اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإدارى > أرشيف المنتدي

أرشيف المنتدي هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-07-2010, 10:49 AM
الصورة الرمزية faten forever
faten forever faten forever غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,104
معدل تقييم المستوى: 25
faten forever is on a distinguished road
Icon Music شخصيات اسلاميه ( متجدد )

الإمام ابن كثير





هو أبو الفداء إسماعيل بن الخطيب شهاب الدين أبو حفص عمر بن كثير عماد الدين القرشي الشافعي. اتفق المؤرخون على أن ابن كثير ولد فى مطلع القرن الثامن الهجري، ولم ينقلوا شيئا عن تحديد اليوم والشهر الذي ولد فيه.
وذهب جمهور المؤرخين إلي أن ولادته كانت سنة 701هـ الموافق 1301م، وقرر بعضهم أن ولادته كانت سنة 700هـ، وتشكك فريق آخر فى السنتين، ولم يجزم فى تحديد سنة ولادته منهم، فابن حجر فى ـ رحمه الله ـ وهو من أقرب الناس لحياة ابن كثير من المؤرخين يقول فى كتابه " إنباه الرواه " إلي أنه ولد سنة سبعمائة، ولكنه عاد وتشكك فى كتابه الآخر " الدرر الكامنة " فقال ولد سنة سبعمائة أو بعدها بيسير ".
وقد سبقه فى هذا التردد مؤرخ الإسلام الذهبي، وهو معاصر لابن كثير، وذكر أنه سمع منه الحديث، ومع ذلك قال فى ولادته " ولد بعد السبع مائة، أو فيها " وقال الذهبي فى كتاب آخر " مولده سنة نيف وسبعمائة ".
والسبب فى هذا الاصطراب عدم وجود سجلات للولادة في هذا العصر، وإن تحديد ولادة العلماء المشهورين يلجأ إليها فيما بعد بالقرائن، وكان الاضطراب فى ولادة ابن كثير مستنبطا من كلامه هو، عندما يقول فى ترجمة أبيه المتوفي سنة 703هـ " وكنت إذ ذاك صغيرا ابن ثلاث سنين أو نحوه، لا أدركه إلا كالحلم "، وهذا يرجح أن تكون ولادته سنة701هـ، وهو ما عليه أكثر المترجمين الآن.
نشأته وتربيته:
تدل كتب التراجم والتاريخ أن ابن كثير ـ رحمه الله ـ نشأ فى أسرة علمية متدينة، فكان أبوه " عمر بن كثير بن ضوء بن كثير البصروي " فقيه،أديب، شاعر، خطيبا فى القرية، ثم صار خطيبا ـ التي ولد فيها الابن ـ مجيدل، وكان الأب مشهور، ولقبه شهاب الدين، وكنيته أبو حفص.
ويظهر من كتب التراجم أيضا أن والده كان حريصا على تربية أولاده تربية دينية صحيحة، وأن يتوجهوا لدراسة العلوم الشرعية، ولذلك كان الأخ الاكبر لابن كثير، وهو عبد الوهاب فقيه، وتولي رعاية أخيه إسماعيل فرباه بعد وفاة أبيه، وهو ابن ثلاث سنين، ورحل الأخ الكبير عبد الوهاب مع صاحبنا ابن كثير إلي بصري ودمشق، وتفقه ابن كثير على أخيه عبد الوهاب فى مبدأ أمره.
وانصرف ابن كثير ـ رحمه الله ـ وهو فى دمشق إلي طلب العلم، وتحصيل المعارف، والتقي مع علمائها ومشايخه، إلي أن صحب محدث الديار الشامية فى عصره، أبا الحجاج جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن بن يوسف بن عبد الملك، المشهور بالمزي، الحافظ للحديث وإمام الحفاظ فلازمه، وأخذ عنه العلم الكثير، ثم تزوج ابنته، وسمع عليه أكثر تصانيفه، وهذا ما صرحت به معظم المصادر.
شيوخـــــــــــــه:
وتفقه بالشيخ برهان الدين إبراهيم بن عبدالرحمن الفزاري الشهير بابن الفركاح المتوفى سنة 729،هـ وسمع بدمشق من عيسى بن المطعم، ومن أحمد بن أبي طالب المعمر أكثر من مئة سنة الشهير بابن الشحنة، والحجار المتوفى سنة 730، ومن القاسم ابن عساكر، وابن الشيرازي واسحق ابن الآموي، ومحمد بن زراد، ولازم الشيخ جمال يوسف ابن الزكي المزي صاحب تهذيب الكمال واطراف الكتب الستة، المتوفى سنة 742، وبه انتفع وتخرج، وتزوج بابنته، وقرأ على شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية المتوفى سنة 728 كثيرا، ولازمه وأحبه وانتفع بعلومه وعلى الشيخ الحافظ المؤرخ شمس الدين الذهبي محمد بن أحمد بن قايماز المتوفى سنة 748، وأجاز له بمصر أبو موسى القرافي، والحسيني، وأبو الفتح الدبوس، وعلي ابن عمر الواني، ويوسف الختني، وغير واحد.
تلاميــــــــــــذه:
وتلاميذه كثر: منهم، ابن حجي، وقال فيه: «أحفظ من ادركناه لمتون لأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها وصحيحها وسقيمها، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك، وما اعرف اني اجتمعت به، على كثرة ترددي إليه، إلا واستفدت منه
وقال ابن العماد الحنبلي في كتابه شذرات الذهب: الحافظ الكبير عماد الدين، حفظ التنبيه وعمره 18 سنة، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وكان كثير الاستحضار، قليل النسيان، جيد الفهم، يشارك في العربية، وينظم نظما وسطا، قال فيه ابن حبيب: «سمع وجمع وصنف، وأطرب الأسماع بالفتوى وشنف، وحدث وأفاد، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد، واشتهر بالضبط والتحرير.
ثناء العلماء عليه:
قال الحافظ شمس الدين الذهبي في المعجم المختص: «الامام المفتى المحدث البارع، فقيه متفنن ومفسر نقال، وله تصانيف مفيدة».
وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: «اشتغل بالحديث مطالعة في متونه ورجاله وكان كثير الاستحضار، حسن المفاكهة، سارت تصانيفه في حياته، وانتفع الناس بها في حياته وبعد وفاته، ولم يكن على طريق المحدثين في تحصيل العوالي وتمييز العالي من النازل، ونحو ذلك من فنونهم، وإنما هو من محدثي الفقهاء
وعلق السيوطي على قول ابن حجر فقال: «العمدة في علم الحديث على معرفة صحيح الحديث وسقيمه وعلله واختلاف طرقه ورجاله جرحا وتعديلاً، وأما العالي والنازل ونحو ذلك: فهو من الفضلات لا من الأصول المهمة
وقال المؤرخ الشهير أبو المحاسن جمال الدين يوسف بن سيف الدين المعروف بابن تغري بردى الحنفي في كتابه المنهل الصاغ والمستوفى بعد الوافي: «الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء.. لازم الاشتغال، ودأب وحصل وكتب، وبرع في الفقه والتفسير والحديث، وجمع وصنف، ودرس وحدث وألف.
وقال عنه ابن الوزير في كتابه إيثار الحق علي الخلق " وينبغي ههنا مطالعة كتب قصص الأنبياء ومن أجودها كتاب ابن كثير البداية والنهاية. ويقول كذلك فالزنجاني والذهبي وابن كثير من أئمة الأثر وأئمة الشافعية وأهل السنة.
وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك، وأفتى ودرس إلى ان توفى»!واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رياسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير، وهو القائل:
تمر بنا الأيام تترى، وإنما نساق الى الآجال، والعين تنظر
فلا عائد ذاك الشباب الذي مضى..... ولا زائل هذا المشيب المكرر
ملامح شخصيته وأخلاقه:
لقد حبا الله عز وجل ابن كثير ـ رحمه الله ـ بكثير من الصفات الحميدة، والشمائل الكريمة، والخلال العذبة، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ، ومن هذه الصفات:
1- الحفظ: وهب الله عز وجل ابن كثير حافظة قوية، وذاكرة ممتازة، وموهبة متفوقة، فكان قادرا على حفظ العلوم، والمتون، واكتناز المعلومات،وظهر أثر ذلك في مصنفاته.
فقد حفظ ابن كثير القرآن الكريم وهو فى الحادية عشرة من عمره، وصرح بنفسه على ذلك، وحفظ التنبيه فى الفقه الشافعي، وعرضه سنة ثماني عشرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب فى أصول الفقه، وحفظ المتون المتنوعة فى العلوم، ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون، فقال شيخه الذهبي " ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ ومعرفة "
وقال عنه تلميذه ابن حجي " أحفظ من أدركناه لمتون الأحاديث ورجاله، وأعرفهم بجرحها وصحيحها وسقيمه، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك ".
2- الاستحضار: اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخري وهي صفة الاستحضار، مما يدل علي المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان، وهو من أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنف والفقيه.
لذلك كان ابن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم، حتى لفت نظر المحققين والمحدثين، فهو ينقل من مصادر عدة، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته،ويتصرف بذلك حسب مقتضي الحال والمقام.
3- الفهم الجيد: هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان، ومن التوفيق الرباني له، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص، والتقصي والدراسة، والاستيعاب، والاجتهاد، وتحري الدقة العلمية، مما تساعد صاحبها ـ مع فضل الله تعالي وتوفيقه ـ إلي الفهم الجيد، والإدراك الصحيح، والاستنتاج المقبول، لذلك يقول عنه تلميذه ابن حجي " وكان فقيها جيد الفهم، صحيح الذهن ".
4- خفة الروح: وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامة، ومن عوامل التفوق والنجاح فى التدريس والوعظ خاصة، وتدل على سماحة النفس، والاهتمام بالطلاب، والتخفيف عنهم، والترويح في التدريس.
5- الالتزام بالحديث والسنة: من صفات ابن كثير أنه كان حريصا على التزام السنة، والدعوة إلى اتباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه، ولا غرابة فى ذلك فهو المحدث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول (عليه الصلاة والسلام)، وكان ابن كثير رحمه الله يحارب البدع، ويدعو إلى تركه، ويساهم فى إنكاره، ويفرح لإبطاله، ويسجل هذه المشاعر والعواطف والمباديء فى كتبه ومصنفاته، وكان يتتبع البدع ويتألم لوجوده، ويسعي لإبطاله، ويهلل لإلغائه.
6- الخلق والفضيلة والموضوعية: كانت أخلاق ابن كثير رحمه الله حميدة، ويلتزم الفضائل والقيم، وسعة الصدر، والحلم، والصداقة المخلصة، والتقدير لشيوخه، فقد ترجم لعدد كبير منهم فى تاريخه، وأثني عليهم خير، وعدد مناقبهم، وأثبت فضائلهم، واعترف بالأخذ من الأساتذة، وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين.
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا من المباديء الإسلامية الرشيدة فى الدعوة والنصح والإرشاد، والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به لحديث رسول الله " من رأي منكم منكرا فليغيره............." ويتأكد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرعلى الدعاة والعلماء والمصلحين، ثم على الحكام والمحكومين.
وكان ابن كثير يعرف واجبه فى هذا الجانب الخطير، ويؤدي حقه فى مرضاة الله تعالي للحاكم والمحكومين، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب، ومرضاة الله تعالي، ولا يخشى فى الله لومة لائم، فيقول الحق، ويقرر الشرع، ويؤدي الأمانة، ويبلغ حكم الله تعالي في كل الأمور والظروف والأحوال، ولو كان الامر يتعلق بشؤون الحكم، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوي كبار العلماء، ويجعلونها ذريعة لتحقيق مآربهم.
8- إنصاف الخصوم: يقول الله عزوجل " إن الله يأمركم أنة تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل " والعدل مطلوب مع الحكام والقضاة ومع كل ذي ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجاته، وذلك بإنصاف الناس، وحتى الخصوم، وحينئذ يصبح الإنسان من السابقين إلي ظل الله يوم القيامة.
والعدل من الفضائل، وخاصة إذا كان مع الأمر مع الخصم، فهو أعلي درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه، وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة، وتدل علي أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه، ومراقبة الله تعالي في ذلك، حتي يجاهد نفسه فيخضعها للحق، ويقف بها عند جادة الصواب، ولا يستسلم لهواه وأهوائه.
وهذا ما حدث مع ابن كثير ـ رحمه الله ـ فى ترجمته لكثير من خصومه فى الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل، ولا يتجني عليهم، ولا ينقصهم صفة لهم، ومن الشواهد الكثيرة علي ذلك نجد في " البداية والنهاية " أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية...
وتشاء الظروف أن توجه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط فى أموال الأيتام، وطلب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوي ضده، لتغريمه ومحاكمته، ويصل الأمر إلي صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخلق الكريم، والموقف العادل، فيأبي الكتابة، وينصف قاضي القضاة، ويوقف الافتراء والاتهام إلي أن يتبين الحق، ويسجل ذلك في تاريخه فى أحداث سنة 743هـ.
9- الإصلاح الديني: نزل الإسلام صافيا من السماء، وبلغه رسوله (عليه الصلاة والسلام) حتي لحق بالرفيق الأعلي، وقد ترك أمته علبي المحجة البيضاء، والتزم الصحابة (رضوان اله عليهم) بهذا الطريق القويم، وأدوا الأمانة، ونشروا الإسلام فى الخافقين وسار التابعون، وتابعوا التابعين على نهجهم، فكانوا خير القرون فى تطبيق الإسلام، ونصاعة مبادئه، ثم بدأ يعلق به الغبار مع الأيام، وتضاف إليه بعض الأمور والتي لا تتفق مع جوهر الدين، وتلحق به البدع والخرافات شيئا فشيئ،وقد تستشري فى بعض الأحيان لتشوه صورة الإسلام النقية.
وهنا يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحون ينادون بالدعوة إلي تطبيق الإسلام، والعودة إلى مبادئه الصافية، وتطهيره من البدع والخرافات، وقد ظهر فى القرن السابع والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الاصلاحي، وكان الأشهر والأبرز فى هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية، وقف فى وجه البدع والخرافات الموجودة والمنتشرة في هذا الوقت، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية.
وكان من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس فى شأن ابن تيمية إلي فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية، وكثير من الفقهاء والقضاة، حتي وشوا به عند الحكام فوقف بعضهم بجانبه والبعض الآخر وقف ضده، وكان من الذين وقفوا مع ابن تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله.
نشاط ابن كثير العلمي:
كان وقت ابن كثير رحمه الله ـ مشغول، وأعماله كثيره، ولكنه كان عازفا عن المناصب الرسمية، أو الاشتغال فى الأعمالالحكومية، ومتفرغا للبحث العلمي، وكان ذلك ديدنه في شبابه ونشأته، وفي مراحل تكوينه، ولما استوي على سوقه، وبلغ من العلم شاوا كبير، وحصل المستوي اللائق فيه، بقي ملازما العلماء، ومستفيدا منهم، كشيخه المزي الذي بقي مصاحبا له ختي وفاته، ومثل شيخه ابن تيمية، والحافظ الذهبي، وابن القيم، وغيرهم، وعكف على العلم والتعلم والتعليم، وحصر نفسه فى المجال العلمي.
لذلك نري ابن كثير يتولي الأعمال التالية:
1- الإقراء: حفظ ابن كثير القرآن الكريم فى صغره، وختمه وهو فى السنة الحادية عشرة من عمره، وأتقن القاءة، وصار من القراء،، ويظهر أثر ذلك علميا فى كتابه "التفسير" وفيما كتبه فى "فضائل القرآن" ولذلك عده الداوودي من القراء، وترجم لخه في طبقاتهم التي ألفه، ولكن ابن الجزري لم يترجم لابن كثير في طبقات القراء، ثم تولي ابن كثير عمليا مشيخة الٌقراء بمدرسة أم الصالح.
2- التحديث: هذا جزء من عمل التدريس، ولكن يختص به بعض العلماء المعروفين بالحفظ والرواية، وممارسة التحديث، ويندر من يقوم بهذا العمل إلا الخواص المتخصصون به.
وكان ابن كثير ـ رحمه الله ـ حافظا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم، وكان محدث، لأنه سمع عددا كثيرا من المحدثين وأئمة الحفظ فى عصره فى الشام ومصر، وأخذ الحديث سماعى وإجازة، ثم مارسه، ووصف بانه " الحافظ المحدث ".
3- التدريس: تولي ابن كثير التدريس، وهو العمل الأساسي له الذي أعطاه اهتمامه، واتصل به مع الناس، ونفع الله به التلاميذ والطلاب، وحقق الخير علي يديه.
قال ابن تغري بردي عنه " وجمع وصنف ودرس "، وقد ولي ابن كثير ـ رحمه الله ـ التدريس فى المدرسة النجيبية المخصصة للشافعية بدمشق، وبدأ التدريس يوم الخميس 11 جمادي الاولي سنة 736هـ، والغالب أنه بقي يسكنها ويدرس فيها إلي لآخر عمره، مع أعماله الأخري.
4- الفتوي: وهي الإخبار بالحكم الشرعي، والفتوي أهم واجبات الفقيه، وهي منزلق خطير للخطأ والضلال من جهة ؛ ولذلك ورد فلى الحديث الشريف " أجرؤكم على الفتيا أجرؤكم علي النار " أي أن أكثركم جرأة وتسرعا فى الفتيا فهو الأسرع إلي النار ؛ لأنه لا يقدر عاقبة عدم إصابته للحق، بسرعته وعدم ترويه، أو عندما تكون الفتوي لغير وجه الله تعالي، او لبيان الباطل وتحريف الدين، أو مسايرة الناس والعوام والحكام والرؤساء، او بسبب الجهل بأحكام الدين.
وكان ابن كثير ـ رحمه الله ـ قد حصل الفقه الإسلامي من المذهب الشافعي على شيخه برهان الدين الفزاريوغيره،وأتقن معرفة الأحكام، وصنف فيه، وكان يمارس الفتوي بالحق والعدل، والصدق والأمانة، والإخلاص، حتي تركت فتاويه اصداء كثيرة، وأطلق عليه شيخه الذهبي " الفقيه المفتي "، وقال عنه ابن حبيب " وأطرب الأسماع بالفتوي، وقال الدكترو الندويس " كان ابن كثير من المفتين الكبار فى عصره ".
وهذا يدل على تمكن ابن كثير ـ رحمه الله بالفقه ومعرفة الأحكام الشرعية، وإخلاصه فى علمه وعمله، وثقة الناس به، وأخذ الطلاب عنه الفقه والإذن بالفتوي، وتوجيه القضاة والحكام الفتوي له فى القضايا المهمة والخطيرة.
5- التأليف والتصنيف: يظهر أن ابن كثير ـ رحمه الله ـ لم تشغله الأعمال السابقة عن هوايته الأولي فى التأليف والتصنيف، فكان حريصا على ذلك، ومتفرغا فى معظم الوقت للتصنيف، بعد أن ملك ناصيته، وحصل العلوم المختلفة، وتخصص فى الحديث والتفسير والتاريخ والفقه، وبلغ شأوا كبيرا فى النحو والأدب وعلوم العربية.
وكان ابن كثير رحمه الله قد توفرت فيه مؤهلات التأليف والتصنيف بدرجة عالية، فأنس به، وبذل فيه الجهد الكبير، وأعطاه ثمين الوقت، وأاكب على التدقيق والتمحيص، وقدم للبشرية إنتاجا غزيرا ثر، وكتبا نافعة مفيدة، أصبحت مرجعا لطلاب العلم والمعرفة فى عصره، واستمرت طوال القرون السبعة التي مضت، ولبا تزال المصدر الرئيس فى تخصصاتها إلي اليوم والمستقبل.
قال عنه ابن حجر "وسارت تصانيفه فى البلاد، وانتفع بها الناس بعد وفاته".
وقال الشوكاني "وقد انتفع الناس بمصنفاته، ولا سيما التفسير" وقال الزركلي "تناقل الناس تصانيفه في حياته".
ومما يؤكد ذلك أن كتب ابن كثير قد كارت فى الأقطار الإسلامية ما ذكره ابن كثيرر فى حوادث سنة 763هـ أن شابا أعجميا حضر من بلاد "تبريزوخراسان" ويزعم أنه يحفظ البخاري ومسلما وجامع المسانيد والكشاف للزمخشري، فهذا كتابه جامع المسانيد قد طار إلي أقصي المشرق فى بلاد تبريز وخراسان، وأن الشباب هناك يحفظونه، أو يحفظون شيئا منه.
6- المكانة العلمية والاجتماعية: تبوأ ابن كثير ـ رحمه الله ـ مكان الصدارة اجتماعيا وعلمي، وذلك لعلمه وفضله ومواقفه وآرائه، وعدله واعتداله فى النظر إلى الأمور، والحكم عليه، ولذلك كان يدعي مع علية القوم للأمور الهامة، والقضايا الخطيرة، ليشارك في المشاورة، ويبدي رايه فى الخلافات الجسيمة، كما كان يشارك في امتحان الطلبة فى التخصصات العالية، لما له من مكانة علمية، واحترام شعبي واجتماعي ورسمي.
وكان ابن كثير يحضر مجالس كبار العلماء فى عصره، مما يدل على مكانته العلمية الاجتماعية، فيقول عن حوادث سنة 766هـ ـتحت عنوان "عقد مجلس بسبب قاضي القضاة تاج الدين السبكي": ولما كان يوم الاثنين الرابع والعشرين من ربيع الأول عقد مجلس حافل بدار السعادة بسبب من رمي به قاضي القضاة تاج الدين الشافعي ابن قاضي القضاة السبكي، وكنت ممن طلب إليه، فحضرته فيمن حضر.... واستمر النظر فى القضية، واستمر إلي الشهر التالي، وحضره ابن كثير، وفيه تفاصيل انتهت بالصلح.
مؤلفات ابن كثير:
1- تفسير القرآن العظيم
وهو من أفيد كتب التفسير بالرواية، يفسر القرآن بالقرآن، ثم بالأحاديث المشهورة في دواوين المحدثين بأسانيدها، ويتكلم على أسانيدها جرحاً وتعديلا، فيبين ما فيها من غرابة أو نكارة أو، شذوذ غالبا، ثم يذكر آثار الصحابة والتابعين، قال السيوطي فيه: "لم يؤلف على نمطه مثله".
إن علم التفسير هو أحد علوم القرآن الكريم التيتعتبر أهم العلوم الشرعية على الإطلاق، وهي من العلوم الضرورية التي يحتاج إليها اكل مسلم، لأن القرىن الكريم هو الدعامة الأولي للعقيدة الإسلامية، والركيزة المتينة لبناء الإسلام، والمنبع الصفي للأخلاق، والمصدر الرئيس للعبادات والأخلاق.
بدأ ابن كثير اهتمامه بالقرآن الكريم منذ صغره فقد حفظ القرآن الكريم، وكان اهتمامه باللآثار وعلم السلف باعثا على معرفة أقوالهم فى كتاب الله عزوجل، كما كانت دراسته الفقهية المتفتحة مساعدا له علي تحري الأحكام الشرعية من مصدرها الاول "القرآن الكريم" وقام ان كثير بكتابة تفسير للقرآن الكريم هو المسمي "تفسير القرآن العظيم"، وهو من خير التفاسير، وقد احتل مكانة مرموقة فى المكتبة الإسلامية، وشهد له بذلك العلماء، وذاع صيت هذا الكتاب، وتداولته الايدي قديما وحدسيثا على مختلف المستويات العلمية والشعبية والدينية، وهو يقع فى أربع مجلدات كبيرة.
يقول السيوطي " له التفسير الذي لم يؤلف على نمطه مثله "، ويقول الاستاذ أحمد محمد شاكر " فإن تفسير ابن كثير أحسن التفاسير التي رأين، وأجودها وأدقه، بعد إمام المفسرين أبي جعفر الطبري "
منهج ابن كثير في تفسيره:
أ- تفسير الآية بعبارة سهلة، وبأسلوب مختصر، يوضح المعني العام للآية الكريمة.
ب- تفسير الآية بآية أخري إن وجدت، حتي يتبين المعني، ويظهر المراد، وقد يذكر ابن كثير عدة آيات فى تفسير الآية الأولي، وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعني، والمتحدة فى الموضوع، فتأتي الآيات المتناسبة فى مكان واحد.
ج- رواية الأحاديث بأسانيدها غالب، وبغير إسناد أحيانا لإلقاء الضوء النبوي علي معني الآية، لأن وظيفة الرسول (صلي الله عليه وسلم)التبليغ والبيان.
د- تفسير القرآن بأقوال الصحابة، يردف ابن كثير فى تغفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة فى تفسير هذه الآية،حسب المؤهلا ت التي يمتلكونه.
هـ ـ الاستئناس بأقوال التابعين وتابعي التابعين ومن يليهم من علماء السلف، وخاصة أهل القرون الأولي الذين شهد لهم النبي () بالخيرية، وحملوا الدعوة والإسلام.
وـ الإسرائيليات. نتج عن روايات بعض الصحابة وبعض التابعين وجود الاحاديث والروايات المأخوذة من مصادر اهل الكتاب، والتي تسمي الإسرائيليات، ومعظمها غير صحيح وغير معقول، وأكثرها غرائب وطرائف.وقد نتوه ابن كثير علي وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره، فقال " تذكر للاستشهاد لا للاعتضاد ".
وكان ابن كثير ينبه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارة يذكرها، ويعقب عليها بأنها دخيلة على الرواية الاسلامية، ويبين انها من الاسرائيليات الباطلة المكذوبة، وتارة لا يذكرها بل يشير إليها، ويبين رأيه فيها، وقد تأثر في هذا بشيخه ابن تيمية، وزاد على ما ذكره كثيرا، وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين ممن تنبه إلى الاسرائيليات والموضوعات، وحذر منها.
ولا عجب في هذا، فهو من مدرسة عرفت بحفظ الحديث، والعلم به رواية ودراية وأصالة النقد، والجمع بين المعقول والمنقول، وهي مدرسة شيخ الاسلام ابن تيميه وتلاميذه: ابن القيم والذهبي وابن كثير وأمثالهم.
زـ الأحكام الفقهية يتعرض ابن كثيرعند تفسيرآيات الأحكام إلي بيان الأحكام الشرعية، ويستطرد في ذكر اقوال العلماء وأدلتهم، ويخوض فى المذاهب ويعرض أدلتهم.
حـ ـ الشواهد اللغوية والشعرية: اعتمد ابن كثير علي الللغة العربية فى فهم كلام الله تعالي، فيجب أن يفسر حسب حسب مقتضي الألفاظ، واساليب اللغة، ودلالات الألفاظ، وشواهد الشعر التي تدل علي المعني وتوضح المراد.
ط ـ الأعلام والرجال: حرص ابن كثير على ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء، ليكون دقيقا في نقله، مع المحافظة على الأمانة العلمية، فجاء تفسيره زاخرا بأسماء العلماء وأعلام الرجال.
ك ــ قوة الشخصية: عرض ابن كثيرلأحاديث متعددة، وروايات كثيرة، وأقوال مختلفة، ولكنه لم يقف عند هذا الحد، بل كانت شخصيته العلمية واضحة وبارزة، وظاهرة، فكان يبين درجة الأحاديث، ويثبت صحة أكثره، ويضعف بعض الروايات، ويعدل بعض الرواة، ويجرح بعضا آخر، وكل ذلك لباعه الطويل فى فنون الحديث وأحوال الرجال، وسار على هذا النهج فى إراد الأحكام الفقهية، وآراء المذاهب فيعمد إلي بيان الراجح منه.
ى ـ الاقتباس: كان ابن كثير رحمه الله يعتمد علي من سبقه من المفسرين، وينقل عنهم، ويصرح بذلك، ومهم إمام المفسرين ابن جرير الطبري، وابن أبي حاتم، وابن عطية، وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية.
المآخذ على تفسير ابن كثير:
جاء تفسير ابن كثير ذخيرة علمية، ولكنه لم يخل من بعض المآخذ التي لاحظها العلماء:
1- الإطالة: فقد حرص ابن كثير رحمه الله تعالي علي ذكر الأسانيد كاملة، كما حرص على إيراد الروايات المتكررة فى الموضوع الواحد والاستعانة بالشواهد اللغوية، مما يؤدي إلي الملل، والتعب، والسآمة من الإطالة فى عرض تفصيلات وجوانب متفرعة ودقيقة، لا يستفيد منها غلا فئة معينة من العلماء والباحثين، وهذا ما دعا العلماء في هذا العصر إلى إختصار هذا التفسير.
2- الإسرائيليات: كان ابن كثير رحمه الله متنبها لأمر الإسرائيليات وخطره، وتعرض لها فى مقدمة كتابه، ومع ذلك فقد أوردها فى كتابه للاستئناس بها بحجة " الاستشهاد، لا الاعتضاد " وقد نبه فى معظم الأحيان عليه، ويذكر الرواية، ثم يصرح بأنها إسرائيلية، وقد بين بطلانه،، ولكن القاريء العادي سوف يقرأه، وقد لا يتنبه إلي كونها إسرائيلية، وقد تعلق بذهنه.ولذلك حرص المختصرون علي اختصار هذا التفسير إليإغفالها نهائي، وشطبها كلية.
2ـ اهتمام ابن كثير بالتاريخ. «البداية والنهاية».
يمثل التاريخ أحد مصادر المعرفة الغنسانية التي اهتم بها الناس، فتدارسوه، وألفوا مجالسه، واستمعوا أخباره، وصنفوا فيه، لأنه يرضي غريزة حب الاستطلاع في الأنسان، ويبعث على العبرة والتفكير فى الأحداث، فالعاقل من اتعظ بغيره، والمحنك من من تخطي تجارب غيره، فالتاريخ يعطي القاري والسامع نماذج من السلوك البشري بما فيه من غرائز وعواطف وميول، وسلوك وطموحات، وآمال، وآلام، مع بيان النتائج التي تترتب على كل تصرف.
وجاء القرآن الكريم بذكر ألأخبار الالمم الماضية، وفصص الأنبياء والمرسلين، ولكنه باختصار شديد يركز علي مواطن العبرة والعظة، ومكان الإثارة والاستفادة مع النص القرآني المكرر يقول تعالي " تلك القري نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله الله علي قلوب الكافرين " سورة الأعراف.
ومن هنا اتجه ابن كثير وعلماء المسلمين وأئمتهم إلي جمع الاخبار، ومعرفة الأماكن والأحوال التي أشارت إليها الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، واشتاقت نفوسهم إلي التوسع فى فهم القصص المذكورة فى القرآن عامة، وقصص الأنبياء خاصة، وفى ذات الوقت عنوا عناية كبيرة بسيرة الرسول (عليه الصلاة والسلام )، وما يتبعها من المغازي بشكل أخص.وهكذا نري العلاقة الوثيقة بين علم التاريخ، وعلم السيرة، وعلم مصطلح الحديث ورجاله وتراجمه، وكثبرا ما جمع العالم الواحد بين هذه التخصصات الثلاثة.
واهتم ابن كثير بالتاريخ فكتب " البداية والنهاية " حتي بز أقرانه، وتفوق علي سابقيسه ومعاصريه، واشتهر فى كتابه التاريخ كاشتهاره فى التفسير، وأصبح فى عداد المؤرخين الدمشقيين فى القرن الثامن، بل كان ألمعهم شهرة، وأكثرهم توفيقا وسداد، مخلصا فى عمله، موضوعيا فى بحثه.
مضمون البداية والنهاية:
هو كتاب فى التاريخ عامة، والتاريخ الإسلامي خاصة،فاشتمل علي تاريخ ما قبل الإسلام من بدء الخليقة وهو المقصود بالبداية ثم يذكر قصص الأنبياء، بدأ من قصة آدم عليه السلام، ثم أخبار الأمم السابقة، حتي وصل إلي السيرة النبوية تفصيل، مع التوسع فى سيرة الرسول (عليه الصلاة والسلام) ومعجزاته، وتابع المسيرة مع تاريخ المسلمين فى العهد الراشدي،فالأموي، فالعباسي، وما زامنه من العهد الفاطمي والأيوبي، ثم المملوكي.
ورتب ابن كثير كتابه حسب السنين، فيقول: ثم بدأت سنة كذ، ويذكر الأحداث المهمة فيها بما يتعلق بالدولة والأحداث التاريخية والخارجية، والحروب والأوبئة والمجاعات، ثم يتعرض لوفيات تلك السنة بالإيجاز والاختصار، وترجمة الخلفاء والأمراء والعلماء والأعلام، دون استيعاب، حتي وصل إلي نهاية حوادث سنة 767 هـ، ويأتي بعد ذلك بأخبار نهاية العالم والأمم، وهو المراد بالنهاية، وبذلك يكون المضمون متفقا مع العنوان "البداية والنهاية ".
إن شهرة ابن كثير فى التاريخ لاتقل أهمية عن شهرته فى التفسير،فالكتاب قيم ومفيد، ويأتي فى طليعة كتب التاريخ العام، والتاريخ الإسلامي، وخاصة ان صاحبه مفسر أول، ومحدث ثاني، وخبير بالسيرة النبوية ثالث، ويتمتع بالصفات المؤهلة للتأليف والتصنيف مع الحياد والموضوعية، والاعتماد على القرآن الكريم والسنة، وتحليل الأحداث من منظور إسلامي، مما جعل هذا الكتاب محل الاهتمام والاعتبار فى العالم قديما وحديث، وعكف عليه العلماء والباحثون والدارسون والعلماء، ولذلك قال عنه الشوكاني " وله التاريخ المشهور " مع الأسلوب الواضح، والتوثيق، وحسن الاختيار.
قال عنه ابن تغرى بردى: وهو في غاية الجودة.. وعليه يعول البدر العينى في تاريخه.
المآخذ علي كتاب البداية والنهاية.
وردت بعض المآخذ على كتاب البداية والنهاية منه:
1- عدم التوازن في تقسيم الكتاب، والتوسع فى جانب، والاختصار فى جانب آخر.
2 - عدم شمول الوفيات فيه للعلماء والأعلام الذين ماتوا.
3- إن تقسيم الأحداث حسب السنين، تضطر المطلع إلي بذل مجهود كبير، ليجمع أشتات حادثة معينة وقعة في سنين متفرقة، أو جمع حوادث مصر معين في عدة سنين.
باقي مؤلفات ابن كثير:
3ـ كتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء والمجاهيل) جمع فيه كتابي شيخيه المزي والذهبي، وهما (تهذيب الكمال في أسماء الرجال) و(ميزان الاعتدال في فقد الرجال)، مع زيادات مفيدة في الجرح والتعديل.
4ـ كتاب (الهدى والسنن في أحاديث المسانيد والسنن) وهو المعروف بجامع المسانيد جمع فيه بين مسند الإمام أحمد والبزار وأبي يعلى وابن أبي شيبة مع الكتب الستة: الصحيحين والسنن الأربعة. ورتبه على الأبواب
5ـ (طبقات الشافعية) مجلد وسط، ومعه مناقب الشافعي.
6ـ وخرج أحاديث أدلة التنبيه في فقه الشافعية.
7ـ وخرج أحاديث أدلة التنبيه في فقه الشافعية
8 ـ وشرع في شرح البخاري ولم يكمله
9ـ وشرع في كتاب كبير في الأحكام ـ وصل فيه إلى الحج.
10ـ واختصر كتاب ابن الصلاح في علوم الحديث ـ سماه (الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث) والذي قال فيه الحافظ ابن حجر: وله فيه فوائد
11ـ ومسند الشيخين ـ يعني أبا بكر وعمر.
12، 13 ـ السيرة النبوية، مطولة ومختصرة، وقد أشار إلى ذلك في تفسيره لسورة الأحزاب عند بيانه لقصة غزوة الأحزاب، اما السيرة الصغيرة فمفقودة وفيما يتعلق بالسيرة الطويلة فانه يبدو وأن المؤلف ادمجها في كتابه «البداية والنهاية» بعد ان كتبها أولا في صورة مستقلة وقد سجل المحققون
ـ ومنهم الدكتور مصطفى عبدالواحد ـ ملاحظات على هذه السيرة منها:
1ـ إنه ـ أي الحافظ ابن كثير ـ لا يبالي برواية كثير من الأخبار الواهية ـ خاصة أخبار الجاهلية وقصص الجان وما إلى ذلك.. وكان يبريء نفسه
أ ـ بذكر السند في كل خبر فيلقي بذلك التبعة على غيره.
ب ـ إنه كان يعلق على الأخبار ـ بحكم أنه حافظ متقن خبير بالأسانيد والرجال، بمثل قوله (غريب جدا) أو (لم يخرجوه) أو (منكر) أو (شديد النكارة) أو (شديد الغرابة) أو (ضعيف) أو (شديد الضعف) أو (تفرد به فلان وهو مجهول).. الخ
وقد ضم الكتاب كذلك، كثيراً من الأشعار التي يغلب عليها الصنعة والتكلف مع كثير من الأخبار الأسطورية التي لا تتناسب مع ما وصلت إليه البشرية من تقدم، كما كان يكرر أحيانا الخبر الواحد، أو الرواية في أكثر من موضع لتعدد المناسبة أو لتعدد طرقه.!
14ـ رسالة في الجهاد ـ مطبوعة..
15ـ قصص الأنبياء، وهو جانب من جوانب البداية والنهاية، جعل مصدره الأول فيه القرآن، ورفض روايات أهل الكتاب ومخالفاتهم للقرآن واصفا إياها بالكذب والبهتان، ويحقق الأحاديث والسنن المروية في شأن الأنبياء، وهكذا يعتبر كتاب قصص الأنبياء هو أسلم الكتب من حيث صحة المصادر
وفاتـــــــــــــه:
اتفق المؤرخون على أن ابن كثير رحمه الله توفى بدمشق يوم الخميس السادس والعشرين من شعبان سنة 774 هـ الموافق 1373م عن أربع وسبعين سنة، وكانت جنازته حافلة ومشهودة، ودفن بوصية منه فى تربة شيخ الإسلام ابن تينمية لمحبته له، وتأثره به،، لينعم بجواره حيا وميت.
وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال:
لفقدك طلاب العلوم تأسفوا وجادوا بدمع لا يبيد كثير
ولو مزجوا ماء المدامع بالدما لكان قليلا فيك يا ابن كثير
رحمه الله رحمة واسعة وجزاه الله عن الإسلام والقرآن خير الجزاء.



المصدر: موقع قصة الإسلام
  #2  
قديم 19-07-2010, 01:03 PM
الصورة الرمزية ايه كمال
ايه كمال ايه كمال غير متواجد حالياً
مدرس اللغة الانجليزية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 8,564
معدل تقييم المستوى: 23
ايه كمال is on a distinguished road
افتراضي

__________________
  #3  
قديم 19-07-2010, 08:52 PM
الصورة الرمزية faten forever
faten forever faten forever غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,104
معدل تقييم المستوى: 25
faten forever is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ايه كمال مشاهدة المشاركة



شكرا لمرورك الكريم
  #4  
قديم 19-07-2010, 08:56 PM
الصورة الرمزية faten forever
faten forever faten forever غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,104
معدل تقييم المستوى: 25
faten forever is on a distinguished road
افتراضي الإمام أبو حنيفة

الإمام أبو حنيفة





نسبه وقبيلته:
هو النعمان بن ثابت بن المرزُبان، وكنيته أبو حنيفة، من أبناء فارس الأحرار، ينتسب إلى أسرة شريفة في قومه، أصله من كابل - عاصمة أفغانستان اليوم - أسلم جده المرزبان أيام عمر رضي الله عنه، وتحوّل إلى الكوفة واتخذها سكنًا.
مولده ونشأته:
ولد أبو حنيفة رحمه الله بالكوفة سنة ثمانين من الهجرة على القول الراجح، سنة 699م.
ونشأ رحمه الله بالكوفة في أسرة مسلمة صالحة غنية كريمة، ويبدو أنه كان وحيد أبويه، وكان أبوه يبيع الأثواب في دكان له بالكوفة، ولقد خلف أبو حنيفة أباه بعد ذلك فيه.
حفظ أبو حنيفة القرآن الكريم في صغره، شأن أمثاله من ذوي النباهة والصلاح.
حين بلغ السادسة عشر من عمره خرج به أبوه لأداء فريضة الحج وزياة النبي صلى الله عليه وسلم ومسجده، فعن أبي يوسف قال: سمعت أبا حنيفة يقول: حججت مع أبي سنة ست وتسعين، ولي ست عشرة سنة، فإذا أنا بشيخ قد اجتمع عليه الناس، فقلت لأبي: من هذا الشيخ؟ قال: هذا رجل قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم، يُقال له عبدالله بن الحارث بن جَزء الزبيدي، فقلت لأبي: قدمني إليه، فتقدم بين يدين فجعل يفرج عني الناس حتى دنوت منه، فسمعت منه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تفقه في دين الله كفاه الله همه، ورزقه من حيث لا يحتسب".
وكان أول ما اتجه إليه أبو حنيفة من العلوم علم أصول الدين ومناقشة أهل الإلحاد والضلال، ولقد دخل البصرة أكثر من سبع وعشرين مرة، يناقش تارة ويجادل ويرد الشبهات عن الشريعة تارة أخرى، وكان يدفع عن الشريعة ما يريد أهل الضلال أن يلصقوه بها، فناقش جهم بن صفوان حتى أسكته، وجادل الملاحدة حتى أقرّهم على الشريعة، كما ناظر المعتزلة والخوارج فألزمهم الحجة، وجادل غلاة الشيعة فأقنعهم.
مضى رحمه الله في هذه السبيل من علم الكلام وأصول الدين، ومجادلة الزائغين وأهل الضلال، حتى أصبح علمًا يُشار إليه بالبنان وهو ما يزال في العشرين من عمره، وقد اتخذ حلقة خاصة في مسجد الكوفة، يجلس إليه فيها طلاب هذا النوع من العلوم.
ثم توجه أبو حنيفه رحمه الله إلى علم الفقه وكان سبب توجهه إليه ما رواه عنه زُفَر رحمه الله تعالى، قال: سمعت أبا حنيفة يقول: كنت أنظر في الكلام حتى بلغت فيه مبلغًا يُشار إلي فيه بالأصابع، وكنا نجلس بالقرب من حلقة حماد بن أبي سليمان، فجاءتني امرأةٌ يومًا فقالت: رجل له امراة أراد أن يطلقها للسنة كم يطلقها؟
فأمرتها أن تسأل حمادًا ثم ترجع فتخبرني، فسألت حمادًا فقال: يطلقها وهي طاهرة من الحيض والجماع تطليقة، ثم يتركها حتى تحيض حيضتين - بعد الحيضة الأولى فهي ثلاث حِيَض - فإذا اغتسلت فقد حلت للأزواج، فرجَعَتْ فأخبرتني، فقلت: لا حاجة لي في الكلام - أي في علم الكلام -، وأخذت نعلي فجلست إلى حمّاد أسمع مسائله، فأحفظ قوله، ثم يعيدها من الغد فأحفظ ويخطيء أصحابه، فقال: لا يجلس في صدر الحلقة بحذائي غير أبي حنيفة.
ملامح شخصيته وأخلاقه:
كان زاهدا ورعا أراده يزيد بن هبيرة أمير العراق أيام مروان بن محمد أن يلي القضاء فأبى وأراده بعد ذلك المنصور العباسي على القضاء فامتنع وقال: لن أصلح للقضاء فحلف عليه المنصور ليفعلن فحلف أبو حنيفة أنه لن يفعل فحبسه المنصور...
وكان واسع العلم في كل العلوم الإسلامية وهو الذي تجرد لفرض المسائل وتقدير وقوعها وفرض أحكامها بالقياس وفرع للفقه فروعا زاد في فروعه وقد تبع أبا حنيفة جل الفقهاء بعده ففرضوا المسائل وقدروا وقوعها ثم بينوا أحكامها وكان أبو حنيفة يتشدد في قبول الحديث ويتحرى عنه وعن رجاله فلا يقبل الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا رواه جماعة عن جماعة أو إذا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به.
ورعه و تقواه و عبادته لله تعالى:
قال ابن المبارك: قلتُ لسفيان الثوري: ما أبعد أبا حنيفة عن الغيبة، ما سمعتُه يغتاب عدواً له. قال: والله هو أعقل من أن يسلِّط على حسناته ما يذهب بها.
كان أبو حنيفة يختم القرآن في كل يوم ثم حين اشتغل بالأصول والاستنباط و اجتمع حوله الأصحاب أخذ يختمه في ثلاث في الوتر.
صلى أبو حنيفة ثلاثين سنة صلاة الفجر بوضوء العتمة وحج خمساً وخمسين حجة.
قال مِسْعَر بن كِدَام: رأيتُ الإمام يصلي الغداة ثم يجلس للعلم إلى أن يصلي الظهر ثم يجلس إلى العصر ثم إلى قريب المغرب ثم إلى العشاء، فقلتُ في نفسي متى يتفرغ للعبادة؟ فلما هدأ الناس خرج إلى المسجد وكان بيته بجوار المسجد الذي يؤم فيه حسبة لله تعالى. فانتصب للصلاة إلى الفجر ثم دخل فلبس ثيابه.
وكانت له ثياب خاصة يلبسها لقيام الليل وخرج إلى صلاة الصبح ففعل كما فعل، ثم تعاهدته على هذه الحالة فما رأيته مفطراً ولا بالليل نائماً.
وكان يغفو قبل الظهر إغفاءة خفيفة، وقرأ ليلة حتى وصل إلى قوله تعالى: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] فما زال يرددها حتى أذَّن الفجر. وردد قوله تعالى: {بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]، ليلة كاملة في الصلاة. وقالت أم ولده: ما توسَّد فراشاً بليل منذ عرفتُه وإنما كان نومه بين الظهر و العصر في الصيف وأول الليل بمسجده في الشتاء.
شيوخــــــــــــه:
بلغ عدد شيوخ أبي حنيفة رحمه الله أربعة آلاف شيخ، فيهم سبعة من الصحابة، وثلاثة وتسعون من التابعين، والباقي من أتباعهم، ولا غرابة في هذا ولا عجب، فقد عاش رحمه الله تعالى سبعين سنة، وحج خمسًا وخمسين مرة، وموسم الحج يجمع علماء العالم الإسلامي في الحرمين الشريفين، وأقام بمكة رحمه الله تعالى حين ضربه ابن هبيرة على تولّي القضاء بالكوفة ثم هرب منه ست سنين، وكانت الكوفة مركز علم وحديث تعجّ بكبار العلماء.
وقد كان الإمام رحمه الله حريصًا على اللقي والاستفادة من العلم وأهله، وقد تيسّر له في خمس وخمسين سنة أن يلتقي بأربعة آلاف شيخ، وأن يأخذ عنهم ما بين مكثر منه ومُقِلّ، ولو حديثًا أو مسألة، وقال الإمام أبو حفص الكبير بعد أن ذكر عدد شيوخ الإمام رحمه الله: وقد صنّف في ذلك جماعة من العلماء ورتبوهم على ترتيب حروف المعجم.
وأستاذ الإمام أبي حنيفة هو حماد بن أبي سليمان جاء في "المغني": هو أبو إسماعيل، كوفي يُعدّ تابعيًا سمع أنسًا والنخعي وكان أعلمهم برأي النخعي، روى عنه المنصور والحكم وشعبة والثوري، مات سنة عشرين ومائة، قال ابن معين: حماد ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق، وقال العِجلي: كوفي ثقة كان أفقه أصحاب إبراهيم.
روى عنه أبو حنيفة رحمه الله ألفي حديث من أحاديث الأحكام، وأكثر من ثلث أحاديث الإمام في مسنده الذي جمعه الحَصْكَفي، هي برواية الإمام عنه عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري، عن الأسود عن عائشة رضي الله عنهم.
من شيوخه رحمه الله أيضًا: إبراهيم بن محمد المنتشر الكوفي، وإبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي، وأيوب السختياني البصري، والحارث بن عبد الرحمن الهمذاني الكوفي وربيعة بن عبد الرحمن المدني المعروف بربيعة الرأي، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أحد الفقهاء السبعة، وسعيد بن مسروق والد سفيان الثوري، وسليمان بن يسار الهلالي المدني وعاصم بن كليب بن شهاب الكوفي... وغيرهم الكثير.
تلامذتـــــــــــــه:
روى عنه جماعة منهم ابنه حماد وإبراهيم بن طهمان، وإسحاق بن يوسف الازرق، وأسد بن عمرو القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وحمزة الزيات، وداود الطائي، وزفر، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن الشيباني، وهشيم، ووكيع، وأبو يوسف القاضي، وغيرهم كثير...
منهجه في البحث:
ابتكر الإمام أبو حنيفة رحمه الله نموذجًا منهجيًا في تقرير مسائل الاجتهاد، وذلك عن طريق عرض المسألة على تلاميذ العلماء في حلقة الدرس ليدلي كل بدلوه، ويذكر ما يرى لرأيه من حجة، ثم يعقّب هو على آرائهم بما يدفعها بالنقل أو الرأي، ويصوّب صوابأهل الصوابن ويؤيده بما عنده من أدلةٍ، ولربما تقضّت أيام حتى يتم تقرير تلك المسألة، وهذه هي الدراسة المنهجية الحرة الشريفة التي يظهر فيها احترام الآراء، ويشتغل فيها عقل الحاضرين من التلامذة، كما يظهر علم الأستاذ وفضله، فإذا تقررت مسألة من مسائل الفقه على تلك الطريقة، كان من العسير نقدها فضلًا عن نقضها.
وقال الموفّق المكي:
وضع أبو حنيفة رحمه الله مذهبه شورى بينهم، لم يستبد فيه بنفسه دونهم اجتهادًا منه في الدين ومبالغة في النصيحة لله ولرسوله والمؤمنين، فكان يلقي مسألة مسألة، يقلّبها ويسمع ما عندهم ويقول ما عنده وربما ناظرهم شهرًا أو أكثر من ذلك، حتى يستقر أحد الأقوال فيها، ثم يثبتها القاضي أبو يوسف في الأصول، حتى أثبت الأصول كلها، وغذا أُشكلت عليه مسألة قال لأصحابه: ما هذا إلا لذنب أذنبته ويستغفر، وربما قام وصلّى، فتنكشف له المسألة، ويقول: رجوتُ أنه تيب عليَّ، فبلغ ذلك الضيل بن عياض فبكى بكاءًا شديدًا، ثم قال: ذلك لقلة ذنبه، أما غيره فلا ينتبه لهذا.
آراء العلماء فيه:
قال وقيع بن الجرّاح شيخ الشافعي: كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رِضَى الله تعالى على كل شيءٍ، ولو أخذته السيوف في الله تعالى لاحتملها.
وقال الإمام الشافعي: ما طلب أحد الفقه إلا كان عيالًا على أبي حنيفة، وما قامت النساء على رجل أعقل من أبي حنيفة.
وقال الإمام أحمد بن حنبل: إن أبا حنيفة من العلم والورع والزهد وإيثار الآخرة بمحل لا يدركه أحد، ولقد ضرب بالسياط ليلي للمنصور فلم يفعل، فرحمة الله عليه ورضوانه.
وقال الإمام أبو يوسف: كانوا يقولون: أبو حنيفة زينه الله بالفقه والعلم والسخاء والبذل وأخلاق القرآن التي كانت فيه.
وقال عنه الإمام سفيان الثوري: ما مقلت عيناي مثل أبي حنيفة.
وقال عنه يحيى بن سعيد القطان إمام الجرح والتعديل: إن أبا حنيفة - والله - لأعلم هذه الأمة بما جاء عن الله ورسوله.
وقال عنه الحافظ ابن كثير: هو أحد أئمة الاسلام، والسادة الاعلام، وأحد أركان العلماء، وأحد الائمة الأربعة أصحاب المذاهب المتنوعة، وهو أقدمهم وفاة، لأنه أدرك عصر الصحابة، ورأى أنس بن مالك، قيل وغيره، وذكر بعضهم أنه روى عن سبعة من الصحابة...
وفاتـــــــــــه:
توفي رحمه الله ببغداد سنة 150 هـ الموافق 767 م يقول ابن كثير: وصُلّي عليه ببغداد ست مرات لكثرة الزحام، وقبره هناك رحمه الله.
  #5  
قديم 20-07-2010, 09:54 AM
mahmoudasus mahmoudasus غير متواجد حالياً
موقوف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 2,139
معدل تقييم المستوى: 0
mahmoudasus is on a distinguished road
افتراضي







  #6  
قديم 21-07-2010, 02:04 PM
الصورة الرمزية faten forever
faten forever faten forever غير متواجد حالياً
نـجــم الـعـطــاء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 9,104
معدل تقييم المستوى: 25
faten forever is on a distinguished road
افتراضي الإمام أبو داود

الإمام أبو داود



نسبه وموطنه:
هو الإمام الثبت، أبو داود، سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي السجستاني، أحد حفاظ الحديث وعلمه وعلله، صاحب السنن.
والسجستاني: بكسر السين المهملة والجيم وسكون السين الثانية وفتح التاء المثناة من فوقها وبعد الألف نون، هذه النسبة إلى سجستان، الإقليم المشهور إلى جنوبي خراسان، والمزاحم للهند.
وفي ذلك الإقليم وفي سنة اثنتين ومائتين من الهجرة كانت ولادة أبي داود، وهو والد أبي بكر عبد الله بن أبي داود، من أكابر الحفاظ ببغداد، وكان عالماً متفقاً عليه، إمام ابن إمام، وله كتاب "المصابيح".
تربيته وأخلاقه:
نشأ أبو داود رحمه الله محبا للعلم شغوفا به، وكان همه منذ نعومة أظافره طلب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدوينه، وقد بدت عليه أمارات النجابة منذ صباه، حتى إنه وهو في أيام حداثته وطلب الحديث جلس في مجلس بعض الرواة يكتب، فدنا رجل إلى محبرته وقال له: أستمد من هذه المحبرة، فالتفت إليه وقال: أما علمت أن من شرع في مال أخيه بالاستئذان فقد استوجب بالحشمة الحرمان، فسمي ذلك اليوم حكيماً.
ولشغفه الكبير بالعلم وحبه له فقد كان له كم واسع وكم ضيق، فقيل له: يرحمك الله ما هذا؟! فقال: الواسع للكتب والآخر لا نحتاج إليه.
ولكونه من من تلامذة الإمام البخاري فقد كان له تأثير خاص فيه؛ إذ أنه أفاد منه أيما إفادة، وقد سلك في العلم سبيله، وفوق ذلك فكان يشبه الإمام أحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته، حتى قال بعض الأئمة: كان أبو داود يشبه بأحمد بن حنبل في هديه ودله وسمته، وكان احمد يشبه في ذلك بوكيع، وكان وكيع يشبه في ذلك بسفيان، وسفيان بمنصور، ومنصور بإبراهيم، وإبراهيم بعلقمة، وعلقمة بعبد الله بن مسعود، وقال علقمة: كان ابن مسعود يشبه بالنبي صلى الله عليه وآله في هديه ودله.
وقد قال عنه ابن خلكان: كان في الدرجة العالية من النسك والصلاح.
شيوخــــــــــــــــــه:
كغيره من علماء عصره وكسنة متبعة وبالأخص بين علماء الحديث، فقد طوف أبو داود البلاد، وارتحل إلى أمصار الحضارة الإسلامية في طلب الحديث ومشافهة الشيوخ والتلقي عليهم، ولقي خلال هذه الرحلات عددًا كبيرًا من كبار الحفاظ والمحدثين، فكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين، وسمع أبا عمر الضرير، ومسلم بن إبراهيم، وأحمد بن حنبل، وعبد الله بن مسلمة القعنبى، وعبد الله بن رجاء، وأبا الوليد الطيالسي، وأحمد بن يونس، وأبا جعفر النفيلى، وأبا توبة الحلبي، وسليمان بن حرب، وخلقا كثيرا بالحجاز والشام ومصر والعراق والجزيرة والثغر وخراسان.
تلاميــــــــــــــــــــذه:
حين وهب أبو داود حياته لعلم الحديث كان له تلاميذ كثيرون، يتعلمون منه ويروون عنه، وكان أشهر من روى عنه وتتلمذ على يده الإمام الترمذي، والإمام النسائي، وابنه الإمام أبي بكر بن أبى داود، وأبو عوانة، وأبو بشر الدولابى، وعلى بن الحسن بن العبد، وأبو أسامة محمد بن عبد الملك، وأبو سعيد بن الأعرابي، وأبو علي اللؤلؤي، وأبو بكر بن داسه، وأبو سالم محمد بن سعيد الجلودى، وأبو عمرو أحمد بن على، وغيرهم.
وقد كتب عنه شيخه الإمام أحمد بن حنبل حديث العتيرة، وهو الحديث الذي رواه عن عن أبي العشر الدارمي عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن العتيرة فحسنها.
قال بن أبي داود قال أبي: فذكرته لأحمد بن حنبل فاستحسنه وقال: هذا حديث غريب وقال لي: اقعد فدخل فأخرج محبرة وقلماً وورقة وقال: أمله علي فكتبه عني، قال: ثم شهدته يوماً آخر وجاءه أبو جعفر بن أبي سمينة فقال له أحمد بن حنبل: يا أبا جعفر، عند أبي داود حديث غريب اكتبه عنه، فسألني فأمليته عليه.
وفي أمر العتيرة فقد قال أَبو عبيد: العَتِيرة هي الرَّجَبِيَّة، وهي ذبيحة كانت تُذْبَح في رجب يتَقَرَّب بها أَهلُ الجاهلية ثم جاء الإِسلام فكان على ذلك حتى نُسخَ بعد، قال: والدليل على ذلك حديث مخنف بن سُلَيم قال: سمعت رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنّ على كل مسلم في كل عام أَضْحاةً وعَتِيرَةً، قال أَبو عبيد: الحديث الأَول أَصح، قال الخطابي: العَتيرةُ في الحديث شاة تُذْبَح في رجب، وهذا هو الذي يُشْبِه معنى الحديث ويَلِيق بحكم الدِّين، وأَما العَتِيرة التي كانت تَعْتِرُها الجاهلية فهي الذبيحة التي كانت تُذْبَح للأَصنام ويُصَبُّ دَمُها على رأْسها.
مؤلفاتـــــــــــه:
كان أبو داود رحمه الله من المكثرين في التأليف وبالذات في فنون علم الحديث رواية ودراية، فمن مؤلفاته: دلائل النبوة، وكتاب التفرد في السنن، وكتاب المراسيل، وكتاب المسائل التي سئل عنها الإمام أحمد، وله أيضا ناسخ القرآن ومنسوخه، وذكر الزركلي في الأعلام أن له كتاب الزهد، وقد رمز له بحرف (خ) دليل على أنه مخطوط، وذكر أنه في خزانة القرويين برقم (80 / 133) وبخط أندلسي، وذكر أيضا أن له البعث، وقال أنه رسالة، ورمز له كذلك بما يشير أنه مخطوط، وأيضا تسمية الأخوة، وقال إنها رسالة، ورمز لها كذلك بما يشير أنها مخطوط.
سنن أبي داود.. مكانته ومنهجه فيه:
بالإضافة إلى التواليف السابقة فإن الذي طير اسم أبي داود وزاده شهرة هو كتابه العظيم المعروف بسنن أبي داود، وهو كتاب يأتي في المرتبة بعد صحيح البخاري وصحيح مسلم في الشهرة والمكانة، وقد عُدّ أول كتب السنن المعروفة، وهي سنن أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وقد بلغت أحاديث هذا الكتاب ثمانمائة وأربعة آلاف حديث، صنفه وانتقاه من أصل خمسمائة ألف (500,000) حديث؛ ولذا فيُعد الكتاب من مظان الحديث الحسن.
وقد رتب أبو داود كتابه على كتب وأبواب، فشمل خمسة وثلاثين كتابًا، وواحدا وسبعين وثمانمائة وألف (1871) باب.
وفي "السنن" لم يقتصر أبو داود على الصحيح، بل خَرَّج فيه الصحيح، والحسن، والضعيف، وقد وضح منهجه فيه فقال: ذكرت في كتابي الصحيح وما يشبهه وما يقاربه، قال: وما كان فيه وهن شديد بيّنته، وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح، وبعضها أصح من بعض.
وقد اختلفت الآراء في قول أبي داود: "وما لم أذكر فيه شيئًا فهو صالح" هل يستفاد منه أن ما سكت عليه في كتابه هل هو صحيح أم حسن؟ وقد اختار ابن الصلاح والنووي وغيرهما أن يحكم عليه بأنه حسن ما لم ينص على صحته أحد ممن يميز بين الصحيح والحسن.
وقد تأمل العلماء سنن أبي داود فوجدوا أن الأحاديث التي سكت عنها متنوعة، فمنها الصحيح المخرج في الصحيحين، ومنها صحيح لم يخرجاه، ومنها الحسن، ومنها أحاديث ضعيفة أيضًا لكنها صالحة للاعتبار ليست شديدة الضعف، فتبين بذلك أن مراد أبي داود من قوله "صالح" المعنى الأعم الذي يشمل الصحيح والحسن، ويشمل ما يعتبر به ويتقوى لكونه يسير الضعف. وهذا النوع يعمل به لدى كثير من العلماء، مثل أبي داود وأحمد والنسائي، وإنه عندهم أقوى من رأي الرجال.
وإذا نظرنا في كتابه وجدناه يعقب على بعض الأحاديث ويبين حالها، وكلامه هذا يعتبر النواة الصالحة التي تفرع عنها علم الجرح والتعديل فيما بعد، وأصبح بابا واسعا في أبواب مصطلح الحديث.
وقد جمع أبو داود كتابه هذا قديماً، وحين فرغ منه عرضه على الإمام أحمد بن حنبل، رضي الله عنه فاستجاده واستحسنه، والفقهاء لا يتحاشون من إطلاق لفظ (الصحاح) عليها وعلى (سنن الترمذي)، لا سيما (سنن أبي داود).
وفي مكانة هذا الكتاب فقد أبلغ زكريا الساجي حين قال: "كتاب الله أصل الإسلام، وسنن أبى داود عهد الإسلام".
وقد أقبل العلماء على كتاب سنن أبي داود بالشرح والتعليق والدراسة، فمن هذه الشروح ما يلي:
- "معالم السنن": لأبي سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي، المتوفى سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة من الهجرة، أوله: (الحمد لله الذي هدانا لدينه وأكرمنا بسنة نبيه... الخ)، وقد لخصه الحافظ شهاب الدين أبو محمود، أحمد بن محمد بن إبراهيم المقدسي، المتوفى سنة خمس وستين وسبعمائة، وسماه: (عجالة العالم من كتاب المعالم).
- "مرقاة الصعود إلى سنن أبي داود": للحافظ جلال الدين السيوطي، المتوفى سنة إحدى عشر وتسعمائة من الهجرة.
- "فتح الودود على سنن أبي داود": لأبي الحسن نور الدين بن عبد الهادي السندى، المتوفى سنة ثمان وثلاثين ومائة وألف من الهجرة.
- "إنحاء السنن واقتفاء السنن في شرح سنن أبي داود": لأحمد بن محمد بن إبراهيم بن هلال المقدسي الخواص، المتوفي سنة خمس وستين وسبعمائة من الهجرة.
- "عون المعبود في شرح سنن أبي داود": لمحمد شمس الحق عظيم آبادى.
وقد اختصرها زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي الحافظ المنذري، المتوفى سنة ست وخمسين وستمائة، وسماه: (المجتبى)، وألف السيوطي عليه كتابا سماه: (زهر الربى على المجتبى)، وله عليها حاشية أيضا.
وهذبه أيضا محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية الحنبلي، المتوفى سنة إحدى وخمسين وسبعمائة.
ثناء العلماء عليه:
حاز أبو داود على إعجاب معاصريه وثقتهم، وقد عدّه الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "طبقات الفقهاء" من جملة أصحاب الإمام أحمد بن حنبل، وقال عنه إبراهيم الحربي لما صنف كتاب "السنن": "أُلِين لأبي داود الحديث كما ألين لداود الحديد"، وكذلك قال محمد بن إسحاق الصاغانى.
وقريب من ذلك أيضا عبر الحافظ موسى بن هارون فقال: "خلق أبو داود في الدنيا للحديث وفي الآخرة للجنة، ما رأيت أفضل منه".
وأبلغ منه ما ذكره الحاكم أبو عبد الله يوم أن قال: "أبو داود إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة".
وجمع فأوعى أبو بكر الخلال حين قال: أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني الإمام المقدم في زمانه رجل لم يسبقه إلى معرفته بتخريج العلوم وبصره بمواضعها أحد في زمانه، رجل ورع مقدم.. وكان إبراهيم الأصبهاني وأبوه بكر صدقة يرفعون من قدره ويذكرونه بما لا يذكرون أحداً في زمانه مثله".
وليس أدل على ذلك كله من صنيع سهل بن عبد الله التستري حين جاءه فقيل له: يا أبا داود، هذا سهل بن عبد الله قد جاءك زائراً، قال: فرحب به وأجلسه، فقال سهل: يا أبا داود، لي إليك حاجة، قال: وما هي؟ قال: حتى تقول قضيتها مع الإمكان، قال: قد قضيتها مع الإمكان، قال: أخرج لي لسانك الذي حدثت به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبله، قال: فأخرج له لسانه فقبله.
وحقا قالوا وصدقوا، فقد أخبر عنه أحمد بن محمد بن ياسين الهروي فقال: سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني كان أحد حفاظ الإسلام لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمه وعلله وسنده في أعلى درجة النسك والعفاف والصلاح والورع، من فرسان الحديث.
بعض أقواله:
كان لمعايشة أبي داود لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما تضمنته من أقوال وأفعال بالغ الأثر في تكوين شخصيته الحكيمة رحمه الله، وكان من أبرز ما عبر عن ذلك قوله: "كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب - يعني "السنن" - جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث.
ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها: قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات"، والثاني: قوله: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، والثالث: قوله: "لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضاه لنفسه"، والرابع: قوله: "الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات" الحديث بكماله".
وقد روى عنه ابنه ابن أبى داود فقال: سمعت أبى يقول: "خير الكلام مادخل الأذن بغير إذن".
ورحمه الله يوم أن تسربل بسربال الحكماء فقال: "الشهوة الخفية حب الرياسة".
وفاة أبي داود:
بعد فتنة الزنج في البصرة التمس منه أخو الخليفة أن يقيم بها لتعمر من العلم بسببه، وقد أجاب طلبه وظل بها حتى وافته المنية، ورحل عن دار الدنيا يوم الجمعة، سادس عشر من شوال، سنة خمس وسبعين ومائتين، وصلى عليه عباس بن عبد الواحد الهاشمي، رحمه الله تعالى.
المصدر: موقع الدار الإسلامية للإعلام
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:11 PM.