اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-02-2010, 02:07 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي غزوة الخندق


تفصيلات غزوة الخندق عاد الأمن والسلام، وهدأت الجزيرة العربية بعد الحروب والبعوث التي استغرقت أكثر من سنة كاملة، إلا أن اليهود ـ الذين كانوا قد ذاقوا ألواناً من الذلة والهوان نتيجة غدرهم وخيانتهم ومؤامراتهم ودسائسهم ـ لم يفيقوا من غيهم، ولم يستكينوا، ولم يتعظوا بما أصابهم من نتيجة الغدر والتآمر‏.‏ فهم بعد نفيهم إلى خيبر ظلوا ينتظرون ما يحل بالمسلمين من خلال المناوشات التي كانت قائمة بين المسلمين والوثنيين، ولما تحول مجري الأيام لصالح المسلمين، وتمخضت الليإلى والأيام عن بسط نفوذهم، وتوطد سلطانهم ـ تحرق هؤلاء اليهود أي تحرق‏.‏

وشرعوا في التآمر من جديد على المسلمين، وأخذوا يعدون العدة، لتصويب ضربة إلى المسلمين تكون قاتلة لا حياة بعدها‏.‏ ولما لم يكونوا يجدون في أنفسهم جرأة على قتال المسلمين مباشرة، خططوا لهذا الغرض خطة رهيبة‏.‏

خرج عشرون رجلاً من زعماء اليهود وسادات بني النضير إلى قريش بمكة، يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وسلم، ويوالونهم عليه، ووعدوهم من أنفسهم بالنصر لهم، فأجابتهم قريش، وكانت قريش قد أخلفت موعدها في الخروج إلى بدر، فرأت في ذلك إنقاذا لسمعتها والبر بكلمتها‏.‏

ثم خرج هذا الوفد إلى غَطَفَان، فدعاهم إلى ما دعا إليه قريشاً فاستجابوا لذلك، ثم طاف الوفد في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب له من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب الكفر على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين‏.‏

وعلى إثر ذلك خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ـ وقائدهم أبو سفيان ـ في أربعة آلاف، ووافاهم بنو سليم بمَرِّ الظَّهْرَان، وخرجت من الشرق قبائل غطفان‏:‏ بنو فَزَارة، يقودهم عُيينَة بن حِصْن، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف، وبنو أشجع، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ، كما خرجت بنو أسد وغيرها‏.‏

واتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه‏.‏

وبعد أيام تجمع حول المدينة جيش عَرَمْرَم يبلغ عدده عشرة آلاف مقاتل، جيش ربما يزيد عدده على جميع من في المدينة من النساء والصبيان والشباب والشيوخ‏.‏

ولو بلغت هذه الأحزاب والمحزبة والجنود المجندة إلى أسوار المدينة بغتة لكانت أعظم خطراً على كيان المسلمين مما يقاس، وربما تبلغ إلى استئصال الشأفة وإبادة الخضراء، ولكن قيادة المدينة كانت قيادة متيقظة، لم تزل واضعة أناملها على العروق النابضة، تتجسس الظروف، وتقدر ما يتمخض عن مجراها، فلم تكد تتحرك هذه الجيوش عن مواضعها حتى نقلت استخبارات المدينة إلى قيادتها فيها بهذا الزحف الخطير‏.‏

وسارع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عقد مجلس استشاري أعلي، تناول فيه موضوع خطة الدفاع عن كيان المدينة، وبعد مناقشات جرت بين القادة وأهل الشوري اتفقوا على قرار قدمه الصحابي النبيل سلمان الفارسي ضي الله عنه‏.‏

قال سلمان‏:‏ يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خَنْدَقْنَا علينا‏.‏ وكانت خطة حكيمة لم تكن تعرفها العرب قبل ذلك‏.‏

وأسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تنفيذ هذه الحظة، فوكل إلى كل عشرة رجال أن يحفروا من الخندق أربعين ذراعاً، وقام المسلمون بجد ونشاط يحفرون الخندق، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يحثهم ويساهمهم في عملهم هذا‏.‏ ففي البخاري عن سهل بن سعد، قال‏:‏ كنا مع رسول الله في الخندق، وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتادنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏اللهم لا عَيشَ إلا عيشُ الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار‏)‏‏.‏

وعن أنس‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرين والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأي ما بهم من النصب والجوع قال‏:‏

اللهم إن العيش عيش الآخرة ** فاغفـر للأنصـار والمهـاجرة

فقالوا مجيبين له‏:‏

نحـن الذيـن بايعـوا محمـداً ** على الجهـاد ما بقيـنا أبداً

وفيه عن البراء بن عازب قال‏:‏ رأيته صلى الله عليه وسلم ينقل من تراب الخندق حتى واري عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب ويقول‏:‏

اللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصـدقنـا ولا صلينــا


فأنزلن سكينـة علينـا ** وثبت الأقـدام إن لاقينــا


إن الألى رغبوا علينـا ** وإن أرادوا فتـنـة أبينـــا


قال‏:‏ ثم يمد بها صوته بآخرها، وفي رواية‏:

إن الألى قـد بغـوا علينـا ** وإن أرادوا فـتنـة أبينـا


كان المسلمون يعملون بهذا النشاط وهم يقاسون من شدة الجوع ما يفتت الأكباد، قال أنس‏:‏ كان أهل الخندق يؤتون بملء كفي من الشعير، فيصنع لهم بإهَالَةٍ سنخة توضع بين يدي القوم، والقوم جياع، وهي بشعة في الحلق ولها ريح‏.‏

وقال أبو طلحة‏:‏ شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع، فرفعنا عن بطوننا عن حجر حجر، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجرين‏.‏

وبهذه المناسبة وقعت أثناء حفر الخندق آيات من أعلام النبوة، رأي جابر بن عبد الله في النبي صلى الله عليه وسلم خمصاً شديدًا فذبح بهيمة، وطحنت امرأته صاعاً من شعير، ثم التمس من رسول الله صلى الله عليه وسلم سراً أن يأتي في نفر من أصحابه، فقام النبي صلى الله عليه وسلم بجميع أهل الخندق، وهم ألف، فأكلوا من ذلك الطعام وشبعوا، وبقيت بُرْمَة اللحم تغط به كما هي، وبقي العجين يخبز كما هو‏.‏

وجاءت أخت النعمان بن بشير بحَفْنَة من تمر إلى الخندق ليتغدي به أبوه وخاله، فمرت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فطلب منها التمر، وبدده فوق ثوب، ثم دعا أهل الخندق، فجعلوا يأكلون منه وجعل التمر يزيد، حتى صدر أهل الخندق عنه، وإنه يسقط من أطراف الثواب‏.‏

وأعظم من هذين ما رواه البخاري عن جابرقال‏:‏ إنا يوم خندق نحفر، فعرضت كُدْية شديدة، فجاءوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ هذه كدية عرضت في الخندق‏.‏ فقال‏:‏ ‏‏(‏أنا نازل‏)‏، ثم قام وبطنه معصوب بحجر ـ ولبثنا ثلاثة لا نذوق ذواقاً ـ فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم المِعْوَل، فضرب فعاد كثيباً أهْيل أو أهْيم ، أي صار رملاً لا يتماسك‏.‏

وقال البراء‏:‏ لما كان يوم الخندق عرضت لنا في بعض الخندق صخرة لا تأخذ منها المعاول، فاشتكينا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاءة وأخذ المعول فقال‏:‏ ‏‏(‏بسم الله‏)‏، ثم ضرب ضربة، وقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأنظر قصورها الحمر الساعة‏)‏، ثم ضرب الثانية فقطع آخر، فقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن‏)‏، ثم ضرب الثالثة، فقال‏:‏ ‏‏(‏بسم الله‏)‏، فقطع بقية الحجر، فقال‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني‏)‏‏.‏

وروي ابن إسحاق مثل ذلك عن سلمان الفارسي رضي الله عنه‏.‏

ولما كانت المدينة تحيط بها الحرات والجبال وبساتين من النخيل من كل جانب سوي الشمال، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن زحف مثل هذا الجيش الكبير، ومهاجمته المدينة لا يمكن إلا من جهة الشمال، اتخذ الخندق في هذا الجانب‏.‏

وواصل المسلمون عملهم في حفره، فكانوا يحفرونه طول النهار، ويرجعون إلى أهليهم في المساء، حتى تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة، قبل أن يصل الجيش الوثني العرمرم إلى أسوار المدينة‏.‏

وأقبلت قريش في أربعة آلاف، حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رُومَة بين الجُرْف وزَغَابَة، وأقبلت غَطَفَان ومن تبعهم من أهل نجد في ستة آلاف حتى نزلوا بذَنَبِ نَقْمَي إلى جانب أحد‏.‏

‏{‏وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 22‏]‏‏.‏

وأما المنافقون وضعفاء النفوس فقد تزعزعت قلوبهم لرؤية هذا الجيش ‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا‏}‏‏[‏ الأحزاب‏:‏ 12‏]‏‏.‏

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة آلاف من المسلمين، فجعلوا ظهورهم إلى جبل سَلْع فتحصنوا به، والخندق بينهم وبين الكفار‏.‏وكان شعارهم‏:‏ ‏[‏حم لا ينصرون‏]‏، واستحلف على المدينة ابن أم مكتوم، وأمر بالنساء والذراري فجعلوا في آطام المدينة‏.‏

ولما أراد المشركون مهاجمة المسلمين واقتحام المدينة، وجدوا خندقاً عريضاً يحول بينهم وبينها، فالتجأوا إلى فرض الحصار على المسلمين، بينما لم يكونوا مستعدين له حين خرجوا من ديارهم، إذ كانت هذه الخطة ـ كما قالوا ـ مكيدة ما عرفتها العرب، فلم يكونوا أدخلوها في حسابهم رأساً‏.‏

وأخذ المشركون يدورون حول الخندق غضاباً، يتحسسون نقطة ضعيفة ؛ لينحدروا منها، وأخذ المسلمون يتطلعون إلى جولات المشركين، يرشقونهم بالنبل، حتى لا يجترئوا على الاقتراب منه، ولا يستطيعوا أن يقتحموه، أو يهيلوا عليه التراب، ليبنوا به طريقاً يمكنهم من العبور‏.‏

وكره فوارس من قريش أن يقفوا حول الخندق من غير جدوي في ترقب نتائج الحصار، فإن ذلك لم يكن من شيمهم، فخرجت منها جماعة فيها عمرو بن عبد وُدّ وعكرمة بن أبي جهل وضرار بن الخطاب وغيرهم، فتيمموا مكاناً ضيقاً من الخندق فاقتحموه، وجالت بهم خيلهم في السَّبْخة بين الخندق وسَلْع، وخرج على بن أبي طالب في نفر من المسلمين حتى أخذوا عليهم الثغرة التي أقحموا منها خيلهم، ودعا عمرو إلى المبارزة، فانتدب له على بن أبي طالب، وقال كلمة حمي لأجلها ـ وكان من شجعان المشركين وأبطالهم ـ فاقتحم عن فرسه فعقره وضرب وجهه، ثم أقبل على علي، فتجاولا وتصاولا حتى قتله علي رضي الله عنه، وانهزم الباقون حتى اقتحموا الخندق هاربين، وقد بلغ بهم الرعب إلى أن ترك عكرمة رمحه وهو منهزم عن عمرو‏.‏

وقد حاول المشركون في بعض الأيام محاولة بليغة لاقتحام الخندق، أو لبناء الطرق فيها، ولكن المسلمين كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبل، وناضلوهم أشد النضال حتى فشل المشركون في محاولتهم‏.‏

ولأجل الاشتغال بمثل هذه المكافحة الشديدة فات بعض الصلوات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه‏:‏ أن عمر بن الخطاب جاء يوم الخندق، فجعل يسب كفار قريش‏.‏ فقال‏:‏ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏وأنا والله ما صليتها‏)‏، فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بُطْحَان، فتوضأ للصلاة، وتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلي بعدها المغرب‏.‏

وقد استاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لفوات هذه الصلاة حتى دعا على المشركين، ففي البخاري عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الخندق‏:‏ ‏‏(‏ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً، كما شغلونا عن الصلاة الوسطي حتى غابت الشمس‏)‏‏.‏

وفي مسند أحمد والشافعي أنهم حبسوه عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعاً‏.‏ قال النووي‏:‏ وطريق الجمع بين هذه الروايات أن وقعة الخندق بقيت أياماً فكان هذا في بعض الأيام، وهذا في بعضها‏.‏ انتهي‏.‏

ومن هنا يؤخذ أن محاولة العبور من المشركين، والمكافحة المتواصلة من المسلمين، دامت أياماً، إلا أن الخندق لما كان حائلاً بين الجيشين لم يجر بينهما قتال مباشر أو حرب دامية، بل اقتصروا على المراماة والمناضلة‏.‏

وفي هذه المراماة قتل رجال من الجيشين، يعدون على الأصابع‏:‏ ستة من المسلمين، وعشرة من المشركين، بينما كان قتل واحد أو اثنين منهم بالسيف‏.‏

وفي هذه المراماة رمي سعد بن معاذ رضي الله عنه بسهم فقطع منه الأكْحَل، رماه رجل من قريش يقال له‏:‏ حَبَّان بن العَرِقَة، فدعا سعد‏:‏ اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلى أن أجاهدهم فيك من قوم كذبوا رسولك وأخرجوه، اللهم فإني أظن أنك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك، وإن كنت وضعت الحرب فافجرها واجعل موتتي فيها‏.‏ وقال في آخر دعائه‏:‏ ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة‏.‏

وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدس والتآمر تتقلب في جحورها، تريد إيصال السم داخل أجسادهم‏:‏ انطلق كبير مجرمي بني النضير حيي بن أخطب إلى ديار بني قريظة فأتي كعب بن أسد القرظي ـ سيد بني قريظة وصاحب عقدهم وعهدهم، وكان قد عاقد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن ينصره إذا أصابته حرب، كما تقدم ـ فضرب عليه حيي الباب فأغلقه كعب دونه، فما زال يكلمه حتى فتح له بابه، فقال حيي‏:‏ إني قد جئتك يا كعب بعز الدهر وببحر طَامٍ، جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجمع الأسيال من رُومَة، وبغطفان على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بذَنَب نَقْمَي إلى جانب أحد، قد عاهدوني وعاقدوني على ألا يبرحوا حتى نستأصل محمداً ومن معه‏.‏

فقال له كعب‏:‏ جئتني والله بذُلِّ الدهر وبجَهَامٍ قد هَرَاق ماؤه، فهو يرْعِد ويبْرِق، ليس فيه شيء‏.‏ ويحك يا حيي فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء‏.‏

فلم يزل حيي بكعب يفْتِلُه في الذِّرْوَة والغَارِب، حتى سمح له على أن أعطاه عهداً من الله وميثاقاً‏:‏ لئن رجعت قريش وغطفان، ولم يصيبوا محمداً أن أدخل معك في حصنك، حتى يصيبني ما أصابك، فنقض كعب بن أسد عهده، وبرئ مما كان بينه وبين المسلمين، ودخل مع المشركين في المحاربة ضد المسلمين‏.‏

وفعلاً قامت يهود بني قريظة بعمليات الحرب‏.‏ قال ابن إسحاق‏:‏ كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع حصن حسان بن ثابت، وكان حسان فيه مع النساء والصبيان، قالت صفية‏:‏ فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، وقد حاربت بنو قريظة وقطعت ما بينها وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس بيننا وبينهم أحد يدفع عنا، ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون في غور عدوهم، لا يستطيعون أن ينصرفوا عنهم إن أتانا آت، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ يا حسان، إن هذا اليهودي كما تري يطيف بالحصن، وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ وراءنا مِنْ يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله‏.‏

قال‏:‏ والله لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا، قالت‏:‏ فاحتجزت ثم أخذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن وقلت‏:‏ يا حسان، انزل إليه فاسلبه، فإنه لم يمنعني من سبله إلا أنه رجل، قال‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة‏.‏

وقد كان لهذا الفعل المجيد من عمة الرسول صلى الله عليه وسلم أثر عميق في حفظ ذراري المسلمين ونسائهم، ويبدو أن اليهود ظنوا أن هذه الآطام والحصون في منعة من الجيش الإسلامي ـ مع أنها كانت خالية عنهم تماماً ـ فلم يجترئوا مرة ثانية للقيام بمثل هذا العمل، إلا أنهم أخذوا يمدون الغزاة الوثنيين بالمؤن، كدليل عملي على انضمامهم إليهم ضد المسلمين، حتى أخذ المسلمون من مؤنهم عشرين جملاً‏.‏

وانتهي الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى المسلمين فبادر إلى تحقيقه، حتى يستجلي موقف قريظة، فيواجهه بما يجب من الوجهة العسكرية، وبعث لتحقيق الخبر السعدين؛ سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، وعبد الله بن رواحة وخَوَّات بن جبير، وقال‏:‏ ‏‏(‏انطلقوا حتى تنظروا أحق ما بلغنا عن هؤلاء القوم أم لا ‏؟‏ فإن كان حقاً فالحنوا لي لحناً أعرفه، ولا تَفُتُّوا في أعضاد الناس، وإن كانوا على الوفاء فاجهروا به للناس‏)‏‏.‏ فلما دنوا منهم وجدوهم على أخبث ما يكون، فقد جاهروهم بالسب والعداوة، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

وقالوا‏:‏ من رسول الله ‏؟‏ لا عهد بيننا وبين محمد، ولا عقد‏.‏ فانصرفوا عنهم، فلما أقبلوا على رسول الله صلى الله

عليه وسلم لحنوا له، وقالوا‏:‏ عَضَل وقَارَة ؛ أي إنهم على غدر كغدر عضل وقارة بأصحاب الرَّجِيع‏.‏
وعلى رغم محاولتهم إخفاء الحقيقة تفطن الناس لجلية الأمر، فتجسد أمامهم خطر رهيب‏.‏

وقد كان أحرج موقف يقفه المسلمون، فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف، بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه، وكانت ذراريهم ونساؤهم بمقربة من هؤلاء الغادرين في غير منعة وحفظ، وصاروا كما قال الله تعالي‏:‏ ‏{‏وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا‏}‏‏[‏ الأحزاب‏:‏10، 11‏]‏

ونجم النفاق من بعض المنافقين حتى قال‏:‏ كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسري وقيصر، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط‏.‏ وحتى قال بعض آخر في ملأ من رجال قومه‏:‏ إن بيوتنا عورة من العدو، فائذن لنا أن نخرج، فنرجع إلى دارنا فإنها خارج المدينة‏.‏ وحتى همت بنو سلمة بالفشل، وفي هؤلاء أنزل الله تعالي‏:‏ ‏{‏وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا‏}‏ ‏[‏الأحزاب‏:‏ 12، 13‏]‏‏.‏

أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقنع بثوبه حين أتاه غَدْر قريظة، فاضطجع ومكث طويلاً حتى اشتد على الناس البلاء، ثم نهض مبشراً يقول‏:‏ ‏‏(‏الله أكبر، أبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره‏)‏، ثم أخذ يخطط لمجابهة الظرف الراهن، وكجزء من هذه الخطة كان يبعث الحرس إلى المدينة؛ لئلا يؤتي الذراري والنساء على غرة، ولكن كان لابد من إقدام حاسم، يفضي إلى تخاذل الأحزاب، وتحقيـقاً لهــذا الهـدف أراد أن يصالـح عُيينَة بن حصن والحارث بن عوف رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة، حتى ينصرفا بقومهما، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة بقريش التي اختبروا مدي قوتها وبأسها مراراً، وجرت المراودة على ذلك، فاستشار السعدين في ذلك، فقالا‏:‏ يا رسول الله، إن كان الله أمرك بهذا فسمعاً وطاعة، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرًي أو بيعاً، فحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له وأعزنا بك نعطيهم أموالنا ‏؟‏ والله لا نعطيهم إلا السيف، فَصَوَّبَ رأيهما وقال‏:‏ ‏‏(‏إنما هو شيء أصنعه لكم لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة‏)‏‏.‏

ثم إن الله عز وجل ـ وله الحمد ـ صنع أمراً من عنده خذل به العدو وهزم جموعهم، وفَلَّ حدهم، فكان مما هيأ من ذلك أن رجلاً من غطفان يقال له‏:‏ نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي رضي الله عنه جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول الله، إني قد أسلمت، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي، فمرني ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏‏(‏إنما أنت رجل واحد، فَخذِّلْ عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة‏)‏، فذهب من فوره إلى بني قريظة ـ وكان عشيراً لهم في الجاهلية ـ فدخل عليهم وقال‏:‏ قد عرفتم ودي إياكم، وخاصة ما بيني وبينكم، قالوا‏:‏ صدقت‏.‏ قال‏:‏ فإن قريشاً ليسوا مثلكم، البلد بلدكم، فيه أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره، وإن قريشاً وغطفان قد جاءوا لحرب محمد وأصحابه، وقد ظاهرتموهم عليه، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره، فإن أصابوا فرصة انتهزوها، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمداً فانتقم منكم، قالوا‏:‏ فما العمل يا نعيم ‏؟‏ قال‏:‏ لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن‏.‏ قالوا‏:‏ لقد أشرت بالرأي‏.‏

ثم مضي نعيم على وجهه إلى قريش وقال لهم‏:‏ تعلمون ودي لكم ونصحي لكم‏؟‏ قالوا‏:‏ نعم، قال‏:‏ إن يهود قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه، ثم يوالونه عليكم، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم، ثم ذهب إلى غطفان، فقال لهم مثل ذلك‏.‏

فلما كانت ليلة السبت من شوال ـ سنة 5هـ ـ بعثوا إلى يهود‏:‏ أنا لسنا بأرض مقام، وقد هلك الكُرَاع والخف ، فانهضوا بنا حتى نناجز محمداً، فأرسل إليهم اليهود أن اليوم يوم السبت، وقد علمتم ما أصاب من قبلنا حين أحدثوا فيه، ومع هذا فإنا لا نقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن، فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان‏:‏ صدقكم والله نعيم، فبعثوا إلى يهود إنا والله لا نرسل إليكم أحداً، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمداً، فقالت قريظة‏:‏ صدقكم والله نعيم‏.‏ فتخاذل الفريقان، ودبت الفرقة بين صفوفهم، وخارت عزائمهم‏.‏

وكان المسلمون يدعون الله تعإلى‏:‏ ‏‏(‏اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا‏)‏، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأحزاب، فقال‏:‏ ‏‏(‏اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم‏)‏‏.‏

وقد سمع الله دعاء رسوله والمسلمين، فبعد أن دبت الفرقة في صفوف المشركين وسري بينهم التخاذل أرسل الله عليهم جنداً من الريح فجعلت تقوض خيامهم، ولا تدع لهم قِدْرًا إلا كفأتها، ولا طُنُبًا إلا قلعته، ولا يقر لهم قرار، وأرسل جنداً من الملائكة يزلزلونهم، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف‏.‏

وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الليلة الباردة القارسة حذيفة بن اليمان يأتيه بخبرهم، فوجدهم على هذه الحالة، وقد تهيأوا للرحيل، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره برحيل القوم، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رد الله عدوه بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفاه الله قتالهم، فصدق وعده، وأعز جنده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، فرجع إلى المدينة‏.‏

وكانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين، وأقام المشركون محاصرين رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين شهراً أو نحو شهر‏.‏ ويبدو بعد الجمع بين المصادر أن بداية فرض الحصار كانت في شوال ونهايته في ذي القعدة، وعند ابن سعد أن انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق كان يوم الأربعاء لسبع بقين من ذي القعدة‏.‏

إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر، بل كانت معركة أعصاب، لم يجر فيها قتال مرير، إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام، تمخضت عن تخاذل المشركين، وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع استئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة ؛ لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوي مما أتت به في الأحزاب، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أجلي الله الأحزاب‏:‏ ‏‏(‏الآن نغزوهم، ولا يغزونا، نحن نسير إليهم‏)‏‏.‏

==========================

بقلم : المباركفوري من كتابه الرحيق المختوم
  #2  
قديم 19-02-2010, 02:08 PM
الصورة الرمزية خالد مسعد .
خالد مسعد . خالد مسعد . غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 5,554
معدل تقييم المستوى: 22
خالد مسعد . will become famous soon enough
افتراضي

غزوة الأحزا دروس وعبر ودلائل هذه مقالة تحليلية لكاتب سعودي يكتب عن غزوة الأحزاب ويضيف بعض من الدروس القيمة والمفيدة للباحثين والقراء ونترككم مع المقالة
بداية التجمع:
من دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى غزوه بدر لم يكن النفاق قد ظهر فكان معسكر الشرك واضحاً بزعامة عبدالله بن أبي نفسه، وكان يطالب من النبي - صلى الله عليه وسلم - بجرأة واضحة أن يكف عن الدعوة إلى الله.
وكان معسكر اليهود واضحاً، كذلك الأفراد منهم أظهروا الإسلام وهم في الحقيقة جواسيس على المسلمين وقد ذكر الله - عز وجل - هذا النموذج بقوله: [وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ آَمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آَخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ] {آل عمران: 72}.
برز النفاق بعد الانتصار الحاسم في غزوة بدر، وكان الخزرج يعدون لتتويج عبدالله بن أبي بن سلول، وكانت عقدة الزعامة والمنصب تأكل قلبه. وما من غزوة ألا وكان لهم دور في التجسس والتخذيل.
يحدث كاتبنا عن دورهم هنا بإبداع
دورهم في غزوة الأحزاب
حديث القرآن عن المنافقين يوم الأحزاب كان طويلاً لحد ما (تسع آيات) إذ قيس بما ذكر عن غزوه الأحزاب ومواقف المسلمين منها، يقول الله عنهم: [وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا] {الأحزاب: 12} ولو أمعنا النظر بهذه الآيات نجد ما يلي:
1- الفريق الأول: يقولون ما وعدنا الله ورسوله ألا غروراً؛ فهم قد حضروا المعركة، وأمام هول الصدمة وعنف المحنة انهار إيمانهم، وهذا القول منقول في كتاب السيرة عن معتب بن قشير، إذ قال في ساعات الخوف والزلزلة بعد أن سمع بشريات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفتح المبين لهذا الدين في أقطار الأرض، وهذا القول يوحي بأنه صدر ممن صدر مع حشرجة في الصدر، وتحدث بخفوت صوت وفي الخفاء ومع أناس موثوق بهم عند المتحدث، وكانوا يظنون أن هذا الكلام لن يصل إلى النبي - عليه الصلاة والسلام - ولكن الله كان لهم بالمرصاد فكشف حالهم إلى النبي - عليه الصلاة والسلام -.
2- الفريق الثاني: قوم تذكر كتب السيرة أنهم بنو حارثه وهى أحد الطائفتين اللتين همتا أن تفشلا يوم أحد فلقد قالوا للنبي - عليه الصلاة والسلام -: "إن بيوتنا عورة وليس دار من الأنصار مثل دارنا ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا لنمنع ذرارينا ونسائنا" فأذن لهم - صلى الله عليه وسلم -، فبلغ سعد بن معاذ ذلك، فقال: يا رسول الله لا تأذن لهم أنا والله ما أصابنا وإياهم شدة إلا صنعوا هكذا، فالقرآن ذكر جبنهم وهلعهم في أربع آيات تؤكد ما قاله سعد بن معاذ:
1- يريدون الفرار من المعركة: [قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ المَوْتِ أَوِ القَتْلِ وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا] {الأحزاب: 16}.
2- لو وطئ العدو أرضهم لأجابوه للفتنه عن دينهم والتخلي عن عقيدتهم: [وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الفِتْنَةَ لَآَتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا] {الأحزاب: 14}.
3- خوفهم من الموت أن يصيبهم في أرض المعركة.
4- تزعزع عقيدتهم ووهنها هو الذي يدفعهم إلى هذا الموقف: [وَإِذْ يَقُولُ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا] {الأحزاب: 12}.
والحقيقة أن النفع والضر بيد الله والفرار لن يحول بينهم وبين الموت.
إن المؤمن الصادق يوقن بأن النصر بيد الله والنفع والضر بيد الله والموت والحياة بيد الله، وهؤلاء ليسوا من هذا الصنف.
وحديثه هنا عن الفريق الثالث
3- الفريق الثالث: وهم المعوقون: [قَدْ يَعْلَمُ اللهُ المُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ البَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا] {الأحزاب: 18}، الذين كانوا يخذلون عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العاكفون في جحورهم في المدينة وهم جبناء مثل أسلافهم، لكنهم لخذلانهم وتخاذلهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبح مهوى قلبهم مع العدو، لذا وصفهم القرآن بقوله: [فَإِذَا جَاءَ الخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ المَوْتِ] {الأحزاب: 19}، وقد حكى عليهم القرآن بأنهم غير مؤمنين: [أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا] {الأحزاب: 19}.
إن مواصفات هذا المعسكر استغرقت آيات كثيرة أمام حجمهم الضئيل، رغم أن الفرصة سانحة لبروزهم من أوكارهم خصوصاً عند اشتداد المحنه، وليست المشكلة الخوف إنما المشكلة بواعث هذا الخوف، إن المحنة تمحص القلوب وتكشف ما في الصدور من إيمان ونفاق أو كفر.
أن المؤمن قد يتزلزل لكنه لا يفقد إيمانه، قد يفقد شجاعته وثباته لكن إيمانه لا يتزلزل أبدا، أما ضعيف الإيمان فينهار إيمانه أمام الحادثات.
ولم يغفل كاتبنا الدروس المستفادة من الغزوة
من ثمار غزوة الأحزاب
جلاء يهود بني قريضة نتيجة غدرهم، وذلك هو طبع اليهود، وكان الدور الأكبر في ذلك لزعيمهم المنهزم حيي بن أخطب سيد بني النضير الذي أجلي إلى خيبر، وعاد إلى مكة يشعل النار فيها لتغزوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - في عقر داره، حيث خرج سلام بن أبي الحقيق وحيي بن اخطب ببضع عشر رجلاً إلى مكة ودعوا قريشاً إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرحبوا بهم وفرحوا أشد الفرح وهم لا يزالون يتذكرون قتالهم في المعارك السابقة -بدر وأحد مثلا- خرجت قريش وغطفان، فجاء جبريل - عليه السلام - وقال: يا محمد أوقد وضعت سلاحك قال: نعم قال: فما وضعت الملائكة سلاحها، فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريضة » وكانت الغزوة وكان فيها ما كان.

المحنة في يوم الأحزاب
تحركت قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة وقائدهم أبو سفيان في أربعه آلاف، ووافاهم بنو سليم بمر الظهران وخرجت من المشرق قبائل غطفان، واجتمعت كلها على أبواب المدينة بعشرة آلاف يقاتل هذا الجيش العرمرم والبحر الطامي الذي يريد استئصال الموحدين، فلو جاء هؤلاء بغتة لفتكوا بمن في المدينة واستأصلوهم لكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سارع إلى عقد مجلس الشورى وتشاور معهم حول موضوع خطه الدفاع عن المدينة، وبعد مداولات وافق المجلس على اقتراح قدمه الصحابي الجليل سلمان الفارسي، حيث قال: يا رسول الله إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، وكانت خطة حكيمة لم تكن العرب تعرفها قبل ذلك، فأسرع النبي - عليه الصلاة والسلام - في تنفيذ هذه الخطة فوكل إلى كل عشره حفر أربعين ذراعاً -طول الخندق خمسة آلاف ذراع وعرضه تسعة أذرع وعمقه من سبعه إلى عشره-، كان حفره في مدة مابين ست أيام إلى أربعة وعشرين، وأخذ المشركون يدورون مغضبين علهم يجدون نقطة ضعيفة لينحدروا منها، وأخذ المسلمون يراقبون المشركين ويرشقونهم بالنبل حتى لا يجرؤا على الاقتراب ولا اقتحام الخندق ولا دفنه وبناء طريق للعبور، لكن المؤمنون كافحوا مكافحة مجيدة، ورشقوهم بالنبل وناضلوهم أشد النضال حتى فشل المشركون في محاولتهم، ولأجل الاشتغال بمثل هذا الكفاح شغل رسول الله والمسلمون عن الصلاة الوسطى فقال: « شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا ».
وقد أستمر هذا الوضع أياماً إلا إن الخندق كان حائلاً بين الجيشين، وبينما كان المسلمون يواجهون هذه الشدائد على جبهة المعركة كانت أفاعي الدرس تتحرك، فانطلق كبير مجرمي بني النضير حيي بن اخطب فأتى كعب بن أسد القرظي سيد قريظة فلم يزل به حتى نقض العهد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أحرج موقف يقفه المسلمون فلم يكن يحول بينهم وبين قريظة شيء يمنعهم من ضربهم من الخلف بينما كان أمامهم جيش عرمرم لم يكونوا يستطيعون الانصراف عنه، وكانت نساؤهم وذراريهم بمقربه هؤلاء الغادرين من غير منعة وحفظ، وصاروا كما قال الله - تعالى -: [وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا(10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ المُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا(11)] {الأحزاب}، وبرز حينئذً النفاق فقال قائلهم: محمد يعدنا كنوز كسرى وقيصر وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط، أما رسول الله فتقنع ثوبه حين أتاه غدر بني قريظة فاضطجع ومكث طويلاً حتى اشتد على الناس البلاء، ثم غلبه روح الأمل فنهض يقول: الله أكبر استبشروا يا معشر المسلمين بفتح الله ونصره.
كانت غزوة الأحزاب سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين، وأقام المشركون محاصرين للمسلمين شهراً أو قريباً من الشهر، وكانت المعركة معركة أعصاب لم يجر فيها قتال مرير إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام تمخضت عن تخاذل في المشركين وأفادت أن أية قوة من قوات العرب لا تستطيع استئصال القوة الصغيرة التي تنمو في المدينة؛ لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى مما أتت به في الأحزاب لذلك قال - عليه الصلاة والسلام -: « الآن نغزوهم ولا يغزونا ».
ويتحدث هنا عن طبيعة المرحلة
طبيعة المرحلة
1- كانت للمسلمين سمعة ضخمة بعد انتصار بدر والانتصارات على بني قينقاع، ثم تدهورت هذه السمعة وذلك لما تجمع العرب مع اليهود بذلك العدد الضخم للإجهاز على المسلمين مع الحقد الدفين.
2- كانت تحركات المسلمين خلال هذه المرحلة تعتمد على الهجوم كأقوى وسيله من وسائل الدفاع، وهو هجوم مركز مدروس مخطط له مهمته أن يضرب العدو قبل أن يتحرك نحوه.
3- كان المسلمون يتذكرون دائماً أنهم الهدف الأول للعدو، ولم يكونوا يألون جهداً إذا وجدوا فرصة سانحة للدعوة أن يرسلوا بالدعاة، وما المصيبتان العظيمتان اللتان أصابتا المسلمين في الرجيع وبئر معونة إلا بسبب ذلك، فاكتساب أرض جديدة وأنصار جدد مما يعزز قوة المسلمين.
4- كان الواقع العملي على غير ما خطط له رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فقد غدر بالقراء جميعاً واستشهدوا رضوان الله عليهم، ولم يملك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم سوى الدعاء والدعاء على الغادرين بهم شهراً في صلاته.
5- لم يتزعزع صف المسلمين من قيادتهم وذلك لمتانة التربية خلافاً لما هو حاصل اليوم، فمثل هذه الفاجعة قد تؤدي إلى أن فقدان الثقة بالقيادة والخروج عليها وزعزعة الصف المسلم.
6- صبر وثبات الشباب على هول المحنة وضخامتها، فبالرغم من مرور سنتين متواليتين بالمحن دون تحقيق نصر ما فت في عضد المسلمين، ولم يتخلف أحد في تنفيذ ما يوكل الله سواء كان وحده أو كان في سرية، بل كانت صفة الالتزام والطاعة هي السمة الأساسية في قلب هذه المحنة، وما قصة حذيفة عنا بعبيدة حين أرسله - عليه الصلاة والسلام - ليأتي بخبر الأحزاب.
7- التحرك العسكري خلال سنتين لم يرافقه مواجهة للعدو، بل كان فضاً لبعض التجمعات أو محاصرة موقع مثل غزوة بني النضير.
8- يقظة القيادة الدائم لتحرك العداء ومراقبتهم في جميع الاتجاهات وكان يباغت أي تحرك نحو المدينة قبل انطلاقه وملاحقته مما يجعل العدو يفقد أعصاب.
9- كانت هذه الغزوة نهاية التحديد الزمني للانتقال من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، كما قال - عليه الصلاة والسلام -: « الآن نغزهم ولا يغزونا ».
10- رغم هول المحنة لم يستعن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمشرك مع عرض أنفسهم ورغم توقيع المعاهدات معهم إلا أن هذه المعاهدات لم تتعد ولم تتجاوز الجانب السياسي.
النبي وحنكة الحربية
مخابرات النبي - عليه الصلاة والسلام -
في غزوة الخندق كانت خزاعة عندما خرجت من مكة أتى ركبهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أربع ليال حتى أخبروه فندب الناس وأخبرهم خبر عددهم.

الثبات يوم الخندق
1- ندب الناس وأخبرهم خبر عدوهم وشاورهم أيبرز من المدينة أم يكون فيها، ويخندق عليها أم يكون قريباً والجبل من ورائهم؟
2- استقر الرأي على البقاء في المدينة وحفر الخندق.
3- جاء عمر بخبر مفاده أن بني قريظة نقضوا العهد وأرسل الزبير، ثم بعث سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد ابن حضير وطلب منهم أن يلحنوا (أي يلغزوا).
4- أقام - عليه الصلاة والسلام - وأصحابه محصورين بضع عشرة ليلة حتى أشتد الكرب مما جعل النبي - عليه الصلاة والسلام - يفاوض عيينة بن حصن، والحارث بن عوف -وهما رئيسا غطفان- أن يجعل لها ثلث ثمار المدينة فطلبا النصف فأبى إلا الثلث فرضيا ثم دعا سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة فاستشارهما فقالا: والله ما كنا لنعطيهما ذلك ونحن في الجاهلية والله لا نعطيهما ونحن في الإسلام.
وأسلم نعيم ابن مسعود وكان صديقاً لبني قريضة فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخذل الناس وأذن له أن يقول.
وهنا لك ثلاث نقاط غيرت مجرى الأحداث في هذه الغزوة:
1- حفر الخندق.
2 - حصر خسائر المسلمين في ستة قتلى.
3- الثبات عند خبر بني قريظة.
هذه الأمور رفعت معنويات الجيش.
وفي هذه الغزوة أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عمارا أنه تقتله الفئة الباغية.

الدلالات والعبر
1- يدل على أن ملة الكفر واحدة.
2- يدل على حقد كل من كان خارجاً عن الدين لهذا الدين وأهله.
3- يدل على أن الاعتصام بحبل الله والتوكل عليه قوة لا تقهر.
4- يدل على أهمية القيادة الحازمة الملتزمة بأمر الله.
5- يدل على أن السمع والطاعة له دوره الكبير في وحدة الصف والكلمة.
6- يدل على أن التخطيط والتهديف أمر ضروري لازم.
7- يدل على أن التربية السليمة تعصم الأفراد من التذمر وتحليهم بالصبر على كل حال، فالصحابة أصابهم من الجوع الشيء الكثير وأصابهم الخوف والهلع الشديد، لكن التربية السليمة عصمتهم من التمرد والتذمر.
8- الثقة بالقيادة أمر مهم، والرضا والتسليم بالقرارات وتنفيذها يلم الشمل، فلم يتذمر أحدهم من قرارات النبي - عليه الصلاة والسلام - إلا أهل النفاق والزيغ وهم قله لا يذكرون، أما المؤمنون فكانوا محل المشاورة والتسليم.
9- إن الفرج بعد الشدة.
10- أن التحلي بالتفاؤل بنصر الله من الخصال الحميدة.
11- صحة نقل الأخبار المنقولة للقيادة حتى يتم التخطيط وفق ذلك.
12- غدر اليهود ونقضهم للمواثيق.
13- أهميه الشورى في الإسلام.
14- أهمية نزول القائد الميداني والمشاركة مع الإفراد (حفر الخندق ومشاركته - عليه الصلاة والسلام -).
15- مشاركة الملائكة في الغزوة بل الريح وهي من جند الله.
16- اختيار أهل الفطنة والذكاء لتنفيذ المهمات الصعبة.
17- تدل على أهميه تماسك الجماعة.
18- تحفيز المنفذين للأوامر بالقول وغيره (إن لكل نبي حواري وحواريي الزبير).
19- جواز استخدام المعاريض (ورائنا عضل والقارة) كناية عن غدر اليهود كما غدرت عضل القارة.
20- الأخبار المزعجة صحيحة كانت أو كاذبة سبب في اهتزاز الصفوف (إلحنا) وجواز الكذب على العدو.
ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير أن ينظروا في أمر بني قريظة ثم يأتونه بالخبر وطلب منهم التورية.
21- أهميه السرية في الإسلام.
22- حب الشهادة في سبيل الله، والنظر لهذه الحياة بأنها حياة حقيرة، قول سعد: (اللهم إن كنت أبقيت من حرب قريش شيئاً فأبقني لها فإنه لا قوم أحب إلى أن أجاهدهم من قوم آذوا رسولك وكذبوه اللهم لا تمتني حتى تقر عيني من بني قريظة).
32- جواز الكذب على الأعداء وجواز الاندساس في صفوفهم للتعرف على ما عندهم والتخذيل عن المسلمين بزرع الخلاف بين قوى الشر.
24- جواز كتم المندس لإسلامه حتى لا يفقد ثقة الأعداء.
25- فقه الصحابة ودهاؤهم العسكري.
26- جواز التعاهد مع بعض الأعداء مرحلياً إذا رأى القائد ضعف المسلمين وكان في ذلك مصلحة للمسلمين، مثل: خلخلة صفوف الأعداء وإضعاف من يتبقى منهم وإفقادهم الثقة بأنفسهم وتقليل الجبهات المواجهة ضد المسلمين، مثل ما حصل في بداية الأمر من النبي - عليه الصلاة والسلام - مع قبيلة غطفان.
27- يدل على أنه ليست العبرة بالعدد: [كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ] {البقرة: 249}، يوم بدر، يوم أحد، يوم الخندق.
28- توالي الضربات على الأعداء، وتوالي الانتصارات للمسلمين يهز ثقة الأعداء بأنفسهم ويرعبهم رعباً شديدا إذا تحرك المسلمون.
29- بدء المسلمين للكفار بالغزو والانتقال من مقام (الدفاع) إلى مقام (المواجهة) يرعب الأعداء ويضعف شوكتهم ويشعرهم بقوة المسلمين (الآن نغزوهم ولا يغرونا).
30- عدم الغرور وإظهار الضعف والانكسار والتواضع بين يد الله من أسباب تنزل النصر خلافاً لما حصل بعد في (غزوة حنين).
31- مكانة العبادة والطاعة واهتمام الجماعة المسلمة بذلك والتحسر إذا فات شيء من ذلك والخوف من حصول معصية؛ لأن المعاصي من أسباب الهزيمة.
32- خطر المندسين في الصفوف من منافقين ومتجسسين ومصلحيين وذلك بالتخذيل والانسحاب والاعتذار بقصد الهروب كما قالت بنو حارثة: (إن بيوتنا عورة) قال سعد بن معاذ: يا رسول الله ما أصابنا وإياهم شدة إلا صنعوا هكذا.
33- المعجزات التي حصلت في هذه الغزوة:
1- كان يرى النصر في ومضات الصخور.
2- تفتيته - عليه الصلاة والسلام - للصخرة المستعصية.
3- الريح.
4- طعام جابر بن عبدالله.
5- قتال الملائكة قال جبريل: كنا نطردهم.
34- ثقة القيادة بنصر الله حيث كان - عليه الصلاة والسلام - يرى ما سيفتح الله عليه في ومضات الصخور.
35- أهمية العمل الجماعي الدءوب في حفر الخندق.
36- أهمية توحيد المنهج وأن الإنسان لا يصلح له أن يتجه إلى أكثر من أفق، ولا أن يتبع أكثر من منهج (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه).
37- تحالف أهل الشرك ضد الإسلام وأهله.
38- تأكيد أحبار التوراة لعبدة الأوثان أن قتال النبي - عليه الصلاة والسلام - حق، وأن استئصاله أرضى لله، وأن دين قريش أفضل من دين محمد، وأن تقاليد الجاهلية أفضل من تعاليم الإسلام، واليوم يؤكد اليهود والصليبيون أن ما عليه العلمانيون حق، وأن تقاليدهم أفضل من تعاليم الإسلام، وأن محاربة بل وقتل الإسلاميين حق: [أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا سَبِيلًا] {النساء: 51}.
39- أهمية الحصار واستخدامه من وسائل الضغط والتركيع.
40- جواز الإنشاد والتسلية على النفس بالمباح أثناء الكرب والمحن.
41- قول سعد: (اللهم أبقني حتى أجاهد قريشاً...... ولا تمتني حتى تقر عيني من بني قريضة) يظهر مبلغ ما انطوت عليه قلوب المسلمين من غيظ خيانة اليهود للعهود والمواثيق، واليوم هرولة وبكاء عليهم.
42- الدعاء مع عمل الأسباب: (اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم).
  #4  
قديم 18-12-2010, 04:45 PM
الصورة الرمزية MR.Mamdouh Ramadan
MR.Mamdouh Ramadan MR.Mamdouh Ramadan غير متواجد حالياً
معلم أول أ اعدادي ثانوي لغة انجليزية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 4,948
معدل تقييم المستوى: 20
MR.Mamdouh Ramadan has a spectacular aura about
افتراضي

تحيــــاتي وتقــديري
__________________
(اللهم أحسن خاتمتنا وتولنا برحمتك يا أرحم الراحمين‎ )
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 11:10 PM.