ثالثاً:
صدق الناس في إيمانهم بربهم ، وإقامتهم لشرعه ، دليل على ما يكون من حالهم ، حين يمكن الله تعالى لهم ، وهؤلاء هم الذي وعدهم الله تعالى بالنصر والتمكين .
قال تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ) الحج/ 41 .
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي - رحمه الله - بعد أن ساق آيات فيها بيان نصر الله تعالى للمؤمنين - : " وفي قوله تعالى : ( الذين إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأرض ) الحج/ 41 الآية : دليل على أنه لا وعدَ من الله بالنصر إلا مع إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، فالذين يمكِّن الله لهم في الأرض ، ويجعل الكلمة فيها والسلطان لهم ، ومع ذلك لا يقيمون الصلاة ، ولا يؤتون الزكاة ، ولا يأمرون بالمعروف ، ولا ينهون عن المنكر : فليس لهم وعدٌ من الله بالنصر ؛ لأنهم ليسوا من حزبه ، ولا من أوليائه الذين وعدهم بالنصر ، بل هم حزب الشيطان وأولياؤه ، فلو طلبوا النصر من الله بناء على أنه وعدهم إياه : فمثلهم كمثل الأجير الذي يمتنع من عمل ما أجر عليه ، ثم يطلب الأجرة ، ومَن هذا شأنه : فلا عقل له .
وقوله تعالى : ( إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) العزيز : الغالب الذي لا يغلبه شيء ، كما قدمناه مراراً بشواهده العربية .
وهذه الآيات تدل على صحة خلافة الخلفاء الراشدين ؛ لأن الله نصرهم على أعدائهم ؛ لأنهم نصروه ، فأقاموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وأمروا بالمعروف ، ونهوا عن المنكر ، وقد مكَّن لهم ، واستخلفهم في الأرض ، كما قال : ( وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصالحات لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأرض ) .
والحق : أن الآيات المذكورة تشمل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكل من قام بنصرة دين الله على الوجه الأكمل ، والعلم عند الله تعالى " .
"أضواء البيان" (5/272) .