#36
|
||||
|
||||
![]() مرور المؤمنين على الصّراط وخلاص المؤمنين من المنافقين عندما يذهب بالكفرة الملحدين ، والمشركين الضالين إلى دار البوار : جهنم يصلونها، وبئس القرار ، يبقى في ***ات القيامة أتباع الرسل الموحدون ، وفيهم أهل الذنوب والمعاصي ، وفيهم أهل النفاق ، وتلقى عليهم الظلمة قبل الجسر كما في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن عائشة قالت : سئل الرسول صلى الله عليه وسلم : أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات ؟ فقال : " هم في الظلمة دون الجسر ".يقول شارح الطحاوية (1) : " وفي هذا الموضع يفترق المنافقون عن المؤمنين ، ويتخلفون عنهم ، ويسبقهم المؤمنون ، ويحال بينهم بسور يمنعهم من الوصول إليهم ". روى البيهقي بسنده عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : " يجمع الله الناس يوم القيامة " إلى أن قال : " فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين يديه ، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه ، حتى يكون آخر من يعطى نوره في إبهام قدمه ، يضيء مرة ويطفأ أخرى ، إذا أضاء قدم قدمه ، وإذا أطفأ قام ، قال : فيمر ويمرون على الصراط ، والصراط كحد السيف دحض مزلة ، ويقال لهم : امضوا على قدر نوركم ، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ، ومنهم من يمر كالريح ، ومنهم من يمر كالطرف ، ومنهم من يمر كشد الرجل ، يرمل رملاً على قدر أعمالهم ، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه ، تخر يد ، وتعلق يد ، وتخر رجل وتعلق رجل ، وتصيب جوانبه النار ، فيخلصون فإذا خلصوا ، قالوا : الحمد لله الذي نجانا منك ، بعد أن أراناك ، لقد أعطانا ما لم يعط أحد " (2) . وقد حدثنا تبارك وتعالى عن مشهد مرور المؤمنين على الصراط ، فقال : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ - يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ - يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ - فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ) [الحديد : 12-15] . فالحق يخبر أن المؤمنين والمؤمنات الذين استناروا بهذا الدين العظيم في الدنيا ، وعاشوا في ضوئه ، يعطون في يوم القيامة نوراً يكشف لهم الطريق الموصلة إلى جنات النعيم ، ويجنبهم العثرات والمزالق في طريق دحض مزلة ، وهناك يبشرون بجنات النعيم ، ويحرم المنافقون الذين كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين ، وأنهم منهم ، لكنهم في الحقيقة مفارقون لهم لا يهتدون بهداهم ، ولا يسلكون سبيلهم من النور ، كما حرموا أنفسهم في الدنيا من نور القرآن العظيم ، فيطلب المنافقون من أهل الإيمان أن ينتظروهم ليستضيئوا بنورهم ، وهناك يخدعون ، كما كانوا يخدعون المؤمنين في الدنيا ، ويقال لهم : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً ، وبذلك يعود المنافقون إلى الوراء ، ويتقدم المؤمنون إلى الأمام ، فإذا تمايز الفريقان ، ضرب الله بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب ، ويكون مصير المؤمنين والمؤمنات الجنة ، ومصير المنافقين والمنافقات النار . وقد أخبر الحق أن دعاء المؤمنين عندما يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم هو ( ربنا أتمم لنا نورنا ) ، قال تعالى : ( يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) [التحريم: 8] . قال مجاهد والضحاك والحسن البصري وغيرهم : هذا يقوله المؤمنون حين يرون يوم القيامة نور المنافقين قد طُفئ " (3) . -------------------------------- (1) شرح الطحاوية : ص 470 . (2) قال الشيخ ناصر في تخريجه لأحاديث شرح الطحاوية : (470) : ( صحيح ، وأخرجه الحاكم ، وأظن أن البيهقي من طريقه رواه ، وقال الحاكم : ( صحيح على شرح الشيخين ) ووافقه الذهبي وبين الشيخ أن أحد رواته فيه ضعف ، ثم هو مدلس ، لكنه توبع ، وصرح بالتحديث ، فالحديث صحيح . (3) تفسير ابن كثير : 7/61 . |
العلامات المرجعية |
|
|