اهلا وسهلا بك فى بوابة الثانوية العامة ... سجل الان

العودة   بوابة الثانوية العامة المصرية > القسم الإداري > أرشيف المنتدى

أرشيف المنتدى هنا نقل الموضوعات المكررة والروابط التى لا تعمل

 
 
أدوات الموضوع ابحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18-11-2009, 01:57 PM
الصورة الرمزية أنين المذنبين
أنين المذنبين أنين المذنبين غير متواجد حالياً
طالب جامعى {تجارة القاهرة}
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 1,040
معدل تقييم المستوى: 18
أنين المذنبين is on a distinguished road
Impp نهى الصحبةعن النزول بالركبة للعلامة الشيخ آبى اسحاق الحوينى



بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره ، ونعوذبالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهد الله تعالى فلا مضل له ، ومنيضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداًعبده ورسوله ( صلى الله عليه وسلم) .
أما بعد : فإن اصدق الحديث كتاب اللهوخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها .
وكل محدثةبدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
فهذا بحث استلله من كتابي : " بذل الإحسان بتقريب سنن النسائي أبي عبد الرحمن " بخصوص خرور المصلي من الركوع إلىالسجود ، أيكون على اليدين أم على الركبتين ومع أن المسألة ليست بكل ذاك ، فإنياضطررت إلى فصلها من الكتاب المشار إليه ، ونشرها لمناسبة عرضت .
ذلك أنني دخلتمسجداً لأصلي المغرب في نحو العاشر من شهر ذي الحجة سنة 1399 هـ فلما قضيت الصلاةقعد لفيف من الشباب يتحدثون همساً ، ثم لم يلبثوا إلا قليلاً حتى تحول الهمس إلىمعركة كلامية ، وتراشق بسهام الملام .
فكان مما سمعته من أحدهم ـ ويظهر من سياقكلامه أنه ممن يقدم الركبتين في النزول ـ وأنه قال : " لا يقدم اليدين على الركبتينفي النزول إلا جاهل ، وكيف يجرؤ رجل على نقض ما قاله ابن القيم في " زاد المعاد " ؟لقد رجح النزول بالركبتين من عشرة أوجه " ! !
فقال له مخالفه : " كيف تصمالمخالف بالجهل وفيهم مثل ابن سيد الناس والحافظ والشيخ الألباني " ؟ فأجابه : " هؤلاء محدثون لا تعلق لهم بالفقه ، وبالذات الألباني فإنه هو الذي أحيا هذه المسألةفي كتابه " صفة الصلاة " .
ثم دار كلام لا أحب حكايته ، فضربت عن ذكره صفحاً ،أما محصلته فمحزنة مؤلمة ، فقد انتهى شجارهم هذا إلى فاصل رديء من الشتم للعلماءومنهم ابن القيم والحافظ وكذا الألباني .
فما تركت مقامي حتى تكلمت مع ذلكالشاب النافر بمزيد من الحكمة والموعظة الحسنة فوجدته حديث عهد بمعرفة كتب السلف ،فتدرجت معه ، وتبين لي أن أقرانه استنفروه ، فنفر وأن فيه اندفاعاً غير حميد فكلمتهطويلاً فكان مما قلته له : " أما مسألة النزول إلى السجود فلا علاقة لها بالفقهوأصوله إلا من طرف يسير ، وإنما تعلقها بالحديث وأصوله أكثر ، فأنت تزري على أمثالهؤلاء السادة الأكابر بقولك " هم محدثون " وكأنها سبة لهم فبالله عليك ارفق بنفسكولا تنظر إليهم النظر الشزر ولا ترمقهم بعين النقص ولا تعتقد فيهم أنهم من جنسمحدثي زماننا ، حاشا وكلا ، فما منهم من أحد إلا وهو بصير بالدين ، عالم بسبيلالنجاة .
فإني أحسبك لفرط هواك تقول بلسان الحال ، إن أعوزك المقال : من المزي؟ ومن العراقي ، وأي شيء الذهبي ؟ وأيش ابن حجر ؟ هؤلاء محدثون ، ولا يدون الفقهوأصوله ولا يفقهون الرأي ولا علم لهم بالبيان والمعاني والدقائق ، ولا خبرة لهمبالبرهان والمنطق ، ولا يعرفون الله تعالى بالدليل ولا هم من فقهاء الملة . فأمسكعليك لسانك ، وليسعك بيتك . وابك على ما أخطأت فيه فإن العلم النافع ما جاء [ إلا ] عن أمثال هؤلاء ، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذوو الفضل . فمن اتقى الله راقب اللهواعترف بنقصه .
ومن تكلم بالجاه أو بالجهل فأعرض عنه ، وذره في غيه ، فإنماعقباه وبال . فرحم الله امرءاً أقبل على شأنه وقصر من لسانه ، وأقبل على تلاوةقرآنه وبكى على زمانه وأدمن النظر في الصحيح ، وعبد الله قبل أن يبغته الأجل . اللهم فوفق وارحم " ( ( أ ))
أما كون الواحد منهم أخطأ في مسألة أو أكثر فسملي أنت من كانت له العصمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فلا لوم على من درسالأصول ، فصوابه مشكور ، وخطؤه مغفور ، وهو على كل حال مأجور . إنما اللوم والتوبيخعلى الذين لا فقه عندهم ولا تعبوا في تحصيل العلوم ولا النظر فيها إذ يخطئون الأئمة، ويتبعون توهيم بعضهم لبعض في مسائل ، فيجمعون ذلك ويحفظونه ثم يلقونه على من لاعلم عندهم بل ولا أدب لديهم . فلا يعرف عن النووي إلا أنه أخطأ في كذا وكذا . فإذاذكر أمامه قال : وأي شيء النووي ؟ ! لقد أخطأ في كذا وكذا ، فهم رجال ونحن رجال ! فيا أخي : راقب الله فيما تقول وترحم على من ذكر منهم وإياك والفتوى من غير علمفكثرة الفتوى من قلة التقوى ولقد كان أبو حصين وهو من أجلة الناس ينكر على أهلزمانه ـ مع علمهم ـ كثرة الفتوى ويقول : " إنكم لتفتون في المسألة التي لو عرضت علىعمر لجمع لها أهل بدر " ! وليكن ديدنك ما فعل أبو مسلم الخولاني فإنه كان يقومالليل فإذا أدركه الإعياء ضرب رجليه قائلاً : أنتما أحق بالضرب من دابتي . أيظنأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن يفوزوا به دوننا ، والله لأزاحمنهم عليه حتىيعلموا أنهم خلفوا من بعدهم رجالاً " .
أما مسألة النزول باليدين أو بالركبتينفلا تبطل الصلاة بالنزول بأحدهما كما حققه شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه في " الفتاوى الكبرى " .
وهذه الرسالة قد استللتها لك خاصة ، فانظر لما فيها بعينالاعتبار ثم بادر إلى تحقيق ما فيها إذ هو الصحيح إن شاء الله تعالى . وقد يفوتنيالشيء بعد الشيء فيها ، وذلك أمر وارد ، فإني ما قصدت أن أتقصى ذلك فإنه ليس فيمقدوري ولا يسلم الاستقصاء كل الاستقصاء لأحد ، ثم إن المسألة ليست بكل ذاك حتىنقيم الدنيا ونقعدها ، فإن أمتنا مفككة أوصالها منفصمة عراها فالاختلاف في هذهالمسائل الفرعية بهذه الحدة لا يزيد الأمر إلا اشتعالاً ، ويجعل خاتمة أمرنا وبالاًفاللهم وفق إلى العلم النافع والعمل الصالح، ويسر ما عسر من أمرنا ، وآت هذه الأمةأمر رشد ، يعز فيه أهل طاعتك ، ويذل فيه أهل معصيتك ، ويؤمر فيه بالمعروف ، وينهىفيه عن المنكر . والحمد لله رب العالمين .
وكتبه أبو إسحق الحويني الأثري
ذوالحجة 1399 هـ .

أختلف الناس في هيئة الخرور إلى السجود أهي على اليدين أم هي على الركبتين؟ والراجح الصحيح في هذا الباب أن النزول إنما هو على اليدين لصحة الأدلة في ذلكووضوح معناها .
والحجة في هذا الباب هي حديث أبي هريرة رضي الله عنه تعالى عنهقال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبركالبعير وليضع يديه قبل ركبتيه " أخرجه أحمد ( 2 / 381 ) وأبو داود ( 3 / 70 عون ) والبخاري في " التاريخ الكبير " ( 1 / 1 / 139 ) والنسائي ( 2 / 207 ) والطحاوي في " شرح معاني الآثار " ( 1 / 254 ) وفي " المشكل " ( 1 / 65 ـ 66 ) وكذا أخرجهالحازمي في " الاعتبار " ( ص 158 ـ 159 ) والدارقطني ( 1 / 344 ـ 345 ) والبيهقي ( 2 / 99 ـ 100 ) وابن حزم في " المحلى " ( 4 / 128 ـ 129 ) والبغوي في " شرح السنة " ( 3 / 134 ـ 135 ) من طريق الدراوردي ثنا محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزنادعن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا فذكره .
قلت : وإسناده صحيح لا غبار عليه وجودإسناده النووي في " المجموع " ( 3 / 421 ) ولكن شيخ الإسلام ابن القيم رضي الله عنهأعله في كتابه الفذ " زاد المعاد " بعدة علل ، هي عند التحقيق ليست كذلك، فأناأوردها جملة ، ثم أكر عليها بالرد تفصيلاً والله المستعان وعليه التكلان.
قالشيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في " الزاد " ( 1 / 57 ـ 58 ) وفي " تهذيب سنن أبي داود " ( 3 / 73 ـ 75 ) ما ملخصه :
أولاً : حديث وائل بن حجر رضي الله عنه أثبت منحديث أبي هريرة كما قال ذلك الخطابي . وقد قال فيه الترمذي : " حسن غريب " وقال فيحديث أبي هريرة : " غريب " ولم يذكر فيه حسناً .
ثانياً : حديث أبي هريرة لعلمتنه انقلب على بعض الرواة ولعل صوابه : " وليضع ركبتيه قبل يديه " فإن أوله يخالفآخره . قال : وقد رواه كذلك أبو بكر ابن أبي شيبة فقال : حدثنا محمد بن فضيل عن عبدالله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل " . رواه الأثرم في " سننه " عن أبي بكر كذلك . وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مايصدق ذلك ويوافق حديث وائل بن حجر . قال أبي داود : حدثنا يوسف بن عدى حدثنا ابنفضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلمأنه كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه " .
ثالثاً : إن كان حديث أبي هريرةمحفوظاً فهو منسوخ بحديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ، والذي رواه ابن خزيمةفي " صحيحه " قال : " كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين " .
رابعاً : حديث أبي هريرة مضطرب المتن . فإن منهم من يقول : " وليضع يديهقبل ركبتيه " ومنهم من يقول بالعكس . ومنهم من يقول : " وليضع يديه على ركبتيه " كما رواه البيهقي .
خامساً : أن رواة حديث أبي هريرة قد تكلموا فيهم .
قالالبخاري : " محمد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه . ولا أدري أسمع من أبيالزناد أم لا " ؟ وقال الدارقطني : " تفرد به الدرواردي عن محمد بن عبد اللهالمذكور " وأعله الدارقطني أيضاً بتفرد أصبغ بن الفرج عن الدرواردي .
سادساً : أن لحديث وائل بن حجر شواهد ، أما حديث أبي هريرة فليس له شاهد . !
سابعاً : أنركبة البعير ليست في يده وإن أطلقوا على اللتين في اليدين اسم الركبة فإنما هو علىسبيل التغليب ! وأن القول بأن ركبة البعير في يده لا يعرفه أهل اللغة .
قلت : هذه كانت جملة المطاعن وهي كما أشرت ـ قبل ـ مطاعن لا تثبت على النقد .
والجوابعليها من وجوه مراعياً الترتيب .

الأول : أن حديث وائل بن حجر حديث ضعيف .فأخرجه أبو داود ( 3 / 68 ـ 74 عون ) والنسائي ( 2 / 206 ـ 207 ) وابن ماجة ( 1 / 287 ) والدرامي ( 1 / 245 ) والطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 255 ) والدارقطني ( 1 / 345 ) والحاكم في " المستدرك " ( 1 / 226 ) وابن حبان ( 487 ) والبيهقي ( 2 / 98 ) والبغوي في " شرح السنة " ( 3 / 133 ) والحازمي في " الاعتبار " ( ص 160 ـ 161 ) من طريق شريك النخعي عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر رضي الله تعالى عنهقال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه وإذانهض رفع يديه قبل ركبتيه " . قال الترمذي : " هذا حديث حسن غريب . لا نعرف أحداًرواه مثل هذا عن شريك " . وتبعه البغوي فقال : " حديث حسن " وكذا الحازمي . وقالالدارقطني : " تفرد به يزيد بن هارون عن شريك ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك . وشريك ليس بالقوي فيما تفرد به " . وقال البيهقي ( 2 / 101 ) : " إسناده ضعيف " . وقال أيضاً : " هذا حديث يعد في أفراد شريك القاضي وإنما تابعه همام من هذا الوجهمرسلاً . وهكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين رحمهم الله تعالى " .
وقال ابن العربي في " عارضة الأحوذي " ( 2 / 68 ـ 69 ) : " حديث غريب " .
قلت : وهذا القول منهم هو الذي تطمئن إليه نفس المرء المنصف . فإنه لا يعلم بتةلشريك متابع عليه إلا همام . ومع ذلك فقد خالفه في إسناده كما يأتي بيانه إن شاءالله . وشريك كان سيىء الحفظ . وسيىء الحفظ لا يحتج به إذا انفرد ، فكيف إذا خالف . ! قال إبراهيم بن سعد الجوهري : " أخطأ شريك في أربعمائة حديث " وقال النسائي : " ليس بالقوي " وضعفه يحيى بن سعيد جداً . وعليه فقول الترمذي : " حديث حسن " غير حسن . وأشد منه قول الحاكم " صحيح على شرط مسلم " وإن وافقه الذهبي ! . فشريك إنما أخرجله مسلم متابعة ولم يخرج له احتجاجاً . فأنى يكون على شرطه ؟ وقد صرح بذلك الذهبينفسه في " الميزان " ثم كأنه ذهل عنه . فسبحان من لا يسهو .
أما مخالفة هماملشريك فأخرجها أبو داود في " سننه " ( 3 / 69 عون ) و البيهقي ( 2 / 99 ) عنه ثناشقيق أبو الليث قال : حدثني عاصم بن كليب عن أبيه مرسلاً بنحوه . قال البيهقي : " قال عفان : هذا الحديث غريب " وقد خالف شقيق شريكاً القاضي أرسله " . قلت : ولكنشقيق هذا مجهول . قال الذهبي : " شقيق بن عاصم بن كليب وعنه همام لا يعرف " وأقرهالحافظ في " التقريب " فقال : " مجهول " .
وأخرجه أبو داود والبيهقي من طريقهمام ثنا محمد بن جحادة عن عبد الجبار ابن وائل عن أبيه عن النبي صلى الله عليهوآله وسلم . ولكنه حديث واهٍ . فعبد الجبار لم يسمع من أبيه . كما قال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 245 ) . ولم يعتبر الحافظ الحازمي هذهالطريق شيئاً فقال في " الاعتبار " ( ص 161 ) : " والمرسل هو المحفوظ " .
فتبين مما قد ذكرته أن حديثوائل ضعيف بعلتين :
الأولى : ضعف شريك .
الثانية : مخالفة همام له . واللهأعلم .
(
تنبيه ) وقع في " موارد الظمان إلى زوائد ابنحبان " للحافظ نور الدين الهيثمي بدل " شريك " : " إسرائيل " وكنت في باديء أمريأظنها متابعة منه لشريك . وجعلت أتعجب في نفسي كيف خفيت على الدارقطني وغيره حتىقالوا : لم يروه عن عاصم إلا شريك " غير أني قلت في نفسي لعلها تصحفت عن شريك ثمإنه لا يمكن القطع في مثل هذا دون دليل قوي . وظللت هكذا حتى وصلني الجزء الثاني من "ضعيفة " شيخنا الألباني حفظه الله تعالى فإذا الأمر على ما كنت أحسب والحمد لله .
قال شيخنا حفظه الله تعالى : ( 2 / 329 ) : " وقع في الموارد : " إسرائيل " بدل " شريك " وهو خطأ من الناسخ وليس من الطابع ، فقد رجعت إلى الأصل المخطوط المحفوظفي المكتبة المحمودية في المدينة المنورة فرأيته في ( ق 35 / 1 ) : " إسرائيل " كمافي المطبوعة عنه فليتنبه " اهـ .

الوجه الثاني :
قال شيخ الإسلام ـابن القيم ـ رضي الله عنه : " وحديث أبي هريرة لعل متنه انقلب .. الخ " .
قلت : أصاب شيخ الإسلام أجراً واحداً . فما قاله أقرب إلى الرجم بالغيب منه إلى التحقيقالعلمي . وقد رده الشيخ على القاري رحمه الله تعالى في " مرقاة المفاتيح " ( 1 / 552 ) فقال : " وقول ابن القيم أن حديث أبي هريرة انقلب متنه على راويه فيه نظر إذلو فتح هذا الباب لم يبق اعتماد على رواية راوٍ مع كونها صحيحة " اهـ وصدق يرحمهالله . فلو فتح هذا الباب لرد الناس كثيراً من السنن دونما دليل بحجة أن راويه أخطأفيه ولعله كذا .
الوجه الثالث : أن الأحاديث التي أوردها معلولة لا تقومبمثلها حجة ! فلا يعول على شيء منها عند أئمة النقد . والحديثان اصلهما حديث واحد . فأخرجه ابن أبي شيبة ( 1 / 263 ) ( ( ب ) ) وكذا الطحاوي ( 1 / 255 ) والبيهقي ( 2 / 100 ) من طريق محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة مرفوعاً . فذكره .
قلت : وإسناده ساقط ! وآفته عبد الله بن سعيد هذا فقد كذبه يحيى القطان . وقال أحمد : " منكر الحديث متروك الحديث . . " . وقال ابن عدي : " عامة ما يرويهالضعف عليه بين " وقال الحاكم أبو أحمد : " ذاهب الحديث " والكلام فيه طويل الذيل . ولذا قال الحافظ في " الفتح " ( 2 / 291 ) : " إسناده ضعيف " .

الوجهالرابع :
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ : " إن كان حديث أبي هريرة محفوظاً فهومنسوخ .. " . قلت : وهو تعلق متداعٍ ! وقد سبقه إليه إبن خزيمة والخطابي . ولكنالحديث الذي زعموا أنه ناسخ حديث ضعيف . فكيف ينهض لنسخ حديث صحيح ؟ وهذا الحديثأخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " ( 1 / 319 والبيهقي ( 1 / 100 ) والحازمي في " الاعتبار " من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كميل قال حدثني أبي عنأبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه . فذكره . ولكن إسناده ضعيف جداً ! وله علتان بل ثلاثة :
الأولى : إبراهيم بن إسماعيل هذا قال فيه ابن حبان : " في روايته عن أبيه بعض المناكير " وكذا قال ابن نمير . وقال العقيلي : " لم يكنإبراهيم يقيم الحديث " .
الثانية : أبوه إسماعيل بن يحيى متروك كما قال الأزدىوالدارقطني . وقد ألمح إلى ذلك الحافظ فقال في " الفتح " ( 2 / 291 ) : " وقد ادعىابن خزيمة النسخ ولو صح حديث النسخ لكان قاطعاً للنزاع . ولكنه من أفراد إبراهيم بنإسماعيل بن سلمة بن كميل عن أبيه وهما ضعيفان " .
الثالثة : يحيى بن سلمة واهٍ . تركه النسائي ، وقال أبو حاتم وغيره : " منكر الحديث " وقال ابن معين : " لا يكتبحديثه " . وقال الحافظ الحازمي : " أما حديث سعد ففي إسناده مقال ولو كان محفوظاًلدل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق . والله أعلم " اهـ . وقال النووي في " المجموع " ( 3 / 422 ) : " ولا حجة فيه لأنه ضعيف " . قلت : وأقره شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ في " الزاد " ورغم ذلك أورده كناسخ ! . وقال شيخناالألباني في تعليقه على " المشكاة " ( 1 / 282 ) بعد قول الخطابي في النسخ : " وهذايعني قول الخطابي في دعوى النسخ أبعد ما يكون عن الصواب من وجهين :
الأول : أنهذا إسناد صحيح ـ يعني حديث أبي هريرة ـ وحديث وائل ضعيف .
الثاني : إن هذا قولوذاك فعل والقول مقدم على الفعل عند التعارض .
ثم وجه ثالث : وهو أن له شاهداًمن فعله صلى الله عليه وآله وسلم . فالأخذ بفعله الموافق لقوله أولى من الأخذ بفعلهالمخالف له وهذا بين لا يخفى إن شاء الله تعالى . وبه قال مالك وعن أحمد نحوه كمافي "التحقيق " لابن الجوزي " اهـ .

الوجه الخامس :
قال شيخ الإسلام ـابن القيم ـ رضي الله عنه : " وحديث أبي هريرة مضطرب المتن . . . " !
قلت : ليسكما قال . فالاضطراب ـ هو أن يُروى الحديث على أوجه مختلفة متقاربة . ثم إنالاختلاف قد يكون من راوٍ واحدٍ بأن رواه مرة على وجه ، ومرة أخرى على وجه آخرمخالف له ، أو يكون أزيد من واحد بأن رواه كل جماعة على وجه مخالف للآخر . والاضطراب موجب لضعف الحديث لأنه يشعر بعدم ضبط رواته . ويقع في الإسناد والمتنكليهما . ثم إن رجحت إحدى الروايتين أو الروايات على الأخرى بحفظ راويها أو كثرةصحبته أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالحكم للراجحة ولا يكون الحديث مضطرباً . هذههي القاعدة التي وضعها أسلافنا رضوان الله عليهم للحديث الذي يتنازع في أنه مضطرب . فإن علم ذلك فإن الحديث المعارض لحديث الباب حديث ساقط الإسناد لضعف عبد الله بنسعيد الشديد حتى لقد اتهمه يحيى القطان بأنه يكذب . وتقدم شرح ذلك . فيزول الاضطراببترجيح حديث أبي هريرة الذي هو حجة لنا في الباب . والله الموفق .

الوجهالسادس :
قول البخاري : " محمد بن عبد الله بن الحسن لا أدري أسمع من أبيالزناد أو لا " .
قلت : ليس في ذلك شيىء بتة . وشرط البخاري معروف . والجمهورعلى خلافه من الاكتفاء بالمعاصرة إذا أمن من التدليس . ولذا قال ابن التركماني في " الجوهر النقي " : " محمد بن عبد الله بن الحسن وثقه النسائي ، وقول البخاري : " لايتابع على حديثه " ليس بصريحٍ في الجرح ، فلا يعارض توثيق النسائي " اهـ .
ومحمد هذا كان يلقب بالنفس الزكية وهو براء من التدليس فتحمل عنعنته علىالاتصال .
قال المباركفوري في " تحفة الأحوذي " ( 2 / 135 ) : " أما قولالبخاري : " لا يتابع عليه " فليس بمضرٍ فإنه ثقة ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر " اهـ وسبقه الشوكاني إلى مثل ذلك في " نيل الأوطار " ( 2 / 284 ) وانتصر لذلك الشيخالمحدث أبو الأشبال أحمد بن محمد شاكر في " تعليقه على المحلى " ( 4 /128 ـ 130 ) فقال بعد أن ساق حديث أبي هريرة : " وهذا إسناد صحيح " .
محمد بن عبد الله بنالحسن هو النفس الزكية وهو ثقة . وقد أعل البخاري الحديث بأنه لا يدري سمع محمد منأبي الزناد أم لا . وهذه ليست علة .
وشرط البخاري معروف لم يتابعه عليه أحد ،وأبو الزناد مات سنة ( 130 ) بالمدينة . ومحمد مدني أيضاً غَلَبَ على المدينة ثمقتل سنة ( 145 ) وعمره ( 53 ) سنة فقد أدرك أبا الزناد طويلاً " اهـ .

الوجه السابع :
إعلال الدارقطني أنه تفرد به الدرواردي .
قلت : فيهنظر . فإن الدراوردي واسمه عبد العزيز بن محمد ثقة من رجال مسلم فتفرده لا يضرالحديث شيئاً . غير أنه لم يتفرد به . فقد تابعه عبد الله بن نافع عن محمد بن عبدالله به . أخرجه أبو داود (841 ) والنسائي ( 2 / 207 ) والترمذي ( 2 / 57 ـ 58 شاكر ) . وقد تعقب الحافظ المنذري الدارقطني بمثل ذلك ، والشوكاني في " نيل الأوطار " (2/286 . " ولا ضير في تفرد الدراوردي فإنه قد أخرج له مسلم في " صحيحه " واحتج بهوأخرج له البخاري مقروناً بعبد العزيز بن أبي حازم . وكذلك تفرد به أصبغ فإنه حدثعنه البخاري في " صحيحه " محتجاً يه " اهـ وأقره صاحب " تحفة الأحوذي " ( 2 / 135 ) .


الوجه الثامن :
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ رضي الله عنه : " وحديث وائل له شواهد أما حديث أبي هريرة فليس له شاهد " .
قلت : أبعد شيخالإسلام النجعة في ذلك ! فإن شاهد حديث أبي هريرة أقوى من شواهد حديث وائل مجتمعةكما يأتي شرحه قريباً إن شاء الله تعالى .
أما شاهد حديث أبي هريرة فهو من حديثابن عمر . أخرجه البخاري في " صحيحه " تعليقاً ( 6 / 78 ـ 79 عمدة ) ووصله ابنخزيمة ( 1 / 318 ـ 319 ) وأبو داود كما في " أطراف المزي " ( 6 / 156 ) .والطحاوي " شرح المعاني " ( 1 / 254 ) وكذا الدارقطني ( 1 / 344 ) والحاكم ( 1 / 226 ) والبيهقي ( 2 / 100 ) والحازمي في " الاعتبار " ( ص 160 ) وأبو الشيخ في " الناسخوالمنسوخ " كما في " التعليق " ( ق 77 / 1 ) للحافظ ، من طريق الدراوردي عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يضع يديه قبل ركبتيه . وقال : " كان النبيصلى الله عليه وآله وسلم يفعل ذلك" ( ( ج ) ) . قال الحاكم : " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي . وهو كما قالا ( ( د ) ) .
أما البيهقي فقال : " كذا قال عبدالعزيز ولا أراه وهماً " يعني رفعه فتعقبه ابن التركماني : " حديث ابن عمر المذكورأولاً أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه " وما علله به البيهقي من حديثه المذكور فيه نظرلأن كلاً منهما معناه منفصل عن الآخر .
وحديث أبي هريرة المذكور أولاً دلالتهقولية وقد تأيد بحديث ابن عمر فيمكن ترجيحه على حديث وائل لأن دلالته فعليه على ماهو الأرجح عند الأصوليين " اهـ .
قلت : هذا حديث ابن عمر ( ( هـ ) ) الذي هوشاهدحديث أبى هريرة وهو حسن بانضمامه إلى سابقه كما ترى فلننظر في شواهد حديث وائلبن حجر.
الشاهد الأول :
حديث أنس : " رأيت رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه. " أخرجه الدار قطني ( 1 / 345 ) والحاكم ( 1 / 226 ) والبيهقي ( 2 / 99 ) وابن حزم في " المحلي " ( 4 / 129 ) والحازمي في " الاعتبار " ( ص 159 ) من طريق العلاء من إسماعيل العطار ثنا حفص بن غياث عن عاصمالأحوال عن أنس به .
قال الدارقطني وتبعه البيهقي : " تفرد به العلاء بنإسماعيل عن حفص بهذا الإسناد " .
وقال الحافظ في " التلخيص " ( 1 / 254 ) : " قال البيهقي في " المعرفة " تفرد به العلاء وهو مجهول " . وأقر ابن القيم ذلك ! .
أما الحاكم فقال : " صحيح على شرط الشيخين " ( ( و ) ) ووافقه الذهبي ! ! وهذاعجب ، فقد عرفت علة الحديث .
ونقل ابن أبي حاتم عن أبيه في " العلل " ( 1 / 188 ) : " حديث منكر " وأقره في " الزاد " ! .
قلت : ومما يدل على نكارة هذا الخبرما أخرجه الطحاوي في " شرح المعاني " ( 1 / 256 ) من طريق عمر بن حفص بن غياث ثناأبي الأعمش قال حدثنى إبراهيم عن أصحاب عبد الله : علقمة والأسود قالا : " حفظنا عنعمر في صلاته أنه خر بعد ركوعه على ركبتيه كما يخر البعير ووضع ركبتيه قبل يديه " ! .
فأنت ترى أن عمر بن حفص وهو من أثبت الناس في أبيه قد خالف العلاء فجعله عنعمر لم يتجاوزه فهذه علة أخرى . وقد أقرها الحافظ في " اللسان " فقال : " وقد خالفهعمر بن حفص بن غياث وهو من من أثبت الناس في أبيه فرواه عن أبيه عن الأعمش عنإبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفاً عليه . وهذا هو المحفوظ " اهـ .
ثم إنالعاقل لو تأمل الأثر الوارد عن عمر رضي الله عنه لوجد أنه حجة لنا لا علينا . وذلكأنه قرر أن عمر كان يخر كما يخر البعير ، ثم وضح الكيفية فقال : " يضع ركبتيه قبليديه " ونحن مأمورون أن نخالف البعير فوجب وضع اليدين قبل الركبتين وهذا بين لايخفى على المنصف إن شاء الله تعالى . ولست أدري كيف أورده شيخ الإسلام ـ ابن القيمـ في " الزاد " محتجاً به ؟ !
ثم هب أن حديث أنس رضي الله عنه يكون صحيحاً فإنهلا حجة فيه لأمرين كما قال ابن حزم :
الأول : أنه ليس في حديث أنس أنه كان يضعركبتيه قبل يديه ، وإنما فيه الركبتان ، واليدان فقط ، وقد يمكن أن يكون السبق فيحركتهما لا في وضعهما فيتفق الخبران .
الثاني : أنه لو كان فيه وضع الركبتينقبل اليدين لكان ذلك موافقاً لمعهود الأصل في إباحة ذلك ولكان خبر أبي هريرة وارداًبشرع زائد رافعٍ للإباحة السالفة بلا شك ناهية عنها بيقين ولا يحل ترك اليقين لظنكاذب ! .
الشاهد الثاني :
حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : " كنا نضعقبل اليدين الركبتين فأمرنا بوضع الركبتين قبل اليدين " وقد تقدم شرح علته .
الشاهد الثالث :
حديث وائل بن حجر : " صليت خلف النبي صلى الله عليه وآلهوسلم ثم سجد فكان أول ما وصل إلى الأرض ركبتاه " .
أخرجه البيهقي ( 2 / 99 ) منطريق محمد بن حجر ثنا سعيد بن عبد الجبار بن وائل عن أمه عن وائل بن حجر به .
قلت : وهو حديث ضعيف لا يحتج به ، وله علتان .
الأولى : محمد بن حُجر هذا ،قال البخاري : " فيه بعض النظر " وقال الذهبي : " له مناكير " .
الثانية : سعيدابن عبد الجبار قال النسائي : " ليس بالقوي " وليس هو سعيد بن عبد الجبار القرشيالكرابيسي فإن هذا من شيوخ مسلم .
الشاهد الرابع :
أن عبد الله بن مسعودكان يضع ركبتيه قبل يديه .
قلت : أخرجه الطحاوي ( 1 / 256 ) من طريق حماد بنسلمة عن الحجاج بن ارطاة قال قال إبراهيم النخعي : " حفظ عن عبد الله بن مسعود رضيالله عنه أنه كانت ركبتاه تقعان إلى الأرض قبل يديه " ولكن إسناده ضيعف واهٍ معكونه موقوفاً !
فالحجاج بن أرطاة ضعيف الحفظ مدلس وقد استخدم ما يدل علىالتدليس قطعاً : " قال إبراهيم .. " ثم إن إبراهيم النخعي لم يدرك عبد الله بنمسعود رضي الله عنه . وحتى لو صح لما كان فيه حجة لكونه موقوفاً .
ولا تعارضسنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفعل الصحابي والله الموفق .
الشاهد الخامس :
"
أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضع ركبتيه قبل يديه " أخرجه ابن أبيشيبة(1/63 )
وعبد الرزاق ( 2 / 176 ) ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، أن عمر كانيضع . . . فذكره .
ثم أخرجه ابن أبي شيبة من طريق يعلى ، عن الأعمش ، عنإبراهيم ، عن الأسود ، عن عمر أنه كان يقع على ركبتيه .
قلت : والوجه الأولمنقطع لأن إبراهيم لم يدرك عمر ، وأما الثاني فصحيح ، إلا ما كان من عنعنة الأعمش ،ولكن الذهبي مشاها فيما روى عن أبي صالح وإبراهيم وجماعة .
ويجاب عنه بمثلالجواب المتقدم في أثر ابن مسعود . والله أعلم .
قال الشيخ المحدث أبو الأشبالفي " شرح الترمذي " ( 2 / 58 ـ 59 ) : " وحديث أبي هريرة نص صريح ومع هذا فإن بعضالعلماء ومنهم ابن القيم حاول أن يعلله بعلةٍ غريبة فزعم أن متنه انقلب على راويهوأن صحة لفظه لعلها : " وليضع ركبتيه قبل يديه " ثم ذهب ينصر قوله ببعض الرواياتالضعيفة وبأن البعير إذا برك وضع يديه قبل ركبتيه فمقتضى النهي عن التشبه به هو أنيضع الساجد ركبتيه قبل يديه . وهو رأي غير سائغ لأن النهي هو أن يسجد فينحط علىالأرض بقوة وهذا يكون إذا نزل بركبتيه أولاً والبعير يفعل هذا أيضاً ولكن ركبتاه فييديه لا في رجليه وهو منصوص عليه في " لسان العرب " لا كما زعم ابن القيم " اهـ .

الوجه التاسع :
قال شيخ الإسلام ـ ابن القيم ـ رضي الله عنه : " وركبةالبعير ليست في يده .. "
قلت : فيه نظر وركبة البعير في يده ونص أهل اللغة علىذلك وإن أنكر شيخ الإسلام .
قال ابن منظور في " لسان العرب " ( 14 / 236 ) : " وركبة البعير في يده " .
وقال الأزهري في " تهذيب اللغة " ( 10 / 216 ) : " وركبة البعير في يده . وركبتا البعير المفصلان اللذان يليان البطن إذا برك ، وأماالمفصلان الناتئان من خلف فهما العرقوبان " .
وقال ابن سيدة في " المحكموالمحيط الأعظم " ( 7 / 16 ) : " وكل ذي أربع ركبتاه في يديه ، وعرقوباه في رجليه " .
وقال ابن حزم في " المحلى " ( 4 / 129 ) : " وركبتا البعير هي في ذراعيه " .
وروى أبو القاسم السرقسبطي في " غريب الحديث " ( 2 / 70 ) بسند صحيح عن أبيهريرة أنه قال : "لا يبرك أحد بروك البعير الشارد " . قال الإمام : " هذا في السجوديقول : لا يلزم بنفسه معاً كما تفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر ولكن ينحطمطمئناً يضع يديه ثم ركبتيه " . ذكره شيخنا ـ الألباني ـ في " صفة الصلاة " .
يؤيد ذلك كله ما أخرجه البخاري ( 7 / 239 فتح ) وأحمد ( 4 / 176 ) والحاكم (3/6 ) والبيهقي في " الدلائل " ( 2 / 485 ـ 487 ) في قصة سراقة بن مالك رضي الله عنهقال : " .. وساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين ( ( ز ) ) . . . " فهذايؤيد أن الركبة في يد البعير . فلا متعلق لشيخ الإسلام فيه .
والحمد لله علىالتوفيق .
وقال الطحاوي في " المشكل " بعد أن روى حديث أبي هريرة : " فقال قائل : هذا كلام مستحيل ، لأنه نهاه إذا سجد أن يبرك كما يبرك البعير . والبعير ينزليديه ، ثم أتبع ذلك بأن قال : ولكن ليضع يديه قبل ركبتيه ، فكان ما في هذا الحديثمما نهاه عنه في أوله ، قد أمره به في آخره ؟ ! ! فتاملنا ما قال ذلك ، فوجدناهمحالاً ، ووجدنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مستقيماً لا إحالةفيه ! ! . وذلك أن البعير ، ركبتاه في يديه ، وكذلك كل ذي أربع من الحيوانات ، وبنوآدم بخلاف ذلك ، لأن ركبتهم في أرجلهم ، لا في أيديهم . فنهى رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم ـ في هذا الحديث ـ المصلي أن يخر على ركبتيه اللتين في رجليه ولكنيخر في سجوده على خلاف ذلك ، فيخر على يديه اللتين ليس فيهما ركبتاه بخلاف ما يخرالبعير على يديه اللتين فيهما ركبتاه . فبان بحمد لله ونعمته أن ما في هذا الحديثعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلام صحيح لا تضاد فيه ولا استحالة . واللهنسأله التوفيق " اهـ .

فصل
فإن قال قائل : ألا يمكن أن تقوي شواهد حديثوائل بن حُجر ـ وهي كثيرة ـ بعضها بعضاً ويصير الحديث حسناً لغيره كما تفعلون أنتمفي أحاديث غير هذا ؟ !
قلت : ألا ليت ! غير أن القواعد التي وضعها أهل الحديثرضي الله عنهم لا تعين على مثل ذلك.
فالحديث الضعيف لكي يتقوى لابد أن يكونالضعف غير شديد ـ كما هو الحال في شريك ـ ويكون متابعة أخف منه ضعفاً أو مثله علىأقل تقدير أو يكون شاهده قوياً . وهاتان الحالتان مفقودتان هنا أما أولاً فإنه لامتابع لشريك أصلاً ، وأما ثانياً فشواهد الحديث بعضها أشد وهنا من الآخر . وقد مربك التحقيق .
تنبيهات :
الأول : قال ابن الجوزي في " التحقيق " ( 1 / 346 ) : " والسنة أن يضع ركبتيه قبل يديه إذا سجد . وقال مالك : السنة أن يسبق بيديه وعنأحمد نحوه . ولنا أحاديث . ثم ذكر حديث وائل وأنس . وقال : واحتجوا بأحاديث . . وذكرها ثم قال : " والجواب أن أحاديثنا أشهر في كتب السنة وأثبت ! وما ذهبنا إليهأليق بالأدب والخشوع " اهـ .
قلت : وهذا جواب هزيل ! بل أوهى من بيت العنكبوت ! وقد تعجبت أن يجيب حافظ كابن الجوزي بمثل هذا .
وفي قوله هذا أكبر دليل على أنهلم يجد ما يرجح به حديث الركبتين . فتأمل .
ولذا فقد تعقبه الحافظ ابن عبدالهادي في " تنقيح التحقيق " ( 1 / 348 ) بقوله : " وليس هذا الجواب بقاطع للخصم ،فإن أحاديثهم أيضاً مشتهرة في كتب السنة كشهرة أحاديثكم " اهـ ، وصدق يرحمه اللهفلو كان حل الاختلاف بين الأحاديث هكذا فلا تجدما يقنع به المتنازعون . فابنالجوزي يقول : إن النزول بالركبتين أليق بالخشوع وابن العربي يقول في " العارضة " ( 3 / 68 / 69 ) : وقال علماؤنا : والنزول باليدين أقعد بالتواضع وأرشد إلى الخشية " !
الثاني :
رمز الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى إلى حديث أبي هريرة بالصحةفتعقبه الشارح المناوي في " فيض القدير " ( 1 / 373 ) : " رمز المؤلف لصحتهاغتراراً بقول بعضهم : سند جيد ! وكأنه لم يطلع على قول ابن القيم : " وقع فيه قلبمن بعض الرواة فإن أوله يخالف آخره . فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كمايبرك البعير ، إذ هو يضع يديه أولاً ! وزعم أن ركبتي البعير في يديه لا في رجليهكلام لا يعقل لغة ولا عرفاً ! على أن الحديث معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل ولا يحتجبه . قال النسائي : " متروك " وقال ابن حبان : " منكر الحديث جداً " وأعله البخاريوالترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره " اهـ .
قلت : يرحم اللهالمناوي فإنه قد اختلطت عليه الأحاديث . فالقول بأن حديث أبي هريرة والذي هو حجتنافي هذا الباب معلول بيحيى بن سلمة بن كهيل وهو واهٍ زعم خاطىء بل هو راوي حديث : " كنا نضع اليدين قبل الركبتين .. الخ " وقد تقدم الكلام عليه والحمد لله تعالى . أمابقية ما ذكره فقد تقدم الجواب عنه . والله المستعان .
الثالث :
قال الشيخعلي القاري في " مرقاة المفاتيح " ( 1 / 552 ) نقلاً عن ابن حجر الهيثمي الفقيه أنلحديث وائل طريقين آخرين يجبر بهما " فتعقبه شيخنا الألباني في " تحقيق المشكاة " (1/282) بقوله : " ولا تغتر بما حكاه الشيخ القاري عن ابن حجر الفقيه أن له طريقينآخرين فإنه من أوهامه " .
قلت : لعل ابن حجر يقصد بقوله أن له شاهدين . فإن كانذلك فالتعبير بـ " طريقين " بدل " شاهدين " ليس مشهوراً ، وإن كان سائغاً . وإن قصدأن له طريقين فالأمر كما قال شيخنا والله أعلم .
الرابع : قال الشوكاني في " نيل الأوطار " ( 2 / 284 ) : " وقد حاول المحقق المقبلي الجمع بين الأحاديث بماحاصله أن من قدم يديه أو ركبتيه وأفرط في ذلك بمباعدة سائر أطرافه وقع في الهيئةالمنكرة . ومن قارب بين أطرافه لم يقع فيها سواء قدم يديه أو ركبتيه . ! وهو معكونه جمعاً ـ لم يسبقه إليه أحد ـ تعطيل لمعاني الأحاديث وإخراج لها عن ظاهرهاومصير إلى ما لم يدل عليه دليل " اهـ وصدق يرحمه الله تعالى .
الخامس :
يذهب ابن حزم إلى وجوب وضع الساجد يديه قبل ركبتيه . فقال في " المحلى " (4/129) : " وفرض على كل مصلٍ أن يضع إذا سجد يديه على الأرض قبل ركبتيه ولا بد " اهـ.
السادس :
حكى المروزي في " مسائله " بسند صحيح عن الأوزاعي أنه قال : " أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم " . ذكره شيخناـ الألباني ـ في " صفة الصلاة " ( ص 83 ) .
وذكره الحازمي في " الاعتبار " عن الأوزاعي . وفي " عون المعبود " ( 3 / 71 ) : " وقال ابن أبي داود : وهو قول أصحاب الحديث " وقال الحافظ ابن سيدالناس : " أحاديث وضع اليدين قبل الركبتين أرجح . . . قال : وينبغي أن يكون حديثأبي هريرة داخلاً في الحسن على رسم الترمذي لسلامة رواته من الجرح " اهـ .
السابع :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى " ( 22 / 449 ) : " أما الصلاة بكليهما فجائزة باتفاق العلماء . إن شاء المصلي يضع ركبتيه قبل يديه، وإن شاء وضع يديه قبل ركبتيه ، وصلاته صحيحة باتفاق العلماء ولكن تنازعوا فيالأفضل " اهـ .
قلت : ثم ساق شيخ الإسلام الرأيين السابقين ولم يرجح واحداًمنهما . وقد علمت أن الراجح هو النزول باليدين ، فيكون هو الأفضل بلا ريب . وهذايرد على النووي رحمه الله قوله في " المجموع " ( 3 / 421 )) : " ولا يظهر ترجيح أحدالمذهبين من حيث السنة " ، وذلك أن الإمام رحمه الله لم ينشط لتحقيق المسألة ،ولكنه اكتفى بنقل أدلة الفريقين ، كما يومي قوله : " ولكني أذكر الأحاديث الواردةمن الجانبين " مع أن مقتضى نقده يشير إلى تقوية النزول باليدين . والله أعلم ، وأماالصلاة فصحيحة بكليهما كما أشار شيخ الإسلام رحمه الله فيما تقدم عنه . والله أعلم .
والحمد لله أولاً وآخراً ، ظاهراً وباطناً .

ـــــــــــــــ
الهوامش :
((
أ)) : بتصرفٍ من كلامٍ للذهبي في " تذكرة الفاظ " .
((
ب)) : ومن طريقه أخرجه أبو يعلى ( ج 1 / رقم 6540 ) وذكره الترمذي ( 269 ) معلقاً .
((
ج)) : قال الحاكم : " فأما القلب في هذا فإنه إلى حديث ابن عمر أميل لروايات في ذلك كثيرة عن الصحابةوالتابعين " اهـ .
قلت : وأطرف ما سمعته في تفسير قول الحاكم هذا ما زعمه بعضهمأن قول الحاكم :" والقلب إلى حديث ابن عمر أميل " أن هذا تصريح من الحاكم بأن حديثابن عمر مقلوب ! ! وما رأيت كاليوم عجباً ! ! فالمسكين ظن أن " القلب " معناه أنالحديث انقلب على راويه . وليس كذلك بل يريد الحاكم بقوله ترجيح حديث ابن عمر ، وأنقلبه يميل إلى ذلك لما له من الشواهد الكثيرة عن الصحابة والتابعين . والله أعلم .
((
د)) : ثم استدركت فقلت : بل ليس على شرط مسلم ، فهذه الترجمة " الدراوردي ،عن عبيد الله " لم يخرج مسلم شيئاً منها في " صحيحه " وقد تكلم بعض العلماء فيرواية الدراوردي عن عبيد الله ابن عمر خاصة ، وقد أشار لذلك أبو داود فيما نقلهالمزي عنه في " الأطراف " ويبدو أن رواية أبي داود لهذا الحديث وقعت في نسخة ابنداسة أو ابن العبد ولم تقع في نسخة " اللؤلؤي " التي بأيدينا والله أعلم .
((
هـ)) : وصرح صاحب " عون المعبود " ( 3 / 71 ) بأن حديث ابن عمر : " إسنادهحسن " . فإن قلت : قد روى عن ابن عمر خلاف ذلك . فقال ابن أبي شيبة في " المصنف " ( 1 / 263 ) حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، عن ابن أبي ليلى ، عن نافع ، عن ابن عمر أنهكان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه ، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه " . قلت : بل هذهالرواية منكرة ، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى كان رديء الحفظ ، وقد خالفه عبيدالله بن عمر كما تقدم وهو أوثق منه بطبقات . والله أعلم .
((
و)) : وقع في " المستدرك " قول الحاكم : " أما حديث أنس ، فحدثنا أبو العباس بن محمد الدوري . . . " وهذا خطأ قطعاً ، صوابه " حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا العباس بن محمدالدوري . . . " وهكذا رواه عنه البيهقي على الصواب . فليصحح من هنا ، والله الموفق .
((
ز)) أخرج هذا الحديث من ذكرنا من طريق ابن شهاب ، أخبرني عبد الرحمن بنمالك المدجلي ، وهو ابن اخي سراقة بن جشعم ، وأن أباه أخبره أنه سمع سراقة يقول : " جاءتنا رسل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية لكلواحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما . . . الحديث بطوله . قال الحاكم : " صحيح على شرطالشيخين " ووافقه الذهبي ! !
قلت : لا ، وقد وهما من وجهين : الأول : فياستدراك هذا على البخاري . وقد أخرجه كما أخرجه كما ترى من طريق ابن شهاب . الثاني : أن مسلماً لم يخرج لعبد الرحمن بن مالك شيئاً ، فلا يكون على شرطه . ثم رأيتالحاكم رحمه الله أخرجه في موضع آخر ( 3 / 67 ) مختصراً من طريق الليث عن عقيل ، عنابن شهاب به وقال : " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي ! ! وهو وهم ، والصواب أنهعلى شرط البخاري لما قدمنا لك آنفاً .
__________________
ألستَ الذى رَبيتني وهديتني
ولازلتَ منّانًا عليَّ ومُنعما؟!
//*//*//
عسى مَنْ له الإحسانُ يغفرُ ذلّتي
ويسترُ أوزاري وماقدْ تقدّما
 

العلامات المرجعية


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا يمكنك اضافة مرفقات
لا يمكنك تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


جميع الأوقات بتوقيت GMT +2. الساعة الآن 06:20 PM.