|
إبداعات ونقاشات هادفة قسم يختص بما تخطه أيدي الأعضاء من شعر ونثر ورأي الخ... |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#3
|
||||
|
||||
![]()
عندليبو:
شكرا لك.. وصدق من قال: شر البلية ما يضحك (البليّة بتشديد الياء وليست البلية ![]() فنحن نعيش واقعا مأساويا حقيقيا يسم العصرالصناعي بكامله، الذي يستخدم الدعاية بشناعة لتربية أجيال استهلاكية مغيبة عن العقلوالضمير، لا تشعر بالسعادة والراحة إلا حينما تمتلك الأجود والأغلى والأفخم، بلوأحيانا لا تهم الجودة بقدر ما يهم الامتلاك نفسه، إذ يقول كل شخص لنفسه: مثلي مثل الآخرين.. أنا لست أقل من فلان وعلان وتان تان وسوبرمان!! لقد قرأت الكثير عن القيم الاستهلاكية لكتاب مختلفين، وهذا أخرجني مبكرامن الغيبوبة التي كنت أعيشها، وجعلني أتحول إلى اعتناق منظومة مضادة من القيمالتي ترفض الاستهلاك لمجرد الاستهلاك، فهذا سبب ما نحن فيه من هلاك.. كل رجل وامرأةيتزوجان يستدينان لشراء أطباق وفناجين ومراتب وأثاث وأجهزة لا يحتاجانها فعليا، يحملان فيعنقهما دماء ضحايا المسلمين في كلّ بقعة من بقاع الأرض، لأن معظم هذه السلع تستوردمن الغرب ليصنعوا بنقودنا الأسلحة التي تقتلنا، على حساب انهيار اقتصادنا وتعليمناوالبحث العلمي في بلادنا، بل وحتّى سوق الأدب والفكر، ليتبقى المجال خصبا لثقافةاستهلاكية تافهة تخاطب الجسد بملذاته الزائلة! بل إن هذا الإسراف في الاستهلاك سيؤدي إلى هلاك الحياة على سطح الأرض أصلا، لأن التلوث الذي تنتجه هذه المصانع لوث البيئة بدرجة تفوق آلية التدوير الطبيعية، كما استنفد غابات ومناجم وحيوات برية ومائية، وكلنا يتابع الآن التحذيرات المخيفة عن ارتفاع حرارة الأرض وانصهار جليد القطبين، كما أن نسب السرطانات صارت مخيفة، إضافة إلى ازدياد معدلات الإصابة بمرض التوحد لدى الأطفال، وكلها أمور لم تعرفها البشرية بهذه الصورة من قبل! ومن تداعيات هذا الاستهلاك أيضا، أن صار الناس اليوم مؤمنين أن الزواج لا يصح بدون إنفاق عشرات الألوف لشراء ****يب لا قيمة لها!.. هذا إن تجاهلنا الحديث عن باقيالشكليات العقيمة من ذهب وفرش وملابس وحفلات و... و... إلى آخر تلك التعقيدات التيجعلت سن الزواج مأساة حقيقية رغم دعوات رجال الدين المستمرة إلى التخفيف وعدمالمغالاة! والنتيجة أن هناك 6 مليون شاب وفتاة عبروا الخامسة والثلاثين في مصر بدون زواج!!.. لكن النكتة المضحكة المبكية في الأمر أن حتى من نجحوا في امتلاك هذه ال****يب لم يضمنوا السعادة، بدليل أن ثلاث الزيجات الحديثة تنتهي بالطلاق في أول عامين!!.. ماذا تتوقع من ناس يبحثون عن الشكليات ونسوا أن يهتموا بجوهرهم؟! لقد صرنا نعيش في عصر تحوّلت فيه الكماليات إلى أساسيات، ويزدادالأمر تعقيدا باستمرار.. العجيب أن كلّ من أناقشهم من الرجال مقتنعون بعدمجدوى معظم الأثاث الذي يشترونه ولكنهم عاجزون عن تحدي أعراف المجتمع.. وللأسف تتبنى النساء الرأي المضاد، ولا يكاد يمر شهر لا أسمع فيه عن زيجة لم تتم بسبب الاختلاف على القائمة أو التنجيد أو هذه التفاهات.. وهناك في بلدتي عائلتان في السجن حاليا وشاب في العناية المركزة بسبب فرن غاز لم يحضره أهل العروسة، مع أنه لم يعد هناك أحد يخبز شيئا أصلا في هذه الأفران!!!!!!!! بالمناسبة: فيمدينتي تتحمل المرأة تقريبا نصف تكاليف الزواج، وهذا يجعل أبيها يستدين من طوب الأرضلتزويجها بكل تلك ال****يب التي لا قيمة لها.. لماذا تعطلت عقول هؤلاء البشر عنالتفكير؟.. فتش عن الإعلانات!! أخيرا: يجب أن أختم هذا التداعي بتحذير لا بدمنه: أنقذوا عقول أبنائكم مبكرا من هذا النوع من غسيل المخ الاستهلاكي، بالتدخل فيتربيتهم فهذا دوركم.. أنتم لستم مجرد ممولين لجشع من يشكلون عقول وضمائر أبنائكم فيالتلفاز والشارع والمدرسة.. أنتم المسئول الأول عن تربية هؤلاء الأبناء بتنشئةعقولهم على التفكير العلمي العملي، وضمائرهم على المثل والأخلاق الإسلامية، وأهمها القناعة والرضا وعدم الإسراف.. أمّاأن تكونوا مجرد ممولين لأبنائكم ليستهلكوا ما لا قيمة له لتصب الثروات في النهايةفي أيدي أعدائنا فهذا ما يبدو لي كمن يبيع أخراه ودنياه بدنيا غيره! .. وانظروا إلى الأقساط والديون والجمعيات و.. و.. التي يتورط فيها الجميع لشراء هذهالسلع! لكنك إذا قلت هذا، يتهمك البعض بمحاولة هضم حقوق المرأة (مع أننا ندعو إلى التخفيف عن كلا الطرفين).. ويقولون أيضا إن ما يأتى رخيصا يذهب رخيصا.. وأنا أرى أن هذا يصور المرأة كسلعة، ناهيك عن أن ثلث الزيجات ينهار في أول عامين رغم كل تلك التكاليف، وتؤدي القائمة والمؤخر إلى مشاكل وقضايا في المحاكم وفي النهاية لا تحصل المرأة على شيء سوى لقب مطلقة ومرارة التجربة! لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يزوج المرأة للرجل بآية يحفظها من كتاب الله يعلمها لها، وهذا أغلى من أي مهر وعفش وذهب وعك يلهث الناس خلفه هذه الأيام!! وكل من أعرفهم من الرجال يرددون أمامي مقولة: القائمة والمؤخر لا يعجزان رجلا يريد التخلص من زوجته، فهو قادر على تنغص حياتها إلى أن تطلب الخلع وتتنازل عن كل شيء!! إذن فنحن في حاجة إلى إعادة تربية هذا الجيل الاستهلاكي الساذج الذي يظن أن الممتلكات أغلى من الأخلاق وحسن العشرة ولذة احتمال المشقة معا في سبيل هدف مشترك.. وعلينا تصحيح فهم الناس لمقولة: ما يأتى رخيصا يذهب رخيصا.. فالشاب والشابة في أغلب الأحيان يعتمدان على مساهمة الأهل في تكاليف الزواج، لهذا يحصلان على شقة متكاملة مرفهة رخيصا، والنتيجة أنهما يستسهلان هدمها رخيصا، بينما لو بدآ معا وعانيا مشقة التوفير لشراء الأشياء بالتدريج وشعرا ببهجة الحصول عليها، فلن يكون من السهل عليهما التخلص من هذه الخبرة المشتركة والكفاح المرير بسهولة!.. وهل الأجدى أن ينتظر الشاب عشر سنوات إلى أن يوفر كل النقود ليبدأ الزواج بكل شيء، أم أن يتزوج مبكرا بأقل الإمكانيات ويحصل على كل شيء بالتدريج في مشواره مع شريكة الحياة؟ الواقع حولنا يجيب! تحياتي |
العلامات المرجعية |
|
|