدثها بكل ما تعرف عنه عن علمه وورعه وزهده وتواضعه وعن حسن أخلاقه وعذوبة منطقه وسكتت قليلا ثم أضافت قائلة : كثيرا ما كنت أراه فى الصباح الباكر وهو عائد من المسجد يترنم بالقرءان إنه يسكن فى البيت الأبيض المقابل للبحر ليت كل الشباب كيحيى وقفت ليلى مشدوهة أمام وصف خادمتها خديجة لهذا الشاب المؤمن فسألتها قائلة : هل هو متزوج ؟ امتعض وجه خديجة وتغير لونها وعرفت ما ترنو إليه ليلى وقالت : لا سبيل لك إلى يحيى دعيه ودنياه الزكية الطيبة وانصرفت مسرعة ولكن ليلى استطاعت أن تمسك بيدها ثم قالت لها بعطف : كلا يا خديجة إننى أريد الهداية . فأجابتها خديجة : وما الذى يصدك عن الهداية ؟ فقالت ليلى وهى تنظر من النافذة تجاه منزل يحيى : لا إننى أريد أن الهداية على يديه أخذت خديجة فى الإنصراف وهى تقول : هذه خطوة من خطوات الشيطان لا سبيل لك إلى يحيى " يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ وَمَن يَتّبِعْ خُطُوَاتِ الشّيْطَانِ فَإِنّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَآءِ وَالْمُنْكَرِ " رفعت ليلى يدها تتحس القرط اللؤلؤى الذى يزين أذنها ثم نادت خامتها خديحة فلما أقبلت طلبت منها رقعة ثم كتبت عليها شيئا وطوتها بعناية فائقة وزلفتها فى منديلها المعطر ثم التفتت إلى خديجة وقالت : أين نجد يحيى فى هذه الساعة ؟ فأجابتها وهى تشير بيدها : قد يكون آلان معتكفا فى المسجد ولكن أفضل وقت بعد شروق الشمس وهو ذاهب إلى جامعته وقفت ليلى عند الشباك وهى تتأمل منزل يحيى وسيارته البيضاء الواقفة عند الباب وقد تجمع على زجاجها الندى الرقراق اقتربت منها خديجة وأمسكت بيدها وهى تقول : لا تفعلى بالله عليك ولكنها دفعت يدها بيدها اليسرى فرنت الأسورة التى تزين يدها وأسرت فى نفسها قائلة : ما عزمت على شئ إلا فعلته ![]() ترى هل سينجح عماد فى فتح الأقفال ؟! وماذا ستصنع ليلى ؟! هذا ما سنعرفه فى الحلقات القادمة |
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() الحلقة الثانية : لقد وقع الطائر فى الفخ لتحميل الحلقة اضغط هنا ![]() كان من عادة يحيى عندما ينتهى من صلاة الفجر والإستماع لحديث الشيخ أن يقضى فترة من الوقت فى قراءة أذكار الصباح ثم قراءة جزء كامل من القرءان الكريم ثم يصلى ركعتى الضحى وبعدها يرجع إلى البيت ليأخذ قسطا من الراحة بانتظار طعام الفطور حتى يذهب إلى كلية الشريعة بنشاط فإذا حان وقت الفطور تناوله مع أمه التى تبدو موفورة الشاط ضاحكة متفائلة لا تكل عن الحركة وأخته الصغيرة أسماء التى يحاكى وجهها استدارة البدر ببشرة ناعمة نقية وعينين بلون البن وصفاء السماء ولم تكن قطتها الكبيرة ذات الشعر الأبيض الطويل تفارقها ساعة من الزمان فهى تتبعها كظلها أينما ذهبت ولا تفارقها إلا ساعة النوم أما أبوه فكان يخرج من البيت قبل أن يعود يحيى من المسجد ليذهب أبوه إلى شركته لمتابعة الصفقات ومراجعة الحسابات لقد كان أبوه كثير التبرع للمجاهدين والفقراء والأيتام والأرامل كان معروفا بالإحسان عند أهل المنطقة لقد كان يحيى فى غمرة هذا كله متنقلا من طاعة إلى طاعة ومن عبادة إلى عبادة فمن بر الوالدين إلى صلة الرحم ومن الإعتكاف إلى الدعوة ومن قرءاة القرءان إلى التصدق ومن طلب العلم إلى حسن الخلق لم يكن يحيى يعلم بأن هناك ابتلاء عظيم ينتظره واختبار صعب يتربص به ليتحقق وعد الله " الَـمَ * أَحَسِبَ النّاسُ أَن يُتْرَكُوَاْ أَن يَقُولُوَاْ آمَنّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ " سنة الله فى الكون لا تتغير ولا تتبدل إن الله سبحانه وتعالى يريد من عبده أن يحاول الصبر أن يحاول الثبات أن يحاول الإستعفاف أما المعونة فمنه سبحانه إن الله لا يتخلى عن عبده الضعيف وهو يتخبط فى دياجير الفتن وأمواج الشهوات إنه يمده بحبله المتين فمن استمسك به نجا ومن غفل عنه هلك وخسر ولكن ؟ هل يتخطى يحيى هذا الإختبار الصعب بنجاح ؟! أم ينكسر به المجداف فيتيه فى بحر الظلمات ؟!! ![]() وفى ليلة الأحد كان القمر مكتملا تحيطه هالة من نور تطفى عليه جلالا وبهاءا عجيبا والسكون قد عم الحى والكل قد أطفأ مصباحه إلا ذلك القصر الأبيض فالنور لا يزال يشع من تلك الغرفة المطلة على حديقة القصر إنها غرفة ليلى لم تدع ليلى خادمتها تنام هذه الليلة من شدة لهفتها على سماع القصة كاملة أخبرينى يا خديجة , أخبرينى عن كل ما رأيتِ نظرت إليها خديجة ببرود وكانت ليلى متلفهة لسماع حديثها فهزتها قائلة : ماذا دهاك يا خديجة ؟ تكلمى فأشاحت خديجة بوجهها إلى ناحية أخرى وقالت : هل أنت جادة فى هذا الأمر ؟ فقطبت ما بين حاجبيها ونظرت إليها بعينيها النجلاوين وقالت تستنطقها : وماذا تظنين ؟ فتنهدت خديجة وهى ترجع خطوة إلى الوراء وقد وقع الضوء القليل الذى ينتشر من ضوء المصباح على صفحة خدها الأيمن فبدا بلون البن الغامق ثم رفعت يدها وحكت رأسها وقالت : لا أدرى ولكن ... ضربت ليلى الأرض برجلها وقد صعدت الدم إلى وجنتيها وقالت : ولكن ماذا ؟ فأجابت بصوت هادئ عميق النبرات : يا سيدتى إن الوصول إلى القمر لأهون ألف مرة من الوصول إلى يحيى ثقى يا سيدتى أنه لم تر عينى مثله بين الشباب لا هنا ولا هناك ونظرت من خلال النافذة وبقيت لحظات تنظر كالتمثال أطرقت ليلى وتغير لونها وقالت بصوت كأنها انتزعته من بين آلامها : بالله عليك يا خديجة لا تحرمينى الهداية على يد ذلك الشاب المؤمن ثم تنهدت تنهدة عميقة وقالت : أريد أن أتوب على يديه شعرت ليلى أنها استطاعت أن تؤثر على خادمتها خديجة , تبسمت ليلى ونظرت إليها بلطف وقد لمعت عيناها على ضوء المصباح الذى يتسلط عليها ثم قالت بصوت هادئ خافت ودود : وآلان حدثينى يا خديجة أخبرينى عن كل شئ . قالت الخادمة وقد انقادت إلى لهجتها : رأيت خادم المسجد الباكستانى يهم بدخول المسجد فاستوقفته وأخبرته بأننى أريد أن أقابل يحيى على انفراد لأسأله سؤالا فقهيا خاصا فأشأر برأسه أن نعم ثم دخل المسجد انتظرت قليلا وإذا بشاب قد أقبل متوسط القامة أزهر اللون تبرق أساريره بنور جذاب نحيفا تجلله المهابة ويعلوه الوقار يحس بروعته الناظر إليه أقسم يا سيدتى أننى لم أندم فى حياتى مثل ندمى هذه الليلة ندمت لأننى أقدمت فى مثل هذه المهمة على هذا الشاب الذى .... الذى يعيش فى هذه الدنيا ببدنه وروحه معلقة بالآخرة إنه ليس من النوع الذى تعرفينه لم تر عينى مثله قط لقد تمنيت من كل قلبى أن لو عدت أدراجى ولم أفاتحه سكتت خديجة وعادت تتكلم بصوت خافت مؤثر : لقد ارتفع هذا الشاب بروحه عن الأرض وأخذت تحوم حول عرش الرحمن حتى كدت أشعر بدفء الإيمان الذى يخرج من قلبه كانت ليلى تصغى إليها باهتمام وقد سحرتها بوصفه وملكت عليها مشاعرها حتى تخيلته ملكا فى صورة إنسان ومضت تستحثها : وماذا بعد ؟ تكلمى قالت : أرى أن تتركى هذا الأمر - أتركه (( قالت بدهشة وتعجب )) أبعد كل ما ذكرتيه أتركه , كيف أترك أمرا بدأته سرت فيه خطوات فلما رأت إصرارها عادت تروى ما حدث دون أن تعقب على كلامها الأخير : مددت يدى بالرقعة بتردد وتخاذل وخجل فتناولها وألقى عليها نظرة فتغير لونه وصعدت حرارة الغضب إلى رأسه وشعرت أننى ركبت مركبا صعبا وتمنيت فى هذه الساعة لو انشقت الأرض وابتلعتنى ولكننى أسرعت أقول له قبل أن يسمع منه ما يؤلمنى : إنها تريد أن تتحدث إليك بمشكلتها يا شيخ إنها لا تريد أن يطلع عليها غيرك فرفع رأسه وقد سرى عنه بعض ما به : لتكتب مشكلتها ثم وقع بكلمة واحدة " اكتبيها " أعطانى الرقعة ثم دخل المسجد مرة أخرى هنا صفقت ليلى بيدها ودارت حول نفسها طربا وهى تقول فى نفسها : لقد وقع الطائر فى الفخ ![]() فى مساء يوم الخميس وكالعادة تجمع ماجد وحسن وأسامة يلعبون الورق ويشاهدون الفيلم الجديد الذى أحضره لهم ماجد قال أسامة : لقد تأخر عماد وما انتهى من كلامه حتى فتح عماد باب الغرفة برفق ثم أطل برأسه توقف الحضور عن اللعب كلهم ينظر تجاه الباب دخل عماد وقد قص شعره مارينز مرتديا بنطالا ضيقا وقميصا قد فتح أزراره العليا لتبدو السلسلة الذهبية التى تحيط بعنقه تتوسط قطعة مرسوم عليها قلب حب ابتسم عماد ابتسامة ماكرة وأخذ يلوح بمنديل معطر فى يده ثم أخذ يضحك ويضحك ويضحك حتى استلقى على الأرض من شدة الضحك وسط تعجب الحضور سأل ماجد مستغربا : مالك أجننت ؟ لم يتوقف عماد عن الضحك ثم أخذ يقول وهو يلوح بالمنديل : هذا هو القفل الأول قد انفتح علت الدهشة وجه حسن ولم يصدق أسامة أذنيه وبقى ماجد بشعره المجعد وعينيه الخضراوين ينظر إليه دون أن ينطق أما عماد فقد أخذ يصفق ويصيح : ألم أقل لكم !! سيعزف على العود بيده وانفجر حسن وقد التهب وجهه الصغير بالغضب وضرب بقبضة يده على المنضدة وهو يقول : مستحيل ألقى عماد الرقعة على المنضدة فتسابقت الأيدى للحصول عليها والإطلاع على ما فيها كان ماجد أسرع القوم إليها فخطفها وأخذ يلوح بها وهو يضحك وينظر إلى حسن ويقول : هذا هو صاحبك قد وقع وقبل أن يقرأها وبخفة متناهية أدهشت الجميع خطفها عماد من يده ثم جذب ماجد وذهب به إلى غرفة مجاورة ![]() وتزداد الأحداث اشتعالا فتابعونا |
![]() |
العلامات المرجعية |
|
|